ترامب ونتنياهو يتلاعبان بالسيسي وترامب تعمّد تسفيه السيسي وصافحه باليسرى وبيان شرم الشيخ الرئاسي تجاهل إنهاء احتلال غزة وبلا ضمانات للفلسطينيين.. الثلاثاء 14 أكتوبر 2025م.. السيسي يسلح مجموعات قبلية فى سيناء خارج القانون ويخالف القوانين والدستور باعتقال الصحفيين

ترامب ونتنياهو يتلاعبان بالسيسي وترامب تعمّد تسفيه السيسي وصافحه باليسرى وبيان شرم الشيخ الرئاسي تجاهل إنهاء احتلال غزة وبلا ضمانات للفلسطينيين.. الثلاثاء 14 أكتوبر 2025م.. السيسي يسلح مجموعات قبلية فى سيناء خارج القانون ويخالف القوانين والدستور باعتقال الصحفيين

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

* تدهور خطير في صحة المعتقل صالح عايد داخل “ليمان المنيا”

تشهد سجون عبدالفتاح السيسي، موجة جديدة من الانتقادات الحقوقية بعد ورود أنباء مؤكدة عن تدهور الحالة الصحية للمعتقل السياسي صالح عايد ربيع، البالغ من العمر 40 عامًا، والمحتجز منذ أكثر من 12 عامًا داخل سجن المنيا العمومي (ليمان 1)، في ظل ما وصفته منظمات حقوقية بـ”الإهمال الطبي المتعمّد” و”الحرمان الممنهج من الرعاية الصحية”.

وأفادت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيانٍ رسمي أنها رصدت واستوثقت من خلال استغاثة عاجلة تقدّمت بها أسرة المعتقل، تدهور حالته الصحية بشكل بالغ الخطورة، مؤكدة أن إدارة السجن ترفض نقله إلى مستشفى متخصص أو السماح بعرضه على طبيب مختص رغم تفاقم وضعه الصحي. 

إصابة بورم وإهمال طبي متواصل
ووفقًا لشهادة أسرته، فقد بدأ التدهور الصحي للمعتقل منذ قرابة عام بعد ظهور ورم في منطقة الرقبة، لكن إدارة السجن تجاهلت تمامًا حالته وامتنعت عن اتخاذ أي إجراء طبي مناسب. ومع مرور الوقت، انتشر الورم في أنحاء جسده، ما تسبب في تدهور حاد بوظائفه الحيوية وظهور أعراض خطيرة تشمل انخفاض ضغط الدم وارتفاعًا مستمرًا في درجة الحرارة، دون أن يتلقى سوى بعض المسكنات.

وأكدت الأسرة أن إدارة السجن تمنع نقله إلى مستشفى حكومي أو تخصصي في علاج الأورام، رغم تقديمها العديد من الطلبات الرسمية، معتبرة أن هذا الإهمال “يهدف إلى تصفية المعتقلين سياسيًا بطريقة غير مباشرة”. 

مسؤولية رسمية ومطالبة بإنقاذ عاجل
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان حمّلت مصلحة السجون وإدارة سجن ليمان المنيا 1، والنائب العام، المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقل، وطالبتهم بـ التدخل الفوري لنقله إلى مستشفى حكومي متخصص وتقديم الرعاية الطبية العاجلة له.

وأشارت الشبكة إلى أن حالة صالح ربيع تمثل “نموذجًا صارخًا لواقع السجون التي تعاني من تدهور الرعاية الصحية وتفشي الإهمال الطبي”، مؤكدة أن ذلك “يعرّض حياة آلاف السجناء للخطر، في انتهاك واضح للدستور المصري والمواثيق الدولية”. 

انتهاك صارخ للمواثيق الدولية
منظمات حقوقية محلية ودولية أكدت أن ما يجري داخل السجون يتنافى مع التزامات مصر الدولية، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقواعد نيلسون مانديلا التي تنص على حق السجناء في تلقي العلاج الطبي المكافئ لما يُقدَّم خارج السجون.

ويحذر حقوقيون من أن استمرار تجاهل هذه القواعد “يكرّس سياسة الإفلات من العقاب ويحوّل السجون إلى أماكن للعقاب الجسدي والنفسي”، مطالبين بإجراء تحقيق شامل ومستقل في وقائع الإهمال الطبي بالسجون ومحاسبة المسؤولين عنها. 

دعوات لفتح ملف الرعاية الصحية في السجون
وجددت الشبكة المصرية دعوتها إلى فتح تحقيق عاجل وشامل في أوضاع الرعاية الصحية داخل السجون وأماكن الاحتجاز، مشددة على ضرورة إلزام وزارة الداخلية ومصلحة السجون بتطبيق أحكام الدستور التي تضمن الحق في الحياة والعلاج والرعاية الصحية لكل مواطن، بمن فيهم المحرومون من حريتهم.

واختتمت الشبكة بيانها بالتأكيد على أن إنقاذ حياة المعتقل صالح عايد ربيع مسؤولية إنسانية ووطنية عاجلة، مطالبة المجتمع الحقوقي المحلي والدولي بـ”عدم الصمت إزاء هذه الجريمة البطيئة التي تُرتكب خلف الأسوار”.

 

*تصفية خمسة مواطنين برصاص قوات الأمن في أسوان

أقدمت الأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية على حملة اعتقالات طالت اثنين من أقارب أحد ضحايا جريمة التصفية الجسدية في مركز إدفو بمحافظة أسوان، إلى جانب توقيف صاحب الكاميرا التي وثّقت الجريمة التي هزّت الرأي العام، في خطوة اعتبرها مراقبون “رسالة تهديد” لكل من يسعى إلى كشف الحقيقة أو توثيق الانتهاكات.

وتأتي الاعتقالات الجديدة عقب انتشار مقطع فيديو صادم يُظهر لحظة إطلاق النار من قِبل قوات الأمن على سيارة مدنية تقل خمسة مواطنين، قبل أن تشتعل فيها النيران وتتفحم جثثهم بالكامل. المقطع الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أعاد إلى الواجهة ملف “القتل خارج نطاق القانون” في مصر، وأثار موجة غضب شعبي وحقوقي واسعة، خصوصًا بعد بيان وزارة الداخلية الذي وصفه كثيرون بأنه “محاولة بائسة لتبرير جريمة مكتملة الأركان”. 

اعتقالات انتقامية جديدة
أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان رسمي أنها وثّقت قيام قوات الأمن المصرية بالقبض على:

  • محمد محمود عبدالعظيم (33 عامًا) – شقيق الضحية أحمد محمود عبدالعظيم، أحد الخمسة الذين لقوا حتفهم في واقعة التصفية الجسدية بتاريخ 27 سبتمبر الماضي على طريق الزراعة في وادي الصعايدة بإدفو.
  • طارق أحمد عبدالعظيم (32 عامًا) – ابن عم الضحية، ويعمل في المملكة العربية السعودية، حيث تم القبض عليه أثناء وجوده في مصر لقضاء إجازة قصيرة، واحتُجز داخل مركز شرطة إدفو دون إعلان أي أسباب قانونية أو توجيه اتهامات رسمية له حتى اللحظة.
  • كما طالت الحملة المهندس هيثم أبو المجد (35 عامًا) – صاحب المخزن الذي التقطت كاميراته مقطع الفيديو الموثّق للجريمة – حيث وُجهت إليه اتهامات ملفقة بعد تداول المقطع المصوّر الذي كشف حقيقة ما جرى.

ووفقًا لشهادات محلية، نفّذت قوات الأمن المداهمات مساء الخميس 9 أكتوبر الجاري في قرية البصلية التابعة لمركز إدفو، وجرى اقتياد المعتقلين الثلاثة إلى مركز الشرطة قبل أن يتم ترحيل محمد محمود إلى القاهرة يوم السبت الماضي في ظروف غامضة. حتى الآن، لا تعلم أسرته مكان احتجازه، ولم يُسمح لمحاميه بلقائه أو التواصل معه. 

جريمة تهز الرأي العام
تعود الواقعة التي أشعلت الغضب إلى مساء 27 سبتمبر الماضي، حين طاردت قوات أمن سيارة مدنية على طريق وادي الصعايدة الزراعي، وأطلقت عليها وابلًا من الرصاص أدى إلى احتراقها بالكامل ومصرع جميع من بداخلها في مشهد مروّع وثّقته كاميرات المراقبة التابعة لإحدى المزارع القريبة.

وعلى الرغم من ظهور الأدلة المصوّرة، سارعت وزارة الداخلية إلى إصدار بيان في اليوم التالي زعمت فيه أن السيارة كانت “تحمل كمية كبيرة من المواد المخدّرة”، في محاولة لتبرير استخدام القوة المميتة. غير أن شهود عيان وأقارب الضحايا أكدوا أن القتلى كانوا من أبناء المنطقة المعروفين بحسن السمعة والسلوك، ولم يسبق اتهامهم في أي قضايا جنائية. 

قمع الشهود بدلًا من محاسبة الجناة
ترى الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن حملة الاعتقالات الأخيرة تمثل نمطًا ممنهجًا من استهداف الشهود وأهالي الضحايا في قضايا الانتهاكات الجسيمة، بدلًا من التحقيق مع المتورطين في الجريمة، وعلى رأسهم الضابط محمد همام، الذي تشير المعلومات إلى مسؤوليته المباشرة عن إطلاق النار على السيارة.

وأكدت الشبكة في بيانها أن “قيام السلطات بالقبض على أقارب الضحايا وصاحب الكاميرا ليس إلا محاولة مكشوفة لإخفاء الأدلة ومنع تداول الحقيقة”، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تكرّس لنهج القمع الممنهج وتهدد ما تبقّى من مساحة لحرية التعبير أو المطالبة بالمحاسبة. 

مطالب عاجلة من السلطات
وطالبت الشبكة المصرية كلاً من النائب العام المستشار محمد شوقي ووزير الداخلية بالتدخل العاجل من أجل: الإفراج الفوري وغير المشروط عن المواطنين الثلاثة المحتجزين تعسفيًا، وفتح تحقيق مستقل وشفاف في واقعة التصفية الجسدية التي راح ضحيتها خمسة مواطنين أبرياء، ومحاسبة جميع المسؤولين عن الجريمة، وعن محاولة التستر عليها وترويج روايات كاذبة لتشويه سمعة الضحايا.

كما شددت الشبكة على أن استمرار سياسة “القتل خارج نطاق القانون” و”تلفيق التهم” بحق الشهود والضحايا يُقوّض الثقة في مؤسسات العدالة، ويهدد الأمن المجتمعي على المدى الطويل، مؤكدة أن “العدالة لا تتحقق بالرصاص، بل بالمحاسبة وسيادة القانون”. 

“اغتيال مرتين”
واختتمت الشبكة بيانها بالقول إن الضحايا الخمسة “تعرّضوا للاغتيال مرتين”: الأولى حين أُطلقت عليهم النار دون محاكمة أو مبرر قانوني، والثانية حين اغتالت الجهات الرسمية سمعتهم باتهامات باطلة، لتبرير جريمة القتل أمام الرأي العام.

وفي ظل غياب المساءلة واستمرار ملاحقة كل من يطالب بالحقيقة، تبقى جريمة “تصفية إدفو” شاهدًا جديدًا على واقع القمع والإنكار الذي يعيشه المجتمع، حيث تُدفن الأدلة مع الضحايا، ويُسجن الشهود بدلًا من الجناة.

 

*تأجيل محاكمة الشيخ سمير مصطفى إلى 14 ديسمبر

أجلت محكمة جنايات القاهرة، محاكمة الداعية الشيخ سمير مصطفى إلى 14 ديسمبر المقبل، وذلك للاستماع لشهود الإثبات في القضية، مع استمراره حبسه وبقية المتهمين على ذمة القضية.

ويحاكم مصطفى الذي يحظى بشعبية واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر دروسه وخطبه الدينية على نطاق واسع، ويتمتع بقبول كبير في مصر وخارجها، ضمن 300 متهم آخرين، بتهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية”.

وفي عام 2017، اعتقل مصطفى في مطار القاهرة أثناء توجهه لأداء العمرة، ليتم اتهامه بالانضمام إلى “جماعات محظورة” و”نشر أخبار كاذبة ومضللة”، وهي التهم التي نفاها، حيث تم الإفراج عنه ثم إعادة توقيفه ضمن قضايا أخرى.

وتنوعت الاتهامات في القضية، بين الانضمام إلى جماعة إرهابية، والادعاء بانتماء بعض المتهمين إلى تنظيم داعش، فضلاً عن اتهامات بالتخطيط لارتكاب أعمال عدائية داخل مصر، وتلقي تكليفات عبر تطبيقات مشفرة يصعب على الأجهزة الأمنية رصدها، وكذلك استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لإساءة استخدام التكنولوجيا ونشر أخبار كاذبة، بالإضافة إلى ترويج أفكار تكفيرية والتحريض على الدولة ومؤسساتها.

وقال محامي أحد المتهمين في تصريحات سابقة لصحيفة “العربي الجديد”، إن “غالبية هذه الاتهامات تم تركيبها بشكل نمطي، وهي اتهامات فضفاضة تُستخدم في معظم القضايا ذات الطابع السياسي أو الديني، دون تمييز أو تحقق ميداني. التحريات وحدها لا يمكن أن تقود لمحاكمة عادلة، وخاصة عندما تُبنى على الاستنتاجات بدلاً من الأدلة”.

وفوجئ مصطفى بتوجيه اتهامات له على خلفية ذكر اسمه فقط في أقوال أحد المتهمين من الشباب، الذين تم التحقيق معهم بتهمة الانتماء لتنظيم داعش.

وبحسب عضو بهيئة الدفاع، فإن الشاب المعتقل سُئل عن المحاضرات الدينية التي كان يتابعها على الإنترنت، فذكر من بينها محاضرات الشيخ سمير مصطفى، دون أن يشير إلى أي تواصل مباشر أو انتماء مشترك، أو حتى إشارات إلى تحريض أو تطرف في مضمون تلك المحاضرات.

واشتهر الداعية بسلسلة المحاضرات في مجالات مثل السيرة النبوية، وله الكثير من الأعمال المرئية والمسموعة في الدعوة الإسلامية. ومن أبرزها حديثه المطول عن الإمام ابن القيم.

وتحظى محاضراته ودروسه بانتشار كبير على منصات التواصل الاجتماعي، ويتابع صفحته على موقع “فيسبوك” أكثر من مليون و300 ألف متابع.

*بناء سجن “أبو زعبل 4” حكومة الانقلاب تواصل الاستثمار في القمع بدلاً من الإصلاح والتنمية

في خطوة أثارت موجة واسعة من الانتقادات، أصدر وزير الداخلية بحكومة الانقلاب محمود توفيق قرارًا بإنشاء سجن جديد تحت مسمى “مركز إصلاح وتأهيل أبي زعبل 4”. القرار الذي جاء في وقت تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، يعكس بوضوح أولويات النظام الحالي الذي يبدو أكثر اهتمامًا بتوسيع بنيته القمعية على حساب مشاريع التنمية والإصلاح الحقيقية. فبدلًا من بناء المصانع والمدارس والمستشفيات، تتجه الدولة إلى بناء مزيد من الجدران والأسوار، في مشهد يختزل كيف تتحول مصر تدريجيًا إلى “سجن كبير” يعيش المواطن داخله في خوف وضيق وقيود متزايدة. 

صناعة السجون: استثمار في القمع لا في الإنسان

بينما تتراجع القطاعات الإنتاجية وتتآكل القدرة الشرائية للمصريين، تزدهر “صناعة السجون” كواحدة من أكثر القطاعات نشاطًا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. فخلال السنوات الأخيرة، شهدت مصر طفرة غير مسبوقة في بناء أماكن الاحتجاز. ففي عام 2021 وحده، صدر قرار بإنشاء سبعة سجون مركزية جديدة، تلاها خمسة “مراكز إصلاح” في العام التالي، ثم ستة سجون دفعة واحدة في مدينة 15 مايو بالقاهرة في يونيو 2023.

تشير تقارير حقوقية إلى أن مصر بنت 44 سجنًا جديدًا بين عامي 2011 و2021، ليصل العدد الإجمالي إلى نحو 87 سجنًا رسميًا، إضافة إلى ما يقارب 168 منشأة احتجاز تشمل أقسام الشرطة ومراكز الترحيلات. ورغم هذا التوسع المفرط، ما تزال السجون تعاني اكتظاظًا مروعًا، إذ بلغت نسبة الإشغال عام 2020 نحو 207%، فيما قدر عدد السجناء بنحو 120 ألف شخص في عام 2022، بينهم أكثر من ثلث المحتجزين دون محاكمة. هذه الأرقام تكشف عن واقع مرير لدولة تُبنى فيها الزنازين بوتيرة تفوق بناء المدارس والمستشفيات. 

“مراكز الإصلاح والتأهيل”: تجميل لغوي لقبح الواقع

لمواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة، لجأت الحكومة في عام 2022 إلى تغيير مسمى “السجون” إلى “مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي”. هذا التحول اللغوي جاء مصحوبًا بحملات إعلامية تتحدث عن “برامج تعليمية وتأهيلية للنزلاء”، لكن الوقائع على الأرض تكذب تلك المزاعم.

اختيار منطقة أبو زعبل لإنشاء السجن الجديد يحمل دلالة رمزية قاتمة. فالمنطقة ذاتها ارتبطت تاريخيًا بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أبرزها “مجزرة سيارة الترحيلات” عام 2013 التي راح ضحيتها 38 معتقلًا اختناقًا. ومع ذلك، تواصل السلطات استخدامها كرمز لهيمنة القبضة الأمنية. إن تغيير الاسم لا يغير من جوهر السياسة القائمة على الإقصاء والترويع، ولا يلغي الطبيعة العقابية التي تميز تلك المرافق. فالتسمية الجديدة ليست سوى محاولة فاشلة لتسويق صورة وردية أمام المجتمع الدولي تخفي وراءها استمرار التعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز التعسفي. 

أولويات مقلوبة: السجون قبل المستشفيات والمصانع

في بلد يعاني أكثر من 70% من سكانه من الفقر وارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار والبطالة، تبدو المفارقة صارخة حين يُعلن عن مشروعات ضخمة لبناء سجون حديثة بمليارات الجنيهات، بينما تتأخر خطط تطوير المستشفيات والمدارس. فبينما تفخر الحكومة بإنجاز مجمع سجون وادي النطرون الذي يوصف بأنه “الأكبر في تاريخ مصر” بطاقة استيعابية تفوق 20 ألف سجين، لا تزال آلاف القرى تفتقر إلى خدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم الجيد.

ورغم إعلان الحكومة عن نيتها استكمال بناء 20 مستشفى في عام 2025 بتكلفة 11.7 مليار جنيه، وافتتاح 1500 مصنع جديد في عام 2021، فإن وتيرة بناء السجون تفوقت على أي مشروع تنموي آخر. فالنظام يجد في بناء السجون وسيلة أسرع لـ”ضبط الداخل” بدلًا من معالجة أزماته عبر الإصلاح الاقتصادي أو العدالة الاجتماعية. 

“أبو زعبل 4”.. عنوان دولة تخاف من شعبها

قرار إنشاء سجن “أبو زعبل 4” ليس مجرد إجراء إداري، بل هو مرآة لسياسة دولة تخاف من مواطنيها أكثر مما تخاف من الفقر أو الفساد. فبدلًا من الاستثمار في الإنسان وتعزيز حرياته وقدراته، تُضخ المليارات في مشاريع تُرسخ ثقافة الخوف والقهر. ومع كل سجن جديد، يتضح أن النظام لا يسعى إلى “إصلاح وتأهيل” أحد، بل إلى إدامة السيطرة وشراء الوقت عبر بناء مزيد من الأسوار الحديدية حول وطن بات يحتاج إلى حرية أكثر من أي شيء آخر.

إن مصر التي تحتاج اليوم إلى مدارس تُفتح ومستشفيات تُبنى ومصانع تُشغل، تجد نفسها عالقة في مشروع سياسي لا يؤمن إلا بالسجن كحل، وبالقمع كأداة لإدارة الأزمات. وما “أبو زعبل 4” إلا فصل جديد في رواية نظام اختار أن يحكم بالخوف بدلًا من الثقة، وبالقيود بدلًا من الأمل.

 

* قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني

أصدرت محكمة جنايات القاهرة أمس قرارًا بتأجيل محاكمة الشيخ سمير مصطفى وآخرين إلى جلسة 14 ديسمبر لسماع شهود الإثبات، مع استمرار احتجاز المتهمين على ذمة القضية. ويثير هذا التأجيل المتكرر تساؤلات حول أسباب المماطلة وغياب الشفافية في القضايا ذات الطابع السياسي والديني، وسط ترقب جماهيري لمآلات الحكم وتداعياته على المشهد العام.

في السياق ذاته، قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس الصحفية صفاء الكوربيجي لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، بحضور محامي النقابة الذي طلب إخلاء سبيلها مراعاة لظروفها الصحية والنفسية، إذ تعاني من شلل أطفال، فضلًا عن قضائها أكثر من عامين رهن الحبس الاحتياطي دون محاكمة عادلة.

كما جدّدت محكمة جنايات القاهرة في 8 أكتوبر، برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني، حبس الناشطة الحقوقية مروة سامي أبو زيد عبده (44 عامًا) لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 7887 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، بتهم تتعلق بـ“نشر أخبار كاذبة” و“تمويل جهات محظورة”.

وكانت قوات الأمن بمطار القاهرة قد ألقت القبض على مروة أبو زيد في 25 يناير الماضي أثناء إنهاء إجراءات وصولها من السعودية عقب أداء العمرة، دون إذن قضائي أو مبرر قانوني، وتعرضت للإخفاء القسري يومين قبل عرضها على نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسها في قضية ذات طابع سياسي.

مصير مجهول لعلي ونيس

تعيش أسرة المعارض المصري علي ونيس حالة من القلق بعد اختفائه في نيجيريا منذ 19 أغسطس 2025، دون أي تواصل أو توضيح رسمي من السلطات النيجيرية أو المصرية حتى تاريخ إعداد التقرير (14 أكتوبر).

وأعربت منظمة هيومن رايتس إيجيبت عن قلقها البالغ، مطالبةً بالكشف عن مصيره، مؤكدة أن الإخفاء القسري جريمة دولية.
وقالت زوجته زينب بشندي من مقر إقامتها في تركيا عبر منشور على فيسبوك:

لسه بدور على علي، زوجي وصاحبي، ومفيش أي خبر عنه من يوم 19 أغسطس لما خرج من البيت مع قوات تركية تحت ضغط منهم وركبوه طيارة لنيجيريا، ومن ساعتها اختفى… خوفي كله يكون اتسلم لمصر… مين عنده ضمير يرد على سؤالي وسؤال طفلي: بابا راح فين؟“.

وأكدت أسرته أن أوراقه القانونية في تركيا كانت سليمة، وأنه أُجبر على الرحيل قسرًا، ويُعتقد أنه ظل محتجزًا في مطار نيجيريا حتى مطلع أكتوبر، وسط مخاوف من تسليمه إلى النظام المصري، في تكرار لما حدث عام 2019 مع المواطن محمد عبد الحفيظ الذي سُلّم من تركيا إلى مصر في ظروف مشابهة.

تدهور الحالة الصحية للمعتقلين

في سياق متصل، تتدهور الحالة الصحية للمعتقل صالح عايد داخل سجن ليمان المنيا 1 بسبب الإهمال الطبي المتعمّد ورفض إدارة السجن نقله إلى مستشفى متخصص رغم خطورة حالته، ما دفع حقوقيين إلى المطالبة بتحرك دولي عاجل لإنقاذ حياته.

كما أدانت منظمة عدالة لحقوق الإنسان اعتقال السيدة عبير قاسم عبدالعزيز داوود، والدة المعتقل أنس حسني النجار، من منزلها بمدينة العاشر من رمضان الأسبوع الماضي، معتبرةً ذلك استمرارًا لسياسة العقاب الجماعي واستهداف أسر المعتقلين.
وأكدت المنظمة أن نيابة أمن الدولة العليا قررت حبسها 15 يومًا وإيداعها سجن العاشر، دون مبرر قانوني، ودعت إلى إطلاق سراحها فورًا.

الحالة الحرجة للحقوقية هدى عبد المنعم

وفي منشور مؤلم، كشفت فدوى خالد ابنة الحقوقية المعتقلة هدى عبد المنعمعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان – عن تدهور خطير في الحالة الصحية لوالدتها المعتقلة منذ سبع سنوات، مشيرة إلى أن إحدى كليتيها توقفت تمامًا عن العمل، والأخرى تعاني من ورم وارتجاع وحصوات.
وأضافت:

ماما بتعاني من خلل في وظائف الدماغ، ضيق في الشرايين، التهاب في الصمام المترالي، جلطات متكررة، التهاب في الأذن الداخلية، ضعف سمع، تآكل في مفصل الركبة، سكر وتصلب في شرايين القلب… وملناش غيرك يا رب“.

تقرير جديد يضيف إلى سلسلة الانتهاكات المستمرة بحق المعارضين والحقوقيين في مصر، في ظل توسع غير مسبوق في القمع الأمني وتجاهل كامل للمطالب الحقوقية المحلية والدولية.

*حكومة الانقلاب تخالف القوانين والدستور باعتقال الصحفيين

كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أن حكومة الانقلاب تخالف القوانين والدستور باعتقال الصحفيين مؤكدة أن عدد الصحفيين والإعلاميين المحبوسين احتياطيًا أو قيد المحاكمة من جانب حكومة الانقلاب بلغ نحو 26 صحفيًا خلال شهر سبتمبر 2025. 

ورصدت المفوضية في تقريرها لشهر سبتمبر الماضي، استمرار صدور قرارات قضائية بتجديد حبس الصحفيين على ذمة قضايا أمن دولة، وتواصل محاكمتهم على خلفية ممارستهم لعملهم الصحفي أو آرائهم المنشورة على السوشيال ميديا. 

وأشارت إلى أن سبتمبر شهد تجديدات حبس متكررة ومحاكمات مطولة، في قضايا ذات طابع سياسي، تتضمن اتهامات فنكوشية مثل الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، مؤكدة أن الاحتجاز والاعتقال المطوّل دون محاكمة عادلة أصبح سمة أساسية في تعامل سلطات الانقلاب مع الصحفيين، وهو ما يتعارض مع الضمانات الدستورية لحرية الصحافة والإعلام . 

إسماعيل الإسكندراني

وحسب المفوضية، شهد سبتمبر تجديد حبس أربعة صحفيين على الأقل، بينهم خالد ممدوح، وسيد صابر، وأحمد بيومي، ومصطفى الخطيب، فيما صدر قرار وحيد بإخلاء سبيل الصحفية دنيا سمير، كما تم اعتقال الباحث والصحفي الاستقصائي إسماعيل الإسكندراني. 

وأكد التقرير أن أجهزة أمن الانقلاب ألقت القبض على إسماعيل الإسكندراني في كمين قرب مدينة مرسى مطروح، وقررت نيابة أمن دولة العسكر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 6469 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، بتهم إذاعة أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية واستخدام موقع إلكتروني للترويج لأفكار متطرفة . 

ولفت إلى أن اعتقال الإسكندراني يأتي بعد أقل من عامين على الإفراج عنه في ديسمبر 2022 عقب قضائه سبع سنوات في السجن على خلفية قضية سابقة تعود إلى عام 2015. 

وذكر التقرير أن من بين المحبوسين احتياطيًا رسام الكاريكاتير أشرف عمر، الذي ألقي القبض عليه من منزله يوم 22 يوليو 2024، عقب اقتحام قوة من أمن الانقلاب بلباس مدني مقر سكنه، واقتياده مكبلًا ومعصوب العينين إلى جهة غير معلومة، وأخفته قسريًا، حتى ظهوره بعد يومين أمام نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسه وقتها 15 يومًا، بعد تحقيق دام 6 ساعات، وما زال قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن. 

قوانين مقيدة للحريات

وأكدت المفوضية أن النصوص الدستورية التي تكفل حرية الصحافة والإعلام لا تجد طريقها إلى التطبيق العملي، فى زمن الانقلاب مشيرة إلى أن هناك “ترسانة قوانين مقيدة للحريات” تعرقل ممارسة الصحفيين لعملهم، وتحول دون تفعيل مبدأ تداول المعلومات، مع استمرار وجود مواد في قانون العقوبات تفرض عقوبات سالبة للحرية على الصحفيين، إلى جانب غياب قانون واضح للإفصاح عن المعلومات . 

وأشارت إلى أن المادة 70 من الدستور تضمن حرية الصحافة وحق الأفراد في إصدار الصحف ووسائل الإعلام، إلا أن القانون رقم 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قيّد هذه الحقوق الدستورية. وتنص المادة السادسة من القانون على أنه “لا يجوز تأسيس أو إدارة مواقع إلكترونية داخل مصر، أو فروعًا لمواقع تعمل من الخارج، إلا بعد الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام”. 

وندد التقرير باستمرار سلطات الانقلاب في حجب ومراقبة مواقع إلكترونية مصرية وعربية، في ظل استخدام المادة 188 من قانون العقوبات لتوجيه اتهامات “نشر أخبار كاذبة” و”تكدير السلم العام” إلى صحفيين، بينما تتعرض مواقع صحفية مستقلة للحجب منذ عام 2017. 

حجب المواقع

وأكد أن المجلس الأعلى للإعلام يمتلك سلطة حجب المواقع والمدونات والحسابات الإلكترونية بموجب قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ليصبح الجهة الثالثة التي تملك سلطة الحجب إلى جانب جهات التحقيق والتحري المنصوص عليها في قانون جرائم تقنية المعلومات. 

وشدد التقرير على أن هذه الإجراءات تتعارض مع نص المادة 71 من الدستور، التي تحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، كما تحظر توقيع عقوبات سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية . 

*السيسي يسلح مجموعات قبلية فى سيناء خارج القانون

تشهد محافظة شمال سيناء، خاصة مدينة العريش، تصاعدًا في وتيرة الأحداث العنيفة خلال الأيام الأخيرة، ما يعكس حالة من التوتر الأمني المتنامي بين السكان وبعض التشكيلات المسلحة المحلية. فجريمة مقتل الشاب السيناوي ياسر فراس أبو عمرو جاءت بعد أقل من أسبوع على اشتباكات مسلحة عنيفة شهدتها المدينة، أسفرت عن إصابة اثنين من الأهالي، واختطاف شخص ثالث في ظروف غامضة. 

ووفق شهادات للأهالي فإن الاشتباكات جرت باستخدام سيارات دفع رباعي وأسلحة نارية تابعة لعناصر من اتحاد قبائل سيناء، ما أثار مخاوف السكان من اتساع نطاق الصدامات وغياب آليات المساءلة الواضحة.

هذه الأحداث المتلاحقة تؤكد أن سيناء ما زالت تعيش على وقع معادلة أمنية حساسة، حيث يتقاطع وجود جماعات مسلحة غير رسمية مع الحياة اليومية للأهالي، في ظل غياب واضح لخطوط فاصلة بين الدور الأمني المشروع والانتهاكات المحتملة. 

مراكز قوى

هذه التوترات، وفق شهادات الأهالي تعود إلى عدة عوامل متراكمة على مدار السنوات الماضية، فمن جهة، لعب اعتماد العسكر على التشكيلات القبلية المسلحة دورًا في خلق مراكز قوى محلية تمتلك السلاح والنفوذ، ما جعلها طرفًا مباشرًا في النزاعات أو الخصومات القبلية أحيانًا.

ومن جهة أخرى، أدى غياب الشفافية والرقابة القانونية على تحركات هذه التشكيلات إلى تصاعد الاحتكاكات مع المدنيين، خاصة في ظل اتهامات حقوقية بارتكاب انتهاكات مثل القتل خارج القانون أو الاعتقال التعسفي. كما ساهمت الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعمليات التهجير القسري وإخلاء الأراضي التي وثقتها منظمات حقوقية، في زيادة حالة الاحتقان بين السكان والتنظيمات المسلحة العاملة على الأرض. وبهذا، أصبحت أي حادثة فردية قابلة للاشتعال السريع، وسط بيئة أمنية مشحونة بتراكمات من عدم الثقة والخوف المتبادل بين المجتمع المحلي والتشكيلات المسلحة. 

عسكرة المجتمع القبلي

تعليقا على هذه الأحداث طالب الدكتور أحمد سالم -المدير التنفيذي لمنظمة سيناء لحقوق الإنسان- بضرورة تطبيق القانون على الجميع وإجراء تحقيق قضائي مستقل وشفاف يضمن محاكمة عادلة وعلنية لجميع الأطراف دون تأثيرات قبلية أو أمنية. 

ودعا سالم فى تصريحات صحفية وجهاء قبيلتي، الرميلات والسواركة، إلى تغليب صوت الحكمة وحقن الدماء، والتعامل مع الأزمة في إطار الأعراف المجتمعية لتجنب أي تصعيد أو أعمال عنف محتملة.

وشدد على ضرورة نزع سلاح المجموعات القبلية التي تشكلت خارج الإطار القانوني بدعم من دولة العسكر، محملًا سلطات الانقلاب المسؤولية الكاملة عن تداعيات عسكرة المجتمع القبلي وما نتج عنها من جرائم وانفلات أمني. 

ولفت سالم إلى أن مقُتل الشاب فراس أبو عمرو في الشيخ زويد برصاصة في الرأس على يد عنصر من تشكيلات العرجاني المسلحة، يعد الحادث الثالث خلال شهر يوليو فقط؛ إذ سبقتها واقعة اختطاف شاب في مدينة العريش على يد مجموعة مسلحة بسبب خلافات مادية، استخدمت فيها السلاح الممنوح لها بموافقة الجيش، ما يؤكد استخدام هذه الأسلحة حاليًا خارج نطاق القانون، ويسهم في عسكرة المجتمع. 

وأكد ضرورة التعامل مع هذا الملف بحذر بالغ نظرًا لحساسيته الشديدة، في ظل تصاعد مشاعر الغضب وسيطرة منطق الثأر والانتقام، محذرًا من أن اختفاء الجاني قد يجعل عائلته وكل من يحمل اسم أبيه هدفًا للثأر.

* ترامب تعمّد تسفيه السيسي وصافحه باليسرى ونزع السلاح لم توقّعه حماس وتناوله ترامب في خطبته المطوّلة

شهدت قمة شرم الشيخ للسلام عدة لحظات محرجة خلال المصافحات بين القادة، أبرزها بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسي فرنسا وإسبانيا، ما أثار جدلاً واسعًا في الإعلام. غير أن مصافحة ترامب لعبد الفتاح السيسي باليد اليسرى خلال جلوسهما في القمة، بدت أكثر المشاهد رمزية وغرابة في البروتوكول السياسي، خصوصًا أنها جاءت بعد دقائق من تجاهل ترامب لمصافحة السيسي وجهًا لوجه.

وخلال مراسم الاستقبال الرسمي، مدّ ترامب يده اليسرى لمصافحة السيسي الذي لاحظ الموقف متأخرًا، فبادر هو الآخر إلى مدّ يده اليسرى.
المشهد الذي التقطته عدسات الإعلام من زوايا مختلفة أثار تساؤلات حول ما إذا كان التصرف مقصودًا أم عفويًا، أو نتيجة لظرف صحي أو بروتوكولي. ورجّح بعض المراقبين أن يكون الأمر مرتبطًا بزاوية وقوف القادة أمام الكاميرات.

وفي الثقافة الدبلوماسية، يُعد استخدام اليد اليسرى في المصافحة أمرًا نادرًا، وقد يُفسَّر أحيانًا على أنه خروج عن المألوف أو تعبير عن موقف غير ودي.
ورغم أن المقابلة بدت عادية في ظاهرها، فإن المشهدين السابقين كشفا مفارقة واضحة بين التغطية الإعلامية المحلية التي ركزت على “حفاوة الاستقبال”، وبين ما اعتبره مراقبون “لقطات طريفة” أو “لحظات عفوية غير معتادة”.
كما أثار وصف ترامب للسيسي بـ”الجنرال” – لا “الرئيس” – انتباه المتابعين، في إشارة فُسّرت على أنها تذكير بخلفيته العسكرية وانقلابه على السلطة المدنية.

اتفاق شرم الشيخ للسلام

شكّل توقيع مؤتمر شرم الشيخ للسلام إعلانًا رمزيًا وسياسيًا لإنهاء الحرب في غزة، وتدشين مرحلة جديدة من الاستقرار الإقليمي.
ففي أكتوبر 2025، شارك ترامب إلى جانب أكثر من 30 قائدًا من الدول والمنظمات الدولية بهدف إنهاء الحرب وتعزيز السلام في الشرق الأوسط.
ويتضمّن الاتفاق وقفًا دائمًا لإطلاق النار في غزة، والتزامات بإعادة الإعمار والتنمية، وقد وُقّع بمشاركة وسطاء من مصر وقطر وتركيا.
ورغم الإعلان عن الأهداف العامة، لم تُكشف بعد تفاصيل حساسة مثل إطلاق الرهائن أو سحب القوات، بينما أكّد ترامب أن “الاتفاق سيصمد بعد 3000 عام من الصراع”.

مشاركة أردوغان وتميم

شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مراسم توقيع الاتفاق يوم 13 أكتوبر 2025، بدعوة من السيسي وترامب.
ومشاركة أنقرة في التوقيع تعكس دورها المحوري في الوساطة، خاصة أنها كانت طرفًا في المفاوضات غير المباشرة بين حماس و(إسرائيل) لأول مرة منذ سنوات.
ويُعدّ التوقيع اعترافًا تركيًا رسميًا بالاتفاق، ما يمنحه غطاءً إقليميًا أوسع، خصوصًا في ظل العلاقات المتوازنة التي تربط تركيا بكل أطراف النزاع.

نزع السلاح.. عقدة المرحلة الثانية

ورغم أن حركة حماس لم توقّع على بند نزع السلاح في اتفاق شرم الشيخ، معتبرةً هذا المطلب “خارج النقاش”، فإن قيادات في الحركة – منهم حسام بدران وأسامة حمدانأكّدوا أن سلاح المقاومة غير قابل للمساومة، وأن “شعبنا أحوج ما يكون إلى السلاح”.

وأشار ترامب إلى أن بند نزع السلاح مؤجّل إلى المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، متوقعًا أن يثير صعوبات وتعقيدات كبيرة.
ويرى بعض الوسطاء العرب أن حماس قد تكون منفتحة على نزع جزئي للسلاح في حال وجود ضمانات دولية بعدم استئناف العدوان الإسرائيلي.
أما ترامب، فربط الإعمار بنزع السلاح، بينما قال السيسي إن “الإعمار عملية سياسية واقتصادية لا تبدأ بالاستسلام”.
وأضاف أن “حماس حققت ما أرادته بتحرير الأسرى والرهائن بعد تضحيات عظيمة، وحان وقت البناء وإعمار غزة بكرامة”.

مواقف وتحليلات

المحلل السياسي ياسر الزعاترة علّق عبر حسابه في منصة “إكس” قائلًا:

ترامب لا يَعِدُكم بغير تصفية قضية فلسطين و’صهْينة‘ المنطقة… هو الذي اعترف بالقدس عاصمة للكيان، وبارك ضمّ الجولان، ويبرّر التوسع الصهيوني… من يثق بهذا الرجل يَجني على أمّته.”

وأضاف أن “كل ما يوزّعه ترامب من مدائح هو مجرّد مُقبلات لتمرير المخطط”، واصفًا إياه بأنه “ثور هائج يدفع بلده للتراجع أمام الصين وروسيا”.
وختم الزعاترة بالقول:

تذكّروا أن حماس وقوى المقاومة تنوب عن الأمة في مواجهة هذه الغطرسة، فلا تعينوها بالخذلان، ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾”.

خلاصة

لم يتضمّن الاتفاق النهائي في شرم الشيخ بندًا لنزع سلاح المقاومة، إذ وافقت حماس فقط على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، رافضةً تسليم السلاح أو مغادرة غزة.
ومن المقرر أن يُعاد طرح الملف في المرحلة الثانية من خطة السلام، وسط انقسام دولي حول إمكانية تطبيقه ومستقبل المقاومة الفلسطينية في ضوء التوازنات الجديدة.

*تطورات شرم الشيخ : ترامب ونتنياهو يتلاعبان بالسيسي و”أردوغان” حوّل المسار و”بن سلمان” رفض الكومبارس

استجابةً لضغوط ترامب، وجّه المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي دعوة إلى رئيس حرب الإبادة على غزة بنيامين نتنياهو لحضور قمة شرم الشيخ، رغم كونه مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية، غير أن أردوغان هدّد بعدم المشاركة في حال حضوره، ما أدى إلى تجميد الدعوة، إلا أن المتوقع أن يُستقبل نتنياهو في بعض العواصم العربية في محاولة لتبييض صفحته.

وبعد تلقيه خبر مشاركة نتنياهو في القمة المنعقدة في مصر، أبلغ الرئيس التركي أردوغان الجهات المعنية بأنه سيعود إلى أنقرة، وقالت الصحافة التركية: إن “الطائرة الرئاسية التي كانت تستعد للهبوط تجاوزت المدرج دون أن تهبط، وبعد أن تراجعت تل ابيب عن قرار المشاركة عادت الطائرة وأكملت هبوطها”.

وأشارت الصحافة التركية إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصل القاهرة للمشاركة في قمة شرم الشيخ حول غزة،  والتي بدأت مسار الجهود الدولية لوقف العدوان وتثبيت الهدنة الإنسانية.

وتعد الزيارة خطوة مهمة في تعزيز التنسيق الإقليمي، حول مستقبل القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفسلطنيين في غزة.

وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية: إن “نتنياهو ألغى زيارته إلى شرم الشيخ، بعد معارضة شديدة من عدة دول وعلى رأسها تركيا، حيث هدد أردوغان السيسي بأن طائرته لن تهبط في المطار إذا وصل نتنياهو إلى مصر“.

لن يحضر بن سلمان

وللعلاقة الوطيدة في حماية المؤخرات بين ترامب وبن سلمان، عبر البعض عن حماية مفتقدة بعد غياب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان عن قمة شرم الشيخ، وأرسل وزير خارجيته بدلًا منه.

وقال مراقبون: إنه “لا تبدو الأسباب عادية؛ فالحرب تزداد سُعارًا بين اللجان السعودية والمصرية على مواقع التواصل، ويبدو أن ابن سلمان لا يريد أن يكون مهمَّشًا في اجتماع شرم الشيخ، وهو يرى نفسه صاحب النفوذ”.

وأن بن سلمان والسيسي يتنافسان على الزعامة، وهم يفتقدون أدنى مقوّماتها، ولا يدركون أن الدفاع عن فلسطين هو ما يرفع مقامهم، ويُثبّت حكمهم بين شعوبهم، ويكسبهم احترام الشعب العربي، وكافة الشعوب والدول الغربية، بحسب نظام مهداوي.

ونتنياهو مجرم حرب مدان أمام المحكمة الجنائية الدولية ومطلوب ضبطه وإحضاره، حيث إن القانون الدولي يحظر الانتقام بقتل المدنيين، وأن وقوع أطفال “إسرائيليين” قتلى (بحسب زعمه وجيشه وإعلامه) في هجوم ليس رخصة لقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء الفلسطينيين على مدى عامين، ولا لشن حرب إبادة وتجويع وتدمير وتهجير على المدنيين في غزة؟ وأن كل ما فعله جرائم حرب وضد الإنسانية؟

وعلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الكنيست “الإسرائيليبالقول”أعتقد أن القادة العرب الأثرياء غادروا قمة شرم الشيخ، لأنني تأخرت عليهم بسبب نتنياهو، ولم يبقَ هناك سوى القادة الفقراء“.

وجاء في بيان الرئاسة المصرية أن مجرم الحرب النتن ياهو دُعي رسميًا لحضور ما سُمِّي بـ “مؤتمر السلام” في شرم الشيخ، وهو ما اعتبره مراقبون إشراكا لمسؤول حكومي مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية لتورطه في جرائم إبادة راح ضحيتها أكثر من ربع مليون فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود ودمر غزة بالكامل، ويعيث فسادا في الضفة الغربية .

أما المحلل السياسي فتخيل الحوار بين السيسي وترامب (أغفل أن السيسي ونتنياهو في الأصل مرتبطان قبل حضور الرئيس الأمريكي) ووصل فيه إلى  أن أعلنت “الرئاسة المصرية تعلن: نتنياهو سيشارك في اجتماع شرم الشيخ، بعدها بلحظات، مكتب نتنياهو: نتنياهو لن يشارك باجتماع شرم الشيخ بسبب موسم الأعياد.

ثم أعلنت ما يسمى “الرئاسة المصرية: نتنياهو لن يشارك في اجتماعات شرم الشيخ” .

ورأى أن “نتنياهو سجّل على السيسي أنه أراد استقباله بعد حرب غير مسبوقة على غزة، ثم هو نفسه ألغى المشاركة، لتكون إهانة لم يسبق لها مثيل.”.

وأوضح أن “المفارقة أن السيسي لم يتردد في مد البساط الأحمر لمجرم حرب مطلوب للجنائية الدولية، محاولًا أن يمنحه شرعية سياسية بعد المجازر” مشيرا إلى أن “..النتيجة جاءت معاكسة تمامًا: نتنياهو رفض الدعوة وتعامل معها كدليل ضعف عربي، فظهر المشهد وكأن القاهرة تعرض استضافة فيما القاتل نفسه يترفع عنها.”.

ووصف الحمامي المشهد بأنه “هكذا اجتمع سقوط الموقف الرسمي المصري مع استعلاء نتنياهو ليشكّلا صورة مذلة أمام الشعوب، التي ترى كيف تُستباح دماء غزة بينما الطغاة يبحثون عن ودّ مجرم حرب.”.

عار وفضيحة جديدة

واتفقت معه الكاتبة الصحفية شيرين عرفة @shirinarafah  وكتبت تحت عنوان “عارٌ وفضيحة مُخزية… ” أن “..حضور نتنياهو لـ قمة شرم الشيخ (ذلك المجرم الصادر بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، والمتهم بارتكاب أفظع إبادة جماعية في العصر الحديث، المعزول والمنبوذ عالميا، الذي لا يجرؤ أن يسافر لأي بلد أوروبي، خشية اعتقاله) أعلن مكتب #نتنياهو : بأنه لن يشارك في قمة شرم الشيخ ، لاقتراب موعدها من توقيت أحد الأعياد اليهودية !!

طرحها في وجهه

وكأنها خرقة بالية أمضت 100 عام في حمام عام ألقى نتنياهو بالدعوات إليه وبحسب تعبير د. حمزة زوبع @drzawba “ثم ألقى نتنياهو بالدعوة في وجه من ألحّ عليه بالحضور وصرخ قائلا : “لن أمنحكم شرف التقاط الصور معي“.

وتساءل “زوبع”، “لماذا نهين أنفسنا إلى هذه الدرجة وندعو مجرم حرب مطلوب للعدالة، ثم نكتشف أنه هو من يرفض الدعوة؟ لماذا لم تصر السلطة المصرية على رفض دعوته إن كانت حقا لا تريد دعوته ؟  “.

وأضاف “قلت وأكررها إن حكام مصر قد أهانوها بما فيه الكفاية، ولن تغني عنهم مؤتمرات الفنكوش التي ينظمونها كل عامين ؛ مؤتمر القاهرة 2023 ومؤتمر شرم الشيخ 2025.  #قمة_شرم_الشيخ  #قمة_القاهرة_للسلام..”.

*لماذا يعتبر ترامب السيسي ديكتاتوره المفضل؟

ينظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بوصفه “ديكتاتوري المفضل” وهو التعبير الذي استخدمه أثناء انتظار لقاء معه على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في باريس في عام 2019.

وعلى الرغم من أن الإعلام الموالي للسيسي هلل وأشاد بحكمة الأخير في رفضه دعوة ترامب للقائه بالبيت الأبيض مرتين منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، إلا أن ذلك لا ينفي العلاقة الحميمة والقوية بينهما، والتي تظهر في تصريحاتهما في المناسبات واللقاءات المشتركة. 

العلاقات بين ترامب والسيسي

وشهدت ولاية ترامب الأولى، ازدهارًا في العلاقات بين ترامب والسيسي، على الرغم من الانتقادات واسعة النطاق التي كان يتعرض لها قائد الانقلاب من جانب منظمات حقوق الإنسان، على خلفية حملات القمع في مواجهة معارضيه، وبخاصة المعارضة الإسلامية منها، والزج بالآلاف في السجون والمعتقلات، دون أن يكون لذلك تأثير على الاتصالات والتنسيق المشترك بينهما في العديد من القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

ووجّه ترامب دعوة مفتوحة للسيسي لزيارة واشنطن في اتصال بينهما في الأول من فبراير الماضي، لكنه امتنع عن تلبية الدعوة خوفًا من فقدانه المصداقية أمام الموالين له، وذلك إذا ما عرض عليه ترامب خلال اللقاء استقبال أكثر من مليوني فلسطيني بشكل دائم من قطاع غزة، كما فعل مع ملك الأردن عبدالله الثاني.

وكرر السيسي رفضه للمرة الثانية في سبتمبر، خشية من إجراء محادثات معه في البيت الأبيض حول تهجير سكان غزة، مما يسمح للرئيس الأمريكي بالسيطرة على القطاع وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. 

ثمن باهظ

السيسي الذي يواجه انتقادات لحكمه الاستبدادي منذ انقلابه على الرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013 يدرك تمامًا الثمن الباهظ الذي سيضطر لدفعه لإرضاء ترامب؛ ومن ثم، عبر عن رفضه القاطع للمخطط، الذي لا يلقى تجاوبًا بالمرة بين المصريين، ويرفضوون التماهي معه باعتباره يشكل تهديدًا للأمن القومي ويمس سيادة مصر على أراضيها.  

لكن السيسي يدرك في الوقت ذاته أن استقرار نظام حكمه الانقلابي مرهون بالرضا الأمريكي والإسرائيلي عنه، بعد أن لعب الكيان الصهيوني دورًا كبيرًا في إقناع الولايات المتحدة بالقبول به، بعد انقلابه على الرئيس مرسي، بخاصة بعد أن أظهر تعاونًا أمنيًا مع شركائه في تل أبيب، واستقبل بنيامين نتنياهو أكثر من مرة فجرًا، وهو ما يفسر تجاهل الإدارة الأمريكية لانتهاكات السيسي الجسيمة لحقوق الإنسان.

ويُدرك السيسي أهمية بقاء نظامه على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة لأسباب اقتصادية، في ظل الاقتصاد المهترئ، ولجوء مصر إلى صندوق النقد للحصول على مساعدات لإنقاذ الاقتصاد المصري الذي يعاني تدهورًا حادًا خلال السنوات الأخيرة. 

طوق إنقاذ

ويقول محللون إن نظام السيسي كسب بعض الوقت عندما تراجع ترامب عن اقتراحه بشأن تهجير سكان غزة إلى خارج القطاع، وطرح خطته لوقف العدوان على غزة، الأمر الذي جنّبه مأزقًا داخليًا كبيرًا كان من شأنه أن يضعه على المحك في مواجهة معارضة آخذة في التنامي.

وقد التقط السيسي خطة ترامب التي استبعدت تهجير الغزيين، باعتبارها طوق إنقاذ له، ومن شأنها أن ترفع الحرج عنه، وهو ما دفعه للعمل بقوة من أجل إقناع ممثلي “حماس” في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشرم الشيخ للقبول بالخطة، وتوجت في النهاية بالموافقة، والتوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار بحضور الرئيس الأمريكي وعدد من قادة الدول.

ربما ما دفعه السيسي من منح ترامب “قلادة النيل”، لا يقارن تمامًا بما كان سيقدمه حال وافق على خطه التهجير، والذي كان ربما يكلفه بقاءه في السلطة حال تصاعد الاحتجاجات في الداخل على ذلك. قد يكون التكريم في معناه رمزيًا، لكن السيسي يعلم أن ترامب يعشق تلك المظاهر التي تعكس نظرة الاحترام والتقدير له، حتى ولو كان في قرارة نفسه يعلم أنه لا يستحق ذلك بالمرة.

 

*بعد تخريب ثروة مصر الصناعية باسم الاستثمار: 300 فدان من أرض “الحديد والصلب” في قبضة الإمارات

في حلقة جديدة من مسلسل التفريط في أصول الدولة وبيعها تحت لافتة “الاستثمار الأجنبي”، كشفت مصادر مطلعة عن اتفاق بين نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، وعدد من رجال الأعمال والمسؤولين الإماراتيين على تطوير واستغلال 300 فدان من أرض مصنع الحديد والصلب في حلوان — أحد أهم رموز الصناعة المصرية الثقيلة — تمهيدًا لتحويلها إلى مجمع للصناعات المتنوعة باستثمارات تُقدَّر بنحو 1.5 مليار دولار.

لكن خلف الأرقام اللامعة والعناوين البراقة، يختبئ واقع أكثر قتامة؛ إذ يرى مراقبون أن ما يجري ليس “استثمارًا” بقدر ما هو استحواذ ممنهج على مقدرات مصر الصناعية، وأن الإمارات أصبحت الشريك الأكبر في عمليات تصفية الأصول وشراء الأراضي المملوكة لشركات القطاع العام التي دمّرتها سياسات الانقلاب خلال السنوات الماضية. 

من أيقونة الصناعة إلى أرض للبيع
بدأت مأساة “الحديد والصلب المصرية” عام 2021 عندما قررت الجمعية العمومية للشركة، برئاسة وزير قطاع الأعمال الأسبق هشام توفيق، تصفية المصنع الذي كان أحد أعمدة الصناعة الوطنية منذ خمسينيات القرن الماضي.

ورغم الانتقادات الواسعة من خبراء الصناعة والنقابات العمالية الذين حذروا من أن القرار يمثل “طعنة في قلب الصناعة الوطنية”، مضت الحكومة في خطتها، مبررة ذلك بتقادم المعدات وتراكم الديون، دون أن تُقدّم مشروعًا جادًا لتحديث المصنع أو استعادة دوره.

اليوم، وبعد أربع سنوات فقط من إغلاقه، يُعاد توزيع أراضي المصنع وكأنها “غنيمة عقارية”، إذ تم الاتفاق على تخصيص 300 فدان لمجمع صناعي تشارك فيه أطراف إماراتية، وسط غياب الشفافية وغياب أي مناقصة علنية أو دراسات تفصيلية تضمن استفادة الاقتصاد المصري فعلاً من هذه الصفقة. 

تحويل الأراضي الصناعية إلى ذهب عقاري
لم يتوقف مسلسل البيع عند هذا الحد. ففي نهاية عام 2021، وافقت الجمعية العامة للشركة على تغيير نشاط الأراضي من صناعي إلى سكني لرفع عائد بيعها واستخدام العائد في سداد الديون.
وبعد عامين، وتحديدًا في أكتوبر 2023، أعلنت الحكومة تحويل 120 فدانًا أخرى من أراضي المصنع إلى نشاط سكني وسياحي وخدمي، قبل أن تكشف وزارة قطاع الأعمال في ديسمبر 2023 عن خطة لتحويل ما يقرب من ألفي فدان من أراضي الشركة إلى مشروع عمراني متكامل، ليصبح بذلك مشروع “الحديد والصلب” نموذجًا صارخًا لتحويل الصناعة إلى عقارات.

ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة، بدلًا من تطوير المصنع التاريخي وإعادة تشغيله، فضلت الطريق الأسهل والأكثر ربحًا على المدى القصير: بيع الأرض للمستثمرين، خصوصًا لحلفائها الخليجيين، الذين أصبحوا أصحاب اليد العليا في إدارة ملف الاستحواذ على الأصول المصرية، من الموانئ إلى شركات الطاقة وحتى الأراضي الصناعية. 

أين الاستثمار الحقيقي؟
تتحدث الحكومة عن استثمارات بـ1.5 مليار دولار في “مجمع الصناعات الجديد”، تشمل قطاعات النسيج والملابس الجاهزة والأدوية والبتروكيماويات، بحجة “تحقيق التكامل الصناعي وتعميق الصناعة المحلية”.

لكن هذه الشعارات، كما يقول محللون، مجرد غطاء لغسل الوجه القبيح لسياسات الخصخصة الجديدة، التي تُفرغ مصر من قدرتها على الإنتاج وتحوّلها إلى سوق مفتوح أمام المستثمرين الأجانب، لا سيما من الإمارات، التي توسّعت خلال الأعوام الأخيرة في شراء أصول الدولة بأسعار زهيدة، مقابل وعود بمشروعات لا تتحقق على أرض الواقع.

ويشير مراقبون إلى أن الإمارات — رغم إعلانها المتكرر “دعم الاقتصاد المصري” — لم تقدم ما ينفع المواطن فعلاً، بل ركزت على الاستحواذ على الأراضي والعقارات والموانئ ذات القيمة الاستراتيجية، ما جعلها المستفيد الأكبر من أزمات القاهرة المالية، في حين يتحمل المصريون وحدهم نتائج هذه الصفقات من فقدان فرص العمل إلى تآكل الصناعات الوطنية. 

بيع المستقبل باسم “الشراكة”
تتحول قصة “الحديد والصلب” اليوم إلى رمز لانهيار مفهوم الصناعة الوطنية في ظل حكم لا يرى في الأصول العامة إلا فرصة للصفقات العقارية.
وإذا كان الوزير يروّج للاتفاق الجديد كخطوة نحو “تطوير حلوان”، فإن الحقيقة الواضحة هي أن الأرض تُباع قطعة قطعة، بينما يُدفن التاريخ الصناعي تحت لافتات “استثمار إماراتي”.
إنها ليست صفقة لتطوير الصناعة، بل صفقة لدفنها — تحت مسمى “التنمية”.

 

*بيان شرم الشيخ الرئاسي تجاهل إنهاء احتلال غزة وبلا ضمانات للفلسطينيين

نشر البيت الأبيض نص المذكرة الرئاسية التي وقع عليها عصر الاثنين في الاحتفال المهيب للسلام في قمة شرم الشيخ، رؤساء كل من أمريكا ومصر وتركيا، وأمير قطر.

وقال الإعلامي حافظ المرازي إنه “لا يوجد في النص الذي اسماه البيت الأبيض مجرد “مذكرة رئاسية” ولا تتضمن أي تعهدات لاي حقوق أو حريات للفلسطينيين أو ضمانات أمنية بعدم تجدد الحرب والإبادة بعد تسليم الرهائن”.

أيضا “لا إشارة للانسحاب الإسرائيلي، الكامل أو حتى الجزئي وجدوله الزمني من قطاع غزة، أو كيفية نزع سلاح حماس ومصير مقاتليها، ومن سيدمر الأنفاق لإسرائيل؟ أو من سيحكم غزة انتقاليا ولكم سنة؟ وبالطبع، لا شيء عن حق تقرير مصير الفلسطينيين، ولو بعد عقود، رغم التصريحات الأحادية الشفهية بالأمل في حل الدولتين!”.

أضاف: “ولا يضيف البيان الرئاسي أي جديد أو تفسير للاتفاقية التي وافق على بنودها العامة منذ أيام الإسرائيليون وحماس، أي أن قمة شرم الشيخ لم تضف كلمة أو التزاما يتجاوز ما في خطة ترامب وكوشنر، الإسرائيلية، وتترك لنتنياهو حرية تفسيرها وتنفيذها بما لا يغضب ترامب!”، وفق قوله.

نص المذكرة الموقعة

إعلان ترامب من أجل السلام والازدهار الدائم

مذكرة رئاسية13 أكتوبر 2025

نحن، الموقّعون أدناه، نرحّب بالالتزام التاريخي الحقيقي وتنفيذ جميع الأطراف لاتفاقية ترامب للسلام، التي أنهت أكثر من عامين من المعاناة العميقة والخسائر الفادحة — لتفتح فصلاً جديداً للمنطقة عنوانه الأمل والأمن والرؤية المشتركة للسلام والازدهار.

نحن نؤيد ونقف خلف الجهود الصادقة التي بذلها الرئيس ترامب لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط. وسنعمل معاً على تنفيذ هذه الاتفاقية بطريقة تضمن السلام والأمن والاستقرار والفرص لجميع شعوب المنطقة، بمن فيهم الفلسطينيون والإسرائيليون.

نُدرك أن السلام الدائم هو ذلك الذي يتمكّن فيه الفلسطينيون والإسرائيليون من الازدهار مع حماية حقوقهم الإنسانية الأساسية، وضمان أمنهم، وصون كرامتهم.

نؤكّد أن التقدّم الحقيقي يتحقق من خلال التعاون والحوار المستمر، وأن تعزيز الروابط بين الدول والشعوب يخدم المصالح الدائمة للسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي.

نُقرّ بالأهمية التاريخية والروحية العميقة لهذه المنطقة بالنسبة للطوائف الدينية التي تمتد جذورها فيها — من بينها المسيحية والإسلام واليهودية. وسيبقى احترام هذه الروابط المقدسة وحماية مواقعها التراثية أمراً أساسياً في التزامنا بالتعايش السلمي.

نحن متّحدون في عزمنا على تفكيك التطرف والتشدد بجميع أشكالهما. فلا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر حين يُطبّع العنف والعنصرية، أو حين تهدّد الأيديولوجيات المتطرفة نسيجه المدني. ونتعهّد بمعالجة الظروف التي تتيح انتشار التطرف، وتعزيز التعليم والفرص والاحترام المتبادل كأسس لتحقيق سلام دائم.

ونلتزم بحل النزاعات المستقبلية من خلال الانخراط الدبلوماسي والتفاوض بدلاً من اللجوء إلى القوة أو الصراع الطويل الأمد.

ونعترف بأن الشرق الأوسط لا يمكنه تحمّل دورة مستمرة من الحروب المديدة أو المفاوضات المتعثرة أو التطبيق الجزئي أو الانتقائي للاتفاقيات الناجحة. ويجب أن تكون المآسي التي شهدناها خلال العامين الماضيين تذكيراً عاجلاً بأن الأجيال القادمة تستحق أفضل من إخفاقات الماضي.

نطمح إلى تحقيق التسامح والكرامة وتكافؤ الفرص لكل إنسان، لضمان أن تكون هذه المنطقة مكاناً يستطيع فيه الجميع السعي نحو تحقيق طموحاتهم في سلام وأمن وازدهار اقتصادي، بغضّ النظر عن العرق أو الدين أو الأصل.

نواصل سعينا نحو رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار المشترك في المنطقة، تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والمصير المشترك.

وبهذه الروح، نُرحّب بالتقدّم الذي أُحرز في إرساء ترتيبات سلام شاملة ومستدامة في قطاع غزة، وكذلك بالعلاقات الودية والمثمرة بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين. ونتعهّد بالعمل الجماعي لتنفيذ هذا الإرث والحفاظ عليه، وبناء المؤسسات التي ستشكّل الأساس الذي يمكن للأجيال القادمة أن تزدهر عليه معاً في سلام.

نلتزم لأنفسنا وللعالم بمستقبل يسوده السلام الدائم.

دونالد ج. ترامب

رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

عبد الفتاح السيسي

جمهورية مصر العربية

تميم بن حمد آل ثاني

أمير دولة قطر

رجب طيب أردوغان

رئيس جمهورية تركيا

*الجيش المصري يعلن عن انفجار في موقع عسكري بالهايكستب

أعلن العميد غريب عبد الحافظ، المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة المصرية، وقوع انفجار مفاجئ، أمس الإثنين، في إحدى ورش الأسلحة والذخيرة بمنطقة الهايكستب، أثناء قيام عناصر فنية متخصصة بأعمال تفكيك عبوات ناسفة من مخلفات قديمة.

وأضاف عبد الحافظ، عبر منصة “إكس”، أن الانفجار أدى إلى سلسلة من التفجيرات المتتالية، شعر بها سكان منطقة الهايكستب والمناطق المجاورة.

وأكد المتحدث العسكري أن الجهات المختصة سيطرت على الحادث، مشيرًا إلى أن فرقًا فنية تقوم حاليًا بتنفيذ إجراءات وقائية وفنية لضمان السلامة.

وأضاف أن لجانًا متخصصة تحقق في ملابسات الحادث للوقوف على أسبابه.

وطمأن عبد الحافظ المواطنين، مؤكدًا أن الوضع تحت السيطرة، وأن الجهود مستمرة لاستكمال الإجراءات اللازمة بإشراف الجهات الفنية المختصة.

وأكد عدد كبير من شهود العيان أن الانفجار أدى لاهتزاز مدن العبور والشروق والتجمع الأول.

عن Admin