
“السيسي” يفرّط في أصول مصر بنفس الأدوات التي اتُّهم بها “مرسي” زوراً وقطر من متهم بالتجسس إلى شريك استراتيجي.. الجمعة 29 أغسطس 2025م.. حدائق على رفات الموتى إخلاء مقابر الأربعين “الروض القديم” وتحويلها لحديقة مركزية بالسويس
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* “أمن الدولة” تحبس 25 مواطناً بينهم فتاتان بعد فترات اختفاء قسري طويلة
قرّرت نيابة أمن الدولة العليا، حبس 25 مواطناً بينهم فتاتان، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، وذلك بعد ظهورهم المفاجئ بمقر النيابة عقب فترات وصفت بـ”الاختفاء القسري” تراوحت بين أسابيع وأشهر.
وبحسب مصادر حقوقية حضرت جلسات التحقيق، فإن هؤلاء المواطنين ظلوا خلال تلك الفترات رهن الاحتجاز غير المعلن في أماكن لم يُكشف عنها، في وقت كانت أسرهم قد لجأت مراراً إلى تقديم بلاغات للنائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان، مطالبة بالكشف عن مصيرهم.
اتهامات نمطية متكررة
أوضحت المصادر أن النيابة وجهت إلى المتهمين سلسلة من التهم التي أصبحت مألوفة في القضايا ذات الطابع السياسي، ومن بينها:
- بث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
- الانضمام إلى جماعة إرهابية والمشاركة في تحقيق أهدافها.
- إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج والتحريض على العنف.
- تلقي أو تقديم تمويلات توصف بأنها تهدد الاستقرار والأمن القومي.
ولم تكشف النيابة تفاصيل خاصة بكل متهم على حدة، إذ جرت التحقيقات في إطار عام، وسط انتقادات حقوقية لعدم منح المحامين الوقت الكافي للاطلاع على أوراق القضايا أو تقديم دفوع تفصيلية.
أسماء المعتقلين
شملت قائمة من عُرضوا على النيابة بعد اختفاء قسري كلاً من:
- آلاء محمد عبد الغني
- عبير عبد النبي محمد
- أحمد محمد غانم
- أحمد شرف الدين محمود
- أحمد شعبان محمد
- إسلام أشرف السيد
- جمعة أحمد علي
- حسام أحمد حسيني
- رجب إبراهيم حسنين
- عادل فهمي أبو المجد
- عاصم سمير إبراهيم
- عاصم محمد محمود
- عبد الرحيم محمد زاهر
- عبد الستار إبراهيم مهران،
- عبد اللطيف محمد عبد القادر
- عبد الله إدريس أحمد
- علاء عبد المنعم عبد الله
- عمر محمد مصباح
- ماجد عجمي عبد الرازق
- محمد أحمد الدهشان
- محمد تهامي عبد المطلب
- محمد ربيع معوض
- محمد عبد الحميد الشموتي
- مصطفى محمود عبد الفتاح
- منصور محمد إبراهيم
استغاثات الأسر
أكدت أسر المعتقلين أن أبناءهم تم توقيفهم من منازلهم أو أماكن عملهم دون إبراز إذن قضائي، ودون إخطار ذويهم بأي معلومة عن أماكن احتجازهم، مشيرة إلى أنهم ظلوا لأسابيع وشهور في حالة غياب تام عن المشهد القانوني.
وأوضحت هذه الأسر أنها طرقت جميع الأبواب الرسمية، بما فيها تقديم شكاوى متكررة للنائب العام، غير أنها لم تتلقَ أي ردود واضحة، الأمر الذي فاقم من معاناتها.
*انتقادات دولية لحكومة الانقلاب بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان واستمرارها في تنفيذ أحكام الإعدام
تصاعدت الانتقادات الدولية لحكومة الانقلاب، بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، واستمرارها في تنفيذ أحكام إعدام خاصة ضد عدد من المعتقلين السياسيين .
ورغم مزاعم حكومة الانقلاب بأنها قلصت من أحكام الإعدام، إلا أن الأرقام ترصد تزايدا في هذه الأحكام المرفوضة دوليا ومحليا .
كانت حكومة قد دافعت خلال جلسة اعتماد التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن موقفها من تطبيق عقوبة الإعدام، زاعمة أنها تُنفذ فقط الإعدام في الجرائم الأشد خطورة.
لكن هذا التبرير قوبل بانتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان، وفي مقدمتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي اعتبرت أن العدد الضخم من التوصيات الدولية بشأن الإعدام يعكس قلقًا متزايدًا من التوسع الهائل في إصدار هذه الأحكام خلال السنوات الأخيرة.
البروتوكول الاختياري
وشهدت جلسة المراجعة الدورية الشاملة توجيه ما لا يقل عن 29 توصية دولية إلى نظام الانقلاب، تطالب بتقليص عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، وتعليق تنفيذ هذه العقوبة تمهيدًا لإلغائها والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن بعض هذه التوصيات جاءت من دول أفريقية مثل موزمبيق وسيراليون، ما يُسقط الحجة “الثقافية” التي تستخدمها حكومة الانقلاب لتبرير استمرار العمل بالعقوبة، مشيرة إلى أن توصيات مماثلة صدرت من دول من مختلف القارات.
اتجاه تصاعدي
في هذا السياق أكدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، استمرار السلطات القضائية والتنفيذية في حكومة الانقلاب في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام رغم تصاعد الدعوات المحلية والدولية لوقف استخدامها، مشيرة إلى أنها رصدت ارتفاعا في عدد أحكام الإعدام التي نُفذت .
وأشارت الجبهة إلى أن الأرقام التالية تظهر مقارنة بين عامي 2023 و2024، في أحكام الإعدام الصادرة عن محاكم الجنايات، مؤكدة أنها رصدت في تقرير لها صدور 380 حكمًا على الأقل في عام 2024، مقابل 348 حكمًا في عام 2023، كما رصدت تنفيذ الإعدام بحق 13 شخصًا على الأقل في عام 2024، مقارنة بـ 8 حالات إعدام في عام 2023، فضلًا عن رصدها الأحكام النهائية المؤيدة من محكمة النقض، إذ تم تأييد 35 حكمًا في عام 2024، مقابل 27 حكمًا في عام 2023.
وشدد التقرير الحقوقي الصادرة عن الجبهة أن هذه الأرقام تشير إلى اتجاه تصاعدي في استخدام العقوبة، رغم وضوح الرسائل الحقوقية الدولية بضرورة تقليصها تمهيدًا لإلغائها.
مُحاكمة عادلة
وأشار إلى أن عقوبة الإعدام في زمن الانقلاب لا تقتصر على الجرائم الأشد خطورة كما تدّعي حكومة الانقلاب، بل تُطبق على طيف واسع من الجرائم، بما يُخالف التوجهات الدولية التي تدعو إلى حصرها في أخطر الجرائم فقط.
ولفت التقرير إلى أن العديد من المتهمين في قضايا يُحتمل أن تصدر فيها أحكاما بالإعدام تعرضوا لانتهاكات لحقهم في المحاكمة العادلة، وهو ما يُعد خرقًا واضحًا للضمانات الأساسية التي نصّت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية، خاصة في القضايا التي تمس الحق في الحياة.
حقوق المعتقلين
وقالت سمر الحسيني، المديرة التنفيذية لـ المنبر المصري لحقوق الإنسان: إن “ادّعاء حكومة الانقلاب بأنها لا تُطبق الإعدام إلا في “أشد الجرائم خطورة” لا يعكس الواقع”.
وأكدت سمر الحسني في تصريحات صحفية أن مصر في زمن الانقلاب لا تزال من بين أكثر دول العالم إصدارًا وتنفيذًا لأحكام الإعدام، بما في ذلك في قضايا ذات طابع سياسي، وغالبًا ما تصدر هذه الأحكام بشكل جماعي، ما يُثير شكوكًا واسعة بشأن عدالة المحاكمات وضمانات الدفاع، خاصة في ظل القيود المفروضة على حقوق المتهمين والمعتقلين السياسيين .
وأشارت إلى أن دولة العسكر التي كانت في السابق تُلمّح أحيانًا إلى نية مراجعة العقوبة أو التقييد من استخدامها، شهدت تحولًا خطيرًا في خطابها الرسمي هذا العام، نحو تبنٍّ صريح وغير مشروط لتطبيق عقوبة الإعدام، دون أي نية للمراجعة أو التقييد.
*علي السلطات المصرية التوقف فوراً عن ملاحقة الأطفال على خلفية نشاطهم في الألعاب الإلكتروني
تدين، المنظمات الموقعة أدناه استهداف أجهزة الأمن المصرية للأطفال بسبب نشاطهم الرقمي عبر منصات الألعاب الإلكترونية؛ حيث أدت هذه الممارسات المقلقة إلى احتجاز الأطفال تعسفياً، وإخفائهم قسرياً، وحرمانهم من الإجراءات القانونية، وتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. وتشكل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خرقاً للقوانين الوطنية المصرية والمعايير الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب.
خلال العام الماضي، اعتقلت السلطات المصرية ما لا يقل عن 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً، ووجهت إليهم تهم الانتماء إلى جماعة إرهابية استناداً إلى نشاطهم على الألعاب الإلكترونية. وتثير هذه الاعتقالات مخاوف جدية من أن أجهزة الأمن المصرية تستهدف القُصَّر وتستدرجهم عبر منصات الألعاب الإلكترونية وغيرها من الأنشطة عبر الإنترنت. كما تعرب المنظمات الموقعة عن قلقها من أن منصات الألعاب – وعلى وجه الخصوص لعبة PUBG: Battlegrounds – تُستغل لتقديم وعود بمكافآت داخل اللعبة للأطفال مقابل انضمامهم إلى مجموعات محادثة ومن ثم طلب مشاركة محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي تدّعي السلطات لاحقاً أنه مرتبط بجماعات متطرفة.
وتكشف الحالات الموثقة عن نمط مقلق من الانتهاكات ضد الأطفال؛ ففي جميع الحالات تم إلقاء القبض الأطفال من منازلهم دون أي تصريح رسمي أو توضيح لسبب القبض وإخفاؤهم قسرياً لأيام – وفي بعض الحالات لأشهر – قبل أن يظهروا وقد وُجّهت إليهم جميعاً التهمة الفضفاضة ذاتها: “الانتماء إلى جماعة إرهابية”، دون تقديم أي دليل. ولم يُعرض كثير منهم على المحاكم لجلسات تجديد الحبس، في انتهاك لحقوقهم الإجرائية. كما أن 13 طفلاً يُحتجزون حالياً في أقسام الشرطة مع البالغين، في انتهاك واضح للقانون المصري والمعايير القانونية الدولية الخاصة بمعاملة القُصَّر. وينص قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في المادة 112 على أنه لايجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين في مكان واحد.
من بين هؤلاء الأطفال محمد عماد، البالغ من العمر 17 عاماً، وهو مواطن أمريكي يقيم في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند. اعتُقل دون مذكرة توقيف في أغسطس 2024 أثناء زيارته لعائلته في مصر خلال العطلة الصيفية. ووفقاً لعائلته، كان عماد يلعب PUBG حين تواصل معه أشخاص عبر اللعبة، وعرضوا عليه مكافآت داخل اللعبة مقابل نشر محتوى على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد داهمت الشرطة منزل والدته وصادرت كاميرات وأجهزة الكمبيوتر ومعدات أخرى، ثم أخفته قسرياً لمدة عشرة أيام. وحُرم محاموه من الاطلاع على ملفات قضيته، ولا يزال رهن الحبس الاحتياطي بعد قرابة عام من اعتقاله. وبرغم كونه قاصراً، يُحتجز عماد منذ ظهوره في قسم شرطة بنها مع البالغين، وهو يعاني من الربو الحاد وقد حُرم من تلقي الرعاية الطبية المناسبة. كما أن استمرار حبسه منعه من التخرج من المدرسة الثانوية في الولايات المتحدة خلال العام الدراسي الماضي.
وفي حالة أخرى، اعتُقل طفل مصري يبلغ من العمر 13 عاماً – حُجب اسمه بناءً على طلب عائلته – في أواخر يناير2025، وتعرض للإخفاء القسري لمدة تقارب ثلاثة أشهر قبل أن يظهر مجدداً أمام النيابة في أبريل. وهو محتجز حالياً في دار الرعاية بأبو قتادة بمحافظة الجيزة، بعدما رفض قسم شرطة المرج استقباله بسبب صغر سنه. ووفقاً لعائلته، كان الطفل يلعب PUBG عندما تواصل معه أشخاص مجهولون عبر اللعبة، وعرضوا عليه مكافآت في اللعبة مثل “عملات” أو “متابعين” مقابل مشاركة محتوى متطرف.إلا أنه شعر بالخوف، قام بحظرهم. واعتُقل بعد ذلك بيومين فقط.
إن اعتقال السلطات المصرية للأطفال بسبب نشاط الأطفال الرقمي يثير مخاوف جدية بشأن الاحتجاز التعسفي والاستدراج. فبدلاً من حصول هؤلاء الأطفال على الدعم والتعليم والرعاية النفسية، تعرضوا للإخفاء القسري، والإهمال الطبي، والتعذيب، وحُرموا من حقوقهم الأساسية. وتدعو المنظمات الموقعة إلى الإفراج الفوري عن جميع الأطفال المصريين الذين تم استدراجهم عبر الألعاب الإلكترونية، وتطالب بإجراء تحقيق شامل وشفاف في الانتهاكات التي تعرضوا لها. إن معاملة الأطفال بهذه الطريقة تمثل إساءة جسيمة لاستعمال السلطة ويجب معالجتها على وجه السرعة، ومحاسبة المسؤولين عنها.
*بعد 233 يومًا من الإخفاء القسري”نيويورك تايمز”: عبدالرحمن القرضاوي نموذج للنفوذ المتزايد للإمارات بالقمع عابر الحدود
وثّقت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أبعادًا خطيرة لما يُعرف بـ”القمع العابر للحدود”، حيث تمتد يد أنظمة استبدادية لمعاقبة منتقديها حتى خارج حدودها، وذلك في تقرير عن قضية احتجاز الشاعر والناشط المصري عبدالرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، الذي أثار جدلًا واسعًا بعد أن سلّمته السلطات اللبنانية إلى الإمارات في نهاية العام المنصرم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات تقدّم نفسها نموذجًا للتنمية والاستقرار في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته تُصنّف ضمن أكثر الدول تشددًا ضد المعارضة. فقد صنّفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، واتخذت موقفًا متشددًا ضد الإسلام السياسي.
وأكدت أن تسليم القرضاوي – الذي أمضى 233 يومًا في الإخفاء القسري – إلى أبوظبي سلط الضوء على النفوذ المتزايد للإمارات في المنطقة.
وأوضحت أن السلطات اللبنانية تجاهلت طلبًا مصريًا بتسليمه، واستجابت بسرعة قياسية للطلب الإماراتي. وبحسب محاميه في لبنان محمد صبلوح، فإن “مصر دولة فقيرة لا تفيد لبنان، بينما الإمارات تفيده”، في إشارة إلى أن الحسابات الاقتصادية والسياسية طغت على المبادئ القانونية.
هذه الخطوة عززت المخاوف من أن لبنان، الذي كان يومًا ما ملاذًا للمعارضين العرب، أصبح أكثر هشاشة أمام الضغوط الخارجية.
وقالت الصحيفة إن المراقبين يرون أن قضية القرضاوي تأتي ضمن سياسة أوسع للإمارات تستهدف إسكات الأصوات التي تتعارض مع رؤيتها لمستقبل المنطقة، خصوصًا مع توسع نفوذها الاقتصادي والسياسي في ظل تراجع أدوار تقليدية مثل مصر.
وأصدرت عائلة القرضاوي بيانًا عبر “نيويورك تايمز” جاء فيه: “عبدالرحمن واحد من أشجع الأشخاص الذين نعرفهم، وهو محبوب من بناته الثلاث الصغيرات. كل يوم يمضي من دونه يجلب مزيدًا من الخوف والحزن“.
وطالبت العائلة المجتمع الدولي بالضغط على الإمارات من أجل الإفراج عنه، معتبرة أن استمرار احتجازه “انتهاك مخزٍ للقانون الدولي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “تداعيات هذه القضية لا تقف عند حدود شخص واحد، إذ يحذّر محاموه من أنها قد تُرسي سابقة خطيرة في المنطقة. فنجاح الإمارات في معاقبة معارض عبر تسلّمه من دولة أخرى سيجعل الكثيرين من النشطاء العرب يخشون الكلام علنًا ضد الأنظمة الاستبدادية. هذا يعني أن قضية القرضاوي قد تتحول إلى رمز لصراع أكبر حول حرية التعبير وحدود النفوذ الإقليمي“.
وفي تقرير بعنوان: “عبدالرحمن القرضاوي: قصة اختفاء معارض عربي في قبضة القمع العابر للحدود“، أوضحت الصحيفة أنه في ديسمبر الماضي، سافر عبدالرحمن القرضاوي إلى سوريا للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد على يد المتمرّدين. ومن هناك نشر مقطع فيديو دعا فيه إلى سقوط بقية الحكّام المستبدّين في المنطقة، موجّهًا انتقادات حادة لما وصفه بـ”الصهاينة العرب” في الإمارات والسعودية ومصر.
ولم يمضِ وقت طويل حتى اعتُقل في لبنان أثناء عبوره الحدود. ورغم وجود حكم سابق صادر بحقه في مصر عام 2016 بالسجن غيابيًا، لم يُرحّل إلى القاهرة، بل فوجئ كثيرون بترحيله إلى الإمارات، الدولة التي لم تربطه بها أي صلة مباشرة.
غياب الشفافية
اعتُقل القرضاوي رسميًا في 28 ديسمبر، ورُحّل إلى الإمارات في 8 يناير. ومنذ ذلك الحين، وُضع في احتجاز انفرادي طويل الأمد دون محاكمة.
ولم تتمكن عائلته من رؤيته سوى مرتين خلال سبعة أشهر، في زيارتين قصيرتين، بينما حُرمت من أي تواصل منتظم معه. محاميه البريطاني رودني ديكسون وصف الوضع قائلًا: “نحن في فراغ مظلم كامل، حيث اختفى تمامًا”.
وتؤكد الحكومة الإماراتية أن القرضاوي موقوف “احتياطيًا” رهن التحقيق في اتهامات بـ”تقويض الأمن العام”، مشيرة إلى أن ذلك يتم وفقًا للقانون ومعايير حقوق الإنسان. لكنها لم توضّح متى قد يُحال إلى المحاكمة، ولا ما إذا كان احتجازه قابلًا للتمديد إلى أجل غير مسمّى.
ومن المعروف أن القوانين الإماراتية، ولا سيما قانون “مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية”، تُجرّم أي محتوى يُعتبر مسيئًا لسمعة الدولة أو هيبتها، ما يجعل من السهل استهداف المعارضين والنشطاء.
الأمم المتحدة على الخط
بعد الضغوط الإعلامية والحقوقية، تقدّم محامو القرضاوي بشكوى رسمية إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، مطالبين بالتحقيق في احتجازه.
وسبق أن أصدر خبراء أمميون بيانًا يحذّر لبنان من تسليمه إلى الإمارات، خوفًا من تعرضه للتعذيب أو الاختفاء القسري. ورغم أن الأمم المتحدة لا تملك سلطة إلزامية لإطلاق سراحه، إلا أن صدور حكم أممي باعتبار احتجازه تعسفيًا قد يضع ضغوطًا إضافية على أبوظبي.
خلفية شخصية وسياسية
القرضاوي البالغ من العمر 54 عامًا هو أب لثلاثة أبناء. والده، يوسف القرضاوي، كان أحد أبرز الدعاة الإسلاميين المؤثرين عالميًا، وعاش في قطر حتى وفاته عام 2022.
أما الابن فقد عاش في المنفى منذ نحو عقد، وحصل على الجنسية التركية، حيث بنى قاعدة جماهيرية واسعة عبر الإنترنت، وصل عدد متابعيه إلى أكثر من 800 ألف شخص. مواقفه السياسية شملت دعم حركات المقاومة الفلسطينية وانتقاد الأنظمة الاستبدادية العربية.
وفي أحد مقاطع الفيديو الأخيرة قبل اعتقاله، وصف الإمارات بأنها “دولة المؤامرات والثورة المضادة”.
*قطر من متهم بالتجسس إلى شريك استراتيجي! “السيسي” يفرّط في أصول مصر بنفس الأدوات التي اتُّهم بها “مرسي” زوراً
ي مشهد جديد من مسلسل بيع أصول مصر بأبخس الأثمان، دخلت قطر رسميًا على خط المزاد الذي فتحه المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي لتسييل ما تبقى من مقدرات البلاد. ففي الوقت الذي يفاخر فيه إعلام النظام بالحزمة الاستثمارية القطرية البالغة 7.5 مليارات دولار، يتجاهل نفس الإعلام قضية “التخابر مع قطر” التي حوكم فيها الرئيس الشهيد محمد مرسي وقيادات من جماعة الإخوان، وما زال عشرات منهم يقبعون في السجون حتى الآن.
المفارقة أن إعلام العسكر، الذي ملأ الدنيا صراخًا باتهام مرسي زورًا بأنه “باع قناة السويس والأهرامات لقطر”، يقف اليوم صامتًا أو مهللًا لصفقات السيسي مع الدوحة. فمن الكاذب ومن الصادق إذن؟ هل كان مرسي خائنًا كما صوّره الإعلام الموالي للعسكر، أم أن النظام الحالي هو من يفرّط في الأصول علنًا لصالح الإمارات وقطر وغيرها؟
صفقات مشبوهة.. استثمارات أم قروض مقنّعة؟
اللقاء الأخير في العلمين بين مصطفى مدبولي ونظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لم يكن سوى خطوة جديدة لتفعيل تلك “الحزمة الاستثمارية”، التي يتضح من تفاصيلها أنها ليست إلا تبادلًا للودائع القطرية المحتجزة في البنك المركزي المصري باستثمارات مباشرة، أي أنها قروض تتحول إلى ملكية للأصول بدلًا من السداد، بما يعمّق تبعية مصر المالية والاقتصادية للخليج.
خبراء: استنزاف جديد بلا إصلاح داخلي
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمود وهبة إن ما يقدمه السيسي ليس استثمارات حقيقية بل “شراء أصول سيادية لتمويل العجز”، وهو ما يشبه الرهن العقاري لأملاك الدولة مقابل الحصول على سيولة وقتية، دون وجود رؤية لإصلاح اقتصادي داخلي حقيقي.
أما الباحث الاقتصادي عبد الخالق فاروق المعتقل بسجون السجون فيؤكد في تصريحات صحفية سابقة أن الاعتماد المفرط على الأموال الخليجية يعكس “فشل السياسات الاقتصادية” للنظام، مشيرًا إلى أن هذه التدفقات لا تُستثمر في الصناعة أو الزراعة أو خلق فرص عمل مستدامة، بل تذهب لسد فجوات عاجلة وخدمة الدين الخارجي، ما يعني أن الأزمة تتفاقم ولا تُحل.
ويضيف الخبير حسام الشاذلي أن ما يجري هو “قروض مقنّعة تحت لافتة الاستثمار”، تحوّل البلاد إلى “ساحة لتصفية الأصول” وتمنح المستثمر الخليجي امتيازات غير مسبوقة، بينما يتحمل المواطن المصري أعباء التضخم والضرائب ورفع الدعم.
قطر.. من متهم بالتجسس إلى شريك استراتيجي!
الأكثر سخرية أن النظام الذي اتهم قطر لعشر سنوات بأنها “تتآمر على مصر”، بات يتباهى اليوم بصفقات بمليارات الدولارات مع نفس الدولة. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن حجم الاستثمارات القطرية تجاوز 5 مليارات دولار بالفعل، مع خطط لمشاريع عقارية وسياحية تتجاوز 3.5 مليارات دولار أخرى.
فهل كانت قطر بالفعل “عدوًا يتجسس على مصر” كما قال إعلام العسكر؟ أم أن كل ما قيل كان أكاذيب لتشويه مرسي والإطاحة به، بينما الحقيقة أن النظام الحالي نفسه يفتح الأبواب مشرعة أمام الدوحة لشراء ما تشاء من أصول الوطن؟
الكيل بمكيالين.. مصر للبيع
المشهد الحالي يضع المصريين أمام حقيقة صارخة: نظام السيسي يبيع أصول البلاد “بالقطاعي”، سواء للإمارات أو قطر أو غيرهما، دون أن يجرؤ إعلام النظام على الاعتراض. بينما مرسي، الذي لم يبع شبرًا من أرض مصر، حُوكم بتهمة “التخابر مع قطر”.
النتيجة أن مصر تُستنزف بلا خطة إصلاح، والجيل القادم سيرث بلدًا مُثقلاً بالديون ومفرغًا من أصوله. وبينما تتباهى السلطة بصفقاتها، يبقى السؤال: من الذي باع مصر حقًا؟ ومن الذي كذب على الشعب؟
المفارقة أن الإعلام الموالي للعسكر، الذي اتهم مرسي ببيع قناة السويس والأهرامات – وهي أكاذيب لم تثبت – يصمت اليوم عن بيع مصر “بالتقسيط” للإمارات وقطر. بل ويحوّل التنازل عن ثروات البلاد إلى “إنجاز اقتصادي” يُسوّق للمصريين على أنه مخرج من الأزمة، في حين أن الواقع هو مزيد من الارتهان للخليج ومزيد من التبعية.
فهل يُحاكم المنقلب الخائن السيسي بتهمة “التخابر مع قطر” كما حوكم الرئيس الشهيد مرسي؟ أم أن معيار الخيانة والوطنية يقاس بمقدار ولائك للعسكر؟
*قائد “بلاك كوبرا” وفض رابعة وفاة مفاجئة للواء شريف زهير وآخر تصريحاته: “اللي هيقرب لها هنشيله من على وش الأرض”
بعد وفاة مفاجئة للواء شريف زهير، قائد «بلاك كوبرا»، بعد شهر من ترقيته إلى رتبة “لواء”، كشفت تعليقات المتابعين عن دوره البارز في القمع الوحشي للتظاهرات بعد يناير 2011. وخلال احتفالية أبطال الشرطة الأخيرة، قال اللواء الراحل شريف زهير في كلمة سابقة باحتفالية عيد الشرطة الـ 68:
“زي ما ربنا أنعم على مصر بقائد وزعيم بيحبها ويحافظ عليها عشان تكون أحسن بلد.. إحنا كمان بنقدم أرواحنا فداء لبلادنا.. واللي هيقرب لها هنشيله من على وش الأرض“.
في 17 فبراير الماضي، ظهر اسم “بلاك كوبرا” إعلاميًا بعد اقتحامها لقرية محمد محسوب بأسيوط في منطقة ساحل سليم – العفادرة، ضمن مواجهة مسلحة استمرت 40 ساعة، بمشاركة وحدة “بلاك كوبرا” الخاصة، مستهدفة محمد محسوب وعائلته، مع هدم منزله وسبي نسائه. وفي مذبحة رابعة، قتلت الوحدة آلاف المعتصمين في أقل من 12 ساعة، دون أي مشاهد دفاعية، رغم ادعاءات لاحقة بأن الاعتصام كان مسلحًا.
وأشار اللواء شريف زهير محمد حاتم، مساعد الوزير لقطاع التدريب، عبر حسابه على تويتر @SinaiTribes، إلى أن “.. الفقيد كان مثالًا يُحتذى في الانضباط والكفاءة، ورمزًا للالتزام المهني والوطني، حيث أفنى سنوات عمره في خدمة مصر بإخلاص نادر وعطاء لا يُنسى“.
وأضافت صفحة العرجاني: “اللواء شريف زهير ترك بصمة راسخة في مجال التدريب الأمني، وكان من القيادات التي يُذكر اسمها بكل احترام وتقدير، لما امتاز به من حكمة وحنكة ومكانة رفيعة بين زملائه ومرؤوسيه“.
توفي شريف زهير صباح الخميس، بعد أسابيع قليلة من تصعيده ضمن حركة التنقلات العامة للشرطة لعام 2025، والتي شهدت تعيينه في منصبه الجديد ضمن خطة الوزارة لتحديث القيادات الأمنية.
وكشف حزب تكنوقراط مصر @egy_technocrats أن زهير تولى عدة مواقع قيادية داخل جهاز الشرطة، أبرزها في مجالات التدريب والتأهيل الأمني، قبل أن يتم تصعيده في يوليو الماضي إلى منصب مساعد الوزير لقطاع التدريب.
التحق باللواء شريف زهير بكلية الشرطة عام 1989، وبدأ مسيرة أمنية طويلة ومتنوعة داخل وزارة الداخلية، شغل خلالها عدة مناصب حيوية، أبرزها:
- مدير المعهد القومي لتدريب الشرطة، حيث كان مسؤولًا عن إعداد وتطوير أجيال جديدة من الضباط.
- رئيس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في 2023، وقاد حملات ناجحة أسفرت عن ضبط كميات ضخمة من المخدرات وتفكيك شبكات إجرامية.
- ضمن حركة تنقلات الشرطة لعام 2025، تم ترقيته إلى منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع التدريب، وهو منصب استراتيجي مرتبط بإعداد وتأهيل الكوادر الأمنية وفق أحدث البرامج التدريبية.
توفي اللواء شريف زهير صباح الخميس 28 أغسطس 2025 إثر أزمة قلبية مفاجئة، بعد فترة قصيرة من توليه المنصب الجديد.
وكان اللواء شريف زهير أحد أبرز الضباط في قطاع الأمن المركزي، وتولى قيادة وحدات «بلاك كوبرا» التي ظهرت في فترات الاضطرابات السياسية عقب ثورة يناير 2011، ولعبت دورًا أساسيًا في فض المظاهرات والاعتصامات بالقوة، بما في ذلك أحداث ميدان النهضة ورابعة العدوية.
ويعد زهير من المقربين من دوائر صنع القرار داخل وزارة الداخلية، وقد حصل على ترقيات متتالية في عهد النظام الحالي، وصولًا إلى منصبه الأخير كمساعد للوزير لقطاع التدريب، وهو المنصب الذي يشرف على إعداد الضباط وأفراد الشرطة على أحدث أساليب المواجهة والسيطرة.
واتهمت منظمات حقوقية عديدة وحدة “بلاك كوبرا” بارتكاب انتهاكات واسعة، تشمل الضرب المبرح والتعذيب والقتل خارج إطار القانون خلال فض المظاهرات في القاهرة وعدة محافظات، ولم تتم محاسبة أي من قادة الوحدة أو أفرادها، بل جرى ترقيتهم ومنحهم امتيازات، ما يعكس سياسة النظام في مكافأة من يثبت ولاءه في مواجهة المعارضة.
وحدة “بلاك كوبرا” التي قادها زهير سابقًا ليست وحدة عادية، بل تم إنشاؤها لتكون ذراعًا ضاربة في مواجهة الاحتجاجات والتجمعات المعارضة، وتميز أعضاؤها بتدريب عالٍ على القتال في الشوارع واستخدام الأسلحة المتنوعة.
*هجوم بلدوزرات السيسي والإمارات على “مثلث ماسبيرو ” مجددًا : أطماع الاستحواذ على منازل فقراء القاهرة
في مشهد يعكس نهج السمسرة الحكومية في ممتلكات المواطنين، بدأت الحكومة المصرية تنفيذ مخطط إزالة مساكن محيط مثلث ماسبيرو، بعد أن قررت صرف تعويضات هزيلة لا تتجاوز 250 ألف جنيه للساكن الواحد، في الوقت الذي تُباع فيه نفس الوحدات لاحقًا للمستثمرين الأجانب – وعلى رأسهم مستثمرون إماراتيون – بأسعار تصل إلى 20 مليون جنيه هذه الأرقام الفاضحة تعني أن ما يحصل عليه الأهالي لا يمثل سوى 12% من القيمة الحقيقية، ما فتح الباب أمام موجة غضب عارمة واستغاثات من سكان المنطقة الذين يرفضون ترك منازلهم.
التعويضات: أرقام صادمة تكشف الجريمة الاقتصادية
وفقًا للبيانات الرسمية، حددت الحكومة قيمة التعويض للساكن بنحو 250 ألف جنيه فقط، مع وعود ببدائل سكنية في مناطق بعيدة عن وسط العاصمة. في المقابل، يكشف مخطط البيع أن المتر في الأبراج الاستثمارية التي ستُقام في نفس المنطقة سيصل إلى 150 ألف جنيه، أي أن الوحدة السكنية التي كانت ملكًا لأحد الأهالي ستباع بما يزيد عن 20 مليون جنيه للمستثمرين. هذه الفجوة الضخمة تثير تساؤلات عن الفساد الممنهج وتحويل ثروات الشعب إلى أذرع رأسمالية تتحكم في قلب القاهرة التاريخية.
استغاثات الأهالي: “بيبيعونا مع الأرض”
أهالي المنطقة عبّروا عن رفضهم القاطع لترك منازلهم مقابل هذه التعويضات الزهيدة، معتبرين أن ما يحدث هو تهجير قسري تحت غطاء قانوني. أحد السكان يقول: “بيبيعونا بثمن التراب، حياتنا هنا ومصدر رزقنا هنا.. مش هنسيب بيوتنا مقابل فلوس ما تكفيش شقة في أطراف القاهرة”. مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت بالغضب، وتداول النشطاء صورًا لمظاهرات محدودة ونداءات لإنقاذ ما تبقى من تاريخ المنطقة، التي تمثل واحدة من أقدم الأحياء السكنية وسط العاصمة.
المستفيدون: استثمار إماراتي في قلب القاهرة
المخطط يكشف أن المستثمرين الأساسيين في المشروع هم شركات إماراتية وخليجية حصلت على حق التطوير بأسعار بخسة، ما يرسخ سيطرة المال الأجنبي على المواقع الاستراتيجية في العاصمة. مصادر داخلية تؤكد أن العقود المبرمة تمنح المستثمرين حرية كاملة في تحديد أسعار البيع بما يتجاوز عشرات أضعاف تكلفة الإزالة والتعويض، وهو ما يعني أن الدولة تتنازل عن حقوق شعبها لصالح رجال الأعمال مقابل صفقات سياسية واقتصادية مشبوهة.
أرقام من قلب المأساة: كيف تضيع الثروة العامة؟
التعويض الحكومي: 250 ألف جنيه فقط لكل أسرة.
متوسط سعر البيع: 20 مليون جنيه.
القيمة الفعلية للتعويض مقارنة بالسوق: أقل من 12%.
المساحات التي سيتم طرحها للمستثمرين: أكثر من 70 فدانًا في أرقى مناطق القاهرة.
هذه الأرقام لا تدع مجالًا للشك في أن ما يحدث ليس تطويرًا حضاريًا كما تروّج الحكومة، بل هو بيع علني لممتلكات الشعب بأبخس الأثمان.
تحذيرات الخبراء: كارثة اجتماعية وسياسية على الأبواب
خبراء التخطيط العمراني والاجتماع يؤكدون أن ما يحدث في مثلث ماسبيرو يمثل انحرافًا خطيرًا عن مفهوم التطوير الحضاري. الدكتور علي عبد الخالق، أستاذ التخطيط العمراني، يقول: “إزالة مجتمعات عمرانية مستقرة لصالح مشروعات استثمارية يخلق فجوة طبقية ويؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الذي يميز وسط القاهرة منذ عقود”.
أما الخبيرة الاجتماعية د. نجلاء يوسف، فترى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة والتسرب من التعليم، موضحة أن تهجير الأسر إلى أطراف العاصمة بدون بدائل مناسبة يفاقم العزلة الاجتماعية ويضعف الترابط الأسري.
الخبير الاقتصادي إبراهيم سعد يحذر من أن هذه المشروعات، التي تُمنح لمستثمرين أجانب، تحرم الاقتصاد الوطني من عوائد ضخمة وتزيد من الاعتماد على التمويل الخارجي، ما يضع البلاد تحت رحمة الديون والشروط السياسية للدول المالكة لرؤوس الأموال.
وأخيرًا، أستاذ علم الاجتماع السياسي د. محمد كامل يؤكد أن ما يحدث في ماسبيرو ليس مجرد تطوير، بل هو هندسة اجتماعية تهدف إلى إقصاء الفقراء من قلب القاهرة لصالح طبقة رأسمالية محدودة، وهو ما قد يخلق احتقانًا شعبيًا متصاعدًا في السنوات المقبلة.
مثلث ماسبيرو.. شاهد على جريمة اقتصادية ضد الفقراء
ما يجري في مثلث ماسبيرو ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل إقصاء الطبقات الفقيرة من قلب العاصمة لصالح تحالف المال والسلطة. الحكومة التي تتحدث عن “التطوير” تُهجر الأهالي وتفرّط في الأراضي لمستثمرين أجانب، في وقت تعجز فيه عن تحسين معيشة مواطنيها أو توفير سكن لائق بأسعار عادلة. والنتيجة: تهجير مقابل أرباح مليارية لشركات إماراتية ومصرية مرتبطة بالنظام، لتتحول القاهرة إلى مدينة للأثرياء فقط.
*حدائق على رفات الموتى إخلاء مقابر الأربعين وتحويلها لحديقة مركزية بالسويس
في خطوة أثارت موجة من الغضب والانتقادات، أعلن اللواء طارق حامد الشاذلي، محافظ السويس، في 27 أغسطس 2025، بدء إجراءات إخلاء مقابر الأربعين “الروض القديم”، ونقل رفات الموتى إلى مقابر جديدة بطريق “السويس-القاهرة”.
وبرر المحافظ هذا القرار بعدم صلاحية المقابر القديمة التي تحولت إلى خرابات وحظائر أغنام وأوكار للخارجين عن القانون، مشيرًا إلى قرب المنطقة من أبراج وضواحي سكنية وسط المدينة، وهو المبرر المستخدم لتحرير الأرض وتحويلها إلى حديقة مركزية لتحسين البيئة.
أصدر اللواء طارق حامد الشاذلي، محافظ السويس، قراراً ببدء إجراءات إخلاء مقابر حيّ الأربعين المعروفة محلياً بـ«الروض القديم» ونقل رفات المتوفين إلى «الروض الجديد» بطريق السويس – القاهرة، تمهيداً لتحويل أرض المقابر إلى «حديقة مركزية» تخدم سكان المدينة.
المحافظ برر القرار بسوء حالة المقابر وتحولها إلى بؤر للجريمة، واعتبر المساحة مناسبة لتحسين البيئة وتوفير متنفس عام.
الحديث عن «حديقة مركزية» يبدو سليماً على مستوى الخطاب الرسمي، لكن طرحه في سياق قَصري لإخراج مئات أو آلاف القبور من مواقع دفن تراثية واجتماعية يفتح الباب أمام قراءة أوسع: تحويل مساحات دفن إلى مشاريع عمرانية أو ترفيهية باتت نمطاً متكرراً في سنوات حكم النظام الحالي، حيث تُبرَّر عمليات الإخلاء بمبررات بيئية أو أمنية بينما تكون الفائدة الحقيقية لأطراف تخطيطية واستثمارية.
هذا النمط سبق أن أثار جدلاً في قضايا نقل رفات في القاهرة (قضية السيدة نفيسة والإمام الشافعي) وظهرت مطالب برلمانية تطالب بإيضاحات وطلبات إحاطة لدى مجلس النواب حول سرعة إخطار الأهالي وإجراءات التعامل مع الرفات.
هل أرض مصر حقاً ضاقت؟
المحافظ يقول إن الأرض ستُحوَّل إلى مساحات خضراء لتحسين البيئة، لكن مؤشرات رسمية وإحصاءات عامة تُظهر أن الدولة تتعامل في نفس الفترة مع مشاريع استصلاح وطرح أراضٍ جديدة بكثافة.
الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وأجهزة حكومية أعلنت عن مئات الآلاف من الأفدنة المستصلحة أو قيد التخصيص خلال العامين الأخيرين (تقارير تشير إلى قفزة في مساحات الأراضى المستصلحة تقارب 610 ألف فدان حتى أغسطس 2025).
وعلى مستوى المحافظة، تبلغ مساحة محافظة السويس الكُلية آلاف الكيلومترات مربعة، بينما المساحة المأهولة صغيرة نسبياً مقارنةً بالإجمالي.
هذه الأرقام تطرح سؤالاً مباشراً: هل كان لا بد من إفراغ مقابر بشرية قديمة بينما آلاف الأفدنة غير مستغلة متاحة لأغراض تخطيطية أخرى؟
أثر القرار الاجتماعي والنفسي على الأهالي
نقل رفات الأموات ليس عملية تقنية بحتة؛ إنه تهشيم لروابط اجتماعية وذكريات عائلية متجذرة منذ عقود، أهالي سويس يدفنون في الروض منذ الستينات بحسب تقارير محلية.
قرار الإخلاء يضع أسر المتوفين أمام مأزق عملي ونفسي: تحمل تكاليف النقل والإجراءات القانونية، والتعامل مع حساسية دينية وثقافية حول التعامل مع الرفات.
وفي تجارب سابقة بمحافظات أخرى سبقت احتجاجات ومطالبات رسمية وطالبين بإجراءات شفافة تضمن حق الأهالي وكرامة الموتى.
خلفيات سياسية واقتصادية.. من يستفيد؟
تحويل المقابر إلى حديقة مركزية يتقاطع مع نماذج سياسات عمرانية تُقدّم على حساب فئات ضعيفة أو ذاكرة مجتمعية، هناك ثلاثة محركات محتملة تفسر ظهور مثل هذه القرارات:
1) السعي لتجميل المدن ورفع معدلات المبادرات البيئية الحكومية؛
2) تسريع مشاريع حضرية تخدم توسعات استثمارية أو عقارية؛
3) رغبة النظام في إظهار إنجازات رمزية (حدائق ومتنفسات) قبل جولات انتخابية أو زيارات رسمية.
هذا المزيج يجعل القرار أقل براءة مما يبدو.
مطالب الاهالي؟
المطلوب حد أدنى من الضمانات والشفافية: إخطار مسبق طويل، جداول زمنية واضحة، تعويضات مالية مناسبة لمن لا يستطيعون النقل، إشراف ديني وصحي على عملية الانتقال، ومشاركة المجتمع المدنى المحلي في التخطيط للبدائل.
كذلك، ينبغي فحص خريطة الأراضي المحيطة للبحث عن أراضٍ بديلة غير مأهولة أو مستصلحة يمكن تخصيصها للمقابر أو للمشروعات الخضراء دون المساس بمواقع دفن قديمة تحوي ذاكرة مجتمعية.
بين التنمية وحقوق الراقدين
لا أحد يعترض مبدئياً على زيادة المساحات الخضراء أو تحسين جودة الحياة في السويس، لكن التحضير لهذا النوع من المشاريع لا يمكن أن يتم عبر قرار إداري مفاجئ يمس رفات الأموات وكرامة الأهالي.
عندما تتحول «حديقة» إلى فرصة لتجاوز أهالي مدينة على حساب تاريخهم وحقوق ذويهم في دفن كريم، يصبح المشروع بيانياً عن اختيارات سياسية.
هل تنفق الدولة على مشاريع تخدم الناس فعلاً أم على ستوريهات تنموية تُصوَّر إعلامياً؟
إن لم تُرفق إجراءات واضحة وتعويضات شفافة ومشاركة مجتمعية حقيقية، فإن تحويل «الروض القديم» سيُسجَّل فصلاً آخر في سجل سياساتٍ تضع الأرض والصورة السياسية فوق كرامة المواطن والموتى على حد سواء.
*ارتفاع أسعار البيض أزمة الأسر المصرية المتكررة وسط إهمال حكومي
مع نهاية أغسطس 2025، شهدت السوق المصرية قفزات ملحوظة في أسعار البيض، رغم استقرار نسبي في الإنتاج وتراجع بعض تكاليف الإنتاج.
ما يثير الاستغراب والغضب في آنٍ، هو غياب أي تدخل فعلي من الحكومة رغم الأعداد الكبيرة للمستهلكين، وظهور شكاوى من تلاعب تجار السوق دون رادع.
ففي 28 أغسطس، أعلنت بوابة الأسعار التابعة لمركز معلومات مجلس الوزراء أن متوسط سعر كرتونة البيض ارتفع إلى 155.05 جنيهًا، بزيادة قدرها 9.54 جنيهًا عن اليوم السابق .
أما الأسعار التفصيلية فكانت كرتونة البيض الأحمر بـ148 جنيهًا جملة وتصل إلى المستهلك بـ158 جنيهًا، وبيض أبيض بـ143 جنيهًا جملة ويباع بـ153 جنيهًا.
رئيس شعبة الدواجن: الغضب الرسمي من جشع السوق
في خضم هذه القفزات، عبّر الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، عن رفضه التام للارتفاعات غير المبررة.
وأكد في تتصريحات تلفزيونية أن الأسعار في المزرعة مرتفعة لكنها لا تبرر الفجوة الشاسعة مع الأسعار في السوق، مردّدًا أن السعر العادل يجب ألا يتجاوز 130 جنيهًا، وهو ما ينطبق على القيم التي شهدناها جملة في 27 أغسطس .
غياب الحكومة ومؤسساتها الفاعلة
يرى الخبراء أن هذا الوضع يكشف عن فشل بنيوي للدولة: غياب الرقابة الحقيقية والمتابعة اليومية من وزارتي التموين أو التجارة الداخلية، ما أتاح للوسطاء ووكالات التوزيع رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وأضافوا أن انسداد قنوات الإصلاح؛ إذ لا توجد تسعيرات استرشادية أو آليات لضبط السوق أو مكافحة الاحتكار، رغم أنَّ إنتاج مصر السنوي من البيض (أكثر من 14 مليار بيضة وفق بيانات وزارة الزراعة) يغطي السوق المحلي
وفي النهاية فإن هذا الواقع صاخب بالأسئلة: كيف يُعقل أن تستقر الأسعار في المزرعة وتتفاجأ الأسرة بزيادات تصل إلى عشرات الجنيهات؟ المراقبة الحكومية تقتصر على التصريحات الإعلامية دون تنفيذ فعلّي، والذنب الأكبر يقع على الحكومة التي سمحت لهذه الفجوات أن تنمو دون أي عقاب أو مساءلة.
المواطن هو الضحية: وجبة ضرورية أصبحت عبئًا ماليًا إضافيًا، وسط غياب الدولة في دورها الأساسي لحماية المستهلك وتنظيم السوق.