
انهيار القدرة الشرائية للمصريين والجوع يلاحق الطبقة المتوسطة.. الثلاثاء 27 مايو 2025م.. الاستثمارات الأجنبية في بلدان منابع نهر النيل تشكل تهديدًا للأمن المائي المصري
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* فرن متحرك وسياط في الاستقبال… شهادة صادمة من داخل سجن جمصة تأهيل 3
كشف تقرير جديد صادر عن “الشبكة المصرية لحقوق الإنسان” عن وقائع صادمة تجري خلف أسوار سجن جمصة “تأهيل 3″، من خلال شهادة حيّة لسجين سابق تعرّض لتعذيب جسدي ونفسي، وإهانة ممنهجة منذ لحظة دخوله سيارة الترحيلات وحتى لحظة تسكينه داخل الزنزانة.
القصة التي يرويها السجين السابق (تحفّظ التقرير على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، تقدم مشهدًا كاشفًا لوضعية السجون، والتي توصف بأنها بيئة طاردة للكرامة الإنسانية، ومفرخة للقهر والاضطراب النفسي، لا لمفهوم “الإصلاح والتأهيل” الذي تزعم السلطات تطبيقه.
الترحيلات.. الجحيم المتنقل
“الحبس كوم، والترحيلات كوم تاني”… بهذه العبارة بدأ السجين شهادته، واصفًا سيارة الترحيلات التي نُقل عبرها بأنها “فرن متحرك” تنعدم فيه أدنى شروط الآدمية.
حرارة خانقة، اختناق بسبب روائح البول والبراز المتراكمة داخل العربة، اكتظاظ بشري يصل حد الالتصاق الجسدي، وساعات طويلة من التنقّل بين الأقسام دون طعام أو ماء، وسط صرخات لا يسمعها أحد.
الاستقبال.. إذلال ممنهج منذ اللحظة الأولى
عند الوصول إلى سجن جمصة، تبدأ رحلة الإهانة الممنهجة، بدءًا من حلق الشعر القسري، مرورًا بإجبار المساجين على التبول والتغوط أمام المخبرين والمسؤولين في ظروف مهينة، وليس انتهاءً بالتعري الكامل والتفتيش الشخصي المهين، والضرب بالعصيّ كعقاب على “بطء التنفيذ” أو مجرد الاعتراض.
يقول السجين: “أول ما دخلنا الإيراد، وقّفونا عرايا، وطلبوا منا نعمل حمام في الأرض، قدّام بعض، وسط شتائم وضرب، وكنت من اللي ما عرفوش يعملوا… فاتعاقبت بالضرب والإهانة، 20 عصاية على رجليا، وقفوني في ميّة عشان ما تورمش”.
مسيّرو الإيراد.. سجن داخل السجن
ما يثير القلق أكثر هو الدور الذي يلعبه بعض السجناء الجنائيين أنفسهم، المعروفين بـ”مسيّري الإيراد”، والذين يشاركون في عمليات التعذيب والاستفزاز، بل ويتولون مهام التحقيق مع المسجونين الجدد، في تجاوز فج للقانون.
يُجبر القادمون الجدد على الرد على أسئلة عن زملائهم: من يحمل هاتفًا؟ من أدخل مخدرات؟ وأي رفض أو صمت يُقابل بالضرب المبرّح.
8 أيام من العذاب.. هدفها كسر الإنسان
ثمانية أيام قضاها السجين في عنبر “الاستقبال”، يصفها بأنها “رحلة كسر إرادة متكاملة”. النوم بالأرض دون مخدة، بوضعية إلزامية “على جنب واحد”، كل رأس فوق قدمي زميله، ممنوع الاستلقاء أو الحركة.
أدق التفاصيل كانت خاضعة لرقابة وسخرية: “حتى شعرك مش ملكك، وممنوع تعترض. طلبت أستحمى، قالوا لي: هحمّيك أنا!” ثم انهالوا عليه بالضرب مجددًا.
انتهاك للخصوصية ومصادرة للممتلكات
عند التسكين في الزنزانة، صودرت ملابس السجناء رغم مطابقتها للمواصفات المسموح بها.
احتُجزت الأموال في “الأمانات”، والسجائر في “المخزن”، دون ضمانات أو إيصالات قانونية.
حتى الحقوق البسيطة كالحصول على بطانية أو مياه نظيفة أصبحت خاضعة لمزاج العساكر و”المخبرين”.
ماذا تقول منظمات حقوق الإنسان؟
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، التي وثقت هذه الشهادة، قالت إن ما جرى في سجن جمصة “تأهيل 3” لا يعدو أن يكون نموذجًا واحدًا لما يجري في عشرات السجون الأخرى، في ظل غياب الرقابة الفعلية، وتعطيل النيابة العامة عن أداء دورها في التحقيق في بلاغات التعذيب.
وأكدت الشبكة أن هذه الانتهاكات تندرج ضمن “جرائم التعذيب الممنهج” التي تستوجب محاسبة داخلية ودولية، وطالبت بتمكين المنظمات المستقلة من زيارة السجون، والسماح للأمم المتحدة بمتابعة أوضاع أماكن الاحتجاز.
* الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في مواجهة القتل البطيء بسجون السيسي
تتزايد المخاوف من مصير مأساوي يواجهه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب “مصر القوية” والمرشح الرئاسي السابق، في محبسه، بعد تدهور حالته الصحية المتكرر خلال السنوات الأخيرة، في ظل تجاهل مستمر من السلطات لمطالب أسرته ومحاميه بتمكينه من الرعاية الصحية المناسبة، أو حتى السماح له بالعلاج على نفقته الخاصة.
ففي أحدث حلقات الإهمال الطبي المتعمد، كشفت أسرة أبو الفتوح أن الرجل السبعيني تعرّض الأسبوع الماضي (منتصف مايو 2025) لأزمة قلبية جديدة استمرت 5 ساعات، دون أي تدخل طبي جاد، سوى منحه جرعات عشوائية من دواء موسّع للشرايين داخل زنزانته الانفرادية، مما يسلّط الضوء مجددًا على الخطر الداهم الذي يهدد حياته، وسط صمت مطبق من وزارة الداخلية والنيابة العامة.
نداءات متكررة بلا استجابة
ومنذ يوليو 2024 تقدّمت أسرة الدكتور أبو الفتوح بعدة بلاغات وطلبات إلى النائب العام تطالب بإخضاعه لفحوصات شاملة ونقله للمستشفى، في ظل معاناته المزمنة من أمراض القلب والسكري، والتهاب في الشعب الهوائية، بالإضافة إلى انزلاق غضروفي، وتضخم في البروستاتا يحتاج لتدخل جراحي، ورغم أن القانون ولائحة السجون يتيحان له تلقي العلاج خارج السجن، لم يُستجب لأي من هذه النداءات.
ويقبع أبو الفتوح، البالغ من العمر 73 عامًا، في سجن انفرادي منذ لحظة اعتقاله في فبراير 2018، إثر عودته من لندن بعد تصريحات تلفزيونية انتقد فيها الأوضاع السياسية وطالب بانتخابات نزيهة، وهي التصريحات التي لم تحمل أي دعوة للعنف أو التحريض، بل جاءت في إطار حرية التعبير المكفولة دستوريًا.
السجن بدل المستشفى
في شهادات متكررة، أكد نجل أبو الفتوح، حذيفة، أن إدارة السجن ترفض بشكل دائم نقله إلى مستشفى السجن أو السماح بخروجه للعلاج في أي مؤسسة طبية، حتى لو على نفقته الشخصية.
ويُمنع عنI أبسط حقوقه كسجين، مثل التريض أو أداء صلاة الجماعة أو دخول المكتبة، بل إنه محروم من التواصل مع أي من زملائه، ما يُفاقم معاناته النفسية والجسدية.
ويشير مراقبون إلى أن أبو الفتوح لم يُدان بأحكام نهائية، بل ظل طوال سنوات رهن الحبس الاحتياطي أو على ذمة قضايا تتعلق بـ”نشر أخبار كاذبة” و”الانضمام لجماعة إرهابية”، رغم كونه أحد السياسيين الذين نأوا بأنفسهم عن جماعة الإخوان المسلمين منذ سنوات.
الانتقام السياسي في ثوب قانوني
تُعد حالة عبد المنعم أبو الفتوح نموذجًا فجًا لما يصفه حقوقيون بـ”القتل البطيء في السجون”، حيث يُترك المعتقلون السياسيون، خصوصًا كبار السن، دون علاج مناسب حتى تتدهور أوضاعهم الصحية إلى درجة الخطر أو الوفاة، كما حدث في حالات عديدة خلال السنوات الأخيرة.
ويقول مصدر حقوقي إن “ما يتعرض له الدكتور أبو الفتوح يرتقي إلى مستوى الجريمة المتعمدة، وليس مجرد إهمال طبي. نحن أمام استخدام السجون كأداة للانتقام السياسي وإرهاب المعارضين، وهو ما يخالف الدستور والقانون والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر”.
ويضيف المصدر أن “استمرار احتجازه في ظل هذه الحالة الصحية الحرجة هو إمعان في الإذلال والقتل البطيء. لا توجد أي مبررات قانونية لاستمرار حبس رجل سبعيني يعاني من عدة أمراض مزمنة، وقد قضى بالفعل أكثر من 7 سنوات خلف القضبان دون محاكمة عادلة”.
العفو أو الموت
في وقت تتصاعد فيه الدعوات لإخلاء سبيل المعتقلين السياسيين من كبار السن، يبدو أن السلطات تتجاهل عمدًا هذه المطالب، حتى من داخل لجان “الحوار الوطني” أو لجان العفو الرئاسي، التي وعدت بتحسين مناخ الحريات وفتح المجال العام.
وتدعو جهات حقوقية محلية ودولية إلى الإفراج الفوري عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ووقف ما تعتبره “تعذيبًا غير مباشرًا يؤدي إلى إنهاء حياة المعتقلين ببطء”، لا سيما أن الرجل لم يُتهم بأي جرائم عنف، وكان طوال حياته داعيًا للانتقال الديمقراطي السلمي، حتى وهو ينتقد جماعة الإخوان التي خرج منها مبكرًا.
*الاستثمارات الأجنبية في بلدان منابع نهر النيل تشكل تهديدًا للأمن المائي المصري
قال خبراء في الاقتصاد والمياه إن مصر تتعرض لأزمة مياه عميقة تهدد نهر النيل وقدرتها على تنفيذ مشروعات زراعية قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها من السلع الأساسية ومياه الشرب خلال سنوات قليلة، مؤكدين أن هذه الأزمة تمثل “خطرًا صامتًا” على المصالح المصرية.
وأطلق أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، جرس إنذار علميًا خلال كلمته أمام مؤتمر “الاستثمار في أفريقيا” الذي نظمته كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة.
وأوضح أن الاستثمارات الأجنبية في بلدان منابع نهر النيل تشكل تهديدًا غير مباشر للأمن المائي المصري.
وأشار نور الدين إلى أن القارة الأفريقية، رغم أنها تضم نحو 15% من سكان العالم، لا تنال سوى 9% من موارده المائية، وأن شمال القارة يُعد من أكثر المناطق جفافًا.
وأوضح أن دول منابع النيل الأبيض، مثل أوغندا ورواندا وبوروندي، تستأثر بأكثر من نصف مياه القارة، ما يجعلها قبلة للاستثمارات الزراعية المكثفة، خصوصًا من دول مثل الصين والهند ودول الخليج.
وأكد أن توجيه هذه الاستثمارات نحو الزراعة المروية في دول منابع النيل يستهلك من حصة مصر التاريخية من المياه، ولا سيما في ظل غياب التنسيق الإقليمي، وهو ما يشكل تحديًا بالغ الخطورة.
وأضاف أن هذه الاستثمارات تتجه أكثر نحو الزراعات المروية لتعويض مخاطر الاعتماد على الأمطار، التي أصبحت غير منتظمة بفعل تغير المناخ، مشددًا على أن ما يحدث هو استهلاك متزايد لمياه نهر النيل على حساب مصر. وحذر نور الدين، الذي شغل سابقًا منصب مستشار لوزير التموين، من أن هذا النزف المائي قد يتسارع ما لم تُواجَه الظاهرة باستراتيجيات إقليمية منسقة، بحسب موقع “العربي الجديد”.
جاء ذلك خلال مؤتمر موسع بجامعة القاهرة يومي 25 و26 مايو، تحت عنوان: “الاستثمار في أفريقيا: فرص ريادة الأعمال وتحديات المنافسة الدولية والإقليمية”، نظمته كلية الدراسات الأفريقية العليا، وسلّط المؤتمر الضوء على المكانة الاستراتيجية المتنامية التي تحظى بها أفريقيا، بفضل ثرواتها الطبيعية الهائلة وتنوعها البيئي والديمغرافي، مؤكدًا أن القارة باتت من أكثر المناطق جذبًا للاستثمار العالمي في مجالات الزراعة، الطاقة، التعدين، التكنولوجيا، والخدمات المالية
*سد النهضة يُشعل فتيل التوتر.. مصر تحذر من تصعيد إقليمي جديد
كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن أن الموقف من أزمة سد النهضة الإثيوبي قد يقود إلى توتر جديد في المنطقة، وذلك في ظل تصاعد الخلاف بين مصر وإثيوبيا وعدم التوصل إلى اتفاق.
وأكد وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اليوم الثاني من منتدى قادة السياسات الذي تعقده غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة، أن مصر تعمل على استمرار الاستقرار، مشيرا إلى العديد من نقاط التوتر في المنطقة من بينها ما يحدث في السودان والأوضاع في قطاع غزة.
وأوقفت مصر المحادثات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة قبل أكثر من عام تقريبا، بسبب تعنت أديس أبابا في المفاوضات، ومحاولاتها كسب الوقت لاستكمال أعمال السد.
ويُعدّ سد النهضة الإثيوبي أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في منطقة القرن الإفريقي، حيث يمثل مصدر توتر مستمر بين مصر وإثيوبيا والسودان منذ بدء إثيوبيا بناء السد على النيل الأزرق عام 2011.
ويهدف السد الإثيوبي الذي يُعتبر أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، إلى توليد أكثر من 5,000 ميغاواط من الكهرباء، مما سيضاعف إنتاج إثيوبيا من الطاقة ويوفر الكهرباء لنحو 60% من سكانها الذين يعانون من نقص الطاقة، ومع ذلك يثير السد مخاوف مصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل كبير على مياه النيل، حيث يوفر النيل الأزرق حوالي 85% من إجمالي تدفق النيل.
وتعتبر مصر التي تعتمد على النيل بنسبة تزيد عن 98% لتلبية احتياجاتها المائية السد تهديدا وجوديا لأمنها المائي، وتخشى القاهرة أن يؤدي ملء السد وتشغيله دون اتفاق ملزم إلى تقليص حصتها من المياه، مما قد يؤثر على الزراعة وإمدادات المياه الصالحة للشرب والاقتصاد بشكل عام.
وفي سبتمبر 2023، أعلنت إثيوبيا اكتمال المرحلة الرابعة والأخيرة من ملء خزان السد، مما أثار احتجاجات مصرية حادة، واصفة الخطوة بـ”غير القانونية”، كما أعربت مصر عن قلقها من أن إثيوبيا قد تستخدم السد لأغراض سياسية، مثل التحكم في تدفق المياه كأداة ضغط.
وترى إثيوبيا أن السد مشروع تنموي حيوي للقضاء على الفقر وتوفير الكهرباء لسكانها البالغ عددهم أكثر من 123 مليون نسمة، حيث يفتقر نصفهم تقريبًا إلى الكهرباء، وأكدت الحكومة الإثيوبية أن السد لن يتسبب في ضرر كبير للدول المشاطئة للنهر، وأنها ملتزمة بمبادئ الاستخدام العادل لمياه النيل وفقًا لإعلان المبادئ لعام 2015، ومع ذلك رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاقيات ملزمة قانونًا تحدد كيفية إدارة السد خلال فترات الجفاف.
وتوقفت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان في أواخر 2023 بسبب ما وصفته مصر بـ”تعنت إثيوبيا” ورفضها قبول حلول وسط تضمن مصالح الدول الثلاث.
* السيسي يُصرُّ على دمج الهيئات بعيدا عن الموازنة العامة للدولة 6700 صندوق وزاري بعيد عن السيطرة
تكرر حديث إعلام المنقلب السفيه السيسي بضيوف من خبراء السيسي عن دمج أو إلغاء الهيئات الاقتصادية والمؤسسات المتشابهة في الاختصاصات، وإن ذلك بتوجيهات من السيسي وحكومته، والهدف؛ ترشيد الإنفاق وتقليص العبء على الميزانية العامة للدولة وإن القرار قريباً، وذلك الحديث كان منذ نحو شهر وقبله في أبريل 2024 وإبريل من العام الذي سبقه ويتحدث.
وفي أبريل الماضي نهاية مارس، صدق السيسي على تعديلات قانون المالية الموحد الي أقره برلمان السيسي مارس، وتضمنت استحداث مصطلح جديد “موازنة الحكومة العامة” والمقصود بها: الجمع بين موازنتين كانتا موجودتين ومفصولين، الموازنة العامة للدولة، والتي تشمل كل إيرادات ومصروفات الدولة، إلا موازنة الهيئات الاقتصادية.
الدمج مع الموازنة العامة
وأشارت تقارير إلى أن “دمج الهيئات الاقتصادية في الموازنة العامة للدولة ليس واقعيا بل ستكون لكل موازنته والدمج في “موازنة الحكومة العامة” التي لم يصدر عنها إلى اليوم توضيح لآلية عملها، اللهمَّ إلا أن المعلن هو أن أرقام هذه الموازنة الجديدة تعطي أرقاما كلية، كما منح القانون 5 سنوات لتدريج الدمج الكلي الكامل لميزانيات الهيئات الاقتصادية بدعوى تجنب سلبيات الدمج الفوري، متوقعين أن يكون محصلة الدمج؛ عجز أكبر في الموازنة.
وأضافت أن الهيئات الاقتصادية كانت تقترض بكثافة بعيدا عن الموازنة العامة وديون الهيئات دي كانت بعيدة على حسبة الدين المحلي والخارجي في مصر.
ووضع القانون سقف للدين لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة السيسي أو حكومته أو برلمانه المصنوع بالمكبس الأمني.
المثير أيضا أن 6700 صندوق خاص شكلتهم الوزارات المختلفة على مدى سنوات لم يتطرق لهم القانون وظلوا خارج الموازنة، وهي المشكلة الأكبر من دمج الهيئات الاقتصادية مع الموازنة العامة.
وقال تقرير ل”الموقف المصري”: إن “هذا ربما يكون وراء تصريح السيسيب بأن العاصمة الإدارية مش بتأخذ مليما من الموازنة” رغم أنه هيئة المجتمعات العمرانية (هيئة اقتصادية) شريك فيها بـ 49% تقريبا، واستثمرت مليارات في تكاليف الترفيق للعاصمة، بل إن حصيلة بيع كل الأراضي في العاصمة لم تدخل للميزانية العامة للدولة.
وفاجأ السيسي وهو يتحدث عن هيئة قناة السويس التي إيراداتها يؤول منها جزء للموازنة العامة والباقي يوضع في صناديق داخل الهيئة، فكشف السيسي عن “100 مليار جنيه في 2023 وُضعوا في صندوق خاص بالهيئة”.
وأكدت تقارير المؤسسات الدولية مثل الصندوق النقد والبنك الدولي أن مثل هذا الانفصال يجعل لدى مصر عجز موازنة مزمن في الميزانية، بسبب إخراج كل تلك الأموال من الموازنة العامة، وبالتالي العلاج هو ضم كل الهيئات في موازنة موحدة.
في إطار المفاو ضات قبل الأخيرة مع صندوق النقد “لإنقاذ الاقتصاد المصري من أزمة الديون”، طلب الصندوق بشكل واضح التزام مصر بدليل إحصاءات المالية العامة، ودمج الهيئات الاقتصادية في الموازنة، موضحا أن الوضع القائم خطأ ولا يمكن استمراره، وان قانون موازنة الحكومة العامة عرضه السيسي أولا على صندوق النقد قبل إقراره في برلمانه.
وأكد مراقبون أن السيسي يتعمد بقوانينه خلق وضع ملتبس يسمح باستشراء الفساد والتفلت وإقصاء الشعب عن أي تدخل، بل وحماية الوضع القائم رغم مآلاته الخطيرة على الوضع الاقتصادي للدولة وعلى مؤسسات الدولة نفسها ومستقبلها.
لماذا الفصل؟
يقول مراقبون: إن “فصل موازنة الهيئات الاقتصادية، يضعها خارج الرقابة الشعبية فضلا عن الرقابة المحاسبية، بسبب سيطرة النظام الحاكم والإداريين المسئولين عن الهيئات وأموالها وأوجه إنفاقها“.
إلا أن الموازنة العامة تتحمل خسائر الهيئات وأنه في 2023 تحملت الموازنة العامة 182مليار جنيه خسائر دفعتها للهيئات الاقتصادية، وكل سنة تُحوّل أموال من الموازنة للهيئات.
اللا شفافية واللا حوكمة
أشارت المراقبون إلى غياب المحاسبة والمراقبة يقوض مفاهيم الشفافية والحوكمة (مراقبة أداء المؤسسة والتأكد من كفاءتها) ويسمح بالفساد والتسيب المالي، بسبب إقصاء حق الشعب في تقرير كيفية التصرف في أمواله.
وتساءل مراقبون عن تداخل اختصاص المؤسسات الحكومية وكثرة الهيئات هل له علاقة بواسطات مجلس الأمة والمحسوبية، مما زاد من ترهل الهيكل الإدارى للدولة والتضخم فضلا غن أغلب هذه الهيئات لا تتبع الموازنة العامة للدولة، فبيانات تغطية الدين العام “المحلي والخارجي” للوزارات والهيئات الحكومية الممولة من الموازنة العامة للدولة، استبعدت كالعاجة ومنذ حكم مبارك وحتى الآن ديون الهيئات الاقتصادية الـ 59 التي لديها موازنة مستقلة عن الموازنة العامة، والتي أيضا لا تعلن الحكومة أرقامها بشكل واضح فقط خسائر في المجمل.
وفي أبريل الماضي تراجع عدد الهيئات الاقتصادية التي تحقق خسائر في مصر إلى 14 هيئة خلال العام المالي الماضي مقابل 16 هيئة العام المالي 2022/2023، وتكبدت الهيئات الخاسرة 13.96 مليار جنيه وحققت الهيئة الوطنية للإعلام حققت 11.8 مليار جنيه بزيادة بنحو 1.4 مليار عن العام الذي سبقه، خسائر، يليها هيئة النقل عبدالعام بخسائر 726 مليون جنيه وكانت الهيئة القومية للأنفاق وصلت خسائرها من 11.66 مليار جنيه وخفضت بنحو 385.5 مليون جنيه، خسائرها هذا العام أما هيئة المحطات النووية فحققت خسائر عند 247 مليون جنيه مقابل 1.38 مليار جنيه جنيه.
كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن تسجيل الهيئة الوطنية للإعلام (ماسبيرو) خسائر ضخمة بلغت 10.6 مليار جنيه خلال العام المالي 2022/2023، مما يجعلها الأكثر خسارة بين 16 هيئة اقتصادية سجلت إجمالي خسائر بقيمة 14.4 مليار جنيه.
وانتهت لجنة إصلاح وإعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية من فحص ودراسة 40 هيئة ضمن خطة إعادة إصلاح وإعادة هيكلة تلك الهيئات بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء.
وهناك علاوة على الهيئات السالفة؛ هيئة قناة السويس وهيئة البترول وهيئة المجتمعات العمرانية، ودول كان صدر قانون سنة 1979 بفصل موازناتهم عن موازنة الدولة.
هذا التفتيت، يجعل ميزانيات الهيئات منفصلة فعليا عن الميزانية العامة للدولة، وبالتالي تؤول إيرادات بعضها فقط للميزانية العامة للدولة، والباقي يظل تحت تصرف الهيئات لأغراض الاستثمار، ويدخل في أحيان كثيرة إلى صناديق خاصة.
*نقابات مصر: إخلاء الوحدات المستأجرة بعد 5 سنوات بمثابة موت وكارثة
رفض نقباء الأطباء والمهندسين والصيادلة المصريون، أمس الاثنين، تمرير مشروع الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجارات السكنية القديمة، الذي يُلزم المستأجر بإخلاء المكان المؤجر، وردّه إلى المالك خلال خمس سنوات، وزيادة القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنوياً، بعد رفعها إلى ألف جنيه شهرياً في المدن والأحياء، و500 جنيه في القرى. (الدولار= 49.9 جنيهاً).
وقال نقيب المهندسين طارق النبراوي، في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب المخصّص لمناقشة القانون، إنّ “إخلاء الوحدات السكنية القديمة من المستأجرين أمر صعب، ولم تتطرق إليه المحكمة الدستورية العليا، في حكمها الصادر بتاريخ 9 نوفمبر الماضي، بشأن عدم دستورية ثبات الأجرة للأماكن السكنية الخاضعة لأحكام الإيجار القديم“.
رسالة موت للمستأجرين
وأضاف النبراوي: “إخلاء الوحدات المؤجرة خلال خمس سنوات بمثابة رسالة موت للمستأجرين القدامى، خاصة أن الحكومة غير قادرة على توفير وحدات سكنية بديلة لهم، في ظل ندرة الأعداد المطروحة من وحدات الإسكان الاجتماعي، وتركيز الدولة على مشروعات الإسكان المتوسط والفاخر”، وتابع: “تمرير البرلمان للقانون في صورته الحالية يخلق أزمة اجتماعية، ويخلّ بالعدالة بين المواطنين؛ لأن الإخلاء سيؤدي إلى مخاطر شديدة، وبالتالي يجب تعديل المشروع بما يسمح باستمرار عقود الإيجار القديم مع وضع قيود عليها، من بينها شرط الإشغال، وعدم غلق الوحدة السكنية“.
وزاد النبراوي: “الزيادة في أجرة الوحدات السكنية القديمة حق دستوري، لكن القيمة المقترحة من الحكومة بعيدة عن الواقع، إذ إن فرض ألف جنيه حداً أدنى للأجرة الشهرية يمكن تطبيقه في الأحياء الراقية فحسب بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، في ضوء صعوبة تطبيقه على المناطق الشعبية“.
من جهته، قال نقيب الأطباء أسامة عبد الحي، في كلمته أمام اللجنة، إنّ “إنهاء عقد الإيجار بمضي خمس سنوات يعد قنبلة مجتمعية تهدّد الجميع، كما أنه غير دستوري لأنها عقود رضائية”، محذراً من “المساس بعقود العيادات والمراكز الطبية الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات القديمة، باعتبارها أمناً قومياً”، على حدّ وصفه.
وأضاف أنّ “العيادات والمراكز الطبية والصيدليات غير مخاطبة بحكم المحكمة الدستورية الخاص بتعديل قانون الإيجارات القديمة، لأن هناك تعديلات تشريعية طرأت في عام 1997، وحدّدت زيادة سنوية عليها بنسبة 10%، وهي زيادة كافية“.
وتابع أنّ “الأطباء والصيادلة سبق أن سدّدوا مبالغ كبيرة للملاك، في ما يعرف بـ”الخلو” وهو جزء من تكلفة تشطيب الوحدة وتجهيزها للسكن، وإذا كانت الحكومة تسعى إلى تأجير المستشفيات العامة بحجة تشجيع القطاع الخاص، فمن باب أولى عدم تكبيل العيادات الطبية الخاصة، ومطالبة الأطباء العاملين فيها بالإخلاء بعد عدد محدد من السنوات“.
بدورها، ذكرت ممثلة نقابة الصيادلة فاتن عبد العزيز، أن “عدد الصيدليات المؤجرة وفق قانون الإيجارات القديمة يبلغ نحو 10 آلاف و300 صيدلة، بعضها لا يتجاوز مساحة 25 متراً، ومن ثم نقلها إلى مكان آخر يسقط عنها الرخصة وفقاً لأحكام قانون مزاولة المهنة”، وتمثل الوحدات نحو 12% من تعداد الصيدليات المتاحة في المحافظات.
وأردفت عبد العزيز أن “الزيادة المقترحة على الأجرة في مشروع الحكومة بواقع 20 مثلاً للايجار القديم كبيرة، وغير عادلة، لا سيّما مع تباين المواقع الجغرافية”، مستطردة بأن “المحكمة الدستورية قضت سابقاً بنقل إدارة الصيدلية إلى الورثة الشرعيين حتى يتخرج نجل الصيدلي، أو انقضاء عشر سنوات في حالة الوفاة من دون عائل“.
وحذّرت من أن إنهاء العلاقة الإيجارية “يؤدي إلى تكدير السلم الاجتماعي، خصوصاً أن الصيدلة تعتبر مهنة، وليست تجارة، إذ تمثّل الصيدليات الخط الأول في منظومة الإسعافات الأولية، وتحرير عقودها معناه القضاء على آلاف الصيدليات العاملة في السوق المصرية منذ سنوات طويلة”، فيما تعهد رئيس اللجنة النائب محمد عطية الفيومي، بـ”خروج تعديل تشريعي متوازن يراعي حقوق كلٍ من الملاك والمستأجرين، من دون انحياز لطرف على حساب آخر، واستماع اللجنة إلى جميع الرؤى للجهات ذات الصلة بمواد القانون“.
وحسب تعداد جهاز التعبئة والإحصاء الحكومي للعام 2017، فإن مصر يوجد فيها ثلاثة ملايين و19 ألفاً و662 وحدة تخضع لأحكام قانون الإيجارات القديمة، منها نحو مليون و879 ألف وحدة سكنية، و575 ألف وحدة للنشاط غير السكني (تجاري وإداري)، وتسعة آلاف و307 وحدات تستخدم للسكن والعمل معاً.
ويبلغ عدد الوحدات في المناطق الحضرية نحو مليونين و792 ألفاً و224 وحدة، وفي الريف 227 ألفاً و438 وحدة. وتصدرت العاصمة القاهرة قائمة المحافظات بأكثر من مليون و99 ألف وحدة، تليها الجيزة بإجمالي 562 ألفاً و135 وحدة، ثم الإسكندرية بـ433 ألفاً و761 وحدة. وتفيد بيانات الجهاز بوجود 118 ألفاً و835 وحدة مغلقة لسفر الأسرة إلى الخارج، و300 ألف و866 وحدة مغلقة لامتلاك الأسرة مسكناً آخر، وما يزيد على 86 ألف منشأة خالية تخضع لنظام الإيجار القديم، وأكثر من سبعة آلاف وحدة مغلقة بسبب حاجتها إلى الترميم
*في ظل وضع حرج من سداد القروض .. مطالب صندوق النقد تؤجل الشريحة الخامسة
حسب تقارير صندوق النقد الدولي والبيانات الرسمية لوزارة المالية بحكومة الانقلاب ، فإن إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر (قصيرة ومتوسطة الأجل) حتى نهاية 2025 تتراوح بين 45 إلى 60 مليار دولار، حسب سعر الصرف، الفوائد، وجدولة الأقساط.
وتشمل هذه المبالغ، قروضا من صندوق النقد الدولي وسندات دولية بالدولار واليورو، وقروضا من دول (ودائع) مثل السعودية، والإمارات، وقطر، والصين والكويت، والتزامات تجارية وودائع لدى البنك المركزي.
وقال مراقبون إنه في ظل ما تواجهه مصر من ضغط كبير في احتياطي النقد الأجنبي فإن سداد هذه الديون في ظل الوضع الاقتصادي الحالي (تضخم، قلة العملة الصعبة، تراجع الاستثمار) يمثل تحديًا ضخمًا.
وأنهت بعثة صندوق النقد الدولي أعمالها بشأن المراجعة الخامسة لبرنامج مصر وتستمر المناقشات افتراضيًا تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار، ونقلت صحف محلية كالعادة إيجابيات الزيارة ولم تنقل سلبياتها فقالت إن البعثة أشادت بتطورات الاقتصاد وسعر الصرف المرن، لكن تظل ملاحظاتها قائمة بشأن تباطؤ تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي والطروحات الحكومية.
إلا أن “صندوق النقد الدولي” قال: يجب على مصر تسريع وتعميق الإصلاحات (تمكين القطاع الخاص وخروج الجيش من الاقتصاد) لدعم استكمال المراجعة الخامسة وصرف الشريحة الجديدة من القرض.
وطرحت اللجان مهاجمة صندوق النقد عبر منصات التواصل الاجتماعي وطرحوا هاشتاج #وداعا_صندوق_النقد_الدولي بعد أن أعلن فشل المفاوضات الجديدة المتمثلة بالمراجعة الخامسة.
وساند ذلك دعم من حكومة السيسي حيث خرج وزير الخارجية متقمصا دور وزير المالية بحكومة السيسي وقال: “نجري الإصلاح الاقتصادي من أجل المصريين وليس صندوق النقد”!
وأضاف بدر عبدالعاطى وزير الخارجية، “مصر تجري إصلاحا اقتصاديا، ليس من أجل صندوق النقد الدولي أو المستثمر الأمريكي، ولكن للمصريين.”.
أضاف في منتدى قادة السياسات الذي تعقده غرفة التجارة الأميركية في القاهرة، إن مصر بدأت الإصلاح الاقتصادي عام 2016، ومستمرة فيه، وملتزمة به وأنها ” بصدد الانتهاء من المراجعة الخامسة لقرض صندوق النقد الدولي حاليا.”.
ودمج إلى خدمة المصريين خدمة آخرين قال عنهم أيضا: “نواصل التحرك إلى الأمام ونحن ملتزمون تماما بالإصلاح الاقتصادي لخدمة المستثمر المصري والأجنبي”.!
وروج الإعلام المحلي أن مصر انتهت من سداد 12 مليار دولار من إجمالي التزاماتها البالغة 20 مليار دولار لصندوق النقد الدولي حتى أبريل الماضي، وأضافت أن ذلك الرقم يعادل 60% من حجم برامج التمويل الماضية بين مصر وصندوق النقد الدولى.
وبدأت البعثة الفنية لصندوق النقد اجتماعتها مع مسئولين في الحكومة منذ أسبوعين، للتباحث حول تفاصيل المراجعة الخامسة لتشمل المناقشات إجراءات هيكلة الحكومة، ودمج الهيئات الاقتصادية، وتنفيذ بنود وثيقة سياسة ملكية الدولة وتخارج الحكومة من بعض القطاعات الاقتصادية.
وقال مصدر لموقع “المنصة” إن “وفد الصندوق أبدى تحفظه الواضح على تباطؤ الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات، وعدم التزامها بخطة تقليص الوجود الحكومي في السوق، ما اعتبره الصندوق خطوة عكسية تعرقل جهود خفض الإنفاق العام وتقليل الدين، وتضعف قدرة الدولة على جذب الاستثمارات.”
وأشار إلى مطالبة بعثة الصندوق الحكومة بمزيد من المرونة في إدارة سعر الصرف، معتبرة أن التشدد الحالي في السياسات النقدية يعوق استعادة الثقة في الاقتصاد، إلا أن الحكومة رفضت المقترح، مبررة ذلك بتخوفها من تفاقم أزمة الأسعار وزيادة الأعباء على المواطنين في ظل معدلات التضخم المرتفعة.
وفي 6 مارس 2024، أعلن البنك المركزي التزامه بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، تزامنًا مع قراره رفع أسعار الفائدة بنسبة 6%.
وأضاف المصدر أن الحكومة عرضت على بعثة صندوق النقد خطة لإعادة هيكلة 59 هيئة اقتصادية، تتضمن دمج بعضها، وتحويل عدد منها إلى هيئات عامة، وتصفية أخرى، بينما أكد مسئولو الصندوق ضرورة تسريع التنفيذ حتى يتمكن من تقييم الوضع المالي للدولة بشكل أكثر دقة وشمولًا.
وشدد على أن الحكومة وعدت بالإعلان عن طرح 11 شركة وبنكًا للاستثمار، سواء عبر البورصة أو لمستثمرين استراتيجيين، بدءًا من الشهر المقبل، تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه سابقًا مع الصندوق.
وواجه برنامج صندوق النقد الدولي مصاعب في التطبيق أجلت المراجعتين الأولى والثانية، لكن وتيرة تنفيذ البرنامج سارت بشكل سلس منذ مارس 2023 بعد تصحيح السعر الرسمي للدولار وتلقي دفعة كبيرة من الاستثمارات الإماراتية، ورفع صندوق النقد الدولي قيمة القرض من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار بعد تضرر إيرادات قناة السويس في مصر من الحرب على غزة.
وفي مارس الماضي، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على منح مصر تمويلًا من برنامج الصلابة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار، سيتم صرفها على شرائح.
وصرف صندوق النقد الدولي 1.2 مليار دولار لصالح مصر من إجمالي القرض البالغ 8 مليارات دولار، وهي الشريحة المُستحقة للمراجعة الرابعة لبرنامج القرض الذي تم إبرامه في 2022.
*إذلال خليجي واستحواذ ناعم لماذا يبيع السيسي أصول مصر “بثمن بخس” أين الجيش من حماية الأمن القومى؟
وسط أزمة مالية خانقة وعجز مزمن في العملة الصعبة، تمضي حكومة المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي بلا تردد في طرح أصول مصر الاستراتيجية للبيع، بدءاً من الشركات والموانئ إلى المطارات والفنادق والمستشفيات. لكن المفارقة ليست فقط في البيع، بل في القبول بعروض بخسة، بعضها أقل من القيمة السوقية بكثير، من صناديق عربية ـ أغلبها خليجية ـ تتعامل مع الدولة المصرية بتعالي واستخفاف صارخ.
صحيفة “الشروق” المقربة من الانقلاب ، كشفت مؤخراً عن تراجع الحكومة عن طرح عدد من الشركات ضمن برنامج الطروحات، واستبدالها بالمطارات، بسبب العروض “غير المرضية” من صناديق عربية. وهذه ليست المرة الأولى، إذ تكرر الأمر سابقاً في مفاوضات شراء “بنك القاهرة”، وبيع “المصرف المتحد”، واستحواذات على شركات أدوية وفنادق.
فلماذا تصرّ الحكومة على البيع وهي تعلم أن الأصول تُعرض بأثمان بخسة؟ ولماذا تقبل هذا الإذلال الاقتصادي الخليجي، في وقت يصمت فيه الجيش المصري الذي أطاح بالرئيس الراحل محمد مرسي، بحجة أنه يريد بيع قناة السويس والأهرامات لقطر؟
أين الجيش الذي “حمى مصر من البيع”؟
عندما أنقلب الجيش بقيادة وزير الدفاع الخائن السيسى على الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدنى بتاريخ البلاد في 2013، روّج الإعلام والدولة العميقة أن الرئيس المنتخب يريد “بيع قناة السويس لقطر”، وتسليم سيناء لـ”أهالي غزة”، وأنه كان على وشك “التفريط في أهرامات مصر”. اليوم، تُباع الأراضي والمطارات والموانئ والفنادق لمستثمرين خليجيين وأجانب بعقود تصل لـ50 عاماً، أو حتى دون مقابل كما في صفقة المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس.
ومع ذلك، لا نسمع صوتاً من المؤسسة العسكرية، التي لطالما ادّعت أن تدخلها في السياسة لحماية “الأمن القومي” و”الثروات الوطنية”. بل إن بعض الأصول المعروضة ـ كالفنادق والمشروعات السياحية ـ تتبع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية نفسه، التابع للجيش، وتم تسليم إدارتها بالفعل لشركات إماراتية.
إذلال اقتصادي خليجي.. و”مخطط استحواذ ناعم“
يشير الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد البهائي إلى أن ما يحدث ليس فقط نتيجة لضعف الحكومة، بل قد يكون جزءاً من “مخطط لتصفية الدولة المصرية”، وتحويلها إلى كيان تتحكم به الرأسمالية الاحتكارية الأجنبية والخليجية. ويضيف أن صناديق الخليج لا تسعى إلى تطوير الاقتصاد المصري، بل إلى الاستحواذ على أراضٍ ومرافق استراتيجية.
ففي صفقة “رأس الحكمة”، حصلت الإمارات على 170 مليون متر مربع، في عقد طويل الأجل يكاد يُخرج المنطقة من السيادة المصرية. كما تملك صناديق إماراتية وسعودية حالياً حصصاً ضخمة في أراضي القاهرة والسواحل، إضافة إلى إدارة عدد متزايد من الفنادق والمستشفيات والمرافق.
أين المعارضة اليسارية والعلمانية؟
المعارضة اليسارية والعلمانية التي وقفت بقوة ضد مرسي، بحجة أنه “يؤخون الدولة” و”يفرّط في السيادة”، تقف الآن في صمت مطبق. لم نسمع من أغلب رموزها أي إدانة لبيع أصول الدولة أو إذلال مصر على يد مستثمرين عرب وأجانب.
فأين هي الأصوات التي كانت تصرخ “مصر مش للبيع”؟ ولماذا لم تعد صفقة مطار أو مصنع أو ميناء تثير فيهم الغضب؟ وهل أصبحوا شهود زور على تفكيك الدولة التي ادعوا يوماً أنهم يدافعون عنها؟
بيع الأصول.. مطلب صندوق النقد وسلاح السيسي
برنامج الطروحات ليس خياراً اقتصادياً فقط، بل التزاماً مفروضاً من صندوق النقد الدولي مقابل القروض المتتالية، والتي بلغت في عهد السيسي أكثر من 160 مليار دولار من الدين الخارجي. ومع ضغط الصندوق لتقليص دور الدولة في الاقتصاد، واشتراطه التخارج من شركات القطاع العام لصرف الشريحة الجديدة من قرضه البالغ 8 مليارات دولار، تسارع الحكومة في البيع بأي ثمن.
الدكتورة علياء المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، حذّرت من بيع الأصول “بالبخس”، وطالبت بشروط واضحة تحمي مصالح الشعب. لكن يبدو أن الحكومة غير مهتمة بتلك الشروط، بل تفضل الصفقات السريعة، حتى لو كانت مهينة.
الإمارات والسعودية تبتلعان الاقتصاد المصري
الاستثمارات الخليجية لم تعد فقط شراء أسهم، بل سيطرة كاملة على قطاعات حيوية. الإمارات، عبر موانئ أبوظبي، وقّعت اتفاقات لإدارة مناطق صناعية بمحيط قناة السويس لمدة 50 عاماً بنسبة أرباح مصرية ضعيفة. وفي السياحة، تدير شركة “جيوان” الإماراتية عشرات الفنادق الحكومية، بعضها تابع للجيش.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، قالت صحيفة “البورصة” إن صناديق خليجية تتفاوض لشراء مستشفيات حكومية، فيما تعتزم مجموعة كويتية تنفيذ صفقة سياحية هي الأكبر بتاريخ مصر.
هل تباع مصر “قطعة قطعة”؟
كل الدلائل تشير إلى أن ما يجري ليس مجرد “خصخصة” عابرة، بل مشروع ممنهج لابتلاع الدولة المصرية. شركات، أراضٍ، مطارات، موانئ، فنادق، مصانع، وحتى المستشفيات، تُعرض للبيع دون رقابة شعبية أو إعلامية حرة.
ورغم الحديث الرسمي عن أن بعض الصفقات “ليست بيعاً بل تطويراً”، فإن العقود طويلة الأجل، وغياب الشفافية، والصمت السياسي، يكشف أن ما يجري هو فقدان تدريجي للسيادة.
في النهاية.. من يحاسب من؟
بين تفريط حكومي، واستغلال خليجي، وصمت عسكري، وتواطؤ معارضة، يقف الشعب المصري وحيداً، يتابع من بعيد كيف تُفرط دولته في أعز ما تملك، بلا شروط ولا كرامة.
والسؤال الذي سيُطرح غداً في كتب التاريخ:
هل باع السيسي مصر طواعية؟ أم أُجبر على البيع، ثم قبل بالإذلال؟
والأهم: هل سيحاسبه أحد؟
*السيسي يَهَبُ قناة السويس لأمريكا.. لماذا يتقرب المنقلب من ترامب على حساب السيادة الوطنية؟
في خطوة أثارت تساؤلات واسعة حول السيادة المصرية على قناة السويس، أعلن المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، أمس الإثنين، استعداد بلاده لتقديم “كافة التسهيلات” للولايات المتحدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بما في ذلك إنشاء منطقة صناعية أميركية خاصة، متحدثاً وكأنّ الممر الملاحي الاستراتيجي بات ملكية خاصة يتصرف فيها دون حسيب أو رقيب.
تقرب محسوب من ترامب بعد استبعاده
يأتي ذلك بعد تجاهل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للسيسي في جولته الأخيرة بالمنطقة، وهو ما فُسر على نطاق واسع باعتباره صفعة دبلوماسية لم تكن لتحدث لولا تراجع وزن القاهرة في ملفات المنطقة، غير أن السيسي بدا وكأنه يسعى لاسترضاء ترامب مجدداً، إذ أشاد بما وصفه بـ”توجهاته الداعمة لتعزيز التعاون الثنائي”، رغم غيابه الكامل عن المشهد السياسي الأميركي الحالي.
هل تعود الامتيازات الأجنبية؟
تصريحات السيسي جاءت خلال استقباله وفداً من كبار رجال الأعمال الأميركيين، برئاسة رئيسة غرفة التجارة الأميركية سوزان كلارك، الذين يشاركون في المنتدى الاقتصادي المصري الأميركي في القاهرة، وألمح السيسي بوضوح إلى منح امتيازات استثنائية للاستثمارات الأميركية، من دون أي حديث عن دور البرلمان، أو رقابة الإعلام، أو حتى استشارة الشعب في تنازلات قد تمس واحدة من أخطر نقاط السيادة الاقتصادية لمصر.
هل تُمنح السفن الأميركية مروراً مجانياً؟
الحديث عن “كل التسهيلات” يعيد إلى الأذهان مطالبة ترامب السابقة بإعفاء السفن الأميركية من رسوم عبور قناة السويس، فهل عاد هذا المقترح إلى الطاولة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين موقف الدولة المصرية من مبدأ المعاملة بالمثل؟ وهل تُمنح تسهيلات كهذه من دون إطار قانوني واضح أو موافقة شعبية؟ لا توجد حتى الآن أي إجابة رسمية، وسط صمت مطبق من البرلمان والمؤسسات الرقابية.
تسليع قناة السويس… حتى إشعار آخر
بدا لافتاً أن خطاب السيسي ركّز على المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باعتبارها “بوابة أميركية” إلى الأسواق العربية والأفريقية، متجاهلاً حقيقة أن تلك المنطقة تقع على حدود شريان ملاحي دولي يفترض أن تحكمه قواعد السيادة الوطنية والاتفاقيات الدولية، ولا يمكن تجاهل أن هذه التصريحات تأتي بعد أشهر من فشل النظام في تمرير قانون كان يتيح بيع أصول هيئة قناة السويس، ما أثار احتجاجاً شعبياً واسعاً اضطر معه النظام إلى التراجع التكتيكي، لكن يبدو أن التفريط عاد بصيغة “الاستثمار الأميركي“.
غياب الشفافية يهدد المستقبل
وسط غياب الشفافية، وتضاؤل دور مؤسسات الدولة، يستمر النظام المصري في التعامل مع أصول مصر الاستراتيجية وكأنها أوراق تفاوض شخصية، ما يطرح تساؤلاً أساسياً: من يحمي السيادة المصرية عندما تصبح قناة السويس أداة تقرب من البيت الأبيض؟ وأين يقف البرلمان الانقلابي من كل هذا؟ وأين الصحافة المستقلة؟ وأين صوت الشعب؟ الصفقة الغامضة مع المستثمرين الأميركيين لا تبدو مجرد تعاون اقتصادي، بل خطوة إضافية نحو تسليع السيادة المصرية، في وقت تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة، يبدو أن النظام يتعامل معها بمنطق الهروب إلى الأمام.
* السيسي يعترف.. خسائر قناة السويس بمليارات الدولارات
كشف جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، خلال جلسة عقدت في الرياض بعنوان “التطورات والآفاق الاقتصادية العالمية والإقليمية”، أن مصر تكبدت خسائر تقدر بنحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس نتيجة التداعيات غير المباشرة للحرب في غزة.
وأوضح أزعور أن النزاعات المستمرة في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا ألقت بظلالها على اقتصادات المنطقة، وأثرت بشكل خاص على الناتج المحلي المصري بسبب تراجع عائدات قناة السويس والسياحة، ما يهدد الاستقرار الاقتصادي في مصر والمنطقة.
تم الإعلان عن هذه الخسائر بشكل رسمي خلال جلسة صندوق النقد الدولي في الرياض بتاريخ 25 مايو 2025، حيث قدم أزعور تحليلاً مفصلاً عن التأثيرات الاقتصادية للنزاعات الإقليمية على مصر ودول أخرى في الشرق الأوسط، كما جاءت تصريحات السيسي في مارس 2025 خلال حفل الإفطار السنوي للقوات المسلحة، حيث تحدث عن الخسائر الشهرية في إيرادات القناة بسبب الأوضاع الأمنية في البحر الأحمر، وأكد رئيس هيئة قناة السويس في مقابلات خلال أبريل ومايو 2025 على استمرار الجهود لاستعادة حركة الملاحة الطبيعية، مع توقعات بتحسن تدريجي خلال النصف الثاني من العام.
الحرب وتأثيرات أمنية إقليمية
تأتي هذه الخسائر في ظل استمرار الهجمات الحوثية المدعومة إقليمياً على السفن في البحر الأحمر، وخاصة في مضيق باب المندب الاستراتيجي، ما دفع عدداً كبيراً من شركات الشحن إلى تحويل مساراتها إلى طرق أطول مثل رأس الرجاء الصالح، رغم ارتفاع تكاليفها وأضرارها البيئية.
وأكد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في تصريحات خلال أبريل 2025، أن حركة الملاحة تراجعت بنسبة 50%، وأن إيرادات القناة انخفضت من نحو 10.2 مليار دولار في 2023 إلى 3.9 مليار دولار في 2024، أي خسارة تقارب 7 مليارات دولار، وهو ما يعكس الأزمة الأمنية التي لم تكن القناة طرفاً فيها.
كما أوضح قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في مارس 2025 أن الخسائر الشهرية من إيرادات القناة تتراوح بين 480 و630 مليون دولار، نتيجة الظروف الأمنية في المنطقة، خاصة هجمات الحوثيين على السفن.
تبخر 70% من الإيرادات
صرحت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في أكتوبر 2024، بأن مصر خسرت 70% من إيرادات قناة السويس بسبب حرب غزة، وأوضحت أن التوترات في منطقة الشرق الأوسط أثرت سلبًا على الاقتصاد المصري، مما أدى إلى تراجع كبير في عائدات القناة.
تداعيات اقتصادية.. عجز وتضخم
أدى انخفاض إيرادات قناة السويس إلى تفاقم العجز في الحساب الجاري لمصر، حيث توقعت تقارير صندوق النقد الدولي أن يصل العجز إلى -6.6% في السنة المالية 2024/2025، كما ارتفع معدل التضخم إلى 24.4% في السنة المالية 2023/2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 33.3% في السنة المالية 2024/2025.
المآلات الاقتصادية والتحديات المستقبلية
الاقتصاديون يرون أن هذه الخسائر تمثل ضربة قاسية للاقتصاد المصري الذي يعتمد بشكل كبير على إيرادات قناة السويس كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، فالخبير المالي الدكتور محمد عبد الرحيم، أكد أن استقرار الملاحة في البحر الأحمر لا ينعكس فقط على الاقتصاد بل له أبعاد استراتيجية تعزز من مكانة مصر كممر رئيسي للتجارة العالمية، ومع ذلك، فإن استمرار التوترات الجيوسياسية وغياب الأمن الملاحي قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في الإيرادات، ما يفاقم الضغوط على ميزان المدفوعات ويحد من قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.
تصريحات الاقتصاديين ورؤية المعارضة للانقلاب العسكري
وأكد اقتصاديون أن هذه الخسائر الاقتصادية تعكس فشل السياسات الأمنية والاقتصادية للحكومة الحالية في حماية الممرات الحيوية وتأمين الاقتصاد الوطني، والمعارضون يرون أن الانقلاب قاد إلى عزلة دولية وسياسات داخلية أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وغياب رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمات الإقليمية، كما يشيرون إلى أن الاعتماد المفرط على قناة السويس كمصدر رئيسي للإيرادات دون تنويع اقتصادي حقيقي يزيد من هشاشة الاقتصاد أمام الصدمات الخارجية.
الخلاصة..
مع استمرار التوترات الإقليمية وتراجع الإيرادات الحيوية مثل قناة السويس والسياحة، يواجه الاقتصاد المصري تحديات كبيرة، ويحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات جذرية لإصلاح السياسات الاقتصادية وتعزيز الاستقرار، وإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والأمنية، للخروج من الأزمة الراهنة، مع التركيز على تعزيز الاستقرار السياسي.
* سيناريوهات متعددة لتعويم الجنيه المصري.. توقعات الخبراء وآراء المواطنين
كما في نوفمبر الماضي وقرار تعويم الجنيه بعد المراجعة الرابعة، حيث وصل الدولار في البنوك لـ50 جنيهًا، قال مصطفى مدبولي إن تعويم الجنية قادم قريبًا، وذلك بعد اجتماعه نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي 18 مايو الجاري، واليوم وافق السيسي على سرعة التعويم.
وسجل اليورو يوم الاثنين أعلى مستوى له في شهر مقابل الدولار، بعد أن تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي بدءًا من الأول من يونيو ، وذلك بعدما طلب الاتحاد مزيدًا من الوقت للتوصل إلى اتفاق جيد.
وفي مصر واصل الدولار الأمريكي تراجعه، اليوم الاثنين، فيما سجّل اليورو قفزة ملحوظة في تداولات، إلى جانب عملات أخرى حساسة للمخاطر مثل الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي، وذلك بعد أن تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من الأول من يونيو المقبل بناءً على طلب أوروبي لإتاحة مزيد من الوقت للتوصل إلى “اتفاق جيد“.
وذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، عبر موقعها الإلكتروني، أن اليورو قفز بنسبة 0.55% ليصل إلى 1.1418 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 29 أبريل؛ كما ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.58% إلى 0.6537 دولار، وهو مستوى لم يشهده منذ 25 نوفمبر، بينما صعد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.75% إلى 0.6031 دولار الأعلى منذ 7 نوفمبر.
وقال مراقبون إن تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه في مصر مسجلًا أقل مستوى له منذ ديسمبر كانون الأول 2024 ليبلغ دون 50 جنيهًا، في وقت تزور فيه بعثة من صندوق النقد الدولي مصر لإجراء المراجعة الخامسة لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي.
وقال المراقبون إن تراجع سعر الدولار يعكس تحسنًا واضحًا في تدفقات العملة الصعبة بمصر، لكن استمرار التراجع سيكون على المحك نظرًا لالتزامات مصر الكبيرة من العملة الصعبة والتحديات المستمرة.
ومنذ ديسمبر 2024 بدأ سعر الدولار يتداول فوق 50 جنيهًا لأول مرة منذ أن أجرت مصر تعديلًا على سعر عملتها في مارس 2024، وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 72.4% خلال الفترة من مارس آذار 2024 إلى فبراير شباط 2025 إلى 32.6 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
سيناريوهات التعويم
وقالت هدى المصري @Hudaelmsri إننا أمام 3 سيناريوهات للتعويم:
السيناريو المتفائل: لو حصل تعويم حر بجد، خصخصة سريعة، ودفعة قوية للسياحة والتصدير. الدولار يرجع تحت السيطرة، والثقة ترجع للسوق. بس محتاجين قرارات جريئة جدًا وسريعة، غالبًا حنوصل لـ48 ع 2026.
السيناريو الوسط: تعويم نص نص، إعادة هيكلة ديون الـ42 مليار دولار اللي جاية، وتحسين بطيء لوضع الاستثمار. خطوة خطوة، بس الدولار هيفضل يلعب لو متحركناش اسرع برضو! يوصله 60 – 62 ع اخر 2025.
السيناريو المتشائم: لو فضلنا نأجل التعويم وما نتصرفش في أزمة الدولار، مع فشل الخصخصة وتراجع السياحة والتحويلات والاستثمار ، الجنيه هيغرق. التضخم هيضرب والسوق الموازية هتتحكم بشراسة. 70 – 78 وانت طالع.
وده -تاني برضو- من غير اي تحديات جديدة ولا غدر الصحاب.
وقال الوليد أحمد @alkangr: “صحيح النظام المصرفي كانت فيه مشاكل كتيرة وغير مستعد انه يكون جزء من النظام المصرفي العالمي، لكن اعتقد انه تعويم الجنيه هو مشكلة الدولار مش دفع التعويضات لانه المبلغ ما كبير .. لكن حقيقة قرار الحكومة المدنية بتعويم الجنيه كان ليه أثر إنه الجنيه مستقر مقابل العملات الاجنبية لمدة عام كامل بعد الانقلاب عليها”.
أما فضل الجعدي @Fadhel_Algade فقال: “الشعب انهكه الفساد والتخاذل الرسمي وانشغال الجهات المسئولة البعيد عن معاناته، وأدت السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة من تعويم الدولار وزيادة التعرفة الجمركية وعجز تحصيل الإيرادات إلى البنك المركزي إلى أعباء ثقيلة على كاهل الناس .”.
* انهيار القدرة الشرائية للمصريين والجوع يلاحق الطبقة المتوسطة
تشهد مصر في الآونة الأخيرة موجة من التضخم الحاد وارتفاع الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يسبب تآكلًا كبيرًا في القدرة الشرائية للمواطنين.
وأصبح الوضع الاقتصادي في البلاد يهدد الاستقرار المعيشي للكثيرين، حيث يعاني الكثير من الأفراد من صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية نتيجة لتضاعف الأسعار، بينما تشير التوقعات إلى أن الأزمة قد تستمر لفترة طويلة إذا لم تتخذ حكومة الانقلاب إجراءات حاسمة.
وفقًا للتقارير الحكومية، بلغ معدل التضخم مستويات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة. وفي أحدث بيانات البنك المركزي المصري، وصل التضخم السنوي في عام 2023 إلى ما يزيد على 30%، وفى عام 2024 أكثر من 21% ما يعني أن الأسعار ترتفع بوتيرة أسرع من دخول أغلب المصريين. فقد شهدت السلع الأساسية مثل المواد الغذائية، والوقود، ووسائل النقل زيادة هائلة، مما يضع ضغوطًا شديدة على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
الأسعار
حول هذه الأزمة قال أحمد السيد موظف حكومي في الأربعين من عمره : كنت أتمكن من تغطية مصاريف الأسرة الشهرية منذ عامين، ولكن الآن أصبحت الأسعار ترتفع بشكل يفوق قدراتي. أسعار الخضراوات، اللحوم، والمواصلات زادت بشكل رهيب.
وأضاف : نحن نعيش في حالة من القلق الدائم حول كيفية تأمين احتياجاتنا الأساسية.
وقال محمد منصور عامل انه لم يعد قادرا على شراء متطلبات أسرته اليومية بسبب ارتفاع الأسعار فى الوقت الذى لا يزيد دخله بنفس نسبة الزيادة فى الأسعار .
وأكد أنه يضطر إلى شراء أقل من نصف الاحتياجات وهو ما يمثل مشكلة كبيرة، موضحا أنه لا يعرف كيف ستستمر حياته فى ظل الارتفاع المستمر فى الأسعار .
انخفاض قيمة الجنيه
قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده : نحن أمام أزمة تضخمية حادة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، موضحا أن الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة تتعلق بانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار، مما أدى إلى زيادة تكلفة الواردات.
وأضاف عبده فى تصريحات صحفية : التضخم أصبح محركًا رئيسيًا لارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، والمواطن هو من يدفع الثمن الأكبر.
وأكد أننا نلاحظ أن القدرة الشرائية للمواطنين تآكلت بشكل ملحوظ، موضحا أنه كان يمكن للأسر ذات الدخل المتوسط في الماضي أن تستفيد من تزايد الاستهلاك، لكن الآن أصبح معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة اليومية .
إصلاحات اقتصادية
قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، ان ارتفاع الأسعار يتطلب إصلاحات هيكلية على مستوى الاقتصاد الكلي، مشيرا إلى أن التضخم ليس مجرد زيادة في الأسعار، بل هو انعكاس لانخفاض قيمة العملة وزيادة تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام .
وطالب توفيق فى تصريحات صحفية حكومة الانقلاب باجراء إصلاحات اقتصادية من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مؤكدا أن هذه الاصلاحات قد تكون بداية الحل، ولكنها تحتاج إلى وقت طويل.
وأشار إلى أن تأثير التضخم يتجاوز مجرد الأسعار؛ مؤكدا أنه يؤثر على الطبقات الاجتماعية بشكل غير متساوٍ، فالطبقة الفقيرة هي الأكثر تأثرًا، بينما الطبقات الأعلى قد تتمكن من التكيف مع الارتفاعات، لكن الطبقات المتوسطة تظل الأكثر تضررًا.