لا أموال لا اتصالات لا إنترنت حريق سنترال رمسيس أوقف الحياة في مصر.. الثلاثاء 8 يوليو 2025م.. البورصة المصرية تعلق التداول لأول مرة منذ 2011 بعد حريق سنترال رمسيس

لا أموال لا اتصالات لا إنترنت حريق سنترال رمسيس أوقف الحياة في مصر.. الثلاثاء 8 يوليو 2025م.. البورصة المصرية تعلق التداول لأول مرة منذ 2011 بعد حريق سنترال رمسيس

 

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

 

* الإضراب عن الطعام وسيلة السجناء لمواجهة التنكيل الإجرامي بـ”بدر 3″ دون أفق للتهدئة

تصاعدت الانتهاكات الواسعة والممنهجة بحق المعتقلين السياسيين في سجن بدر 3، التي تنفذها الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة، عبر حملات تجريد وتغريب قسري واعتداءات بدنية ولفظية ونفسية وإجراءات تنكيلية تنتهك الحقوق الدستورية والإنسانية بشكل صارخ، لتعلن أسرة الرئيس الشهيد الدكتور «محمد مرسي» دخول نجلها المحامي «أسامة مرسي»، المعتقل منذ عام 2016، في إضراب كلي عن الطعام منذ نحو أسبوعين، بسبب استمرار حرمانه من الزيارة والعلاج والتريض والاختلاط بأي بشر.

ولم يكن أسامة مرسي وحده هو من دخل في إضراب مفتوح، حيث تزامن إضرابه مع بدأ عدد من المعتقلين في سجن بدر 3 إضرابًا مفتوحًا عن الطعام منذ 20 يونيو 2025، وسط تصاعد محاولات الانتحار داخل السجن، والتي بلغت 15 محاولة خلال أقل من أسبوعين، في مشهد يعكس تدهورًا غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية داخل السجن. 

توثيق حالة وفاة بالانتحار

أقدم المعتقل في سجن بدر 3 ، علاء جمال، البالغ من العمر 29 عامًا من محافظة المنيا، على الانتحار بعد تعرّضه للتنكيل ومنع الزيارة والاستيلاء على مقتنياته، حسب مركز «الشهاب لحقوق الإنسان».

وقال المركز إن المعتقل انتحر داخل زنزانته في سجن بدر 3 في منتصف أبريل، بعد تعرضه لسلسلة من الانتهاكات من قبل إدارة السجن.

ولفت في بيانه الى إن الضابط المسؤول في جهاز الأمن الوطني ويدعى مروان حماد، منع الزيارة عن المعتقل لفترة طويلة، ما دفع علاء إلى تهديده بالانتحار في حال استمرار هذا الإجراء. 

وبناءً على ذلك، سُمح له بالزيارة مؤخرًا، إلا أن الضابط ذاته رفض إدخال الأطعمة والمستلزمات التي جلبها له ذَووه عقب انتهاء الزيارة.

وتابع المركز: في تصعيد من إدارة السجن، وُضع علاء جمال في الحبس الانفرادي بعد تهديده مجددا بالانتحار احتجاجا على منع دخول متعلقاته، وفي صباح اليوم (أمس) تم العثور عليه مشنوقًا داخل زنزانته.

أضاف: عقب انتشار الخبر بين باقي المعتقلين، اندلعت حالة من الغضب داخل السجن، وأعلن المعتقلون على إثرها الدخول في إضراب عام، وأقدم بعضهم على إشعال النار في البطاطين. وتواردت الأنباء عن أن وزارة الداخلية بدأت في استدعاء قوات التدخل السريع للتعامل مع حالة التمرد داخل السجن.

وطالب المركز الحقوقي النائب العام بضرورة فتح تحقيق في واقعة الوفاة، ومحاسبة المتسبب، خاصة وأن الانتهاكات في سجن بدر 3 زادت بصورة كبيرة وارتفت أعداد الوفيات فيه. 

تزايد أعداد الانتحارات

هذه ليست محاولته الأولى للانتحار، أو محاولة أولى لشخص بعينه فهناك العشرات يحاولن الانتحار وفي إحدى المرات قد تصيب المحاولة، كما أصابت علاء وسنستيقظ على خبر وفاة جديدة.

وتشير منظمات حقوقية ومحامون إن العشرات من المعتقلين حاولن الانتحار خلال الأسابيع الماضية، اعتراضا على تعرضهم “للتعذيب وعدد من الانتهاكات”  بسجن “بدر 3″، بينما تنفي السلطات المصرية هذه التهم.

على مدار الأشهر الماضية، تكررت شكاوى سجناء من منع الزيارة وعاملة سيئة وحبس انفرادي وتجريد.

وتشكو بعض الأسر من تعرض ذويها للضرب في سجن بدر 3، عقابا على تغطية بعض السجناء كاميرات المراقبة داخل محبسهم.

ووفقا لمحامين، منع نزلاء سجن بدر 3 بالكامل من الزيارات منذ نقلهم إلى هناك ، دون سبب واضح، بينما سمحت السلطات بالزيارة لمعظم سجناء السجنين الآخرين داخل “مركز بدر للإصلاح والتأهيل”.

وتخلق هذه الظروف ضغوطا قاسية على السجناء، بحسب الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية، ماريان سيدهم، فتقول: “السجناء يشعرون أنهم في مستشفى للأمراض العقلية، ويجب أن يكونوا تحت الملاحظة طوال الوقت”.

وتنتقد ماريان ما تصفه باختلاف معاملة السجناء قائلة: ” البعض يتشابهون في الوضع القانوني ويحبسون في نفس المكان، ومع ذلك يحصل كل منهم على حقوقه بطريقة مختلفة، كلٌ على حسب ملفه الأمني، والموافقات الأمنية على كل حق منفرد، وكأن السجن بلا قانون وبلا لائحة”. 

3 انتهاكات تقود للانتحار

ومهما كانت أعداد محاولات الانتحار فإنها لا تنفي الانتهاكات والتعذيب والمعاملة غير الآدمية التي يتعرض لها المعتقلون داخل السجون المصرية، حيث وثقت المنظمات الحقوقية العديد من الانتهاكات والتعذيب والمخالفات القانونية التي يتعرض لها المعتقلون.

وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي في تصريحات، إن أعداد المعتقلين تزايدت بشكل كبير منذ 2013، تعرض خلالها المعتقلون للعديد من الانتهاكات، مشددا على أنه “لولا أن المعتقلين سياسيون ومحبوسون في قضايا رأي وأغلبهم مثقفون وغالبيتهم من الإسلاميين لزادت نسبة محاولات الانتحار بشكل كبير وملحوظ”.

وأضاف مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن المعتقل في مصر يتعرض لانتهاكات عديدة سواء خلال الاعتقال أو بعد خروجه من المعتقل، ما يؤدي إلى وصول المعتقل إلى هذا الشعور.

وتابع بيومي بأنه “داخل المعتقل هناك ثلاثة انتهاكات شديدة وأساسية قد تؤدي إلى تفكير المعتقل في إنهاء حياته وهي:

أولا: منع الزيارات، حيث إن منع الزيارات يتسبب في عزلة المعتقل عن العالم الخارجي بشكل كامل، إذ تعتبر الزيارة بالنسبة للمعتقل كالنزهة التي يرى فيها دنيته الخارجية، حيث يتمكن من رؤية أهله، ويعرف ما يدور بالخارج.

ثانيا: الإهمال الطبي، إذ يشهر المعتقل أن حياته في طريقها للنهاية، ويتعرض للموت البطيء خلف القضبان، والتي ستودي بحياته عاجلا أم آجلا.

ثالثا: فقدان العدالة، حيث يفقد المعتقل الأمل في تحقيق العدالة والإفراج عنه، أو تنفيذ الإجراءات القانونية، فعلى سيبل المثال وضع القانون مدة زمنية للحبس الاحتياطي، ولكن المعتقل يظل لسنوات محبوسا احتياطيا دون مراعاة القانون، ما يفقده الأمل في الاستمرار في الحياة، إذ إنه لا يعرف متى سيخرج من هذا النفق المظلم. 

وأضاف بيومي أن المعتقل بعد خروجه من السجن يتعرض لانتهاكات أخرى تشعره بعدم الأمان في الحياة، حيث يتم تدويره في قضايا أخرى أو المتابعة الأمنية في الأقسام، كما أنه يتعرض للاعتقال مجددا.

 وخلال السنوات الماضية، انتشرت تسريبات لمقاطع مصورة عبر كاميرات المراقبة الخاصة بمجمع “سجون بدر” في مصر، حيث يحتجز عدد من المعتقلين السياسيين.

وأظهرت المقاطع الأوضاع السيئة التي يقضي فيها السجناء فترة محكوميتاهم، في انعدام تام لظروف الراحة والنظافة أو حتى الخصوصية، وفي زنازين انفرادية لا يغادرونها تقريبا طوال ساعات اليوم.

وفي  العام الماضي، اشتكى أهالي معتقلين مصريين، بينهم زوجات صحفيين، من تصاعد حملات التفتيش والتضييق على الزيارات وعمليات التفتيش الواسعة لغرف احتجاز المعتقلين في سجن “بدر 3″، فيما أكدت منظمات حقوقية، أن سلطات أمن السجون تفرض حصارا كاملا على المعتقلين عبر حملات التفتيش، ومنع الزيارات. 

تاريخ من الانتهاكات

ويعاني السجناء داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر 3 منذ بدء نقلهم في يونيو 2022 من العديد من الانتهاكات شبه المستمرة بداية من كاميرات المراقبة المثبتة في كل زاوية من زوايا السجن، بما في ذلك داخل الزنازين، وبالتبعية تفرض إدارة السجن مراقبة دائمة تقلّص التفاعل البشري إلى حدّ شبه كامل”.

يُضاف إلى ذلك تحكُّم الإدارة في الإضاءة، حيث تُبقيها قيد التشغيل على مدار الساعة دون انقطاع. كما يعاني بعض السجناء بوجه خاص داخل بدر (3) من عزلة شبه تامة، بسبب المنع من الزيارات لسنوات طويلة قد ت[صل للعشر سنوات، بالإضافة إلى استخدام تقنية المحاكمات عن بعد (الفيديو كونفراس) والتي عمقت من عزلة السجناء عن العالم الخارجي، خصوصًا أولئك الذين حرموا من الزيارات. 

إذ كانت جلسات تجديد الحبس تمثّل لهم المتنفّس الوحيد لرؤية العالم خارج السجن، وفرصة التواصل المباشر مع محاميهم، الذين ينقلون بدورهم تطورات أوضاعهم إلى ذويهم لطمأنتهم”.

ودائمًا ما يجد السجناء هامشًا للمقاومة رغم عنف إدارات السجون. ففي مركز بدر 3، ومنذ بدء نقل السجناء إليه، خاض السجناء أكثر من ثلاث إضرابات عن الطعام احتجاجًا على الانتهاكات المستمرة وظروف الاحتجاز غير الإنسانية”.

يُشار إلى أن سجن بدر، مقسم لثلاثة سجون: (بدر 1) للمعتقلين السياسيين غير الخطرين، و(بدر 2)، للجنائيين، أما (بدر 3) فللمعتقلين المصنّفين على أنّهم خطر على الدولة، وهذه تصنيفات الأجهزة الأمنية، وعناصرها الساديين.

وداخل مقبرة بدر، تتصاعد الأزمات القاتلة يتعرض لها المعتقلون منها التكدس بالزنازين، وأزمة تلوث مياه الشرب، وانسداد مجرى الصرف الصحي وخروج المياه والروائح الكريهة.

*هل فقدت مصر ثلث حصتها من مياه النيل بسبب سد النهضة؟

أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أن بلاده أكملت جميع أعمال بناء سد النهضة وأنها سوف تفتتح السد رسمياً في سبتمبر/أيلول المقبل.

كما وجّه أحمد دعوة إلى كلٍ مِن مصر والسودان لحضور مراسم افتتاح السد الذي وصفه بأنه “رمز للبركة والمنفعة المتبادلة، وليس مصدراً للصراع أو التهديد”.

لكن هناك من لا يرى أن السد والنهج الإثيوبي في بنائه والتعامل مع دول المصب وآلية التفاهم معهم، يمكن وصفها بكل هذه الأشياء الإيجابية، وفقاً لتعليقات رسمية صدرت عن الجانب المصري والسوداني.

بل تجاوز الأمر ذلك إلى حد وصف هاني سويلم، وزير الري المصري إعلان اكتمال أعمال بناء السد والبدء في تشغيله في سبتمبر/أيلول المقبل بأنه إجراء “غير شرعي”.

ماذا حدث؟

دشنت إثيوبيا سد النهضة في 2011. المفاوضات مع مصر حول كيفية بنائه وتشغيله بما لا يمس مصالح دول المصب أسفرت عن توقيع اتفاق المبادئ في 2015. لكن هذه المفاوضات علاوة على وساطات إقليمية ودولية فشلت جميعها في التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح جميع الأطراف.

فيما أكد آبي أحمد، في الجلسة البرلمانية التي يمثل فيها كل ثلاثة أشهر لاستعراض أداء حكومته والإجابة على أسئلة النواب في مختلف القضايا، أن سد النهضة “لم يؤثر على تدفقات المياه إلى السد العالي. ولم تفقد مصر لتراً واحداً من حصتها بسبب السد”.

كما جدد استعداد بلاده للحوار مع مصر والسودان في أي وقت لتحقيق “مصالح جميع الأطراف وتحقيق التنمية المشتركة”.

وأشار إلى أن “إثيوبيا ملتزمة بضمان ألا يأتي نمونا على حساب إخواننا وأخواتنا المصريين والسودانيين. ونؤمن بالتقدم المشترك والطاقة المشتركة والمياه المشتركة”.

ورغم تأكيده أن حصة مصر من مياه النيل لم تنقص “لتراً واحداً”، ظهرت في الفترة الأخيرة أرقام تشير إلى خلاف ذلك.

وقال عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، لبي بي سي: “المتوسط السنوي لإيراد النيل الأزرق خلال 84 سنة في الفترة (1911 – 1995) سجل 50 مليار متر مكعب وهي 60 في المئة من نسبة إيراد نهر النيل عند أسوان (84 مليار متر مكعب)، ولم يتجاوز أعلى مستوى للفيضان خلال السنوات الماضية 61 مليار متر مكعب، وهو ما لم يحدث طوال فترة تخزين المياه، لكنه كان أكثر بقليل من المتوسط البالغ 55 مليار متر مكعب”.

وأضاف: “حمى السد العالي مصر من الآثار التي كان من الممكن أن تنتج عن الملء في السنوات القليلة الماضية بما ذلك عمليات التخزين التي جرت قبل بناء سد النهضة”.

“غير شرعي ومخالف للقانون الدولي”

قال هاني سويلم، وزير الري المصري، إن القاهرة “ترفض بشكل قاطع أي محاولات لأن تكون التنمية في إثيوبيا على حساب حقوق دولتي المصب”.

واتهم سويلم إثيوبيا بأنها “تحاول فرض الأمر الواقع، وتعتمد المراوغة والتراجع بدلاً من الدخول في مفاوضات حقيقية”.

واعتبر الوزير المصري إعلان اكتمال أعمال السد الإثيوبي: “انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، خاصة القواعد المتعلقة بالاستخدامات العادلة والمنصفة للمجاري المائية الدولية وعدم التسبب في ضرر جسيم”.

وقال إن “إثيوبيا دأبت على الترويج لاستكمال بناء السد – غير الشرعي والمخالف للقانون الدولي – رغم عدم التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب، ورغم التحفظات الجوهرية التي أعربت عنها كل من مصر والسودان”.

كما وصف ما تفعله إثيوبيا بأنها “محاولات شكلية تستهدف تحسين الصورة الذهنية لإثيوبيا على الساحة الدولية، وإظهارها بمظهر الطرف الساعي للتفاوض”.

مخاوف حيال حصة مصر من مياه النيل

ظهرت دراسات وتصريحات في السنوات القليلة الماضية تحذر من فقدان مصر لجزء كبير من حصتها من مياه النيل جراء بناء سد النهضة.

وروّج البعض إلى أن مصر قد تفقد حوالي ثلث حصتها من مياه النيل بسبب تخزين إثيوبيا لكميات هائلة من المياه في بحيرة سد النهضة.

لكن شراقي قال إنه “ليس صحيحاً ادعاء البعض دون أساس علمي بأن إيراد النيل الأزرق السنوي طوال الملء كان 75 مليار متر مكعب، وأن هذا سبب عدم تأثر مصر”، وذلك في إشارة إلى أن زيادة معدل الأمطار ليست هي السبب الوحيد لعدم تأثر مصر حتى الآن.

وأضاف: “كان البعض يروّجون في السنوات الأولى لملء بحيرة السد الإثيوبي بأن مليوني فدان سوف تتوقف عن الزراعة في مصر، وسوف ينخفض منسوب المياه الجوفية وتزداد ملوحة التربة الزراعية، وتهجم مياه البحر على الدلتا، ويفقد عشرة ملايين مزارع رزقهم مما يضطرهم إلى الهجرة غير الشرعية”، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع.

وأشار إلى أن مصر اتخذت إجراءات احترازية من أجل الحد من أثر بناء سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل علاوة على بعض العوامل التي توافرت على أرض الواقع أسهمت في التخفيف من الأثر السلبي للملء.

هل تأثرت مصر بملء سد النهضة في السنوات الماضية؟

كانت هناك مخاوف حيال تراجع حصة مصر من مياه النيل بالفعل ببناء سد النهضة الإثيوبي، لكنّ غزارة الأمطار، وتراجع استهلاك السودان من حصته من مياه النيل، وإجراءاتٍ وقيوداً فرضتها مصر على زراعة بعض المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه – حالت دون تعرّض مصر لأثر سلبي على نطاقٍ واسعٍ جراء ملء السد الإثيوبي.

وقال نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والتربة بجامعة القاهرة، لبي بي سي إن “الفيضان كان غزيراً طوال خمس سنوات، مما أدى إلى ارتفاع إيراد النيل الأزرق إلى 75 مليار متر مكعب بدلاً من 49 مليار فقط، وبذلك ملأت إثيوبيا من هذه الزيادة في كل مرة” دون أن تتأثر حصة مصر.

وأضاف: “لم يأتِ ذلك نتيجة لحكمة وتخطيط إثيوبيا ولا رحمة أو مراعاة لصالح مصر والسودان لأنها كانت ترفع البناء كل سنة في أبريل/نيسان وتنتهي منه قبل منتصف يونيو/حزيران من كل عام بينما الفيضان يبدأ في يوليو/تموز وأغسطس/آب ثم سبتمبر/أيلول”.

وأشار إلى أنه نتيجة لذلك، عند رفع الحائط الأوسط لم تكن إثيوبيا تعلم أو تتوقع مستويات الفيضانات، وكانت ستُتم الملء تحت أي ظرف.

وقال شراقي إن هناك الكثير من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مصر للحيلولة دون تعرّض البلاد لضرر جسيم بسبب سد النهضة، والتي تتضمن “إعادة استخدام حوالى 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، و استخدام 8 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية من الوادي والدلتا، و17 مليار متر مكعب من المصارف الزراعية السطحية مع إنشاء محطات معالجة ثلاثية”.

وأضاف: “كل هذه المشروعات لم تكن بسبب سد النهضة فقط ولكن كان له دور كبير في تنفيذها في أسرع وقت وتحميل ميزانية الدولة أكثر من 500 مليار جنيه في المشروعات المائية حتى لا يطال ضرر سد النهضة المواطن”.

خريطة مصر الزراعية

تعرضت خريطة مصر الزراعية لتغيير ملحوظ في السنوات القليلة الماضية في إطار الإجراءات التي اتخذتها السلطات من أجل كسر حدة الأثر المحتمل على حصة مصر من مياه النيل بسبب بناء سد النهضة.

واتخذت الحكومة المصرية في السنوات القليلة الماضية قرارات بتحديد مساحات لزراعة محاصيل بعينها، المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، مثل الأرز والموز وقصب السكر.

وقال نور الدين: “قرار تخفيض مساحة زراعات الأرز ومنع التصدير اتخذه الوزير رشيد محمد رشيد عام 2010 قبل السد الإثيوبي الذي تأسس في أبريل/نيسان 2011، وبالتالي فإن تخفيض زراعات الأرز لم تكن بسبب التغلب على الأضرار المتوقعة من السد بل بسبب ما نمرّ به من عجز مائي بالفعل”.

وأشار شراقي إلى أن مصر اتخذت قرارات “باستبدال جزء من زراعة قصب السكر ببنجر السكر (الشمندر السكري)، ومنع زراعة الموز في بعض الأماكن، ومشروع 100 ألف فدان صوبات زراعية” للحد من الآثار المحتملة لسد النهضة.

موقف السودان

لم يصدر عن السودان رد فعل رسمي تجاه الدعوة التي وجهها آبي أحمد لها ولمصر لحضور الافتتاح الرسمي لسد النهضة.

وقد تكون الأزمة الداخلية في السودان وراء عدم إيلاء هذه القضية القدر اللازم من الاهتمام لوجود أولويات أخرى أثناء الصراع الدائر في البلاد.

وقال نور الدين: “الظروف الحالية التي يمر بها السودان منذ أكثر من عامين أثرت على استخدام السودان لحصته من مياه النيل أو تخزينها في سدوده مع استهداف السدود من القوات المتحاربة”.

وأضاف: “بالتالي فحصة السودان البالغة 18,5 مليار متر مكعب ذهب منها جزء كبير إلى مصر دون أن تسعى الأخيرة إلى ذلك”.

وأشار إلى أن “تبطين الترع كان توصية مُلحّة من الاتحاد الأوروبي وخبرائه لتقليل العجز المائي وتبنّاه وزير الري المصري السابق محمد عبد العاطي ونفّذه لتوفير نحو 5 مليارات متر مكعب سنوياً،، وهو أيضاً ليس بسبب تداعيات السد بل هي توصية خبراء الغرب وكنا بحاجة إليها”.

الشح المائي

تشكو مصر شحّاً مائياً، وتتصدر قائمة الدول الأكثر جفافاً بأقل معدل لهطول الأمطار في العالم، وتعتمد بشكل أساسي على مياه النيل بنسبة 98 في المئة من مواردها المائية.

وصادقت ست دول على اتفاقية عنتيبي العام الماضي، كان آخرها جنوب السودان الأمر الذي يمهد الطريق لبدء تنفيذها بعد 14 عاماً من الجمود.

وتفرض اتفاقية “عنتيبي” إطاراً قانونياً جديداً لحل النزاعات، وإعادة تقسيم المياه، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون توافق مع دول المصب.

ولم توقّع مصر ولا السودان على اتفاقية “عنتيبي”، ولا تعترفان بها، لأنها لا تُقِرُ بما تدعيه الدولتان من حقوق تاريخية في مياه النيل، بموجب اتفاقيات تم توقيعها خلال الحقبة الاستعمارية السابقة.

* لا أموال لا اتصالات لا إنترنت حريق سنترال رمسيس أوقف الحياة في مصر

شهدت القاهرة، مساء أمس الاثنين، شللًا واسعًا في خدمات الاتصالات والإنترنت، إثر اندلاع حريق هائل داخل سنترال رمسيس، أحد أهم مراكز البنية التحتية لقطاع الاتصالات في البلاد، الواقع في شارع الجمهورية بمنطقة الأزبكية. ووصفت الأزمة بأنها “غير مسبوقة”، لما خلّفته من تأثيرات امتدت إلى قطاعات حيوية تشمل الإعلام، البنوك، والخدمات الرقمية، وسط غضب شعبي متزايد ومطالبات عاجلة بالتحقيق في مدى جاهزية منظومة السلامة داخل منشآت الاتصالات الحساسة. 

انقطاع في خدمة الإنترنت

في هذه الأثناء، أكدت شبكة “نت بلوكس”، المهتمة بتتبع حركة الإنترنت حول العالم، أنه “تم تسجيل انقطاع كبير في خدمة الإنترنت في مصر“.

وأوضحت “نت بلوكس” أن بيانات الشبكة تظهر أن حجم الاتصالات بلغ نسبة 62% من المستويات العادية، وسط تقارير عن حريق في سنترال رمسيس.

ووفق معلومات من مصادر أمنية، فإن التحقيقات الأولية ترجّح أن الحريق نشب في ثلاثة خزانات مياه داخل مبنى السنترال، ما تسبب في تصاعد كثيف لألسنة اللهب وأعمدة الدخان. وهرعت قوات الحماية المدنية إلى الموقع، حيث دفعت بست سيارات إطفاء في محاولة لتطويق الحريق ومنع امتداده إلى باقي الطوابق، في مبنى يُعد من الأعمدة الرئيسية لشبكات الاتصال الأرضي والرقمي على مستوى الجمهورية، وفقًا لـ”العربي الجديد”.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة السيسي لرويترز إن 22 شخصًا على الأقل أصيبوا جرّاء حريق نشب الإثنين في مبنى سنترال رمسيس الحيوي بوسط القاهرة.

ونقلت “رويترز” عن المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار قوله إن معظم الإصابات ناجمة عن استنشاق الدخان وجرى نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، فيما فرضت الأجهزة الأمنية طوقًا مشددًا في محيط السنترال حفاظًا على أرواح المواطنين.

وواصلت قوات الدفاع المدني جهودها لساعات لاستخراج أي محتجزين في الداخل، بينما عملت الفرق الفنية التابعة للشركة المصرية للاتصالات على فصل التيار الكهربائي بالكامل عن المبنى المتضرر. ورغم السيطرة المبدئية على الحريق، إلا أن تداعياته امتدت بسرعة خاطفة لتشل جزءًا كبيرًا من منظومة الاتصالات في مصر، حيث انقطعت خدمات الهاتف الأرضي والإنترنت الثابت في عدد من المحافظات، لا سيما في الوجهين البحري والقبلي. 

خلل واسع في الاتصالات الداخلية

وقال مصدر تقني إن الخسائر التقنية الناتجة عن الحريق شملت تعطل بعض “السويتشات” المركزية التي تربط الشبكة الرئيسية بالنقاط الطرفية، ما أدى إلى خلل واسع في الاتصالات الداخلية، وانقطاع الخدمة عن عدد كبير من العملاء، سواء الأفراد أو الشركات. وفي السياق نفسه، أكدت مصادر من داخل بعض القنوات الفضائية الخاصة أن الحريق أدى إلى توقف برامج تليفزيونية شهيرة، من بينها برامج “التوك شو” التي تُبث في توقيت الذروة، وأرجعت السبب إلى تعطل وسائل الاتصال التي يعتمد عليها مقدمو البرامج وفِرق الإعداد للتواصل مع الضيوف والمصادر الرسمية والميدانية، وفقًا لـ”العربي الجديد”.

تعطل القطاع المصرفي

وامتد أثر الحريق ليصيب البنية التحتية للقطاع المصرفي، حيث اشتكى عملاء عدد من البنوك المصرية من تعطل ماكينات الصراف الآلي (ATM) في مناطق متفرقة، وعدم القدرة على سحب الأموال أو إيداعها، أو حتى استخراج كشوف الحسابات. وهو ما أكدته مصادر مصرفية أوضحت لـ”العربي الجديد” أن بعض الماكينات تعتمد على الربط مع الخوادم المركزية عبر الإنترنت الأرضي، الذي تعطل كليًا أو جزئيًا بسبب الحريق. 

توقف “إنستاباي” وانهيار سيستم التموين

وتسبب اندلاع الحريق الهائل في عطل تقني خطير أثر على تطبيق “إنستاباي”، منصة الدفع الإلكتروني الشهيرة في مصر، حيث توقفت خدمات تحويل الأموال لدى عدد كبير من المستخدمين بعد دقائق من اندلاع الحريق، كما تأثرت دوائر الإنترنت والصوت في عدة مناطق، مما أدى إلى انقطاع الإنترنت المنزلي في أحياء مثل وسط البلد، شبرا، والدقي، والهرم، وتسبب في اضطراب خدمات الهاتف الأرضي والمكالمات الصوتية في بعض المناطق المرتبطة بالسنترال.

وأدى العطل إلى توقف المعاملات الإلكترونية لدى شريحة واسعة من المواطنين، ما زاد من حدة الأزمة، لا سيما في ظل اعتماد قطاعات كبيرة من المتعاملين على الوسائل الرقمية بديلًا عن الفروع التقليدية. كما أكد عدد من البقالين في محافظات مختلفة أن نظام “سيستم التموين” الخاص بصرف المقررات التموينية انهار بالكامل في أعقاب الحريق، ما تسبب في توقف صرف الحصص التموينية للمواطنين لساعات.

وكالعادة، وفي أول رد رسمي، أصدر الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بيانًا أكد فيه أن الحريق اندلع في إحدى غرف الأجهزة التابعة للشركة المصرية للاتصالات داخل سنترال رمسيس، ما أدى إلى تعطل مؤقت لبعض خدمات الاتصالات. وأشار الجهاز إلى أن فرق الدفاع المدني والفرق الفنية عملت منذ اللحظة الأولى على السيطرة على الحريق وتقليل تداعياته، لافتًا إلى أنه تم فصل التيار الكهربائي عن السنترال بشكل كامل في إجراء احترازي.

وأوضح الجهاز أنه يجري حاليًا حصر الخدمات كافة والعملاء المتأثرين من توقف الخدمة، متعهدًا باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعويض جميع المتضررين، زاعمًا أن وزارة الاتصالات تتابع الموقف لحظة بلحظة، بالتنسيق مع الأجهزة المعنية. وذكرت مصادر من داخل الشركة المصرية للاتصالات أن العمل جارٍ على إعادة تشغيل الخدمة تدريجيًا خلال الساعات المقبلة، مشيرة إلى أنه قد تُستكمل بعض الإصلاحات التقنية على مدار يومين أو ثلاثة حسب حجم الأضرار التي طالت تجهيزات السنترال. 

هشاشة البنية التحتية

الحقيقة التي يجب أن تقف عليها حكومة الانقلاب أن الحريق الذي وقع في منشأة حساسة بهذا الحجم يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات متكررة حول إجراءات السلامة داخل مرافق الاتصالات في مصر، ومدى الجاهزية لمواجهة أزمات مشابهة في المستقبل، خصوصًا مع ازدياد الاعتماد على الوسائل الرقمية والأنظمة الذكية في مختلف مجالات الحياة اليومية. وفيما لم يُعرف بعد السبب الدقيق لاشتعال النيران، أو ما إذا كان الحادث ناجمًا عن ماس كهربائي أو خلل فني داخلي، دعا خبراء في البنية التحتية الرقمية إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على أوجه القصور وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلًا.

في غضون ذلك، ما زالت الحياة الرقمية في مصر تعاني آثار الحريق، وسط وعود جوفاء بسرعة الإصلاح، لكن المواطنين لا يزالون يتنقلون بين ماكينات صرف معطلة، واتصالات مقطوعة، وخدمات إلكترونية غير متاحة، في مشهد يكشف هشاشة بعض جوانب البنية التحتية الرقمية في مصر.

 

* البورصة المصرية تعلق التداول لأول مرة منذ 2011 بعد حريق سنترال رمسيس

أعلنت إدارة البورصة المصرية تعليق جلسة التداول اليوم الثلاثاء، للمرة الأولى منذ 2011 نتيجة اضطرابات تقنية مستمرة في شبكات الاتصالات إثر الحريق الذي اندلع يوم أمس في سنترال رمسيس بالقاهرة، أحد المراكز الحيوية للبنية التحتية الرقمية بمصر. وقالت البورصة في بيان رسمي: “رغم الجهود المكثفة التي بُذلت للوصول إلى حل أمثل، فإن الاتصالات بين شركات السمسرة ومنظومة التداول الإلكتروني لم تعد مستقرة بعد. وبناء عليه، تم تعليق التداول حماية لمصلحة المستثمرين وضمان تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المتعاملين”.

وأشار البيان إلى أن البورصة تراقب الوضع عن كثب بالتعاون مع شركات الوساطة والجهات الفنية، مؤكدة أن استئناف التداول سيتم فور التأكد من جاهزية النظام واستقرار الشبكات تماما. وتسبب حريق سنترال رمسيس في انقطاعات في خطوط الاتصالات والإنترنت، مما أثر على قدرة شركات السمسرة على التواصل بنظام التداول. وحاولت الجهات المعنية إعادة تشغيل الشبكات عبر السنترالات الاحتياطية، لكن الخدمة لم تستأنف بالكامل بعد. ورغم تفعيل قاعة التداول البديلة في المدينة الذكية، إلا أن بعض شركات السمسرة لم تستطع استعادة عملياتها بسرعة، مما تسبب في فرصة غير متكافئة للمستثمرين.

وقال رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، أحمد الشيخ، إن إلغاء جلسة التداول اليوم الثلاثاء في تصريحات صحفية: “الإلغاء أفضل من العمل ومحدش شايف الأسعار”، في إشارة إلى خروج الموقع الرسمي للبورصة عن الخدمة، وتوقف شاشات التداول عن بث الأسعار اللحظية، بما أعاق المتداولين عن اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في بيئة شفافة. وأوضح أن قرار إلغاء الجلسة جاء قبل بدء التداولات، حرصا على حماية نزاهة السوق وتكافؤ الفرص بين المتعاملين.

يشار إلى أن آخر مرة أغلقت فيها البورصة المصرية لأسباب طارئة كانت خلال ثورة يناير 2011، حين توقفت التداولات لسبعة أسابيع متتالية بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية. وقد يؤدي وقف نشاط التداول في سوق تقدر قيمته السوقية بحوالي 1.5 تريليون جنيه مصري (31.25 مليار دولار) إلى تقويض ثقة المستثمرين لفترة مؤقتة. كم أن تأجيل تنفيذ أوامر الشراء والبيع قد يؤدي لتعطل خطط المستثمرين والمؤسسات المالية، ومن المرجح أن يضغط ذلك على مؤشرات السوق فورا عند استئناف الجلسات.

*”عقل الاتصالات” يحترق والدولة تتفرج انقطاع الإنترنت والفضائيات وتعطل الـ ATMإشارة بيع وسط البلد

بينما كانت القاهرة تغرق في موجة حر شديدة، اندلع حريق هائل صباح الإثنين في مبنى “سنترال رمسيس” التاريخي، وسط العاصمة ، ليتحول سريعًا إلى أزمة كشفت هشاشة منظومة الاتصالات الوطنية وأثارت تساؤلات عميقة عن مستقبل وسط القاهرة، وهل ما جرى تمهيد خفي لبيع منطقة الوزارات كما لمح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قبل أشهر؟

 عقل الاتصالات يحترق.. والدولة تتفرج

سنترال رمسيس ليس مجرد مبنى إداري؛ بل هو بمثابة العقل المدبر لشبكة الاتصالات المصرية، يضم تجهيزات حساسة تربط مئات الآلاف من المشتركين بخدمات الهاتف الأرضي والإنترنت في مناطق واسعة من القاهرة الكبرى. تعطل السنترال أدى إلى:

انقطاع الإنترنت والخطوط الأرضية عن أجزاء من العاصمة.

تعطل ماكينات الصراف الآلي ATM.

شكاوى واسعة من توقف نقاط البيع الإلكترونية و”الفيزا” في المتاجر والصيدليات.

بل وامتد التأثير حتى قنوات فضائية مصرية، حيث لاحظ مراقبون انقطاع البث عن بعض برامج التوك شو لفترات قصيرة.

يقول أحد موظفي الاتصالات، رفض ذكر اسمه خوفًا من الملاحقة:

 “السنترال يحتوي على كبائن رئيسية للكابلات الضوئية، حريق بهذا الحجم يعني توقف شبه كامل في الاتصالات لو امتد، ومن المستحيل أن يحدث ماس كهربائي عادي دون إطفاء آلي.. هناك شيء مريب.”

6 ساعات من اللهب.. لماذا لم تتدخل الدولة سريعًا؟

ورغم خطورة الموقع، استمر الحريق أكثر من 6 ساعات، ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا. تساءل الناشط الحقوقي أحمد الباقر على تويتر:

 “أين طائرات الجيش التي نراها في عروض أكتوبر؟ لماذا لم تستخدم لإخماد حريق سنترال رمسيس؟ هل المطلوب أن يحترق المبنى بالكامل تمهيدًا لإزالته؟”

بينما كتب الصحفي الاقتصادي حسام عبدالعزيز على فيسبوك:

 “تذكروا تصريح مدبولي: سيتم بيع منطقة الوزارات بعد نقلها للعاصمة الإدارية.. هل هذه صدفة؟”

هل الحريق مقدمة لبيع وسط البلد؟

قبل شهرين فقط، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الحكومة “تخطط لطرح منطقة الوزارات وسط البلد للاستثمار بعد انتقال المصالح الحكومية للعاصمة الإدارية”.

هذا التصريح أعاد للأذهان مخاوف بيع أصول الدولة قطعة قطعة، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر.

يقول الخبير العمراني د. محمد أبوالسعود:

 “إحراق المباني القديمة قد يكون وسيلة غير معلنة لتسريع إخلاء وسط البلد أمام مستثمرين خليجيين وآخرين مرتبطين بالجيش.”

ويضيف:

 “العاصمة الإدارية التهمت المليارات، والآن يريدون استرداد الأموال ببيع قلب القاهرة.”

مواطنون عالقون.. وحياة مشلولة

على الأرض، عبّر المواطنون عن غضبهم من الآثار المباشرة للحريق، تقول منى عبدالسلام، موظفة بنك:

 “تعطلت ماكينات الـATM أمام العملاء، والناس واقفة بالطوابير مش لاقية كاش.”

ويضيف سائق أوبر، أحمد شوقي:

 “النت فصل فجأة.. لا

*النائبة مها عبد الناصر: حريق سنترال رمسيس يصيب مصر بسكتة تكنولوجية

بداية ندعو بالرحمة لشهداء المصرية للاتصالات وندعم للمصابين بالشفاء العاجل
و لكن لا بد ان نوضح ان ما حدث في سنترال رمسيس لا يمكن اختزاله في حريق عرضي أو ماس كهربائي بسيط.
ما حدث هو انكشاف كامل لخلل تصميمي خطير في بنية الاتصالات. سنترال رمسيس ليس مجرد نقطة شبكية، بل هو قلب الشبكة، سواء للاتصالات الأرضية أو المحمولة أو حتى لجزء كبير من بوابات الإنترنت الدولي وخدمات الدفع الإلكتروني. هذه النقطة كانت تدير وتحكم كمية هائلة من الترافيك، تمر من خلالها مكالمات يومية، بيانات البنوك، إشارات الطوارئ، وأوامر المعاملات عبر الإنترنت، ما يجعلها شريانًا حيويًا للبنية الرقمية في الدولة.

اعتماد هذا الحجم من الخدمات على موقع واحد فقط يمثل خطرًا وجوديًا، ويكشف أن التصميم الشبكي العام قائم على فلسفة “نقطة فشل واحدة
Single Point of Failure
،
وهي فلسفة قديمة وخطيرة لا تتماشى مع متطلبات الأمن القومي الرقمي الحديث. ما حدث يجب أن يكون لحظة فاصلة تدفعنا إلى التحول الجذري نحو شبكات موزعة جغرافيًا ومرنة هندسيًا.

من الناحية الفنية، لا يجوز الاعتماد على نقطة مركزية واحدة لتحمل كل هذا الكم من الخدمات. كان يجب من البداية وجود نقاط احتياطية كاملة (Disaster Recovery Centers) في مواقع جغرافية مختلفة. لا يكفي وجود مركز بديل واحد، بل ينبغي وجود مركزين على الأقل لكل خدمة مصنفة كحرجة مثل بوابات الإنترنت، البنية البنكية، وأنظمة الطوارئ. هذه المراكز يجب أن تكون في حالة تشغيل متزامن فعلي و ليس مجرد نسخ احتياطية خاملة يتم اللجوء إليها عند الكوارث.
و يجب ان يكون تشغيلها تلقائيًا بالكامل عند وقوع أي خلل، دون انتظار تدخل بشري.
و هنا نتساءل لماذا لم يتم تفريغ سنترال رمسيس من بعض المهام والخدمات الحساسة تدريجيًا، ونقلها إلى مواقع أكثر حداثة واستعدادًا مثل العاصمة الإدارية الجديدة و التي تتمتع بمزايا كبيرة من حيث البنية التحتية، سواء من حيث الطاقة، أو الكابلات الحديثة، أو المساحات المناسبة لإنشاء مراكز بيانات محمية، أو حتى أنظمة إطفاء حديثة و معتمدة عالميًا.

هذه الحادثة يجب أن لا تُنسى، بل تكون نقطة تحوّل حقيقية نحو إعادة هيكلة شبكة الاتصالات الوطنية بالكامل، بطريقة قائمة على التوزيع الجغرافي، وتكافؤ سعة البدائل، ووجود خطط تشغيل تلقائية حقيقية. تأمين البنية الرقمية في بلد بحجم مصر لم يعد أمرًا تقنيًا فقط، بل هو مسؤولية وطنية وأمن قومي في المقام الأول.

ما حدث يستدعي إطلاق خطة وطنية عاجلة لتحديث وتأمين بنية الاتصالات الحرجة، بمشاركة وزارات الاتصالات والدفاع والمالية، وربطها باستراتيجية التحول الرقمي للدولة وأمنها السيبراني.

إذا كانت الدولة تتحرك بقوة في اتجاه التحول الرقمي ورقمنة الخدمات ضمن رؤية مصر 2030، فإن تأمين الأعمدة التي تعتمد عليها هذه الرؤية أصبح أولوية قصوى، ولا يقل أهمية عن تأمين مصادر الطاقة أو المياه.

الخسائر التي نتجت عن هذا الانقطاع، سواء في المعاملات البنكية، توقف خدمات الدفع، أو تعطل المؤسسات الحيوية، لا يمكن حصرها بسهولة، وتؤكد أن الاستثمار في المرونة الرقمية أقل تكلفة بكثير من علاج الكوارث.

حماية اقتصاد رقمي في طور النمو تبدأ من حماية بنيته الأساسية. لا يجب أن نُبقي مثل تلك المؤسسات و المباني والتي تقدم الخدمات الرقميّة في الدولة معرضًا للانهيار بسبب دخان، ماس كهربائي، أو غياب خطة استجابة تلقائية.

*فناكيش السيسي رموز انتخابية ومشاريع بلا فائدة حقيقية

مع اقتراب الانتخابات القادمة في مصر، يخرج قائد الانقلاب العسكري ليعلن عن إنجازات ضخمة، أبرزها البرج الأيقوني والمونوريل، كمشاريع “فنكوشية” تُسوَّق إعلامياً كرموز نهضة وتقدم، لكن الحقيقة التي يراها المواطن المصري تختلف تماماً عن هذه الصورة الوردية، إذ أن هذه المشاريع لا تصرف فعلياً، ولا يستفيد منها سوى فئة ضيقة، بينما يبقى الغالبية العظمى من الشعب يرزح تحت وطأة الفقر والأزمات الاقتصادية المتفاقمة. هذه المشاريع ليست سوى حالة تسويقية إعلامية تهدف إلى إلهاء الشعب وإخفاء فشل النظام في إدارة البلاد. 

البرج الأيقوني.. رمز “الفنكوش” بلا مردود

بدأ العمل على البرج الأيقوني في العاصمة الإدارية الجديدة عام 2019، وصُوّر كأطول برج في أفريقيا بارتفاع 385 متراً، يضم 80 طابقاً متعددة الاستخدامات.

رغم الانتهاء من الهيكل الخرساني في 2021، لم يُفتح البرج حتى منتصف 2025، ولم يستفد منه المواطن العادي بأي شكل يذكر.

المشروع، الذي كلف مليارات الجنيهات، يخدم فئة محدودة من المستثمرين والأثرياء، بينما يعاني ملايين المصريين من أزمة إسكان حقيقية وغلاء متصاعد. 

المونوريل. مشروع معلق في الهواء

المونوريل، الذي يُفترض أن يحل أزمة النقل في القاهرة الكبرى، يتكون من خطين بطول 96 كيلومتراً، وبتكلفة تقارب ملياري يورو من قروض دولية.

بدأ التنفيذ في 2019، وكان من المقرر تشغيل الخط الأول في مايو 2022، والثاني في فبراير 2023، لكن حتى منتصف 2025 لم تُشغّل أي من الخطين بشكل كامل.

رغم ذلك، تستمر الدعاية الرسمية في تصوير المشروع كإنجاز وطني، بينما يعاني المواطنون من تدهور خدمات النقل العام وارتفاع تكاليف المعيشة. 

أرقام تكشف حجم الفشل الاقتصادي

بحسب تقارير اقتصادية، تلقت مصر 431 مليار دولار في عهد قائد الانقلاب العسكري، معظمها ذهبت لتمويل هذه المشاريع “الفنكوشية” التي لا تضيف شيئاً للاقتصاد الوطني ولا تحرك سوق العمل والإنتاج.

الدين الخارجي تخطى 170 مليار دولار، والداخلي وصل إلى 5 تريليون جنيه، في حين ارتفعت نسبة الفقر من 26.5% عام 2013 إلى 66% عام 2025 وفق البنك الدولي.

كما يعاني 40% من المصريين من فقر الدم والتقزم، حسب وزارة الصحة. 

تصريحات قائد الانقلاب.. وعود متكررة بلا نتائج

يكرر قائد الانقلاب العسكري وعوده بتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه يقر بأن قدرات الدولة محدودة ويطلب من الشعب الصبر على الفقر والغلاء.

تصريحاته مثل “أنتم ما تعرفوش إنكم فقرا قوي” و”أنا لم أعدكم بأي شيء” أصبحت مادة للسخرية في الشارع، حيث يرى المواطنون أن السلطة تحاول تحميلهم مسؤولية فشلها، بينما تستمر مشاريع “الفنكوش” في الظهور كرموز انتخابية فارغة. 

مشاريع “الفنكوش”.. غطاء إعلامي للفشل

  • غياب الشفافية والرقابة: لا توجد معلومات واضحة عن تكاليف هذه المشاريع أو مدى استفادة المواطنين منها، مع غياب رقابة فعلية.
  • تضخيم إعلامي: الدعاية الرسمية تركز على ضخامة المشاريع وأرقامها، لكنها تتجاهل تأثيرها الفعلي على حياة الناس.
  • أولويات مقلوبة: إنفاق المليارات على مشاريع ضخمة لا تعالج مشكلات الفقر أو البطالة أو الخدمات الأساسية.
  • تكرار الوعود الفارغة: خطاب الصبر والتحمل الذي لا ينتهي، ما أدى إلى فقدان الثقة الشعبية.
  • سخرية الشعب: الشعب المصري يستخدم النكتة والسخرية للتعبير عن إحباطه من هذه المشاريع التي لا تعود عليه بأي فائدة.

فن التسويق السياسي

تتحول هذه المشاريع إلى “فناكيش” جديدة في كل موسم انتخابي، حيث تُعلن كإنجازات ضخمة تُسوق عبر الإعلام الرسمي، بينما الواقع مختلف تماماً.

الشعب يرى أن هذه المشاريع مجرد “حكايات” تُروى لإلهائه عن الأزمات الحقيقية، ويستخدم السخرية كوسيلة مقاومة للتعبير عن إحباطه من تكرار نفس الوعود الفارغة التي لا تحقق أي تغيير ملموس في حياته.

إن إنجازات قائد الانقلاب العسكري “الفنكوشية” ليست سوى أدوات تسويقية إعلامية تهدف إلى إخفاء فشل النظام في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

الأرقام والتقارير الرسمية تكشف فجوة هائلة بين خطاب السلطة والواقع، حيث يعيش أغلب المصريين في ظروف صعبة، بينما تُصرف المليارات على مشاريع ضخمة لا تعود عليهم بأي نفع حقيقي.

هذه المشاريع أصبحت رموزاً انتخابية فارغة، تثير السخرية أكثر مما تثير الفخر، وتؤكد أن الشعب المصري هو الضحية الحقيقية لهذه السياسة الفاشلة

*”مرسى” وضع لبنات العدالة و”السيسي” قهر الفقراء ..  900 جنيه الفتات للغلابة مقابل كارثة الجنيه المنهار

بينما كان الشهيد الدكتور محمد مرسي، رحمه الله، يضع لبنات دولة العدالة الاجتماعية ويخطط لإيصال معاش المرأة المعيلة إلى عدة آلاف من الجنيهات كحد أدنى لحياة كريمة، يطل علينا نظام السفيه  السيسي اليوم بمسرحية جديدة عنوانها “زيادة معاش تكافل وكرامة إلى 900 جنيه”.

يا لها من مهزلة! 900 جنيه لم تعد تكفي لشراء سلة خضروات لعائلة صغيرة في ظل جنون الأسعار وانهيار الجنيه الذي فقد أكثر من 95% من قيمته منذ استيلاء الجنرال على السلطة. الألف جنيه اليوم، التي يتشدق بها إعلام النظام، تساوي أقل من جنيه واحد قبل الانقلاب، والدولار الذي كان بـ7 جنيهات في عهد مرسي أصبح يقفز إلى 51 جنيهًا في عهد السيسي الكارثي.

أين كانت هذه “الإنجازات” عندما كان الفقراء يموتون جوعًا أمام طوابير الدعم؟ أين كانت عندما تحولت مصر إلى دولة تشرد ومعونات ومساعدات؟

مقارنة سريعة تكفي لفضح المشهد:

مرسي كان يرى في المعاشات حقًا أصيلًا للمواطن الفقير، يخطط لإيصال الدعم إلى آلاف الجنيهات لكل أسرة محتاجة، ويعمل على بناء اقتصاد إنتاجي يعيد توزيع الثروة.

السيسي يوزع الفتات على شكل 900 جنيه، ثم يتفاخر بأنه أخرج 3 ملايين أسرة من دعم تكافل وكرامة لأنهم “تحسنت أوضاعهم”، بينما الواقع أنهم خرجوا لأن التضخم التهم كل شيء ولم يعد للدعم أي معنى.

أما مشروع “بنك الفقراء” الذي تتغنى به وزيرة التضامن، فهو إعادة تدوير لفكرة “جرامين بنك” البنغلاديشي، لكن في بيئة سياسية خانقة لا تسمح بأي تنمية حقيقية. كيف لبنك للفقراء أن ينجح في دولة يحكمها جنرال يعتبر الفقراء عبئًا ويُصفي برامج الدعم لصالح القروض والفوائد؟

قانون تكافل وكرامة الأخير الذي أصدره السيسي ليس سوى وثيقة إذلال جديدة، مليئة بالشروط التعجيزية والقيود التي تقصي الملايين من المصريين المستحقين. حتى الفئات الأكثر هشاشة – المرأة المعيلة، ذوو الإعاقة، الأيتام – تحولت إلى أرقام في دفاتر النظام، يُمنحون الفتات مقابل الصمت والخضوع.

إنها دولة الجنرال التي سحقت الجنيه وأفقرت الشعب، وجعلت الـ900 جنيه عنوانًا للسخرية وليس للكرامة. فإلى متى يصبر المصريون على نظام يسرقهم حيًا ويهينهم بالمساعدات المشروطة؟

ماذا قال الخبراء

الخبراء الاقتصاديون أكدوا أن التضخم الكاسح الذي صنعه نظام السيسي التبعي للغرب، التهم كل قيمة للعملة الوطنية، حتى أصبح الجنيه ورقة بلا وزن. الخبير الاقتصادي الدكتور ممدوح الولي كتب: “في 2013 كان الدولار بـ7 جنيهات واليوم تجاوز الـ51 جنيهًا.. أي أن قيمة الألف جنيه اليوم أقل من 140 جنيهًا بسعر 2013”.

الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل سخر من القرار قائلًا: “900 جنيه يعني 6 دولارات شهريًا! أي عدالة تلك التي تسحق الفقراء بينما السيسي وأتباعه يبنون قصورًا بالمليارات؟”

الفرق صارخ إذا ما قارنا ذلك بما أقره الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي وضع لأول مرة معاشًا للمرأة المعيلة، وكان ينوي رفعه لآلاف الجنيهات، ضمن رؤية شاملة للعدالة الاجتماعية. في المقابل، جاء السيسي ليمعن في إذلال الفقراء، مطاردًا أي أسرة تحاول النجاة بمشروع صغير أو حتى فدان أرض.

حتى فكرة “بنك الفقراء” التي تحدثت عنها مايا مرسي، هي إعادة تدوير لتجربة بنغلاديش، بينما يغيب عن السلطة أن السياسات الاقتصادية التي قادت إليها مؤسسات العسكر هي من أنتجت هذا الفقر المدقع.

الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق المعتقل في سجون السيسى قال في تصريح سابق : “الحكومة تدفع الفقراء إلى التسول عبر برامج لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما تستحوذ مؤسسات الجيش على 60% من الاقتصاد”، مضيفًا: “ما يحدث ليس إلا ذر للرماد في العيون لتجميل وجه النظام أمام صندوق النقد الدولي”. 

أما الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح فوصفت الزيادة بـ”مكافأة الإهانة”، مشيرةً إلى أن “المرأة التي كرمها مرسي وأقر لها معاشًا حقيقيًا هي ذاتها التي يطلب منها السيسي أن تصبر وتتقشف بينما يرفع ميزانية القصور الرئاسية”.

في النهاية، الـ900 جنيه التي يروج لها إعلام السلطة لا تعني شيئًا أمام الغلاء الفاحش. إنها محاولة يائسة لتجميل صورة نظام استبدادي فقد شرعيته، فهل يستحق الفقراء هذا الفتات؟ أم آن الأوان لاسترداد بلدهم المسروق؟

*اثنا عشر عامًا من دفع المصريين إلى الفقر

نشرت ميدل إيست مونيتور مقالًا بقلم محمود حسن يرصد فيه ما آلت إليه مصر بعد اثني عشر عامًا على مظاهرات 30 يونيو 2013، مؤكدًا أن آمال المصريين لم تتحقق رغم الوعود الكبيرة التي أطلقها وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، والتي مهّدت لانقلاب عسكري أطاح بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، الذي تُوفي لاحقًا في السجن عام 2019.

تولى عدلي منصور رئاسة مؤقتة لعام قبل أن يفوز السيسي في انتخابات مايو 2014 بنسبة 96.91% وسط تشكيك في نزاهة العملية الانتخابية.

وعود اختفت وأحزان متكررة
أطلق السيسي وعودًا كثيرة مثل: “بكرة تشوفوا مصر” و”مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا”، لكن الواقع كان مختلفًا؛ فقد خيّم الدم والحزن على الذكرى الـ12 لمظاهرات 30 يونيو، بالتزامن مع وفاة 19 فتاة في حادث على طريق أنشأته شركات تابعة للجيش، هو “الطريق الدائري الإقليمي” الذي شهد 63 حادثًا منذ افتتاحه، أودى بحياة 116 وأصاب 470.

رغم فداحة الحادث، لم يُحاسَب أي مسؤول، واكتفى السيسي بإصدار توجيهات لتعويض أسر الضحايا ماديًا، في حين تجاهل إرسال مسؤولين لتقديم العزاء لأسر الفتيات العاملات في جمع العنب مقابل أجر يومي لا يتجاوز 130 جنيهًا.

اقتصاد ينهار وديون تتفاقم
تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بشكل حاد، إذ فقد الجنيه المصري قيمته من 7 جنيهات مقابل الدولار إلى نحو 50 جنيهًا.
وتضخّمت الديون الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 155 مليارًا بنهاية 2024، بينما تلتهم فوائد هذه الديون 79% من إيرادات الميزانية.

استمر الاعتماد على الاقتراض وتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، مثل خفض الدعم وخصخصة الأصول وتعويم العملة، ما زاد من معاناة المواطنين.

تراجع عالمي ومكانة منهارة
تراجعت مصر عالميًا في عدة مؤشرات:

  • المرتبة 136 من 142 في “مؤشر سيادة القانون” لعام 2023
  • المرتبة 135 من 146 في “مؤشر السعادة العالمي
  • المرتبة 84 من 88 في “مؤشر جودة الحياة” لعام 2024
  • المرتبة 170 من 180 في “حرية الصحافة” لعام 2025
  • المرتبة 130 من 180 في “مؤشر الفساد

بينما احتلت المرتبة السابعة عالميًا في استيراد الأسلحة، والسادسة في عدد الصحفيين المسجونين.

دعم خارجي ومشاريع كبرى
يقول أنصار السيسي إن 30 يونيو أنقذت مصر من حكم الإخوان المسلمين، ويستدلون بمشاريع ضخمة كمثلث العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع قناة السويس، وبناء أكبر مسجد وكنيسة وأوبرا في المنطقة.
لكن صحفيين ومعارضين يرون أن هذه المشاريع لم تمنع اتساع رقعة الفقر، إذ يعيش أكثر من 60% من المصريين تحت خط الفقر أو بحاجة ماسة، بحسب البنك الدولي.

في المقابل، حصل النظام على دعم سخي من السعودية والإمارات، بما في ذلك قروض ومنح واستثمارات، مقابل تنازلات مثل جزيرتي تيران وصنافير، وإدارة الإمارات لعشرة موانئ مصرية، ومشروع رأس الحكمة.

حكم عسكري وهيمنة شاملة
عزّز الجيش قبضته على الاقتصاد والسياسة والإعلام والقضاء والرياضة، وأصبح المحافظون ورؤساء المدن والمجالس والشركات من خلفيات عسكرية أو أمنية.
واختفى تحالف 30 يونيو تدريجيًا، وخرج قادته من المشهد، بل وسُجن بعضهم، ثم أُفرج عنهم لاحقًا.

فقر متزايد ودولة “شبه” قائمة
ارتفعت الضرائب بنسبة 36%، وأصبحت تمثل 87% من إيرادات الدولة، وسط شكاوى شعبية من “حكومة جباية“.
ورغم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7,000 جنيه، إلا أنه بالكاد يعادل جرامًا ونصفًا من الذهب، وسعر كيلو اللحم بلغ 400 جنيه.

يُعد المصريون من بين الأقل دخلًا عالميًا، بمتوسط شهري لا يتجاوز 118 دولارًا، بينما يعيش أكثر من 11 مليون متقاعد تحت خط الفقر.

ورغم تعديل الدستور عام 2019 لمد فترة الرئاسة حتى 2030، لم تحدث انفراجة سياسية حقيقية. تُطلق الدولة أحيانًا سراح بعض المعارضين، لكنها تواصل حملات الاعتقال وتوسيع دائرة الاشتباه.

قال الناشط الحقوقي هيثم محمدين إنه انخدع بالمشاركة في 30 يونيو، لكنه انسحب سريعًا وأعلن رفضه الصريح للانقلاب.

وفي إحدى تصريحاته السابقة، اعترف السيسي قائلًا: “إحنا مش دولة حقيقية… إحنا شبه دولة”، وهو اعتراف يلخص ما آلت إليه البلاد بعد 12 عامًا من الفقر والتدهور“.

*تحذيرات من فقاعة عقارية في مصر.. تآكل مدخرات الطبقة المتوسطة يؤدي لتراجع المبيعات والشركات تتجه لجذب الأغنياء

أثارت تحذيرات أطلقها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس بشأن احتمالات حدوث فقاعة عقارية في مصر جدلاً واسعاً، في ظل اتجاه شركات التطوير العقاري إلى إتاحة شراء وحدات عقارية بأسعار مرتفعة، لكن من خلال تقسيط لسنوات طويلة تصل إلى 15 عاماً.

هذا الخطاب برهن على أن هناك أزمة خفية في سوق العقار تحاول الحكومة والشركات معاً التغطية عليها خشية الوصول إلى حالة الركود التام، مع التوسع في عملية البناء بمحافظات مختلفة ضمن خططها لبناء مدن جديدة تستوعب الزيادة السكانية.

تآكل مدخرات المصريين لانخفاض قيمة العملة

وقال مصدر مطلع بإحدى الشركات العقارية الكبرى في مصر لـ”عربي بوست” إن شركته تأثرت سلباً بشكل كبير جراء تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، كما أن سياسات البيع والتسويق والإنشاءات كانت تقوم على بناء وحدات أغلبها بمساحات لا تتجاوز 120 متراً.

وقال المتحدث إن هذه المساحات كانت تتماشى مع الطبقة الوسطى وبعض الطبقات الغنية، باعتبار أن الفئة الأكبر ممن يتخذون قرارات الشراء ينتمون للطبقة المتوسطة، غير أن تلك الاستراتيجية لم تحقق عوائد جيدة حتى الآن، رغم تسهيلات سداد الأقساط لتصل إلى 12 عاماً.

وأوضح المصدر ذاته أن مدخرات المصريين تآكلت بشكل كبير خلال السنوات الماضية جراء انخفاض قيمة العملة، وهو ما انعكس على سلوكيات الطبقة المتوسطة التي أضحت غير قادرة على تأمين مستقبل أبنائها.

وكان شائعاً أن شراء أكثر من عقار للأسرة هدفه الحفاظ على قيمة الأموال واستغلال العقارات في مشروعات استثمارية، وهي توجهات لم تعد قائمة، فيما يأتي غالبية من يرغبون في الشراء من السماسرة، وهؤلاء لديهم رؤية بإمكانية تحقيق عوائد حال تسقيع الشقق لفترات طويلة.

وأشار إلى أن شركته تضطر إلى رفع أسعار الوحدات بشكل مستمر وسريع لتحقيق أكثر من هدف، في مقدمتها ضمان تغطية التكلفة التي تأخذ في التغير بشكل متتالي على مدار العام، والسبب الآخر هو ضمان عدم الخسارة على المدى الطويل حال تعرضت العملة المحلية لمزيد من الانخفاض.

وبحسب المصدر، فإنه في حال عدم مراعاة هذه المتغيرات، فإن الشركات العقارية ستتعرض لخسائر كبيرة، وسيكون البديل هو التوقف عن طرح عقارات جديدة، وهو أمر لديه تأثير سلبي أيضاً على سوق العقار، وقال إن حالة عدم الثقة تنتقل إلى المشتري.

وأكد أنه يستطيع تعويض خسائر بناء وحدات القاهرة والمدن الجديدة في المحافظات عن طريق الاتجاه نحو البناء وبيع الوحدات في الساحل الشمالي، باعتبارها منطقة سياحية ما زالت قادرة على جذب العملاء وبأسعار باهظة.

وكشف المصدر عن تراجع المبيعات في شركته منذ بداية هذا العام بنسبة 60%، وأن الأرباح تراجعت بنسبة قاربت على 35%، وهو ما يدفع للتفكير بأطر مختلفة لضمان الاستمرارية، إذ جرى فتح الباب أمام الاستثمارات الجزئية في العقارات، بمعنى تحويل الوحدات إلى أسهم يمكن للفرد أن يمتلك سهماً تصل قيمته كحد أدنى إلى 50 ألف جنيه، وذلك لتنشيط عملية الدورة الإنتاجية داخل الشركة، إلى جانب الاتجاه للبناء في الدول العربية، بمقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

العقار لم يعد أحد أوعية الحفاظ على قيمة المدخرات

قبل أيام، حذّر رجل الأعمال نجيب ساويرس من احتمالية حدوث فقاعة عقارية في مصر، مضيفاً أن استمرار معدلات الفائدة المرتفعة يزيد من خطورة هذا السيناريو، لكنه قال أيضاً في تصريحات إعلامية إن المصريين، رغم هذه المخاطر، يرون العقارات ملاذاً آمناً للاستثمار ووسيلة للتحوّط.

وأوضح ساويرس أن “المشكلة في المطورين الذين يعطون خططاً لدفعات على مدى 12 عاماً وما إلى ذلك، دون التفكير في كيفية دفع المستهلك تلك المبالغ لمدة زمنية طويلة جداً، وكيف سيدبر هذه الأموال“.

وقال ساويرس إن ارتفاع أسعار الفائدة، التي يحددها البنك المركزي، يسهم في زيادة تكاليف التمويل للمطورين العقاريين، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات. وتابع: “هذا الموضوع سيشكّل كارثة إذا حدث، لأننا اليوم نتحدث عن فائدة بـ30% يدفعها المستهلك، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات، فإذاً هناك مخاطرة كبيرة في ذلك“.

وبحسب خبير في قطاع العقارات المصري، فإن الفقاعة العقارية تحدث حينما يفشل المستثمر أو المشتري في تحقيق عوائد ربحية من العقار خلال فترة ليست بالقصيرة، بمعنى أنه في حال اشترى شخص عقاراً ثمنه مليون جنيه وتضاعفت قيمته خلال ثلاث إلى خمس سنوات، فإن ذلك يعني أن سوق العقار يسير بشكل إيجابي.

وقال المتحدث إن هذا الأمر لا يتحقق الآن في مصر، لأن شركات العقارات تبيع بأسعار تفوق السعر الحقيقي للعقار، كما أنها تبيع على أقساط طويلة المدى، وهو ما يجعل المواطنين يعيدون التفكير في العقار كأحد أوعية الحفاظ على قيمة المدخرات، كما أن شركات العقارات ذاتها لا تعرف ما إذا كانت ستستطيع تحصيل الأموال من العملاء، أم أنها ستقع في مشكلات مالية ضخمة تقود إلى حالة من الشلل في قطاع العقارات.

وذكر أن ما يحدث الآن في سوق العقارات يرتبط بالمتغيرات الجديدة في مدخلات صناعة العقارات، وسرعة إيقاع ارتفاع أسعار الخامات نتيجة الوضع الاقتصادي المضطرب وتراجع قيمة الجنيه، وهو ما دفع المطورين العقاريين لوضع سعر مستقبلي أكثر من الطبيعي أو المتوقع، وبالتبعية فإن السعر النهائي ليس هو السعر العادل، ما يجعل التعامل مع العقار باعتباره استثماراً طويل الأجل في حالة تراجع.

وأوضح أن أسعار الإيجارات والشراء في المناطق المتوسطة في مصر مرتفعة للغاية، وهو ما يجعل الكثيرين يفكرون قبل اتخاذ قرارات الشراء، وينعكس ذلك سلباً على أرباح كثير من الشركات مؤخراً.

وقال إن هناك قناعة لدى المواطنين بأن الشراء في الوقت الحالي محفوف بالمخاطر، وكذلك البيع أيضاً، لأن هناك صعوبات في الوصول إلى المشترين، ويجري الاعتماد على تقسيط قيمة العقار على سنوات طويلة من جانب شركات الاستثمار العقاري.

وأضاف: “إننا الآن أمام سوق به حركة شراء ضعيفة وبيع متراجع، وهي سمة لم يعتد عليها المصريون في التعامل مع العقار على مدار سنوات طويلة، جعلته يقترب من فقدان أهم صفاته باعتباره وعاءً آمناً للادخار“.

وفي وجهة نظر المصدر ذاته، فإن الوصول إلى تلك الحالة يقود إلى خسائر هائلة في قطاع العقارات، لأن التعامل معه أصبح من زاوية مادية بحتة، دون أن يعير المطور العقاري أهمية لبناء عقار يتماشى مع قدرات المواطنين المادية، ودراسة المؤثرات التي تنعكس على التصميم باعتباره سكناً وحياةً جيدةً للطبقات المختلفة.

وقال إن الشركات الكبرى، وكذلك الحكومة، تتعامل مع الأمر باعتباره قطاعاً استثمارياً، دون أن يحقق احتياجات المواطنين، مما سيكون له تأثيرات سلبية على فشل مشروعات التوسع العمراني في كثير من المناطق، بسبب تكدّس المواطنين في مناطق تتماشى مع قدراتهم المادية.

شلل في حركة البيع والشراء

تعود جذور هذه الأزمة إلى الربع الأخير من عام 2023 والربع الأول من عام 2024، حين بلغ سعر الدولار في السوق الموازية نحو 72 جنيهاً مصرياً، وهو ما دفع المطورين إلى تسعير المشروعات على أن الدولار يساوي 100 جنيه مصري تحسباً لأي زيادات محتملة.

أدى ذلك إلى قفزة كبيرة في أسعار العقارات آنذاك، ومع استقرار الأسعار لاحقاً بعد تراجع الدولار إلى 50 جنيهاً، وجد العديد من العملاء الذين اشتروا في ذروة الأزمة أنفسهم يواجهون عبئاً مالياً ضخماً، إذ التزموا بأقساط عالية دون أن يحصلوا على أي تخفيض أو تمديد في مدة السداد من الشركات المطوّرة، بينما طرحت الشركات نفس المشروعات بأقساط طويلة تصل إلى 12 سنة لجذب شرائح جديدة.

هذا التفاوت جعل العملاء المتضررين يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء صفحات لنشر تجاربهم المحبطة أو عرض وحداتهم للبيع، وهؤلاء اشتروا في نهاية الربع الأول من عام 2024 على أقساط لمدة ثمانية سنوات كحد أقصى.

يقول إسلام صبحي، صاحب إحدى شركات بيع الأدوات المنزلية، لـ”عربي بوست، إنه في بداية العام الماضي اشترى عقاراً في إحدى التجمعات السكنية الجديدة في مدينة التجمع الخامس بشرق القاهرة بمبلغ وصل إلى 7 ملايين جنيه، مقسّمين على دفعات لمدة ثمانية سنوات.

وأضاف أنه قبل ثلاثة أشهر، وبعد أن سدّد ما يقرب من مليون ونصف جنيه من قيمته، وجد نفسه غير قادر على استكمال الأقساط، وبحث عن مشترٍ لبيعه، لكن المفاجأة كانت في عدم وجود مشتري حتى الآن، رغم أنه يسعى لبيعه دون أي ربح خاص به، ويحاول فقط أن يتجاوز فقدان 15% من قيمة العقار في حال استردّته الشركة.

وأوضح صبحي أن شرائه العقار بغية تحقيق عوائد مادية في وقت كانت فيه العملة تعاني حالة من الارتباك والتخبط، حتى بعد تحريرها بشكل نهائي، تحوّل إلى كابوس، وقد يقود ذلك إلى خسارة فادحة، لافتاً إلى أن حديثه مع السماسرة في المناطق المجاورة كشف له عن عدم وجود حركة بيع أو شراء تقريباً إلا في حالات نادرة.

ورصد تقرير “ذا بورد كونسلتينج”، وهي شركة متخصصة في الاستشارات العقارية، أهم 5 محاور ستؤثر على حركة السوق العقاري في مصر خلال عام 2025، والتي تتضمن مخاوف وحوافز تتنوع بين تغيّرات على الصعيد الداخلي، وأخرى مرتبطة بالوضع الخارجي.

ويشير التقرير إلى أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المسرح العالمي تثير حالة من عدم اليقين بشأن مخاطر الحرب والتحوّلات في سياسة الولايات المتحدة، خاصة في ملفي التجارة والمساعدات.

ويتوقع التقرير اشتعال المنافسة بين الشركات العقارية بعد تباطؤ كبير في السوق، وأن العروض الترويجية الاستثنائية مثل تلك التي أطلقتها شركات كـ”بالم هيلز”، التي حققت مبيعات ضخمة بقيمة 40 مليار جنيه مصري (ما يعادل 808 ملايين دولار أميركي) في شهر واحد، ستساهم في تنشيط السوق بشكل كبير.

كما يخلق التوسّع غير المسبوق الذي تقوده الحكومة في مناطق مثل طريق السويس، مدينة “مستقبل سيتي”، التجمع السادس، والعاصمة الإدارية الجديدة، منافسة كبيرة بين هذه المناطق.

ركود مع زيادة المعروض من الشقق والفيلات

ويشير خبير عقاري إلى أن تعامل المواطنين مع العقارات باعتبارها وسيلة لتحقيق الربح السريع قاد إلى الأزمة الحالية، لأنه خلال السنوات الثلاث الماضية اندفعت قطاعات كثيرة إلى الشراء، وحققت أرباحاً جيدة في غضون ستة أشهر أو عام، نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه، وأزمة البناء في المدن القديمة بفعل قرارات حكومية سابقة، قبل أن يتم التراجع عنها بشكل تدريجي مؤخراً.

وبالتالي، فإن عام 2023 شهد طفرة على مستوى الشراء، لكن هذه الطفرة تحوّلت إلى ركود مع بدء العام الحالي، مع استقرار قيمة الجنيه، وتوقف المواطنين عن الشراء مع زيادة المعروض من الشقق والفيلات.

ولفت إلى أن قطاعات كبيرة من المواطنين لجأت إلى شراء العقارات بالتقسيط والبيع في غضون عام ونصف مثلاً، في مقابل ما يُسمّى بـ”أوفر” من أجل تحقيق أرباح سريعة، والبعض بالفعل استطاع بيع العديد من الوحدات.

لكن ما حدث أن شركات العقارات اصطدمت بأنها تتعامل مع أشخاص لم يوقّعوا العقود الأساسية، كما أنهم ليس لديهم قدرة على السداد، وهو ما انعكس على الاشتراطات الجديدة التي ظهرت مؤخراً، وقيّدت عملية بيع العقار عقب سداد الأقساط، لكن ذلك في المقابل قاد إلى تراجع عملية البيع والشراء.

وشدّد على أن عملية المضاربات في العقارات توقفت، وبالتالي ظهرت الأزمة على حقيقتها، بعد أن أصبحت هناك كميات كبيرة من الوحدات المطروحة دون أن يكون هناك مشترون لها، وهو ما يجعل التحذيرات تتزايد من حدوث فقاعة عقارية.

وواجهت مصر على مدار عقود مشكلة في توافر الوحدات السكنية، لكن منذ عام 2015 وحتى منتصف 2024 نفّذت الحكومة أكثر من مليون وحدة سكنية، فيما نفّذ القطاع الخاص أكثر من مليون وحدة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويسهم قطاع التشييد والبناء – أحد أكبر القطاعات الإنتاجية في مصر – بنحو 18% من الناتج المحلي، مدعوماً بالنمو السكاني البالغ نحو مليوني نسمة سنوياً.
وكان وزير الإسكان المصري شريف الشربيني قد قال إن السوق المصرية بعيدة عن الفقاعة العقارية، مؤكداً أن الوضع الحالي لا يتوافق مع هذا التصور، مشيراً إلى أن معدلات النمو السكاني في مصر تضع على عاتق الوزارة مسؤولية توفير نحو 200 ألف وحدة سكنية سنوياً، سواء من خلال القطاع الخاص أو مشروعات الدولة.

عن Admin