القصة الكاملة للامارة الاسلامية في شمال مالي من البداية الى التدخل الفرنسي – الجزء الخامس
الامارة الاسلامية وتجربة العمل القضائي والدعوة والتعليم
خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية
ماهي الخطوط العريضة للنظام الإداري للقضاء في الإمارة الاسلامية ؟ وكيف نهضتم بمؤسسة القضاء وادارته؟
في كل عاصمة ولاية يوجد بها مجلس قضاء، فكان من أعضاء مجلس القضاء في تمبكتو المشايخ : – “محمد الأمين بن عبد الودود الملقب “عمين ” من البرابيش – رئيسا- لكنه لم يمارس القضاء بسبب مرضه ،وبقيت له كافة الامتيازات المقررة للقاضي – محمد بن الحسين ” الملقب “هوكا هوكا ” ومعناها بالطارقية ” جميل “” من قبيلة “كل انتصر” – نائبا- وكان هو القاضي الفعلي – الشهيد “عبد الله أبو الحسن الشنقيطي” – رحمه الله- – محمد موسى أبو عبد الله من قبيلة كل السوق ، – أبو تراب أحمد بن الفقي من قبيلة “كل انتصر” – رضوان أبو الأشبال من قبيلة “كل انتصر” – داود أبو عبد الله السنغاوي – قتيبة أبو النعمان الشنقيطي أما في ولاية كيدال فكان من أعضاء مجلس القضاء المشايخ : – حمدي بن محمد الأمين من قبيلة كنته – رئيسا- لكنه كان قليل الحضور لبعض الظروف الخاصة ، وبقيت له كافة الامتيازات المقررة للقاضي – الشيخ احمد بن بان من نفس القبيلة – نائبا- وكان هو القاضي الفعلي – سيد محمد بن أوكن ” من قبيلة تاغت ملت ” – رضوان أبو الأشبال – – قتيبة أبو النعمان الشنقيطي
ويوجد في بعض الفروع قضاة ، فمنهم المشايخ : – سيد محمد الملقب “سيدح” من قبيلة دو إسحاق ، قاضي منطقة ” تلاتيت ” التابعة ل ” منكا ” – محمد بن أبي عبد الله من قبيلة “إيشض انهرن” أحد قضاة منطقة أزواغ التابعة ل”منكا” – محيد بن عبد الله من قبيلة إيفوغاس ، قاضي منطقة “أبيبرا” التابعة لولاية كيدال – أبو بكر الصديق قاضي منطقة ” انيانفونكي” التابعة لولاية تمبكتو
كان مجلس القضاء يرسل بعض أعضائه للمناطق الداخلية للفصل بين الناس ، وكان سكرتير القاضي في تمبكتو، وهو أحد طلبة العلم يقوم بكتابة كل ما يدور في مجلس القضاء من كلام الخصوم ودعاويهم وحججهم ونحو ذلك ، وكان يعينه أعضاء المجلس ، وبعد صدور الحكم يقوم بكتابة نص الحكم ، فإذا أقره المجلس قام القاضي بالختم عليه ، ثم توزع منه عدة نسخ :
نسخة لمن قضي له ، – وربما أعطي المقضي عليه نسخة إذا طلب ذلك – ، وللشرطة نسخة ، ويحتفظ القضاء بواحدة ، فكانت ثم أرشفة كاملة ورقية والكترونية لجميع القضايا التي عرضت على القضاء – حتى التي لم يتم الفصل فيها .
وللنهوض بمؤسسة القضاء.. كانت الدورات العامة مكانا خصبا للقضاء ومجالا للإصلاح بين الناس ، وكم من مشكلة مستعصية حلها القضاء في هذه الدورات ،كما كان القضاة يزورون مقر الشرطة الإسلامية بانتظام ، ويطلعون على مجريات العمل ، وظروف السجناء وغير ذلك.. وكان مجلس القضاء يستعين بجميع الخبرات ، التي يحتاجها وتقدم مثال من ذلك في شأن الطب.
الأمثلة الحية ؟
من الأمثلة أن القضاء حكم لخصم على صاحبه بأن يقضيه دينه ، فدفع المقضي عليه محرك سيارة ، على أن يأخذه المقضي له بثمن معين ، فرفض الدائن ، وتمسك المدين بتقييمه ، فاستدعى القضاء أحد الخبراء الميكانيكيين من المجاهدين ، وحكموا بتقويمه للمحرك وكان بعض أهل العلم من خارج ازواد في زياراتهم للشمال يحضرون مجالس الحكم .
مؤسسة الأمن لها صلة وثيقة بالمؤسسة القضائية كيف كانت ادارتها والنهوض بها ؟
إدارة الأمن :
كانت لها عدة مهام منها :
تسيير بوابات المدن والإشراف عليها وكانت المهمة الأساسية لهذه البوابات حراسة المدن ومراقبتها ، وربما قاموا – في حالات قليلة – بتفتيش بعض السيارات أو الأمتعة ، بإذن من قيادة الإدارة الأمنية والتي لا تقوم بإعطائه إلا بإذن من الوالي مباشرة ، وذلك بناء على المعلومات المتوفرة عند القيادة .. ومعلوم انه في المدن الداخلية كانت البوابات من مسؤولية الشرطة
ومنها مساعدة الشرطة في الدوريات وعند القبض على أي متهم يتم تسليمه للشرطة واستقبال الوفود والقيام بأمرهم ومراقبة الجواسيس والقبض عليهم وتسليمهم للشرطة ولم يكن من حق الإدارة الأمنية ولا الشرطة إصدار أو تنفيذ أي حكم بحق الجواسيس بل مرجع ذلك إلى القضاء من مهماتهم تسيير دوريات على الحدود – خاصة حدود النيجر- لضمان امن المواطنين ومطاردة اللصوص .
وقد قام المجاهدون بتأمين الأرض فأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، حتى كان المسافر يسافر من حدود النيجر إلى موريتانيا ، ومن حدود الجزائر إلى جنوب النهر ببضائعه وأمواله ، لا يخاف أن تسلب منه ويعلم إنه إن حدث من ذلك شيء فإن ثم من يغيثه ويأخذ له حقه.
المخدرات والعصابات الاجرامية المنظمة كيف تعاملتم معها ؟
التعامل مع أهل المخدرات :
تعامل المجاهدين مع أهل المخدرات تم على طريقتين :
الأولى : المخدرات داخل المدن وغالبها كميات قليلة تابعة لأفراد ، فهذه من اختصاص الحسبة.
الثاني : مافيا المخدرات المنظمة والمسلحة ، فهذه إنما كانت في الصحاري ولم يشأ المجاهدون الدخول معهم في حرب بادئ الحال لما يترتب على ذلك من سفك الدماء واستنزاف للقوة والانشغال بهم عن كثير من إقامة الدين ، وعدم حصول القوة الكافية لحربهم وتنظيم المدن في نفس الوقت ، لكن لما استقر الحال وبدأ الناس يدخلون في المشروع الاسلامي أفواجا وكثر تغريرهم بالشباب وانضمامهم اليهم ، اتخذ الشيخ ابو الفضل – بعد مدارسة- يوم 22 ذي الحجة 1433هـ قرارا بالقضاء التام عليهم.
بعد التحديات التي شكلتها العصابات المنظمة كيف تعاملتم مع ذلك الواقع الخطر ؟
في البدء كان الاعلان العام لجميع أهل المخدرات يبلغ عبر جميع الوسائل المتاحة بمنحهم مهلة ثلاثة أسابيع للتوبة الى الله عز وجل ، والاقلاع عن هذه الكبيرة ، وخلال هذه الاسابيع الثلاثة تاب عدد قليل منهم بعد انتهاء المهلة تبدأ مطاردتهم في الصحاري والقبض عليهم وإتلاف كل ما يقبض عليه من المخدرات مع الحرص قدر المستطاع على عدم سفك دمائهم وبالفعل بدأت المطاردة وجابت الارتال العسكرية الصحاري وتتبعتهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت واسر أكثرهم دون أن يطلقوا طلقة واحدة على كثرة سلاحهم واعدادهم ، وتم حرق جميع ما قبض عليه من المخدرات امام الناس وفر البعض الاخر خارج ازواد ، وطهرت الأرض من هذا الرجس واستراح الناس ، حتى بدأ في العودة مع قدوم الصليبين أحيل المعتقلون من اهل المخدرات إلى السجن في تساليت وأقاموا فيه فترة درسوا فيها وعلموا دينهم ووعظوا ، ، ثم عرضوا على القضاء في كيدال للنظر فيما عليهم من الحقوق ، وأطلق سراحهم ، وتابوا إلى الله عز وجل واقلعوا عن المخدرات ، ومنهم من حسنت توبته كان المجاهدون قد اتخذوا قرارا بان يقبلوا توبة اهل المخدرات بأحد وجهين :
الأول – ان يتخلص التائب من كل ماله الحرام وينفقه في الوجوه العامة وهذا هو أول ما يعرض على صاحب المخدرات فإن قبل فذاك الثاني – إن رفض فرض عليه الخيار الثاني وهو ان يتوب على ما عنده من مال المخدرات -لا عينها- وهذا رأي لبعض أهل العلم في التوبة من المال الحرام وليس بالقول الضعيف ، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – يميل إليه ، والحق يقال ان اغلب اهل المخدرات انما تاب على هذا الوجه – قام المجاهدون بعد ذلك بعمل دورة خاصة للتائبين من أهل المخدرات حضرها المئات منهم وهي دورة اغاروس – بعد كسر شوكة اهل المخدرات في الصحراء دخل المجاهدون الى قرية الخليل على حدود الجزائر- تبعد 18 كلم جنوب مدينة برج باجي المختار الجزائرية – وهي مركز تجاري كبير للتهريب حلاله وحرامه وانواع المافيات وأهل المخدرات وبسطوا فيها الامن واقاموا الشريعة وفرح الناس.
حدثنا عن الخدمات الاجتماعية في مشروع الامارة الاسلامي ؟
الخدمات الاجتماعية
مستوي الخدمات :
قام المجاهدون بتوفير الخدمات اللازمة قدر استطاعتهم – ففي المجال الطبي قام المجاهدون بعدة خطوات منها الحفاظ على ما تبقي في المستشفي من الأدوات واللوازم بعد النهب الذي تعرضت له جميع المرافق العمومية في تمبكتو من طرف الميلشيات في اليومين اللذين سبقا مجيء المجاهدين . ودفع رواتب الأطباء والطبيبات. ولأول مرة في تاريخ ولاية تمبكتو توزع الأدوية مجانا في المستشفي خلال حكم المجاهدين، بل بلغ الحال أن الشعب يزدحم زحمة شديدة عند المستشفى والصيدليات لأخذ العلاج المجاني وهو ما لم يقع قط في الولاية ولأول مرة في تاريخ ولاية تمبكتو يقام بالفحوص والكشف الطبي مجانا في المستشفي ولأول مرة في تاريخ ولاية تمبكتو يقام بالعمليات الجراحية الكبرى مجانا خلال حكم المجاهدين . ومساعدة أكثر من حالة صحية . ثم مراقبة الصيدليات والإشراف عليها ، ومحاسبة بعض الأطباء لما لوحظ من خيانتهم.
في مجال الكهرباء والماء قام المجاهدون بتشكيل سرية خاصة للحفاظ على مولدات الكهرباء بالمدن مقيمة في محطة الكهرباء “Energie” وإصلاح بعض مولدات الكهرباء عند تعطلها ، وفي بعض الأحيان استيراد مولد جديد و دفع رواتب العمال في هذا المجال وتوفير الماء والكهرباء مجانا دون أي رسوم ثم توفير المازوت للمولدات ، وقد لوحظ خيانة بعض عمال محطة الكهرباء وأخذهم للمازوت وبيعهم له – على مدى ستة أشهر- ، وقد أحيلوا إلى القضاء ، وحكم عليهم بالخيانة ، وألزم من ثبتت عليه بدفع ما خان فيه ويبلغ أكثر من “30000اورو” وأودع السجن حتى يكمل دفعها ، وبقي فيه إلى مجئ الصليبين
وفي مجال النقل قام المجاهدون بتوفير وسائل نقل عامة تنقل الناس من أماكن سكنهم إلى محال أعمالهم ثم ترجعهم ، وكان العمال في هذه الوسائل من الشعب ، ويدفع لهم المجاهدون راتبا شهريا مقابل العمل وفي مجال توفير فرص العمل قام المجاهدون بما في استطاعتهم ، فمن ذلك :
استخدام الشعب للعمل في وسائل النقل التي سبق ذكرها و استخدام الشعب في حراسة المنشآت الحيوية المتعددة “محطات الكهرباء والماء ، والمنازل ، والمدارس والمستشفيات وغيرها واستخدام الشعب في العمل في الإذاعات المحلية واستخدام الشعب في خدمات كثيرة أخرى مثل “ميكانيكا السيارات، اللحام، المجال الزراعي ، الطبخ “
وفي مجال التجارة
قام المجاهدون – برفع جميع أشكال المكوس و الإتاوات والظلم و تشجيع التجارة الحلال بجميع أنواعها، وكان لرفع المكوس والأمن و الأمان وكثرة المطر أعظم الأثر على ازدهار التجارة عرضا وطلبا فنشطت حركة التجارة وكثرت البضائع ورخصت الأسعار .
وفي مجال الزراعة : شجع المجاهدون في تمبكتو الناس على الزراعة وساعدوهم بتوفير المستلزمات الزراعية ” بذور، أسمدة وغيرها” و- كثر المطر خلال فترة حكم المجاهدين خاصة في تمبكتو لدرجة أن بعض كبار السن ذكر أنهم لم يروا مثله منذ أكثر من خمسين سنة ، هذه الأمطار كانت سببا إضافيا لاقبال الناس على الزراعة – وقام المجاهدون بعمل مشروع زراعي ضخم ، وفر فرص عمل عديدة للشعب
المسألة التعليمية كيف تم التعامل معها ؟
على المستوى التعليمي :
قام المجاهدون بعدة خطوات ففي مجال التعليم النظامي العصري: وجد المجاهدون أمامهم واقعا صعبا وهو أن المدرسة العصرية – عند النظام المالي- خليط من التعليم العلماني “الفرنسي” وبعض العلوم النافعة الأخرى ، إضافة إلى كثير من المعاصي والمخالفات الظاهرة، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فقد فر اغلب أساتذة المدرسة النظامية، ومن ناحية ثالثة كان دخول المجاهدين إلى المدن أخر السنة الدراسية ومن ناحية رابعة ، كان قد تم نهب كثير من إمكانيات المدارس في تمبكتو، من طرف المليشيات خلال اليومين الذين سبقا وصول المجاهدين ، ولهذا الوضع قرر المجاهدون إيقاف المدارس حتى يتم النظر في شأنها ، إلا أنهم وافقوا على طلب تقدم به طلاب شهادة الباكلوريا لإجراء الامتحانات حتى لا تضيع عليهم السنة والشهادة ، وأبدى المجاهدون استعدادهم للمساعدة على إجراء الامتحانات في أحسن حال ، لكن الحكومة المالية رفضت إرسال أسئلة الامتحانات، مما اضطر الطلبة إلى السفر لإجرائها في مدينة “سيفاري” إلا أن الحكومة المالية منعت الطلاب ذوي البشرة البيضاء من إجراء الامتحانات. ولما أوشكت السنة الدراسية “2012-2013” على الابتداء أعرب المجاهدون في تمبكتو عن استعدادهم لفتح المدارس النظامية بالشروط
ماهي شروط المجاهدين التي اشترطوها لاستئناف العملية التعلمية؟
القيام بمراجعة شاملة للمقررات الدراسية وإلغاء كل ما يخالف الشريعة، وبالفعل قام المجاهدون بخطوات في هذا المجال التزام الحكومة المالية بدفع رواتب المدرسين ، ومنح الشهادة لطلاب الشمال الالتزام بالواجبات الشرعية على الأساتذة والطلاب “عدم الاختلاط بين الجنسين، التزام النساء باللباس الشرعي..” ، فوافقت الحكومة المالية أولا ، ثم لم تلبث أن نكصت على عقبيها ، فلم تفتح المدارس لهذا السبب .
أما في كيدال فقام المجاهدون بفتح المدرسة الموجودة هناك “إبتدائية واعدادية” ودفع رواتب المدرسين وذلك بالشروط التالية: القيام بمراجعة شاملة للمقررات ، ومنع تدريس كل ما يخالف الشريعة ، وهو ما تم بالفعل التزام الأساتذة والطلاب بالواجبات الشرعية تشكيل حسبة خاصة للمدرسة ، لمتابعة سير الأمرين السابقين تعذر فتح المدارس في بعض المدن الأخرى لما تعرضت له من النهب أيام الحرب ولفرار مدرسيها وطلابها .
ماذا عن التعليم الشرعي ؟
من ناحية التعليم الشرعي : – ففي تمبكتو وجد المجاهدون عدة مدارس دينية فقاموا بدعمها ، بدفع رواتب مدرسيها ، ومن ضمن هذه المدارس مدرسة تدعى “داخلية الفلاح ” كان يشرف عليها الأخ “يزيد الطارقي” ، وهذا الأخ التحق بالمجاهدين فور دخولهم ، وتلقى دورة تدريبية ، ثم عمل بمؤسسة الحسبة في المجال الدعوي والإذاعي ، وانسحب مع المجاهدين من تمبكتو ، وشارك في المعارك الباسلة ضد الغزاة في جبال ” تيغرغر” إلى أن رزقه الله – عز وجل – الشهادة رفقة الشيخ عبد الله أبي الحسن الشنقيطي في قصف فرنسي منتصف مارس 2013 م .
ماذا عن مايسمى المحاضر والدراسة الشرعية التقليدية
قام المجاهدون بدعم المحاضر القرآنية الموجودة في تمبكتو و(المحضرة عبارة عن كتاتيب لتحفيظ القران وتدريس العلوم الشرعية وغالبا ما تكون في المساجد) ، بينما المدرسة بناية مؤسسة على الطريقة العصرية وقد انشأ المجاهدون محضرة للأطفال ، ووفروا المستلزمات اللازمة لذلك ، واختاروا لهم المدرس المشرف ودفعوا له راتبا شهريا ، كما أنشأ المجاهدون مركز رعاية وتأهيل للمراهقين والأطفال المتجولين في الشوراع لجمع الصدقات ، ويعرفون عند أهل المدينة ب”كاريبو” وافتتح المجاهدون مدرسة خاصة للنساء تدرس فيها – تطوعا – بعض الأخوات من المنطقة ، ومن المهاجرات و- بالنسبة للمدن الداخلية التابعة لولاية تمبكتو فقد كانت على نفس الحال في دعم المجاهدين للمحاظر والمدارس الموجودة فيها .
أما في كيدال فلم يجد المجاهدون ألا مدرسة شرعية واحدة هي ” معهد الإمام مالك ” في ” مسجد الإمام مالك” في وسط المدينة والمعروف عند أهل المدينة ب” مسجد الإرشاد” فدعموها نوعين من الدعم: – دعم دائم ، وهو التكفل برواتب المدرسين – دعم غير دائم وهو عبارة عن مساعدات متعددة بحسب القدرة والحاجة ومنها أن الشيخ ابا الفضل أعطاهم نصيبا معتبرا من خمس غنيمة كيدال وهي غنيمة كبيرة ، كما أن الأخ الشهيد نبيلا ابا علقمة أمير تنظيم القاعدة في منطقة الصحراء دعمهم بمبلغ مالي معتبر .
أنشأ المجاهدون ثلاث مدارس شرعية في كيدال إحداها للنساء تدرس فيها امرأة من أهل المنطقة ووضعوا منهجا مناسبا لهذه المدارس وتكفلوا بدفع رواتب المدرسين وكلهم من أهل المنطقة – من غير المجاهدين –كما قام المجاهدون بافتتاح مدرسة ليلية في احد المساجد لتدريس كبار السن وافتتح المجاهدون محظرة لتدريس الأطفال القرآن أشرف عليها ودرس فيها الأخ أبو زكريا الأنصاري .
كيف كان الشأن التعليمي بالنسبة للمدن الداخلية الاخرى ؟
بالنسبة للمدن الداخلية التابعة لولاية كيدال فقد افتتحت محاظر في ” تساليت” و” اجلهوك” وأبيبرا” وغيرها يشرف عليها ويدرس فيها بعض الإخوة من المجاهدين ومن هؤلاء الأخ “عبدو الأنصاري ” وهو شاب خلوق صموت قتل على يد الصليبين الفرنسيين منتصف مارس 2013م ، و” إبراهيم الهوساوي النيجري” و” أبو الخطار الأنصاري ” و”حذيفة الشنقيطي ” و” أبو مجاهد الشنقيطي ” وغيرهم – حفظهم الله –
ما هي اهم سمات السياسة التعليمية عند المجاهدين ؟
التعليم عند المجاهدين : سبق الحديث عن علاقة المجاهدين بأهل العلم واهتمامهم بهم قبل التمكين ’ فلما نصر الله المجاهدين تسلموا قيادة المسيرة كما نص عليه في بيان آرياو ” الاتفاق على أن الفقهاء وأهل العلم هم الواجهة الأولى لإقامة الدين في مناطقهم ” ومن صور ذلك الحسبة والقضاء والدعوة والفتوى والعضوية في مجالس الشورى ومراقبة المسيرة وتقويمها وغير ذلك تم تقريرتشكيل مجلس لأهل العلم كما في البيان سالف الذكر ” العمل على إنشاء مجلس من العلماء يجتمع بعد كل فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر يتولون من خلاله إنشاء دورات للائمة و المؤذنين والدعاة، ويتابع مسيرة إقامة الدين ” وبالفعل ابتدأت المساعي في ذلك ، وتقدمت خطوات إلى أن جاء الصليبين.
ماذا عن قرار تشكيل المجلس الموسع للعلماء..؟
رغم كون القرار لتشكيل المجلس الموسع للعلماء قد تقرر في دورة آرياو ، إلا أن السعي لهذا الأمر كان من فترة ’ والسبب الأساسي في التأخر غلبة البداوة ومشاغلها على أهل العلم ، وقد قام العلماء قبل هذا البيان بعدة اجتماعات وأصدروا عدة بيانات طالت عددا من قضايا إقامة الدين ، إلا أن يدي لا تطال الآن إلا بيان أرياو.. جاء فيه :
إنشاء معاهد لتخريج طلبة العلم كما في البيان ” يرى الحاضرون ضرورة إنشاء معهد شرعي يتولى تعليم الناس المنهج الصحيح و رفع الجهل عنهم ” ، وبالفعل افتتح معهد شرعي لتخريج طلبة العلم في تمبكتو يشرف عليه الشيخ الشهيد عبد الله أبو الحسن الشنقيطي رحمه الله ، كما تمت تهيئة الظروف في كيدال لافتتاح معهد آخر في كيدال لكن لم يبدأ عمله رسميا وقد قام المجاهدون بعدة دورات شرعية لتخريج الكوادر المجاهدة التي على أكتافها يقوم المشروع الإسلامي .
كيف كانت تتم الدورات الشرعية وما هو نوعها ؟
كانت تتم على نوعين
النوع الأول : دورات خاصة : وهي عبارة عن دورة خاصة بمجموعة محددة من الناس في فترة زمنية ومن هذه الدورات: –
دورات المجندين الجدد حيث قام المجاهدون بافتتاح عدة مراكز تدريب حيث كان يتلقى المجند الجديد دورة عسكرية وشرعية ، بعدها يلتحق بالعمل المناسب له ، ومن أمراء ومدربي هذه المراكز الأخوة الشهداء ” يزيد أبو زكريا الجزائري “و ” الملا ناصر أبو عبد الحكيم الشنقيطي واسمه الحقيقي محمد سعيد من قبيلة أولاد الفلالي ” و” أحمد أبو سياف التونسي ” و ” المثنى السوداني ” – رحمهم الله تعالى – و ” أبو الوليد التشادي ” و ” يحي التونسي ” و ” آدم أبو عمير الشنقيطي ” و ” أسيد الأنصاري ” و” أبو حارثة الشنقيطي ” و”أبو مسلمة الأنصاري ” و غيرهم – حفظهم الله تعالى ” ومن مدرسي هذه المراكز ” الشيخ الشهيد داود أبو عبد الرحمن الشنقيطي ” و ” أبو المنذر الأنصاري ” و” خباب الأنصاري ” و ” أبو عبد الله ذو القرنين الأنصاري ” و” الطيب الشنقيطي ” و” الربيع الشنقيطي “.
– دورات لصالح الحسبة والشرطة لبيان عملهم وكيفية القيام بها ، وهي دورات كثيرة جدا ومن مواضيعها :
– دورة في شرح رسالة الحسبة لابن تيمية .
– دورة في شرح كتاب الحدود من رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
– دورة في شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية .
– دورة في شرح كتاب السياسة الشرعية للشيخ أبي عمر السيف وغيرها –
دورات في الإعلام النوع الثاني : دورات عامة وهي عبارة عن دورة شرعية ، ومناورات عسكرية لتخريج القادة الميدانيين ،تتواصل لعدة أيام ، وقد شهدت هذه الدورات إقبالا كثيرا من الشعب ، وهذه الدورات هي : – دورة جونهان “موضع على بعد 40 كيلومتر غرب كيدال” أقيمت هذه الدورة بعد عيد الفطر سنة 1433هـ ه – دورة أماسين ” موضع على بعد 90 كيلومتر جنوب كيدال” أقيمت هذه الدورة بعد عيد الأضحى سنة 1433هـ – دورة ارياو “موضع على بعد 80 كيلومتر غرب تمبكتو” أقيمت منتصف شهر محرم 1434 هـ – دورة اغاروس “موضع على بعد 40 شرق كيدال” أقيمت بعد دورة ارياو بحوالي أسبوع – دورة منكا “مدينة كبيرة على بعد 300 كيلومتر جنوب شرق كيدال” أقيمت بعد دورة ارياو، بخمسة ايام ،
كيف كانت الدورات الشرعية سبيلاً للنهوض بالمؤسسة الامنية والقضائية؟
تضمنت هذه الدورات النهوض بالمؤسسة الامنية ، في دورات خاصة لصالح الحسبة والشرطة ، الذين جاؤوا من مختلف المناطق و من اهم كتاب شرح في هذه الدورات ” مبحث الحسبة من كتاب الفقه الإسلامي وأدلته ” كما تضمنت بعض الدورات العملية الخاصة مثل دورات “الماجلان GPS ” ودورات عسكرية
كما سبق أن ذكرنا تميزت هذه الدورات بحضور بارز لأهل العلم ووجهاء الناس فكانت محلا لفصل القضاء في كثير من النزاعات والحمد لله
وقد بايعت في هذه الدورات قبائل عديدة ، ففي دورة أرياو وحدها بايعت أكثر من ثلاثين قبيلة الشيخ آبا الفضل حفظه الله ورعاه
كما تميزت هذه الدورات ، بالاهتمام بالترجمة للغات المتداولة “الطارقية، الفلانية، الفرنسية “
هل تم توثيق الدورات الشرعية ؟
اغلب هذه الدورات الخاصة والعامة مسجلة وبعضها مصور، ولعل الله ان ييسر نشر بعضها ، ومن مشايخ هذه الدورات الشهيد عبد الله أبو الحسن الشنقيطي ، والشهيد أبو البراء الشنقيطي ” واسمه الحقيقي محمد الشمرة بن محمد الأمين من قبيلة أهل سيد محمود” و رضوان أبو الأشبال الأنصاري ومحمد موسى الأنصاري وأبو البراء الصحراوي وقتيبة الشنقيطي وغيرهم كثير
.
المسألة الدعوية كيف كانت العناية بها وممارستها في اطار الدولة ؟
المستوى الدعوي
اهتم المجاهدون بالدعوة اهتماما كبيرا ، وبذلوا في ذلك جهودا كبيرة وأموالا طائلة ، ومن الجوانب التي تذكر هنا : – كان للإذاعات دور مهم في الدعوة إلى الله تعالى ، حيث نظم المجاهدون أمرها – وبعضها يصل بثها إلى 120 كلم – وأعطوا للعاملين فيها رواتب ونظموا فيها برامج دعوية وعلمية ،وكان من المشرفين عليها الأخ الشهيد ” يزيد الأنصاري – رحمه الله – و”أبو الدرداء الشنقيطي” و ” الشيخ “رضوان ابو الأشبال الأنصاري ” و” الشيخ سعدون الأنصاري ” وغيرهم – حفظهم الله – ـ
في مجال الدروس :
قام المجاهدون بنشاط ملحوظ في هذا الباب في المساجد والمجامع العامة ، فضلا عن الدعوة الانفرادية ، وفتح المجاهدون المجال للدعاة في هذا الباب – تقدم الحديث عن الدورات وأثرها في الناس ـ
في مجال النشر: تم توزيع مئات المنشورات المقروءة ، وآلاف بطاقات الذاكرة ـ وفي مجال الترجمة : تقدم الحديث عن دور الترجمة في الدورات الخاصة والعامة ، ويمكن القول على وجه الإجمال أن جميع النشاطات الدعوية – بل وغيرها – كانت تترجم – وفي ترجمة الكتب : أنشأ المجاهدون وحدة خاصة لترجمة الكتب الشرعية إلى الفرنسية ، وهي لغة سائدة في مالي، وقامت بترجمة عشرات الكتب و المطويات وتوزيعها
في مجال التأليف : قام المجاهدون بكتابة رسائل و مطويات مبسطة في جميع المجالات الدعوية ، كما قاموا ب الرد على الشبه المثارة حول إقامة الشريعة من طرف بعض أهل العلم من أهل المنطقة – ممن يقيمون في الخارج – وتم توزيع ذلك على نطاق واسع
في مجال الرحلات : رغم التكاليف الباهظة للرحلات حيث تتضمن فضلا عن الدعوة إلى الله ،التعرف على أحوال الناس ، ومساعدة المحتاجين ،وتشييد المؤسسات المكلفة بإقامة الشريعة في بعض القرى والمداشر، وعلاج الناس وتوزيع الدواء عليهم ، والقيام بدوريات أمنية خاصة في مناطق الحدود، قام المجاهدون بعدد من الرحلات ومنها بعد أن نصر الله عز وجل المجاهدين في معركة (أجلهوك) وسقطت المدينة – بعد ثلاث معارك طاحنة قتل فيها من أعداء الله ما يزيد على المائة ،وأسر ما يزيد على الأربعين واستشهد من المجاهدين 18 أخا وغنم المجاهدون غنائم كبيرة- انطلق رتل من المجاهدين بإمارة الشيخ ” إبراهيم بنا” – حفظه الله – ومعه ” الشيخ الشهيد عبد الله الشنقيطي ” – رحمه الله – لرحلة دعوية في منطقة (أبيبرا)- 90 كلم شمال كيدال – استمرت أكثر من شهر بينوا فيها لعموم الناس حقيقة دعوتنا وما نصبوا إليه من تطبيق الشريعة الاسلاميه ، بينما انطلقت باقي الارتال لقتال أعداء الله تعالى ..ثم بعد سقوط القاعدة العسكرية المحصنة(امشاش) قرر المجاهدون أخذ فترة زمنية غير قصيرة للدعوة إلي الله وتهيئة الشعب المسلم لتطبيق الشريعة ، لكن الانقلاب العسكري في (باماكو) اضطر المجاهدين للتعجيل بإسقاط كيدال وبسقوط كيدال سقط الشمال كله.
ما هي أهم رحلاتكم الدعوية في مرحلة التمكين والحكم؟
بعد أن استقر الحال بالمجاهدين في المدن قاموا بكثير من الرحلات في طول البلاد وعرضها ، ومن هذه الرحلات :
– حوالي 10 رحلات من تمبكتو إلى الجنوب الشرقي المحاذي للنهر وجنوب النهر “حوالي 700كلم”
– و رحلات من تمبكتو إلى الشمال والشمال الشرقي “حوالي 300كلم” ورحلة من كيدال إلى الجنوب قريبا من النهر ثم إلى الشرق حتى حدود النيجر “حوالي 1600كلم”
ورحلة من أجلهوك إلى الغرب في الصحراء “حوالي 200كلم
-ورحلة من ليرة إلى الغرب “حدود موريتانيا “ثم إلى الجنوب “قريب من النهر” حوالي 100كلم “
-ثم رحلة من انيانفونكي – غرب تمبكتو باتجاه مدينة “جابلي “حوالي 150كلم
– وبعدها رحلة من كيدال إلى الصحراء الشرقية “حوالي 100كلم ..هذا فضلا عن الدعوة الملازمة لجميع تحركات المجاهدين
كيف كانت حياتكم الدعوية في الرحلات؟ وما الهدف منها؟
كما كانت حياة المجاهدين وسيرهم في تطبيق الشريعة دعوة في حد ذاته فكانت الحسبة دعوة ، حيث ركز المجاهدون فيها على الجانب الدعوي في أغلب الأحوال ، وكانت مجالا خصبا للوعظ والإرشاد ، وتوزيع بطاقات الذاكرة والمنشورات الدعوية و كان القضاء والشرطة دعوة – حيث لأول مرة – يرى الناس قاضيا وشرطيا لا يأخذ الرشوة ، ولا يبالي على من ظهر الحق، ولو كان أقرب الناس إليه وكانت إقامة الحدود والتعازير دعوة لما حوته من أحكام لم يسمع ولم يرها الخلق منذ أمد بعيد وما فيها من انضباط وعدل تعجب منه الكثير، فلا فضل لعرق على عرق ، ولا لون على لون ، ولا قبيلة على قبيلة.