السنوار تلقى عرضا من النظام المصري لكنه رفضه .. الاثنين 21 أكتوبر 2024م.. حكم بالإعدام و4 بالسجن المؤبد في هزلية “خلية الإسماعيلية”

السنوار تلقى عرضا من النظام المصري لكنه رفضه .. الاثنين 21 أكتوبر 2024م.. حكم بالإعدام و4 بالسجن المؤبد في هزلية “خلية الإسماعيلية”

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

* حكم بالإعدام و4 بالسجن المؤبد في هزلية “خلية الإسماعيلية”

أصدرت الدائرة الأولى إرهاب في محكمة أمن الدولة العليا بسلطة الانقلاب التي عقدت في مجمع بدر، أمس الأحد، أحكاماً بمعاقبة متهم بالإعدام وثانٍ بالسجن 25 سنة، وثلاثة آخرين بالسجن المشدد 15 سنة. وجميعهم صدرت ضدهم أحكام بمزاعمالانضمام إلى “جماعة إرهابية “ضمن القضية الهزلية المعروفة إعلامياً باسم خلية الإسماعيلية”، والتي تحمل رقم 6482 لسنة 2022 جنايات الشروق.

والمحكوم  عليه بالإعدام ظلما  هو حمدي سناء الحمد بدوي (31 سنة) الذي يحمل شهادة ليسانس في الحقوق، ويعمل مساعد تمريض.

 وزعمت نيابة أمن الدولة العليا  التابعة للانقلاب في بيان الحكم أن “المحكومين أسسوا وانضموا ومولوا خلال الفترة بين عام 2020 وحتى 27 إبريل 2021 جماعة ولاية الإسماعيلية الإرهابية التي أرادت تنفيذ عمليات إرهابية، ودعت إلى تكفير الحاكم والخروج عن السلطة، وتغيير نظام الحكم بالقوة، وتعطيل العمل بالدستور والقوانين، والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآت عسكرية وأمنية بالإسماعيلية ومدن فايد والتل الكبير وأبو صوير”.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا الانقلابية قد زعمت سابقاً أن “المتهمين في خلية الإسماعيلية وضعوا عبوات ناسفة بمحطة الصرف الصحي في مدينة التل الكبير، وألقوا ثلاث عبوات في المنطقة الصناعية بدائرة مركز أبوصوير وموقف لسيارات الأجرة ومحطة السكة الحديد بالمدينة أسفل برج كهرباء للضغط العالي بعزبة عطية الناظر.

كما  أدعت  هذه التحقيقات وضع المظلومين عبوات ناسفة في الشواطئ العامة بمدينة فايد السياحية، ومنها شاطئ الياسمين والأوركيد، وعطلوا العمل في إدارة الكراكات في هيئة قناة السويس.

* للمرة السابعة تجديد حبس المعارض يحيى حسين عبد الهادي

قررت نيابة أمن الدولة العليا بسلطة الانقلاب ، أمس  الأحد، تجديد حبس  المعارض يحيى حسين عبد الهادي 15 يوماً، للمرة السابعة، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 3916 لسنة 2024، حصر أمن دولة، بتهم “الانضمام إلى جماعة إرهابية، وإساءة استخدام وسائل التواصل، وبث ونشر شائعات وأخبار كاذبة، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية”.

وجاءت جلسة اليوم بشكل إجرائي روتيني وجُدّد خلالها الحبس من دون أي تحقيقات جديدة، وذلك للمرة السابعة على التوالي، حيث لم تجر التحقيقات إلا في أول جلسة فقط. ووجه يحيى حسين عبد الهادي رسالة من خلال هيئة الدفاع التي حضرت معه اليوم، قال فيها: “سلاحي الوحيد الورقة والقلم.. ولو خرجت فسأعود إلى الكتابة والنضال مرة أخرى”.

وخلال جلسة سابقة في سبتمبر الماضى، وجه يحيى حسين عبد الهادي رسالة من خلال هيئة الدفاع التي حضرت معه، قال فيها: “أبلغوا الجميع السلام، واسألوا الطيبين من أهل بلدي أن يدعوا لي بالثبات والصبر، فإذا كان السجن قد حبس بدني وكسر قلمي فلن ولم يهزم روحي أو يكسرها، وأنا فخور بكل ما قدمته أو كتبته، ومتمسك به ولن أتراجع عنه، وراضٍ بأي ثمن أدفعه من أجل مستقبل هذا الوطن وشعبه”.

* خالد علي يفاجأ بتأجيل نظر طعن الطنطاوي وأبو الديار في محكمة النقض

توجه المحامي الحقوقي خالد علي، صباح اليوم الإثنين، إلى محكمة نقض الجنح لحضور جلسة الطعن المقدم من أحمد الطنطاوي ومحمد أبو الديار، مدير حملته الانتخابية، إلا أنه فوجئ بعدم إدراج القضية في جدول الجلسات.

وأوضح علي، عبر منشور على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، أنه بالبحث عن القضية في الجدول الإلكتروني، وُجدت أسماء الطاعنين ورقم النقض، لكن دون تحديد تاريخ الجلسة أو رقم الدائرة المختصة. وبعد الاستفسار من الإدارة الجنائية، أكد رئيس القلم عدم تحديد موعد للجلسة حتى الآن. وقد تقدم علي على الفور بطلب تعجيل لتحديد جلسة للنظر في الطعن.

طعن أحمد الطنطاوي

وفي وقت سابق، رفضت محكمة مستأنف جنح المطرية الاستئناف المقدم من أحمد الطنطاوي ومدير حملته و21 من أعضاء حملته الانتخابية على تأييد الأحكام الصادرة ضدهم في قضية التوكيلات الشعبية.

وأيدت محكمة جنح المطرية الحكم الصادر ضد المحامي محمد أبو الديار، مدير الحملة الانتخابية لأحمد الطنطاوي، البرلماني السابق الذي سعى للترشح لانتخابات الرئاسة في نهاية العام الماضي 2023.

حبس أحمد الطنطاوي سنة مع النفاذ بتهمة تداول أوراق انتخابية دون إذن

 قضت محكمة جنح المطرية بحبس الناشط السياسي والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي، لمدة سنة مع النفاذ، وتغريمه كفالة قدرها 20 ألف جنيه مصري، ومنعه من الترشح للانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات. كما حكمت المحكمة على 21 من أعضاء حملته الانتخابية بالسجن لمدة سنة مع النفاذ، وذلك بتهمة تداول أوراق تخص الانتخابات الرئاسية السابقة دون الحصول على إذن السلطات المختصة.

تعود تفاصيل القضية، المعروفة إعلاميًا بـ”قضية التوكيلات الشعبية”، إلى قيام طنطاوي وفريق حملته بدعوة المواطنين لتوقيع توكيلات شعبية لتأييده، وهو ما اعتبرته السلطات مخالفة للقانون لعدم الحصول على التصاريح اللازمة. وقد أحالت جهات التحقيق طنطاوي، ومدير حملته، و21 من أعضائها إلى المحاكمة الجنائية بتهمة طباعة وتداول إحدى أوراق العملية الانتخابية دون إذن من السلطة المختصة. كشفت التحريات أن الأوراق المضبوطة تتعلق بالانتخابات الرئاسية السابقة. هذا الحكم يمثل ضربة قوية لمسيرة الطنطاوي السياسية، ويطرح تساؤلات حول مستقبل مشاركته في الحياة السياسية المصرية.

*عدالة لحقوق الإنسان: الصحفي وائل عبدالغني يعيش ظروفا لا إنسانية بسجن أبو زعبل

قالت (مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان) إنها رصدت تصاعد الانتهاكات في سجن أبو زعبل 2، الذي يحتجز داخله أكثر من 1000 معتقل رأي بينهم الصحفي وائل عبدالغني.

وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين ووقف الانتهاكات، مع ضرورة تحسين ظروف الاحتجاز بما يراعي سلامة وصحة الإنسان.

وأكدت المؤسسة الحقوقية أن عبدالغني حصل على حكم البراءة من محكمة جنايات الزقازيق في 25 ديسمبر 2023، ولكنه لم يُطلق سراحه، ولكن جرى “تدويره” في القضية رقم 205 لسنة 2015 أمن دولة عليا.

وأشار إلى أنه عرض على نيابة أمن الدولة في يناير 2024، ومنذ ذلك الحين يُجدد حبسه احتياطيًا في سجن أبو زعبل 2، حيث يعيش في ظروف غير إنسانية.

وعبر @JHR_NGO أشارت المؤسسة إلى أنه مرّ عام كامل على استمرار التنكيل بالصحفي المصري وائل عبدالغني محمد سليم، المحتجز احتياطيًا على ذمة القضية رقم 205 لسنة 2015 أمن دولة عليا، بتهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة محظورة.

 وأضافت أن “هذه الاتهامات تتكرر رغم حصوله على حكم بالبراءة في القضية رقم 105 لسنة 2014 جنايات شمال الشرقية، التي أُعيدت محاكمته فيها بعد اعتقاله في 20 سبتمبر 2023”.

وشددت على أنه خلال فترة احتجازه، تعرض وائل للاختفاء القسري لمدة 40 يومًا داخل مقر الأمن الوطني بالزقازيق، حيث عانى من التعذيب القاسي والإساءة قبل أن يظهر في الأول من نوفمبر 2023. وأنه نقل إلى سجن قوات الأمن بالزقازيق، حيث قضى شهرين في ظروف احتجاز قاسية، قبل أن يُحكم ببراءته بعد إعادة المحاكمة ومن ثم تدويره بقضية جديدة.

ووائل عبدالغني صحفي حر، عمل في عدة مؤسسات إعلامية، واشتهر بدفاعه عن حقوق معتقلي الرأي من مختلف الاتجاهات. اعتقاله جاء بعد سنوات من النضال في سبيل حرية التعبير.

*القبض على عبدالخالق فاروق أزمة اقتصادية وصراعات تهدد الاستقرار الاجتماعي

في حادثة دراماتيكية تثير القلق والجدل ألقت قوات الأمن الوطني القبض على الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي المعروف في ظروف غامضة تثير التساؤلات والدهشة لدى الرأي العام

جاء الاعتقال مساء الأحد في تمام الساعة الحادية عشرة حيث تعرض المنزل لتفتيش دقيق من قبل رجال الأمن الذين قاموا بأخذ مسودات الكتب التي كان يعمل عليها فاروق إضافة إلى أجهزته الشخصية وهواتفه المحمولة

نجلاء سلامة زوجة فاروق والفنانة التشكيلية المعروفة أكدت في تصريحات خاصة أن قوات الأمن لم تترك أي شيء في المنزل حيث تم اقتحامه بطريقة أثارت الذعر في نفوس أفراد الأسرة الذين لم يتوقعوا هذا التصرف

لم يقتصر الأمر على مصادرة الأدوات الشخصية بل إن زوجة الخبير الاقتصادي أوضحت أن فاروق لم يأخذ معه أي أموال أو حتى أدويته الضرورية التي يحتاجها في حياته اليومية ما يضع حياته في خطر حقيقي

يعد اعتقال عبد الخالق فاروق خطوة مثيرة للجدل خاصة في ظل الظروف التي يمر بها البلد من أزمات اقتصادية واجتماعية تشغل بال المواطن المصري الذي يتطلع إلى الاستقرار والأمان

بالإضافة إلى ذلك فإن غياب العلاج عن فاروق في ظل الأزمات الصحية التي يعاني منها ينذر بعواقب وخيمة قد تؤثر على حياته بشكل مباشر مما يزيد من حالة القلق لدى أسرته

مع استمرار الأزمة وغياب المعلومات حول التهم الموجهة لفاروق يبقى السؤال معلقا لماذا استهدفته السلطات بهذه الطريقة ولماذا هذا الإجراء المفاجئ

تحت ضغط الوضع الراهن تبدو الصورة أكثر قتامة فالأحداث تتسارع والقلق يسود الأجواء وكأن البلد يعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي

فهل يصبح اعتقال فاروق نقطة تحول في الأحداث الراهنة أم أن السلطات تملك رؤية أكبر تجاه القضية تتجاوز الفهم السطحي للحدث الذي وقع

إن ما حدث مع عبد الخالق فاروق ليس مجرد اعتقال بل هو تعبير عن أزمة أعمق تعيشها البلاد في مرحلة عصيبة من تاريخها

لقد أثار هذا الاعتقال ردود فعل متباينة في المجتمع حيث اعتبر البعض أنه جزء من سياسة قمع الأصوات الحرة بينما اعتبره آخرون إجراءً ضروريًا في ظل الظروف الحالية

الجدير بالذكر أن فاروق معروف بمواقفه النقدية تجاه السياسات الاقتصادية المتبعة ما يجعل من اعتقاله قضية شائكة تحتاج إلى تفسير وتوضيح من الجهات المختصة

مع استمرار الغموض المحيط بالقضية تتزايد الضغوط على الحكومة لتقديم تفسير واضح حول سبب اعتقال الخبير الاقتصادي المعروف الذي يعتبر من الأسماء اللامعة في مجاله

هذا ويعتبر القلق الذي تعيشه أسرة فاروق محققا خصوصا في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن مصيره والأسباب الحقيقية وراء هذا الاعتقال المفاجئ

إن مصادرة الأدوات الشخصية كالهاتف المحمول واللابتوب يزيد من التعقيدات المحيطة بالقضية حيث أن المعلومات التي قد تحتويها هذه الأجهزة قد تكون حساسة

تساؤلات عديدة تطرح نفسها حول دور السلطة في إدارة الأزمات وطرق التعامل مع الأفراد الذين يملكون آراء نقدية أو مخالفات سياسية

تحتاج هذه القضية إلى متابعة دقيقة وتحليل عميق حيث أن الأحداث المرتبطة بها قد تكشف الكثير عن الحالة العامة للبلاد وما يعيشه المواطن المصري من تحديات

إن استمرار اعتقال عبد الخالق فاروق يسلط الضوء على مسألة حرية التعبير والحقوق المدنية في وقت يتطلب فيه الوطن الوحدة والتكاتف لمواجهة الأزمات

ما الذي سيحدث بعد ذلك وكيف ستستجيب الجهات المعنية لهذا الوضع المعقد يبقى أمرا يثير الفضول ويحتاج إلى إجابات شافية

في ختام المطاف قد تكون هذه الحادثة نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من الحوار والنقاش حول قضايا الحقوق والحريات في المجتمع المصري الذي يحتاج إلى التغيير

الأمل يبقى معقودا على استجابة الحكومة لمطالب الناس وأصواتهم المتعالية من أجل تحقيق العدالة والشفافية في التعامل مع قضايا المجتمع الحساسة

وبينما تستمر الأحداث تتزايد الآمال في أن تعود الأمور إلى نصابها الصحيح وأن ينعم الشعب بحياة كريمة وأمنة بعيدا عن مظاهر القلق والخوف.

قبل اعتقاله، صرح الأستاذ عبد الخالق فاروق بأن مصر مخترقة، وأن الفساد وراء التباهي الاستثماري الزائف. وأكد معاناتها من فساد هيكلي اقتصادي، ناتج عن سوء الإدارة والاختراقات السياسية، مما يفاقم الأزمات المالية، ويؤدي لتدهور المعيشة وزيادة الديون، مهدداً الاستقرار الاقتصادي، ومعكساً فشل التخطيط التنموي.

أبرز ما صرح به في حوار قبل اعتقاله:

  مصر تعاني من اختراق على مستويات متعددة، حيث تتفشى الفساد بشكل كبير في الحكومات السابقة. هذا الفساد أدى إلى أزمات اقتصادية خانقة تهدد استقرار الدولة.

  الفساد في إدارة الدولة أصبح ظاهرة متكررة، حيث كان هناك وزراء فاسدون يتخذون قرارات تضر بالمصلحة العامة. هذا الفساد يعوق النمو والتنمية المستدامة.

  الاقتصاد المصري يواجه مشكلات هيكلية تتعلق بضعف الإنتاج وعجز في الميزانية العامة. هذه المشكلات تؤدي إلى الاعتماد على الاقتراض الخارجي كحل سهل.

  السياسات الاقتصادية السابقة، وخاصة بعد عام 1974، أدت إلى تفاقم الأوضاع. التحول نحو الليبرالية الاقتصادية أثر سلبًا على الموازنة العامة واستقرار الاقتصاد.

  يعاني الاقتصاد المصري من اختلالات هيكلية نتيجة غياب التخطيط الاستراتيجي. هذا الخلل أثر سلبًا على مؤسسات الدولة وقرارات صانعي السياسات على مر العقود.

  تحويلات المصريين في الخارج أصبحت جزءًا مهمًا من الاقتصاد، حيث بلغت حوالي 65 مليار دولار في السنوات الأخيرة. هذا يؤكد أهمية دور المغتربين في دعم الاقتصاد الوطني.

  تحليل شامل للمشكلات الاقتصادية كان من الممكن أن يحدث تغييرات إيجابية، لكن الاعتماد على المزاج الشخصي لصانعي السياسات أدى إلى تفاقم الأزمات.

  يجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجي واضح يتضمن تحديد الأولويات ووسائل التمويل للخروج من الأزمات الاقتصادية. هذا يتطلب تنسيقًا بين جميع الأطراف المعنية.

  تتعلق الخطط الاقتصادية في مصر بتحديد الكميات والأسعار في السوق، حيث كان هناك تخطيط شبه كامل خلال فترة معينة. ومع ذلك، تراجعت هذه الخطط بعد التسعينات مما أثر على النمو الاقتصادي.

  استمرار التخطيط الاقتصادي في مصر كان يعتمد على أهداف محددة وخطط خمسية، لكنها توقفت بعد منتصف التسعينات. هذه التغيرات أثرت على فعالية التخطيط.

  تحديد الأهداف الاقتصادية يحتاج إلى تحليل دقيق للمشكلات البنيوية في الاقتصاد المصري. هذا التحليل يساعد في وضع سياسات فعّالة للخروج من الأزمات.

  عودة الدولة لتكون المنتج المرجح تتطلب وجود تنافس إيجابي بين القطاعين العام والخاص. يجب على الدولة توجيه الأسعار بما يتناسب مع مستويات الدخل والأرباح.

  تتطلب الدولة إعادة بناء نظام ضريبي عادل وصارم، يضمن تحصيل الضرائب بشكل فعال ويحقق العدالة الاجتماعية. يجب مراقبة كل عناصر النظام الضريبي للتأكد من عدم الانحراف أو التلاعب.

  يجب أن يكون النظام الضريبي قائمًا على فكرة الضرائب التصاعدية مع تقديم إعفاءات ضريبية مناسبة لبعض الفئات. هذا يساهم في تحسين مستوى المعيشة.

  إعادة بناء نظام الأجور والمرتبات في الدولة يجب أن يتم بشكل عادل، مع تحسين توزيع الموارد المالية المتاحة. هذا لضمان تحقيق العدالة بين الموظفين.

  تشوهات كبيرة في توزيع المخصصات المالية بين القطاعات المختلفة تتطلب معالجة فورية. يجب أن تكون هناك معايير واضحة لضمان العدالة في الأجور.

  تواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة الاعتماد على المساعدات والقروض من الخارج، مما أدى إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها. المؤسسات التمويلية الدولية لا تسعى للمساعدة الفعلية، بل تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.

  القروض التي حصلت عليها مصر في الستينات كانت مشروطة بأن تذهب لمشروعات إنتاجية، ولكن الوضع الحالي يختلف تماماً. مشروعات ضخمة لا تساهم في تحسين الاقتصاد الوطني.

  صندوق النقد الدولي ليس مؤسسة خيرية، بل تسعى لمصالح القوى الكبرى، مما يجعل تدخلها في الاقتصاد المحلي غالباً مضراً. هذا التدخل يعزز الفساد وسوء الإدارة.

  الفساد وسوء الإدارة في القطاعات الإنشائية يعمقان من أزمة الاقتصاد، مما يزيد من نسبة الفساد في التعاملات. هذه الأوضاع تجعل الاستثمار الخارجي في مصر غير جذاب.

  مصر تمتلك ثروات هائلة، لكنها تعاني من الفساد الذي يؤدي إلى إهدار هذه الثروات. يجب إعادة النظر في كيفية إدارة الموارد لتحقيق التنمية المستدامة.

  هناك تقارير تتحدث عن غنى مصر، ولكن هناك شكوك حول مصداقية هذه التقارير بسبب تدخلات سياسية ومصالح خاصة.

  الفساد في قطاع البترول والغاز يؤدي إلى إهدار جزء كبير من الثروات، حيث تستفيد الشركات الأجنبية بشكل أكبر من الموارد المصرية.

  توجد أعداد كبيرة من الوحدات السكنية غير المستخدمة في مصر، مما يشير إلى إهدار للموارد ويعكس أزمة الإسكان.

  تتطلب إدارة الموارد في مصر استراتيجيات فعالة لاستغلال الثروات المتاحة بشكل أمثل، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

  يجب مراجعة كيفية إدارة الثروات العقارية لتحقيق عوائد أكبر، حيث أن الفساد في هذه الإدارة يعيق تطوير المجتمع بشكل ملحوظ.

  توجد ضرورة ملحة لدمج الحسابات الخاصة في الميزانية العامة للدولة، لضمان الشفافية ومنع الفساد المالي الذي يضر بالموارد العامة.

  تتطلب معالجة الفساد تعاوناً وطنياً قوياً بين الخبراء الوطنيين، لضمان استغلال الموارد بشكل عادل ومفيد لجميع المواطنين.

  الفساد في مصر ليس مجرد عشوائية، بل هو نتيجة سياسات متعمدة بدأت منذ عهد السادات. هذه السياسات أدت إلى تشكيل جماعات مصالح تُسيطر على موارد الدولة.

  تعديل قوانين مجلس الشعب كان له دور كبير في تمكين الفساد، حيث منح رئيس الجمهورية سلطات واسعة للتأثير على أعضاء المجلس. هذه التعديلات أدت إلى شراء الذمم وتوزيع المنافع.

  تدهور مستوى المعيشة في مصر مرتبط بسوء إدارة السياسات الاقتصادية، حيث تم توجيه الاستثمارات نحو مشاريع غير ذات جدوى. هذا التوجه جعل المواطنين يشعرون بعدم الرضا عن النتائج.

  الاختراق السياسي في مصر يمثل تحديًا كبيرًا، ويحتاج إلى معالجة شاملة على مختلف المستويات. الوثائق تكشف عن أبعاد هذا الاختراق وتأثيره على الأمن القومي.

  تمت الإشارة إلى اختراقات متعددة تعرضت لها الدولة المصرية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، مما أثر سلبًا على حياة المصريين. هذه الاختراقات شملت وجود نفوذ خارجي في صناعة القرار وتغيير بنية الاقتصاد المصري.

  الاختراقات السياسية التي شهدتها مصر كانت عبر وجود أشخاص مرتبطين بالخارج في مواقع صنع القرار، مثل يوسف بطرس غالي. هذا الأمر أثر بشكل كبير على السياسات المصرية.

  الاقتصاد المصري تعرض للتفكيك وإعادة البناء بأسس رأسمالية، مما أدى إلى تضخم اقتصادي وزيادة معاناة المواطنين. التغيرات الاقتصادية لم تحقق الأهداف المرجوة.

* منع الناشر هشام قاسم من السفر إلى مؤتمر “العهد الديمقراطي العربي: خارطة طريق للديمقراطية العربية”

على الرغم من تمكّن الناشر والمعارض المصري هشام قاسم من السفر خارج مصر ثلاثة مرات، بعد الإفراج عنه من سجنه 6 شهور، إلا أنه جرى منعه من السفر مجددا.

وأوقف ضباط الجوازات في مطار القاهرة، الناشر والسياسي هشام قاسم، الجمعة الماضية، أثناء توجهه إلى سراييفو، حيث تم إبلاغه بإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر.

وتم اقتياده مع حقائبه إلى خارج المطار دون إخطاره بالجهة التي أصدرت القرار أو توضيح سبب المنع.

 وأعرب قاسم الذي كان في طريقه لحضور مؤتمر “العهد الديمقراطي العربي: خارطة طريق للديمقراطية العربية” الذي ينظمه المجلس العربي، عن دهشته من منعه من السفر دون أي إشعار مسبق.

من جانبه، أوضح المحامي ناصر أمين، أن موكله لم يُبلغ بأي قرار منع أو استدعاء للتحقيقات، مشيرا إلى أن أوامر المنع من السفر تصدر إما بأمر قضائي أو بناءً على طلب من إحدى جهات التحقيق، وأضاف أنه سيتوجه إلى النائب العام للاستفسار عن الأسباب خلف هذا القرار.

يشار إلى أنه في فبراير الماضي، أطلقت السلطات الأمنية سراح قاسم بعد أن أمضى ستة أشهر في سجن العاشر من رمضان، وفي هذه الفترة كانت مدة العقوبة التي حُكم بها، لإدانته في قضية تتعلق بسب وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة، إضافة إلى التعدي بالقول على ضباط في قسم شرطة السيدة زينب، بحسب التحقيقات الأمنية التي يشكك فيها قاسم.

وعقب إطلاق سراح قاسم، فإنه تمكّن من السفر خارج مصر ثلاث مرات دون أي عوائق، وعاد من آخر رحلة له قبل ثلاثة أيام، ولم يواجه حينها أي مشكلات في مطار القاهرة أو أثناء مروره عبر ضباط الجوازات. 

ومنذ الانقلاب العسكري تعددت قرارات المنع من السفر بحق معارض النظام، كما تحولت المطارات والموانئ المصرية لمصيدة لاعتقال عشرات المعارضين للسيسي، بلا سند من القانون.

*السنوار تلقى عرضا من النظام المصري لكنه رفضه

أفاد تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن يحيى السنوار، قائد حركة حماس الذي قتلته إسرائيل الأسبوع الماضي، تلقى عرضا من النظام المصري لمغادرة قطاع غزة خلال الحرب، لكنه رفض.

ووفق الصحيفة، فإن السنوار، تلقى عرضا من مصر لمغادرة القطاع، في مقابل السماح للقاهرة بإجراء مفاوضات من أجل إطلاق سراح المختطفين، لكنه رفض ذلك، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب يشاركون في جهود الوساطة، أن السنوار رد على العرض المصري بتحد: “لست تحت الحصار. أنا على أرض فلسطين“.

في غضون ذلك، اجتمع مجلس الوزراء السياسي الأمني في إسرائيل ​​الليلة لنقاش استمر عدة ساعات. وفي الختام، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “في مناقشة مجلس الوزراء، طرحت أفكار جديدة لبحث جدوى التخطيط لإطلاق سراح المختطفين“.

يأتي ذلك، فيما قال مسؤول إسرائيلي كبير مؤخرا إنه من غير المتوقع حدوث تقدم كبير أو اختراق كبير في المحادثات، على الأقل حتى تنتهي مرحلة الهجوم الإسرائيلي على إيران والرد المحتمل. هذا لأنه من غير المتوقع أيضا أن يروج بدلاء السنوار للصفقة حتى يرون أن الحرب الإقليمية لا تتطور.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بوقت سابق أنه على الرغم من عدم وجود توضيح في حماس بشأن استبدال السنوار، إلا أن أحد الاحتمالات هو أن تكون لجنة من كبار المسؤولين – وليس شخصا واحدا – هي التي يمكن أن تسهل الاتصالات للتوصل إلى اتفاق محتمل.

وفي السياق، وصل أمس إلى القاهرة رئيس الشاباك (جهاز الأمن اعلام الإسرائيلي) رونين بار، وعقد لقاء تمهيديا مع رئيس المخابرات المصرية الجديد حسن رشاد، في محاولة للتقدم التوصل إلى اتفاق وبدء محادثات التفاوض.

كما من المتوقع، أن يركز وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي يزور مصر الأربعاء، على خطط إنشاء قوة دولية للإشراف على إدارة القطاع ومحور فيلادلفيا والتي قد تشارك فيها مصر أيضا، وفق ما أورد موقع “واينت” العبري.

وكان نائب رئيس حماس في غزة خليل الحية، قال خلال كلمة مسجلة نعى فيها السنوار، إن “أسرى الاحتلال لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة والانسحاب الكامل منها وخروج أسرانا من المعتقلات“.

* هذه أرقام الفقر الحقيقية بمصر والتي يخفيها الجهاز المركزي للتعبئة بأمر السيسي

في ظل النظم العسكرية التي تتعاظم فيها قيم السيطرة والإخفاء وحماية المقاعد الرئاسية على حساب المجتمع بل والوطن، تتصدر السيطرة الأمنية جميع مناحي الحياة، وهو ما يُعانيه المصريون حاليًا.

فرغم الفقر المدقع الذي يعانيه المصريون، تخفي جميع أجهزة الدولة الأرقام الحقيقية، وتجد إعلام النظام يتغنى بالاستقرار والأمن والرفاهية الاقتصادية للشعب، بينما يناور السيسي وأجهزته لإخفاء كل السلبيات وتعظيم بعض ما يظنه إنجازات.

طوال السنوات الماضية، يصر المنقلب السفاح السيسي وأجهزته على إخفاء نسب الفقر الحقيقية.

وذلك في الوقت الذي تواجه فيه مصر منذ سنوات واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، مع تآكل الطبقة الوسطى لصالح الطبقات الفقيرة والمعدمة، وصولاً إلى ارتفاع معدل التضخم، وإثقال الدولة بالديون والقروض.

وفي ظل تلك الحالة المتردية، عمد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى نشر بيانات بعينها وإخفاء أخرى.

فقد كشف الجهاز في 10 أكتوبر الجاري عن بيانات تتعلق بارتفاع قيمة المبالغ المودعة بالحسابات الجارية للمصريين لتصل إلى مستوى 249.5 مليار جنيه في عام 2023/2024، بزيادة 51% عن العام السابق.

وقبلها بيوم، أعلن أن قيمة المعاشات التي صرفتها مكاتب البريد الحكومية في عام 2024 بلغت 179.5 مليار جنيه مقابل 140.5 مليار جنيه في عام 2023، بنسبة زيادة بلغت 27.8%.

وهذا بالإضافة إلى الإحصاءات والبيانات التي يصدرها الجهاز، والمتعلقة بنسب الزواج والطلاق، ومعدل المواليد والوفيات، وزيادة أعداد السكان، وغيرها.

لكن يظل السؤال المحجوب أكثر إيلامًا، ووفقًا لخبراء ومتابعين، فإن ما يحجبه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أكثر بكثير مما يعلنه، وفي مقدمة ما يحجبه الجهاز، نسبة الفقر والفقراء في مصر.

نسبة الفقر

 كانت آخر نسبة معلنة للفقر في مصر من قِبَل الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد صدرت في ديسمبر 2020، أي قبل نحو 4 سنوات، وقدرت بـ 29.7% من إجمالي عدد السكان.

فيما أعلن البنك الدولي من جانبه زيادة نسبة الفقراء إلى 32.5% بنهاية العام 2022، في آخر إحصاء صدر عنه.

وهو ما دعا للتساؤل عن أسباب توقف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر عن إصدار نسب تتعلق بأعداد الفقراء.

ووفقًا لتقارير إعلامية، فقد تدخلت الأجهزة الأمنية لمنع إصدار التقرير الأخير الخاص ببحث الدخل والإنفاق، وعدد الفقراء في البلاد، وإلى أي درجة بلغت نسبة الفقر.

وجاء منع صدور التقرير رغم الانتهاء منه، بسبب احتوائه على أرقام تظهر زيادات صادمة في معدلات الفقر.

وذلك مع إصرار الحكومة على إدخال تعديلات جديدة على حجم دخول الأفراد عبر إضافة دعم برامج “تكافل وكرامة” ودعم المرأة المعيلة، ضمن بنود دخل الأسرة السنوي، وذلك لتحجيم الزيادة المطردة في نسبة الفقراء.

ويمثل بحث الدخل والإنفاق أو “مؤشرات الفقر ومستوى معيشة الأسر المصرية” عاملًا معلوماتيًا مهمًا.

إذ يحدد خط الفقر ويكشف عدد الفقراء ونسبتهم ويوفر كما كبيرًا من البيانات التي يجري الاعتماد عليها في قياس مستوى معيشة الأسرة والأفراد.

كما يعمل على توفير معلومات لقياس الفقر لتحديد الفئات المستهدفة للبرامج الاجتماعية.

يشار إلى أنه منذ عهد مبارك، كان التقرير يصدر كل عامين بانتظام، ثم توقف عند العام 2020، ثم تأخر الإعلان عن النسب الحقيقية مؤخرًا.

مسكنات الفقر

ولمحاولة التخفيف من وطأة الفقر والفقراء، وفي 15 أبريل 2024، أعلنت وزارة العمل زيادة الحد الأدنى لأجور عمال القطاع الخاص إلى 6000 جنيه بدلاً من 3500 جنيه.

وفي 30 يونيو، أعلن عبد الفتاح السيسي، زيادة الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 6000 جنيه.

ووفقًا لآخر تعداد اقتصادي صدر من جانب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2020، بلغ عدد المشتغلين بالقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي 12.6 مليون مشتغل.

أما عدد موظفي القطاع الحكومي بحسب تقرير الجهاز الصادر في أكتوبر 2023، فقد بلغ 4 ملايين و665 ألفًا و600 شخص.

ورغم أن هناك إشكاليات تتعلق بتنفيذ تلك القرارات داخل القطاع الخاص، فإن نسبة الحد الأدنى المعلنة تكشف أن عددًا كبيرًا من الموظفين يعيشون دون خط الفقر.

خاصة أنه في آخر تقاريره حول هذه القضية، حدد جهاز الإحصاء خط الفقر المدقع عند 550 جنيهًا شهريًا للفرد، أي ما يعادل 6604 جنيهات سنويًا.

كما حدد خط الفقر عند 857 جنيهًا شهريًا، ما يعادل 10279 جنيهًا سنويًا.

وأشار إلى أن الأسرة المكونة من أربعة أفراد ويزيد دخلها الشهري عن 3318 جنيهًا (41 ألفًا و136 جنيهًا سنويًا) لا تُعد من الفقراء، وهو ما يخالف المعايير العالمية المحددة للفقر.

لا سيما أن تلك الأرقام أصبحت الآن غير معبرة عن الواقع، إذ انخفضت قيمة الجنيه من ديسمبر 2020 (وقت إصدار التقرير) من 15 جنيهًا للدولار الواحد إلى 48 جنيهًا للدولار الواحد في أكتوبر 2024.

 انهيار مجتمعي

شهد العام 2016 بداية الانهيار الطبقي السريع نحو الفقر مع أول تحرير لسعر صرف الجنيه في عهد السيسي.

وهو ما أضعف قيمة الجنيه، ومعه ارتفع معدل الفقر من 27.8% عام 2015 إلى 32.5% عام 2018، قبل أن تستقر في آخر بحث عام 2020 عند 29.7%.

ورغم التقديرات الدولية المستمرة بزيادة نسبة الفقراء بعد تلك القرارات، امتنعت الدولة عن إصدار أي رقم رسمي حول نسبة الفقر حتى الآن، وامتنع الجهاز عن إصدار آخر تقرير لعام 2023.

وهكذا يجري التعتيم على كل الأزمات في مصر لتأمين كرسي السيسي فقط، إلا أن الانفجار المجتمعي بات غير بعيد في ظل استمرار السياسات الأمنية والقمع الاقتصادي والاجتماعي لأكثر من 66 مليون مصري.

* بفضل جهل “السيسي” مبنى قبة قناة السويس التاريخي في طريقه إلى فندق سياحي

في قلب مدينة بورسعيد، إحدى مدن قناة السويس، يقع مبنى إرشاد هيئة قناة السويس، المعروف بـ “مبنى القبة” التاريخي، الذي أثير الجدل حول مصيره في الآونة الأخيرة. يعود سبب الجدل إلى تداول أنباء تفيد بتحويله إلى فندق وقاعة أفراح، بعد إخلائه تمامًا العام الماضي في إطار عمليات تطوير بدأت منذ عام 2019 ولم تكتمل حتى الآن دون إعلان أسباب واضحة. 

يعود تاريخ مبنى قناة السويس إلى عام 1867، إذ شُيّد في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، بقرار مباشر، بهدف إرشاد السفن العابرة للمجرى الملاحي، تم تشييد المبنى على يد الشركة الفرنسية “إدموند كونييه للمقاولات” وجاء البناء مزيجًا بين الطراز الإسلامي والأوروبي. رفع على المبنى علم مصر لأول مرة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب قرار تأميم القناة لتصبح شركة مساهمة مصرية.

ويقع المبنى بالقرب من المدخل الشمالي للقناة، ويعتبر من معالم مدينة بورسعيد ومسجل كمبنى أثري ضمن مباني أخرى بالمدينة وتشغله هيئة قناة السويس. 

عام2019، أصدرت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية قرارًا بالموافقة على مشروع ترميم وصيانة مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد “مبنى القبة” تحت إشراف المنطقة المختصة وقطاع المشروعات بوزارة السياحة والآثار، واستمرت أعمال الترميم  حتى شهر أكتوبر 2022،  إذ قرر رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، بإنهاء التعاقد مع شركة المقاولين العرب المنفذة لأعمال الترميم في سبتمبر 2022. نظرًا لعدم استكمال أغلب أعمال الترميم، سواء الإنشائية أو المعمارية أو أعمال الترميم الدقيق، حذر المجلس الأعلى للآثار من خطورة هذا التأخير.

وقد أشار إلى طبيعة البيئة الساحلية في بورسعيد وموسم هطول الأمطار، حيث لوحظ عبر المتابعة الدورية وجود بعض الأضرار نتيجة توقف الترميم. من بين هذه الأضرار، تعرضت أرضية الممر الخشبي في الدور الأول بالجهة الشرقية للجناح الشمالي لتلف نتيجة تسرب مياه من وحدة تبريد، مما أدى إلى تلف الأخشاب وتسرب المياه إلى أرضية الصبة في الدور الأرضي. 

كما أظهرت المتابعة آثار تسرب مياه الأمطار داخل القبة الجنوبية، بسبب عدم اكتمال ترميم البلاطات الخزفية، مما قد يتسبب في تلف أعمال الترميم السابقة. إضافة إلى ذلك، تضررت معظم أسقف الممرات الخارجية نتيجة تشبعها بالماء، بسبب عدم استكمال أعمال العزل، خاصة في الجناح الشمالي. 

وقد جاءت هذه التفاصيل ضمن الدعوى القضائية التي أقامها مركز ابن أيوب للدفاع عن الحقوق والحريات، رقم 185 لسنة 13 ق. الدعوى موجهة ضد كل من رئيس هيئة قناة السويس، ووزير الآثار والسياحة، وأمين عام المجلس الأعلى للآثار، وغيرهم من المسؤولين، مطالبة بوقف القرار السلبي المتعلق بتعطيل أعمال الترميم والصيانة للمبنى. وقد تم تحديد جلسة للنظر في الشق العاجل يوم 21 أكتوبر الجاري. 

في تعليقه على الدعوى، أوضح علي أيوب، المحامي بالنقض، أن مبنى قناة السويس يعد مبنى أثريًا مسجلًا في قائمة الآثار الإسلامية والقبطية بموجب القرار رقم 229 لسنة 1997، الصادر عن وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للآثار بتاريخ 16 يوليو 1997، والمنشور في العدد التاسع من جريدة الوقائع المصرية في 11 يناير 1998. 

يتابع علي أيوب قائلاً: “يتطلب هذا الأمر موافقة وزارة الآثار لإشرافها على أعمال الترميم، بهدف الحفاظ على الطابع التاريخي للمبنى.”

وأوضح أن هيئة قناة السويس قد أسندت أعمال التطوير إلى شركة المقاولون العرب بتكلفة تجاوزت 420 مليون جنيه مصري، حيث تم دفع 50% من قيمة التعاقد.

وأضاف أن المشهد الحالي للمبنى يُعد تشويهًا وليس تطويرًا للصرح التاريخي. 

وأشار المحامي إلى أن ما تعرض له المبنى يعد انتهاكًا للمادة 20 من قانون الآثار، ويستلزم العقوبة وفقًا للمادة 43 من نفس القانون. إذ أن المبنى أُخلي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم تبدأ حتى الآن أعمال الترميم، كما تم الإعلان بشكل غير رسمي عن تخصيص المبنى التاريخي، بما في ذلك الأرصفة والمجرى الملاحي، لإحدى الشركات الاستثمارية (شركة مكسيم)، ما يُعد مخالفة صريحة للقانون، مؤكدًا أن توقف أعمال الترميم لأكثر من عام يهدد المبنى بالانهيار. 

وتنص المادة 43 من الدستور المصري على أن الدولة ملزمة بحماية قناة السويس وتنميتها، بصفتها ممرًا مائيًا دوليًا مملوكًا لها، كما تلتزم بتنمية قطاع القناة كمركز اقتصادي متميز.

بينما تؤكد المادة 47 على ضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية المتنوعة. وتشير المادة 50 من الدستور إلى أن التراث الحضاري والثقافي لمصر، بجميع مراحله وتنوعاته، يعد ثروة قومية وإنسانية، ويتعين على الدولة حمايته وصيانته. كما يعتبر الاعتداء على هذا التراث جريمة يعاقب عليها القانون.

بلاغ إلى اليونسكوتقدم النائب أحمد فرغلي، عضو مجلس النواب عن محافظة بورسعيد، في السابع من أكتوبر الجاري ببيان عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة والآثار ورئيس هيئة قناة السويس، بخصوص إخلاء مبنى “القبة” التاريخي لهيئة قناة السويس منذ أغسطس 2023 بحجة التطوير، والتأخير المستمر في استكمال أعمال الترميم حتى الآن. أعرب النائب عن قلقه من تشويه المبنى بدلاً من تطويره، مخالفًا بذلك المادة 20 من قانون الآثار. 

وفي حديثه، أوضح فرغلي أن أعمال الترميم لم تبدأ بعد، مشيرًا إلى تخصيص غير رسمي للمبنى وملحقاته لشركة مكسيم الاستثمارية، وهو ما يعد مخالفة للقانون في حال ثبوت صحته.

وطالب بتوضيح موقف العقد المبرم مع شركة المقاولون العرب، والشرعية القانونية لتعامل شركة مكسيم مع المبنى. كما دعا إلى الإفصاح عن الأسباب وراء إخلاء المبنى وإهدار المال العام في عمليات نقل الأقسام إلى مناطق متفرقة، مما أثر سلبًا على سير العمل في المجرى الملاحي، نتيجة لتباعد الخدمات عن بعضها. 

تجدر الإشارة إلى أنه في نوفمبر 2020، أبرمت هيئة قناة السويس اتفاقًا مع شركة مكسيم لتطوير وإدارة وتشغيل المرافق الملحقة باستراحة “ديليسبس”، بهدف تحويلها إلى فندق عالمي. وبموجب هذا الاتفاق، تمنح الهيئة حق الانتفاع لشركة مكسيم، التي تتولى تطوير المباني وتحويلها إلى “بوتيك أوتيل”. 

في السياق ذاته، قدم مركز التراث والتنسيق الحضاري في بورسعيد، برئاسة أشرف السويسي، في الثالث من أكتوبر 2024، خطابين إلى وزارة السياحة والآثار ومنظمة اليونسكو، مطالبًا بفتح تحقيق في ما وصفه بإهدار الأثر التاريخي لمبنى “القبة” وتعريضه للتدمير، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال، في إشارة إلى محافظ بورسعيد السابق اللواء عادل الغضبان، ورئيس هيئة قناة السويس الحالي الفريق أسامة ربيع. 

فندق سياحي

ترددت أنباء حول رغبة الحكومة المصرية في بيع مبنى القبة التاريخي خلال الأيام القليلة الماضية، ما نفته هيئة قناة السويس. مؤكدة أن مشروع التطوير لن يمس بالقيمة التاريخية والمعمارية للمبنى وسيتم إعلان تفاصيل المشروع فور انتهاء دراسات الجدوى والمخطط الكامل للمشروع؛ ردًا على ما تم رصده من تساؤلات حول مشروع تطوير مبنى القبة التاريخي بهيئة قناة السويس، وادعاءات بإهدار المال العام وبيع وتأجير لأصول الهيئة. 

وأكد الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة بأنه لا صحة لتلك الادعاءات جملة وتفصيلاً، موضحًا أن مشروع تطوير مبنى القبة التاريخي لن يمس القيمة التاريخية للمبنى، وإنما يتضمن استثمار موقعه الفريد المُطل علي القناة ليصبح وجهة سياحية وحضارية جاذبة. في المقابل يرفض النائب أحمد الفرغلي تأجير المبنى التاريخي وتحويله إلى فندق سياحي تحت مزاعم التطوير.

مشيرًا إلى أن هذا التوجه نية مبيتة لمشروع القانون الذي تقدمت به الهيئة لمجلس النواب، بإنشاء الصندوق الإستثماري لهيئة قناة السويس 2022، ويعتبر بمثابة بداية تنفيذ خصخصة شركات وأصول الهيئة بالمخالفة للقانون والدستور، بحسب وصفه. 

من جهة أخرى، يرى إسلام عبد المجيد – المحامي بالنقض- أن مبنى القبة التاريخي لابد أن تستكمل أعمال ترميمه نظرًا لوضع المبنى الحالي ووفقًا لتقرير الهيئة العامة للآثار.

مؤكدًا عدم معارضته لتحويل المبنى إلى فندق سياحي من منطلق إعادة استغلال والاستثمار في الأماكن الأثرية؛ ما يساهم في تنشيط السياحة في محافظة بورسعيد التي تفتقر الفنادق الفاخرة.

مشيرًا إلى أن الأزمة ليست في استغلال المبنى التاريخي كما حدث في قلعة صلاح الدين الأيوبي وإنما في تضرر المبنى نتيجة عدم اكتمال أعمال الترميم والتطوير. 

وأشار عبد المجيد، في تصريحاته إلى ضرورة أن تعود عوائد الاستثمار في المبنى بالنفع على المدينة، عبر مشاريع تنموية. وأوضح أن توقف عمليات الترميم يعود إلى رغبة الهيئة في إسناد تطوير المبنى إلى شركة استثمارية تعمل على استغلاله بشكل سياحي. 

في أغسطس من عام 2022، ترددت أنباء مشابهة حول بيع مبنى القبة التاريخي، ما نفاه مؤمن عثمان – رئيس قطاع المتاحف-، إذ نفى صدور أي قرار بتحويل مبنى القبة بمحافظة السويس لفندق سياحي، موضحًا أن المبنى مسجل في تعداد الآثار الإسلامية منذ عام 2005، والمبنى في الأساس تابع لهيئة قناة السويس. 

إعادة استغلال للآثار

توجهت الحكومة المصرية مؤخرًا نحو إعادة استغلال العديد من الأماكن الأثرية، حيث تم تحويل عشرات القصور إلى مبانٍ مدرسية أو قاعات أفراح.

من أبرز الأمثلة قصر الأمير محمد علي بالمنيل الذي خُصص جزء منه كقاعة أفراح، وقصر البارون الذي يُستخدم الآن لإقامة الحفلات والمناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى قلعة صلاح الدين التي تُستغل لإقامة حفلات زفاف ومناسبات خاصة.

وفي هذا السياق، يقول المهندس المعماري عمرو أبو طويلة، المتخصص في إعادة استخدام المباني الأثرية، أن المشكلة تكمن في عدم توفر الموارد المالية الكافية لدى الدولة لترميم الآثار.

وأضاف أن وزارة الآثار نادرًا ما تقوم بعمليات الترميم بنفسها، حيث تعتمد غالبًا على منح دولية مخصصة لهذا الغرض. 

وأوضح في حديثه أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة ونقص العملة الأجنبية دفع الحكومة إلى استغلال السياحة كوسيلة لجلب العملة، وهو ما يفسر توجهها لإعادة استخدام الأماكن الأثرية.

ورغم أن هذا القرار قد يكون صائبًا في بعض الأحيان، إلا أن بعض القرارات قد تكون متسرعة وغير مدروسة بشكل كافٍ. وأشار إلى أن إعادة استغلال المباني الأثرية يمكن أن ينعش السياحة ويجلب العملة الأجنبية، شريطة أن تتم مع الحفاظ على هذه الأماكن. وأضاف أبو طويلة: “لا أعترض على استخدام الآثار كمصدر للدخل، أو تحويلها إلى وجهات سياحية للحفلات، لكن يجب أن يسبق التنفيذ دراسة وتخطيط محكم.

وينطبق ذلك على مبنى قبة قناة السويس الذي يُخطط لتحويله إلى فندق، وكذلك مجمع التحرير. يجب دراسة طبيعة كل مبنى ونوع العمارة والاستخدام المناسب له ولبيئته قبل اتخاذ أي قرار، ولكن للأسف هذه الاستراتيجية لا تُطبق بشكل كافٍ.” خلال السنوات الأخيرة، تعرضت الدولة المصرية لانتقادات متزايدة بسبب تعاملها مع الآثار، سواء نتيجة عمليات الترميم غير المناسبة أو هدم المواقع التاريخية لتنفيذ مشروعات “قومية”. من بين هذه الانتقادات ما يتعلق بهدم مقابر القاهرة التاريخية، رغم أن أكثر من 30 مقبرة مسجلة ضمن قائمة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

ورغم تشكيل لجنة للبت في هدم بعض المدافن المدرجة ضمن “الطراز المعماري المميز”، لا تزال عمليات الهدم مستمرة. بدأت أزمة هدم المقابر التاريخية في عام 2021 عندما أعلنت السلطات عن خطط لتطوير محور صلاح سالم، مما أدى إلى إزالة بعض المدافن المجاورة.

وفي أغسطس الماضي، صرح نائب محافظ القاهرة بأنه تم إخلاء 1171 مقبرة و49 مدفنًا بالقرب من باب النصر في شارع البنهاوي، لبناء جراج متعدد الطوابق. كما أصدر محافظ القاهرة قرارًا حديثًا يحمل رقم 1117 لسنة 2024، يقضي بإيقاف الدفن في تلك المقابر ونقل الرفات إلى مواقع بديلة.

* هل يقود تجميد رفع الأجور وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور بالخاص إلى مجاعة في ظل غلاء الأسعار

في تضييق مستمر وبلا نهاية، وبلا أمل، تسؤوء حياة المصريين وتنهار مستوياتهم المعيشية في ظل الغلاء المتصاعد، وبلا توقف، وبلا أمل في اصلاح يأتي من السيسي، وباتت كل الطرق في مصر تؤدي إلى مجاعة ، لا محالة..

ولعل اشارة رئيس وزراء السيسي، مصطفى مدبولي، مؤخرا إلى اتجاه مصر نحو اقتصاد الحرب، الذي اثار ذعر الجميع، ينم عن سياسات اشد قسوة، تطال المجتمع المصري، وتهدد استقرار مواطنيه، فتحت شعار “تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ” المتفق عليه  مع صندوق النقد الدولي، والذي يطالبها باتخاذ المزيد من التدابير من المؤسسات الاقتصادية الحكومية وخفض فاتورة الدعم، ومنع اي زيادة في رواتب الموظفين الحكوميين والمعاشات، علاوة على زيادة اسعار الطاقة والكهرباء…وهو ما يفاقم أزمات المعيشة بين المصريين

كما تلوح في الأقفق بوادر أزمة طاقة ، يترتب عليها زيادات مضطردة في أسعار الوقود محلياً، وتتمحور خطة الحكومة التي وضعتها في السابق بشأن الرفع التدريجي للدعم عن الوقود شهدت مراجعة في الفترة الماضية ليتم ربطها بمعدلات ارتفاع أسعار النفط العالمية وتم الاتفاق على زيادات بمعدلات مرتفعة عن المرات السابقة، مع وجود تنبؤات بإمكانية انتقال الصراع الدائر حالياً من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط أيضاً وقد يؤثر ذلك على استثمارات القاهرة في التنقيب عن الغاز الطبيعي.

 وكانت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمراجعة وتحديد أسعار بيع المنتجات البترولية قد اجتمعت وتم اتخاذ قرار بزيادة أسعار المنتجات البترولية اعتباراً من يوم الجمعة 18 أكتوبر 2024.

فيما كشف مصدر مسؤول بوزارة الاقتصاد، مؤخرا، عن أن الحكومة عندما لمحت عن الاتجاه إلى اقتصاد الحرب كانت تنوي فرض مجموعة من الإجراءات الاستثنائية على الاقتصاد المصري يتم الإعلان عنها في وقت واحد على أن يتم ربطها بالاضطرابات الإقليمية.

غير أنها تراجعت بعدما تسببت تصريحات رئيس الحكومة في خسائر للبورصة، لكنها سوف تقدم على اتخاذ خطوات منفردة دون أن توضح الهدف منها وفي الأغلب سيكون الربط بتوصيات صندوق النقد الدولي.

وشهدت البورصةُ المصريةُ خسائرَ سوقيةً بلغت 60 مليار جنيه خلال جلستي الخميس والأحد الماضيين، بعد تصريحات مدبولي، والتوترات القائمة..

  فرض التقشف على المواطن  والتوسع في الانفاق الحكومي!!!

 ووفق تقديرت استراتيجية، فإن الحكومة المصرية تمضي في الاعتماد على سياسة التقشف بمفهومها الخاطئ والذي تكون آثاره على المواطنين ولا يظهر في توجهاتها العامة بشأن الاستمرار في تدشين المشروعات القومية والبذخ الحكومي في المكافآت والبدلات للمستشارين وتراجع إجراءات الحد من الفساد.

وتُصر الحكومة على أن تطبق سياسة التقشف على المواطنين عبر قرارات زيادة أسعار الخدمات العامة وإن كانت أوضاعهم لا تحتمل ذلك، وبالرغم من وجود العديد من الحلول التي يمكن أن توفر مليارات الجنيهات سنوياً لكن لا يتم اللجوء لها.

كما  أن حديث الحكومة عن الاستيراد من الخارج والتذكير المستمر بارتفاع أسعار الوقود عالميًا لا يوازيه على الجانب الآخر قرارات مماثلة بوقف مشروعاتها غير الضرورية والتي تعمل بها دون أن تتوقف.

 الحد الأدنى للأجور

  وفي الوقت الذي تتعالى سيسات الخصخصة وتحرير الاسعار، وتقليص الدعم، لم تتحرك الحكومة نحو تحقيق عدالة اجتماعية، برفع الحد الادني الذي لم يطبق اساسا..

فالحكومة لم تتدخل لمعالجة الأسباب التي قادت لتدهور الأوضاع المعيشية قبل أن تخاطب المواطنين بحديث يمكن وصفه بالمفزع عن “اقتصاد الحرب” لأن تفعيل الحد الأدنى للأجور لم يتم تطبيقه في شركات القطاع الخاص وهؤلاء يشكلون القوة الضاربة في سوق العمل.

 كما أن الحد الأدنى الذي لا يتجاوز 110 دولارات لموظفي الحكومة كان بحاجة إلى زيادة أخرى لكن وفق هذه التوجهات فإن ذلك لن يحدث في الوقت الحالي.

وكان السيسي أصدر قرارًا، في مطلع فبراير الماضي، بزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة بنسبة 50% ليصل إلى ستة آلاف جنيه، ضمن حزمة إجراءات للحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية. وعلى إثر قرار الرئيس، بدأ عمال القطاع الخاص التحرك للمطالبة بتطبيقه عليهم باعتبار أن وضعهم لا يقل سوءًا عن عمال الحكومة. وفي 15 فبراير الماضي أعلن عمال شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية إضرابًا عن العمل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المقر العام الماضي، 3500 جنيه. وفي 22 فبراير بدأ عمال شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) إضرابًا استمر أسبوعًا للمطالبة بـ«حزمة الرئيس».

 الخوف من توسع الاحتجاجات، دفع المجلس القومي للأجور، برئاسة وزيرة التخطيط، إلى إصدار قرار، في أبريل الماضي، برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى ستة آلاف جنيه، تشمل -لأول مرة- حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية، والتي تبلغ 18.75% من أجر العامل، على أن يبدأ التطبيق في مايو، بالإضافة إلى كونه يسري فقط على المنشآت التي تضم أكثر من عشرة عاملين، وهو ما يعني عمليًا استبعاد 98.9% من المنشآت الاقتصادية في مصر، تبعًا لآخر بيانات متاحة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

 وسمح القرار باستثناء الشركات المتقدمة بطلب يفيد بتعثرها، كما التزم بما سار عليه سابقوه باعتبار كل عناصر الأجر بما فيها -على سبيل المثال- العمولات والمنح والبدلات ونصيب العاملين من الأرباح والمزايا العينية، ضمن الحد الأدنى للأجر.

ورغم تلك الحصومات والتضييق العمالي الكبير، لم تلتزم اغلب الشرطات بدفع الحد الادنى للاجور، ما يضع العمال والموظفينامام قطار الانتحار والفقر والضنك في المعيشة، في ظل غلاء لا يتوقف..

 الغلاء الفاحش

ورفعت الحكومة أسعار عدد من السلع المدعومة للتصدي لعجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو الفائت، كما خفضت قيمة الجنيه بشدة قبل شهور، وسبق أن حصلت مصر من صندوق النقد الدولي بعد المراجعة الثالثة في نهاية يونيو على شريحة قيمتها 820 مليون دولار.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الإنفاق الحكومي على دعم السلع التموينية قبل عشر سنوات في موازنة 2014/2015 بلغ 39.4 مليار جنيه، بنسبة 5.4% من المصروفات آنذاك (733.5 مليار جنيه)، ونسبة 1.6 من الناتج المحلي الإجمالي، الذي بلغ آنذاك 2.4 تريليون جنيه.

لكن بعد 10 سنوات، ورغم ارتفاع القيمة المقدرة لمخصصات الدعم في العام الحالي 2025/2024 لـ 134 مليار جنيه والتي جاءت مدفوعة بزيادة نسب التضخم وانخفاض قيمة العملة، إلا أنها كنسبة من المصروفات (3.87 تريليون جنيه) انخفضت إلى 3.5%، بنسبة انخفاض 35.2%، وانخفضت كذلك كنسبة من الناتج المحلي المتوقع للعام الحالي (17.1 تريليون جنيه)، لتصل إلى 0.8%، بنسبة انخفاض 50%.

ومع استمرار الفشل الحكومي ، وعدم ايجاد حلول بديلة  للفشل الاقتصادي، تتفاقم معاناة المصريين بين الفقر والعوز والغلاء، وترجع دخولهم وانهيار الجنية الذي بايديهم…ما يقود لفوضى مجتمعية لا محال اتية..

* الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص حلم بعيد المنال بعهد السيسي

مائة جنيه فقط حصلت عليها (عايدة*)، العاملة في شركة سمنود للمنسوجات والوبريات، من راتب سبتمبر الماضي، بعد خصم شبه كامل لأجرها الذي لا يتجاوز 3500 جنيه، على خلفية المشاركة في إضراب للمطالبة بتطبيق قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى ستة آلاف جنيه على العاملين في الشركة.

لم تصب الخصومات القاسية مرتب عايدة فقط، بل ضربت مرتبات الكثير من زملائها، حسبما قالت «بنات كتير واخدة 100جنيه زيي، وفيه زملا رجالة واخدين 300 و400 جنيه.. مسمعتش عن حد واخد أكتر من 1100 جنيه». 

كان عبد الفتاح السيسي أصدر قرارًا، في مطلع فبراير الماضي، بزيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في الدولة بنسبة 50% ليصل إلى ستة آلاف جنيه، ضمن حزمة إجراءات للحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية، وعلى إثر قرار السيسي بدأ عمال القطاع الخاص التحرك للمطالبة بتطبيقه عليهم باعتبار أن وضعهم لا يقل سوءًا عن عمال الحكومة.

وفي 15 فبراير الماضي أعلن عمال شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية إضرابًا عن العمل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المقر العام الماضي، 3500 جنيه.

وفي 22 فبراير بدأ عمال شركة مصر للغزل والنسيج (غزل المحلة) إضرابًا استمر أسبوعًا للمطالبة بـ«حزمة الرئيس». 

الخوف من توسع الاحتجاجات

الخوف من توسع الاحتجاجات دفع المجلس القومي للأجور، برئاسة وزيرة التخطيط، إلى إصدار قرار، في أبريل الماضي، برفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى ستة آلاف جنيه، تشمل -لأول مرة- حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية، والتي تبلغ 18.75% من أجر العامل، على أن يبدأ التطبيق في مايو، بالإضافة إلى كونه يسري فقط على المنشآت التي تضم أكثر من عشرة عاملين، وهو ما يعني عمليًا استبعاد 98.9% من المنشآت الاقتصادية في مصر، تبعًا لآخر بيانات متاحة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. 

وسمح القرار باستثناء الشركات المتقدمة بطلب يفيد بتعثرها، كما التزم بما سار عليه سابقوه باعتبار كل عناصر الأجر بما فيها -على سبيل المثال- العمولات والمنح والبدلات ونصيب العاملين من الأرباح والمزايا العينية، ضمن الحد الأدنى للأجر.

مثل كثير من الشركات، تقدمت «وبريات سمنود»، المملوكة للبنك القومي للاستثمار التابع لوزارة التخطيط، بطلب استثناء، ما أثار غضب العمال ودفعهم إلى بدء إضراب عن العمل في 18 أغسطس الماضي، استمر قرابة الشهر، قبل إنهائه نتيجة تكثيف الضغوط الأمنية على العمال بالقبض على ثمانية منهم، وانتشار عناصر الأمن الوطني في عنابر العمل، والتهديد المباشر باعتقالات أخرى، بالإضافة إلى ضغوط الإدارة بحجب المرتب. 

التمتع بحق الاستثناء ليس السبب الوحيد وراء تملص أصحاب الأعمال من قرارات الحد الأدنى للأجور، فهناك بالأساس خلل في آلية اتخاذ هذه القرارات، إلى جانب تهاون السلطة التنفيذية في الرقابة على تلك القرارات وإنفاذها بأدوات القانون، إضافة إلى ضعف التشريعات الرادعة لأرباب العمل حال امتناعهم عن التنفيذ، ما يجعل قرار الحد الأدنى للأجور، في المحصلة النهائية، حبرًا على ورق. 

في هذا السياق أشار وزير القوى العاملة الأسبق، أحمد حسن البرعي، الذي ترأس اللجنة التي أعدت قانون العمل الساري (12 لسنة 2003)، إلى نقطة ضعف أساسية في نظام تحديد الحد الأدنى للأجور، تتجسد في عدم استناده على دراسة مستوى الحد الأدنى المقبول لمعيشة الأسرة، مشيرًا إلى أن المعايير الدولية لإقرار الحد الأدنى للأجور المستندة إلى معايير منظمة العمل الدولية، تتطلب إقرار هذا الحد عبر «سلة استهلاك» للأسرة، تشمل الطعام والشراب والصحة والتعليم والمسكن، موضحًا: «يفترض تحديد حد أدنى ضروري من الإنفاق الأساسي للأسرة يمثل الحد الأدنى لدخل عائلها، وهو ما يفترض معه أن يكون كافيًا لتغطية احتياجات ثلاثة أفراد غيره، أي أن حجم الأسرة المفترض هو أربعة أفراد”.

وأشار البرعي إلى زيارة قامت بها منظمة العمل الدولية لمصر عام 2014، حين كان وزيرًا للقوى العاملة في حكومة حازم الببلاوي، في محاولة لإقرار حد أدنى للأجور مناسب، اعتبرت المنظمة وقتها، بحسب البرعي، أن المعيار الأصح في مصر هو الأجر الكافي لإعالة خمسة أفراد -أربعة بخلاف عائل الأسرة- لأسباب تتعلق بمتوسط حجم الأسرة في مصر، مضيفًا: «لا يعني ذلك بطبيعة الحال أن الأسرة التي يعيلها اثنان أو أكثر ينبغي أن يحصل الواحد منهم على أقل من الحد الأدنى للأجور، لأن هذا الحد يعتبر حد الكرامة الإنسانية الذي لا يجوز التراجع عنه».

وأوضح البرعي: «خلال الفترة التي كنت عضوًا فيها بالحكومة أمكننا [في الحكومة] تحديد الحد الأدنى للأجور بناءً على هذه الدراسة التي أجريت في وقت وزارة عصام شرف [2011] لكنها طُبقت لاحقًا في وقت حكومة الببلاوي بالتعاون مع منظمة العمل، مع الإعلان عن الحد الأدنى للأجور في القطاع الحكومي عند مستوى 1200 جنيه، على أن نحاول تطبيق الأمر لاحقًا على القطاع الخاص من خلال التفاوض مع ممثليه، وبالفعل بدأنا التفاوض مع اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية، لكن إقالة الوزارة عرقلت مسيرة التفاوض، وانتهى الأمر عند هذا الحد».

هل اتخذ المجلس القومي للأجور قراره الأخير في أبريل الماضي بناءً على مقياس «سلة الاستهلاك» أم كانت لديه مقاييس أخرى؟

أحد ممثلي العمال في «القومي للأجور» قال طالبًا عدم ذكر اسمه، إن ما حدث في الجلسة الأخيرة، التي تقرر على أساسها رفع الحد الأدنى، كان مجرد إبلاغنا في بداية الاجتماع من قبل ممثلي الحكومة بالرفع إلى ستة آلاف جنيه، متضمنًا حصة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية والحق في التقدم بالاستثناء، كأن الأمر كله مجرد إملاء من أعلى دون أي توافق عام، كما حُسم اعتراضنا على ضم حصة صاحب العمل [من التأمينات الاجتماعية] بالتصويت طبعًا، والذي سيطرت عليه الحكومة ورجال الأعمال معًا»، مضيفًا: «في حقيقة الأمر، يتصرف ممثلو الحكومة والقطاع الخاص معًا كجبهة واحدة. في اجتماعاتنا التي يصدر عنها الإعلان عن الحد الأدنى للأجور كنا نفاجأ باتفاق الطرفين على التفاصيل، فيما يبدو أنه تشاور مسبق يُملى علينا ويصعب رفضه لأن الأغلبية مضمونة لهما معًا».

يتكون المجلس من 24 عضوًا: ستة يمثلون منظمات أصحاب الأعمال، ستة يمثلون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، خمسة وزراء، رئيس المجلس القومي للمرأة، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بالإضافة إلى أربعة خبراء.

«لماذا نفرض [في القطاع الخاص] الحد الأدنى عند مستوى ستة آلاف جنيه بالذات دون أن يُنفذ، ولا نفرضه عند مستوى خمسة آلاف جنيه مثلًا دون استثناءات أو استقطاعات كبيرة [حصة صاحب العمل في التأمينات] بحيث يصبح أقرب للتطبيق»، يتساءل عضو «القومي للأجور»، ويجيب: «ببساطة لأن هذا اختيار سياسي، والقرار اتُخذ بشكل سياسي بغض النظر عن تطبيقه»، مضيفًا: «كان ينبغي أن يصدر على هذا النحو ليبدو الأمر أن الحد الأدنى للأجور قد رُفع إلى ستة آلاف جنيه دفعة واحدة في القطاع الخاص بعد صدور قرار مماثل في القطاع الحكومي، بغض النظر عن التنفيذ عمليًا».

ما يشير إليه ممثل العمال في «القومي للأجور» بشأن توازن القوى المختل داخل المجلس ضد ممثلي العمال، يضاف إليه خللٌ آخر في تمثيل العمال أنفسهم. 

يقتصر تمثيل العمال في المجلس القومي للأجور على ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر فقط، إذ ينص قانون العمل على أن يمثل العمال في المجلس «أعضاء يمثلون الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يختارهم الاتحاد». هذا النص القانوني كان منطقيًا في ظل قانون النقابات العمالية السابق (35 لسنة 1976) الذي حظر تأسيس نقابات عمالية غير تابعة للاتحاد العام الوحيد، لكنه أصبح غير مفهوم بعد إلغاء القانون 35 واستبداله بالقانون 213 لسنة 2017 الذي أنهى هذا الحظر وسمح بالتعددية النقابية، وبالتالي أصبحت هناك تنظيمات نقابية عمالية شرعية «مستقلة» عن الاتحاد مُستبعدة من التمثيل في «القومي للأجور» بسبب تضارب القوانين، «وهو ما يُخل بتمثيل العمال الحقيقي في المجلس»، حسبما قال مدير المنتدى المصري لعلاقات العمل، حسن البربري.

لكن الأهم من وجهة نظر البربري «هو السياق الذي يحيط بعمل المجلس، والذي تُقمع فيه النقابات المستقلة خاصة بعد التدخل الكبير في انتخاباتها بالدورة النقابية الأخيرة، وتعنت الجهات الإدارية في تسجيل النقابات الجديدة، وهو ما يحد من دورها في الضغط من أجل علاقات عمل متوازنة، يتضمن بطبيعة الحال الضغط لأجل حد أدنى عادل وتطبيقه بالفعل، خاصة في ظل قمع الاحتجاجات العمالية بكل أشكالها»، مضيفًا أن «كل ذلك يشكك في حقيقة أي تمثيل عمالي في مجلس يضم الأطراف الاجتماعية، لكن عمله في النهاية يعكس توازن القوى خارجه»، مشيرًا إلى أن «وضعًا كهذا لا يُعالج دون معالجة اختلال ميزان القوى بين العمال وأصحاب الأعمال بإطلاق الحريات النقابية وحرية الاحتجاج».

وعلى أساس «توازن القوى» المختل -داخل وخارج المجلس- بين العمال وأصحاب الأعمال، هناك قطاع كبير من العمال مختفٍ أصلًا من صورة التمثيل. ربما يتجسد هؤلاء في علي*، العامل الشاب الذي ترك عمله قبل شهر تقريبًا في شركة «تاون تيم» للملابس بعد سنتين ونصف تقريبًا من العمل هناك، ولم يتعدَ أجره 3800 جنيه، شاملًا التأمينات الاجتماعية، حين ترك عمله، وفقًا لإيصال مرتبه عن يوليو الماضي، الذي اطلع عليه بحسب علي، فمسألة تأسيس نقابة من حيث المبدأ أمر غير مطروح في الواقع، موضحًا: «إحنا عندنا أي حد بيتكلم على حقوق بيمشوه، ده مرة الناس اشتكت بس من الساعات الإضافي الإجباري كل يوم، نزل مسؤول في الشركة وقال كلام مينفعش يتقال والموضوع اتقفل بعدها»، مضيفًا: «مسألة الستة آلاف جنيه دي طبعًا عمرنا ما سمعنا عنها أصلًا، ولا حد يستجرا أصلًا يتكلم فيها، وأصلًا الـ3500 [الحد الأدنى للأجور في يناير الماضي] مش كل الناس بتاخدها، والجداد زادوا بالعافية في يناير اللي فات بقوا بياخدوا 3 آلاف». 

حاول «مدى مصر» التواصل مع مدير الموارد البشرية لـ«تاون تيم» عبر صفحته على موقع «لينكد إن» للحصول على تعليق حول التزام الشركة بالحد الأدنى للأجور من عدمه، لكن لم يصلنا رد حتى نشر التقرير. 

الوضع في «تاون تيم»، كما شرحه علي يلفت الانتباه إلى خللٍ آخر في تطبيق الحد الأدنى للأجور، يتعلق بالرقابة على التزام أصحاب الأعمال بالتطبيق، وهو دور وزارة العمل ومفتشيها.

اثنان من مفتشي «العمل» قالا إن ما يعرقل عمل المفتشين هو قلة عددهم، في ظل توقف التعيينات الحكومية، وهو ما يعني تراجع قدرتهم على تفتيش كل المنشآت، خاصة مع زيادة أعدادها. 

أحد المصدرين أوضح أن آخر دفعة من التعيينات تعود إلى عام 1984، وهي دفعة توشك أن تصل إلى سن المعاش العام المقبل، وذلك مع استثناءات بسيطة من تعيينات هزيلة في سنوات متفرقة. ومثال على ذلك، «محافظة البحيرة التي تضم 15 مكتب عمل تشمل 15 موظفًا، ما يعني أن الموظف الواحد يؤدي عمل مدير المكتب والمفتش، وهو ما يجعل خطته السنوية نصفها فقط خطة مفتش والنصف الآخر خطة مدير المكتب»، بحسب المصدر، الذي أضاف: «البحيرة نفسها كمحافظة مترامية الأطراف يتضح فيها بصورة خاصة أثر تلك المشكلة، لأن الموظف يجد أن عليه تغطية التفتيش على منشآت مترامية على مساحات شاسعة وحده، لكن الأمر سيبدو أكثر وضوحًا بطبيعة الحال في محافظة القاهرة الذي لا يتعدى فيها عدد مفتشي العمل تسعة، ما استدعى الدمج بين مكاتب العمل». الخلاصة أنه «بالطبع يؤدي ضعف خطة التفتيش في ظل هذا العجز الوظيفي إلى شعور صاحب المنشأة بأن التفتيش ليس محتملًا». 

المفتش الآخر، يعمل في إحدى محافظات الصعيد، قال لـ«مدى مصر»، إن التعيينات الجديدة أمر بعيد المنال تمامًا في ظل قانون الخدمة المدنية الحالي، الذي يقصر التعيينات الحكومية على أسلوب المسابقات، التي لم نسمع عنها خلال السنوات الأخيرة إلا في وزارة التربية والتعليم. 

ممثل العمال في المجلس القومي للأجور قال إن التفتيش على المنشآت يعرقله قلة الإمكانيات، موضحًا: «قد يبدو أمرًا غريبًا، لكن وصل الحال إلى تعذر توافر سيارات لنقل المفتشين للشركات، فينتهي الأمر بالمفتشين بإبلاغ الشركات بقدومهم للتفتيش، وطلب سيارات من الشركات نفسها لنقلهم للتفتيش عليها»، مضيفًا: «طبعًا من غير المتوقع أبدًا من موظفين يتقاضون رواتب هزيلة أصلًا الإنفاق من جيوبهم على التنقل بين منشآت على مسافات شاسعة بين بعضها البعض». 

«تاون تيم» مثلًا، والتي تقول على صفحتها على «لينكيد إن» إنها تملك 40 متجرًا ومصنعين أحدهما في مدينة السادات بمحافظة المنوفية والآخر في طنطا بمحافظة الغربية، قد تكون واحدة من تلك الشركات التي لا يصلها لسبب أو آخر التفتيش بحسب الشواهد المتوافرة لدى علي. «قعدت سنتين ونص هناك [في الشركة] عمري ما سمعت عن موضوع التفتيش ده»، يقول علي.

حتى إن وقع التفتيش، وأثبت المفتش أن المنشأة لا تطبق الحد الأدنى للأجور، وأحال صاحبها إلى المحكمة العمالية، فالعقوبات المقررة قانونًا تجعل هذا الإجراء عمليًا أمرًا لا قيمة له، «لأن صاحب العمل مطمئن بنسبة كبيرة إلى ضعف العقوبة، وهي عقوبة مالية فقط في كل الأحوال وزهيدة للغاية بشكل عام، وهناك سلطة تقديرية للقاضي الذي يحكم في حالات كثيرة بالحد الأدنى للعقوبة، وهو أمر مغرٍ لصاحب العمل بدفع الغرامة والاستمرار في عدم دفع الحد الأدنى للأجور»، يقول ممثل العمال في المجلس، الذي أوضح أن عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور بمثابة امتناع عن دفع أجر العامل كاملًا، وهو ما تنطبق عليه العقوبات على باب الأجور في قانون العمل، الذي ينص في المادة 247 على غرامة تتراوح بين 100 و500 جنيه عن كل عامل، وتضاعف الغرامة في حالة تكرار جريمة الامتناع.

وفي هذا السياق، تقول أستاذة السياسات العامة، دينا الخواجة، إن سياسة الحد الأدنى للأجور تفتقد أصلًا أدوات تنفيذ السياسة العامة، فلا يوجد إطار زمني يتحول بعده التغريم إلى تجريم مثلما هو معمول به في الكثير من الدول المتقدمة. 

لكن البرعي أبدى اعتراضه على استخدام التجريم بدلًا من التغريم في القانون، قائلًا إن علاقات العمل لا يمكن أن تدار عبر التجريم، وإلا اعتبرت من قبيل المعركة، مضيفًا أن «الأصل في علاقات العمل هي توازنات القوى بين أصحاب العمل من ناحية والعمال من ناحية أخرى.. ينبغي ألا ننسى أن التجريم قد يؤدي إلى الإحجام عن الاستثمار». في المقابل، يعترف البرعي بالحاجة إلى رفع قيمة الغرامات في القانون.

إضافةً إلى التسهيلات التي يمنحها القانون لأصحاب الأعمال المخالفين، أعطاهم قرار المجلس القومي للأجور -كما ذكرنا- حق التقدم بطلب استثناء من تنفيذ القرار لتعثر المشروع. ليست هناك بيانات متوافرة بشأن عدد المتقدمين بطلبات للاستثناء، لكن أحد المفتشين وعضو المجلس القومي للأجور أشارا إلى أنها كثيرة. وما يعزز رأي المصدرين أن مجرد تقديم الطلب يعطي صاحب العمل الحق في عدم الالتزام بتطبيق قرار الحد الأدنى للأجور -مثل «وبريات سمنود»- كما أن البت في الطلب ليس محددًا بمدى زمني معين، بحسب عضو «القومي للأجور».

عوامل عدة اشتبكت معًا لتفرغ «الحد الأدنى للأجور» من مضمونه وتكشف عن مدى جديته، ترتبط إما بنص قانون العمل أو بقدرة الحكومة على الرقابة عمليًا أو بالحريات النقابية الغائبة، والأهم بموازين القوى وانحيازات الحكومة لصالح المستثمرين، جميعها ساهمت في القضاء على أحلام عايدة.

عن Admin