مصر تتراجع عن التصعيد ضد إثيوبيا وترد بالقانون الدولي وتتهم نتنياهو بعرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة ومحاولة إشعال المنطقة.. الجمعة 26 ديسمبر 2025م .. تشريعات بلا أثر وسجون بلا عدالة استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان بمصر وغطاء جديد لواقع القمع

مصر تتراجع عن التصعيد ضد إثيوبيا وترد بالقانون الدولي وتتهم نتنياهو بعرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة ومحاولة إشعال المنطقة.. الجمعة 26 ديسمبر 2025م .. تشريعات بلا أثر وسجون بلا عدالة استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان بمصر وغطاء جديد لواقع القمع

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

*”مستأنف الشروق” تؤيد الحكم بحبس عبد الخالق فاروق خمس سنوات

رفضت محكمة جنح مستأنف الشروق، اليوم، الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، لتؤيد الحكم الصادر بحبسه خمس سنوات، حسبما قال المحامي الحقوقي، نبيه الجنادي، مشيرًا إلى أن فاروق حضر إلى المحكمة، لكنه لم يحضر الجلسة، ما حال دون التحقق من وضعه الصحي.

وأُلقي القبض على فاروق من منزله في أكتوبر 2024، قبل أن تحقق معه نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 4937 لسنة 2024، موجهة له اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة، على خلفية نشره 40 مقالًا ينتقد السيسي والسياسات الاقتصادية للدولة.

وفي 25 سبتمبر الماضي، أحيلت القضية إلى محكمة جنح الشروق دون إخطار مسبق لهيئة الدفاع، وخلال الجلسة التالية، في 2 أكتوبر الماضي، فاجأت المحكمة هيئة الدفاع بالسماح للنيابة بالمرافعة، قبل إتاحة الفرصة للدفاع للاطلاع على ملف القضية، وانتهت الجلسة دون إعلان أي قرار، لتفاجأ هيئة الدفاع، بعد يومين، بصدور حكم بحبس فاروق لمدة خمس سنوات.   

من جانبها، طالبت «هيومن رايتس ووتش» السلطات المصرية، قبل أسبوع، بإلغاء الحكم الصادر بحق فاروق، فيما أدانت مؤسسات حقوقية أخرى الحكم في وقتٍ سابق، محذرة من المخاطر الصحية التي تهدد حياته.

كان فاروق أكد خلال جلسات تجديد الحبس، أنه محروم من الرعاية الطبية الأساسية والتعرض للشمس، لاحتجازه في زنازين مغلقة لما يقارب 23 ساعة يوميًا، ما يفاقم وضعه الصحي.

 

*مطالباتٌ بالإفراج الفوري عن السفير رفاعة الطهطاوي والنقابي الحقوقي شوقي عماشة

انتقد حقوقيون ومنظمات استمرار احتجاز شخصيات بارزة مثل السفير محمد رفاعة الطهطاوي والدكتور أحمد عماشة، واعتبروه جزءا من سياسة ممنهجة تستهدف الأصوات المستقلة والرموز الوطنية.

وأكدت المطالبات الحقوقية المحلية والدولية أن الإفراج عنهم ليس فقط التزامًا قانونيًا، بل ضرورة أخلاقية لإنقاذ ما تبقى من هيبة المؤسسات، وإعادة الثقة في دولة القانون.

واعتبر “تكنوقراط مصر” @egy_technocrats أن استمرار احتجاز السفير محمد رفاعة الطهطاوي، البالغ من العمر 76 عامًا، والمعتقل منذ 4 يوليو 2013، في سجون شديدة الحراسة، في انتهاك فجّ لأبسط معايير العدالة وحقوق الإنسان.

وأشار إلى أن “احتجاز دبلوماسي سابق شغل مناصب سيادية رفيعة، وخدم الدولة المصرية لعقود، يكشف بوضوح عن نهج النظام القائم في توظيف الحبس كأداة للانتقام السياسي، دون اعتبار لسن المحتجز أو تاريخه أو حالته الصحية، ودون اكتراث بالدستور المصري أو التزامات مصر الدولية.

ويؤكد هذا الاحتجاز المطوّل أن ما يجري ليس تطبيقًا للقانون، بل عقابًا سياسيًا خارج إطار العدالة، يرسّخ دولة القمع ويهدر ما تبقى من هيبة المؤسسات.

وطالب بـالإفراج الفوري وغير المشروط عن السفير محمد رفاعة الطهطاوي، ووقف سياسة الاحتجاز التعسفي، واحترام حقوق كبار السن، باعتبارها التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا لا يقبل المساومة.

واعتقال شخصية دبلوماسية بهذا الوزن يعكس أن النظام لا يتورع عن استهداف رموز الدولة السابقين، حتى من خدموا مؤسساتها لعقود. 

حالة النقابي الحقوقي أحمد عماشة

ويبلغ د.أحمد شوقي عماشة ، 63 عامًا، وهو طبيب بيطري وناشط بيئي بارز، شغل منصب نقيب الأطباء البيطريين في دمياط، وأسس “رابطة أسر المختفين قسريًا”.

وفي 17 يونيو 2020، اقتحمت قوات الأمن شقته بحلوان واعتقلته، ليختفي قسريًا 26 يومًا قبل ظهوره أمام نيابة أمن الدولة العليا.

ووفق تقرير الفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي (الرأي رقم 56/2025)، تعرض للتعذيب بالصعق الكهربائي والضرب والتعليق، ما أدى لكسر ضلوعه، وحُرم من الرعاية الطبية.

ويحاكم أمام محكمة جنايات القاهرة في قضايا مرتبطة بالانضمام لجماعة وحيازة مطبوعات، وسط انتقادات واسعة لغياب المحاكمة العادلة.

وأكد الفريق الأممي أن احتجازه تعسفي ويندرج تحت أربع فئات من الاحتجاز غير القانوني، وطالب بالإفراج الفوري عنه وتعويضه.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=887910116923382&set=a.206829455031455

وأصدر الفريق الحقوقي التابع للأمم المتحدة والمعني بالاحتجاز التعسفي عدة آراء تؤكد أن احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر يفتقر للسند القانوني.

وانتقدت العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش مرارًا استمرار الاعتقالات التعسفية، لكن تقاريرهما غالبًا ما تُقابل بالرفض من الحكومة المصرية التي تصفها بأنها “مسيسة”.

وقالت منظمات مصرية محلية ودولية: إن “هذه الهيئات الدولية لا تمارس ضغطًا كافيًا، إذ تكتفي بالبيانات دون ربط المساعدات الاقتصادية والسياسية لمصر بملف حقوق الإنسان”.

واعتبر مراقبون أن من دلالات استمرار الاحتجاز هو الانتقام السياسي وأن الهدف ليس تطبيق القانون، بل معاقبة شخصيات بارزة بسبب مواقفها أو ارتباطها بفترات سياسية سابقة.

وتتميز اعتقالات هؤلاء البارزين بغياب المحاكمة العادلة، حيث معظم هذه القضايا تتسم بمحاكمات جماعية، وغياب حق الدفاع، واستخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب.

https://www.ohchr.org/…/a-hrc-wgad-56-2025-egypt-aev.pdf

يُعد ملف الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في مصر من أبرز القضايا الحقوقية التي تثير جدلاً واسعًا داخليًا وخارجيًا، ومن بين الحالات التي تحظى باهتمام خاص، استمرار احتجاز السفير محمد رفاعة الطهطاوي، الدبلوماسي البارز ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، والنقابي الحقوقي أحمد شوقي عماشة، الطبيب البيطري والمدافع عن حقوق الإنسان، كلاهما يمثل نموذجًا صارخًا لانتهاك الحقوق الأساسية، ويكشف عن نهج ممنهج في استخدام السجون كأداة للانتقام السياسي.

* “أخويا بيموت”شاب كفيف يستغيث لإنقاذ شقيقه من سجن ” وادي النطرون

في مشهد إنساني مؤلم يكشف عن حجم المأساة التي تعيشها آلاف الأسر المصرية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لشاب كفيف يوجه صرخة استغاثة لإنقاذ شقيقه المعتقل، أحمد عبد العال الجندي، الذي يواجه الموت البطيء داخل سجن وادي النطرون نتيجة تدهور حالته الصحية والإهمال الطبي المتعمد.

الشاب، الذي ظهر في الفيديو وهو يعتصر ألمًا، لم يطلب المستحيل، بل طالب بحق إنساني ودستوري بسيط: الإفراج عن شقيقه ليتلقى العلاج، أو على الأقل توفير الرعاية الطبية اللازمة له قبل فوات الأوان. 

“وادي النطرون”.. سجن أم ساحة انتقام؟

المعتقل أحمد عبد العال الجندي، المنحدر من مركز كرداسة، ليس مجرد رقم في سجلات السجون، بل هو ضحية لسياسة “القتل البطيء” التي تنتهجها إدارات السجون المصرية ضد المعتقلين السياسيين.

الجندي، المحبوس على ذمة قضايا سياسية ملفقة، يعاني من أمراض مزمنة تفاقمت بسبب ظروف الاحتجاز غير الآدمية في سجن وادي النطرون، الذي وصفه حقوقيون بأنه “مسلخ بشري”.

الاستغاثة التي أطلقها شقيقه الكفيف جاءت بعد أن سُدت في وجه الأسرة كل الأبواب القانونية والإنسانية، حيث ترفض إدارة السجن نقله للمستشفى أو حتى إدخال الأدوية اللازمة، مما حول حبسه إلى حكم بالإعدام غير المعلن.

استغاثات متكررة.. وآذان صماء

حالة الجندي ليست فريدة، بل هي نموذج لآلاف الحالات المماثلة. ففي مايو 2025، وثقت منظمات حقوقية وفاة معتقلين آخرين في نفس السجن نتيجة الإهمال الطبي، مما يؤكد أن ما يحدث هو سياسة ممنهجة وليست حوادث فردية.

شقيق الجندي الكفيف، الذي يعتمد على أخيه في كثير من شؤون حياته، وجد نفسه عاجزًا أمام تعنت السلطات، فلجأ إلى الفضاء الإلكتروني كآخر محاولة لإيصال صوته، قائلاً بمرارة: “ساعدوني أنقذ أخويا.. مش عايزه يموت زي اللي ماتوا”.

هذه الكلمات تضع النظام المصري وأجهزته الأمنية أمام مسؤولية أخلاقية وجنائية مباشرة عن حياة هؤلاء المعتقلين.

صمت القبور.. ومطالب بالإفراج الفوري

رغم توالي الاستغاثات والتقارير الدولية التي تدين أوضاع السجون في مصر، تواصل السلطات سياسة الإنكار والتعتيم.

الفيديو الذي نشره شقيق الجندي لا يفضح فقط انتهاكات سجن وادي النطرون، بل يعري منظومة العدالة بأكملها التي تسمح باستمرار حبس مواطنين في ظروف قاتلة دون محاكمة عادلة أو رعاية صحية.

النشطاء والحقوقيون الذين تداولوا الفيديو طالبوا النائب العام والجهات المعنية بالتدخل الفوري للإفراج الصحي عن أحمد الجندي، محذرين من أن استمرار حبسه في هذه الظروف يعني حكماً مسبقاً بتصفيته جسدياً، ومضيفين اسمًا جديدًا إلى قائمة شهداء الإهمال الطبي في السجون المصرية.

 

*تشريعات بلا أثر وسجون بلا عدالة ..استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان بمصر وغطاء جديد لواقع القمع

في وقتٍ تؤكد فيه منظمات حقوقية محلية ودولية أن السجون المصرية تضم أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، بينهم ما يزيد على ألف معتقلة، فضلاً عن مئات الضحايا جراء القتل الطبي والإهمال المتعمد داخل السجون، وآلاف حالات الإخفاء القسري التي لم يُكشف عن مصير أصحابها حتى اليوم، خرجت سلطات الانقلاب العسكري لتعلن عزمها إطلاق «استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان» مطلع العام المقبل.

وزعم وزير الخارجية والهجرة في حكومة الانقلاب، بدر عبد العاطي، خلال اجتماع للجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ، أن بلاده تستعد لتدشين استراتيجية حقوقية جديدة «تتضمن الإنجازات والتحديات، وتقيس مدى تنفيذ الأهداف الموضوعة»، مع رفع تقارير مباشرة إلى رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في خطوة اعتبرها حقوقيون محاولة مكشوفة لتجميل صورة النظام خارجياً، لا سيما مع تصاعد الانتقادات الدولية لسجله الحقوقي.

وتحدث عبد العاطي عن «خدمة المواطن المصري» و«تعزيز الحقوق والحريات»، مؤكداً أن الملف الحقوقي «لا يُدار لإرضاء أطراف خارجية»، في وقتٍ تُصادر فيه أبسط الحقوق السياسية، ويُزج بالمعارضين والصحفيين والطلاب والنشطاء خلف القضبان، غالباً بلا محاكمة عادلة، أو عبر قضايا ملفقة أمام دوائر استثنائية.

تشريعات بلا أثر… وسجون بلا عدالة

ورغم حديث الوزير عن الالتزام بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021–2026)، وترويج ما وصفه بـ«حزمة تشريعات داعمة للحقوق»، تؤكد منظمات مستقلة أن هذه القوانين لم تنعكس بأي شكل على واقع الحريات، بل تزامنت مع توسع غير مسبوق في الحبس الاحتياطي المطول، وإعادة تدوير المعتقلين في قضايا جديدة فور صدور قرارات بإخلاء سبيلهم.

ويأتي هذا الخطاب الرسمي في وقتٍ أثارت فيه إحالة 64 متهماً إلى المحاكمة في قضايا أمن دولة عليا، على خلفية التضامن مع غزة وجمع تبرعات إنسانية، موجة إدانات واسعة، حيث وصفت منظمات حقوقية هذه الخطوة بأنها «تعسفية» وتفتقر لأي مبرر قانوني، وتعكس استخدام القضاء أداة لتجريم العمل العام والتضامن الإنساني.

أكذوبة «مراكز التأهيل»

ومن أكثر التصريحات إثارة للجدل، ادعاء عبد العاطي أن الدولة «هدمت 41 سجناً» واستبدلتها بما سماه «مراكز للتأهيل والإصلاح»، مدعياً أنها تحظى بإشادات واسعة، وأن بعض السجناء «رفضوا مغادرتها» بعد انتهاء مدة عقوبتهم، في رواية قوبلت بسخرية واستنكار واسعَين، في ظل توثيق عشرات حالات الوفاة داخل هذه المراكز نفسها، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد ومنع العلاج.

وتؤكد تقارير حقوقية أن ما يسمى «مراكز الإصلاح» ليست سوى سجون مغلقة بظروف أشد قسوة، يُحرم فيها المعتقلون من الزيارات، والتريض، والرعاية الصحية، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية التي تزعم السلطات الالتزام بها.

خصوصية ثقافية أم تبرير للقمع؟

وفي محاولة لتبرير هذا السجل، أعاد عبد العاطي استخدام خطاب «الخصوصية الثقافية والدينية» لرفض الانتقادات الدولية، معتبراً أن بعض الحقوق «لا تتوافق مع طبيعة المجتمع المصري»، وهو خطاب اعتاد النظام استخدامه لتبرير قمع حرية التعبير والصحافة، وتجريم الاختلاف السياسي، تحت غطاء السيادة والهوية.

ويرى حقوقيون أن هذا الطرح لا يعدو كونه ذريعة سياسية للهروب من المساءلة، خاصة في ظل الصمت المريب لبعض المراكز الحقوقية الرسمية وشبه الرسمية، التي باتت تلعب دور «شاهد الزور» على أكبر موجة انتهاكات تشهدها مصر في تاريخها الحديث.

غزة في الخطاب… والسجون في الواقع

وبينما استعرض الوزير ما وصفه بالدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، تجاهل حقيقة أن عشرات المصريين يقبعون في السجون بسبب تضامنهم مع غزة، وأن التظاهر السلمي أو جمع التبرعات الإنسانية بات جريمة تُعاقب عليها محاكم أمن الدولة.

خلاصة المشهد

في المحصلة، تبدو «الاستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان» مجرد واجهة دعائية في ظل استمرار الاعتقال السياسي، والإخفاء القسري، والقتل البطيء داخل السجون، وغياب أي إرادة سياسية حقيقية للإصلاح. فبين خطاب رسمي منمّق وواقع قاتم، تتسع الفجوة، ويبقى ملف حقوق الإنسان في مصر شاهداً على نظام يستخدم القوانين والاستراتيجيات كأدوات للتضليل، لا كمدخل للعدالة والحرية.

*الشيخ عبد الحفيظ غزالي إمام مسجد الفتح خلف القضبان منذ 12 عامًا

منذ أكثر من اثني عشر عامًا، لا يزال الشيخ عبد الحفيظ السيد محمد غزالي، إمام وخطيب مسجد الفتح برمسيس وكبير أئمة وزارة الأوقاف سابقًا، يقضي عقوبة السجن المؤبد داخل السجون، في واحدة من القضايا التي تحولت إلى رمز للجدل الحقوقي الواسع عقب أحداث أغسطس 2013، وسط تساؤلات متزايدة حول مسار العدالة، وحدود العقاب، وحقوق كبار السن داخل أماكن الاحتجاز.

الشيخ عبد الحفيظ، المولود عام 1955، يبلغ اليوم قرابة السبعين عامًا، ويقضي حكمًا بالسجن المؤبد (25 عامًا) بعد أن أيدت محكمة النقض الحكم نهائيًا في مارس 2022، عقب سنوات طويلة من الحبس الاحتياطي والتنقل بين عدة سجون، أبرزها وادي النطرون ثم سجن المنيا شديد الحراسة، في ظروف وصفتها منظمات حقوقية بالقاسية وغير الإنسانية.

مسيرة دعوية طويلة قبل السجن

على مدار أكثر من ثلاثة عقود، عمل الشيخ عبد الحفيظ غزالي في وزارة الأوقاف، وتدرج في المناصب الدعوية حتى وصل إلى موقع كبير أئمة أوقاف القاهرة. خطب في كبرى مساجد العاصمة، وشارك في قوافل دعوية رسمية، واعتلى منابر حضرها مسؤولون ورؤساء في الدولة خلال فترات سابقة. 

ولم يُعرف عن الشيخ أي نشاط سياسي أو انتماء حزبي، إذ ارتبط حضوره العام بعمله الدعوي الرسمي، إلى جانب أنشطة اجتماعية وخيرية، شملت تنظيم موائد الرحمن، والمشاركة في دعم مشروعات تعليمية وخدمية داخل مسجد الفتح وخارجه، ما جعله شخصية دينية معروفة لدى رواد المسجد وأهالي المنطقة.

أحداث مسجد الفتح.. يوم التحول المصيري

في 16 أغسطس 2013، تواجد الشيخ عبد الحفيظ داخل مسجد الفتح برمسيس في إطار عمله الرسمي، بالتزامن مع حصار أمني واسع للمسجد، الذي لجأ إليه مصابون ومدنيون فارّون من محيط الأحداث الدامية آنذاك.

وبحسب شهادات متعددة، اقتصر دور الشيخ خلال تلك الساعات على محاولة إنقاذ الأرواح، واستقبال المصابين، والتعامل مع الجثامين التي نُقلت إلى داخل المسجد، إلى جانب محاولات للتواصل مع قيادات أمنية وعسكرية لرفع الحصار وتسهيل خروج الموجودين، دون استجابة.

وخلال بث مباشر جرى تداوله في ذلك الوقت، نفى الشيخ بشكل قاطع استخدام المسجد أو مئذنته في إطلاق النار، مؤكدًا أن باب المئذنة يقع خارج نطاق المسجد وكان خاضعًا لسيطرة قوات الأمن.

القبض والمحاكمة الجماعية

في 17 أغسطس 2013، ألقي القبض على الشيخ عبد الحفيظ ضمن من جرى اعتقالهم من داخل المسجد، وأحيل لاحقًا إلى محاكمة جماعية ضمت مئات المتهمين في قضية عُرفت إعلاميًا بأحداث مسجد الفتح.

وفي سبتمبر 2017، صدر حكم بالسجن المؤبد بحقه، قبل أن يُؤيد الحكم بشكل نهائي في عام 2022، رغم ما تؤكده أسرته ومنظمات حقوقية من غياب أي أدلة تثبت تورطه في أعمال عنف أو تحريض أو حيازة سلاح.

ضغوط وشهادات زور

تفيد شهادات موثقة بأن الشيخ تعرض داخل محبسه لضغوط مباشرة لإجباره على الإدلاء بشهادة زور تتماشى مع رواية أمنية محددة حول أحداث المسجد، مقابل وعود بالإفراج عنه وتقديم مغريات مالية كبيرة. إلا أن الشيخ، وفق تلك الشهادات، رفض الانصياع بشكل قاطع.

عقب هذا الرفض، بدأت – بحسب المصادر الحقوقية – مرحلة جديدة من التنكيل، تمثلت في تشديد ظروف احتجازه وتعرضه لسلسلة من الانتهاكات.

سجل الانتهاكات داخل السجن

خلال سنوات احتجازه، تعرض الشيخ عبد الحفيظ غزالي لانتهاكات جسيمة، من بينها:

  • الاعتداء الجسدي والصعق بالكهرباء.
  • حبسه مع سجناء جنائيين في ظروف غير ملائمة.
  • منعه من التريض لفترات طويلة.
  • مصادرة ملابسه وأدويته خلال حملات “تجريد”.
  • التضييق الشديد على الزيارات العائلية.
  • نقله المتكرر إلى سجون بعيدة عن محل إقامة أسرته، بما يزيد من معاناتها.

تدهور صحي خطير

يعاني الشيخ حاليًا من تدهور صحي ملحوظ، يشمل:

  • مشكلات حادة في الجهاز التنفسي.
  • نوبات إغماء متكررة.
  • تساقط معظم أسنانه.
  • عودة الفتاق بعد رفض السماح بإجراء عملية جراحية ضرورية خارج السجن.

ورغم تقدمه في العمر وخطورة حالته الصحية، لم يحصل الشيخ على رعاية طبية كافية أو فحوص دورية منتظمة، الأمر الذي تعتبره منظمات حقوقية تهديدًا مباشرًا لحياته.

معاناة الأسرة الممتدة

لم تقتصر تبعات القضية على الشيخ وحده، إذ تشير التقارير إلى أن:

  • أحد أبنائه تعرض للاعتقال لعدة سنوات في إطار الضغط عليه.
  • صودرت ممتلكات الأسرة.
  • أُوقف معاشه بالكامل.
  • تُركت الأسرة في أوضاع معيشية بالغة الصعوبة، دون مصدر دخل ثابت..

*وفاة “طارق أشرف” ثاني محتجز داخل قسم الهرم خلال 4 أشهر

شهد قسم شرطة الهرم بمحافظة الجيزة واقعة جديدة أثارت موجة من الجدل والقلق الحقوقي، بعد وفاة الشاب طارق أشرف السيد محفوظ داخل محبسه، ليصبح ثاني محتجز يفقد حياته داخل القسم ذاته خلال أقل من أربعة أشهر، في واقعة دفعت النيابة العامة إلى التحرك العاجل وفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الوفاة.

تشريح وتحريات موسعة

وقررت النيابة العامة بالجيزة انتداب مصلحة الطب الشرعي لتشريح جثمان المتوفى، لبيان سبب الوفاة بدقة، وما إذا كانت ناتجة عن عنف أو إهمال أو أسباب مرضية، وذلك في ضوء البلاغات المقدمة من أسرته وما أثير من شبهات حول تعرضه للاعتداء.

كما كلفت النيابة المباحث الجنائية بإجراء تحريات موسعة حول الواقعة، واستدعت اثنين من المحتجزين الذين كانوا رفقة طارق في غرفة الحجز رقم 11 لسماع أقوالهم حول ما جرى داخل محبسه خلال أيام احتجازه الأخيرة.

تفاصيل الاحتجاز والوفاة

وبحسب بيان صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن الشاب طارق أشرف كان محتجزًا بقسم شرطة الهرم منذ 3 ديسمبر الجاري على خلفية مشاجرة زوجية.

وأوضحت المبادرة أن والدة المتوفى تلقت اتصالًا يفيد بتدهور حالته الصحية، فتوجهت على الفور إلى القسم برفقة شقيقه، قبل أن يفاجآ بوفاته.

ونقلت المبادرة عن شقيق المتوفى أنه عند معاينته للجثمان لاحظ إصابات ظاهرية وكدمات تشير إلى تعرضه للضرب وربما التعذيب، ما دفع الأسرة إلى التوجه فورًا إلى نيابة الهرم وتقديم بلاغ رسمي يطالب بفتح تحقيق عاجل. وقد قُيِّد البلاغ برقم 20217 لسنة 2025 إداري قسم الهرم.

شهادات الأسرة وشبهة جنائية

وفي هذا السياق، قال رضا مرعي، المحامي بالمبادرة المصرية ووكيل أسرة المتوفى، إن والدة طارق وشقيقه أكدا خلال التحقيقات وجود شبهة جنائية وراء الوفاة، بعد مشاهدتهما آثار كدمات وزُرقان وإصابات غير طبيعية على الجثمان، مشددين على أن نجلهم “تعرض للضرب”.

وأضاف مرعي أن الأسرة لا تعلم على وجه التحديد هوية المعتدين، وتترك الأمر لتحقيقات النيابة العامة، سواء كان الاعتداء قد وقع من محتجزين آخرين في نفس غرفة الحجز أو من أفراد تابعين للجهات الأمنية، مؤكدًا أن القضية ما زالت قيد التحقيق، وأن تقرير الطب الشرعي سيكون الفيصل في تحديد سبب الوفاة وطبيعة الإصابات.

واقعة ثانية خلال أشهر

وتأتي وفاة طارق أشرف بعد أقل من أربعة أشهر على وفاة الشاب وائل يوسف خيري (21 عامًا)، المعروف بـ”كيرلس”، داخل القسم ذاته في أغسطس الماضي.

وكانت آثار ضرب وتعذيب قد ظهرت على جثمان وائل، بينما قالت وزارة الداخلية حينها إن الوفاة جاءت نتيجة مشاجرة مع ثلاثة محتجزين آخرين، تسببت في إصابته بحالة إعياء نُقل على إثرها إلى المستشفى، قبل أن يتوفى لاحقًا.

هذا التكرار الزمني داخل نفس القسم أعاد إلى الواجهة تساؤلات جدية حول أوضاع الاحتجاز ومدى الالتزام بضمان سلامة المحتجزين.

مطالب حقوقية وضمانات التحقيق

وشددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين تقع على عاتق وزارة الداخلية والجهات الشرطية منذ لحظة القبض عليهم وحتى الإفراج عنهم أو عرضهم على جهات التحقيق.

وطالبت المبادرة بعدة إجراءات عاجلة، أبرزها: سرعة الانتهاء من تقرير الصفة التشريحية وإرساله للنيابة، والتحفظ على كاميرات المراقبة داخل قسم شرطة الهرم وتفريغها، وضمان حماية الشهود من المحتجزين الذين كانوا برفقة المتوفى، وتقديم كل من يثبت تورطه في وفاة طارق أشرف إلى محاكمة جنائية عاجلة، منعًا للإفلات من العقاب.

سياق أوسع وانتقادات متصاعدة

وتأتي هذه الواقعة في ظل انتقادات متزايدة تواجهها الحكومة بشأن أوضاع المحتجزين، ووقائع الوفاة داخل أماكن الاحتجاز.

وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قد أشار في تقريره السنوي الثامن عشر، الصادر مؤخرًا، إلى ظاهرة وفاة المحتجزين داخل المقار الشرطية، مستشهدًا بحالة وفاة الشاب محمود ميكا داخل قسم شرطة الخليفة في مارس الماضي.

في المقابل، تؤكد الحكومة أن أوضاع السجون شهدت تحسنًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة. وقال وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ، إن بعض نزلاء مراكز التأهيل “رفضوا مغادرتها بعد انتهاء مدة أحكامهم”، ما أثار سخرية واسعة على التواصل الإجتماعي من تصريحات عبدالعاطي.

*مصر تتهم نتنياهو بعرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة ومحاولة إشعال المنطقة

اتهمت مصر بنيامين نتنياهو بالسعي لعرقلة تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومحاولة نقل بؤر التوتر الإقليمي بعيدًا عن القطاع بهدف إعادة إشعال الصراع.

جاء ذلك على لسان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، في تصريحات لقناة القاهرة الإخبارية، أوضح فيها أن نتنياهو يعمل على تحويل الاهتمام الأمريكي إلى ملفات إقليمية أخرى، وفي مقدمتها إيران وسوريا ولبنان، لتفادي الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق.

مناورة إقليمية وفشل محتمل

أكد رشوان أن نتنياهو يحاول إشعال المنطقة خارج غزة مستفيدًا من توتر العلاقات الأمريكية–الإيرانية، على أمل دفع واشنطن إلى مواجهة أوسع قد تُفشل المرحلة الثانية. لكنه شدد على وجود فيتو أمريكي واضح يمنع تجدد الاشتباكات في غزة، وأن الإدارة الأمريكية حسمت موقفها لصالح بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل.

وأشار إلى أن استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنتنياهو في 29 ديسمبر الجاري يُرجّح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس، معتبرًا أن ترامب “رجل عملي” ويريد استكمال ما يراه حلًا تاريخيًا، وأن خطة وقف إطلاق النار في غزة هي الوثيقة الأبرز باسمه في السياسة الخارجية خلال العام.

عراقيل متوقعة ومحاولات تعديل

وفيما يتعلق بالعقبات، قال رشوان إن نتنياهو يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق وتدركه الولايات المتحدة جيدًا. كما أشار إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة دولية في مهام غير منصوص عليها مثل نزع السلاح، وهو ما لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد أن هذه المحاولات قد تُبطئ التنفيذ لكنها لن توقف المرحلة الثانية في ظل الإصرار الأمريكي والمعرفة الدقيقة بحدود الاتفاق.

ملف التهجير وموقف واشنطن

وبشأن تهجير الفلسطينيين، أوضح رشوان أن الفكرة راودت تيارات يمينية متطرفة داخل إسرائيل، لكنه أكد أن الاتصالات مع الدول الوسيطة، وعلى رأسها مصر، أوضحت لواشنطن خطورة التهجير. وأضاف أن ترامب بات يعتبر أن لا إجبار على مغادرة غزة، ومن يغادر طوعًا له حق العودة.

لقاء نتنياهو–ترامب وجدول الأعمال

وكانت صحيفة إسرائيل اليوم قد أفادت بأن لقاء نتنياهو وترامب المرتقب في فلوريدا سيُختتم ببيان حول التقدم نحو المرحلة الثانية، وأن جدول الأعمال سيركز على إنهاء الحرب في غزة، إلى جانب الملف الإيراني خلف الأبواب المغلقة.

خلفية الاتفاق وتفاصيل المرحلة الثانية

توصلت إسرائيل وحركة حماس في 9 أكتوبر الماضي إلى اتفاق من مرحلتين لوقف إطلاق النار، بوساطة مصر وقطر وتركيا، استنادًا إلى خطة من 20 نقطة. دخلت المرحلة الأولى حيز التنفيذ في اليوم التالي، لكن إسرائيل خرقت الاتفاق مئات المرات ولم تلتزم بالشق الإنساني وإدخال المساعدات، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني وفق وزارة الصحة في غزة.

وتشمل المرحلة الثانية: تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة القطاع، ملف الإعمار، مجلس السلام، إنشاء قوة دولية، انسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي، ونزع سلاح حماس.

بهذا، ترى القاهرة أن محاولات التعطيل لن تغيّر المسار العام، وأن الانتقال للمرحلة الثانية بات أقرب من أي وقت مضى، رغم الضغوط والمناورات السياسية.

*مصر تتراجع عن التصعيد ضد إثيوبيا وترد بالقانون الدولي

كشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي، عن “حزمة خطوط حمراء وضعتها مصر، في سياستها الخارجية لمواجهة الملفات الشائكة وحماية مصالحها الوطنية“.

ففيما يخص ملف سد النهضة الإثيوبي، أكد وزير الخارجية أن “أي ضرر قد يلحق بمصر نتيجة المشروع سيقابل برد فعل قانوني دولي”، مشيرًا إلى أن “مصر تحرص على اتباع كافة القنوات القانونية والدولية لضمان حماية حقوقها المائية“.

ووصف عبد العاطي هذا الملف بأنه “أولوية استراتيجية للأمن القومي المصري”، موضحًا أن “الحق في المياه حق أساسي للوجود والحياة، وأن مصر لن تتهاون في حماية مصالحها“.

جاء ذلك خلال اجتماع لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ المصري.

وخفضت مصر من لهجتها التصعيدية ضد إثيوبيا، بعد التلويح بالخيار العسكري ضد أديس أبابا، حيث أشار السيسي في خطابه إلى أن لغة الحوار هي التي ستنهي الخلاف مع إثيوبيا.

وأشار عبد العاطي، أن “هذه الخطوط تشمل رفض التهجير وتقسيم الدول الشقيقة، مع التأكيد على الحفاظ على وحدة الدول العربية“.

وشدد على أن “مصر تتابع عن كثب التطورات في السودان، لضمان استقرار الدولة وحماية سيادتها“.

وأكد أن “هذه الخطوط الحمراء تمثل إطارًا ثابتًا في صياغة السياسة الخارجية المصرية تجاه القضايا الإقليمية والدولية الحساسة، وتعكس التزام القاهرة بمبادئ الأمن والاستقرار في المنطقة

*اليمين الإسرائيلي يهاجم صفقة الغاز مع مصر ويصفها بالوهم الاقتصادي

شنت منصة “hakolhayehudi” (الصوت اليهودي) الإخبارية الإسرائيلية، التي تمثل تيار اليمين، هجوما لاذعا على صفقة الغاز الكبرى الموقعة مؤخرا بين إسرائيل ومصر.

وقالت المنصة إن الصفقة “وهم اقتصادي خطير” يتجاهل التحديات الأمنية المتزايدة على الحدود مع سيناء.

وأشارت المنصة إلى أن الصفقة، الموقعة في أغسطس الماضي بين شركة “نيو-ميد إنيرجي” (التابعة لمجموعة ديلك الإسرائيلية ومليارديرها إسحاق تشوفا) ومصر، تُعدّ الأكبر في تاريخ إسرائيل من حيث الحجم، وتبلغ قيمتها نحو 35 مليار دولار حتى عام 2035.

وأوضحت أن الموافقة على الصفقة جاءت بعد ضغوط من الإدارة الأمريكية، التي كانت تعارض تأجيلها بسبب مخاوف وزير الطاقة من تأثيرها على الأمن الطاقي الإسرائيلي واحتمال ارتفاع أسعار الكهرباء محليًّا.

وأشارت “الصوت اليهودي” إلى أن المعارضين للصفقة يحذّرون من أن تصدير 15% من احتياطيات الغاز قد يعرّض إسرائيل لخطر نضوب الموارد في المستقبل، ويجعلها معتمدة على دول أخرى – حتى المعادية منها – خاصة وأن التقديرات الحالية عن كميات الغاز ليست قطعية.

في المقابل، يرى المؤيدون أن الصفقة تمثل فرصة اقتصادية وجيوسياسية، إذ تعاني مصر من عجز حاد في الغاز بسبب انخفاض الإنتاج وزيادة الطلب، ما يجعلها معتمدة على إسرائيل، وهو ما قد يخلق حالة من الاعتماد المتبادل.

وبحسب تقديرات وزارة الطاقة الإسرائيلية، سيكفي الغاز الاحتياجات المحلية لـ25–30 عامًا حتى بعد تنفيذ الصفقة.

وأكدت المنصة أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دفعت بقوة لتمرير الصفقة، ليس فقط لحماية مصالح شركة “شيفرون” الأمريكية (المشغّلة لمنصات الحفر الإسرائيلية)، بل أيضًا كجزء من رؤيته لـ”السلام الاقتصادي” في المنطقة، باعتبار الصفقة خطوة أولى لإحياء اتفاقيات إبراهيم.

وكانت إسرائيل عطلت المفاوضات قبل ثلاثة أشهر ردًّا على انتهاكات مصرية متكررة لاتفاقية السلام، من بينها:

بناء ممرات في سيناء يمكن استخدامها لتخزين أسلحة،

تمديد مدارج المطارات،

نشر قوات مشاة ودبابات خارج الحدود المسموح بها.

وتساءلت المنصة: “هل نجح التهديد بتعليق الصفقة؟”، مشيرة إلى تقرير صحفي نشره عامير بوخبوت في موقع “واللا” بعد يوم واحد من توقيع الاتفاق، أفاد بأن مصر بدأت سحب قواتها من سيناء.

لكنها لفتت إلى أن هذه المعلومة تتطلب تحليلًا حذرًا، خاصةً في ظل تقارير سابقة عن تكثيف الوجود العسكري المصري قرب الحدود.

كما استشهدت بتصريحات العقيد المتقاعد إلي ديكيل، ضابط المخابرات السابق والخبير في شؤون سيناء، الذي قال:

الوهم بأن الاعتماد الاقتصادي سيمنع مواجهة أمنية هو وهم خطير.”

وأضاف أن فكرة أن “العدو إذا أشبعته سيكفي شره” تنبع من “تصور اشتراكي بعيد عن الواقع”، مؤكدًا:

لا أرى أي تراجع في جهود مصر للتعزيز العسكري. من السذاجة الاعتقاد أن ضخ المليارات إليها سيهدئ الأسد

*هل تنهي صفقة الغاز التوتر بين مصر وإسرائيل؟

لم تُخفِ القاهرة امتعاضها من محاولات إسرائيل تسويق صفقة الغاز الأخيرة بوصفها اختراقاً سياسياً يُعيد الدفء إلى العلاقات الثنائية، إذ بدا واضحاً أن الاتفاق الاقتصادي لم ينجح في تغطية شروخ أعمق تتسع يوماً بعد يوم بين مصر وإسرائيل منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، واستمرار الاحتلال خرق بنود اتفاق وقف الحرب.

فخلف عناوين “التعاون الطاقي” و”المصالح المشتركة” التي يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتراكم ملفات خلافية حساسة تتعلق بالحدود، ومعبر رفح، والحرب في غزة، واتفاقية السلام نفسها، في ظل حكومة إسرائيلية ترى فيها مصر شريكاً غير موثوق، وخطاباً سياسياً يروج له نتنياهو يتناقض مع الوقائع على الأرض.

في هذا السياق، يتناول هذا التقرير خلفيات الموقف المصري من صفقة الغاز، وأسباب الإصرار على حصرها في بعدها التجاري، ويكشف كيف تنظر القاهرة إلى سلوك حكومة نتنياهو، وما هي الخطوط الحمراء التي ترفض تجاوزها في ملفات الحرب في غزة وتداعياتها، إضافة إلى حدود الرهان المصري على الغاز الإسرائيلي في ظل صراع سياسي وأمني مفتوح على كل الاحتمالات.

لماذا لن تنهي صفقة الغاز التوتر بين مصر وإسرائيل؟

مصدر مصري مطلع، قال إن صفقة الغاز لا تحقق تقارباً بين مصر وإسرائيل، وأن الثقة مفقودة في حكومة اليمين المتطرفة التي يقودها نتنياهو، وأن إتمام الصفقة “لن يوقف الخطط المصرية الساعية لتنويع مصادر الطاقة”، وفق ما صرح به لـ”عربي بوست” مفضلاً عدم ذكر اسمه.

المصدر أشار إلى أن نتنياهو يستخدم عبارات مطاطة ويحاول أن يجعل للصفقة أبعاداً سياسية، لكنه في الواقع، يقول المصدر، يصطدم بأمور صادمة تتمثل في المخاوف الداخلية لديه من ارتفاع أسعار الغاز داخل إسرائيل، وبالتالي يتم تحميل الصفقة أكثر مما تتحمل، على الأقل في الوقت الحالي الذي تعمل فيه إسرائيل على عرقلة التوجه إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة.

ونفى المصدر ذاته أن تكون المصادقة على صفقة الغاز في مقابل ممارسة ضغوط مصرية على حركة “حماس” لتسليم سلاحها، مشيراً إلى أن الأمر يعد أحد بنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار، وترتبط بمدى تنفيذ إسرائيل باقي البنود، وفي مقدمتها الانسحاب الكامل من قطاع غزة.

ويحاول نتنياهو أن يوظف الصفقة لتعزيز شعبيته أمام الرأي العام الداخلي، وكأنه أحرز إنجازاً بعدما أخفق من قبل في أن ينتزع مكاسب مقابل إتمام الصفقة، مع عرقلة تشكيل القوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة، وسعيه إلى لقاء مع السيسي والزعم بوجود تنسيق أمني مع مصر.

وفق مصدر “عربي بوست” فإن هذه الأمور ليس هناك أي سند عليها، بل يمكن ملاحظة العكس، إذ إن الجانب الأميركي هو من ضغط لتمرير الصفقة في محاولة لإنقاذ العلاقات الإسرائيلية المتدهورة مع مصر والدول العربية، وبما يحقق مكاسب موازية للشركات الأميركية الشريكة في حقل الغاز الإسرائيلي.

وأوضح أن البعد السياسي بالنسبة لمصر يتمثل في تعزيز العلاقات مع أوروبا، لأن الغاز الإسرائيلي سوف يتجه بعد إسالته بمحطات التكرير المصرية إلى القارة الأوروبية، ويعد ذلك أيضاً هدفاً بالنسبة للولايات المتحدة التي تهدف لإنهاء العلاقة بين أوروبا والغاز الروسي.

المتحدث أشار إلى أن القاهرة ليس لديها الثقة في استدامة تصدير الغاز الإسرائيلي، وتعول على المصلحة الأميركية في ذلك، وما سوف تتكبده إسرائيل من خسائر إذا ما تعثرت في حماية حقولها، وفي تلك الحالة سوف تحصل مصر على تعويضات هائلة وسيكون بمثابة مكسب إضافي للقاهرة.

وشدد المصدر ذاته على أن الموقف المصري الصلب في مواجهة التهجير، والربط بين الصفقة وبين ترتيبات مستقبلية في غزة تمس مباشرة الأمن القومي المصري، سواء فيما يتعلق بفتح معبر رفح من اتجاه واحد، أو تكريس التواجد الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وأيضاً التوجه نحو تصفية القضية الفلسطينية بوجه عام، كان حاسماً في ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لإتمامها.

بحسب المصدر فإن مصر بعثت رسائل واضحة إلى إسرائيل خلال معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية “إيديكس”، بعد أن أظهرت تنوع السلاح وكشفت لأول مرة عن صناعات محلية متطورة وشراكات متنامية في التصنيع مع قوى إقليمية كبيرة في مقدمتها تركيا.

وهو ما منح عنصر توازن مهم للمفاوض المصري وقلص ذلك من مجالات المناورة الإسرائيلية، وكبح جماح الضغوط الإسرائيلية التي مارستها الحكومة المتطرفة على القاهرة خلال الفترة الماضية.

“إنجاز كبير” لإسرائيل و”صفقة تجارية” لمصر

يوم الأربعاء 17 ديسمبر/كانون الأول 2025، أعلن نتنياهو عن المصادقة رسمياً على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، بقيمة إجمالية بلغت 112 مليار شيقل (نحو 35 مليار دولار)، قائلاً: “صدقنا مع مصر على أكبر صفقة غاز في تاريخ قطاع الطاقة الإسرائيلي”، مبيناً أن الصفقة “إنجاز كبير لإسرائيل”، على حد تعبيره.

نتنياهو أوضح أن قرار المصادقة على هذه الصفقة المليارية جاء بعد مشاورات مكثفة لضمان تحقيق كافة المصالح الأمنية العليا لإسرائيل، مشدداً في الوقت ذاته على أنه سيمتنع عن ذكر التفاصيل لاعتبارات أمنية ولحساسيتها، مكتفياً بالتأكيد على أنه تمت المصادقة على الصفقة بشكل كامل.

غير أن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان أن اتفاق الغاز بين مصر وإسرائيل “صفقة تجارية بحتة أبرمت وفق اعتبارات اقتصادية واستثمارية خالصة، ولا تنطوي على أية أبعاد أو تفاهمات سياسية من أي نوع، وأشار إلى أن ما جرى هو تعاقد تجاري يخضع لقواعد السوق وآليات الاستثمار الدولي، بعيداً من أي توظيف أو تفسير سياسي.

حديث رشوان اتفق مع ما تحدث به وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لقناة “روسيا اليوم” على هامش استضافة بلاده الاجتماع الوزاري لمنتدى الشراكة روسيا – أفريقيا، على أن “صفقة الغاز مع إسرائيل تجارية، ولا يمكن استغلالها للضغط على القاهرة“.

عبد العاطي استنكر الربط بين صفقة الغاز التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية أخيراً إلى مصر، وبين المواقف السياسية، مؤكداً أن هذه الصفقة اقتصادية تجارية “بحتة” وُقعت بين شركات مصرية وأميركية وإسرائيلية. ومضى في القول: “لا دخل للأمور السياسية بهذه الصفقة، سواء من قريب أو من بعيد“.

حقيقة الضغط على مصر في صفقة الغاز

مصدر مصري مسؤول، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، قال إن إسرائيل حاولت أن تدفع باتجاه إدخال تعديل على اتفاقية السلام يضمن وجوداً إسرائيلياً تعترف به مصر في محور فيلادلفيا، وأن الإعلام الإسرائيلي عمد لترديد مزاعم بأن مصر ساعية لتعديل الاتفاقية وربطت بين تلك التوجهات وبين تمرير صفقة الغاز،وهي مجرد أكاذيب” يقول المصدر.

المصدر المسؤول أوضح لـ”عربي بوست” أن مصر لديها رغبة في زيادة قواتها على الحدود وليس سحبها، كما زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً، ومدها بوسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود المصرية مع قطاع غزة وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن.

وأشار إلى أن التوتر سوف يستمر مع إسرائيل طالما أنها لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار ولم تتوقف عن تلويحها المستمر بالتهجير، وفي حال أقدمت على تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرة ترامب للسلام، يضيف المصدر، فإن القاهرة يمكن أن تبدي مواقف أكثر انفتاحاً مع وجود بعض المؤشرات التي تبرهن على أن ترامب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإصلاح العلاقات بين إسرائيل وجيرانها.

كما أن العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة، وهناك العديد من الخلافات، بينها عرقلة إسرائيل البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وفتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والتواجد الإسرائيلي في “محور فيلادلفيا”، والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية. وهو ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف، يقول المصدر، مشيراً إلى أنه يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية.

كما أن القاهرة لم تعلن حتى الآن موقفها بشأن مطالب أميركا بعقد اتفاق بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأن مصر كانت تدرك بأن صفقة الغاز ستتم في نهاية المطاف لأنها تحقق المصلحة لإسرائيل بالقدر نفسه الذي تحققه لمصر، كما أن الصفقة تمت بين شركات وليس بين حكومات.

وكانت منصة “bhol” الإسرائيلية نشرت أن وزير الطاقة إيلي كوهين أشار إلى وجود رابط مباشر بين صفقة الغاز الكبرى مع مصر، وإعادة تمركز القوات المصرية في سيناء، ونقلت المنصة أن إذاعة الجيش الإسرائيلي سألت عن سبب عدم تضمين الصفقة بنداً صريحاً ينظم تحركات الجيش المصري في سيناء.

وجاء رد كوهين قائلاً: “إذا قرأتم التقارير التي نُشرت الأسبوع الماضي عن انسحاب قوات مصرية من شبه جزيرة سيناء، فاعلموا أن هذا التصرف لم يأت من فراغ”. التقارير الإسرائيلية نقلت عن كوهين قوله إن أحد أسباب تأجيل

مصر لا تعول كثيراً على الغاز الإسرائيلي

مصدر حكومي قال لـ”عربي بوست” إن تعقيدات العلاقة بين مصر وإسرائيل تجعل القاهرة لا تعول على الغاز كثيراً في الاستخدام المحلي، وتعمل على توفير البدائل اللازمة للاكتفاء الذاتي بغض النظر عن الكميات الواردة من إسرائيل، التي سيتم الاستفادة من عوائدها من خلال الإسالة والتصدير إلى الخارج، وهو ما يوفر العملة الصعبة.

حسب المصدر الحكومي الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، فإن الصفقة يمكن أن تتعطل حال تزايدت التوترات في المنطقة، ولكن مصر “تضع في اعتبارها أيضاً أن الولايات المتحدة لديها رغبة في استدامة الاتفاقية بما يحفظ الحقوق التجارية لشركاتها” على حد تعبيره.

وأوضح أن الحكومة المصرية تتوقع جميع الاحتمالات، ما يجعلها تعتمد على إنشاء 4 محطات لتموين السفن بالغاز الطبيعي، والتوسع في استيراد سفن الغاز من دول مختلفة، إلى جانب تعزيز الاكتشافات المحلية، وتشجيع الشركات الأجنبية على توسيع عمليات التنقيب.

وأشار المتحدث إلى أن الصفقة سيكون لها تأثير على سوق الغاز العالمي، إذ إن أوروبا ستكون أكثر اعتماداً على الغاز المصري، كما أن الأردن يمكن أن يتضرر من الصفقة التي تعني أن الغاز الإسرائيلي سيذهب إلى مصر في الأغلب، وسينعكس سلباً على اتفاقيات التصدير المبرمة مع إسرائيل.

ولفت إلى أن تراجع أسعار النفط وانخفاض أسعار الغاز عالمياً خلال الأيام الماضية، رغم حلول موسم ذروة الاستهلاك في أوروبا، أظهر خطورة تأخير تنفيذ الصفقة على الشركات الإسرائيلية والأميركية في ظل تزايد كلفة التشغيل، وعدم وجود بديل آخر لتصدير غاز الحقل الإسرائيلي بعيداً عن المسار المصري الذي ما زال الوحيد القادر على نقل الغاز الطبيعي للاستهلاك المحلي أو للعالم بعد تسييله في مصنعي إدكو ودمياط، شمال دلتا النيل.

كما أن مصر تمتلك البنية التحتية الوحيدة في شرق المتوسط القادرة على تحويل الغاز من حالته الغازية إلى سائلة، وأشار مصدر “عربي بوست” إلى أن مصر وقعت مذكرة تفاهم ثلاثية مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي لزيادة إمدادات الغاز لأوروبا كبديل للغاز الروسي، ويتم توجيه جزء من الغاز المستورد للاستهلاك المحلي، بينما يتم تسييل الفائض وإعادة تصديره لأسواق أوروبا وآسيا.

ووقّعت مصر وإسرائيل صفقة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في عام 2019، قبل تعديلها، وينص الاتفاق الأكبر في تاريخ تصدير إسرائيل الغاز الطبيعي على تزويد مصر بـ130 مليار متر مكعب منه، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار بحلول عام 2040، وستحصل الحكومة الإسرائيلية على نحو 16 مليار دولار من هذا المبلغ، على أن تعود البقية إلى شركات الغاز المشغّلة لحقول الغاز التي تمتلكها، وأبرزها شركة “شيفرون” الأميركية.

وبينما تُقدر الشركات التي تستحوذ على حقول الغاز في إسرائيل الاحتياط منه بنحو 1027 مليار متر مكعب، فإن تقدير وزارة الطاقة الإسرائيلية له لا يزيد على 850 مليار متر مكعب، وتصل الفجوة بين التقديرين إلى 177 مليار متر مكعب، وهو ما يكفي لسد حاجة الاستهلاك المحلي الإسرائيلي من الغاز، وفق وثيقة حكومية إسرائيلية.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً، ويُقدر حالياً بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعب يومياً في أشهر الصيف، وفق تقديرات حكومية.

*نظام  القوائم مخالف للدستور ومجلس النواب باطل لهذه الأسباب

تصاعدت الأصوات المطالبة بإعادة انتخابات مجلس نواب السيسي التي شهدت مخالفات وانتهاكات فاضحة من غش وتزوير وتسويد بطاقات وطغيان المال السياسي، وعودة ظاهرة الحشود وكراتين المواد الغذائية فيما أكد خبراء أن انتخابات مجلسي نواب وشيوخ السيسي الأخيرة باطلة لسبب قانوني ودستوري، وهو مخالفة نظام القوائم للدستور وبطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها .

وشدد الخبراء على ضرورة وضع نظام انتخابي جديد وإعادة هذه الانتخابات إذا كنا نريد برلمانا يعبر عن الشعب المصري ويمثله ويطالب بحقوقه .

وأوضحوا أن الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية في مراحلها المختلفة كانت بمثابة زلزال حقيقي ضرب بنيان هذه العملية، وفتحت المجال العام أمام نقاش واسع وهجوم مشروع على أوجه القصور والاختلال التي شابت الأداء الانتخابي .

 في هذا السياق كشف المستشار أحمد الخطيب، الرئيس الأسبق لمحكمة استئناف القاهرة، عن الموقف القانوني والدستوري لتداعيات الطعن على نتائج انتخابات مجلس نواب السيسي، في حال استند أحد الطعون إلى بطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها، وعلى رأسها النصوص المنظمة لنظام القوائم، وما يمكن أن يترتب على ذلك من أثار تمس البنية الكاملة للعملية البرلمانية.

وأكد الخطيب، في تصريحات صحفية أنه في حالة الطعن أمام القضاء الإداري أو محكمة النقض على نتائج انتخابات مجلس نواب السيسي، وكان الدفع الأساسي هو بطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها، بما في ذلك النصوص الخاصة بنظام القوائم، ثم إحالة هذه النصوص إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها، وقضت المحكمة بعدم دستوريتها، فإن الأثر القانوني الحتمي لذلك يقتضي إبطال الانتخابات التي تمت في ظل هذه القواعد.

بطلان النتائج

وأوضح أن القاعدة القانونية المستقرة تقضي بأن “ما بني على باطل فهو باطل”، وهو مبدأ لا يحتمل التأويل أو الالتفاف، ويترتب عليه بطلان كافة النتائج التي تأسست على نصوص قانونية ثبت عدم دستوريتها لاحقا، مهما كانت الاعتبارات السياسية أو الواقعية المصاحبة.

وأضاف الخطيب أن أثر هذا البطلان لا يتوقف عند حدود مجلس نواب السيسي فقط، بل يمتد بالضرورة إلى مجلس شيوخ البهاليل، لكونه قد تم انتخابه وفق ذات النصوص القانونية المقضي بعدم دستوريتها، الأمر الذي يفضي في النهاية إلى حل برلمان السيسي بغرفتيه، النواب والشيوخ، باعتبار أن الشرعية الدستورية لكليهما تكون قد انتفت بزوال الأساس القانوني الذي قامت عليه.

وأشار إلى أن المشهد العام كان واضحًا للغاية لأي متابع للشأن العام، مؤكدًا أن الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية في مراحلها المختلفة كانت بمثابة زلزال حقيقي ضرب بنيان هذه العملية، وفتحت المجال العام أمام نقاش واسع وهجوم مشروع على أوجه القصور والاختلال التي شابت الأداء الانتخابي.

وشدد الخطيب على أن عدم وجود نص صريح يقضي بإلغاء الانتخابات لا يعني بأي حال من الأحوال أننا أمام منطقة محظور الاقتراب منها قانونيا أو دستوريا، مؤكدا أن المنطق الدستوري لا يقوم على حرفية النصوص فقط، وإنما على مقاصدها وروحها.

كيانات صورية

وأوضح أن الهدف من العملية الانتخابية ليس مجرد تشكيل برلمان، معتبرًا أن البرلمان في ذاته ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق غاية أسمى، تتمثل في التعبير الحقيقي عن الإرادة الحرة للناخبين، وليس مجرد إنشاء كيانات صورية أو ديكورية تفتقر إلى المشروعية الشعبية والدستورية.

وأكد الخطيب أن تفعيل القوانين نصا وروحا، وفي ضوء المبادئ الدستورية الحاكمة، يؤدي بالضرورة إلى إلغاء هذه الانتخابات عبر آليات قانونية ودستورية واضحة، في مقدمتها الطعن أمام القضاء الإداري قبل إعلان النتيجة النهائية، أو الطعن أمام محكمة النقض بعد إعلان النتائج النهائية.

واوضح أن الاحتكام إلى الدستور وسيادة القانون، هو السبيل الوحيد للحفاظ على مصداقية العملية الانتخابية، وحماية الإرادة الشعبية من أي تشوهات تشريعية أو إجرائية، مهما كانت مصادرها أو مبرراتها.

محسومة مسبقًا

وقال المحامي الحقوقي هيثم محمدين : إن “الأجواء التي سبقت انتخابات مجلس نواب السيسي كانت مؤشرات واضحة على أن النتائج كانت محسومة مسبقًا لفئات معينة من المرشحين”.

وكشف محمدين في تصريحات صحفية أن هذه المؤشرات شملت استبعاد مرشحين لأسباب غير قانونية أو متناقضة، مثل نسب كحول مزعومة في التحاليل الطبية، أو مزاعم عدم أداء الخدمة العسكرية رغم توفر المستندات التي تثبت أدائهم لها، أو استبعاد مرشحين بسبب وجودهم على قوة احتياط رغم استكمالهم الخدمة العسكرية.  

وأشار إلى أن الجولة الأولى من الانتخابات أظهرت أن التنافس على المقاعد الفردية استمر بين شخصيات لها قواعد شعبية محلية أو شبكات مصالح، حتى في صفوف المرشحين الموالين لدولة العسكر، وأنه نتيجة للانحياز أو إدارة العملية الانتخابية بطريقة غير شفافة، ظهرت موجة اعتراضات واسعة، تضمنت نشر فيديوهات وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم تظلمات لم تُقبل، ما أدى إلى فقدان قطاعات شعبية واسعة للثقة في نتائج المرحلة الأولى.  

الهيئة الوطنية للانتخابات

واعتبر محمدين أن تدخل السيسي أسهم في تقويض استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات، إذ أعطى الانطباع بأن اللجنة لم تكن قادرة على رصد أو معالجة المخالفات ذاتيًا، مما دفعها إلى إعادة الانتخابات في 19 دائرة بشكل مفاجئ، معتبر أن ذلك  مؤشر على جدية المخالفات وحجمها الكبير.  

وأوضح أن هيئة الانتخابات حالت دون تسليم محاضر الفرز لممثلي المرشحين، وهو ما يضع المسئولية النهائية على عاتق الهيئة ، حتى لو لم يلتزم بعض القضاة أو أعضاء اللجان الفردية بتسليمها من تلقاء أنفسهم دون تعليمات ، لكنها في النهاية هي المسؤول الأول. مشيرًا إلى أن العملية الانتخابية كلها أصبحت مطعونًا في شرعيتها، وأن السيناريو والإخراج الحالي للانتخابات يحتاج إلى إعادة نظر شاملة.   

 

عن Admin