النظام المصري يرفض مطالب المواطنين في جزيرة الوراق ويواجههم بالقمع.. الجمعة 4 أكتوبر 2024م.. الجيش يرفع عمولاته من مشاريع”حياة كريمة” و”مطاعم الفقراء” تلجأ إلى الطبخ بالزيوت المستعملة لمواجهة الزيادة 

النظام المصري يرفض مطالب المواطنين في جزيرة الوراق ويواجههم بالقمع.. الجمعة 4 أكتوبر 2024م.. الجيش يرفع عمولاته من مشاريع”حياة كريمة” و”مطاعم الفقراء” تلجأ إلى الطبخ بالزيوت المستعملة لمواجهة الزيادة

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

*”نيابة الانقلاب” تحقق مع”إمام رمضان” الأستاذ بجامعة الأزهر أفتى بجواز سرقة المياه والكهرباء

قرّر النائب العام بنظام الانقلاب العسكرى محمد شوقي عياد، أمس  الخميس، فتح تحقيق مع أستاذ العقيدة والفلسفة بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية في فرع الجامعة بالقاهرة إمام رمضان إمام، على خلفية إصداره فتوى للمواطنين يجيز فيها  سرقة  مياه  .الشرب والكهرباء، إثر رفع الحكومة أسعارهما.

وقالت النيابة العامة تحت سلطة الانقلاب  في بيان، إن عياد أمر باتخاذ إجراءات التحقيق في واقعة تداول مقطع مصور يتضمن فتوى بإباحة السرقة، عقب تلقي النيابة بلاغاً من وزارة الكهرباء يفيد بانتشار المقطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنه فتوى بإباحة سرقة المياه والكهرباء والغاز الطبيعي.

وأثقلت الفواتير الشهرية لاستهلاك الكهرباء ومياه الشرب والغاز الطبيعي الأعباء المعيشية على المصريين، لا سيما الفقراء منهم ومحدودي الدخل، إذ ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة إجمالية تزيد عن 1300% منذ  انقلاب عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدنى منتخب الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسى  ، حتى ارتفعت أسعار الغاز بنسبة تصل إلى 2400%.

وأوقفت جامعة الأزهر الدكتور  إمام عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، اعتباراً من 10 سبتمبر ، في أعقاب انتشار فيديو له بعنوان “اسرقوهم يرحمكم الله” عبر مواقع التواصل، يخاطب فيه المواطنين بالقول: “اسرقوا حقوقكم من المياه والكهرباء والغاز، ما دام استرداد بعض الحقوق تسميه الحكومة سرقة!”. وأضاف إمام، في الفيديو: “الحكومة تحل الحرام، وتحرم الحلال، وهي التي أشعلت العاصمة الإدارية الجديدة بالكهرباء، من دون أن تدفع جنيهاً واحداً ثمناً لها. وأنارت بالمجان دور الجيش والمشاة والمدرعات، وكل الأندية التابعة للقوات المسلحة والشرطة”.

واتهمت وزارة الكهرباء، في بلاغها، الأستاذ بجامعة الأزهر بتحريض المواطنين على السرقة، وعدم سداد مستحقات الحكومة عن خدماتها العامة؛ وعلى أثر ذلك، قرر النائب العام الانقلابى اتخاذ إجراءات التحقيق العاجل في الواقعة، وطلب تحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بشأنها، واستكمال التحقيقات.

*مصرع مصريين في حادث إطلاق نار المكسيك

أعلنت وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج أنها تتابع ملابسات حادث إطلاق النار فى المكسيك الذي أسفر عن مصرع عدد من المواطنين المصريين.

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” أمس الخميس إن الجيش المكسيكي أطلق النار على شاحنة تحمل مهاجرين مما أسفر عن مقتل 6 منهم، في حدث وصفته رئيسة البلاد كلوديا شينباوم بـ”المؤسف“.

وذكرت وكالة “أ ب” أن الضحايا ثلاثة مصريين وبيروفي وهندوراسي، فيما لم يتم التعرف على الجثة السادسة.

وأشارت الوكالة إلى أن السلطات لم تعلن عن أعمار القتلى، لكن من المحتمل أن يكون أحدهم قاصرا.

وأوضحت أن عشرة مهاجرين آخرين أصيبوا في إطلاق النار، لكن لم ترد معلومات عن أحوالهم.

وأكدت وزارة الخارجية في بيرو مقتل مواطن بيروفي وطالبت بإجراء “تحقيق عاجل” في عمليات القتل.

هذا، وقالت وزارة الدفاع المكسيكية في بيان يوم الأربعاء إن إطلاق النار وقع الثلاثاء بالقرب من مدينة تاباتشولا في ولاية تشياباس الجنوبية بالقرب من الحدود مع غواتيمالا.

وأفادت الدفاع في البداية بأن الجنود سمعوا طلقات نارية عندما مرت قافلة من ثلاث شاحنات بالقرب من موقعهم.

وصرح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أن وزير الخارجية والهجرة بدر عبد العاطي وجه القطاع القنصلي بالوزارة والسفارة المصرية في المكسيك بمتابعة الواقعة عن كثب والتواصل مع السلطات المكسيكية للوقوف على ملابسات الحادث.

وأعربت وزارة الخارجية عن “خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا، داعية المولى عز وجل أن يتغمدهم برحمته، ويلهم أسرهم الصبر والسلوان”.

* النظام المصري يرفض مطالب المواطنين في جزيرة الوراق والأمن يواجههم بالقمع

عادت مُجدَّدًا أزمة جزيرة الوراق المصرية لتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد انتشار مقاطع فيديو لاشتباكات بين قوات الأمن وأهالي الجزيرة على خلفية عدم استجابة الحكومة لمطالبات تعويض المواطنين عن منازلهم مقابل تركها، والتضييق عليهم.

المقاومة التي أبداها سكان جزيرة الوراق المصرية دفاعًا عن ممتلكاتهم انتهت بوعود قدمتها الشرطة المصرية للأهالي بعدم التعرض لهم أو الضغط عليهم لترك منازلهم، وسط توقعات برفع قيمة التعويضات لتسريع وتيرة إخلاء المنازل.

وسادت حالة من الهدوء الحذر في الجزيرة منذ الأحد 29 سبتمبر/أيلول 2024، بعد اشتباكات متفرقة اندلعت احتجاجًا على رفض قوات الأمن دخول مواد البناء إلى داخل الجزيرة تنفيذًا للقرار الحكومي الذي يحظر ذلك.

فيما يصر أهالي جزيرة الوراق المصرية على أنهم لديهم الحق في التصرف في منازلهم وسط مساعي الحكومة المصرية لإخلاء الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 100,000 نسمة وتحويل الجزيرة إلى منطقة استثمارية.

لا ثقة” في الأجهزة الأمنية

قال أحد مواطني الجزيرة لـ”عربي بوست”، تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته، إن جزيرة الوراق شهدت يوم الخميس 26 سبتمبر/أيلول 2024، اشتباكات استمرت فترة طويلة.

وأوضح المتحدث أن الاشتباكات اندلعت بعد إصرار الأهالي على إدخال مواد البناء إلى جزيرة الوراق ومع رفض قوات الأمن دخولها اندلعت مناوشات تسببت في إصابة عدد من المواطنين، وهو ما دفعهم للتجمع بالقرب من نقاط الشرطة المسؤولة عن تأمين دخول وخروج الآلات والمعدات.

وأضاف أن أساس المشكلة تتمثل في توالي الضغوطات التي تمارسها قوات الأمن على المواطنين لدفعهم نحو بيع منازلهم والموافقة على التعويضات التي تمنحها الحكومة.

المتحدث قال إن هذه الضغوطات مرفوضة من جانب الجميع، “لأن وزارة الإسكان تُصر على أن تشتري متر الأرض مقابل 7,000 جنيه في حين أن أهالي الجزيرة تيقنوا من مصادر خاصة أن الحكومة سوف تبيع متر الأرض بحوالي 30,000 جنيه وهو ما يشكل خسارة فادحة لهم في حين أنهم يرفضون ترك أماكنهم“.

وكشف مصدر أمني عن أن قيادات حزبية من “مستقبل وطن” تدخلت بعد أن استمرت الاشتباكات العنيفة إلى غاية يوم الجمعة 27 سبتمبر/أيلول 2024، وعقدت اجتماعًا بين عدد من الأهالي بحضور القيادات الأمنية العليا بمحافظة الجيزة.

وتم الاتفاق على أن قوات الأمن سوف توقف ضغطها على المواطنين لترك منازلهم مع وعود جرى تقديمها بإعادة النظر في قيمة شراء المنازل.

وأشار المصدر الأمني إلى أن بعض الأهالي أضحى لديهم قناعة بأن بيع منازلهم بالسعر المتداول حاليًا يمكن أن يدفعهم للتنازل بشرط أن يكون ذلك دون ضغوط من جانب قوات الأمن، وعبر خطوات محددة من خلال جهاز تنمية الوراق الجديدة.

لكن ما رصده “عربي بوست” من خلال التحدث مع الأهالي أن هناك انعدام ثقة في الوعود التي قدمتها أجهزة الأمن، لكنهم في الوقت ذاته على قناعة بأنهم أضحوا يشكلون قوة ضاربة تسعى الحكومة للتعامل معها خوفًا من توسع الاشتباكات.

كما أن هناك رغبة من جانب الحكومة في أن تظل جزيرة الوراق المصرية موقعًا جاذبًا للاستثمارات دون أن تكون المنطقة بؤرة للعنف، و”بالطبع سيؤثر ذلك على فرص الاستثمار المستقبلية”، حسب تأكيد المصدر الأمني.

مخطط استثماري إماراتي

كان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وجَّه، في يونيو/حزيران 2024، بالتصدي بحسمِ لأي محاولات للبناء المخالف في الجزيرة، ومنع عودة المظاهر العشوائية بها، مع ضرورة الالتزام بالبرامج الزمنية المقررة لتنفيذ أعمال الإخلاء للمنازل والأراضي، واستمرار صرف التعويضات للمستحقين.

وفي أواخر شهر يوليو/تموز 2023، نشرت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية صورًا قالت إنها لمدينة “حورس”، جزيرة الوراق “سابقًا”، وكشفت عن خطة تحويل الجزيرة إلى منطقة استثمارية، وعلقت الهيئة على الصور: “نعم. مدينة ومركز تجاري عالمي على أرض مصرية يضاهي أبرز مراكز التجارة حول العالم“.

وتبلغ مساحة الجزيرة 1,516 فدانًا أي ما يعادل 6.36 كيلومترًا مربعًا، وتصل التكلفة التنفيذية للمشروع 17.5 مليار جنيه، وحسب الهيئة المصرية للاستعلامات، قدرت دراسة الجدوى الإيرادات الكلية بما يساوي 122.54 مليار جنيه مصري، فيما أوضحت أن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه مصري لمدة 25 سنة.

وبحسب الهيئة المصرية يضم المشروع 8 مناطق استثمارية، ومنطقة تجارية ومنطقة إسكان متميز، كما سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيشًا سياحيًا، وإسكانًا استثماريًا.

وسبق وكشف مكتب (آر إس بيه) للهندسة العقارية في الإمارات، عن مخطط استثماري لمشروع جزيرة الوراق، يعود إلى عام 2013، اعتبر تطوير الجزيرة نموذجًا للتنمية المستقبلية في القاهرة، لما تملكه من موقع مذهل على نهر النيل، لِيَدمج تصميم المدينة الجديدة مع نظيرتها التاريخية في قلب العاصمة.

سنوات من الاشتباكات في جزيرة الوراق

يقول أحد كبار العائلات الموجودة في الوراق، إن الأجهزة الأمنية قدمت وعودًا عديدة بالاتجاه نحو التهدئة بدلاً من استخدام أساليب الضغط والترهيب في أعقاب الاشتباكات الأخيرة، وعرضت علاج المصابين في مستشفيات تابعة لها.

لكن هناك فقدان تام للثقة بين الأهالي وأجهزة الأمن بخاصة وأن الجهات الحكومية التي شاركت في التفاوض خلال السنوات الماضية لإقناع المواطنين بترك منازلهم اختفت تقريبًا من المشهد لصالح أجهزة الأمن.

هذا الوضع فَسَّره مواطنون بأنه استعداء مباشر من الحكومة تجاههم، وبالتالي فإن محاولات إقناع المواطنين ببيع منازلهم فشلت على مدار هذا العام وقاد ذلك لنشوب أزمات عديدة في ظل مساعي الحكومة لهدم البيوت والبدء في طرح الأراضي للاستثمار.

ويؤكد المصدر أن الاشتباكات المستمرة بين الأهالي والأمن فاقمت المشكلة ولم تساعد في حلها، لأن هناك العديد من الحلول التي طرحت مؤخرًا وكان من الممكن أن يتم القبول بها جَرَى رفضها على إثر حالة الغضب التي تنتاب المواطنين.

وأشار إلى أن الحكومة عرضت على المواطنين شراء منازل بنفس المساحات التي يتواجدون بها في مدينة “حدائق أكتوبر”، لكن تم رفض العرض من جانب غالبية المواطنين.

وشدد على أن المواطنين طالبوا الحكومة بحل مشكلات ضعف التعويضات من خلال تخصيص قطعة أرض تبلغ مساحتها 300 فدان مقام عليها منازل لا تقل مساحتها عن 150 مترًا بدلاً من المنازل القديمة، دون أن يتحمل المواطنون أي مبالغ مادية على أن يتم التوافق على مكان هذه المساحة، أو السماح لمن يرغب في البيع أن يكون على أساس سعر 20,000 جنيه إلى 25,000 جنيه للمتر الواحد بحسب المنطقة.

وأوضح أن المطالب التي جَرَى عرضها على القيادات الأمنية بمحافظة الجيزة تمثلت أيضًا في استفادة المواطنين من كافة التجهيزات الموجودة في منازلهم دون إرغامهم على ترك أي أغراض.

إضافة إلى تعويض المواطنين الذين تركوا منازلهم دون أن تعوضهم الحكومة بسكن بديل حتى الآن وهؤلاء يشكلون عشرات الأسر، كما طالب الأهالي بحساب الأدوار التي لم يكملوا بنائها بسبب رفض الحكومة دخول مواد البناء بنفس قيمة الأدوار التي جَرَى الانتهاء من بنائها بالفعل.

ويعتبر المصدر أن ما جَرَى تقديمه من مطالب تعد قابلة للتنفيذ، خاصة وأن الحكومة سبق وأن وافقت على مقترح تحديد قطعة أرض تبلغ 300 فدان قبل أربعِ سنوات دون أن تنفذ وعودها إلى الآن، وأن المواطنين أضحَوا لديهم قناعة بأن الحصول على مكان آمن للإقامة يبقى أفضل حالًا من الاستمرار في حالات الكر والفر.

ورغم أنه كان هناك توافق على أن تكون هذه الأراضي في مناطق جنوب الجزيرة لكن الآن هناك انفتاح على أن تكون في أي منطقة تحددها الحكومة شريطة تولي مهمة البناء عليها، يقول مصدر “عربي بوست“.

وتقول الحكومة المصرية إنها استحوذت بالشراء الرضائي على مساحة 1,000 فدان، ويتبقى 315 فدانًا من إجمالي مساحة الجزيرة المستهدفة، فيما يشير الأهالي إلى أن مساحة الجزيرة تصل إلى 1,850 فدانًا.

وتعقدت العلاقة بين سكان الجزيرة والشرطة بدءًا من الاحتجاجات التي قُتل فيها أحد أهالي الجزيرة، في 2017، خلال محاولة الحكومة تنفيذ أعمال هدم لمنازل بالجزيرة، عقب إفصاحها عن مشروعاتها العقارية في الجزيرة ونيتها إخلاءها من السكان.

فيما تجدد التوتر بين الطرفين في 2022، مع ما شهدته الجزيرة من اشتباكات دامت لأيام مع الشرطة على خلفية محاولة حكومية لإتمام عمليات رفع قياسات المنازل، تمهيدًا لهدمها لاحقًا.

ويدور النزاع في جزيرة الوراق حول نسبة 24% من إجمالي مساحة المنطقة محل التطوير، بعد إعلان وزارة الإسكان إخلاء ما يعادل 76% من إجمالي مساحة التطوير.

وسبق أن رفضت محكمة القضاء الإداري دعوى قضائية مقامة من أهالي الجزيرة، طالبوا فيها بوقف قرار نزع ملكية الأراضي والمباني المملوكة لهم، دون منحهم تعويضات مناسبة، أو التفاوض معهم، ونزعها بالقوة الأمنية بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون.

لا مكان لأهالي المنطقة الأصليين

يقول قيادي بحزب “المحافظين” المعارض، إن الاشتباكات العنيفةَ التي اندلعت مع نهاية الأسبوع الماضي تستوجب التعقل من جانب الحكومة لكي لا تتسع دائرة الفوضى في الجزيرة.

وأضاف أنه لابد أن يكون هناك قناعة سياسية بأن دفع عشرات الآلاف من المواطنين لترك منازلهم بالقوة أمر من الصعب أن يتحققَ على أرض الواقع، وأن تغيير السياسةِ الحالية يعد أمرًا مطلوبًا وهو ما حدث مؤخرًا في أعقاب الاشتباكات وأن التعويل على استمرار الهدوء والاستجابة لمطالب المواطنين خلال الأيام المقبلة.

وأشار إلى أن التوسع في إقامة نقاط تفتيش داخل الجزيرة تسبب في تعدد المناوشات بين الطرفين، وفي النهاية لن يقود إلا لمزيد من الاحتقان وإن تمكنت الحكومة من تنفيذ مخططها.

وشدد المتحدث على أن نجاح الاستثمارات يتطلب أن يكون هناك رضًى تام بين أهالي الجزيرة، بل إنه يفتح الباب أمام مزيد من التعاطف مع مواطنين يدافعون عن أماكنهم. فيما تساءل عن الأسباب التي تجعل الحكومة ترفض تعويض الأهالي بعد تطوير هذه المناطق مثلما حصل مع مثلث ماسبيرو.

وقال إن الاتجاه نحو استبدال المواطنين الأصليين بآخرين، من الممكن أن يكونوا من جنسيات أخرى، أمر لم تشهده مصر ‌‌إلا مؤخرًا، فالتعامل مع المناطق العشوائية جَرَى من خلال إتاحة الفرصة للراغبين في البقاء بها ‌العودة عقب الانتهاء من تطويرها، وأن الوضع يختلف في جزيرة الوراق التي ستتحول إلى مشروع استثماري لا مكان فيه لأهالي المنطقة الأصليين.

وفي المقابل يؤكد مصدر حكومي لـ”عربي بوست”، أن الوزارات المتعاقبة حاولت بشتى الطرق الوصول إلى حلول وسط مع الأهالي لكي تتمكن الحكومة من تنفيذ القرارات الوزارية الصادرةِ لكن دون استجابة.

وأشار إلى أن الجهات التي تتفاوض مع المواطنين لمست موافقة منهم على التطوير لكنهم يطالبون بتعويضات من الصعب أن تقدمها الحكومة ‌‌بخاصةٍ وأن سعر المتر الذي يطالبون به غير واقعيٍ ومن الممكن أن يكون هناك زيادة في التعويض دون الوصول إلى ما يسعون إليه.

وأوضح أن هناك مواطنين ليس لديهم رغبة في الحصول على مساكن أخرى داخل الجزيرة، وأن وزير النقل كامل الوزير عرض ذلك ‌‌في أثناء الاحتجاجات التي اندلعت قبل خمسِ سنوات وكان الطلب بأن يحصلوا على إجمالي سعر الشقة كاملاً وهو ما اعتبرته الحكومة محاولات لَيِّ ذراعها.

كما أن الإصرار على إدخال مواد البناء، وفق المصدر الحكومي، يستهدف خلق أمر واقع جديد من خلال إيجاد بنايات جديدة ومن ثم المطالبة بالتعويض عليها، رغم أنها قد لا تكون مكتملة البناء من الأساس.

وذكر أن الحكومة حينما حاولت التعرف على طلبات المواطنين بشأن التعويض المناسب لهم لكي تتمكن من اتخاذ القرار السليم وجدت تهربًا من المواطنين الذين رفضوا التوقيع على الاستمارات التي قدمتها إليهم، واعتبروها بمثابة تنازل عن مساكنهم في حين أن الاستمارة توضح أن الرغبة لا تعني التنازل عن شيء.

وتعتبر جزيرة الوراق من أهم الجزر النيلية المصرية، إذ تقع في قلب النيل بمحافظة الجيزة، وهي واحدة من 255 جزيرة إلا أنها الأكبر في المساحة، وتحدها من الشمال محافظة القليوبية ومحافظة القاهرة من الشرق والجيزة من الجنوب، ويمارس أهلها مهناً بسيطة مثل الزراعة والصيد، وتعتمد على محاصيل البطاطس والذرة والخضراوات، ولا توجد وسيلة تصلها بالبر سوى المعديات.

ومؤخراً قالت وزارة الإسكان، إنها تهدفُ لتطوير جزيرة الوراق، وإنشاء مجتمع عمرانى حضاري حديث، مُوَجّهًا بالإسراع بمعدلات تنفيذ مشروع التطوير من أجل الارتقاء بالمستوى العمراني للجزيرة، وإظهارها ‌‌بالمظهر الحضاري اللائق بها، والتصدي للمخالفات والتعديات، وسرعة إنهاء العقبات والمعوقات التي ‌تُواجهُ أعمال التطوير.

وأشارت الوزارة إلى أن مدينة الوراق الجديدة، هِيَ إحدى مدن الجيل الرابع التي يتم تنفيذها على مستوى محافظات الجمهورية، وذلك في إطار جهود وزارة الإسكان لتنفيذ مخرجات المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية بمصر 2052، وتتمثل أهم أهدافه في مضاعفة المساحةِ المزروعةِ من 7% إلى 14%.

* الجيش يرفع عمولاته من مشاريع”حياة كريمة” بالقرى لـ 35 % على حساب الشركات المدنية والفقراء

ضمن سياسات العسكرة وابتلاع العسكر لاقتصاد مصر، دون أي مناسبة أو أساس قانوني، وضمن سياسات البلطجة التي يمارسها العسكر في عموم مصر، قرّر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع (الجيش) رفع نسبة العمولة التي يتقاضاها من الشركات العاملة معه من الباطن، مقابل تنفيذها مشروعات المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير قرى الريف الخاضعة لإشرافه، من 30% إلى 35% للتعاقدات الجديدة، ابتداءً من 1 أكتوبر الحالي.

وأخطرت الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، شركات المقاولات والتوريدات المتعاقدة معها لتنفيذ مشروعات المبادرة بزيادة عمولتها بنسبة 5%، وهو ما يؤثر بالسلب على أرباح الشركات بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء.

وكان السيسي قد أكد في لقاء مع خريجي الأكاديمية العسكرية، مساء الاثنين، أن تكلفة المرحلة الأولى من مشروعات مبادرة “حياة كريمة” ارتفعت من 200 مليار جنيه إلى 400 مليار، دون إيضاح الأسباب، مضيفًا أن المبادرة مقسمة على ثلاث مراحل؛ كل مرحلة منها تشمل 1500 قرية تقريبًا، ما يرفع التكلفة الإجمالية للمبادرة إلى ما يزيد على 1.2 تريليون جنيه.

ووفق شهادات مقاولين، فإن الجيش هو المسؤول عن تحديد الشركات المنفذة لكل مشروع في مبادرة “حياة كريمة”، والاتفاق على التكلفة الإجمالية للمشروع مقابل الحصول على نسبة محددة سلفًا من إجمالي المبلغ؛ أي أن أجهزة القوات المسلحة استحوذت على نحو 120 مليار جنيه (نحو 2.5 مليار دولار) من أصل 400 مليار خصصتها الحكومة للمبادرة من أموال الموازنة العامة، تعادل نسبة 30% التي يحصل عليها جهاز الخدمة الوطنية دون أعباء أو مصاريف، وقد زادت مؤخراً إلى نسبة 35%، والغريب أن تلك النسبة تؤخذ دون بذل أي مجهود سوى الإشراف الورقي فقط، حيث تُسند المشاريع لمقاولين من الباطن، مقابل خصم نحو ثلث التكلفة التي تدخل في حسابات الضباط والقادة، دون أن تستفيد منها موازنة الدولة.

وأطلق السيسي مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف في عام 2019، بهدف تنفيذ مشروعات في مجال البنية التحتية لـ 4600 قرية على مستوى الجمهورية، يقطن بها نحو 60 مليون شخص، في بلد يزيد عدد سكانه حاليًا على 106 ملايين نسمة.

وسبق أن وجّه السيسي القوات المسلحة بتخصيص ضابط مسؤول عن كل قرية مستهدف تطويرها ضمن مبادرة “حياة كريمة”، قائلاً خلال تفقده بعض المعدات المشاركة في المبادرة، في يونيو 2021: “بقول للجيش، هل ممكن يبقى لنا ضابط متواجد مسؤول عن كل قرية، ويتابع مسألة طلاء المنازل، ويصورها عشان نفرج الدنيا كلها، وبقول لرئيس الوزراء، أوعى تزعل عشان هنعمل كده، لأن المصلحة واحدة.”

واستثنت قرارات ترشيد الإنفاق الحكومية، التي أصدرها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في يناير 2023، جميع المشاريع التي يشرف عليها الجيش المصري وأجهزته، أو يتولى تنفيذها لصالح الدولة، على غرار مشروعات الطرق والجسور الجديدة، وتحلية وتنقية ومعالجة المياه، ومبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف، من جميع الأحكام الواردة فيها، وكذلك وزارة الداخلية، وكل الجهات التابعة لها.

وعسكرة الاقتصاد والمشاريع تحرم موازنة الدولة من إيراداتها الضريبية والرسوم التي يُعفى منها الجيش، كما تتسبب في هروب الشركات المدنية التي تجد نفسها مجبرة على تحمل خسارة 35% من المخصصات المالية للمشاريع لصالح الضباط. وهذا ما يفاقم خسائر تلك الشركات، التي تعوّضها بتقليل جودة تنفيذ المشاريع، معتمدين على تمرير الضباط لأية مخالفات في التنفيذ.

* سعر “أنبوبة البوتاجاز” في مصر يرفع أسعار الأكلات الشعبية”مطاعم الفقراء” تلجأ إلى الطبخ بالزيوت المستعملة لمواجهة الزيادة

تكررت الصدامات بين أصحاب المطاعم الشعبية والمواطنين البسطاء الذين يلجؤون إليها لسد جوعهم يومياً، بعد أن تسببت زيادة سعر “أسطوانة البوتاجاز” والمعروفة لدى المصريين باسم “الأنبوبة” بنسبة 50% للأسطوانات المنزلية وبنسبة 33% للمحلات التجارية.

هذه الزيادة انعكست على أسعار الأكلات الشعبية التي تعد الملاذ الأخير بالنسبة لملايين المصريين للتخفيف من وطأة ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية، وسط تحذيرات من مشكلات صحية سيعاني منها هؤلاء جراء لجوء المطاعم إلى استخدام مكونات غذائية أقل جودة لتقديمها بأسعار مناسبة.

ارتفاعات موازية

وتتربع مصر على رأس قائمة أكثر 10 دول تضرراً من تضخم أسعار الغذاء حول العالم، بنسبة بلغت 36%، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي، وتضغط أسعار الطعام والمشروبات على معدلات التضخم، بنسبة 71.7%، بسبب تغير أسعار الخضراوات بنسبة 101.5%، والسكر والأغذية السكرية 41.9% والحبوب والخبز بنسبة 44.6%، واللحوم والدواجن 97%، والألبان والجبن والبيض 67.1%، والأسماك 80.9%.

داخل أحد المطاعم الشعبية بشارع فيصل الشهير بمحافظة الجيزة، قرر عادل ممدوح وهو صاحب مطعم صغير للفول والفلافل رفع سعر “رغيف الفول” إلى 15 جنيهاً بدلاً من 12 جنيهاً، والأمر ذاته بالنسبة للفلافل “الطعمية” غير أن قراره يواجه امتعاضاً من جانب البسطاء الذين يتوافدون عليه، مشيراً إلى أنه لا يعرف كيف يمكن أن يحقق ربحاً يومياً يكفي أسرته وأسرة شريكه في المطعم دون أن يشكل ذلك ضغطاً على البسطاء الذين يلجؤون إليه.

وأوضح أنه منذ أن بدأ تطبيق الأسعار الجديدة يوم الجمعة الماضي والذي يشهد عادة إقبالاً كبيراً من المواطنين على الأكلات الشعبية تحديداً في وجبة الإفطار، وهو يواجه اعتراضات مستمرة وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي حينما تجمع حوله مجموعة من المواطنين الذين حاولوا إثناءه عن رفع الأسعار وهددوا بمقاطعته.

وقال المتحدث: “ليس أمامي حل سوى زيادة الأسعار لكنني في المقابل خسرت زبائني، وأدرك بأنهم سيأتون مجدداً إلي لأن جميع المطاعم المحيطة اتخذت قراراً برفع الأسعار“.

ويشير إلى أن “أسطوانة البوتاجاز” ليست وحدها السبب في زيادة أسعار الأكلات الشعبية فهناك ارتفاعات موازية في جميع أسعار الخضروات بما فيها الطماطم والخيار والبصل والبطاطس والباذنجان وهي مكونات رئيسية في هذه الأكلات.

وقال المتحدث كان لدي خيار إما التخلي عن بعض هذه المكونات في السندوتشات الرئيسية مثل الفول أو الفلافل أو الاستمرار في تقديمها، ولكن مع زيادة سعر السندوتش وفي كلا الحالتين سأواجه باعتراضات من جانب المواطنين الذين يقتنعون بتلك الزيادات لكن ليس لديهم قدرة شرائية تساعدهم على تحمل الزيادة الجديدة.

تراجع الحملات الأمنية

وقررت الحكومة المصرية زيادة سعر “أسطوانة البوتاجاز” المنزلي من 100 إلى 150 جنيهاً، بدءاً من الأربعاء الماضي، ورفع سعر “أسطوانة البوتاجازالتجاري (تستخدمها المطاعم والمحال التجارية والمقاهي) من 150 إلى 250 جنيهاً (الدولار الأميركي يساوي 48.45 جنيهاً بالبنوك المصرية).

رغم التراجع الطفيف في معدلات التضخم في مصر من 35.2٪ إلى 34.6% خلال عام 2023، إلا أن أسعار الطعام والمشروبات لا تزال مرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (40.6%)، وأسعار مجموعة اللحوم والدواجن (48.2%)، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية (58.5%)، مجموعة الألبان والجبن والبيض (44.6%)، مجموعة الزيوت والدهون (23.9%)، وفقاً لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وكشف مصدر حكومي مطلع بوزارة التموين المصرية، عن أن الحملات الأمنية والصحية على مطاعم الأكلات الشعبية تراجعت خلال الفترة الأخيرة، والأمر يعود لأسباب تتعلق بالحفاظ على قدرة هذه المطاعم على تقديم وجباتها اليومية للفقراء بأسعار زهيدة دون الالتزام بالمعايير الصحية التي تضمن عدم تلوثها.

وأضاف المتحدث مشيراً أنه في حال كان هناك حملات منضبطة فإن غالبية المطاعم الشعبية تستحق الغلق والتشميع نتيجة لعدم التزامها بالمواصفات الصحية، وأن الزيوت المستخدمة في عملية قلي الفلافل أضحت تستخدم أكثر من أربع أو خمس مرات وهي بأساسها تأتي إلى أصحاب المطاعم مستخدمة من قبل.

وأضاف أن وزارة التموين وصلت إلى تفاهمات مع أصحاب المخابز السياحية لضمان عدم رفع سعر الخبز السياحي أو الفينو، لعدم زيادة الأسعار في الوقت الحالي لأن ذلك سيترتب عليه حالة من الغضب الواسع بخاصة وأن زيادة أسعار أسطوانات الغاز جاءت مع بدء العام الدراسي، مشيراً إلى أن الوزارة عقدت اجتماعات مع شعبة المخابز والتي عرضت زيادة الأسعار بنسبة 50% ليصبح أقل سعر للرغيف جنيه ونصف الجنيه بدلاً من جنيه واحد في الوقت الحالي، لكن كان القرار بأن تمتص المخابز الزيادات الحالية في أسعار البوتاجاز والاستفادة من انخفاض طن الدقيق غير أن “الزيادة ستكون لازمة خلال الفترة المقبلة في حال ارتفاع أسعار الدقيق“.

وشدد المصدر على أن الوزارة تحاول امتصاص موجات التضخم التي سوف تأتي مع ارتفاع أسعار تكاليف النقل وتجهيز الوجبات وتشغيل المخابز وتسعى لتوفير أسعار دقيق بأسعار زهيدة ليستخدم في إنتاج الخبز السياحي، وستوفر الفول المستورد بأسعار منخفضة للتجار على أمل أن يكون ذلك مساعداً في عدم انفلات الأسعار.

استكمل المصدر: “في كلا الحالتين فإن الارتفاعات ستكون قادمة لا محالة مع توقع موجات تضخم مستمرة لا تتوقف وتتفاقم، حتى يصل الضرر إلى مستويات حرجة من خفض فاتورة الدعم“.

مأزق اجتماعي

وتقدر وزارة البترول نسبة الوفر الذي تحققه لموازنة الدولة برفع أسعار الأنابيب من 12 إلى 14 مليار جنيه في ميزانية الدولة خلال العام المالي الحالي 2024-2025، وبحسب رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، فإن تكلفة “أسطوانة البوتاجاز” على الدولة تصل إلى 340 جنيهاً، وتباع بنحو 100 جنيه؛ أي إنها كانت تُدعم بنحو 240 جنيهاً.

ويشير خبير اقتصادي في الجهاز الإداري بالدولة إلى أن ما توفره الحكومة من الدعم تدفع أضعافه فوائد ديون وكذلك فهي تتحمل كلفة تأثيرات التضخم، إذ ارتفعت نسبة مدفوعات الدين من 37% إلى 47% بنسبة زيادة وصلت إلى 700 مليار جنيه.

وأضاف المتحدث أن الحكومة تُلجأ إليها مضطرة لأنها تسير وفق خطة وضعها صندوق النقد الدولي الذي يمارس ضغوطاً قوية على الدولة المصرية للالتزام ببنود الإصلاح الاقتصادي، والحكومة لا تستجيب لكل الرغبات تحديداً ما يتعلق بتسريع برنامج الطروحات العامة، وبالتالي تستجيب للضغوط في ملفات أخرى في مقدمتها رفع الدعم.

وشدد على أن الحكومة ترتكن على أنه لا يوجد اعتراضات شعبية على قراراتها المرتبطة بالخدمات والسلع الأساسية التي يحصل عليها المواطنون لكنها ستجد نفسها أمام مأزق اجتماعي قد يترتب عليه مشكلات سياسية في المستقبل القريب، لأن عدد كبير من أفراد الطبقة الوسطى انحدر إلى ما دون مستوى خط الفقر متأثرين بموجات التضخم، وستكون أمام طبقة ضخمة للغاية من الفقراء لن تجد وسيلة للتعامل معهم وستكون إجراءاتها بشأن توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية غير فعّالة على أرض الواقع وهو ما سيفاقم أزماتهم.

وتشير دراسة أعدتها الدكتورة هبة الليثي، أستاذة الإحصاء بجامعة القاهرة ومستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة، أن هناك أكثر من 20 مليون مواطن (ما يعادل 35% من السكان) اضطروا إلى مواجهة موجة الغلاء وحدهم، دون أي تدخل حكومي لإنقاذهم، فصارت أوضاعهم شديدة القسوة في 2023 مع ارتفاع معدلات زيادة أسعار الطعام والشراب بنسبة 61.5%، حسب البيانات الرسمية.

كلفة باهظة للتعامل مع مرضى السرطان

يوضح استشاري التغذية العلاجية بجامعة القاهرة، أن كثرة الاعتماد على الوجبات الشعبية تؤدي لمشكلات صحية عديدة ستكون لها تكلفتها الاقتصادية المضاعفة في المستقبل القريب، وتعاني المستشفيات والهيئات الطبية من مشكلات الضغط عليها جراء الإصابات بالأمراض المختلفة وقد يقضي ذلك على ما حدث من تطور إيجابي مثلاً في علاج فيروس سي، وسيكون هناك تكلفة باهظة للتعامل مع مرضى السرطان في ظل ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير والضغط على الأقسام والمستشفيات التي تعالج أمراض الأورام.

ويضيف أن تناول وجبة الكشري بشكل مستمر لأكثر من مرتين أو ثلاث في الأسبوع سيقود إلى ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون، وأن تناول هذه الوجبة التي يتم إعدادها من العدس والمكرونة والثوم والصلصة والزيت والأرز، يؤدي إلى الإصابة بعسر الهضم والإمساك ولديه أضراره الكبيرة على الجهاز الهضمي بخاصة وأن غالبية محلات الكشري لا تولي اهتماماً بجودة المكونات التي تستخدمها وفي الأغلب يتم الاستعانة بالطماطم الفاسدة لعصرها وكذلك الوضع بالنسبة للبصل المقلي.

وأشار إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الفول والفلافل بشكل مستمر أيضاً معرضون للإصابة بسرطان القولون لأن الزيوت المستخدمة في تحضيرها تكسبها نسبة عالية من الدهون المشبعة، التي تستغرق وقتًا طويلًا في عملية الهضم، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الأمعاء، بما في ذلك القولون، كما أن هذه الأكلات تؤثر سلباً على وصول التروية الدموية الواصلة للدماغ، إذ أن تدفق الدم المحمل بالأكسجين إلى المعدة والأمعاء بكميات كبيرة للمساعدة في عملية الهضم يجعل الأشخاص يشعرون بالخمول والنعاس وتشتت الانتباه إلى جانب الأضرار المترتبة على إصابة متناوليها بشكلٍ بأمراض السمنة المفرطة.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات أكبر مكون فردي لسلة التضخم في مصر، بنسبة 29% على أساس سنوي في أغسطس، والحبوب والخبز بنسبة 32.5%، والخضراوات بنسبة 44.2%، والكهرباء والغاز ومواد الوقود بنسبة 17.8%، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

الحكومة تلعب بنيران الاستقرار

وقال أحد أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن الحكومة لم تضع في اعتبارها أن نصف الأسر المصرية الموجودة في المناطق الشعبية الفقيرة والتي لم يصل إليها وصلات الغاز الطبيعي هي من تستخدم أسطوانة البوتاجاز، كما أنها قررت أن تقضي على ما تبقى من قدراتهم الشرائية، فالوجبات الشعبية في المطاعم والمحلات ملاذ أخير لهم وباتت هي أيضاً بعيدة المنال عن كثير من الفقراء.

وأضاف أن الحكومة في المقابل لم تقدم بدائل لتساعد ملايين الأسر على مواجهة صعوبات الحياة المعيشية، وفي الوقت ذاته ليس لديها تصور حول حدود رفع الدعم عن السلع والخدمات الرئيسية وبشكل مستمر تجد نفسها أمام أعباء جديدة للدعم نتيجة تراجع قيمة الجنيه ثم تضطر لتقلصها وينعكس ذلك على أسعارها التي ترتفع بشكل مباشر وهي دائرة مفرغة تمضي فيها منذ ثماني سنوات، وكذلك فإنها ليس لديها خطة واضحة بشأن التعامل مع الوضع الحالي الذي يعاني فيه المجتمع غضباً مكتوماً جراء المشكلات الاقتصادية المتزايدة، ويمكن القول بأنها تلعب بنيران الاستقرار.

ورفعت الحكومة من مخصصات دعم المواد البترولية في الموازنة العامة للدولة من 119 مليار جنيه (2.4 مليار دولار) خلال السنة المالية الماضية 2023/2024 إلى 154.5 مليار جنيه (3.2 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية 2024/2025 بنسبة زيادة 29.4%.

وكشف المصدر ذاته أن الحكومة لا تضع في اعتبارها ما يصدر عن الحوار الوطني من توصيات بشأن وقف الإنفاق على المشروعات القومية التي ليس لديها جدوى اقتصادية حالية على أن يتم توجيه هذه الأموال لبناء شبكة حماية اجتماعية واسعة تمكن أن تستوعب الزيادات الكبيرة في الأفراد الذين انتقلوا بالفعل إلى خانة الفقراء، وهي بذلك تقضي بيدها على أي تماسك مجتمعي مطلوب في هذه الفترة خاصة في المناطق النائية التي تنتشر فيها الجرائم والسرقات بشكل كبير.

وقامت حكومة مصطفى مدبولي في أغسطس الماضي برفع أسعار الكهرباء بنسب وصلت إلى 40 في المئة، بعد مرور أيام على زيادة سعر الوقود (البنزين والسولار)، صاحبها تطبيق زيادات جديدة على أسعار تذاكر مترو الأنفاق وقطارات السكك الحديد.

* “وسط غياب رجال الأمن” اقتحام مكتب بريد بالجيزة وسرقة 50 ألف جنيه

في حادثة سرقة جريئة، قام مجهولون باقتحام مكتب بريد في منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة، وتمكنوا من الاستيلاء على مبلغ مالي يُقدر بـ 50 ألف جنيه. ووقعت الجريمة وسط غياب رجال الأمن في المنطقة، مما أثار تساؤلات حول تأمين المؤسسات الحيوية. وفقًا لمصادر لنافذة مصر، استغل الجناة خلو المكان من الحراسة وقاموا بتنفيذ السرقة بسرعة ودون مقاومة. ويعرب سكان المنطقة عن استيائهم من تكرار مثل هذه الحوادث، مطالبين بتعزيز التواجد الأمني وحماية المؤسسات من أي عمليات سطو مستقبلية.

 

*زيادة أسعار أجنحة العرض 50% يُهدد “معرض القاهرة للكتاب” بعد بيع شركة “راكتا” للورق

ضمن سياسات الانفلات السعري ورفع أسعار كل شيء في مصر، رفعت إدارة معرض القاهرة للكتاب أسعار أجنحة العرض بنحو 50% للمتر الواحد، مما يمثل كارثة اقتصادية وثقافية.

وقد اعترض عدد من أصحاب دور النشر والكتّاب على ارتفاع أسعار الأجنحة والقاعات التي حددتها “الهيئة المصرية العامة للكتاب” للمشاركة في الدورة السادسة والخمسين من “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، التي تنطلق في الثالث والعشرين من يناير المقبل.

وأعلنت الهيئة الشهر الماضي عن فتح باب الاشتراك أمام الناشرين المصريين والعرب الراغبين في المشاركة بالمعرض حتى السابع من الشهر الجاري، حيث ارتفعت تكلفة المتر المؤجر مقارنة بالدورة السابقة، وبلغ سعر المتر المربع في الصالة الرئيسية 5000 جنيه للناشرين المصريين، و2200 دولار للناشرين من خارج مصر، كما شمل الارتفاع تكاليف أخرى مثل كارنيهات العارضين والتوكيلات، وكذلك حجز القاعات للندوات الثقافية وحفلات التوقيع.

ووفقًا لمثقفين وناشرين، فإن هذه الزيادة سيكون لها تأثير سلبيّ كبير، حيث ارتفعت الأسعار بشكلٍ جنوني، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكتب.

كما أن أي زيادة في التكلفة تؤدي إلى ارتفاع سعر الكتاب، مما يعني في النهاية انهيار صناعة النشر وتدمير الحياة الثقافية، إذ إن رفع سعر الكتاب سيدفع القراء إلى الإحجام عن شرائه، في مجتمعات لا يزال الكتاب فيها يُعتبر سلعة رفاهية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، سيؤثر ذلك على انتشار الكتب واستمرار إصدار مؤلفات جادة تحترم عقل القارئ.

يُشار إلى أن زيادة الأسعار طالت كل شيء بنسبة تتراوح بين 40 و50% مقارنة بالسنوات الماضية، وترافق ذلك مع ارتفاع سعر طن الورق من 17 ألف جنيه إلى 70 ألف جنيه، ورغم محاولات “الهيئة العامة للكتاب” لتخفيض الأسعار، إلا أن معظم دور النشر اتجهت إلى طباعة نسخ أقل من إصداراتها، وبعضها اتجه إلى الطباعة الرقمية “الديجيتال”، وهو ما يستدعي اهتمام الدولة بصناعة النشر، وفقًا للعديد من الناشرين.

وكانت مصر قد باعت مصنع “راكتا” للورق، وهو أعرق مصنع لإنتاج الورق في الشرق الأوسط، ضمن برنامج الطروحات الحكومية، من أجل الحصول على الدولار، رغم أن المصنع كان يوفر لمصر نحو 50% من احتياجاتها المحلية من الورق، مما ضاعف أزمة الورق والطباعة، ومن ثم أزمة الكتاب بأنواعه في مصر.

هذا يشير إلى أزمة في الثقافة في مصر، وانهيار صناعتها.

عن Admin