
وزير خارجية السيسى يتحدث عن خطة مصرية فلسطينية لإدارة غزة ونزع سلاح المقاومة مقابل “الإعمار”.. الأحد 2 مارس 2025م.. النظام المصري يقدم “القاهرة الخديوية” لمستثمرين إماراتيين بنزع السيادة المصرية على أكبر المناطق التاريخية
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* وفاة معتقل ستينيّ نتيجة الإهمال الطبي 8 وفيات خلال شهرين
أعلنت منظمات حقوقية من بينها مركز الشهاب لحقوق الإنسان، وفاة المعتقل، نبيل فرفور، 65 عامًا، وكان مهندسًا زراعيًا من محافظة البحيرة، وذلك بعد تدهور حالته الصحية داخل محبسه نتيجة الإهمال الطبي.
وتطلق المنظمات الحقوقية على السجناء السياسيين وصف “معتقلون”، وذلك لأنهم ألقي القبض عليهم بموجب قوانين سنتها حكومة السيسي خلال السنوات الماضية، مثل قوانين الإرهاب والتظاهر والطوارئ فضلًا عن المحاكمات أمام القضاء العسكري وأمن الدولة عليا طوارئ. وغالبًا ما يواجهون في قضايا ذات طابع سياسي، اتهامات مثل “بث ونشر أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب، وتهديد الأمن القومي” وغيرها من الاتهامات التي تدخل تحت طائلة تلك القوانين.
وطبقًا لمركز الشهاب، فقد توفي فرفور، الخميس الموافق 27 من فبراير الماضي، بعد تدهور حالته الصحية داخل محبسه نتيجة الإهمال الطبي. وحسب المركز، فقد ألقي القبض على فرفور، منذ نحو شهرين عقب خروجه من صلاة العصر بأحد المساجد، حيث أوقفته قوات الأمن وطلبت منه مرافقتهم، فطلب اصطحاب أدويته نظرًا لمعاناته من أمراض مزمنة، وخلال فترة احتجازه، تدهورت حالته الصحية بسبب إصابته بجلطة، ورغم ذلك، استمرت المحاكمات في غيابه، حيث حكم عليه بالسجن 7 سنوات أثناء مرضه ونقله إلى قاعة المحكمة وهو طريح الفراش. وبعد قضاء يوم واحد في فرق الأمن بدمنهور، ازدادت حالته سوءًا، فتم نقله إلى معهد الأورام، حيث توفي متأثرًا بالإهمال الطبي.
وسرد المركز، القضايا المحكوم والموقوف عليها فرفور، وهي “القضية رقم 257 عسكرية الإسكندرية، ومحكوم عليه فيها بالسجن 5 سنوات. والقضية رقم 233 ج ع الإسكندرية وهي مؤجلة إلى 3 مارس للنظر في تقرير طبي مفصل حول حالته الصحية وإمكانية إحضاره“.
وحمّل مركز الشهاب لحقوق الإنسان، حكومة السيسي، المسؤولية الكاملة عن وفاة المهندس نبيل فرفور، مؤكدًا أن “ما تعرض له يُعد قتلًا بالبطيء نتيجة الإهمال الطبي المتعمد”، مطالبًا بـ”فتح تحقيق مستقل في ملابسات وفاته والإفراج عن جميع المعتقلين المرضى حفاظًا على أرواحهم“.
ويعد فرفور، ثالث حالة وفاة بين السجناء السياسيين، في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، في فبراير، والثامن منذ مطلع العام. وكانت منظمات حقوقية قد رصدت على مدار عام 2024، أكثر من 50 حالة وفاة بين السجناء السياسيين، في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وأوضاع الحبس المزرية.
كما سبق أن رصدت حملة “لا تسقط بالتقادم” التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، 137 حالة وفاة وقعت ما بين أقسام شرطة ومراكز إصلاح وتأهيل عمومية وأخرى جغرافية أو أماكن احتجاز غير رسمية كمقار الأمن الوطني ومعسكرات الأمن المركزي، خلال الفترة من 2022 إلى 2024.
* نزع سلاح المقاومة مقابل “الإعمار” وزير خارجية السيسى يتحدث عن خطة مصرية فلسطينية لإدارة غزة
أعلن وزير الخارجية بحكومة الانقلاب بدر عبد العاطي، أنّ لجنة إدارية سوف تتولّى إدارة شؤون قطاع غزة، لمرحلة انتقالية مدتها 6 أشهر، وذلك بالتوازي مع تمكين السلطة الفلسطينية بالكامل من إدارة القطاع.
وأضاف الوزير الانقلابى عبد العاطي، خلال حديثه بمؤتمر صحفي، عقب جلسة مباحثات في القاهرة، السبت، مع رئيس الوزراء وزير خارجية فلسطين، محمد مصطفى، أنهما بحثا حوكمة قطاع غزة وضرورة الدعم الكامل لنشاط اللجنة الإدارية المعنية بإدارة الأمور الحياتية في القطاع بالإضافة إلى خطة إعادة الإعمار ومراحلها؛ وذلك قبل طرحها على القمة العربية في 4 مارس الجاري.
وفي السياق نفسه، أشار عبد العاطى ، إلى تناول المباحثات بخصوص برامج التدريب التي تقوم بها مصر بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، لتدريب عناصر الشرطة الفلسطينية، بغية تولّي مهام الأمن وإنفاذ القانون في قطاع غزة.
زعم عبد العاطي، أنّ: “إدارة السلطة للقطاع، تأكيد على الوحدة العضوية بين قطاع غزة والضفة الغربية”، فيما قال بخصوص خطة إعادة الإعمار، إنها: “تتضمن عدة مراحل تبدأ بإزالة الركام والقنابل غير المتفجرة والإنعاش المبكر وإنشاء وحدات سكنية مؤقتة لسكان القطاع، ثم العمل على بناء وحدات سكنية دائمة”.
ونوّه عبد العاطى ، بالتنسيق الكامل بين مصر وفلسطين في إعداد خطة إعادة الإعمار، وكذلك التنسيق مع عدد من المؤسسات الدولية، في مقدمتها الأمم المتحدة والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالات أممية أخرى.
وكان المندوب الدائم للجامعة العربية بالأمم المتحدة، ماجد عبد العزيز، قد كشف عن تفاصيل الخطة العربية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة. بالقول عبر تصريحات إعلامية، إنّها: “مكونة من ثلاث مراحل، هي من إعداد مصر، وليس الجامعة العربية”.
وأضاف عبد العزيز، أنّ: “الخطة قيمتها 53 مليار دولار”، موضّحا أنّ: “المرحلة الأولى تكلفتها حوالي 20 مليار دولار، وهي مرحلة التعافي بإزالة الأنقاض وبناء مساكن مؤقتة”.
وتابع بأن الخطة التي ناقشها عدد من المسؤولين العرب في قمة الرياض، غير رسمية، إذ تشير إلى ضمان عدم تدمير ما سيتم إعماره، مبيناً أن دولا غربية أيضا سوف تشارك في إعمار القطاع. مردفا بأن “السلطة الفلسطينية فقط من يجب أن تحكم غزة، يجب إصلاح البيت الفلسطيني الداخلي”.
وعند سؤاله عن تمسك “حماس” بجناحها العسكري “القسام” وسلاحها، قال عبد العزيز إن الحركة لها أن تتفاهم في هذا الشأن مع السلطة الفلسطينية، أي أنه لم يجزم بأن الخطة تستهدف نزع سلاح المقاومة.
تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتي امتدت 42 يوما، سوف تنتهي في الساعة الـ11:15 من صباح اليوم السبت؛ فيما تزداد المخاوف من عودة الحرب بقرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في خضمّ عقد مباحثات مكثفة في القاهرة للتوصل إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
وكان نتنياهو وقادة حكومة الاحتلال، قد لوّحوا مرارا بإمكانية عودة الحرب، في الوقت الذي يتواجد فيه وفدان من دولة الاحتلال الإسرائيلي وقطر في القاهرة إضافة إلى ممثلين عن الجانب الأمريكي.
ويتعنت الاحتلال في مسألة مستقبل إدارة قطاع غزة، ومصير سلاح المقاومة، وهو ما تؤكد حركة حماس على أنه خيار فلسطيني داخلي لا يمكن البتة التفاوض عليه.
* هل تستطيع مصر إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين؟
يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع سياسي معقد، حيث تسعى بعض الدول العربية، بقيادة مصر، إلى تقديم خطة لإعادة إعمار غزة، في محاولة لمنع تنفيذ مقترح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المعروف بـ “خطة الريفييرا”، التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين. غير أن هذا الجهد يواجه تحديات سياسية ولوجستية كبيرة.
دور مصر في إعادة الإعمار
تقود إدارة السيسي الجهود لإعادة إعمار غزة، مستغلة موقعها الحدودي المباشر مع القطاع، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين اعتبارات الأمن والاقتصاد الذي انهار بالفعل، وتعمل مع الدول العربية لحشد دعم دولي للمبادرة، وتنظيم مؤتمر لإعادة الإعمار بمشاركة أوروبية واسعة.
تنقسم الخطة إلى ثلاث مناطق إنسانية، تُنشأ فيها مخيمات مؤقتة للنازحين توفر لهم المياه والكهرباء. كما تتضمن إقامة آلاف الكرافانات السكنية والملاجئ المؤقتة لمدة ستة أشهر، بالتوازي مع إزالة الأنقاض، وهي عملية يعرقلها الاحتلال الإسرائيلي حاليًا.
نطاق جهود إعادة الإعمار
يمول المشروع مصادر عربية ودولية، بمشاركة نحو خمسين شركة متخصصة في البناء والتخطيط العمراني. ويهدف المخطط إلى إنشاء مساكن آمنة خلال عام ونصف، مع احتمال تأسيس صندوق عربي لإدارة عمليات التمويل.
تشمل الخطة أيضًا إقامة منطقة عازلة على الحدود بين مصر وغزة لمنع بناء الأنفاق، بالإضافة إلى إنشاء عشرين منطقة سكنية مؤقتة. وقد أعلنت نقابة المهندسين المصريين استعدادها للمشاركة، بالتعاون مع اتحاد المهندسين العرب، مشيرة إلى أن التنفيذ قد يستغرق ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، تبعًا لحجم الدعم الدولي.
الاعتبارات الاستراتيجية لمصر
تعتبر مصر غزة قضية أمنية قبل أن تكون سياسية، حيث تحتفظ بملفات تاريخية وأرشيف مفصل حول القطاع وسكانه منذ فترة إدارتها له بين 1948 و1967. يدير هذه الملفات جهاز الاستخبارات العسكرية المصري، الذي ظل يحتفظ بوجود إداري مرتبط بغزة حتى بعد اتفاقات أوسلو.
تتبع الخطة المصرية نهجًا يحافظ على بنية المجتمع الفلسطيني الاجتماعية، حيث سيتم توزيع المساكن المؤقتة بما يضمن بقاء العائلات الممتدة معًا، ثم استبدالها بمبانٍ دائمة حسب ما يسمح به الاحتلال.
العقبات والتحديات
تواجه جهود إعادة الإعمار عقبات عدة، أهمها القيود الإسرائيلية على دخول المواد الأساسية إلى غزة، والتي تشمل منع دخول مواد البناء ذات التطبيقات المزدوجة. كما أن المساعدات الإنسانية ما زالت تخضع للرقابة الإسرائيلية عبر معبر كرم أبو سالم، مع تحديد عدد الشاحنات اليومية الداخلة إلى القطاع بـ 600 شاحنة فقط.
بالنسبة لإدارة السيسي، يمثل هذا المشروع فرصة للحفاظ على نفوذها في الملف الفلسطيني، وتأمين دعم مالي خليجي، وتجنب تهميشها في الترتيبات السياسية بعد الحرب. أما بالنسبة لحماس، فالأمر يتعلق بقدرتها على الصمود السياسي في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية. في حين ترى إسرائيل في المشروع فرصة لإعادة تشكيل غزة وفقًا لمصالحها الأمنية.
يبقى نجاح الخطة مرهونًا بالحفاظ على وقف إطلاق النار، وتعاون دولي مستدام، وغياب أي تصعيد عسكري قد يعرقل التنفيذ.
* هذا ما فعلته بنا اتفاقية كامب ديفيد
بعد أكثر من أربعة عقود على توقيعها، لا تزال اتفاقية كامب ديفيد تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، وبالأخص على القضية الفلسطينية.
فبينما كانت الاتفاقية تُروج كخطوة نحو السلام، يكشف الواقع أن ما لم يُكتب في بنودها الرسمية كان أكثر خطورة مما تم الإعلان عنه.
وفقًا لمذكرات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، لم تكن كامب ديفيد مجرد اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، بل تضمنت تفاهمات شفهية غير مسجلة بين أنور السادات ومناحيم بيجن، كان أبرزها الاتفاق على أن الحكم الذاتي للفلسطينيين لن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذا البند غير الرسمي، كما يبدو اليوم، أصبح القاعدة التي استندت إليها السياسة الإسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية.
تأثير التفاهمات غير المعلنة
اليوم، بات الحديث عن دولة فلسطينية مرفوضًا تمامًا في الأوساط السياسية الإسرائيلية، بل وصل الأمر إلى اقتراحات بإقامة دولة فلسطينية في السعودية، وفقًا لما كشفته تقارير إعلامية مؤخرًا. ولم يقتصر الأمر على رفض الدولة الفلسطينية، بل تصاعدت الدعوات داخل إسرائيل إلى التوسع الجغرافي، كما عبر عن ذلك المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي زعم أن الحدود الحقيقية لإسرائيل تمتد إلى سوريا والعراق ومصر والأردن والسعودية.
من كامب ديفيد إلى أوسلو.. مسار التنازلات
لم تكن كامب ديفيد الحلقة الوحيدة في سلسلة الاتفاقات التي أدت إلى تراجع الموقف العربي والفلسطيني، فقد جاءت اتفاقية أوسلو عام 1993 لتُعيد إنتاج ذات السيناريو. وعلى الرغم من أن أوسلو لم تتضمن ملاحق سرية موثقة، إلا أنها كانت مليئة بالتفاصيل المسكوت عنها، والتي استُخدمت لاحقًا لصالح إسرائيل. لهذا السبب، وصف المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الاتفاقية بأنها “استسلام”، لأنها لم تضمن حقوقًا واضحة للفلسطينيين، بينما منحت إسرائيل مزايا استراتيجية خفية.
تحوّل الخطاب السياسي العربي
لم تقتصر تأثيرات هذه الاتفاقات على الجانب الإسرائيلي فقط، بل أحدثت تحولًا جذريًا في الخطاب السياسي العربي. فبعد أن كانت إسرائيل تُوصف في الأدبيات السياسية بـ**”الكيان المزعوم”**، بات الفلسطينيون أنفسهم يُعاملون وكأنهم “كيان مزعوم”، فيما أصبح العرب في نظر الدعاية الإسرائيلية مجرد هوامش تدور حول المركز الإسرائيلي.
ترافق ذلك مع تراجع فكرة مقاومة الاحتلال في الخطاب الرسمي العربي، بل وصل الأمر إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ضرورة إنهاء وجود المقاومة في غزة، باتت تتشابه مع تصريحات بعض السياسيين العرب الذين يعارضون أي دور عسكري أو إداري للفصائل الفلسطينية المسلحة.
نتنياهو.. الثقة المتزايدة
في ظل هذا الواقع، لا يبدو مستغربًا أن يعلن نتنياهو بكل ثقة: “أصدقاؤنا في الدول العربية والعالم يعرفون أنه إذا لم ننتصر، فسيأتي دورهم”. تصريح يعكس ليس فقط تراجع الموقف العربي، بل أيضًا مدى نجاح إسرائيل في فرض رؤيتها للمنطقة، وهي رؤية بُنيت على التفاهمات السرية التي بدأت من كامب ديفيد ولم تنتهِ عند أوسلو.
* المركز العربي واشنطن دي سي: ديكتاتور ترامب المفضل تحت الضغط
يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد غير موقفه تجاه رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي وصفه في عام 2019 خلال قمة مجموعة السبع بـ”ديكتاتوري المفضل“.
في فترة رئاسته الأولى، دعم ترامب السيسي، الذي كان قد نفذ انقلابًا ضد الرئيس الإسلامي محمد مرسي، وعزز حكمه بالقضاء على المعارضة السياسية.
خطة ترامب حول غزة وموقف السيسي
مع عودته إلى البيت الأبيض، سعى ترامب إلى فرض خطته التي تقضي بترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن، محاولًا الضغط على البلدين للقبول بهذه التسوية من خلال التهديد بقطع المساعدات الأمريكية عنهما.
لكن مصر والأردن رفضتا الاقتراح، ما دفع ترامب إلى التراجع عن تهديداته المباشرة، رغم تمسكه بالفكرة.
وفي الوقت ذاته، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفرصة وأكد أن حكومته تعمل على تنفيذ مخطط ترامب.
إدراكًا للخطر الذي يمثله المخطط، حذرت مصر من أن هذه الخطوة قد تهدد معاهدة السلام مع إسرائيل.
كما أعلن وزير خارجية الانقلاب بدر عبد العاطي أن القاهرة تعمل على خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها. وعلى الرغم من الضغوط الأمريكية، لم تقدم مصر تنازلات بشأن القضية.
تحديات السيسي في التعامل مع ترامب
يواجه السيسي معضلات كبيرة في كيفية التعامل مع ترامب دون إغضابه، خاصة أن مصر تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأمريكية، التي تم استثناؤها من قرار تجميد المساعدات الخارجية في يناير 2025.
لكن لا يوجد ضمان أن يستمر هذا الاستثناء إذا استمرت معارضة مصر لخطط ترامب بشأن غزة.
اقتصاديًا، تعتمد مصر على دعم المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تلعب الولايات المتحدة دورًا مؤثرًا في قراراتهما.
ورغم حصول مصر على دعم مالي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمواجهة تداعيات الحرب في غزة، فإن علاقتها مع واشنطن تظل حاسمة لاستمرار هذه المساعدات.
أما فيما يتعلق بغزة، فإن مصر تواجه ضغوطًا مزدوجة؛ فمن جهة، يجب أن تحافظ على موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ومن جهة أخرى، عليها التعامل بحذر مع إسرائيل، التي تسيطر الآن على ممر فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ما يعد انتهاكًا لمعاهدة السلام.
خيارات السيسي للمناورة
يحاول السيسي استخدام عدة وسائل للمناورة في مواجهة الضغوط الأمريكية، مثل تعزيز التنسيق مع الدول العربية، خاصة السعودية، لإقناع ترامب بتغيير موقفه مقابل صفقات اقتصادية وعسكرية مربحة.
كما يمكنه اللجوء إلى روسيا لإقناع ترامب بالتراجع عن خطته.
ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال شديد التعقيد، حيث يجد السيسي نفسه في موقف غير مريح أمام ضغوط ترامب المتزايدة، رغم أنه كان في السابق أحد أقرب حلفائه.
*النظام المصري يقدم “القاهرة الخديوية” لمستثمرين إماراتيين بنزع السيادة المصرية على أكبر المناطق التاريخية
تزايدت المخاوف لدى المهتمين بالتراث المصري بشأن الاعتداء على القيمة التاريخية لمنطقة القاهرة الخديوية، التي تتركز تحديداً في منطقة “وسط البلد” الشهيرة في قلب العاصمة المصرية.
وبدأت هذه المخاوف بعد تصريح رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار عن تطوير المنطقة وتحويلها إلى ما يشبه “الداون تاون” في إمارة دبي، وسط توقعات بأن تتجه الحكومة لمنح شركة العبار العقارية تولي المشروع بنظام الاستفادة المشتركة لتحقيق عوائد مالية دولارية، على غرار منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي.
وتحدث العبار الأسبوع الماضي عن اهتمامه بالاستثمار في مصر وإعادة هيكلة المباني الحكومية الشاغرة في المنطقة، وقال إن شركته تسعى إلى المساهمة في تطوير منطقة وسط البلد، في قلب العاصمة المصرية القاهرة، بالشراكة مع الحكومة المصرية.
وكشف رجل الأعمال الإماراتي عن وجود مفاوضات جارية بالفعل مع الحكومة المصرية، لكن الحكومة لم تتسلم بعد المباني من الوزارات التي أخلتها، وقال: “عند حدوث ذلك سيتم طرح عطاءات للشركات العقارية المحلية والعالمية، وسنكون من أوائل المتقدمين“.
من جهته، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ما جاء على لسان رجل الأعمال الإماراتي، مشيراً إلى أن الأنباء عن تقدم مستثمرين أجانب بعرض لتطوير منطقة وسط البلد وإنشاء محلات ومولات في المنطقة كانت “جزءاً من الموضوعات التي تمت مناقشتها مع اللجنة الخاصة بتصدير العقار“.
وأضاف رئيس الوزراء المصري أنه هناك بالفعل “تكليف” لمكتب استشاري (دون أن يعلن اسمه أو سابقة أعماله!) ليضع الرؤية الكاملة لتطوير منطقة وسط البلد.
فرصة للمستثمرين الإماراتيين
كشف مصدر حكومي مطلع لـ”عربي بوست” أن شركة إعمار الإماراتية تقدمت بعرض لصندوق مصر السيادي، الذي يمتلك المباني والعقارات الحكومية في منطقة وسط القاهرة، بهدف إعادة تطويرها.
وقال المصدر نفسه إن العرض تضمن تدشين شراكة مع الصندوق لتحويل المباني إلى فنادق، على أن تحصل الحكومة المصرية على نسبة يتم التفاوض حولها من العوائد السياحية.
وأشار المصدر نفسه إلى أن المشكلة تكمن في أن العرض يتضمن تحويل بعض القصور التاريخية في هذه المنطقة إلى فنادق، وهو ما تخشى الحكومة من ردة فعل علماء الآثار بشأنه، باعتبار أن هذه القصور من المفترض أن تتحول إلى متاحف مفتوحة للزائرين ولا يمكن التصرف بها.
وأضاف المصدر ذاته أن تطوير منطقة وسط البلد يدخل ضمن اهتمامات الحكومة المصرية منذ انتقال وزارات حكومية، شغلت حيزاً واسعاً من مساحتها وكثافتها البشرية والسكانية، إلى العاصمة الإدارية الجديدة قبل عام ونصف تقريباً.
وخلال هذه الفترة، يقول المصدر نفسه، كان الجدل يدور حول إسناد تطوير المنطقة إلى شركات مصرية لم تكن عند مستوى التطلعات سابقاً، أو الانفتاح على مستثمرين أجانب، وتحديداً الإماراتيين، الذين يهدفون إلى تحويل المنطقة إلى ما يشبه “الداون تاون” في دبي، ولديهم خطة واضحة في هذا الشأن.
وأشار إلى أن الإخفاق في تطوير المنطقة، سواء من جهاز التنسيق الحضاري أو محافظة القاهرة أو شركة الإسماعيلية، خلق فرصة للمستثمرين الإماراتيين، الذين لديهم خطط لربط المنطقة، التي يطل جزء منها على النيل، بمناطق أخرى تستحوذ عليها شركات إماراتية بالقرب منها، ومن بينها جزيرة الوراق.
فيما يتخوف مهتمون بالتراث المصري من مسألة نزع السيادة تحت مسمى التطوير، لأن سيطرة الحكومة على هذه المناطق في المستقبل لن تكون كما هي الحال إذا قامت هي بذاتها بتطوير المنطقة.
وشدد المصدر ذاته على أن المفاوضات الجارية مع رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار وعدد آخر من شركائه المستثمرين تأتي ضمن توجهات الحكومة لإبرام صفقات استثمارية، أسوة بمنطقة رأس الحكمة.
وأضاف أن زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أخيراً إلى دولة الكويت شهدت التطرق إلى إمكانية منح مناطق جديدة على ساحلي البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من محافظة مرسى مطروح، وكذلك بعض المناطق على ساحل البحر الأحمر لشركات استثمارية كويتية.
وقال إن الهدف هو الحصول على عوائد مليارية دولارية تخفف من أي أزمات متوقعة بسبب تعقيدات المشهد الحالي في قطاع غزة وإمكانية انعكاس ذلك سلباً على الاقتصاد المصري.
الإمارات تستحوذ على قطاعات اقتصادية مصرية
وسبق أن أبدى العبار اهتمامه بمنطقة وسط القاهرة، وقال في تصريحات إعلامية في 21 أغسطس/آب 2023 إن “شركتي (إعمار) و(إيجل هيلز) تقدمتا بطلب رسمي للحكومة المصرية لإعادة هيكلة المباني الحكومية وسط القاهرة، سواء من خلال الترميم أو إعادة البناء“.
ومثَّل استحواذ الإمارات على منطقة رأس الحكمة، شمال غرب مصر، في صفقة قُدِّمت باعتبارها الأكبر في تاريخ الاقتصاد المصري، إحدى أبرز الخطوات التي اتخذتها الإمارات للاستحواذ على قطاعات اقتصادية مصرية، تنوعت بين القطاع الطبي والسياحي والصناعي والموانئ.
ويستقطب المشروع استثمارات تزيد قيمتها على 150 مليار دولار خلال مدة تطويره، تتضمن 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للدولة المصرية خلال شهرين من تاريخ التوقيع على الصفقة.
وجاءت صفقة رأس الحكمة بعد استحواذ مجموعتين إماراتيتين، هما “إيه دي كيو” القابضة و”أدنيك”، على نسبة كبيرة من الفنادق التاريخية في مصر، كما اشترت المجموعتان 40.5% من شركة “آيكون” التابعة لرجل الأعمال المصري طلعت مصطفى.
ومن جانبه، أكد مصدر مطلع بجهاز التنسيق الحضاري في القاهرة أن منطقة وسط البلد، التي تقع في إطار القاهرة الخديوية، أثبتت أنها مصدر جذب قوي للاستثمار والسياحة، واستطاعت أن تلفت أنظار رجال الأعمال المصريين إليها قبل أن تجذب الشركات الخليجية.
وأضاف المتحدث أن هناك مشروعاً لتطوير المنطقة بدأ عام 2014، وانعكس ذلك على تطوير البنايات التاريخية والشوارع والميادين الرئيسية مع الحفاظ على الصبغة التاريخية للمنطقة.
وحقق رجال الأعمال الذين قاموا بشراء عدد من البنايات، مع إرضاء السكان لتركها وتحويلها إلى مشروعات جذب سياحي وشقق فندقية، استفادة مثلى من هذه المشروعات.
مباني ذات قيمة مميزة دون استغلال
وأوضح المصدر ذاته أن الجهات الرسمية الحكومية، متمثلة في جهاز إدارة الأصول العقارية، توقفت عن عملية بيع البنايات التابعة لها، ولجأت إلى عملية الترميم خلال السنوات الثلاث الماضية، انتظاراً لإمكانية بيعها بأسعار مرتفعة في حال نجاح الحكومة المصرية في جذب مستثمرين خليجيين، أو الاستفادة من الجذب المتوقع لملايين السياح إلى هذه المنطقة.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية تعاملت مع خطوات تطوير القاهرة الخديوية خلال السنوات الماضية لقياس قدرة المنطقة على الجذب السياحي في المستقبل، ومع افتتاح المرحلة الأولى من التطوير التي طالت شارعي الألفي والشواربي، بدا أنها وجدت أن المنطقة يمكن الاستفادة منها على نحو أكبر، تحديداً بعد انتقال الجهات الحكومية إلى العاصمة الإدارية، وبقاء مبانٍ ذات قيمة متميزة دون استغلال.
ولفت إلى أن الحكومة شجعت شركة الإسماعيلية، وهي إحدى شركات القطاع الخاص، على امتلاك وترميم العديد من المباني وفقاً لاشتراطات الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وانعكس ذلك على شكل البنايات واستعادة الوجه الحضاري للقاهرة الخديوية، وتسعى إلى تقديمها للمستثمرين الأجانب بما يتماشى مع أهدافها من أي عملية بيع أو شراكة استثمارية مستقبلية.
وبحسب المصدر، فإن رؤية الحكومة للقاهرة تتضمن تحويل المباني الحكومية إلى فنادق سياحية، نظراً لكونها ذات طراز معماري يرتبط بتوزيع الغرف الإدارية على مساحات متقاربة بشكل متساوٍ، وعلى أدوار منخفضة.
لكن المشكلة، حسب المتحدث، تتمثل في كيفية تهيئة المناطق المحيطة بهذه الفنادق، حيث إن أحد أسباب عرقلة مشروع تحويل مبنى الحزب الوطني إلى فندق، وكذلك مجمع التحرير الشهير بميدان التحرير، هو عدم القدرة على تخصيص جراجات للسيارات، وهناك اقتراحات باستقطاع أجزاء من جراج التحرير ليتبع الفندق.
ووافق المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، سنة 2023، على طلب الصندوق السيادي تغيير الاستخدام الكامل لمبنى مجمع التحرير ليصبح فندقاً، ضمن خطة شاملة تهدف إلى إعادة استخدام مباني الوزارات والإدارات الحكومية وسط العاصمة، وتخطيط المناطق المحيطة بها والمتصلة بها.
ويهدف الصندوق إلى عرض أصول مملوكة للدولة للبيع للمستثمرين المصريين والأجانب، منها مبنى مجمع التحرير ووزارة الداخلية، وخمسة أصول أخرى بعد نقل ملكيتها بالكامل إلى الصندوق.
وقد ألغى قرار رئاسي صدر عام 2020 حالة المنفعة العامة عن المباني المطروحة للبيع والإدارة للقطاع الخاص، في إطار خصخصة أنشطة محددة، ونقل الملكية لصالح الصندوق السيادي، الذي أنشأته الحكومة عام 2018.
يذكر أن الصندوق السيادي أسند تطوير “مجمع التحرير” إلى شركة “غلوبال فينتشرز” ومجموعة “أوكسفورد”، ومقرها الولايات المتحدة، سنة 2021، لتحويله إلى فندق يحمل علامة “كايرو هاوس”، يضم غرفاً وأجنحة فندقية وشققاً فاخرة، بالمشاركة مع شركة “العتيبة للاستثمارات” الإماراتية.
واشترط المستثمرون اقتطاع جزء من ميدان التحرير لتحويله إلى حديقة أمامية للفندق، وتخصيص موقف للسيارات أمام المجمع لحساب النزلاء، وهو ما عرقل انتهاء الأعمال الخارجية للمشروع حتى الآن.
هواجس المصريين
من جهته، قال خبير في مجال العمارة التاريخية إن خطورة العرض الإماراتي تتمثل في عدم الحفاظ على مبادئ تاريخ القاهرة الخديوية، وإمكانية التلاعب في الأسس الفنية التي جرى على أساسها ترميم البنايات خلال السنوات الماضية.
وأضاف المتحدث، في تصريح لـ”عربي بوست”، أن هناك شوارع صغيرة لا تسمح بدخول الآلات والمعدات، ومن المتوقع أن يتم هدم بيوتها وتغيير الطابع الجغرافي للمنطقة، وهو ما يشكل ردة كبيرة لا يمكن السماح بها.
وأوضح أن الحديث عن تطوير المنطقة يثير هواجس المصريين، لأنه في حال كان التطوير بهدف الجذب السياحي، فإنه على الأغلب سيكون بصورة سريعة، ويستهدف تحقيق عوائد مادية دون الحفاظ على المناطق التراثية، التي لديها قواعد دولية في التعامل معها.
ولفت إلى أن مليارات الدولارات لا توازي تاريخ مصر الثقافي والحضاري، الذي قد يتم التعدي عليه بين ليلة وضحاها، كما أن الخطة الإماراتية تتضمن إقامة بنايات شاهقة تصل إلى 30 دوراً، وهو أمر لا يتماشى مع طبيعة القاهرة الخديوية، التي تتراوح بناياتها بين خمسة إلى سبعة أدوار.
وقال الخبير في مجال العمارة التاريخية لـ”عربي بوست” إنه ليس من المعروف ما إذا كان المستثمر الإماراتي سوف يلتزم باشتراطات جهاز التنسيق الحضاري من عدمه.
وشدد على أن الحكومة المصرية قادرة على تطوير منطقة وسط البلد دون الاستعانة بشركات إماراتية، ويمكن أن تحقق أرباحاً طائلة من جذب السياحة إليها، بعد أن تراجعت المنطقة كعامل جذب سياحي، تحديداً من السياحة العربية، التي بات لديها اهتمامات وأماكن تواجد مختلفة في المدن الجديدة ومنطقة الساحل الشمالي، بعيداً عن قلب القاهرة. كما أن هناك إمكانية لتحسين الفراغ العام، وتنظيف المباني، والاستفادة من العمل السابق الذي امتد لسنوات في الحفاظ على تراث المدينة.