النظام المصري وحماس في خلاف حاد وسط تفاقم معاناة غزة.. السبت 2 أغسطس 2025م.. مصر في صدارة الصادرات الغذائية لإسرائيل منتجات غذائية تدفقت إلى إسرائيل خلال فترة تجويع غزة

النظام المصري وحماس في خلاف حاد وسط تفاقم معاناة غزة.. السبت 2 أغسطس 2025م.. مصر في صدارة الصادرات الغذائية لإسرائيل منتجات غذائية تدفقت إلى إسرائيل خلال فترة تجويع غزة

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

*شطب اسم علاء عبد الفتاح من قائمة الإرهاب لا يغيّر شيئًا في ظل القمع الوحشي في مصر

قرار محكمة بدر في القاهرة في 21 يوليو بشطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم الإرهاب يعكس تنازلًا نادرًا في التعامل مع قضايا المعتقلين السياسيين.

جاء القرار بعد إنهاء والدته، الدكتورة ليلى سويف، إضرابها عن الطعام الذي استمر 287 يومًا، مطالبة بإطلاق سراح ابنها المسجون منذ أكثر من عقد.

تشير منصة داون إلى أن هذا الإجراء لا يعني بالضرورة إطلاق سراح علاء، ولا يمثل تحوّلًا في سياسة النظام الذي يواصل الاعتماد على القمع كأداة للسيطرة.

بل تشير المؤشرات إلى العكس تمامًا، إذ يتعمق الاستبداد عبر وسائل تشريعية وقانونية.

أبرز دليل على ذلك القانون الجديد للإجراءات الجنائية، الذي أقرّه البرلمان المصري في أبريل الماضي، والذي يضفي الشرعية على كثير من الانتهاكات التي كانت تُمارس دون غطاء قانوني.

يمنح القانون النيابة العامة سلطة منع المحامين من الاطلاع على ملفات القضايا أو نسخها، ويُجيز للأجهزة الأمنية استجواب المشتبه بهم دون حضور ممثل للنيابة، مما يفتح الباب أمام حالات الإخفاء القسري والتعذيب.
تتضمن المادة 162 من القانون حرمان أسر ضحايا التعذيب من الحق في تقديم شكاوى مباشرة إلى قضاة التحقيق، وحصر هذا الحق في يد النيابة العامة فقط. بذلك، يُغلق أحد المنافذ القليلة التي كانت تسمح للضحايا باللجوء إلى القضاء.

فشل ما يُسمى بالحوار الوطني الذي انطلق في مايو 2023 يعكس أيضًا استمرار الانغلاق السياسي.

رغم الإعلان عن فتح قنوات حوار مع المعارضة، استُثنيت جماعة الإخوان المسلمين، ولم تُعتمد آلية واضحة للإفراج عن المعتقلين السياسيين.

فبينما أُفرج عن بعض الأسماء البارزة مثل زياد العليمي وحسام مؤنس، وُثّق اعتقال آلاف غيرهم في الفترة ذاتها.

تتواصل ممارسات التعذيب والقتل خارج إطار القانون.

في 28 يوليو، اندلعت مواجهات في مدينة بلقاس بعد وفاة الشاب أيمن صبري في قسم الشرطة نتيجة التعذيب، حسب ما أفاد محاميه.

وفي مايو، يُعتقد أن قوات الأمن قتلت رجلين بعد أن سلّما نفسيهما، بزعم وقوع اشتباك مسلح، رغم أدلة تُشير إلى غير ذلك.

تقرير لمعهد سيناء لحقوق الإنسان وثّق 863 حالة إخفاء قسري، وقدّر العدد الفعلي للمختفين بين 2013 و2022 بما يتراوح بين 3000 و3500 شخص، لا يزال مصيرهم مجهولًا.

السبب الجذري لهذا القمع المتصاعد هو الطابع العسكري للنظام، حيث لا تملك القوى المدنية أي نفوذ فعلي في صناعة القرار، ويظل البرلمان أداة شكلية تُكرّس قرارات السلطة التنفيذية.

تهيمن المؤسسة العسكرية والأمنية على المشهد، ويقود التيار المتشدد مسار الدولة بلا معارضة تُذكر.

كما يرتكز النظام على أيديولوجيا قائمة على القومية المتطرفة ونظريات المؤامرة، لتبرير العنف والمراقبة الجماعية وإبقاء المجتمع في حالة استنفار دائم ضد “أعداء الدولة“.

هذا النهج يشتد في أوقات الأزمات الاقتصادية، مثل الوضع الحالي، رغم الدعم الدولي والإقليمي المقدم لمصر من صندوق النقد الدولي وحلفاء الخليج.

في المقابل، يغيب الضغط الخارجي الفاعل، لا سيما من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين يواصلون دعمهم للقاهرة رغم انتهاكاتها الواسعة، ما يرسّخ القمع باعتباره سياسة ممنهجة.

بالتالي، لا يمثل قرار إزالة اسم علاء عبد الفتاح من قائمة الإرهاب سوى محاولة رمزية لتلميع صورة النظام أمام الغرب، دون نية حقيقية للإصلاح.

نظام السيسي يُعد الأكثر قمعًا في المنطقة منذ انهيار نظام الأسد أواخر 2024، ويقترب في ممارساته من وحشية الأسد أكثر مما يشبه حكم مبارك، ما يجعل آفاق التغيير في الظروف الراهنة شبه معدومة.

*قناة السويس تتخلى عن تفاؤلها بتعافي حركة الملاحة قريبا

قال رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، إن من الصعب حاليا تحديد موعد لعودة حركة الملاحة في القناة إلى طبيعتها، نظرا للتطورات في البحر الأحمر.

ووصف ربيع في تصريحات تلفزيونية الجمعة، الوضع الراهن بـ”الضبابي” بسبب تغير المعطيات الإقليمية وتصاعد التوترات، منوها إلى أن التقديرات السابقة لهيئة قناة السويس والتي صدرت في أبريل الماضي، توقعت تحسن الوضع تدريجيا بحلول يونيو الماضي.

وأوضح أن التوقعات كان تشير إلى عودة شبه كاملة للحركة الملاحية بحلول نهاية العام الجاري، وذلك بناء على معطيات لحركة الخطوط الملاحية واستنادا إلى توقف هجمات الحوثيين في اليمن على السفن في البحر الأحمر منذ ديسمبر الماضي، وإعلان الجماعة وقف استهداف السفن التجارية بعد الاتفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فضلا عن مؤشرات كانت توحي بالتوصل إلى اتفاق وهدنة في غزة.

وأشار إلى تغير هذه المعطيات حاليا بعد تجدد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وإغراق سفينتين يونانيتين، بجانب تدهور الأوضاع في قطاع غزة، بعد مؤشرات سابقة بقرب التوصل إلى اتفاق.

وأكد أن الأمور أصبحت معقدة حاليا ولا يبدو أنها في طريقها إلى الحل، مضيفا أنه لا يمكنه تقديم أرقام الآن، وأن الهيئة تعيد حساباتها من جديد بعد تغير المعطيات، لكنه أعرب عن عدم تفاؤله بحدوث تغير كبير في الحركة الملاحية إذا استمر الوضع الإقليمي الراهن على حاله.

وفي وقت سابق أوضح ربيع، أن قناة السويس خسرت 66% من دخلها بسبب التوترات في البحر الأحمر واستهداف الحوثيين للسفن؛ ما أدى إلى تراجع عدد السفن العابر في القناة، فيما تشير البيانات الحكومية إلى خسائر تقدر بـ7 مليارات دولار العام الماضي.

وأشار البنك المركزي المصري، يوم الثلاثاء الماضي، إلى تراجع حاد في إيرادات قناة السويس خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024-2025 (يوليو – مارس)، بنسبة 54.1% لتسجل 2.6 مليار دولار؛ نتيجة انخفاض أعداد السفن العابرة بنسبة 44.8% على خلفية استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر.

*مصر وحماس في خلاف حاد وسط تفاقم معاناة غزة

دخلت العلاقات بين مصر وحركة حماس مرحلة جديدة من التوتر، وسط تبادل الاتهامات بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل مجاعة تلوح في الأفق نتيجة الحصار الإسرائيلي الممتد منذ شهور، كما أشار الكاتب حمزة هنداوي.

وفقًا لتقرير ذا ناشيونال، تصاعد الخلاف في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي داخل مصر، إذ دعا نشطاء ومتضامنون عبر مواقع التواصل السلطات إلى إعادة فتح معبر رفح، المنفذ الوحيد لغزة غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، لتسهيل دخول الإغاثات.

أطلقت مصر وعدد من الدول الأخرى عمليات إنزال جوي للمساعدات نحو غزة، استجابة لتحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من مجاعة تلوح في الأفق نتيجة القيود الإسرائيلية.

وفي خطاب تلفزيوني مفاجئ، أكد عبد الفتاح السيسي أن تنسيق إدخال المساعدات عبر رفح يتطلب موافقة إسرائيل، التي تسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر منذ مايو العام الماضي.

تدهورت العلاقة بين القاهرة وحماس بعد دعوة مصر وعدة دول عربية للحركة لنزع سلاحها وإنهاء سيطرتها الهشة على القطاع، في خطوة ترمي إلى إنهاء الحرب.

وأثار الخلاف قلقًا إقليميًا، خاصة أن مصر تلعب دور الوسيط الرئيسي في مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل، بمشاركة قطر والولايات المتحدة.

رغم حظر مصر للجماعات الإسلامية، بما في ذلك حماس، واعتبارها تنظيمًا إرهابيًا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن الوساطة في الحروب السابقة قربت بين الطرفين نسبيًا.
تتهم إسرائيل حماس باحتكار المساعدات واستخدامها لأغراضها الخاصة، بينما تنفي الحركة وتتهم إسرائيل بافتعال الهجمات على شاحنات الإغاثة لتجويع الفلسطينيين وتشويه صورة الحركة.

أطلقت لجنة الطوارئ المركزية في غزة – الذراع الإنسانية لحماس – أولى الانتقادات ضد مصر، ووصفت روايتها بشأن المساعدات بأنها “ذريعة للتغطية على التقاعس الإنساني والأخلاقي والعربي تجاه غزة”، داعية مصر إلى اتخاذ موقف حاسم يدعم القطاع بدلًا من الحياد.

كرر القيادي في حماس خليل الحية الاتهامات، وكتب على قناة الحركة في تيليغرام: “يا شعب مصر، يا قيادتها وجيشها وعشائرها وأزهرها وكنائسها ونخبها: هل تتركون إخوتكم في غزة يموتون جوعًا وهم على مقربة منكم؟”
في المقابل، لم تُصدر الحكومة المصرية ردًا رسميًا، لكنها أوكلت الرد لوسائل الإعلام المؤيدة. أبرزها الإعلامي أحمد موسى، الذي أشار إلى ملايين الدولارات التي أنفقتها مصر على المساعدات ورعاية الجرحى الفلسطينيين. كما اتهم حماس بتدمير القضية الفلسطينية، محملًا إياها مسؤولية الحرب المستمرة منذ هجومها في أكتوبر 2023.

اندلعت مشادات حادة بين الوفد المصري وخليل الحية خلال جولات المفاوضات الأخيرة في قطر، التي انهارت الأسبوع الماضي.

وبحسب مصادر دبلوماسية، وجهت القاهرة تحذيرات صارمة لحماس بوقف الانتقادات. ومن المتوقع أن تزور وفود من الحركة القاهرة هذا الأسبوع لاستئناف النقاشات.

تشير المصادر إلى أن المفاوضات متعثرة، إذ تصر حماس على الإفراج عن أكثر من 2000 أسير فلسطيني، بينهم نحو 300 محكومون بأحكام طويلة، في حين ترفض إسرائيل الإفراج عن بعض الأسماء البارزة وتعتبر العدد مرتفعًا. كما تطالب الحركة بتعديلات على إعادة انتشار القوات الإسرائيلية داخل غزة خلال فترة تهدئة مقترحة مدتها 60 يومًا، تشمل تغييرات طفيفة بمسافة لا تتجاوز 200 متر في بعض المناطق.
يرى مراقبون أن حماس أصبحت تفتقر إلى أوراق ضغط قوية بعد حرب قاربت على عامين، وهي اليوم تقاتل من أجل بقائها السياسي.

مرت العلاقة بين مصر وحماس بتقلبات منذ الألفينات، إذ اتهمت القاهرة الحركة بدعم متشددين في سيناء وتهريب أسلحة خلال فترة حكم الإخوان بعد 2011. كما دمرت مصر شبكة من الأنفاق التي كانت تستخدمها حماس لإدخال السلع والتخفيف من آثار الحصار.

اعتمدت حكومة حماس على الضرائب المفروضة على البضائع القادمة من تلك الأنفاق كمصدر دخل رئيسي، ومع تدميرها تفاقمت الأزمة الاقتصادية في غزة.

في ظل هذه الظروف، يبدو أن خلاف القاهرة وحماس يعكس فشلًا أوسع في معالجة الكارثة الإنسانية في غزة، وسط عجز إقليمي ودولي عن إنهاء الحرب المتواصلة.

*مصر في صدارة الصادرات الغذائية لإسرائيل منتجات غذائية تدفقت إلى إسرائيل خلال فترة تجويع غزة

بحسب البيانات الإسرائيلية الرسمية، فإن قيمة صادرات أصناف المنتجات الغذائية التي صدرتها الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 بلغت 8.16 مليون دولار.

تصدرت مصر القائمة بصادرات غذائية إلى إسرائيل بلغت قيمتها 3.8 مليون دولار، وتندرج الأصناف الغذائية التي صدرتها مصر لإسرائيل تحت 10 منتجات رئيسية بينها:

منتجات من الحبوب أو الدقيق.

منتجات من القهوة والشاي والتوابل.

خضروات.

سكريات.

منتجات من فواكه ومكسرات.

جاءت منتجات الخضار والفواكه والأثمار القشرية على رأس الأصناف الغذائية التي صدرتها مصر لإسرائيل، وبلغت قيمتها مجتمعة 2.6 مليون دولار.

في المرتبة الثانية، حل المغرب، وبلغت قيمة صادراته من الأصناف الغذائية إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 نحو 2.5 مليون دولار، وتوزعت الأصناف الغذائية تحت 6 منتجات رئيسية، بينها الخضروات والسكريات ومنتجات من الحبوب.

وكانت منتجات السكريات والحلويات السكرية في مقدمة الأصناف الغذائية المغربية التي وصلت إلى إسرائيل، بقيمة 1.7 مليون دولار.

ثالثاً، حلت الإمارات، التي صدرت ما قيمته 1.04 مليون دولار من أصناف غذائية مختلفة لإسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025، من بينها الأسماك ومنتجات من الخضروات والفواكه والسكريات والحيوانات الحية.

ورابعاً الأردن، الذي بلغت قيمة صادراته الغذائية 672 ألف دولار، ثم البحرين 47 ألف دولار.

صدّرت الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل عشراتٍ من أصناف المنتجات الغذائية المتنوعة، بينها مئات الأطنان من الخضروات، في الوقت الذي شدد فيه الاحتلال قيوده على إدخال كميات كافية من الغذاء إلى 2.1 مليون محاصر في غزة، ما تسبب في تفاقم أزمة الجوع وانتشار المجاعة داخل القطاع.

بيانات إسرائيلية رسمية تتبعها “عربي بوست”، بيّنت حجم وكميات الصادرات الغذائية التي تدفقت من الإمارات ومصر والأردن والمغرب والبحرين إلى إسرائيل خلال شهر يونيو/ حزيران 2025.

في الشهر ذاته، كانت قد بدأت ملامح المجاعة الحادة بالظهور بشكل واضح في قطاع غزة، إذ تسبب النقص الحاد في الغذاء واستمرار الاحتلال في منع إدخال المساعدات الكافية خلال يوليو/ تموز 2025 في زيادة أعداد الوفيات من سكان غزة جراء الجوع.

وخرجت صور وفيديوهات من داخل القطاع، أظهرت أطفالاً وكباراً وقد برزت عظامهم من شدة الجوع، فيما ترفض إسرائيل الاستجابة لتحذيرات المنظمات والدول من تفاقم المجاعة في القطاع.

وحتى لحظة نشر هذه المادة، لم تصدر بعد بيانات التجارة الإسرائيلية مع الدول المطبعة لشهر يوليو/ تموز 2025، إذ عادةً ما تنشر إسرائيل إحصاءاتها التجارية بشكل شهري، مع فارق زمني يقارب الشهر، حيث تُعلن مثلاً أرقام شهر يناير/ كانون الثاني في شهر فبراير/ شباط.

تصدير منتجات غذائية عربية لإسرائيل

وتظهر بيانات نشرها “المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء” وحللها “عربي بوست”، تفاصيل أصناف المنتجات التي استوردتها إسرائيل من الدول العربية المطبّعة، والتي صدرتها، وذلك خلال شهر يونيو/ حزيران 2025.

وفق البيانات، بلغت قيمة الصادرات العربية إلى إسرائيل من المنتجات (محلية المنشأ) 116.4 مليون دولار خلال شهر يونيو/ حزيران 2025 وحده.

تنوعت الصادرات العربية إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 بين منتجات غذائية وأخرى غير غذائية، مثل الملابس والآلات والأجهزة والمعدات الطبية ومنتجات من الحديد والصلب والأثاث والمفروشات وغيرها.

بلغ عدد أصناف المنتجات الغذائية العربية التي وصلت إلى إسرائيل بالتزامن مع تقييد إدخال المساعدات إلى غزة 76 صنفاً، تندرج تحت 18 منتجاً غذائياً رئيسياً، من بينها:

خضروات، وفواكه، وحبوب، ومنتجات من الحبوب، وسكريات، ومشروبات، وأسماك، والقهوة والشاي والتوابل.

تتضمن البيانات الإسرائيلية أكواداً تعريفية للسلع وفق “النظام المنسّق” (HS Code) العالمي، المعتمد من قبل منظمة الجمارك العالمية وسلطات الجمارك في البلدان، ما أتاح تحديد أنواع المنتجات المتبادلة بين الدول العربية المطبعة وإسرائيل من خلال البحث عنها في قاعدة بيانات سلطات الجمارك الإسرائيلية.

يُقصد بأصناف المنتجات مجموعة المنتجات الفرعية التي تندرج تحت منتج رئيسي بحسب تصنيف الجمارك العالمية، فمثلاً يندرج تحت المنتج الرئيسيالخضروات” أصناف فرعية مثل الفاصولياء والبامية وغيرها.

تصدير خضروات من الأردن إلى إسرائيل

في بيانات إسرائيلية رسمية أخرى نشرتها وزارة الزراعة الإسرائيلية، تظهر كميات ومصادر الخضروات التي تصل إلى إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحتى يوليو/ تموز 2025.

وفقاً للبيانات، وصلت إلى إسرائيل 791 طناً من الطماطم والفلفل قادمة من الأردن خلال الفترة من 3 يونيو/ حزيران 2025 وحتى يوم 21 يوليو/ تموز 2025، مقسمة على 695 طناً من الطماطم، و96.5 طناً من الفلفل.

خلال شهر يونيو/ حزيران وحده، بلغت كمية الخضروات القادمة من الأردن لإسرائيل 609 أطنان، فيما وصلت الكمية خلال الأسابيع الثلاثة من يوليو/ تموز 2025 إلى 182 طناً.

كانت الحكومة الأردنية قد أعلنت في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول 2024 وقف تصدير الخضروات والفواكه إلى إسرائيل عقب مزاعم إسرائيلية تفيد بوجود كوليرا في مياه نهر اليرموك التي تستخدم للري، وهو ما نفت عمّان صحته.

في ذات الوقت، أكدت الحكومة مراراً أنه على الرغم من أن الجهات الحكومية الرسمية أوقفت تصدير الخضروات والفواكه إلى الاحتلال، إلا أنه لا توجد آلية ملزمة لمنع تجار القطاع الخاص من استمرار التصدير إلى إسرائيل.

وزير الزراعة الأردني خالد حنيفات، كان قد قال في يناير/ كانون الثاني 2024 على قناةالمملكةإنه “لا توجد آلية قانونية تمنع التجار من تصدير الخضار إلى إسرائيل”، وأضاف: “لكن نقول لهم: حاولوا أن تتحلوا بقليل من الأخلاق“.

وتجدر الإشارة إلى أن البيانات التي نشرتها وزارة الزراعة الإسرائيلية حول كميات الخضار والفواكه، ورد فيها اسما بلدين عربيين وهما المغرب والأردن.

وفيما يتعلق بالمغرب، تظهر البيانات أن 76 طناً من فاكهة السترون مصدرها المغرب وصلت إلى إسرائيل خلال الفترة بين 9 سبتمبر/ أيلول و28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ولم تسجل البيانات الإسرائيلية أي تصدير آخر من المغرب للفواكه بعد الفترة المذكورة.

المجاعة في غزة

خلال شهر يونيو/ حزيران 2025، وبينما كانت الصادرات العربية من المنتجات الغذائية تصل إلى إسرائيل، صدرت عدة تحذيرات من مسؤولين في الأمم المتحدة من أن غزة مقبلة على مجاعة، بسبب القيود الخانقة التي فرضها الاحتلال على إدخال المواد الغذائية إلى القطاع.

نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، حذر يوم 11 يونيو/ حزيران 2025 من أن سكان غزة معرضون لخطر المجاعة، وفي 12 يونيو/ حزيران 2025 حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، توم فليتشر، من أن غزة ستواجه “خطر الانزلاق إلى المجاعة“.

توالت التحذيرات الأممية من فداحة اتساع المجاعة في غزة خلال شهر يوليو/ تموز 2025، وذكر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير نشره يوم 29 يوليو/ تموز 2025، أن معدل سوء التغذية الحاد في غزة ارتفع بمعدل غير مسبوق، وقال إنه في مدينة غزة تضاعف معدل سوء التغذية بين الأطفال 4 مرات في غضون شهرين.

تشير البيانات الأممية أيضاً إلى أن أكثر من ثلث عدد السكان في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية من دون طعام، وأن ما لا يقل عن 500 ألف شخص يعانون ظروفاً شبيهة بالمجاعة.

كذلك تظهر بيانات من المنظمة العالمية (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) التي تراقب الجوع أن جميع المناطق في قطاع غزة تعاني من وضع حاد في انعدام الأمن الغذائي.

وبحسب خريطة الوضع الحالي لانعدام الأمن الغذائي التي نشرتها المنظمة لقطاع غزة، والتي تغطي الفترة بين 2023 و2025، فإن القطاع بأكمله يعيش في مرحلة حرجة من أزمة الغذاء.

وتشير أحدث الأرقام الرسمية الفلسطينية، الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الأربعاء 30 يوليو/ تموز 2025، إلى ارتفاع حصيلة الوفيات جراء سياسة التجويع الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى 154 فلسطينياً، بينهم 89 طفلاً.

وليس الجوع والقصف وحدهما من يفتك بأرواح الغزيين، إذ يلقى آخرون حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات من نقاط توزيع المساعدات، وفق آلية دعمتها أمريكا ووافقت عليها إسرائيل، تتيح توزيع المساعدات في القطاع من قبل “مؤسسة غزة الإنسانية”، ضمن مواقع معينة يشرف عليها عسكريون أمريكيون سابقون.

وفي آخر إحصائية نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الخميس 31 يوليو/ تموز 2025، فإن 1330 فلسطينياً في غزة لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات.

دول عربية تواجه انتقادات

وتواجه الدول العربية التي تواصل التصدير إلى الاحتلال انتقادات شعبية تطالب الحكومات بوقف التعاملات التجارية مع إسرائيل، كرد فعل على استمرار حرب الاحتلال على غزة.

كانت مصر قد واجهت مراراً انتقادات واتهامات بـ”إغلاق معبر رفح” وإبطاء إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المُحاصر، فيما ردّت القاهرة بأن إسرائيل هي المسؤولة عن عرقلة دخول المساعدات من المعبر، وتقول أيضاً إنها تعمل على إدخال “أكبر قدر من المساعدات“.

وكانت كل من مصر والأردن والإمارات قد نفذت يوم الأربعاء 30 يوليو/ تموز 2025 عمليات إنزال جوي لمساعدات إنسانية على غزة، فيما تقول وكالةالأونروا” الأممية إن عمليات الإنزال الجوي “لن تنهي” المجاعة المتفاقمة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

خلفت الحرب الإسرائيلية ما لا يقل عن 206 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.

 

* 30 مليار جنيه مديونيات حكومية تهدد بغلق عشرات شركات الدواء بمصر.. ومخاوف من “تصفية” لصالح شركات أجنبية

انعكست الأزمات التي تواجهها صناعة الدواء في مصر على سوق الأدوية الذي يعاني في الوقت الحالي شحاً في بعض العقاقير المرتبطة بالأمراض المزمنة، والتي اختفى بعضها من الصيدليات، ويجري توفيرها فقط في الصيدليات الحكومية.

يأتي هذا في وقت تشكو فيه شركات الأدوية والموزعين من وجود مديونيات مالية مستحقة لهم لدى الحكومة المصرية ممثلة في هيئة “شراء الدواء الموحدوالتي تبقى مهمتها توصيل الدواء إلى الصيدليات والمستشفيات الحكومية وتقدر قيمتها بـ”30 مليار جنيه“.

تأثيرات كبيرة على السوق الشهرين المقبلين

وقال صاحب أحد شركات الأدوية المحلية، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن كثير من الشركات العاملة في السوق المصري تعاني أوضاعاً مضطربة بسبب صعوبات على مستوى توفير السيولة اللازمة لاستيراد مكونات تصنيع الدواء، وانعكس ذلك سلباً على حجم الإنتاجية.

وأشار إلى أن هناك الكثير من الاجتماعات التي انعقدت مع الحكومة المصرية خلال الأشهر الماضية، ووعدت خلالها بتقديم دعم مادي للشركات لكي تتجاوز عثراتها، لكن ذلك لم يحدث، كما أنها لم تسدد ديونها إلى الشركات ومن ثم فإن الأزمة تتفاقم دون معرفة هوية الطرف المستفيد.

وأوضح أن ثلثي مصانع الدواء تقريباً تعمل بنسبة لا تتجاوز 60% من طاقتها، وأن عمليات الاستيراد من الخارج تراجعت بشكل ملحوظ، وهو ما ترتب عليه اختفاء بعض الأصناف من الأسواق، وقد يقود ذلك لأزمة متفاقمة على نحو أكبر بعد أن أضحت شركات الدواء المحلية مسيطرة على أكثر من 90% من إجمالي الأدوية المتوفرة في السوق المصري، لافتاً إلى أن الأمر لم يتوقف فقط على مصانع إنتاج الدواء بل إن شركات التوزيع التي تتسلم منها الدواء أيضاً تأثرت بالأزمة، وبدأ العشرات منها في غلق أبوابها، في حين أنها كانت تستحوذ على نسبة كبيرة من سوق التوزيع في مصر.

وشدد على أن انهيار هذه الشركات التي يعتمد بعضها في تمويل عملياته على تسهيلات ائتمانية من البنوك ذات حدود قصوى، سيترك تأثيرات كبيرة على السوق خلال الشهرين المقبلين، وأن تجاوز الأزمة الراهنة بحاجة إلى ستة أشهر على الأقل.

ولفت إلى أن أصحاب مخازن التوزيع الصغيرة هم الأكثر تضرراً لأن هؤلاء وجدوا أنفسهم غير قادرين على تسديد ديونهم، حيث يعتمدون بالأساس على سداد مديونياتهم بناء على ما يحققونه من أرباح البيع، ومع تأثر السوق دخل هؤلاء في مشكلات متفاقمة، وبعد أن بذلت هيئة الدواء المصري جهود لضبط عمل هذه المخازن التي كانت تعمل دون ضوابط عادت مرة أخرى لحالة الفوضى المنتشرة في عملية التوزيع تأثراً بما حدث للشركات الكبرى.

وذكر أن الأزمة وصلت أيضاً إلى الصيدليات والتي لم تتأثر سلباً فقط بسبب نقص الأدوية، بل إن مشكلات المخازن التي تتعامل معها انعكست عليها بعد أن سعى أصحاب تلك المخازن للمضاربة في أسعار الدواء وتقليص هامش ربح الصيدليات، وبالتالي فإن كثير من الصيدليات رفضت استلام الأدوية وكان البديل تسريب تلك الأدوية بأسعار مرتفعة لدى السوق السوداء الذي عاد مرة أخرى للانتشار مؤخراً بعد أن جرى تضييق الخناق عليه خلال الأشهر الماضية.

وأكد أنه حدث لأول مرة في مصر أن ارتفعت أسعار بعض الأدوية دون أن يحدث تغييرات في آلية التسعير الجبري، وأن بعض الصيدليات اتجهت لتلك الحيل للحفاظ على معدلات أرباحها، وهو أمر بالغ الخطورة ويهدد بفوضى في سوق الدواء، ما لم يكن هناك تدخل حكومي يتعامل مع الأزمة من جذورها ويتيح وضعية مناسبة للشركات المحلية لكي تنتظم في عملية الإنتاج.

وتعددت اللقاءات التي عقدتها الحكومة المصرية مع اللجنة التي جرى تشكيلها من جانب هيئة الدواء المصرية وهي معنية بحل مشكلات ومعوقات صناعة الأدوية في مصر، وتضمنت الأزمات التي شكا منها أصحاب الشركات المحلية خلال آخر اجتماع انعقد قبل ثلاثة أشهر ضعف الملاءة المالية لشركات التصنيع، واحتياجات الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وعدم مرونة نظام التسعير، وارتفاع تكلفة الأدوية المستوردة مقارنة بالمحلية، إلى جانب ضريبة القيمة المضافة المفروضة على مواد التعبئة والتغليف الدوائي. كما تم تناول سبل دعم المصانع المتعثرة لإعادة تشغيلها، وتعزيز قدرة المصانع الصغيرة على المنافسة والاستدامة.

أزمة سيولة غير مسبوقة

خلال اجتماع حكومي في يونيو/ حزيران الماضي، أوصى وزير الصحة المصري، خالد عبدالغفار، هيئة الشراء الموحد، وهيئة الدواء المصرية، بإعداد دراسة تفصيلية لحصر جميع الأدوية المتداولة، وتحليل وضعها من حيث التوافر والتسعير ومعدلات الاستهلاك، مع التركيز على الأدوية الحيوية والأساسية، على أن تشمل الدراسة تقييماً دقيقاً لسلاسل التوريد، والعقبات التي قد تواجه توفير الأدوية، سواء على مستوى الإنتاج المحلي أو الاستيراد، بما يضمن عدم حدوث أي نقص في الأدوية داخل السوق أو المنشآت الصحية.

وبحسب مصدر مطلع بشعبة الأدوية وهي تابعة لاتحاد الغرف التجارية، فإن سوق الدواء يعاني في تلك الأثناء أزمة سيولة لم تمر بها شركات الأدوية منذ فترة طويلة، ويمكن القول بأنها غير مسبوقة – بحسب المصدر – وأن الحكومة هي السبب في تلك الأزمة لأن هيئة الشراء الموحد ترفض الالتزام بسداد ديونها إلى الشركات وقادت التراكمات لأن وصلت إلى 30 مليار جنيه، دون أن تتدخل لحل الأزمة رغم العديد من المناشدات على مدار الأشهر الماضية.

وشدد المصدر ذاته، على أن هيئة الشراء منحت شركات الأدوية شيكات بدون رصيد وهو ما فاقم الأزمة بين الطرفين، ولم يعد هناك ثقة متبادلة وهناك مخاوف من أن يكون هناك أطراف بعينها تهدف إلى إرغام الشركات على الإغلاق، إذ من المتوقع أن تتزايد وتيرة الدعاوى القضائية المرفوعة لحصول الشركات على حقوقها.

كما ذكر المصدر أن شركات الأدوية سوف تركز في عملها على أصناف الأدوية التي تضمن توزيعها مباشرة إلى الصيدليات دون المرور على هيئة الشراء الموحد، وهو ما قاد لوجود أزمة نواقص في أدوية الأورام، والمناعة، والهرمونات، والمفاصل الصناعية، والأدوية المستخدمة قبل وبعد زراعة الكلى والكبد.

وذكر أن الحكومة تحاول إلصاق تهمة زيادة أسعار الدواء إلى الشركات التي تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي كجزء من حلول التعامل مع الأزمة الراهنة، في حين أنها المتسببة فيها دون أن تراعي أن الدواء في حد ذاته سلعة لها تكلفة، كما أن معظم موادها الخام يتم استيرادها من الخارج، فضلاً عن أن الحكومة ذاتها تفرض على القطاع الخاص الالتزام بالحد الأدني للأجور والذي تزايد أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، وهؤلاء يعيشون في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تتطلب زيادة رواتبهم لضمان استمرار الإنتاج بجودة مرتفعة.

وأكد المصدر على أن زيادة أسعار الدواء حق أصيل للشركات في ظل هذه الظروف والحكومة يجب أن تتحمل التأثيرات السلبية على المواطنين لأنها المتسبب الأول في انخفاض قيمة الجنيه، وتساءل عن دور التأمين الصحي حيث إنه لو كان مفعلا بصورة حقيقية في مصر فإنه من الأولى أن يتحمل أسعار الدواء وزياداتها وليس المواطنين، كما أن شركات الدواء طالبت مرارا وتكرارا بدعم الخدمات الواردة إليها مثل الكهرباء أو الغاز لكنها رفضت أيضا ويتم التعامل وفقا لأسعار السوق التجاري، وبالتالي لا يمكن اللوم على الشركات التي تسعى لزيادة أسعار الدواء للحفاظ على استمراريتها.

وذكر أن شركات الأدوية قدمت مقترحاً إلى الحكومة برد جزء من مديونيتها إلى الشركات وقدرت المبلغ بشكل مبدئي ليصل إلى 7 مليارات جنيه إلى جانب تقديم مبلغ مماثل للشركات المتعثرة لكي تتمكن من ممارسة عملها، كما تضمن أيضا رفع سقف تمويل الشركة الواحدة ضمن مبادرة تمويل القطاعات الصناعية إلى 300 مليون جنيه بدلا من 70 مليون، لكنها مقترحات لم يتم الرد عليه بعد.

تم تأسيس هيئة الدواء المصرية بموجب القانون رقم 151 لسنة 2019، وهي هيئة عامة خدمية ذات شخصية اعتبارية تتبع مباشرة رئيس مجلس الوزراء. حلت محل عدة جهات رقابية مثل الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية والجهات المنظمة للمستحضرات البيولوجية والمختصة بالصيادلة.

فساد بين هيئة الدواء الموحد وشركات الأدوية

في عام 2023 وبداية 2024، واجهت مصر أزمة نقص حادة في العديد من الأصناف الدوائية نتيجة أزمة العملة وقيود الاستيراد، وعدم تحريك الأسعار بالنسب المطلوبة، لكن في أكتوبر الماضي أعلنت الحكومة حل أزمة نواقص الأدوية بالكامل، بعد تحريك عدد من الأصناف بنسب زيادات تراوحت بين 35% إلى 40%، قبل أن تعود بوادر الأزمة مرة أخرى منذ الشهر الماضي.

ووفق تقارير رسمية، فإن شركات الأدوية تستعد لتقديم طلب رسمي إلى الهيئة المصرية للدواء لرفع أسعار 1000 صنف دوائي بنسبة لا تقل عن 10%، مشيرة إلى أن تكاليف التشغيل والوقود والتأمين على النقل باتت تثقل كاهل المصانع، وسط أزمات في استيراد المواد الخام من الهند والصين.

تنتج الشركات المحلية حالياً نحو 93% من الاحتياجات الدوائية للبلاد. وارتفعت قيمة مبيعات الأدوية في السوق المصرية أكثر من 40% إلى 307 مليارات جنيه خلال العام الماضي.

وأشار رئيس هيئة الدواء المصرية، الدكتور علي الغمراوي، إلى أن مصر تمتلك 179 مصنعا للأدوية البشرية و150 مصنعا للمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى 130 مصنعا لمستحضرات التجميل و5 مصانع للمواد الخام لافتا إلى أن المصانع الوطنية بها 2370 خط إنتاج، و1200 شركة أدوية مصنعة لدى الغير، وتنتج الشركات المصرية 17 ألف مستحضر دوائي.

ويشير مصدر مطلع، بمركز الحق في الدواء وهو منظمة حقوقية، إلى أن الأزمة الراهنة في مصر مركبة بين حكومة لا تقوم بأدوارها تجاه شركات الدواء المحلية الواجب عليها دعمها، وبين شركات الدواء ذاتها والتي تصرف أموالها ببذخ على دعاية تحولت إلى أحد أبرز أشكال الفساد مع توجيه الأطباء لصرف أدوية بعينها مقابل تنظيم رحلات وهدايا باهظة إلى الدرجة التي أضحت فيها الدعاية تشكل 35% من قيمة إجمالي قيمة تصنيع الدواء، في حين أن المادة الخام قد لا تتجاوز قيمتها 10%.

وذكر أن هناك أوجه فساد لا يتم الكشف عنها بين هيئة الدواء الموحد وشركات الأدوية لأن الهيئة الحكومية مسؤولة عن عملية إجراء مراجعة دورية لأسعار الأدوية وبناء عليها يتم تحديد سعر الدواء وذلك من خلال مقارنة أسعار الأدوية المصرية بنظيرتها في أكثر من 40 دولة حول العالم، غير أن تلك الهيئة تتجاهل فكرة مقارنة أسعار الأدوية في مصر بنظيرتها في دول تبيعها بأسعار زهيدة مثل بنجلاديش، وقد يكون هناك تفاهمات خفية غير ظاهرة للعيان.

مخاوف من استحواذ شركات أجنبية

ولم يستبعد المصدر ذاته أن يكون الخلاف المتفجر حاليا لمصلحة شركات أجنبية تجد أرضية مناسبة للاستثمار في سوق الدواء بمصر انعكاساً على انخفاض قيمة العملة المحلية في مصر مقارنة بالدولار وانخفاض أسعار العمالة المصرية، مع وجود خطة مصرية تستهدف تحويل منطقة “جيتو فارما” التي افتتحها عبدالفتاح السيسي قبل أربع سنوات وهي منطقة صناعية دوائية إلى استقطاب شركات عالمية لتصنيع مستحضراتها داخل المدينة ضمن خطة أوسع لأن تتحول المنطقة إلى مركز إقليمي للتعاون بين الشركات العالمية.

وشدد على أن الشركات الأجنبية قد لا يروق لها وجود منافسة قوية من الشركات المحلية التي تسيطر على إجمالي حجم السوق المصري، بخاصة وأن هناك توجه نحو شركات الدواء العربية العملاقة في الاستحواذ على نسب من شركات أدوية أجنبية وافتتاح أفرع لها في تلك المنطقة، كما حدث بالنسبة لشركة الحكمة الأردنية، والتي تتوسع حالياً في السوقين المصري والتونسي، وكذلك شراء شركة أبوظبي القابضة حصة شركة “بوش هيلث” الكندية في شركة آمون المصرية.

وافتتح عبد الفتاح السيسي مدينة الدواء المصرية، بمنطقة الخانكة، بمحافظة القليوبية في أبريل 2021، أكبر صرح للأدوية في البلاد، إذ تم إقامتها على 180 ألف متر مربع.

وبحلول عام 2028، من المتوقع أن يصل حجم سوق الدواء في الشرق الأوسط إلى 36 مليار دولار، وفي إفريقيا إلى 28 مليار دولار.

*مع الترحيل القسري للسودانيين خبراء: السيسي وابن زايد وبولس يسعون لتقسيم جديد

وثق حقوقيون مئات الحالات من الترحيل القسري للسودانيين اللاجئين في مصر بسبب الحرب، وفي 2024 وثقوا 20 ألف حالة ترحيل قسري، في حين ترد عشرات الحالات من الترحيل في 2025 في مرحلة غير مسبوقة من الملاحقات والترحيلات واقتحام المنازل، توقيف واحتجاز وترحيل للكل، بلا اجراء قانوني صحيح، وبلا فرص لدفوع المحامين أو اتخاذ أي اجراءات.

يوجد قرار يبلغه ضابط أمني بالترحيل،  ولكن لا توجد قرارات رسمية معلنة بالترحيل، حيث لا يسلم لذوي المرحلين أو المحامين لكي يطعنوا عليها، أو يقاضوا بها دولة تتقاضى عن كل لاجئ 400 دولار شهريا لا تعطيهم منه سوى 700 جنيه شهريا لا يصل المبلغ ولا حتى نصفه من منظمة اللاجئين.

طبخة القاهرة

ويبدو أن السيسي باع رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان مقابل اوامر محمد بن زايد، وبحسب الصحفي السوداني مكاوي الملك فإن مخطط رباعي خطير فيه مصر ضمن “تحركات الرباعية +2 (أمريكا..الإمارات..السعودية..مصر) تجري لتصفية المشهد عبر طبخة تسوية تُشرعن وجود مليشيا دموية ارتكبت المجازر..وتهدف ايضا لتحييد ما تبقي من دول الجوار للحصار الكامل تحييد مصر والسعودية والضغط عليهما عبر صفقات اقتصادية وعسكرية لقبول صفقة تُعيد تدوير الانقلاب بشعارات “الانتقال المدني””.

وأضاف أن “‏كل هذا يجري بينما أغلب دول الجوار (عدا مصر وإريتريا والسعودية) متواطئة أو داعمة للمليشيا..بشكل مباشر أو بالصمت.

التحركات الأخيرة – سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا – هي محاولات يائسة لإيقاف انهيار مشروعهم عبر صفقات تُدار في العلن والظل.. ومن يربط بين صفقات التسليح بين مصر وأمريكا قبل ايام قليلة والتحركات الأمريكية في ملف غزة وسد النهضة ، يفهم أن هناك مقابلًا سياسيًا يُطلب من بعض الدول… وهذا ما نحذر منه اليوم”.

واعتبر أن “الواقع خطير… والمرحلة حساسة .. والتاريخ لن يرحم من تجاهل هذه الإشارات المبكرة.. الثقة لا تُبنى بالكلام المطمئن… بل تُبنى بالصدق في التنبيه والتحذير.. ‏فلا تخدعكم التهدئة الإعلامية..فالمعارك القادمة ستكون سياسية ودبلوماسية لا تقل شراسة عن ميادين القتال..بالاخص في ظل وضع اقتصادي منهار “.

وعبر Makkawi Elmalik أشار إلى “تجاهل الخطر هو الخداع الحقيقي!.. ‏منذ اليوم الأول لهذه الحرب لم أنشر حرفًا من فراغ بل من مصادر ميدانية أعرفها ، أو تقارير دولية موثوقة لا يمكن لمن يتابع أن ينكرها.. في معارك الوسط كانت اغلب منشوراتي بشارات نصر..وكان النصر واقعًا رأيناه في ود مدني وسنار وغيرها..بفضل الله ثم ببطولات جيشنا.. وانتصاراتنا المتتالية وصول قواتنا إلى كردفان وتخوم دارفور لم تربك المليشيا فقط…بل أرعبت الإمارات ومن خلفها..لأنهم أدركوا أن مشروعهم في السودان ينهار أمام إرادة شعب وجيش لا يُهزم.. الآن هم يدركون تماما أن السيطرة على كل كردفان تعني أن دارفور أصبحت مسألة وقت…”.

واشار إلى أنه “متى سقطت كامل شمال دارفور من يد المليشيا..سيفقد المليشيا خطط الامداد الليبي وسيفقد المرتزقة دافعهم للقتال ويبدأون في الهروب..لأن الهزيمة حين تتراكم وتتوالي من سنار والجزيرة والخرطوم وكردفان وتصل دارفور..ترعب وتُحبط كل مرتزق لا يقاتل من أجل وطن!”.

ورصد “الملك” تحركات عسكرية في المثلث الحدودي (لا تبالي مصر بتحركات حميدتي على ما يبدو فيه) والأقمار الصناعية رصدت بالصور CopernicusEU بتاريخ 25 يوليو 2025 نشاطًا جويًا لوجستيًا مكثفًا في مطار الكفرة جنوب شرق ليبيا قرب المثلث الحدودي الخطير (السودان – مصر – ليبيا) وتؤكد وجود طائرتي شحن IL-76 وطائرة نقل AN-26 وطائرة رابعة غير معروفة.

وأضاف أن “هذه ليست حركة مدنية.. بل نشاط مريب وغامض في قلب منطقة استراتيجية استخدمت مرارًا كنقطة إمداد للمليشيا من خلال دعم إماراتي عبر ليبيا وتشاد.. المثلث الحدودي الذي حذرنا منه عشرات المرات والبعض كان يقلل من تحليلاتنا .. بدأ يكشف نفسه الآن أمام الجميع بالأقمار الصناعية!”.

وأكد أن وراء هذه التحركات والتحالفات تقف إسرائيل كما وضحنا لكم سابقاً في مقالات مخططاتهم القذرة..كجزء من هندسة التفكيك وخلخلة الدولة السودانية والضغط على مصر عبر دعم مليشياوية لتفتيت الجيش وتغيير موازين وجغرافيا المنطقة لاهداف خبيثة..”.

وألمح إلى صمت مصري قائلا “‏تحركات الرباعية..صفقات التسلّح..ممرات التهريب..صمت بعض الجيران… كلها جزء من خطة أكبر.. ‏لن نتوقف عن كشف الحقائق مهما تجاهلها البعض..‏المعركة ليست فقط في الداخل بل على حدودنا وثرواتنا وسيادتنا!”.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=10162945977964894&set=a.391964909893

الترحيل القسري

الحقوقي نور خليل Nour Khalil  عضو حزب الدستور قال “قسم شرطة الطالبية اللي كان محتجز الشاب السوداني مريض السرطان، محتجز أطفال سودانيين بدون اي وجه قانوني وبيهدد بترحيلهم من بين اخرين.. النيابة أصدرت قرارات بالإفراج عنهم، مسجلين لدى المفوضية وأوراقهم سليمة، ليه يتم ترحيلهم منطقة خطر وحرب قد يحدث لهم فيها تجنيد اجباري ودولة تواجه اكبر كارثة إنسانية في العالم“.

وعن خطورة الترحيل القسري قال إن ما يحدث ويتزايد بصورة مرعبة آخر أسبوعين غير قانوني “عيب ومفيهوش ذرة إنسانية وبيكلف الدولة إرهاق الأجهزة الأمنية في ملاحقة ناس اضطرّتهم الحياة واجراءات الدولة المصرية أنهم يكونوا في هذا الوضع، وبيكلف احتجاز وترحيل اكتر من استضافة هؤلاء البشر اللي لاذوا لينا بحثا عن الأمان”.

عودة “طوعية”

وفي محاولة للملمة الفضيحة بترحيل السودانيين قسريا حشرت الهيئة القومية لسكك حديد مصر السودانيين في قطار (الفوج الثاني) وعلي متنه المئات من السودانيين وذويهم مرورًا بمحافظة أسوان ووصولًا إلى ميناء السد العالي النهري تحت شعار “العودة الطوعية“!

ويفترض ان القطار مجاني ينطلق كل يوم إثنين من القاهرة إلى أسوان ومن أسوان ينتقل المرحلون إلى السودان حتى الخرطوم.

ومنذ أبريل الماضي، شهدت المعابر الحدودية بين السودان ومصر زيادة كبيرة في حركة العودة البرية للسودانيين، بالتزامن مع التطورات الإيجابية على الساحة العسكرية واستعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على العاصمة الخرطوم، ما انعكس على تحسن الأوضاع الأمنية وشجع آلاف المواطنين على العودة الطوعية إلى الوطن.

وقال محمد سليمان، مؤسس مبادرة “راجعين لبلد الطيبين”، في تصريحات خاصة لصحيفة الشرق الأوسط، إن عدد الحافلات ارتفع إلى نحو 200 حافلة يومياً، تنقل ما يقارب 10 آلاف سوداني من القاهرة ومدن مصرية أخرى، مشيداً بالتعاون الكبير من السلطات المصرية التي سمحت بعبور الحافلات مباشرة حتى مدينة وادي حلفا في شمال السودان عبر معبري أرقين وأشكيت.

وتساءل آحرون كيف تكون العودة ولم يحدث الاستقرار في دارفور وشمال السودان في وقت تفتك فيه الكوليرا بالنازحين في السودان وتشاد وتؤجج فيه الإمارات الكارثة عبر دعم ميليشيا الدعم السريع.

واتهمت منظمات حقوقية الإمارات بلعب دور أساسي في إشعال الكارثة من خلال دعم ميليشيات الدعم السريع التي ساهمت في تهجير السكان وتدمير البنية التحتية، ما مهّد لانتشار الوباء وحذرت الأمم المتحدة من انهيار صحي كامل ومطالب بتحقيق دولي في الدور الإماراتي الكارثي.

*استمرار القتل تحت التعذيب هل يوقظ الشارع المصري؟

وقعت اشتباكات بين عددٍ من أهالي مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية وأفراد الشرطة، خلال تجمهر الأهالي يوم 27 يوليو/تموز الماضي، في محيط محكمة بلقاس، احتجاجًا على وفاة أيمن صبري، البالغ من العمر 21 عامًا، أثناء احتجازه بمركز الشرطة، وكان قد أُلقي القبض على أيمن يوم 19 يوليو/تموز، أي قبل الوفاة بنحو عشرة أيام، بتهمة تعاطي المخدرات وحيازة سلاح أبيض، ولاحظت أسرته وجود آثار تعذيب على جسده، بينما صرّح محاميه بأنه تعرّض للتعذيب على يد ضباط القسم.

لم تكن هذه الحادثة جديدة على المصريين، لا من حيث طبيعتها ولا من حيث تداعياتها؛ إذ تتكرر مثل هذه الوقائع بين فترة وأخرى، يُقتل فيها مواطنٌ مصري تحت التعذيب داخل مقارّ الاحتجاز، أو في أقبية مباني الأمن الوطني، سواء كان المتهم سياسيًا أو جنائيًا، فلا فرق، فالتعذيب، لدى الأمن المصري، ليس سلوكًا عشوائيًا أو انفعاليًا بل عقليةٌ راسخة ومنهجٌ تاريخي.

في هذا المقال، نحاول فهم جذور هذه العقلية، ونتساءل: هل يمكن أن تقود هذه الممارسات، التي تصل إلى القتل، إلى تحريك الشارع مجددًا كما حدث في يناير/كانون الثاني 2011؟

التعذيب كمنهج تاريخي

تاريخيًا، ومنذ تأسيس “مصر الحديثة” على يد محمد علي (1805)، لا سيما عند بناء الجيش المصري في عشرينيات القرن التاسع عشر، كان تعامل الدولة المصرية المُؤسَّسة حديثًا مع المصريين غير إنساني، وكأنهم مجرد أجساد وأرقام تُستخدم وتُوظَّف لخدمة مصالح الدولة الجديدة.

نظرًا لهذا التصوّر، اعتُبر المواطنون المصريون أدوات في يد السلطة، يُستخدمون في بناء الجيش، كما في قطاعات أخرى كالزراعة، ضمن منظومة إقطاعية استعبادية، ولم يكن الحفاظ على حياتهم هدفًا للدولة، بل سُجن بعضهم لتخلّفهم أو هروبهم من التجنيد الإجباري، وعوقب آخرون بالتشويه أو بإنهاء حياتهم.

هذه الممارسات، التي تصل إلى حدود الإبادة الرمزية والجسدية، أسست فلسفة راسخة في عقل الدولة، بأن السلطة السياسية العليا تملك أجساد المصريين، ولها الحق الكامل في استخدامهم وتسخيرهم بكل أشكال التوظيف الممكنة بما يخدم مصالحها.

وبعد قيام الجمهورية المصرية وإنهاء حكم الباشاوات، أي بعد ثورة يوليو 1952، لم تتغير هذه الفلسفة. ربما تغيرت بعض المفاهيم، وسُنّت قوانين إصلاحية تُساوي بين المواطنين في التعليم والصحة والعمل، فقد بشّرت دولة عبد الناصر الجديدة بحلم العروبة والاشتراكية والمساواة، إلا أن العقلية العميقة للدولة، وفي القلب منها جهازها الأمني، لم تتغير في تعاملها مع المواطن المصري العادي، ذاك الذي لا يملك سلطة أو نفوذًا؛ فظلت المعاملة قاسية، خالية من أي اعتراف بالكرامة أو الحقوق.

اليوم، لا توجد تنظيمات أو نقابات أو كيانات حقوقية فاعلة داخل مصر، يمكنها أن تحشد الناس أو تقودهم نحو مطلب سياسي جامع، أو حتى تحرّك احتجاجًا منظمًا ذي أفق ثوري.

توسعت الجمهورية في إنشاء مؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسة الأمنية، التي أنشأت أجهزة وفروعًا وقوات متعددة المهام، ونتيجة لذلك تضخم الجهاز الأمني إلى درجة مكّنته من إحكام السيطرة على المجتمع، وقمع كل أشكال التمرّد، سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا أو حتى فرديًا لا يمتّ للسياسة بصلة، ورافق هذا الإخضاع توسّعٌ في ممارسات التعذيب، حتى بات التعذيب سمة لصيقة بمؤسسات الأمن، وأصبح السؤال الأول الذي يُطرح على أي مواطن دخل قسم شرطة أو تعامل مع الأمن: “هل تم تعذيبك؟”.

وفي عهد عبد الفتاح السيسي، لم يتغير الأمر، بل تفاقم، فقد ازدادت الأجهزة الأمنية تغوّلاً، واستُخدمت صلاحياتها بلا حدود، حتى صار التعذيب معاملة أساسية في مراكز الاحتجاز، وقد وثّقت المنظمات الحقوقية والصحافية آلاف حالات التعذيب بأشكاله المختلفة، بما في ذلك القتل داخل أقسام الشرطة ومقارّ الأمن الوطني.

وباتت حادثة مقتل مواطن تحت التعذيب، بغض النظر عن تهمته أو خلفية احتجازه، أمرًا اعتياديًا ومشهدًا متكررًا في حياة المصريين، فلم تعُد تلك الانتهاكات مجرد تجاوزات فردية أو انفعالات طارئة، بل غدت جزءًا من منظومة عقلانية متأصلة في بنية الدولة المصرية.

هل التعذيب يشعل ثورة؟

كان السبب الرئيسي في اندلاع ثورة يناير هو ممارسات التعذيب والإذلال المتزايدة بحق المواطنين على يد رجال الأمن، والتي أسفرت عن مقتل شابين مصريين قبل اندلاع الثورة بأيامٍ وشهور قليلة، وهما خالد سعيد وسيد بلال، وكان اختيار يوم 25 يناير، عيد الشرطة المصرية، للاحتجاج خيرَ دليلٍ على المطلب الحقيقي، وهو وقف التعذيب ومحاسبة القَتَلة من عناصر وزارة الداخلية، ولاحقًا توسّعت المطالب مع تنامي الزخم الشعبي لتشمل إسقاط نظام مبارك نفسه، كما حدث في 11 فبراير/شباط 2011.

وهنا يبرز السؤال: هل يمكن أن يؤدّي القتل المتواصل تحت التعذيب اليوم إلى إشعال ثورة جديدة؟ لا سيما أن الأسباب التي دفعت المصريين للثورة في يناير 2011 لا تزال قائمة، بل باتت أكثر تفاقمًا، من تعذيبٍ وفقرٍ وقمعٍ للحريات، إلى انعدام الأمل السياسي، لكنّ الإجابة، على الأرجح، هي “ربما”، باحتماليةٍ ضعيفة، أن تحدث ثورة مستقبلًا – بمفهومها الكامل، لا على شكل احتجاجات وقتية – بسبب القتل المنهجي الذي يُمارس بحق المواطنين، وذلك لاختلاف طبيعة المرحلة السياسية والاجتماعية في مصر اليوم عمّا كانت عليه قبل 2011، بالإضافة إلى تحولات عميقة طرأت على الوعي الجمعي للمجتمع المصري.

في ظل سلطوية السيسي، بات تفاعل المجتمع مع حوادث القتل تحت التعذيب يقتصر على الانفعال اللحظي، لا الفعل المنظم، أي أننا نشهد احتجاجًا عابرًا على الحدث لا على السياسات التي أنتجته.

أولى هذه الاختلافات تتعلّق بالمجتمع نفسه؛ إذ راكم المصريون، وعلى رأسهم القوى السياسية والحقوقية، منذ أواخر التسعينيات وحتى 2011، تجربة نضالية امتدت إلى العمل الحقوقي والسياسي والنقابي، وأثمر هذا التراكم عن نشوء كتلة مجتمعية منظمة، استطاعت قيادة الجماهير وتحويل مطالبها من مجرد وقف التعذيب إلى إسقاط النظام، أما اليوم، فالسياق مختلف تمامًا؛ إذ لا توجد تنظيمات أو نقابات أو كيانات حقوقية فاعلة داخل مصر، يمكنها أن تحشد الناس أو تقودهم نحو مطلب سياسي جامع، أو حتى تحرّك احتجاجًا منظمًا ذي أفق ثوري.

أما من جهة السلطة، فقد كانت سلطة مبارك، رغم قمعها، تسمح بهوامش من الحرية في العمل العام، شملت مجالات مثل السينما والثقافة والنقابات والمشاركة السياسية، فضلًا عن وجود مؤسسات مجتمع مدني، في القلب منها منظمات حقوقية، راقبت ورصدت انتهاكات وزارة الداخلية ودافعت عن الضحايا.

على عكس سلطوية السيسي الشمولية التي لم تترك مجالًا أو فضاءً عامًا إلّا واحتكرته، عبر ممارسات قمعية شديدة، أفضت خلال 12 عامًا إلى تجفيف كامل للحياة العامة، فلا سياسة ولا حقوق ولا فنون مستقلة، ولا يُسمح بوجود أي رواية سوى رواية الدولة، وقد رافق ذلك عنف بالغ مارسته السلطة منذ يوليو/تموز 2013 حتى اليوم، خلّف عشرات الآلاف من المعتقلين وآلاف القتلى، إلى جانب حملات الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي.

وفي ظل هذه السلطوية، بات تفاعل المجتمع مع حوادث القتل تحت التعذيب يقتصر على الانفعال اللحظي، لا الفعل المنظم، أي أننا نشهد احتجاجًا عابرًا على الحدث لا على السياسات التي أنتجته، ففي كل مرة يُقتل فيها مواطن تحت التعذيب، يخرج أهالي الضحية أو سكان المنطقة في تظاهرة محدودة أمام المحكمة أو قسم الشرطة، كما حدث مؤخرًا في بلقاس بمحافظة الدقهلية، لكنّ هذه الاحتجاجات غالبًا ما تنتهي بانتهاء الحدث، دون أن تتوسع أو تتصل بسياقات مجتمعية أوسع، فالسلطة تتدخّل سريعًا لاحتوائها، إما بالقمع أو بالمناورة السياسية، بما يمنع أي امتدادٍ أو تكرار.

وفي ظل غياب حاضنة تنظيمية، سياسية أو حقوقية، يلتفّ حولها الناس للمطالبة بوقف سياسة التعذيب ومحاسبة القَتَلة، تظل هذه الممارسات جارية بلا مساءلة، فيما تتمادى السلطة في عقلية استباحة أجساد المصريين، كما لو أنها تملكهم، فالسلطة الحالية أسست وجودها على العنف، أكثر من أي نظام سابق، حتى بات القمع سمة بنيوية في طريقة إدارتها، وأصبح المصريون ضحايا يتزايد عددهم يومًا بعد يوم، في ظل حياة قمعية لم يعيشوها مثلها من قبل.

*حكومة الانقلاب تفرض رسما بـ15 جنيها على معاملات البريد المصرى

فوجيء عملاء البريد المصري، عند إجراء معاملات بأكشاك البريد بفرض رسوم قيمتها 15 جنيها على كل معاملة يقوم بها العميل دون إثباتها في الايصال الخاص بالمعاملة . 

وعندما توجه بعض عملاء البريد بسؤال لمديرى مكاتب البريد عن هذه الرسوم ولماذا لا يتم اثباتها بالإيصال، أكدوا ان هذه تعليمات من حكومة الانقلاب .

وانتقد عدد من المواطنين فرض هذه الرسوم غير القانونية معربين عن أسفهم لأن المواطن لا يستطيع معرفة أسباب دفع هذه الرسوم

وقالوا ان هذه الرسوم تعنى أن البريد يحصل مرتبات موظفيه بالأكشاك نظير ال 15 جنيها المفروضة على كل معاملة يقوم بها المواطن لكن دون إثباتها بشكل رسمي في الايصالات .

وتساءل المواطنون أين تذهب هذه الرسوم؟ وأين هي من خزينة دولة العسكر؟. 

يشار إلى أن البريد المصري يقدم خدمات عديدة بالتعاون مع الوزارات المختلفة من تسديد فواتير أو مخالفات أو مصروفات إلا أنه عند السداد بأكشاك البريد يتم دفع رسوم الخدمة الرسمية المعلنة نظير الخدمة التي يقدمها البريد مثبتة فى إيصالات مختومة بخاتم البريد لكن دفع رسوم مع منع إثباتها بالإيصال واكتفاء البريد بالاعلان عنها بورقة على كشك البريد يثير التساؤل أين البنك المركزي المصري من هذه المعاملات غير الرسمية ؟. 

عن Admin