
النظام المصري يدعم نشر قوات في غزة وتمكين سلطة عباس وتجميد سلاح المقاومة.. الثلاثاء 12 أغسطس 2025م.. خصخصة واجهة مصر المائية لصالح الجيش والصندوق السيادي وتخفيف “غير معلن” لأحمال الكهرباء في مصر
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*”الأمن الوطني” يستدعي 5 من عمال “العامرية للنسيج” بعد إضرابهم منذ 12 يوما
يواصل عمال شركة العامرية للغزل والنسيج بمحافظة الإسكندرية إضرابهم الشامل عن العمل لليوم الثالث عشر على التوالي، في واحدة من أطول التحركات العمالية التي شهدها القطاع الصناعي خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي الإضراب احتجاجًا على ما يصفه العمال بـ”التلاعب في تطبيق الحد الأدنى للأجور”، إضافة إلى تجاهل الإدارة لمطالبهم بتحسين الأوضاع المعيشية والمهنية، وسط تصاعد التوتر بعد تدخل جهاز الأمن الوطني واستدعاء خمسة من العمال للتحقيق.
أسباب الإضراب: الحد الأدنى للأجور في قلب الأزمة
تعود جذور الأزمة إلى شهر مارس الماضي حين أعلنت إدارة الشركة نيتها تطبيق قرار الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه.
لكن العمال يؤكدون أن التنفيذ كان “شكليًا” عبر إضافة بند جديد على قسائم الرواتب تحت مسمى “المتمم للحد الأدنى”، وهو مبلغ متغير يقل أو يزيد وفق راتب كل عامل، وغالبًا ما يتم تعديله بحيث لا يتغير صافي الراتب الفعلي.
أحد العمال، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح أن راتبه كان 4 آلاف جنيه قبل القرار، وأضافت الإدارة 1500 جنيه كمتمم، ليصبح 5500 جنيه، ثم بعد إضافة علاوة قدرها 200 جنيه، خفضت الشركة المتمم إلى 1300 جنيه، ليبقى الراتب كما هو دون زيادة.
وأضاف: “كلما جاءت علاوة أو ميزة مالية، يخفضون المتمم بنفس القدر، فنظل عند نفس الصافي”.
مطالب العمال: من الأجور إلى الحوافز
العمال يطالبون بصرف العلاوات المتأخرة، وزيادة بدل الوجبة، واحتساب العمل الإضافي عن يوم السبت على الأجر الشامل لا الأساسي، إضافة لزيادة حافز الإنتاج، ووقف سياسة إجبارهم على التنازل عن رصيد الإجازات السنوية أو القيام بإجازات إجبارية قبل المعاش.
عاملة بالشركة منذ 38 عامًا قالت: “بعد ما بنينا الشركة على أكتافنا وفنينا عمرنا فيها، المرتب اللي بناخده مش مكفينا ناكل ونشرب”.
اتهامات بتمييز الرواتب واستقدام مستشارين برواتب ضخمة
العمال يشيرون إلى فجوة هائلة بين رواتبهم ورواتب مديري الإدارات والمستشارين الذين تم استقدامهم مع تولي الرئيس التنفيذي أحمد عمرو رجب المنصب، حيث تتراوح رواتبهم بين 50 و100 ألف جنيه شهريًا، مقابل رواتب العمال التي لا تتجاوز بضعة آلاف.
أحدهم قال: “لما واجهنا الرئيس التنفيذي قال إنهم مش بياخدوا حاجة من جيوبكم، لكن إحنا بنسأله مرتبه هو شخصيًا بييجي منين غير من شقانا؟”.
تدخل الأمن الوطني ومحاولات لفض الإضراب
وفق روايات العمال، استدعت مباحث الأمن الوطني بالإسكندرية خمسة منهم للتحقيق قبل يوم من انتخابات مجلس الشيوخ، حيث حاول ضابط الأمن إقناعهم بإنهاء الإضراب مقابل وعد بزيادة 15% في يناير 2026، لكن العمال رفضوا العرض.
أعباء إضافية: التأمينات والخدمات الصحية
إلى جانب أزمة الأجور، يواجه العمال توقف بعض الخدمات الصحية نتيجة تراكم مديونيات الشركة للتأمينات الاجتماعية بنحو 5 ملايين جنيه، ما أدى لتعطيل عمليات علاجية لعدد من الموظفين.
تاريخ من الاحتجاجات
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها المصنع احتجاجات واسعة؛ ففي 2019 نفذ العمال إضرابًا للمطالبة برفع الأجور، وفي 2015 نظموا وقفة أمام القوى العاملة احتجاجًا على استمرار إغلاق الشركة، وفي 2013 أضربوا عقب أنباء عن إنهاء عقود 300 عامل مؤقت.
*الرابع خلال شهر بالإهمال الطبي المتعمد… استشهاد الطبيب المعتقل عاطف زغلول بمركز شرطة أبو كبير
توفي مساء الجمعة 9 أغسطس 2024، الدكتور عاطف محمود زغلول (52 عامًا)، طبيب الأطفال المعروف، أثناء حبسه احتياطيًا بمركز شرطة أبو كبير بمحافظة الشرقية، إثر تدهور حاد في حالته الصحية نتيجة ما وصفه حقوقيون بـ الإهمال الطبي المتعمد وحرمانه من الرعاية اللازمة، لتكون هذه الحالة الرابعة خلال شهر واحد لوفاة معتقلين في ظروف مشابهة.
الدكتور زغلول، الذي كان يعاني من أمراض قلبية وأجرى سابقًا عملية تركيب دعامات، كان يحتاج إلى متابعة طبية دورية ورعاية خاصة، غير أن السلطات – وفق روايات أسرته ومنظمات حقوقية – لم توفر له هذه المتابعة، ولم تستجب لطلبات إخلاء سبيله رغم عدم وجود موانع قانونية. وذكرت شقيقته، علا زغلول، عبر حسابها على فيسبوك:
“ولا نقول إلا مايرضي ربنا انا لله وانا اليه راجعون نن العين في زمه الله د.عاطف زغلول”.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1999958550540489&set=a.143499009519795
وبحسب شهود، فقد تعرض الفقيد لأزمة قلبية قبل يومين من وفاته، وتم نقله في وقت متأخر إلى مستشفى أبو كبير المركزي، حيث فارق الحياة، وسط اتهامات للأجهزة الأمنية – وخاصة جهاز الأمن الوطني – بالتعنت في نقله للعلاج في الوقت المناسب.
اتهامات مباشرة للسلطات
منظمات حقوقية، بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، حملت وزارة الداخلية وإدارة مركز شرطة أبو كبير المسؤولية الكاملة عن الوفاة، مؤكدة أن ما جرى يمثل “انتهاكًا صارخًا لحق المعتقل في الحياة والرعاية الصحية، ومخالفة واضحة للقوانين المصرية والمواثيق الدولية”.
وأوضحت الشبكة أن حالة الدكتور زغلول الصحية تدهورت بشكل حرج في الفترة الأخيرة، ومع ذلك لم تُتخذ إجراءات عاجلة لإنقاذ حياته، ما أدى إلى وفاته صباح الجمعة.
رابط بيان الشبكة:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=781020230945705&set=a.206829455031455
حلقة جديدة في سلسلة وفيات
وفاة الدكتور زغلول لم تكن الأولى هذا العام، إذ سبقتها حالات مشابهة، أبرزها وفاة الأستاذ الدكتور ناجي علي البرنس، أستاذ جراحة الفم والفكين بكلية طب الأسنان – جامعة الإسكندرية، داخل محبسه في سجن بدر 3 بعد ثلاث سنوات من الاعتقال التعسفي، نتيجة الإهمال الطبي.
*إيران تكشف عن “دور مهم” لعبته مصر بعد حرب الـ 12 يوما مع إسرائيل
قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي إن مصر لعبت دورا مهما بتشكيل إجماع إقليمي ضد “العدوان الصهيوني على إيران”، مشيرا إلى أن الاتصالات مع مصر مستمرة بشكل دائم.
ولفت بقائي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي اليوم الاثنين ردا على سؤال حول موعد استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع مصر قائلا: “بخصوص العلاقات مع مصر، أنتم حتما تتابعون أخبار اتصالات وزير الخارجية مع نظيره المصري. خلال هذا العام، كانت لدينا اتصالات مستمرة ووثيقة مع مصر، سواء في القضايا الثنائية أو الموضوعات الإقليمية، وبعد العدوان العسكري الصهيوني ضد إيران (الذي بدأ في 13 يونيو واستمر 12 يوما) ، لاحظتم أن مصر لعبت دورا مهما في تشكيل نوع من الإجماع الإقليمي ضد هذا العدوان. لذا، اتصالاتنا مع مصر مستمرة بشكل دائم“.
وأضاف بقائي أنه “في مجال العلاقات الثنائية، كما أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي، فقد وصلنا إلى التفاهمات اللازمة؛ لكن في النهاية، القرار النهائي في هذا الشأن سيكون على عاتق الطرفين. لقد أعلنا أننا لسنا في عجلة من أمرنا؛ لدينا حاليا علاقة ومكتب رعاية مصالحنا في القاهرة وكذلك مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران يعملان. لكن إن كنتم تقصدون استعادة العلاقات الدبلوماسية المعتادة وإرسال سفراء، فهذه مسألة يجب أن يقررها الطرفان في الوقت المناسب“.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال إن علاقات بلاده مع مصر شهدت نقلة نوعية، وإن الحرب مع إسرائيل ربما أبطأت تقدمها قليلا، لكنه أكد أن ما حدث “فاق التوقعات” في مسار العلاقات.
ونوه بإحراز تقدم جيد في مجال العلاقات الثنائية، قائلا إنه كانت هناك سلسلة من العقبات القديمة التي كان من المفترض حلها منذ فترة طويلة، لكن المهم هو وجود إرادة للتعاون من كلا الجانبين“.
*النظام المصري يدعم نشر قوات في غزة وتمكين سلطة عباس
أعلن النظام المصري استعداده لدعم أي ترتيبات دولية من شأنها تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من بسط سيادتها على الأراضي الفلسطينية، في إطار جهود دبلوماسية مكثفة لوقف الحرب في غزة.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن بلاده لا تمانع نشر قوات دولية لتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من بسط سيادتها على الأراضي الفلسطينية.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية كوت ديفوار، مساء الاثنين، أن الجهود تستهدف منع الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ أي قرارات غير مسؤولة بتوسيع العمليات العسكرية ونطاق الاحتلال والسيطرة على القطاع.
وأضاف: “نجري اتصالات مكثفة مع الشركاء والأطراف المعنية للتحذير من مغبة التصريحات الإسرائيلية غير المسؤولة بشأن احتلال غزة، وندفع في اتجاه استئناف عملية التفاوض“.
وأوضح أن هناك إمكانية لذلك إذا توافرت الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويضمن نفاذ المساعدات وإطلاق سراح الرهائن وخلق أفق سياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية اليوم الثلاثاء، بأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بات وشيكا، وهو يتضمن وقف اجتياح مدينة غزة ودخول جيش مصري مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وذكرت وكالة “معا” الفلسطينية، نقلا عن مصدر خاص قوله، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن عن اتفاق شامل ينهي الحرب في غزة، يتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي ودخول جيوش عربية.
يأتي ذلك بالتزامن مع ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم بشأن اتصالات مستمرة منذ أشهر خلف الكواليس لتعيين رجل الأعمال الفلسطيني، سمير حليلة، حاكما على قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن مشاركين في هذه الجهود وعن وثائق قدمت إلى وزارة العدل الأمريكية أن الحديث عن محاولة لإدخال شخص إلى قطاع غزة، يعمل برعاية جامعة الدول العربية، ويكون مقبولا على إسرائيل والولايات المتحدة، ويتيح الوصول إلى “اليوم التالي” في قطاع غزة.
*إعلام فلسطيني: اتفاق وقف إطلاق النار وشيك يتضمن وقف اجتياح مدينة غزة ودخول الجيش المصري
أفادت وسائل إعلام فلسطينية اليوم الثلاثاء، بأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بات وشيكا، وهو يتضمن وقف اجتياح مدينة غزة ودخول جيش مصري مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
ذكرت وكالة “معا” الفلسطينية، نقلا عن مصدر خاص قوله، إنن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن عن اتفاق شامل ينهي الحرب في غزة، يتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي ودخول جيوش عربية.
يأتي ذلك بالتزامن مع ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم بشأن اتصالات مستمرة منذ أشهر خلف الكواليس لتعيين رجل الأعمال الفلسطيني، سمير حليلة، حاكما على قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن مشاركين في هذه الجهود وعن وثائق قدمت إلى وزارة العدل الأمريكية أن الحديث عن محاولة لإدخال شخص إلى قطاع غزة، يعمل برعاية جامعة الدول العربية، ويكون مقبولا على إسرائيل والولايات المتحدة، ويتيح الوصول إلى “اليوم التالي” في قطاع غزة.
ووفق الصحيفة، يعمل على الدفع بحليلة رجل ضغط (لوبيست) إسرائيلي مقيم في كندا يدعى آري بن مناشيه.
ونقلت الصحيفة عن بن مناشيه قوله إن هذه القضية حققت تسارعا خلال الأسابيع الأخيرة بسبب لقاءات أدارتها الولايات المتحدة، واتصالات أجراها حليلة في القاهرة.
وحليلة رجل أعمال فلسطيني عمل أمينا عاما لحكومة أحمد قريع الثالثة، ورئيسا لمجلس إدارة سوق فلسطين للأوراق المالية حتى آذار/مارس الماضي.
* “القناة 12” العبرية: مصر تقترح على حماس تجميد سلاحها وإدخال شرطة فلسطينية إلى غزة
أفادت “القناة 12” العبرية، مساء الإثنين، بأن المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى وصلت إلى طريق مسدود، وأن الدول الوسيطة تدرك أن التوصل إلى صفقة جزئية لم يعد مطروحا على الطاولة.
وذكرت القناة العبرية أن مصر طرحت للمرة الأولى فكرة التعامل مع المطلب الإسرائيلي بنزع سلاح حماس، حيث اقترحت “تجميد” كمية السلاح التي بحوزة الحركة.
ولم يتضح بعد المقصود من مصطلح “تجميد” السلاح، إذ يقترح الرئيس الفلسطيني محمود عباس تخزينه في مستودعات تحت إشراف وحراسة من السلطة الفلسطينية، بينما قد يحمل المقترح المصري دلالات مختلفة.
كما اقترحت القاهرة إدخال قوات شرطة فلسطينية إلى قطاع غزة، على أن يتم تدريبها في الولايات المتحدة أو مصر أو الأردن أو الإمارات أو دول أخرى، وبإشراف أمريكي.
ووفق المصادر، فإن المقترح المصري أرسل إلى حماس بانتظار ردها، فيما يتوقع أن تطالب إسرائيل بتعديلات جوهرية على أي صيغة نهائية.
هذا، وقالت مصادر مقربة من حركة حماس لموقع “واينت” العبري إن وفدا من حركة حماس سيصل الاثنين إلى مصر وسيبحث مع كبار مسؤولي المخابرات المصرية تهديدات إسرائيل باحتلال مدينة غزة وتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق فيها.
وأوضحت المصادر أن المحادثات ستشمل أيضا آخر المستجدات المتعلقة بتجديد المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى، إضافة إلى مناقشة تداعيات اللقاء الذي جمع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف برئيس الوزراء القطري في جزيرة إيبيزا الإسبانية قبل أيام.
وفي السياق، نقلت قناة “العربي” القطرية عن مصادرها، أن وفدا من “حماس” برئاسة خليل الحية سيغادر إلى القاهرة.
كما ذكرت الصحيفة أن استئناف قنوات التواصل بين الأطراف تم بوساطة تركية، عقب زيارة وفد من الحركة إلى أنقرة الأسبوع الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات بين حماس وإسرائيل التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، تهدف إلى التوصل لاتفاق يشمل وقف إطلاق النار في قطاع غزة مقابل الإفراج عن أسرى ومحتجزين لدى الطرفين.
وكانت هذه المباحثات قد تعثرت عدة مرات خلال الأشهر الماضية بسبب الخلافات حول شروط التنفيذ وضمانات الالتزام، في ظل استمرار التوتر الميداني وتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
*تخفيف “غير معلن” لأحمال الكهرباء في مصر “تفرقة” في المعاملة بين المناطق الشعبية والراقية ونقص الصيانة يفاقم الأزمة
رغم نفي الحكومة المصرية لوجود خطة لتخفيف أحمال الكهرباء خلال صيف هذا العام، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن انقطاعات يومية تطال محافظات ومناطق عدة.
ويأتي ذلك في تراجع واضح عن الوعود التي قطعتها الحكومة منذ شتاء العام الجاري، وسط أزمات متكررة تطال كابلات التوزيع، ومشكلات تواجه المحطات التي توسعت الدولة في إنشائها خلال السنوات الأخيرة دون إيلاء الصيانة اللازمة لها.
تخفيف الأحمال سراً
وقال أحد أعضاء لجنة الطاقة في البرلمان المصري، طلب عدم ذكر اسمه، إن الحكومة تطبّق هذا العام سياسة تخفيف الأحمال دون إعلان رسمي، لتجنّب التراجع العلني عن وعودها بعدم العودة لقطع التيار، ولتهيئة الأجواء لاختيار التوقيت المناسب للإعلان عن رفع أسعار الكهرباء.
وأوضح أن الأزمة بلغت ذروتها مع احتراق كابل الكهرباء الرئيسي بمحافظة الجيزة، ما عطّل محطة المياه الرئيسية وأدى إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة لعدة أيام متتالية، في واقعة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة.
وأضاف المصدر أن شكاوى انقطاع الكهرباء في الجيزة، الملاصقة للعاصمة القاهرة، وفي عدد من المحافظات الأخرى، لم تتوقف، لكنها تراجعت مؤخراً بعد إصلاح أعطال “كابلات الجيزة“.
وأشار المصدر نفسه إلى أن غالبية الشكاوى ترتبط بتأثير موجات الحر على الكابلات المتهالكة، وزيادة الأحمال الكهربائية، وعدم توفر ميزانيات كافية لصيانة الشبكات، خصوصاً في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وهو ما يفسر تكرار الانقطاعات.
وبحسب المصدر، تتركز الأزمة في المناطق الشعبية، مثل العمرانية وإمبابة وبولاق الدكرور والحوامدية وبعض مناطق السادس من أكتوبر، بينما تقل حدّتها في أحياء راقية كمدينة الشيخ زايد.
واعتبر أن السبب الرئيسي هذا العام يتعلق بإهمال صيانة المحطات وكابلات التوزيع، أكثر من مشكلات إمدادات الوقود التي كانت سائدة في الأعوام الماضية، لافتاً إلى أن وزارة الكهرباء لم تخصص الميزانيات اللازمة للصيانة في الشتاء، رغم علمها بأن المشكلة موسمية ومتكررة.
وكشف المصدر أن استهلاك الكهرباء تجاوز خلال الأيام الماضية حاجز 38 ألف ميغاوات، وهو من أعلى المعدلات في تاريخ البلاد، بفعل الاستخدام الكثيف لأجهزة التكييف والتبريد.
وأشار إلى أن توافد نحو 20 مليون وافد من دول عربية مختلفة، ممن لا يلتزمون بثقافة ترشيد الاستهلاك، يفاقم الأزمة، محذراً من كارثة في السنوات المقبلة إذا استمر الوضع على حاله.
وشهدت محافظة الجيزة أزمة مزدوجة في الكهرباء والمياه، إذ أدى احتراق كابل الكهرباء الرئيسي المغذي لمحطة المياه إلى توقفها جزئياً، وانقطاع التيار عن مناطق مأهولة مثل الحوامدية وبولاق وكفر الجبل.
ورغم إعلان الوزارة إصلاح العطل، خرج الكابل مجدداً عن الخدمة، ما تسبب في انقطاع استمر أربعة أيام عن مناطق الهرم وفيصل والعمرانية والجيزة وأبو النمرس.
وبقيت المحطة تعمل بكابلين فقط، في انتظار استكمال مد مصدر تغذية ثالث عبر مسار معقد يمر أسفل مترو الأنفاق وخطوط السكك الحديدية، وهو مشروع لن يكتمل قبل أسابيع، وفق بيان رسمي.
وفي السياق، تقدم النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، بسؤال عاجل إلى رئيس الوزراء ووزراء الكهرباء والطاقة المتجددة والمالية والإسكان، بشأن استمرار شكاوى المواطنين من الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه في الجيزة لمدد طويلة، وصلت في بعض مناطق العمرانية إلى يومين متواصلين، متسببة في تلف الأجهزة الكهربائية وإفساد الأغذية.
عجز الصيانة وتمويل القطاع
أشار النائب إلى أن الاستثمارات والقروض والمنح التي تجاوزت 60 مليار دولار كان يفترض أن تُسهم في معالجة أزمة العملة الصعبة ولو بشكل مؤقت، لكن الأعطال الأخيرة جاءت مخيبة لآمال المواطنين، رغم إعلان وزارة الكهرباء بلوغ الطاقة الإنتاجية 48 ألف ميغاوات وتحقيق فائض يسمح بالتصدير.
وفي السياق، كشف مصدر مطلع بوزارة الكهرباء أن القطاع يواجه هذا العام أزمات غير مسبوقة منذ سنوات، نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، والحاجة الماسة لصيانات شاملة للمحطات ومناطق التوزيع، ما أدى إلى ضغط شديد على الشبكات وتكرار انقطاعات التيار.
وأضاف أن الوزير وجّه بعدم تكرار مشاهد الظلام الدامس بشكل مركز أو في توقيتات موحدة، تجنباً لإثارة الرأي العام، لكن ضعف الصيانة فاقم الأزمة.
وأوضح المصدر أن أعمال الصيانة الشاملة تأجلت لسنوات، وكان من المقرر تمويلها عبر زيادة فواتير الكهرباء، إلا أن خطط رفع الدعم لم تُنفذ بالكامل خشية السخط الشعبي.
وأشار إلى أن الانقطاعات تتزايد في المناطق التي تعاني محطاتها من أعطال فنية، مثل محافظات الصعيد وبعض مناطق الدلتا، في إطار تخفيف أحمال غير معلن وغير منتظم، لكنه شبه يومي.
وبيّن أن قطع التيار بشكل دوري في بعض المناطق يهدف لتجنب تلف الأجهزة الكهربائية، إذ تؤدي الأعطال في كابلات التوزيع إلى ضعف التيار أو انقطاعه لثوانٍ ثم عودته، ما يضر بالأجهزة. ومع تزايد الشكاوى، صدرت تعليمات بتخفيف الأحمال بشكل دوري على المناطق التي تعاني بنية تحتية متهالكة.
كما لفت إلى تراكم مشكلات الوزارة نتيجة عدم تحصيل مديونياتها الكبيرة من الجهات الحكومية والصناعية، وتوسع سرقات الكهرباء في ظل عجز المواطنين عن سداد الفواتير، فضلاً عن الفساد الإداري، وعدم الالتزام بخطط تعميم العدادات الذكية التي أُعلن عنها قبل نحو عشر سنوات.
وأضاف أن الوزارة لا تعطي أولوية لصيانة المحطات وكابلات التوزيع في المناطق الشعبية والقرى، مقابل الحرص على استقرار الخدمة في الأحياء الراقية.
وختم المصدر بأن الحكومة ترفض زيادة موازنة الوزارة، وتعتمد فقط على رفع أسعار الشرائح، وهو خيار لم يعد مجدياً، خاصة بعد تأجيل الزيادة المقررة منذ بداية العام، لاقتناع جهات رسمية بعدم قدرة المواطنين على تحملها، ما يفاقم جرائم التهرب من الدفع، ويجعل إيجاد موارد حكومية بديلة ضرورة ملحة لضمان صيانة المحطات وتطوير الشبكات دون تحميل المواطنين أعباء إضافية.
اعتماد متزايد على الغاز الإسرائيلي
يبلغ عدد مشتركي الكهرباء في مصر نحو 40.7 مليون مشترك، من بينهم 15.9 مليون يمتلكون عدادات مسبقة الدفع، بما يعادل 39% من إجمالي المشتركين، وفق بيانات سابقة لوزارة الكهرباء.
وسجل الاستهلاك اليومي للكهرباء مستوى قياسيًا بلغ 38.8 ألف ميغاوات، مقارنة بأقصى زيادة في الأحمال العام الماضي البالغة 38 ألف ميغاوات، بحسب تقارير المركز القومي للتحكم في الطاقة.
ومنذ عام 2016، تنفذ الحكومة خطة لرفع الدعم تدريجيًا عن أسعار شرائح الكهرباء، تماشيًا مع اتفاقاتها مع صندوق النقد الدولي، على أن تعتمد في نهاية الخطة الحالية زيادات جديدة تتراوح بين 15 و45% اعتبارًا من أكتوبر المقبل، وفق شريحة الاستهلاك، بحسب تقارير إعلامية. ورغم تأكيد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مرارًا أن الحكومة لن تلجأ لتخفيف الأحمال هذا الصيف، فإنه لم يستبعد حدوث انقطاعات في بعض المناطق بسبب “عوارض طارئة” مثل ارتفاع درجات الحرارة أو خروج بعض المحولات عن الخدمة.
وبحسب مصدر في إحدى شركات الكهرباء، ركزت الحكومة في السنوات الماضية على التوسع في إنشاء محطات توليد الكهرباء، لكنها لم تطور شبكات التوزيع أو تضع خططًا فعّالة للطوارئ.
وأشار إلى أن كثيرًا من المحطات ستحتاج خلال السنوات الثلاث المقبلة لصيانة شاملة، خصوصًا أن الاعتماد على المازوت بنسبة تصل أحيانًا إلى 40% يؤثر سلبًا على كفاءة الشبكات، وهو ما دفع الحكومة هذا العام للعودة إلى النسب الطبيعية (80% غاز طبيعي و20% مازوت) مع العمل على حل مشكلات توفير الوقود.
وأوضح المصدر أن عدم انقطاع الكهرباء عن المناطق الراقية يعود إلى حداثة إنشائها وتزويدها بأنظمة تحكم متقدمة، فضلًا عن انخفاض الكثافة السكانية فيها، على عكس المناطق الشعبية ومدن المحافظات.
كما تحظى المناطق السياحية ومدن مثل العلمين والساحل الشمالي بأولوية في استقرار الخدمة لضمان عدم تأثر القطاع السياحي. وأضاف أن احتراق الكابلات في بعض المناطق الشعبية سببه زيادة الأحمال اليومية على خطوط قديمة غير مطورة، حيث تنقل هذه الكابلات الكهرباء من المحطات إلى المحولات ومنها إلى المستهلك، ومع ارتفاع الاستهلاك ترتفع مخاطر تلفها.
وأشار إلى أن فاتورة استيراد المازوت والغاز في أشهر الصيف تصل إلى مليار دولار شهريًا، دون أن ينعكس ذلك على شعور المواطنين بتحسن الخدمة بسبب الأعطال المتكررة.
وتواجه مصر أزمة انقطاع متكرر للتيار منذ صيف 2023، حين بدأت الحكومة خطة لتخفيف الأحمال عبر فصل التيار ساعة يوميًا، قبل أن ترفع المدة إلى ساعتين وأحيانًا أربع ساعات خلال صيف 2024، إلى أن أوقفتها في يوليو من العام نفسه.
ومع تراجع إنتاج الغاز المحلي، اضطرت البلاد إلى زيادة الاعتماد على الواردات الإسرائيلية التي تمثل حاليًا ما بين 40 و60% من إجمالي واردات الغاز، وما نسبته 15 إلى 20% من الاستهلاك المحلي، وفق “رويترز“.
*مكاسب إسرائيل من صفقة الغاز مع مصر
طرحت صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل، التي تم توقيعها يوم 7 أغسطس/آب الجاري، بقيمة 35 مليار دولار، تساؤلات حول الرابحين والخاسرين منها. وبدأت وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية تحصي مكاسب وخسائر كل طرف، مؤكدة أن صفقة الغاز بين القاهرة وتل أبيب تمنح دولة الاحتلال مكاسب اقتصادية هائلة، وتجعلها لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة، بينما تحول مصر إلى رهينة للغاز الإسرائيلي وبوابة مرور تخدم مصالح الغير. فقد وصف الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد الإسرائيلية، أحد الشركاء في حقل ليفياثان، يوسي أبو، في تصريح لصحيفة غلوبس العبرية، 8 أغسطس الحالي، الاتفاقية بأنها “منجم أموال للإسرائيليين”، حيث ستدفع مصر 35 مليار دولار على مدار 14 عاماً لإسرائيل مقابل الغاز، وأشار إلى أنها سوف تجلب “أموالاً كثيرة للإسرائيليين، ولخزينة الدولة”، حيث ستدفع “نيوميد”، أيضاً من مكاسبها من مصر، ملايين الدولارات لوزارة المالية الإسرائيلية في صورة عوائد ورسوم وضرائب تذهب للإسرائيليين.
عوائد تذهب إلى خزائن الاحتلال
وأوضح الرئيس التنفيذي أن الشركة دفعت 205 ملايين شيكل من جميع أنواع العوائد والرسوم والضرائب في الربع الثاني من عام 2025، ووصل إجمالي ما دفعته إلى خزينة الدولة الإسرائيلية منذ بداية عام 2025 إلى 428 مليون شيكل (الدولار = 3.41 شواكل). كما أكد يوسي أبو أهمية صفقة الغاز كأنها مرساة لخلق التطبيع مع الدول العربية خاصة مصر، موضحاً أن إسرائيل تستهدف ذلك التطبيع الاقتصادي مع العالم العربي. أيضاً قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، 7 أغسطس الجاري، إن الصفقة مُربحة بصورة كبيرة لإسرائيل، حيث سينتج منها “تحويل مئات الملايين من الشواكل من عائدات الغاز والضرائب إلى خزائنها“. ولفتت إلى أنه “مقابل مضاعفة الصفقة لكمية الغاز الطبيعي السنوية الموردة من حقل ليفياثان البحري إلى مصر إلى ثلاثة أمثالها تقريباً، فهي سوف تسهم في تعزيز إيرادات الدولة الإسرائيلية من عوائد هذه الصفقة“.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست، 7 أغسطس الحالي، عن المساهم المسيطر في مجموعة ديليك الإسرائيلية، إسحق تشوفا، قوله: “بالنسبة لنا، لا يُعد هذا إنجازاً تجارياً استثنائياً فحسب، بل هو أيضاً إنجاز تاريخي يُعزز التعاون الإقليمي”، ومجموعة ديليك هي شركة قابضة إسرائيلية متعددة الجنسيات، وشركة نيوميد تابعة لها. وقد أثير جدل في إسرائيل حول قدرتها على الوفاء بالكميات الضخمة في الصفقة لمصر وتأثيرها على احتياجات الاحتلال من الغاز. وقالت صحيفة هآرتس، 8 أغسطس الحالي، إن الاتفاقية الجديدة تعني أن ينتج حقل ليفياثان الإسرائيلي حوالي 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي أكثر من ضعف الإنتاج الأصلي.
وبيّنت أن الاتفاقية ستؤدي بذلك إلى نضوب احتياطيات إسرائيل من الغاز الطبيعي في غضون 20 عاماً تقريباً، وفقاً تقرير لجنة وزارية إسرائيلية بحثت الأمر. وذكرت أنه منذ بدء الإنتاج في حقل ليفياثان، استقبلت السوق المصرية ما يقارب 23.5 مليار متر مكعب من غاز الحقل. ويورد الحقل حالياً 4.5 مليارات متر مكعب سنوياً بموجب عقود طويلة الأجل. وبموجب بنود الصفقة الموقعة بين الطرفين، ستُزوَّد مصر بنحو 22% من سعة خزان ليفياثان، ونحو 13% من إجمالي سعة الغاز لدى دولة الاحتلال، وفق “غلوبس“.
خبر سار للاقتصاد الإسرائيلي
بسبب هذه المكاسب الإسرائيلية الضخمة من الصفقة، فقد وصف وزير الطاقة، إيلي كوهين، الصفقة مع مصر بأنها “خبر سار للاقتصاد الإسرائيلي، سيُدر مليارات الدولارات على خزينة الدولة، ويخلق فرص عمل، ويعزز الاقتصاد”. وقال إنها “أكبر صفقة غاز في التاريخ”، واعتبر أنها “خبر مهم أمنياً وسياسياً واقتصادياً”، و”أخبار رائعة للاقتصاد الإسرائيلي، ستجلب مليارات الدولارات إلى خزائن الدولة”. وأضاف أن “هذا يرسخ مكانتنا قوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة، والتي يعتمد عليها جيراننا ويحتاجون إلينا”، مشيراً إلى أن “اقتصاد الغاز الطبيعي، هو أحد الأصول الاستراتيجية لإسرائيل“.
وكان كوهين قد لمح في ديسمبر/ كانون الأول 2024، إلى “الدور السياسي والاقتصادي” للغاز الإسرائيلي، حيث كتب معلقاً على إنشاء خط ثالث لتصدير الغاز لمصر، عبر منصة إكس، بقوله إن “الطاقة الإسرائيلية قوة سياسية”. وكتب الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين: “بهذا المبلغ الذي ستدفعه مصر في الصفقة (35 مليار دولار) ستشتري إسرائيل سرب طائرات إف 35 وتصنع 100 دبابة وتشتري مئة ألف صاروخ ومليون رشاش“.
رفع السعر مكسب لتل أبيب
وركزت صحف الاحتلال على أن تل أبيب هي الرابح الأكبر من الصفقة من زاويتين: الأولى هي نجاح إسرائيل في رفع سعر الغاز على مصر بنسبة 14.8% في الصفقة الجديدة المعدلة، والثانية، تتمثل في خسائر مصر في هذه الاتفاقية، “إلغاء بند رئيسي كان يمنح مصر الحق في تقليل الكميات المستوردة من إسرائيل إذا انخفض سعر خام برنت عن 50 دولاراً للبرميل”. ويعني هذا البند أن مصر ستظل ملزمة بدفع كامل قيمة الصفقة وفقاً للأسعار المحددة حالياً، حتى إذا تراجعت الأسعار مستقبلاً أو انخفضت حاجة البلاد إلى الغاز، وفق صحيفة جيروزاليم بوست في 7 أغسطس الجاري.
ووفقاً لنص الاتفاقية، يجري الاعتماد على صيغة Take or Pay، وهو بند شائع في عقود الطاقة، يُلزم المستورد بدفع قيمة كميات الغاز المتفق عليها سنوياً، سواء تسلّمها بالفعل أو لم يفعل لانخفاض الحاجة أو الأسعار، وهو ما يضمن دخلاً ثابتاً ومستقراً لإسرائيل على حساب مصر، بغض النظر عن التغيرات في السوق أو مدى حاجة القاهرة لما ستستورده من غاز. وفي السنوات الماضية، كانت مصر تستورد الغاز من إسرائيل بأسعار تتراوح بين 5.5 إلى 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
وكانت تل أبيب تطالب بزيادة سعر توريد المليون وحدة حرارية لأكثر من ثمانية دولارات، وقتما كان سعر السوق ما بين أربعة وخمسة دولارات، واستغلت حرب غزة وأوقفت التصدير إلى مصر، بحجة الحرب، لممارسة ضغوط لرفع السعر. وكان سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر يبلغ حوالي 6.70 دولارات، ومع ذلك، طلبت إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25%. وفقاً للعقد، من المقرر أن يتم تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز (الإسرائيلي) إلى مصر حتى عام 2040، بدلاً من حوالي 64 مليار متر مكعب تم الاتفاق عليها عام 2018، وزيادة كمية الاستيراد من 850 مليون قدم مكعبة إلى 1.7 مليار.
*بيع أراضي النيل خصخصة واجهة مصر المائية لصالح الجيش والصندوق السيادي
في خطوة تعكس توجهاً متصاعداً لبيع الأصول العامة وتحويلها إلى مشروعات تجارية مغلقة، قررت حكومة الانقلاب إعادة طرح الأراضي الشاغرة على ضفاف النيل في القاهرة الكبرى، خاصة في محافظتي الجيزة والقليوبية، أمام المستثمرين من القطاع الخاص. القرار جاء بعد سحب سلطة وزارة الري في الإشراف على هذه الأراضي، ومنحها للشركة الوطنية لحماية الشواطئ والمسطحات المائية التابعة للجيش، إلى جانب نقل ملكية الأراضي السياحية والفندقية إلى شركات تابعة لصندوق مصر السيادي.
الخطوة، التي ناقشها رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي في اجتماع موسع الأحد، استهدفت حصر وتقييم جميع المساحات غير المستغلة على كورنيش النيل، تمهيداً لطرحها كفرص استثمارية “جاهزة”، في إطار ما تصفه الحكومة بـ”تعظيم العائد من أصول الدولة”. لكن المراقبين يرونها امتداداً لسياسة نقل الأصول العامة إلى أيدي الجيش أو الصندوق السيادي، تمهيداً لخصخصتها أو استثمارها في مشروعات ترفيهية وتجارية عالية الربحية، لا تخدم إلا شرائح محدودة.
من المساحات الخضراء إلى كافيهات ومولات
على مدى العامين الماضيين، شهدت مناطق واسعة من كورنيش النيل عمليات تجريف وردم لحدائق تاريخية وأجزاء من النهر، لتحويلها إلى تجمعات مطاعم وكافيهات مؤجرة لشركات خاصة، كثير منها يديرها ضباط سابقون. حي الزمالك كان مثالاً صارخاً، إذ قُطعت حدائقه القديمة لتفسح المجال لمواقف سيارات ومطاعم مطلة على النيل، ما أثار غضب السكان وتقدمهم بشكاوى رسمية بلا جدوى.
كما شمل التوجه بيع أراضي الشركة المصرية لتجارة الأدوية (40 ألف م² شمالي القاهرة) المطلة على مشروع “ممشى أهل مصر”، لتحويلها إلى أبراج سكنية فاخرة، مع نقل نشاط الشركة إلى مناطق أخرى.
ممشى أهل مصر.. مشروع سياحي أم إقصاء اجتماعي؟
مشروع “ممشى أهل مصر” الذي دُشنت مرحلته الأولى في 2022، جاء على حساب أصحاب المراكب النيلية الصغيرة، الذين فقدوا مصدر رزقهم، وعلى حساب حق المواطنين في الوصول الحر للنيل. نصف الممشى أُغلق لصالح المطاعم، وفرضت رسوم دخول، في مخالفة للمادة الدستورية التي تحظر التعدي على حرمة النهر.
البعد الاستراتيجي لبيع الأراضي
محللون يرون أن بيع هذه الأراضي الشاغرة، خاصة السياحية والفندقية، ونقلها إلى صندوق مصر السيادي، ليس مجرد استثمار، بل إعادة هيكلة لملكية الأصول العامة بعيداً عن الرقابة البرلمانية والمحاسبية، إذ يتمتع الصندوق بسلطات بيع أو تأجير هذه الأصول لشركاء محليين أو أجانب بشروط غير معلنة. هذه الخطوة توفر سيولة سريعة للدولة، لكنها في الوقت نفسه تعني فقدان أصول استراتيجية لا يمكن تعويضها، خصوصاً أن الأراضي النيلية تعد من أغلى وأندر الأصول في البلاد.
كما أن منح الجيش سلطة مباشرة على ضفاف النيل يكرّس دوره كلاعب اقتصادي مسيطر، ويغلق الباب أمام أي استثمار لا يمر عبر قنواته، بينما يحوّل واجهة مصر المائية إلى فضاءات نخبوية مغلقة، بدلاً من كونها متنفساً عاماً للمواطنين.
*توفيق عكاشة يتهم نظام السيسي بالإضطهاد منذ 2015
أشعل الإعلامي المصري توفيق عكاشة الجدل على منصة “إكس” بعد نشره تغريدة حادة اللهجة، قال فيها إنه يتعرض لـ”اضطهاد شديد” من قبل النظام الحاكم في مصر ومؤسساته وحكومته، بسبب معارضته لهم منذ عام 2015 وحتى الآن.
وأضاف عكاشة في تغريدته أنه تحدث مرارًا عن الأمر دون أن يجد أي استجابة من جانب السلطة، مؤكدًا أنه يشتكيهم جميعًا إلى “الله رب العرش العظيم”.
وتأتي تصريحات عكاشة بعد سنوات من ابتعاده عن المشهد الإعلامي والسياسي، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الرسالة تمهيدًا لعودة إلى دائرة الجدل أو خطوة لإعادة تسليط الضوء على خلافاته مع السلطة.
تغريدته حصدت تفاعلًا واسعًا بين متعاطفين اعتبروا ما يقوله “صرخة حق”، وبين من رأوا أنها “عودة مثيرة” لشخصية اعتادت إثارة الجدل في الساحة المصرية.
*سياسات الإفقار تقتل الشباب بلا رحمة… غرق مركب هجرة غير شرعية بينهم 8 مصريين أمام سواحل طبرق الليبية
في حادث مأساوي جديد يضاف إلى سلسلة المآسي التي تشهدها مياه البحر المتوسط، لقي 21 شخصًا مصرعهم بينهم 8 مصريين و2 سودانيين، بعد غرق مركب كان يقل 79 مهاجرًا غير شرعي قبالة سواحل مدينة طبرق الليبية.
الحادث وقع في الساعات الأولى من صباح الجمعة، حين انقلب المركب الخشبي الصغير نتيجة الأحوال الجوية السيئة وحمولته الزائدة، في مشهد يختصر رحلة الموت التي يسلكها مئات الفقراء سنويًا بحثًا عن حياة أفضل.
رحلة محفوفة بالموت
المركب، وفق روايات الناجين، انطلق من شاطئ غير مراقب بالقرب من مدينة طبرق في محاولة للوصول إلى الشواطئ الإيطالية.
لكن الرحلة لم تكتمل؛ إذ انقلب القارب بعد ساعات من الإبحار، ليلقى العشرات مصيرهم في قاع البحر، بينما تمكن خفر السواحل الليبي وبعض الصيادين المحليين من إنقاذ عدد محدود من الركاب.
أحد الناجين المصريين قال: “الموت كان أهون من الحياة اللي عايشينها… كنا بنحلم نوصل لإيطاليا، لكن البحر كان أسرع”.
ضحايا من كل الجنسيات… لكن الغالبية مصريون
الحادث أظهر مرة أخرى أن المصريين باتوا من بين الجنسيات الأكثر تمثيلًا في قوارب الهجرة غير الشرعية المنطلقة من ليبيا.
من بين الضحايا 8 مصريين، إضافة إلى 2 سودانيين والباقي من جنسيات إفريقية أخرى.
هذا التنوع يعكس أن الأزمة لم تعد تخص بلدًا بعينه، بل صارت جزءًا من مأساة إقليمية أكبر، حيث تتدفق أفواج الفقراء إلى سواحل ليبيا بحثًا عن قارب ينقلهم إلى أوروبا.
حصيلة مأساوية منذ 2024
بحسب بيانات منظمات إنسانية، فإن حوادث غرق المهاجرين المصريين شهدت تصاعدًا ملحوظًا منذ بداية 2024.
فقد لقي أكثر من 500 مهاجر مصري مصرعهم خلال العام الماضي في مياه المتوسط، معظمهم انطلقوا من السواحل الليبية.
وفي الأشهر الثمانية الأولى من 2025، قُتل ما لا يقل عن 180 مصريًا في حوادث مماثلة.
هذه الأرقام، على الرغم من فداحتها، لا تشمل المفقودين الذين لم يتم العثور على جثامينهم، ما يجعل العدد الحقيقي أكبر بكثير.
الهروب من جحيم الداخل
يقول محللون إن تصاعد الهجرة غير الشرعية بين المصريين يعكس انهيار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
فمع معدلات البطالة المتفاقمة، وارتفاع الأسعار الجنوني، وتآكل الطبقة الوسطى، يجد الكثير من الشباب أنفسهم بلا أفق أو مستقبل داخل مصر.
الناشط الحقوقي محمد سلطان علق على الحادث قائلًا: “حين يحكمك نظام لا يرى الشعب إلا عبئًا، تصبح قوارب الموت هي الخيار الأخير للنجاة… حتى لو كان الثمن حياتك”.
الفقر كدافع أساسي
المفارقة المؤلمة أن معظم هؤلاء المهاجرين يعرفون تمامًا مخاطر الرحلة، لكنهم يختارون خوضها لأن الحياة في الداخل باتت أشبه بالموت البطيء.
راتب الحد الأدنى في مصر، الذي لا يتجاوز بضعة آلاف من الجنيهات، لم يعد يكفي لتغطية أبسط احتياجات الأسرة، في ظل تضخم قياسي وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
أحمد، شقيق أحد الضحايا، قال: “أخويا كان بيشتغل 12 ساعة في اليوم علشان يوفر أكل لعياله، ومع ذلك كان بيستلف آخر الشهر… لما جاتله فرصة يسافر من ليبيا، ما فكرش مرتين”.
ليبيا… بوابة الموت للمصريين
منذ تشديد الرقابة على السواحل المصرية، تحولت ليبيا إلى الوجهة الرئيسية لانطلاق قوارب الهجرة غير الشرعية للمصريين.
الفوضى الأمنية في ليبيا، وضعف الرقابة على بعض المناطق الساحلية، جعلاها بيئة مثالية لشبكات التهريب التي تستغل معاناة الفقراء لتحقيق أرباح طائلة.
تتقاضى هذه الشبكات مبالغ تتراوح بين 3 و5 آلاف دولار عن كل مهاجر، في رحلة غالبًا ما تنتهي إما بالغرق أو الاعتقال.
الوعود الحكومية… والواقع المرير
على الرغم من تصريحات الحكومة المصرية المتكررة عن مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتأكيدها نجاحها في “تصفير” هذه الظاهرة منذ سنوات، فإن الأرقام والحوادث تكشف عن عكس ذلك.
فالمصريون ما زالوا يموتون في عرض البحر، وما زالت القوارب تنطلق من ليبيا محملة بهم، وهو ما يكشف أن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي، وأن جذور الأزمة تكمن في الداخل.
ردود الفعل الغاضبة
مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بموجة غضب وحزن بعد انتشار أخبار الحادث، حيث كتب الصحفي المعارض بلال فضل: “لا يسع المصريين إلا أن يهربوا من جحيم السيسي… حتى لو كان البحر هو قبرهم”.
وغرّد الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: “كل قارب يغرق هو شهادة إدانة للنظام… مصر أصبحت طاردة لشبابها”.
جرح لا يلتئم
أسر الضحايا الذين تم التعرف على هوياتهم يعيشون الآن أيامًا من الألم، في انتظار استلام جثامين أبنائهم. كثير منهم لا يعرفون حتى أين ستدفن الجثث، أو إذا كانت ستصل أصلًا.
أم أحد الضحايا المصريين قالت وهي تبكي: “ابني راح علشان يجيب لقمة عيش، رجعولي في كفن… ومش عارفين حتى نودعه”.
وفي النهاية فإن حادثة طبرق ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما بقيت الأسباب التي تدفع الشباب إلى ركوب البحر قائمة: الفقر، القمع، انعدام الأمل. ففي بلد يضيق بأبنائه، يصبح البحر هو المنفذ الوحيد، حتى لو كان ثمنه الحياة نفسها.
كما إن استمرار هذه المآسي هو دليل على فشل منظومة الحكم في توفير أدنى مقومات العيش الكريم، ونجاحها فقط في دفع أبنائها إلى البحث عن الأمل في عرض البحر… أو في قاعه.