ماذا خسرت مصر بعد أن حكمها العسكر بعد 23 يوليو 1952؟.. الأربعاء 23 يوليو 2025م.. الأزهر: على من يشارك بدعم إسرائيل وتجويع غزة أن يتذكر مقولة “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* محاكمة جديدة لصفوان ثابت ونجله و50 آخرين بتهمة تمويل “الإخوان”
حددت محكمة استئناف القاهرة، جلسة 9 أغسطس المقبل، لنظر أولى جلسات محاكمة رجل الأعمال صفوان ثابت، مؤسس ومالك مجموعة “جهينة” للصناعات الغذائية، ونجله، إلى جانب وزير القوى العاملة الأسبق خالد الأزهري، ورجل الأعمال يحيى مهران، مالك واحدة من أكبر شركات الاستيراد والتصدير ومحال الملابس الجاهزة في مصر، ونحو 50 آخرين، في قضية تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية بارزة، متعلقة بتمويل جماعة “الإخوان المسلمين” وبدعوى الإضرار بالاقتصاد القومي.
وتحمل القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، وتشير أوراقها إلى أن جهات التحقيق وجّهت إلى المتهمين (حسب أمر الإحالة) اتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل أنشطتها من خلال ضخ أموال ضخمة في حسابات قياداتها، واستخدام قنوات اقتصادية وتجارية متعددة لتمرير الدعم المالي، فضلاً عن تقديم مساعدات عينية تقدر قيمتها بملايين الجنيهات، بهدف تحقيق أغراض الجماعة التي تتضمن -بحسب لائحة الاتهام- السعي إلى تغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، وزعزعة استقرار الدولة، والإضرار بالمصالح الاقتصادية العليا لمصر.
وتسلّط لائحة القضية الضوء بشكل خاص على يحيى مهران، الذي ادعى جهاز الأمن الوطني أنه أحد أبرز رجال المال التابعين للجماعة، وزعمت التحريات الأمنية أنه كان يستخدم إحدى الشقق السكنية بحدائق الأهرام في محافظة الجيزة مخزناً سرياً ضخماً لتكديس الأموال، حيث عُثر داخل الشقة -حسب ما ورد في التحريات المزعومة- على “غرفة سرية” بمواصفات غير تقليدية، مجهزة بالكامل بباب مصفّح، وجدران مسلحة، وأرفف معدنية مثبتة على جميع الجدران مخصصة لحمل الأموال.
ووفقاً للتحريات الأمنية المزعومة، فقد أسفرت المداهمة الأمنية لتلك الشقة عن ضبط مبلغ مالي ضخم بلغ نحو 8 ملايين و400 ألف دولار، بالإضافة إلى مبالغ أخرى بالعملة المحلية والعملات الأجنبية المختلفة.
ويبرز اسم رجل الأعمال صفوان ثابت، باعتباره أحد المتهمين (حسب أمر الإحالة) الرئيسيين في القضية، إذ شغل لسنوات طويلة موقعاً مؤثراً في قطاع الصناعات الغذائية من خلال تأسيسه وإدارته شركة “جهينة”، التي تُعد إحدى كبرى شركات الألبان والعصائر في السوق المصري.
واتُّهم ثابت بالاشتراك في تمويل جماعة إرهابية (دون أدلة)، وأيضاً بالانضمام إلى كيان أُسس على خلاف أحكام القانون والدستور، بالإضافة إلى تهم أخرى تتعلق بالدعوة إلى التظاهر بدون تصريح، والتحريض على العنف، بحسب ما جاء في قرار الإحالة.
وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على صفوان ثابت قبل أعوام على خلفية القضية نفسها، وظل قيد الحبس الاحتياطي لفترة مطولة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والحقوقية، خصوصاً أن الإجراءات شملت أيضاً التحفظ على أمواله وأموال أسرته، ثم أخلي سبيله، قبل أن يُعاد إدراجه ضمن المتهمين المحالين للمحاكمة.
وتضم قائمة القضية، كذلك الوزير الأسبق خالد الأزهري، الذي تولّى وزارة القوى العاملة خلال فترة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي.
وأسندت إليه جهات التحقيق اتهامات مماثلة تتعلق بالانضمام لجماعة إرهابية، والتحريض على العنف، وتمويل أنشطة مخالفة للقانون.
وتُعد هذه المرة الثانية التي يُدرج فيها اسم الأزهري في قضايا ذات طابع سياسي بعد اتهامه سابقاً في قضية حرق مبنى محافظة الجيزة، عقب مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في عام 2013، وهي القضية التي انتهت بإخلاء سبيله في أكتوبر 2016 بعد تجاوزه فترة الحبس الاحتياطي القانونية.
غير أن اسمه عاد للظهور من جديد في ديسمبر 2020، حين أصدرت النيابة العامة قراراً بضبطه وإحضاره، ليُلقى القبض عليه مجدداً، ويُحال إلى التحقيق في القضية الحالية التي صارت واحدة من أوسع قضايا أمن الدولة العليا من حيث عدد المتهمين وحجم الأموال المتداولة فيها.
وتمثل القضية رقم 865 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، وفق مراقبين قانونيين، أحد أبرز النماذج على التحولات التي شهدتها ملاحقات جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها بعد عام 2013، حيث اتسعت دائرة الاتهامات لتشمل أذرعاً اقتصادية وتجارية يُزعم أنها وفرت تمويلاً طويل الأمد للجماعة.
وتأتي هذه المحاكمة بعد نحو خمس سنوات من فتح التحقيقات في القضية، مما يعكس تعقيدها وحجم المبالغ والأدلة المتداولة. وتعد الجلسة الأولى للمحاكمة في 9 أغسطس المقبل مؤشراً على طبيعة المسار القضائي الذي ستسلكه القضية، لا سيما في ظل تداخل الجوانب الاقتصادية مع الاتهامات السياسية، وفي ظل استمرار النقاش المجتمعي حول التوازن بين مكافحة الإرهاب من جهة، وضمانات المحاكمة العادلة والشفافية القانونية من جهة أخرى
*وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه وإعلام “المتحدة” يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ
مع وساطات على مستويات سياسية وأمنية بإسطنبول تسعى إلى إطلاق سراح محمد عبد الحفيظ عبد الله عبد الحفيظ (29 سنة، مهندس زراعي من مركز السادات، المنوفية) والذي أدرجه بيان لداخلية السيسي ضمن ما يسمى قيادات حركة “حسم” المسلحة، وصدر بحقه أحكام متعددة بالسجن المؤبد في قضايا منها؛ محاولة اغتيال النائب العام (القضية 64/2016) ومحاولة استهداف الطائرة الرئاسية بإشرافه عليه (القضية 120/2022)، بحسب بيان داخلية السيسي.
واعتقلت سلطات مطار إسطنبول في تركيا “عبدالحفيظ” في مطار إسطنبول أثناء قدومه من رحلة عمل؛ حيث منعت تركيا دخوله وهددته بالترحيل، وتضغط دول الثورة المضادة من خلال إعلامها مع القاهرة، لكي تسلمه تركيا لمصر.
ووفقًا لمحللين، فإن حدث ذلك فإنه يعكس تحولًا في الموقف التركي وتعاونًا أمنيًا مع القاهرة بعد فترة من التوتر.
ونقلت مصادر عن زوجته عبر حسابه بمنصات التواصل أن جاء بجواز سفر وإقامة ساريّين، وأعربت عن خوفها من تسليمه لمصر خشية على حياته.
ويأتي هذا بالتزامن مع بيان وزارة الداخلية بحكومة السيسي بتفكيك خلية تابعة لحركة حسم، تتعلق بالخطط لمهاجمة منشآت أمنية واقتصادية.
وضمن خبر من صحيفة The National الإماراتية، قال: إن “تركيا اعتقلته في سياق استئناف العلاقات مع مصر، واعتُبر هذا اعتراف ضمني بالتهم الموجهة للأفراد، مثل عبد الحفيظ الصادر بحقه أحكام بالسجن المؤبد بقضايا “إرهاب“.
والموقف الحالي بحسب موقع “العين” الإماراتي وفضائية النهار، فإن الترحيل محتمل؛ ولفتت وسائل إعلام محلية إلى تنسيق أمني بين القاهرة وأنقرة لتسليمه خلال ساعات.
ولكن الحكومة التركية لم تصدر تعليقًا رسميًّا حتى الآن حول الاحتجاز أو الترحيل، لكن بعثت إشارات إلى توتر في العلاقات نظراً للقضية الحساسة.
ولعبت “العربية.نت” دورا يليق بناشط على التواصل، حيث نشرت خبرا ثم عادت هي نفسها تنفيه عبر محطاتها التلفزيونية، وقالت: “وعلمت “العربية.نت” أن السلطات التركية اعتقلت محمد عبد الحفيظ، أحد قيادات حركة “حسم”، والذي ورد اسمه في بيان الداخلية المصرية ضمن خلية الحركة التي خططت لعمليات تخريبية.
وأضافت “حسب معلومات “العربية.نت “، تم توقيف قيادي “حسم” في مطار إسطنبول، بعد عودته من مهمة عمل في إحدى الدول الإفريقية، وذكرت زوجة المعتقل، عبر تغريدة على مواقع التواصل، أن الاتصال انقطع بزوجها، وأنها علمت برفض دخوله، وقرار ترحيله رغم سريان إقامته في تركيا.
إلا أنها عادت عبر قناة “الحدث” ونفت الخبر من جهتيه”
حالة مشابهة
يخشى مراقبون أن يكون حالة ثانية لحالة “محمد عبد الحفيظ حسين” غير من تم توقيفه مؤخرًا، وقد تم ترحيله إلى مصر منذ ، إلا أنه أيضا من محافظة المنوفية، وحُكم عليه غيابيًا بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات عام 2015، ولم يُنفَّذ فيه حكم الإعدام وما زالت الإجراءات القضائية مستمرة.
وكان وصل إلى مطار أتاتورك بإسطنبول في يناير 2019 قادمًا من مقديشو، وتم ترحيله إلى مصر بعد رفض تركيا دخوله بسبب مشاكل تأشيرة، رغم أن حكم الإعدام صدر ضده غيابيًا.
بعد الواقعة، أعلنت السلطات التركية أن الترحيل تم بخطأ، وبدأت تحقيقًا داخليًا، وتم إيقاف 8 من موظفي الجوازات مؤقتًا عن العمل، زوجته وأقاربه أكدوا تعرضه لإخفاء قسري وتعذيب أثناء احتجازه قبل عرضه في المحكمة بالقاهرة.
وأظهرت تحقيقات تركية أن ترحيله كان خطأً إدارياً، وأُوقف عدد من أفراد الشرطة لاعتقاله في المطار، وبعد وصوله مصر، خضع لإعادة محاكمة وفق القانون المصري كون الحكم غيابياً ما يعني أن الإجراءات القضائية كانت متبعة، وليس تنفيذ مباشر للحكم.
ضغط سياسي
وإذا رفضت تركيا ترحيله فقد يُفرَج عنه أو تُخلي سبيله بموجب ضغط قضائي أو سياسي، وستظل الحالة معلقة تحت رقابة عالمية وإقليمية.
وبحسب الحقوقي المقميم في إسطنبول هيثم أبو خليل فإنه “حتى لا يتكرر مصير محمد عبد الحفيظ جديد، فالأول تم ترحيله بالخطأ وظهر بعد شهر واحد في المحكمة فاقدًا للذاكرة من كثرة التعذيب وحُكم عليه بعدة أحكام جائرة منها المؤبد 25 عامًا“.
وأضاف “لقد تحوّل استخدام أكواد “الإرهاب” الصادرة من السلطات المصرية إلى أداة لتلفيق التهم بحق الشرفاء والمعارضين، في ظل نظام استبدادي شمولي لا يعرف إلا القمع وسلب الحريات“.
وأشار إلى أن “القضايا المفبركة الجاهزة طالت المئات، والدفاتر دفاترنا يا عمدة، وها هو مولانا الشيخ محمد عبد الحفيظ، حامل كتاب الله، وصاحب الصوت الندي والعلم الشرعي الغزير، يصبح ضحية جديدة“.
وأوضح “عرفناه عن قرب، رأينا جهده في تعليم الناس دينهم، وحرصه على خدمة الفقراء والضعفاء، ولم نرَ منه إلا خيرًا” مناشدا “السلطات التركية الإفراج الفوري عن الشيخ محمد عبد الحفيظ، وإغلاق هذا الملف الجائر“.
الطائرة الرئاسية
وأوردت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن حركة حسم الذراع المسلحة لجماعة الإخوان، كانت تُعد مخططًا لاستهداف الطائرة الرئاسية للسيسي ضمن مجموعة هجمات مخططة ضد منشآت أمنية واقتصادية داخل مصر، وأدعت أن محمد عبد الحفيظ، ضمن قيادات هذه الحركة، صدر ضده حكم بالسجن المؤبد في القضية رقم 120/2022 “محاولة استهداف الطائرة الرئاسية“.
ووصلت أحكام الإعدام التي أصدرها المستشار حسن فريد إلى أكثر من 147 حكمًا، وفي قضية اغتيال النائب العام هشام بركات أصدر حكم بإعدام 31 متهمًا، في 2017 رغم تقارير عن تعرضهم للتعذيب.
ومساء 20 فبراير 2019 وصلت الأهالي رسائل واتصالات بتنفيذ مصلحة السجون بداخلية الانقلاب، صباح أحد أيام الأربعاء، حكم الإعدام الظالم شنقًا بحق 9 أبرياء في قضية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، الذي قتل في يونيو 2015.
وأصدرت محكمة النقض، في 25 نوفمبر 2018، حكمًا بإقرار الإعدام الصادر بحق الأبرياء التسعة، ورفضت الطعون المقدمة منهم.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت إنها تتوقع تنفيذ عقوبة الإعدام بحق 9 أشخاص في مصر، مطالبة سلطات الانقلاب بوقف تنفيذ جميع عمليات الإعدام والإعلان الفوري عن اسماء من أعدمتهم السلطات بالتهمة ذاتها ومن وجهت لهم نفس الاتهامات ومنهم الشخصين.
أحمد الدجوي
أحمد وهدان
أحمد جمال حجازي
محمود الأحمدي
أبو القاسم
عبدالرحمن سليمان
أحمد محروس سيد
أبو بكر سيد عبد المجيد
إسلام محمد مكاوي
المستفيد من اغتيال النائب العام، هو السيسي الذي سارع إلى دس مادة دستورية ضمن تعديل (دستور 2019) منح فيها نفسه سلطة انتهاك استقلال المحكمة الدستورية العليا، ومنصب النائب العام وتمكين نفسه من تعيين رؤساء وقيادات المحكمة الدستورية العليا والنائب العام بالمخالفة الصارخة للدستور الصادر خلال فترة حكم انتقالي مؤقت عن جمعية وطنية تأسيسية في 2014.
*قيادات الإخوان في بدر 3..50 هيكلًا عظميًا على مشارف الموت
وصف معتقلون سياسيون بارزون – معظمهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين – في رسالة مسرّبة مؤثرة خرجت من داخل أسوار “سجن بدر 3″، أوضاعهم الإنسانية والصحية بالمروّعة، محذّرين من أن عشرات النزلاء أصبحوا بمثابة “هياكل عظمية على وشك الموت”، في مشهد يعكس تدهورًا غير مسبوق في أوضاع سجون عبدالفتاح السيسي.
الرسالة، التي كُتبت من داخل “القطاع 2” بالسجن سيئ السمعة، تضمّنت شهادات موجعة ومناشدات مباشرة إلى العالم لإنقاذ 50 معتقلًا “يموتون ببطء”، كما جاء فيها. ووصفت الرسالة السجن بأنه “نسخة أكثر قسوة من العقرب”، السجن الذي طالما وُصف بأنه مقبرة للأحياء.
“ثماني سنوات بلا زيارة ولا صوت”
ووفقًا لما ورد في الرسالة، فإن بعض المعتقلين لم يروا أسرهم منذ أكثر من ثماني سنوات، وسط حرمان تام من الزيارة والتواصل. وجاء في الرسالة:
“إلى أهلنا وأبنائنا وأحبابنا الذين لم نرهم منذ ثماني سنوات دون سبب.. النظام المصري يريد لنا أن نموت ببطء داخل هذا السجن المعزول”.
وأضاف المعتقلون في كلمات مفعمة بالحزن:
“نقول لكم: قريبًا ستجدون مكانًا تتمكنون فيه من زيارتنا من دون إذن أو منع، وتتحدثون إلينا كما تشاؤون، ولكننا لن نستطيع الرد.. فنحن نفضّل الموت على هذه الحياة”.
صرخة إلى الضمير العالمي
الرسالة لم تكتفِ بعرض المعاناة الشخصية، بل حمّلت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية مسؤولية الصمت المستمر تجاه الانتهاكات المستمرة داخل السجون المصرية. وناشد المعتقلون الجميع، محليًا ودوليًا، للتحرك العاجل لإنقاذ حياتهم.
“نضع الجميع أمام مسؤولياتهم: أولهم النظام الحاكم، ثم الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية والوطنية، والمجتمعَين المدني والحقوقي، محليًا ودوليًا، وكل حرّ في هذا العالم”.
وتساءلوا:
“لماذا نُحرَم من رؤية أهلنا، أولادنا، وأحفادنا، قبل أن لا نراهم أبدًا؟! ومنا من تجاوز الثمانين عامًا!”
من هم أصحاب الرسالة؟
الرسالة جاءت موقّعة من عدد من الشخصيات السياسية والقيادية البارزة، والذين لا يزالون قيد الاعتقال منذ أكثر من عشر سنوات، دون تمكينهم من حقوقهم القانونية أو الإنسانية الأساسية.
وفيما يلي أبرز الأسماء الواردة ضمن قائمة المعتقلين:
محمد رفاعة الطهطاوي – رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق وسفير مصر السابق لدى ليبيا وأوروبا.
أسامة ياسين – وزير الشباب الأسبق، وطبيب معروف في تخصص حساسية الأطفال.
خالد الأزهري – وزير القوى العاملة الأسبق، معتقل للمرة الثانية منذ 2021.
أسعد الشيخة – نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق.
حسن مالك – رجل أعمال بارز ورئيس جمعية “ابدأ” للمشروعات التنموية.
عصام سلطان – المحامي الشهير ونائب رئيس حزب الوسط.
محمد البلتاجي – طبيب وعضو برلماني سابق.
أسامة مرسي – محامٍ ونجل الرئيس الراحل محمد مرسي.
صبحي صالح – محامٍ وعضو لجنة صياغة دستور 2011 والجمعية التأسيسية لدستور 2012.
محمود غزلان، سعد الحسيني، أحمد البيلي، حسام أبو بكر، مصطفى الغنيمي، عبد الرحيم محمد، أحمد أبو بركة، وغيرهم من الأكاديميين والمهنيين والسياسيين.
سجن بدر 3.. نسخة مطوّرة من “العقرب”؟
يُوصف سجن بدر 3 بأنه نسخة أكثر إحكامًا وتقييدًا من سجن العقرب سيئ السمعة، الذي طالما انتُقد من قبل منظمات حقوقية دولية بسبب ظروفه غير الإنسانية.
ويقع سجن بدر ضمن مجمع سجون “بدر” الذي يُعد من أحدث السجون، وقد أنشئ تحت شعار “تطوير منظومة العقاب”، إلا أن شهادات المعتقلين تثبت العكس.
*طموح متفوق أم إرهابي خطير؟!”.. تساؤلات صادمة بعد إعلان الداخلية تصفية إيهاب عبد اللطيف ومطالبات بتحقيق عاجل
أثار بيان صادر عن وزارة الداخلية يوم الأحد 20 يوليو، موجة من التساؤلات والشكوك بعد إعلانها “تصفية عنصرين من حركة حسم”، أحدهما يدعى إيهاب عبد اللطيف محمد عبد القادر، الطالب بكلية الطب بجامعة بنها، في واقعة جديدة أعادت فتح ملف التصفية خارج إطار القانون.
ورغم وصف البيان الرسمي له بأنه “عنصر شديد الخطورة”، سارعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إلى إصدار بيان عاجل يشكك في الرواية الرسمية، ويطالب بفتح تحقيق مستقل حول الملابسات المحيطة بعملية التصفية، والتي تمت وفق البيان بعد مرور 13 يومًا من الواقعة، دون إعلان فوري، أو توضيح لمكانها أو ظروفها، أو عرض أي أدلة ملموسة تدعم رواية “الاشتباك”.
من هو إيهاب عبد اللطيف؟
بحسب ما أفاد به بيان الشبكة الحقوقية، فإن إيهاب عبد اللطيف يبلغ من العمر 25 عامًا، ويُعرف بين أقرانه بتفوقه الدراسي وسلوكه الهادئ، وكان يدرس في الفرقة الخامسة بكلية الطب – جامعة بنها، ويقيم مع أسرته في حي القومية الراقي بمدينة الزقازيق.
تضيف الشبكة: “إيهاب كان شابًا طموحًا، محبًا للسفر، يتنقل بدراجته بين المحافظات، وكان يحلم بأن يصبح جراحًا مرموقًا”.
وقد أكدت مصادر حقوقية وعائلية أنه لم يسبق لإيهاب أن تعرّض للاعتقال أو خضع لتحقيق، كما لم تصدر بحقه أي أحكام قضائية، لا غيابيًا ولا حضوريًا، ولم يُعرف له أي انتماءات أو ميول سياسية.
اختفاء مفاجئ.. ثم إعلان تصفية!
بحسب بيان الشبكة المصرية، فقد اختفى إيهاب بعد أدائه آخر امتحاناته الجامعية، وكانت آخر زيارة له لعائلته يوم 2 يوليو، ومنذ ذلك الحين، لم يصدر عنه أي تواصل، ولم تعرف الأسرة مكانه أو وضعه القانوني.
وفي تطور صادم، أعلنت وزارة الداخلية يوم 20 يوليو تصفيته، ضمن “عنصرين إرهابيين”، في قضية تحمل رقم 1126 لسنة 2025 (حصر أمن دولة عليا). لكن شبكة الحقوق أوضحت أنها لم تتمكن من الوصول لأي معلومات مؤكدة بشأن هذه القضية، مرجحة أن تكون قد أُنشئت بأثر رجعي لتبرير الواقعة، على حد تعبيرها.
ماذا عن والدي إيهاب؟
في تطور أكثر غموضًا، كشفت الشبكة أن والد إيهاب، الدكتور عبد اللطيف محمد عبد القادر، الأستاذ المساعد بكلية الهندسة – جامعة الزقازيق، قد اختفى قسرًا في 7 يوليو، بعد مداهمة أمنية لمنزل الأسرة، حيث تم اقتياده وزوجته إلى جهة غير معلومة، دون إذن قضائي، ولم يُعرضا على النيابة حتى الآن.
تتساءل الشبكة: هل هي مصادفة أن يُختطف الأب والأم ثم يُعلن عن تصفية الابن بعدها بأيام؟ أم أن هناك خيطًا خفيًا يجمع بين هذه الوقائع؟
أسئلة مفتوحة بلا أجوبة
أثار البيان الأمني الرسمي شكوكًا مضاعفة بعد تأخره لـ13 يومًا عن الواقعة المفترضة، دون الكشف عن تفاصيل الاشتباك، أو نشر صور أو مقاطع توثق العملية. كما أشار تقرير الشبكة إلى أن البيان بدا “عاريًا من الأدلة”، ومحاطًا بتوقيت مريب، ومشحونًا بتوصيفات عامة لا تستند إلى وقائع موثقة.
وأبرز ما جاء في البيان الحقوقي:
- أين كان إيهاب منذ 2 يوليو حتى يوم وفاته المزعوم في 7 يوليو؟
- لماذا لم يُعرض على النيابة؟ ولماذا لم يُحقق معه؟
- من اتخذ قرار التصفية؟ وبناء على أي أساس قانوني؟
- ما علاقة اختفائه باختفاء والده وأمه؟
- هل باتت عمليات التصفية تسبق التهم الرسمية؟!
- هل نحن أمام نمط متكرر: إخفاء ثم تصفية ثم بيان تبريري؟
فيديو منسوب لحركة “حسم”.. ولكن!
قبل إعلان تصفية إيهاب بثلاثة أيام، انتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو نُسب إلى حركة “حسم”، دون أن تتبناه الحركة رسميًا، كما هو معتاد في سياق تبنيها لأي عمليات. وأرفقت الشبكة رابطًا لتحليل مصوّر يوضح بعض الشكوك الفنية والإخراجية في الفيديو، مشيرة إلى احتمالية استغلاله لتبرير تحرك أمني معين.
تحليل حمزة حسن للفيديو المنسوب لحركة حسم
https://www.facebook.com/61572711047079/posts/122141417930757034
مطالب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان:
في ظل هذه الملابسات، طالبت الشبكة بما يلي:
- فتح تحقيق عاجل ومستقل في ظروف تصفية إيهاب عبد اللطيف.
- الكشف الفوري عن مصير والده ووالدته المختفيين قسريًا.
- وقف نمط الإخفاء القسري المتبوع بالتصفية الجسدية ثم التبرير الإعلامي.
- محاسبة جميع المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان وخرق القانون.
*السيسي يغازل الخليج والغرب ويسكت صوت المعتقلين بفزاعة “الإرهاب”
يلعب عبدالفتاح السيسي، على وتر “الإرهاب” وأن البديل عن نظامه هو عودة الإسلاميين، وهي رسالة يعلم أن لها صدى في أرجاء دول الخليج الذين يخشون من تكرار سيناريو ثورة يناير على أرض بلدهم وفقدانهم ملكهم وحكمهم، كما أنها رسالة للغرب بأن دعم نظامه أفضل لهم من التخلي عليه في أزمته الحالية، وأن إسرائيل لن تتحمل جوار بلد “أي مصر” يمكن أن يعج بالفوضى ويهدد أمنها، خاصة أنه الحارس “أي السيسي” الأمين على بوابتها الغربية وإغلاق كل منفذ على حماس والفلسطينيين.
ويقول تقرير لموقع “عربي 21″، إن الخطاب الرسمي والإعلامي المصري، عاد إلى الحديث عن “عودة الإرهاب” إلى البلاد وربطه بجماعة الإخوان المسلمين، في استدعاء جديد لـ”فزاعة الإخوان والإرهاب”، التي استخدمها النظام منذ منتصف 2013، لتبرير قمع المعارضة، وتضييق مساحة الحريات، واستمرار اعتقال أكثر من 60 ألف مصري، وفق تقارير حقوقية.
وبحسب قراءة مراقبين، فإنه “خلف هذا الاستدعاء عدة رسائل أراد النظام إرسالها لأكثر من 107 ملايين مصري وإلى جبهات في الداخل ودول بالخارج”، مشيرين إلى أنه “أراد تحقيق بعض المكاسب“.
والأحد، جرى الكشف عن حادث أمني، بمنطقة “بولاق الدكرور” بالقاهرة، قُتل فيه مواطنين اثنين يوم 7 يوليو الجاري، فيما وجه لهما بيان أمني اتهام بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، والتمهيد لتنفيذ “مخطط إرهابي“.
ودائما؛ تشكك منظمات حقوقية بينها “العفو الدولية”، و”هيومن رايتس ووتش” في رواية الأمن المصري، بشكل متتابع وفي مواقف وأحداث عديدة، ما دفع حقوقيون لوصف الأمر بأنه “توظيف سياسي للحرب على الإرهاب“.
وفي سياق، استدعاء “فزاعة الإخوان والإرهاب”، وفي 3 يوليو الجاري، أعلنت الشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعة لجهات سيادية والمتحكمة بقطاعات الإعلام والإعلان والصحافة والإنتاج الدرامي والسينمائي، عن إنتاج مسلسل “الاختيار 4” لعرضه (رمضان 2026)، بعد آخر نسخة جرى إنتاجها عام 2022.
وذلك رغم إعلان مخرج الأجزاء الثلاثة الأولى (2020 و2021 و2022) بيتر ميمي، قبل 3 سنوات عدم إنتاج جزء رابع، ما يثير التساؤلات حول سبب التحول عن القرار السابق.
وقبل حادث “بولاق الدكرور”، روجت الأذرع الإعلامية للنظام المصري إلى “مؤامرة كبرى وحرب ضد مصر والسيسي”، دون أن تشير إلى أو تعلن عن وقائع بذاتها، في أحاديث رددها الإعلاميان مصطفى بكري، وأحمد موسى.
لكن، تكرار الحديث عن الإرهاب يأتي بالرغم من اعتراف رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، في 23 يناير 2023: “القضاء على الإرهاب بنسبة 100 بالمئة“.
مراقبون قرأوا في تلك المواقف استدعاء لـ”فزاعة الإخوان والإرهاب”، مجددا، ويرون أن “مكاسب النظام منها تتمثل في: تبرير الحملات الأمنية العنيفة، وتمرير القوانين المشددة، وحظر التظاهر، والتضييق على العمل العام والسياسي، وتعبئة الرأي العام للتضحية بالحريات بدعوى الاستقرار“.
وأعربوا عن اعتقادهم أن “تصاعد تلك الحملة مع تصعيد المعتقلين السياسيين في السجون المصرية من اعتراضهم على سوء أوضاعهم بالإضراب عن الطعام ومحاولات الانتحار يقلل التعاطف الشعبي الذي زاد مؤخرا مع المعتقلين ويضعف دعوات الإفراج عنهم“.
ويرى المراقبون، كذلك، أن نظام السيسي، قد “يريد مجددا إرسال رسالة لدول أوروبا وأمريكا وعرب الخليج الذين تراجعت علاقاته بهم بشكل كبير مؤخرا، بأنه يسيطر على المشهد، ويواصل قمع جماعة الإخوان المسلمين ويحارب الإرهاب ويمنع وصوله لهم“.
كما يعتقد مراقبون أن “في هذا الاستدعاء رسالة للمؤسسات الدولية المقرضة وخاصة صندوق النقد الدولي الذي يطالب بخروج الجيش من الاقتصاد، بألا يتشدد مع حكومة السيسي في منحها القروض وإعطائها تسهيلات جديدة لمواجهة الإرهاب“.
على الجانب الآخر، يرى البعض أن “في استدعاء تلك الفزاعة خسارة للاقتصاد المصري، وتأثير على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ومنها الأموال الساخنة، وكذلك تصنيف مصر الائتماني“.
ويحمل سياسيون ومعارضون النظام مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع البلاد، واستمرار ذات السياسات بالملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية والخارجية؛ ومن آن إلى آخر تخرج أصوات مطالبة بتغيير تلك السياسات، واستعادة المسار الديمقراطي، وإنهاء ملف المعتقلين.
بينها ما طرحه الأكاديمي المعارض حسن نافعة، الجمعة الماضية، وأطلق عليه “ميثاق التوافق الوطني لإنقاذ مصر”، بهدف تحقيق “وحدة وطنية لإنقاذ مصر واستعادة الديمقراطية“.
وعبر مقال له، طالب آخر رئيس للحزب الوطني المنحل في عهد حسني مبارك، حسام بدراوي، نظام السيسي بعدم تكرار أخطاء من سبقوه، محذرا إياه من أنه مع الانغلاق “لا أحد يضمن ما يأتي بعد الغليان… ولا أحد يربح من الانتحار“.
وفي رؤيته، قال السياسي المصري الدكتور عمرو عادل، إن “أي نظام استبدادي يصنع عدوا داخليا حتى يمكنه تبرير البطش، ومن الضروري أن تنتبه الشعوب للأمر حتى لا تقع تحت سيف الاستبداد“..
*الأزهر: على من يشارك بدعم إسرائيل وتجويع غزة أن يتذكر مقولة “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”
وجه الأزهر الشريف نداء عالميا لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة التي يعيشها القطاع حاليا في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق، مؤكدا أن الضمير الإنساني يقف على المحك.
وجاء في بيان للأزهر مساء الثلاثاء: “أطلق الأزهر الشريف صرخته الحزينة ونداءه العالمي المكلوم، الذي يستصرخ به أصحاب الضمائر الحية من أحرار العالم وعقلائه وحكمائه وشرفائه ممن لا يزالون يتألمون من وخز الضمير، ويؤمنون بحرمة المسؤولية الإنسانية، وبحقوق المستضعفين والمغلوبين على أمورهم وعلى أبسط حقوقهم في المساواة بغيرهم من بني الإنسان في حياة آمنة وعيش كريم، من أجل تحرك عاجل وفوري لإنقاذ أهل غزة من هذه المجاعة القاتلة، التي يفرضها الاحتلال في قوة ووحشية ولا مبالاة لم يعرف التاريخ لها مثيلا من قبل، ونظنه لن يعرف لها شبيها في مستقبل الأيام“.
وأكد الأزهر أن “الضمير الإنساني اليوم يقف على المحك وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء يقتلون بدم بارد، ومن ينجو منهم من القتل يلقى حتفه بسبب الجوع والعطش والجفاف، ونفاذ الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقاذهم من موت محقق“.
وشدد الأزهر على أن “ما يمارسه هذا الاحتلال البغيض من تجويع قاتل ومتعمد لأهل غزة المسالمين، وهم يبحثون عن كسرة من الخبز الفتات، أو كوب من الماء، ويستهدف بالرصاص الحي مواقع إيواء النازحين، ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية لهو جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان“.
وأضاف أن “من يمد هذا الكيان بالسلاح، أو يشجعه بالقرارات أو الكلمات المنافقة، فهو شريك له في هذه الإبادة، وسيحاسبهم الحكم العدل، والمنتقم الجبار، يوم لا ينفع مال ولا بنون، وعلى هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكروا جيدا الحكمة الخالدة التي تقول: “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض”.
وأشار إلى أن “الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ القوى الفاعلة والمؤثرة أن تبذل أقصى ما تستطيع لصد هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل فوري، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية؛ نتيجة استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية”.
وواصل الأزهر في بيانه: “إن الأزهر الشريف ليبرأ أمام الله من هذا الصمت العالمي المريب، ومن تقاعس دولي مخز لنصرة هذا الشعب الأعزل، ومن أية دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم، ومن كل من يقبل بهذه الدعوات أو يتجاوب معها، ويحمل كل داعم لهذا العدوان مسؤولية الدماء التي تسفك، والأرواح التي تزهق، والبطون التي تتضور جوعا في غزة الجريحة، ﴿وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾”.
*هل أطاحت المخابرات المركزية بالملك فاروق في يوليو 1952؟
قد يبدو السؤال مريباً بالنسبة لأنصار جمال عبد الناصر، الرجل الأقوى في حركة الضباط الأحرار التي غيّرت وجه مصر إلى الأبد في ذلك اليوم الشهير من شهر يوليو/ تموز 1952.
لكن كتاباً صدر في لندن قدّم في إطار سرده لقصة التنافس الأمريكي البريطاني على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، قصة علاقة الجاسوس الأمريكي الشهير كيم روزفلت مع الضبّاط الأحرار، وكيف التقى بمجموعة منهم في قبرص.
كان ذلك قبل أشهر من الإطاحة بالملك فاروق، الذي لطالما كان يردد قبل رحلته الأخيرة من الإسكندرية إلى إيطاليا بعد الانقلاب عليه “أن ملوك العالم لن يبقى منهم سوى ملوك ورق الكوتشينة الأربعة وملك بريطانيا”.
الكتاب الذي ألّفه المؤرخ البريطاني الشاب جيمس بار بعنوان ” Lords of the Deserts” (سادة الصحراء) يرسم خريطة معقدة للمنطقة العربية وإيران خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات وصولاً إلى أوائل الستينيات.
ويسلط بار الضوء من خلال الوثائق البريطانية والأمريكية التي بحث فيها خلال تأليفه الكتاب، على صراع النفط بين أرامكو السعودية-الأمريكية وشركة النفط البريطانية الإيرانية، وكيف ورّطت لندن حليفتها وخصمها في آن واحد، واشنطن، في عملية “أجاكس” الشهيرة التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق وثبّتت حكم شاه إيران آنذاك، محمد رضا بهلوي، عام 1953.
إذاعة صوت العرب
ويحضر عبد الناصر بقوة في صفحات الكتاب، فقد ظهر أولاً كحليف لواشنطن وخصماً للندن، ثم عدواً لكليهما. ويتضمن الكتاب شرحاً مع سرد لقصص من تلك المرحلة عن لعبة المساومة التي احترفها الزعيم المصري الراحل بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وكيف عوضته الأخيرة عن صفقة سلاح بتقديم هدية، هي إذاعة “صوت العرب” التي استخدمت لبث الدعاية السياسية لنظامه إلى المنطقة بأسرها مترافقة مع أغنيات أم كلثوم.
من القصص التي يرويها الكتاب كيف التقى الجاسوس روزفلت وضابط وكالة الإستخبارات الأمريكية الآخر مايلز كوبلاند بعبد الناصر في بيته من أجل تخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، وبينما هما في طور الحديث مع مضيفهما، جاء خبر زيارة السفير البريطاني في القاهرة للزعيم، وهنا اضطر الرجلان للصعود إلى الطابق العلوي، ومازح كوبلاند شريكه روزفلت بالقول: “سيكون من الممتع أن نرى ردة فعل السفير البريطاني ونحن نقاطع جمال عبد الناصر لنقول له إن المرطبات في الأعلى قد نفدت”.
ومن بين ما يذكره بار في كتابه، أن اللمسات الأخيرة للانقلاب الأمريكي البريطاني على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وضعت في فندق سان جورج على الساحل الغربي للعاصمة اللبنانية بيروت، كذلك هوية من شاركوا في الانقلاب، وكيف جرى التدبير له وما سبقه من مفاوضات حول الاتفاقية الإيرانية البريطانية حول حصص النفط، وقول أحد رؤساء شركة النفط الإيرانية البريطانية لدى سؤاله عما يمكن التنازل عنه للإيرانيين: “إذا ما أعطيتم الإيرانيين شبراً فهم سيأخذون ميلاً”.
تأسيس إسرائيل
في الفصول الأولى يعود بار إلى مرحلة التأسيس لإسرائيل، وتأثير الانتخابات الداخلية في أمريكا على القرار النهائي بشأن دعم قيام دولة لليهود. في هذا الإطار ينقل الكاتب نوعاً من التردد البريطاني للمضي قدماً بوعد بلفور كما هو، وهو أمر عززه تقرير أمني وصل إلى الوزير البريطاني المقيم ريتشارد كايسي حول تصالح جماعة الهاغانا اليهودية مع العصابات الأخرى تمهيداً لتأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين التاريخية.
هذا الأمر دفع بكايسي لتحذير لندن في عام 1943 من أن المنطقة مُقدمة على صراع عنيف لم تشهده من قبل بمجرد أن تنتهي الحرب العالمية، أو ربما بعد ذلك بأشهر قليلة.
سعى كايسي لتوحيد الجهود الأمريكية البريطانية للخروج ببيان موحد يؤكد رفض تبني خطة ديفيد بن غوريون لدولة أمر واقع، وهو أمر كاد أن يحصل لولا تلكؤ رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرتشل، ووزير خارجيته، أنتوني إيدن، اللذين لم يرغبا بذلك.
وبعد أن أقنع كل من الوزير البريطاني المقيم تشرشل وإيدن بضرورة إصدار بيان مشترك، جرى الاتفاق مع الأمريكيين على ذلك، وحُدّد يوم 27 تموز/ يوليو لذلك، لكن حماس مسؤولي البلدين خفت لحظة الإعلان المقرر، وضاعت جهود كايسي التي امتدت ستة أشهر سدى.
تداخل أحداث المنطقة
وكما كان الملك فاروق متيقناً في البداية من أن حكمه سيأتي إلى نهايته في لحظة ما قريباً، فإن بريطانيا بدت بدورها متحسبة لانتهاء الدور، مما أجج صراعها مع الولايات المتحدة، ودفع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، وندل ولكي، للقول “إن الزمن الاستعماري أصبح من الماضي”.
في تلك المرحلة بدت بريطانيا، بحسب الكتاب، كمن يصارع القدر لا سيما مع الترابط الذي بدا جلياً بين تأميم مصدق في إيران للنفط في العام 1951 وطلبه خروج الموظفين البريطانيين من ميناء عابدان الإيراني، وتحرك البرلمان المصري لتعديل اتفاقية 1936، حيث عبّر تشرشل عن الوضع بالقول إن أزمة السويس هي “لقيطة الحالة الإيرانية”.
في فصل تحت عنوان “التخلص من عبد الناصر” يوصّف بار حالة الحنق التي وصل إليها رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن إلى حد طلبه من الوزير أنتوني نوتينغ بصيغة واضحة اغتيال عبد الناصر لا مجرد عزله أو محاصرته.
ويشرح الكاتب أهمية قناة السويس بالنسبة لبريطانيا، حيث ينقل عن إيدن قوله عنها في العام 1929 “إنها حلقة وصل في الدفاع عن الإمبراطورية وبوابتها الخلفية”، ولذلك فإن خسارتها ستكون كارثة بالنسبة للبريطانيين، وهو ما كان بالنسبة لعبد الناصر هدفاً.
لكن عبد الناصر لم يكن خصماً للبريطانيين فقط، بل للكثيرين من جيرانه العرب، يروي الكتاب كيف نصح رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد نظيره البريطاني إيدن خلال زيارة إلى 10 دواننغ ستريت في لندن بضرب عبد الناصر. قال السعيد: “اضربه، اضربه بقوة الآن وإلا سيفوت الأوان، وعندما يصبح وحيداً سيجهز علينا جميعاً”.
لكن نوري السعيد لن يطيل المكوث، إذ إن ضابطاً في الجيش العراقي، هو عبد الكريم قاسم، سيطيح به وبالنظام الملكي في انقلاب عسكري في 14 يوليو/تموز 1958. وبحسب بار فإن هذا الانقلاب شكل أيضاً ضربة أخرى للندن بعد تأميم قناة السويس قبل عامين.
يستعرض الكتاب أيضاً محاولة انقلاب سعودية فاشلة في سوريا ضد عبد الناصر، كانت واشنطن قد حذرت الرياض من مخاطرها. يروي بار في فصل بعنوان “عام الثورات” كيف أن وزير داخلية الجمهورية العربية المتحدة، عبد الحميد السرّاج، كشف لعبد الناصر تلقيه مليوني جنيه إسترليني مقابل تنفيذه انقلاباً على الوحدة المصرية السورية، مع وعد بدفع مليونين إضافيين في حال إغتيال عبد الناصر.
وفي واشنطن كان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتحدث بأسف عن تحذيره للسعوديين، خاصة وأن المحاولة شكّلت ضربة لواشنطن التي تأثرت بشكل سلبي بحكم علاقتها مع الرياض، وهو الأمر الذي أدى لاحقاً إلى تقدم ولي العهد، الأمير فيصل، لتولي أمور البلاد.
يختم الكاتب في هذا الإطار: “بحلول 1959، كانت وظيفة (الملك) سعود تقتصر على توزيع المساعدات، وتوقيع أوراق الإعدام، وبعض الأوراق الرسمية الأخرى”.
قيادات الإخوان في بدر 3..50 هيكلًا عظميًا على مشارف الموت
تصفية إيهاب عبد اللطيف
*أهالي شمال سيناء يطالبون بكسر الحصار عن غزة وتحرك شعبي وشيك
في تطور لافت يعكس تصاعد الغضب الشعبي والقبلي في شمال سيناء تجاه الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة دعا مجلس عشائر المحافظة إلى تحرك شعبي واسع النطاق من أجل فك الحصار المفروض على القطاع منذ أشهر والذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتهديد حياة مئات الآلاف من المدنيين بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن
المجلس أشار في بيان صادر عنه إلى أن ما يتعرض له سكان غزة من مجاعة وحرمان من أبسط مقومات الحياة يمثل جريمة تتطلب موقفًا فوريًا من أبناء سيناء خاصة في ظل ما وصفه بالخذلان الإقليمي والدولي المتواصل تجاه معاناة شعب محاصر يتعرض لأبشع أنواع العقاب الجماعي بسبب مواقفه السياسية وحقه في الدفاع عن أرضه
وأكد البيان أن غزة التي تتصدر خطوط المواجهة دفاعًا عن كرامة الأمة لا يجب أن تُترك تواجه مصيرها وحدها خلف الأسلاك الشائكة مشددًا على أن صمت من يعيشون على الجانب الآخر من الحدود لم يعد مقبولًا وأن ساعة التحرك قد حانت في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي واستمرار الوضع الإنساني في التدهور
وطالب المجلس بشكل واضح السلطات المعنية بفتح معبر رفح البري فورًا وبدون شروط لتمكين تدفق المساعدات الإنسانية من مواد غذائية وأدوية ومستلزمات طبية إلى داخل القطاع المحاصر مشددًا على رفض أي محاولات لاستخدام هذه الورقة في سياق الابتزاز السياسي أو الحسابات العسكرية
كما أعرب المجلس عن استعداده التام لتأمين قوافل المساعدات عبر الأراضي المصرية وصولًا إلى معابر القطاع داعيًا جميع أبناء القبائل والعائلات السيناوية إلى التعبير عن دعمهم لأهالي غزة من خلال الوسائل السلمية والاحتجاجات المنظمة في الميادين ومواقع التواصل الاجتماعي
وفي سياق متصل أكد الشيخ موسى المنيعي أحد أبرز رموز القبائل في شمال سيناء أن ما يجري في غزة يفوق حدود التحمل والسكوت موضحًا أن الصور القادمة من داخل القطاع وخاصة ما يتعلق بمعاناة الأطفال أمام نقص الغذاء والماء لا يمكن إلا أن تستفز الضمير الإنساني وتدفع إلى التحرك العاجل
وأشار المنيعي إلى أن أبناء سيناء لا يمكنهم البقاء على الحياد في معركة تتعلق بالعدالة والكرامة والحق في الحياة مبينًا أن الجاهزية الشعبية والقبلية للمشاركة في أي جهد إنساني أو لوجستي أصبحت أمرًا محسومًا لدى غالبية أبناء المنطقة
تأتي هذه الدعوات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية والنداءات الأممية لوقف الحصار المفروض على غزة والذي تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة حيث تشير تقارير ميدانية إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع إلى مستويات خطيرة وسط صمت دولي وتراخٍ من قبل الأطراف المؤثرة في المشهد الإقليمي
ويؤكد مراقبون أن تصاعد الغضب الشعبي داخل مصر وخاصة في المناطق الحدودية قد يعيد القضية إلى صدارة الاهتمام الشعبي ويضع ضغوطًا جديدة على صناع القرار في القاهرة لإعادة النظر في طريقة التعاطي مع ملف المعابر والسياسات المتبعة تجاه غزة
وتبقى الأنظار موجهة نحو ما ستسفر عنه هذه التحركات الشعبية والقبلية في سيناء خلال الأيام المقبلة وهل ستشكل منعطفًا جديدًا في مسار الدعم الشعبي العربي لغزة أم ستظل ضمن إطار ردود الفعل الرمزية التي لم تنجح حتى الآن في كسر الحصار أو تخفيف معاناة السكان المحاصرين
*العلاقات الأمنية بين مصر والاحتلال الصهيوني ودور سيناء المزدوج
اعتبرت الكاتبة المصرية داليا زيادة أن شبه جزيرة سيناء تشكّل نقطة ضعف مزمنة في الأمن القومي المصري، كونها منطقة تقع على تخوم الفوضى الإقليمية والاضطراب الداخلي.
في نظر المصريين، سواء في الحكومة أو بين العامة، لا تُعدّ سيناء مجرد رقعة جغرافية، بل مصدر قلق استراتيجي دائم، خصوصًا في ظل تداعيات الحرب المستمرة في غزة.
أوضحت الكاتبة في مقال نشره موقع جيروزاليم بوست أن المخاوف المصرية لا تنبع من الحرب نفسها، بل من آثارها الجانبية:
- احتمال تدفق اللاجئين من غزة
- تصاعد التطرف بين المتعاطفين مع حماس
- اضطراب الترتيبات الأمنية الهشة في سيناء
- تهديد قناة السويس، أحد أهم مصادر العملة الصعبة.
سيناء في سياق أزمة غزة
تشعر قطاعات واسعة من المصريين بمزيج معقّد من العاطفة والرفض تجاه الفلسطينيين، بفعل عقود من الخطاب القومي العربي والتقارب الديني، مما عزز إحساسًا ثقافيًا وسياسيًا بالارتباط مع غزة.
ومع ذلك، يرفض كثيرون فتح الحدود أمام اللاجئين الفلسطينيين، خشية من تصدير الأزمة إلى الداخل.
تنبع هذه المفارقة، حسب الكاتبة، من ازدواج نفسي لا من نفاق سياسي.
غالبًا ما يرى المصريون أن الديكتاتور الراحل أنور السادات أحسن صنعا بتخليه عن غزة في اتفاقية السلام عام 1979، تجنبًا لتحويل القضية الفلسطينية إلى عبء داخلي.
يعزز هذا الموقف الخوف من تكرار تجارب سابقة في الأردن ولبنان، حيث تسببت موجات لجوء فلسطيني في أزمات أمنية طويلة الأمد.
ترى المؤسسات الأمنية المصرية غزة كمصدر تهديد مباشر.
ومنذ سيطرة حماس على القطاع عام 2006، وارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، صنفت القاهرة غزة كمنطقة حاضنة للتطرف وتهريب الأسلحة والعناصر الإرهابية.
بين عامي 2013 و2015، تعاونت مصر مع إسرائيل في مواجهة خلايا إرهابية زرعتها حماس والجهاد الإسلامي في سيناء.
التعزيز العسكري المصري في سيناء
بدأ الجيش المصري في تعزيز وجوده بسيناء منذ عام 2014، بهدف فرض الاستقرار وإعادة دمج المنطقة في الجسد الوطني.
في عام 2018، أعلن رئيس أركان القوات المسلحة نشر 88 كتيبة تضم أكثر من 42 ألف جندي.
وفي 2024، نقلت مصر وحدات إضافية من الجيشين الثاني والثالث الميداني إلى المنطقة.
التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل
رغم التوتر السياسي الظاهري، يحافظ البلدان على تعاون وثيق في ملفات الأمن الحدودي ومكافحة الإرهاب، خاصة في سيناء.
تتيح الشراكة الاستخباراتية والآليات المشتركة لمراقبة الحدود قدرًا من الاستقرار يصعب الاستغناء عنه.
لكن منذ هجمات السابع من أكتوبر، أثارت بعض السياسات المصرية، بما في ذلك ما يُعتبر تعاطفًا مع حماس أو حشدًا عسكريًا مفاجئًا، قلقًا في تل أبيب وواشنطن.
وتزداد المخاوف الأمريكية من توسع التعاون العسكري بين مصر والصين، لما يمثله من تحدٍ للنفوذ الأمريكي في المنطقة.
مع ذلك، لا ترى الكاتبة أي مصلحة لأي من الطرفين في مواجهة مباشرة.
تعتمد العقيدة العسكرية المصرية على الدفاع فقط، ولم تبادر يومًا بشن حرب على إسرائيل، ولا تنوي فعل ذلك الآن.
كما لا تملك إسرائيل دافعًا لفتح جبهة جديدة قد تضر بجهودها لتطبيع العلاقات مع دول الخليج.
*ماذا بقي من 23 يوليو 1952؟ وماذا خسرت مصر بعد أن حكمها العسكر؟
في 23 يوليو 1952، قاد تنظيم “الضباط الأحرار” بقيادة جمال عبد الناصر انقلابًا عسكريًا أطاح بالملك فاروق وأنهى النظام الملكي، مُعلنًا قيام الجمهورية، وقد رُوّج لهذا الحدث على أنه “ثورة” شعبية، رغم أنه كان تحركًا عسكريًا خالصًا، وشهدت السنوات التالية مجموعة من التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تركت بصماتها العميقة على بنية الدولة والمجتمع.
إصلاح زراعي ومجانية التعليم..
من أبرز إنجازات انقلاب يوليو كانت قوانين الإصلاح الزراعي التي بدأت في سبتمبر 1952، حيث تم تحديد الحد الأقصى لملكية الأراضي بـ200 فدان ثم خُفض لاحقًا، مما أدى إلى توزيع قرابة 2 مليون فدان على الفلاحين خلال عقدين. كذلك، شُرع في تطبيق مجانية التعليم في المدارس والجامعات، وهو ما أتاح لفئات واسعة من الشعب فرصة الوصول إلى التعليم، وساهم في نشوء طبقة متعلمة من خلفيات فقيرة ومتوسطة.
لكن بالرغم من هذه الخطوات، حذّر اقتصاديون من أن هذه السياسات لم تترافق مع تطوير كافٍ في البنية التحتية أو الإدارة التعليمية، مما تسبب في تدهور نوعية التعليم على المدى البعيد، كما لم تحقق الزراعة الاستدامة الإنتاجية اللازمة.
تأميم قناة السويس
في 26 يوليو 1956، أعلن عبد الناصر تأميم قناة السويس، مما اعتُبر ضربة للاستعمار البريطاني والفرنسي، ورغم العدوان الثلاثي، نجحت مصر في الحفاظ على القناة، واعتُبر ذلك انتصارًا قوميًا.
وفي سياق التصنيع، أُنشئت عشرات المصانع الكبرى مثل الحديد والصلب بحلوان، ومصنع الألومنيوم في نجع حمادي، وبُنيت السد العالي بدعم سوفيتي (1960–1971)، ووفرت الطاقة الكهرومائية ومياه الري، لكن بالمقابل ألحقت أضرارًا بيئية كبيرة على المدى الطويل.
وقد وصل الإنفاق على القطاع العام إلى أكثر من60 % من الناتج المحلي الإجمالي في الستينيات، لكن غياب المنافسة وضعف الكفاءة أدّيا إلى ترهُّل اقتصادي.
القمع السياسي..
أحد أكبر الخسائر التي لحقت بمصر بعد انقلاب 1952 كان القضاء على الحياة الحزبية والديمقراطية، فبعد حظر الأحزاب في يناير 1953، أُنشئت أنظمة استبدادية تتوارث القمع، بدءًا من عبد الناصر، مرورًا بالسادات، ووصولًا إلى مبارك ثم السيسي.
وقد أصبحت الانتخابات شكلية، والبرلمانات مُطوّعة، والأجهزة الأمنية أداة للسيطرة.، وأكد تقرير صادر عن “هيومن رايتس ووتش” عام 2022 أن أكثر من 60 ألف معتقل سياسي يقبعون في السجون المصرية، كثير منهم بلا محاكمة عادلة.
أرقام وحقائق بعد سبعة عقود
- من 1952 حتى 2025، شهدت مصر 4 رؤساء حكموا من صفوف العسكر: محمد نجيب، جمال عبد الناصر، أنور السادات، حسني مبارك، وعبد الفتاح السيسي.
- بلغ حجم الديون الخارجية لمصر قرابة 165 مليار دولار حتى منتصف 2025؛ قفزت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي بصورة غير مسبوقة.
- حوالي 60% من إجمالي الاقتصاد الرسمي يخضع بصورة مباشرة أو غير مباشرة لسيطرة مؤسسات عسكرية أو حكومية، مع تزاحم رسمي للقطاع الخاص.
- معدل التضخم وصل إلى 35% سنوياً في بعض السنوات الأخيرة، مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية وتراجع نصيب الفرد من الدخل الحقيقي.
من الاستقلال إلى التبعية الاقتصادية
على الرغم من أن مشروع يوليو رفع شعار الاستقلال الاقتصادي، فإن السياسات اللاحقة كرّست التبعية للخارج، فبعد نكسة 1967، زادت المديونية واعتمدت مصر على المعونات الخليجية والسوفيتية، ثم انفتحت اقتصاديًا في عهد السادات على المعسكر الغربي.
وفي عهد مبارك، ترسخت سياسة الخصخصة، ما أدى إلى بيع القطاع العام بثمن بخس، وبعد 2013، ارتفع الدين الخارجي ليبلغ 168 مليار دولار بنهاية 2024، وفقًا لتقرير البنك المركزي، مع تصاعد فوائد الدين التي تستهلك أكثر من60 % من الإيرادات العامة.
السيسي: استكمال السيطرة العسكرية على الاقتصاد
منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم بانقلاب عسكري في يوليو 2013، توسعت سيطرة الجيش على الاقتصاد بشكل غير مسبوق.
وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن نسبة الشركات العسكرية في السوق تتجاوز 30% من مجمل الاقتصاد الرسمي، وتم منح الجيش امتيازات استثمارية وإعفاءات ضريبية شاملة، وسط تراجع القطاع الخاص بنسبة أكثر من 40% منذ 2016.
وقد وصف الخبير الاقتصادي فخري الفقي في لقاء تلفزيوني عام 2021 هذا الوضع قائلًا: “الاقتصاد المصري يعاني من انغلاق بسبب انحسار المنافسة، وسيطرة جهة واحدة على مفاصل السوق“.
من الريادة العربية إلى العزلة الإقليمية
كانت مصر قائدة للعالم العربي خلال الخمسينيات والستينيات، لكنها فقدت كثيرًا من وزنها الإقليمي بعد النكسة وانكفائها على أزماتها، ورغم معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، لم تستعد مصر دورها الفاعل، بل باتت تدور في فلك السياسات الإقليمية لدول الخليج والولايات المتحدة.
وأكد وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي عام 2020 أن “مصر لم تعد رقمًا صعبًا في المعادلة الإقليمية، بسبب أولويات أمنية داخلية على حساب المصالح الاستراتيجية الخارجية“.
ماذا بقي من يوليو؟ أسطورة معلقة فوق ركام
اليوم، وبعد مرور أكثر من 70 عامًا على انقلاب يوليو، يبقى بعض الإرث الاجتماعي مثل مجانية التعليم، وشبكة الطرق التي أسسها عبد الناصر، وأصول صناعية بعضها ما يزال قائمًا.
لكن أغلب هذه “الإنجازات” تآكلت بفعل سوء الإدارة والفساد، والانغلاق السياسي الذي تسبب في كبح الإبداع والانفتاح والتقدم المؤسسي.
ويختصر المفكر جلال أمين في كتابه “ماذا حدث للمصريين؟” الخلاصة بقوله: “لقد نقلنا انقلاب يوليو من عهد استبداد ملكي محدود، إلى استبداد جمهوري مطلق“.
ديمقراطية غائبة
لم تكن خسائر حكم العسكر في مصر مقتصرة على الاقتصاد فحسب، بل شملت انحسار الحريات، وتراجع التعليم، وتهميش القضاء، وتحول مؤسسات الدولة إلى كيانات مطيعة بلا رقابة حقيقية.
ومع ازدياد الدين العام، وتدهور قيمة الجنيه، وتصاعد معدلات الفقر (تجاوزت 32.5% وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة عام 2020)، تبقى الحاجة ملحة إلى مراجعة جذرية لما خلفه انقلاب 1952، وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية، لا عسكرية
*مع عجز العسكر عن سداد الأقساط والفوائد دوامة الديون تهدد بابتلاع مصر والمصريين
مع تقاقم أزمة الديون الخارجية والتى وصلت إلى 160 مليار دولار وفق بيانات البنك المركزى المصرى والمطالبات المستمرة من الدول الدائنة والمؤسسات الدولية لدولة العسكر بسداد أقساط وفوائد هذه الديون والتى تقارب وحدها خلال العام المالى الحالى نحو 30 مليار دولار وضغوط صندوق النقد والبنك الدولى لبيع أصول وثروات المصريين.. تلجأ حكومة الانقلاب إلى بيع أراضى بمساحات كبيرة أو شركات ومصانع وبنوك أو الحصول على قروض جديدة واصدار صكوك وأذون خزانة من أجل الحصول على مبالغ لسداد أقساط الديون وهكذا تقوم بعملية تدوير الديون وزيادتها وتورط البلاد فى مستنقع ليس له نهاية .
دوامة الديون
حول أزمة الديون وبيع ثروات المصريين أعرب مدحت الزاهد،رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن رفضه التام لـ”خصخصة الموارد السيادية” كحل لأزمة الديون، محذرًا من التداعيات الاقتصادية والسياسية الخطيرة لهذا التوجه.
وقال الزاهد في تصريحات صحفية : نحن بشكل عام ضد خصخصة الموارد السيادية ، وضد حل أزمة الديون عبر بيع الأصول العامة. محذرا من أن هذا النمط يورّط دولة العسكر في فخ ديون لا تقابلها قدرات إنتاجية حقيقية تمكّن من سدادها، مما يؤدي إلى دوامة من الديون الجديدة لسداد القديمة، وفي النهاية نخسر مصادر قومية استراتيجية.
وأضاف : الصكوك السيادية، وإن اختلفت في الشكل، هي في جوهرها سندات دين. وإذا عجزت دولة العسكر عن السداد، تصبح هذه الصكوك أداة للاستيلاء على الأراضي أو الشركات المرهونة. معتبرا أن ذلك ليس فقط أزمة مالية، بل تهديد مباشر للسيادة على الموارد الوطنية.
واعرب الزاهد عن اسفه لأن الديون لم تُستخدم لتطوير القدرات الإنتاجية للاقتصاد، بل وُجهت إلى مشروعات بلا عائد إنتاجي حقيقي مثل المونوريل وإنشاء الكباري، ما يزيد من تعقيد الأزمة دون حلول مستدامة، ويهدد بتحول دولة العسكر إلى كيان يفقد السيطرة على موارده وإرادته السياسية تحت وطأة الدين.
عاجزة عن السداد
وأكد الخبير الاقتصادي زهدي الشامي أن دولة العسكر تسلك طريقًا واضحًا في الاعتماد المتزايد على بيع الأصول كحل مؤقت لأزمة الديون المتفاقمة.
وقال الشامي في تصريحات صحفية : الأمر واضح ولا يحتاج الكثير من التفسير. دولة العسكر تسير في سكة الديون الكبيرة التي أصبحت عاجزة عن سدادها في أوقاتها المحددة، والحل الذي تلجأ إليه هو الاستغناء عن الأراضي المملوكة للدولة لصالح مستثمرين من دول الخليج، كما حدث في رأس الحكمة، وكما حدث مع المنطقة الاقتصادية الخاصة بقناة السويس.
وأوضح أن دولة العسكر تتحرك في هذا الاتجاه تحت مسميات مختلفة، سواء بيع أو حق انتفاع، لكن النتيجة واحدة، أراضي مصر تُخصص لصالح شركاء أجانب، ولن يجدي هذا نفعًا ما دامت السياسات الاقتصادية الخاطئة مستمرة، دون معالجة حقيقية للأزمات أو مراجعة للنهج القائم.
وأشار الشامي إلى أن دولة العسكر تربط مباشرة بين بيع الأرض وسداد الديون، لأنها مديونة وأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، مؤكدا أن هذه السياسات تفتح الباب لتساؤلات خطيرة حول تهديد الأمن القومي، خصوصًا أن الأراضي المستهدفة بالتخصيص غالبًا ما تكون في مناطق استراتيجية، وتذهب لمستثمرين من دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، التي أصبحت منافسًا اقتصاديًا لمصر .
وشدد على أن وجود مستثمرين أجانب في الموانئ على سبيل المثال يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي، لا سيما في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة والحروب الدائرة .
إيرادات ومصروفات
في المقابل قال الباحث الاقتصادي محمد رمضان أن لجوء دولة العسكر لبيع مساحات كبيرة من الأراضى من المرجح أن يكون الهدف الأساسي منه هو التمهيد لإصدار صكوك سيادية مؤكدا أن هذه الصكوك تمثل في النهاية التزامات على دولة العسكر، وبالتالي من غير المفهوم حتى الآن كيف يمكن أن تسهم في خفض الدين العام في الوقت الذي تُستخدم فيه كوسيلة استدانة.
وتساءل رمضان في تصريحات صحفية: هل سيتم إصدار الصكوك على أساس حق الانتفاع بالأصل، أم على أساس بيع الأصل نفسه؟ مؤكدا أن هذا أمر لا يمكن الجزم به حاليًا، وسيتضح أكثر مع بدء عمليات التصكيك الفعلية.
وتوقع أن يكون الهدف من هذه الخطوة هو جذب مستثمرين خليجيين مهتمين بالاستثمار في أدوات الدين المصرية، لكنهم يفضلون أدوات شرعية متوافقة مع الشريعة، مثل الصكوك الإسلامية، بدلًا من السندات التقليدية.
وأكد رمضان أنه لا يمكن الجزم بأن هذا يمثل بيعًا للأرض، خاصة وأن التصكيك في مصر غالبًا ما يتم عبر حق الانتفاع وليس بيع الأصل نفسه. لكن المثير للاستغراب أن القرار المنشور في الجريدة الرسمية حول بيع أراض فى البحر الأحمر لم يتضمن أي تفاصيل عن موقع الأرض، أو طبيعة المشروع المزمع إقامته عليها، سواء كان سياحيًا أو خدميًا.
وأوضح أن تنويع أدوات الاستدانة قد تبدو فكرة سليمة نظريًا، لكننا بحاجة إلى التفكير ضمن السياق المالي الفعلي الحالي. مشيرا إلى أن دولة العسكر تعاني من أعباء ديون مرتفعة، ومن ضيق كبير في الحيّز المالي، وهو ما يحدّ من قدرتها على الإنفاق والاستثمار دون اللجوء للاستدانة المتكررة، أو الاعتماد على الأموال الساخنة.
وأشار رمضان إلى أن التحول إلى أدوات مثل الصكوك الإسلامية قد يخفف حدة الأزمة مؤقتًا، لكنه لا يعالج جوهر المشكلة المتعلقة بعدم التوازن بين الإيرادات والمصروفات الدولارية، خاصة في ظل تراجع إيرادات قناة السويس وتأثيرات أخرى على مصادر العملة الصعبة.
* مشاريع السيسي تتعثر وتكشف أزمات أعمق
كشف الكاتب محمود حسن أن وعود رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشأن “الجمهورية الجديدة” لم تجد طريقها إلى الواقع، بعدما تعثّرت مشروعاته الكبرى أو توقفت كليًا، تاركة وراءها ديونًا محلية وخارجية تثقل كاهل الدولة المصرية.
أورد موقع ميدل إيست مونيتور، أن شعار “الجمهورية الجديدة” لا ينقطع ظهوره على القنوات الرسمية والخاصة، لكن المواطن المصري لا يلمس له أثرًا في حياته اليومية، وسط تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية، رغم مضي أكثر من ست سنوات على إطلاق المبادرات الكبرى.
تدهور البنية التحتية
يعاني سكان القرى المستهدفة بمبادرة “حياة كريمة” من صعوبات شديدة في الحصول على خدمات صحية أو إدارية أو مالية. يقطع كثير منهم عشرات الكيلومترات للوصول إلى مستشفى أو ماكينة صرف آلي، وتُسجّل حالات وفاة نتيجة إهمال صيانة فتحات الصرف الصحي، مثل الشاب أحمد رمضان الذي لقي مصرعه بعد اصطدامه بفتحة مكشوفة أثناء قيادة دراجته في محافظة المنوفية.
رغم أن المبادرة تهدف إلى تنفيذ 23 ألف مشروع في 1477 قرية بميزانية بلغت 350 مليار جنيه، إلا أن مصادر محلية أكدت تعطل تنفيذ عدد كبير من هذه المشاريع بسبب ضعف التمويل، وتأخر صرف مستحقات المقاولين، وتعقيدات إدارية عطلت الإنجاز. وتناقضت التصريحات الرسمية حول نسبة الإنجاز، بين تأكيد إتمام 16 ألف مشروع، وتقليل حجم التأخير إلى 1.5% فقط، بينما لم تُستكمل المرحلة الأولى حتى منتصف 2025 رغم إطلاقها عام 2019.
مدن فارغة
واجهت مشروعات المدن الجديدة المصير ذاته. العاصمة الإدارية الجديدة، التي أُعلن عنها في 2015 بتكلفة 58 مليار دولار لاستيعاب 6 ملايين نسمة، لم تجذب سوى 1200 أسرة، رغم انتقال 48 ألف موظف حكومي إليها يوميًا فقط. أما مدينة العلمين الجديدة، فاستقطبت 10 آلاف نسمة فقط، رغم تخصيص 3 مليارات دولار لها، وخطط استيعابها 3 ملايين مواطن.
يرى الباحث في السياسات العمرانية يحيى شوكت أن هذه المدن فشلت في جذب السكان بسبب بعدها عن مراكز العمل والتعليم، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب الخدمات والمواصلات. وأكد تقرير للمرصد الحضري المستقل أن إجمالي سكان المدن الجديدة لم يتجاوز 1.7 مليون نسمة حتى أوائل 2024.
تأجيلات متكررة
تعطّلت مشاريع أخرى نتيجة أزمة الديون التي تجاوزت 155 مليار دولار بنهاية 2024. وتسعى الحكومة لاقتراض مليار دولار من بنوك صينية لإنهاء المدينة الطبية في العاصمة الإدارية. كما تفاوض شركات صينية للحصول على قرض بـ440 مليون دولار لإنهاء المرحلة الرابعة من مشروع القطار الكهربائي.
تأجل كذلك إطلاق أول مفاعل في مشروع الضبعة النووي إلى 2030 بدلًا من 2027، نتيجة العقوبات الغربية على روسيا، الشريك التقني للمشروع. ولم يُحدّد موعد افتتاح المتحف المصري الكبير رغم مرور سنوات على إعلانه، ما يعكس إخفاق الدولة في تنفيذ وعودها الكبرى.
فشلت أيضًا مشاريع مثل برنامج استبدال الأبقار المحلية بسلالات أوروبية، الذي انهار بسبب عدم تحمّل الأبقار المستوردة لحرارة الجو المصري، وفق تحقيق أجرته صحيفة العربي الجديد. وسجّل عام 2024 نحو 47 ألف حريق، أبرزها احتراق سنترال رمسيس في قلب القاهرة، ما عطّل الإنترنت والمعاملات البنكية، وأجّج انتقادات لافتقار البنية التحتية لأبسط معايير الأمان.
تجاهل دراسات الجدوى
في مقال بعنوان “كيف حاصر السيسي نفسه في قفص الفشل”، كتب الباحث في هيومن رايتس ووتش عمرو مجدي أن الرئيس المصري أطلق وعودًا بالتنمية لم تتحقق، بل زادت معدلات الفقر، بينما خُصصت المشاريع لخدمة صورته الشخصية أكثر من خدمة المواطنين.
أكّد الباحث الاقتصادي إبراهيم المصري أن تجاهل دراسات الجدوى شكّل سمة ثابتة في مشاريع النظام على مدار عقد كامل. وأشار إلى قرار بيع 12 طائرة من طراز “إيرباص A220-300″ كانت مصر للطيران قد اشترتها مقابل 1.2 مليار دولار، ليتبين لاحقًا عدم ملاءمتها للمناخ المصري.
استند المصري إلى تصريحات للرئيس نفسه خلال منتدى أفريقيا 2018 حين قال: “لو كنا اعتمدنا على دراسات الجدوى، لما حققنا إلا 20 أو 25% مما أنجزناه“. وكرّر الفكرة ذاتها في منتدى الصناعة عام 2022 قائلاً: “بعض المشاريع لا تحتاج إلى دراسة، ولا وقت لدينا لإضاعته في دراسات“.
تُظهر هذه التصريحات والمشاريع المتعثرة ملامح أزمة أعمق من التعثر المالي، وتطرح تساؤلات حول رؤية الحكم وجدوى ما يُروّج له تحت شعار الجمهورية الجديدة.
*تنازلات قسرية تحت غطاء التصالح والسيسي يقاسم المصريين أراضيهم مقابل توفيق الأوضاع
أقدمت حكومة عبدالفتاح السيسي، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على اتخاذ قرار مثير للجدل يقضي بحصر غرامات التصالح في الأراضي الزراعية المحوّلة إلى أراضٍ سكنية في “مقابل عيني”، أي التنازل عن نسبة من الأرض لصالح الدولة، بدلًا من الغرامات أو المدفوعات النقدية المعتادة، في خطوة وصفت بأنها “تنازل قسري مغلف بإجراءات رسمية”.
القرار الذي صدر مؤخرًا، يُلزم المالكين الذين يمتلكون أراضٍ زراعية تتجاوز مساحتها 5 أفدنة، ويرغبون في توفيق أوضاعها وتحويل نشاطها إلى عمراني (سكني)، أن يتنازلوا عن الجزء الأكثر تميزًا من الأرض لصالح الدولة، حسب معايير صارمة حددتها الهيئة.
نسب التنازل “الإجباري” لصالح الدولة
وفقًا للوثيقة الرسمية، فإن نسب التنازل المطلوبة جاءت على النحو التالي:
- 75% من مساحة الأرض إذا كانت 5 أفدنة.
- 65% من الأرض التي تزيد عن 5 أفدنة حتى 20 فدانًا.
- 50% من الأراضي التي تتجاوز مساحتها 20 فدانًا.
وتُطبَّق هذه النسب دون مراعاة لأسعار السوق أو القيمة الاستثمارية الحقيقية لتلك الأراضي، شرط أن يكون الجزء المُتنازل عنه هو الأكثر تميزًا في الموقع والمساحة والخدمات، ما يثير الكثير من الجدل حول عدالة القرار.
وبرّرت الهيئة القرار بأنه جاء نتيجة “الارتفاع المتزايد في تكلفة تنفيذ شبكات المرافق والبنية التحتية”، وهو ما يعتبره مراقبون تحميلًا للأعباء الاقتصادية على المواطن والمستثمر، دون تقديم بدائل عادلة أو مرنة.
غرب القاهرة في صدارة التنازلات
تُعد مناطق غرب القاهرة، وعلى رأسها سفنكس الجديدة، و6 أكتوبر، وتوسعات زايد الجديدة، من أبرز المناطق التي يُتوقع أن تتأثر بهذه القرارات، حيث تتركز فيها النسبة الأكبر من الطلبات الخاصة بتحويل الأراضي من زراعية إلى عمرانية.
ويحذر مراقبون من أن هذه الإجراءات قد تُضعف مناخ الاستثمار في القطاع العقاري وتفتح الباب أمام المزيد من النزاعات القانونية، خاصة في ظل غياب آليات طعن شفافة أو تعويضات عادلة للمتضررين.
رسوم عقارية جديدة على مشروعات الساحل الشمالي
لم تتوقف الإجراءات المثيرة للجدل عند قرارات الأراضي الزراعية، بل امتدت إلى فرض رسوم جديدة على مشروعات الشراكة السياحية في الساحل الشمالي، وهو أحد أبرز وأغلى المناطق الاستثمارية في البلاد.
وحددت الهيئة رسومًا على المتر المربع كالتالي:
- 1000 جنيه للمتر للأراضي ذات الواجهة الشاطئية.
- 750 جنيهًا للمتر للأراضي شمال الطريق الساحلي.
- 500 جنيه للمتر جنوب الطريق.
وأعلنت الهيئة أنها ستقوم بتعديل جميع العقود المستقبلية لتلك المشروعات لتشمل إلزام المطورين بسداد 10% من قيمة الأرض في حال تنفيذ المشروع أو الإعلان عنه من خلال مطورين آخرين بخلاف المتعاقد الأصلي.
قائمة سوداء تضم 47 شركة كبرى
بموجب القرار، تم إيقاف التعامل مع 47 شركة وجهة استثمارية لحين سداد الرسوم الجديدة وتوفيق أوضاعها، من بينها أسماء كبيرة في السوق العقاري المصري مثل:
- بالم هيلز
- سوديك
- تطوير مصر
- الأهلي صبور
- الراجحي
- إعمار مصر
- ماونتن فيو
- المراسم
- لافيستا
وتشمل العقوبات قطع الخدمات الحكومية (الكهرباء، المياه، قرارات التقسيم) عن تلك الشركات، حتى تتم تسوية المطالبات المالية، مما يعكس توترًا واضحًا في العلاقة بين الحكومة والمطورين العقاريين.
وسط أزمة اقتصادية خانقة… المواطن يدفع الثمن
تأتي هذه الإجراءات وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها مصر، مع تضخم متسارع، وتراجع في القدرة الشرائية، وشح في الموارد الأجنبية، ما يجعل من هذه القرارات عبئًا جديدًا يُلقى على كاهل المواطن والمستثمر المحلي.
ويرى خبراء أن القرارات الحكومية الأخيرة قد تؤدي إلى ركود إضافي في السوق العقارية، خصوصًا مع اعتماد آلية “التنازل العيني” الإجباري بدلًا من نظم التصالح التقليدية، معتبرين أن ما يجري هو محاولة لتغطية عجز الدولة المالي من خلال الاستيلاء غير المباشر على أملاك المواطنين.
*نتائج الثانوية العامة بوابة العبور الإجباري لـ “بزنس الجامعات الأهلية” تحت إشراف وزير مزور
تعكس الأرقام الرسمية التي اعتمدها وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب محمد عبد اللطيف، ملامح خطة أوسع من مجرد إعلان نسب النجاح. فارتفاع نسب النجاح الملحوظة في شعبة علمي علوم – التي بلغت 79.6% – لا يمكن فصله عن سياسة الدولة الرامية لتحويل خريجي الثانوية العامة إلى “زبائن مضمونين” للجامعات الأهلية والخاصة التي يهيمن عليها بزنس العسكر، حيث تصل المصروفات إلى أرقام فلكية مقارنة بالجامعات الحكومية شبه المجانية.
تفصيلاً، تقدم لامتحانات الدور الأول لشعبة علمي علوم 451,453 طالبا وطالبة، حضر منهم 417,260، ونجح 332,183 منهم. هذا الكم الهائل من الناجحين سيرفع حتماً سقف المنافسة على مقاعد كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والعلاج الطبيعي، ليجد أصحاب المجموع الأقل أنفسهم مجبرين على التوجه نحو الجامعات الأهلية أو الخاصة ذات الرسوم الباهظة.
النتائج تكشف عن نمط واضح: النظام الجديد للثانوية العامة الذي “سلقه” الوزير الحالي بسرعة لافتة وخفّض المجموع الكلي من 410 إلى 320، أدى إلى تضخيم القيمة النسبية للفروق بين المجاميع، ما عزز شعور الطلاب وأولياء أمورهم بأن أي درجة ضائعة قد تقذف بأبنائهم خارج كليات القمة الحكومية إلى أحضان الجامعات الاستثمارية.
مؤامرة ضد طلاب الأدبي
الأمر لم يتوقف عند شعبة علمي علوم. ففي الشعبة الأدبية، جاءت النسب كارثية مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس إصرار الوزير على تدمير فرص الطلاب الأدبيين. إدخال مادة الرياضيات كمادة أساسية عليها 60 درجة كاملة، رغم أن أغلب طلاب الأدبي اختاروا هذه الشعبة هرباً من المواد العلمية، أدى إلى تراجع نسب النجاح. كما جرى إلغاء تأثير مواد أدبية مثل الفلسفة والمنطق واللغة الفرنسية على المجموع الكلي، رغم امتحان الطلاب فيها، مما جعل مجهودهم فيها بلا جدوى.
كل هذا يكشف عن خطة متعمدة لإزاحة أعداد كبيرة من طلاب الأدبي عن كليات القمة الإنسانية، وتحويلهم لاحقاً إلى زبائن للجامعات الأهلية والخاصة، خاصة في كليات مثل الإعلام واللغات التي أصبحت متاحة فقط لمن يدفع.
وزير “مزور” على خطى السيسي
الوزير محمد عبد اللطيف، المتهم بتزوير شهادة الدكتوراه بل وتثار شكوك حول حصوله أصلاً على مؤهل جامعي، يعيد إنتاج نهج النظام الحالي في إدارة التعليم كـ “بيزنس” وليس خدمة عامة. قراراته العشوائية، مثل تعديل نظام الثانوية العامة بعد بداية العام الدراسي، تكشف عن عقلية تهدف لإشغال أولياء الأمور والطلاب بمعارك فردية، بعيداً عن مواجهة سياسات التعليم المخصخص التي تسحق الفقراء ومتوسطي الدخل.
النتيجة الحتمية: استنزاف الأسر المصرية
مع هذا السيناريو، لن ينجو إلا القادرون مالياً. بينما الطلاب أصحاب المجموع الأقل – الذين كانوا يلتحقون سابقاً بكليات حكومية برسوم رمزية – سيكونون مجبرين على دفع مئات الآلاف من الجنيهات سنوياً في جامعات أهلية يديرها ضباط متقاعدون أو رجال أعمال مقربون من السلطة، في مشهد يعيد إنتاج نفس المنظومة الاقتصادية التي حولت الصحة والعلاج إلى تجارة.