شهر رمضان في النمسا

شهر رمضان في النمسا .. “ياميش” ودراما وموائد الرحمن

 

شهر رمضان في النمسا
شهر رمضان في النمسا

شهر رمضان في النمسا .. “ياميش” ودراما وموائد الرحمن

شبكة المرصد الإخبارية

يرتقب المسلمون في النمسا– كما في سائر بلاد المهاجر غير المسلمة- شهر رمضان الكريم للتزود بجرعة إيمانية تساعدهم على الحياة في بلاد الغربة، ويقبل المسلمون في النمسا على المساجد بكثافة؛ وذلك من أجل أداء الصلاة وبخاصة صلاة التراويح، والاستماع إلى الدروس الدينية، ويبلغ عدد المساجد في عموم النمسا أكثر من 50 مسجدًا، وتقدم المساجد البرامج الدينية المختلفة، فهناك مَن يعتمد على الدعاة المقيمين في البلاد، وهناك من يستقدم الدعاة من البلاد الأخرى مثل الدعاة الأزهريين من مصر، وتتعدد المراكز الإسلامية في النمسا، فهناك “المركز الإسلامي في فيينا” و”اتحاد الطلاب المسلمين”، كما أن هناك المراكز الإسلامية المختلفة التي أنشأتها الجالية التركية، ولا تقتصر خدمات المراكز الإسلامية في النمسا بصفة عامة على البرامج الدعوية بل تتعداها إلى تقديم الوجبات المجانية للإفطار في المساجد، وكذلك تقديم الذبائح المعدة على الطريقة الإسلامية.

وفي الاحتفال بعيد الفطر تتفق المراكز الإسلامية على أداء الصلاة في “المركز الإسلامي في فيينا”، وذلك فيما يمثل احتفاليةً يتجمع فيها أفراد الجالية الإسلامية عامةً ويعطون خلالها الأطفال فرصةَ الإحساس بالعيد وبهجته؛ تعويضًا لهم عن قضائه في بلاد الغربة بعيدًا عن التقاليد والعادات التي تتبعها المجتمعات الإسلامية المختلفة في أوطانها.

للنمسا مكانةٌ خاصة في تاريخ العلاقات بين المسلمين والغرب؛ حيث كانت أبواب النمسا مسرحًا لمواجهة عسكرية ما بين جيوش الدولة العثمانية بقيادة “كارا مصطفى باشا” في العام 1683م وبين الجيوش النمساوية، وهي المعركة التي شهدت تراجعًا لجيوش العثمانيين وأوقفت فتوحاتهم في أوروبا على منطقة البلقان، وعلى الرغم من هذا التاريخ الحربي إلا ان المسلمين في النمسا يعيشون حياةً طبيعيةً نسبيًّا، لكنهم بالتأكيد ينتظرون شهر رمضان من أجل تذكير أنفسهم بقيمهم الإسلامية وبالعادات التي تركوها في أوطانهم الأصلية.

النمسا في سطور
تعتبر النمسا واحدةً من دول وسط أوروبا، ويبلغ عدد سكانها 8 مليونًا و834 ألف نسمة، يعيشون على مساحة 83 ألف و850 كيلو مترًا مربعًا، ويبلغ تعداد المسلمين في المجتمع النمساوي حوالي 600 ألف، الأغلبية الساحقة منهم من المهاجرين حيث يصعب وجود مسلمين من النمساويين، وتعتبر المسيحية هي الديانة الرئيسة في البلاد، ومن أهم مدن هذه الدولة العاصمة “فيينا” وكذلك هناك مدينة “سالزبرج” والتي تعني في اللغة العربية “قلعة الملح” إلى جانب مدينتي جراتس” و”أنسبروك“.

الإسلام في النمسا


ملامح من تاريخ وواقع الإسلام في النمسا
دخل الإسلام إلى تلك الديار عن طريق الاحتكاك بالعثمانيين، سواء في أثناء المواجهات العسكرية معها، أو من خلال التجارة معهم، وفي هذه الأيام بدأت النمسا التعرف إلى الإسلام أكثر عن طريق المهاجرين الذي تركوا بلادهم الأصلية بحثًا عن مستوى اقتصادي واجتماعي أرقى، وتعتبر الجنسيات الرئيسة للمسلمين في النمسا من العرب والأتراك والإيرانيين، ويعيش المسلمون في النمسا تحت قوانين حقوق الإنسان التي تكفل حرية العبادة لأتباع جميع الديانات، وهذا هو الموقف .

تبدأ الاستعدادات في النمسا لشهر رمضان الكريم قبل استطلاع الهلال ببضعة أسابيع، ويبدو ذلك جلياً في الأسواق والمحلات العامة، حيث يشعر الزائر لها بقرب حلول الشهر المعظم من خلال المواد الغذائية والأكلات التي تميزه.

في سوق “ناش ماركت”، أقدم أسواق العاصمة فيينا يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر، تنتشر المحلات العربية والتركية والبوسنية.

في هذه المحلات يجد المسلم كل ما يحتاجه لرمضان، ففي المحلات الجزائرية يمكنه شراء اللحوم المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية حيث تسمع بها القوانين النمساوية.

المنتجات العربية والتركية تغزو الأسواق النمساوية بقوة، ولا يجد المسلم محلاً يخلو من الجبن والمخللات والزيتون بكافة أنواعه والفول والأغذية الأخرى المجمدة  والياميش (من بين ما يتضمنه التمر، وجوز الهند، وقمر الدين، والزبيب، والمكسرات) والكنافة والجلاش (الرقائق المحلاة) والبقلاوة والبسكويت.

وكلها منتجات تعكس تمسك المسلم بعاداته وتقاليده في المأكل والمشرب لاسيما في رمضان.

طارق لاشين، مصري الجنسية، يمتلك مع أشقائه محلات بقالة عربية في السوق، يقول لمراسل الأناضول إن شهر رمضان بالنسبة له يعني تحقيق مكاسب مادية جيدة مقارنة بأي فترة أخرى، نظراً للإقبال الكبير من المسلمين على منتجات الشهر الكريم التي يتم استيرادها من الشركات التركية والعربية.

إبراهيم شعبان، تاجر خضروات وفواكه ومواد غذائية، يقول إن السيدات المسلمات خاصة العرب والأتراك يقبلن على شراء احتياجات رمضان بكميات كبيرة ويقمن بتخزينها، مشيراً أن ذلك السلوك لا يحدث في الأيام العادية.

في المساجد المنتشرة في العاصمة فيينا والتي يزيد عددها عن المائتى مسجد يحرص القائمون عليها علي إقامة “موائد الرحمن” بشكل يومي ليستقبلوا المسلمين من جميع الجنسيات على مائدة واحدة تجمع بينهم في الإفطار الرمضاني.

و”موائد الرحمن”، اسم يطلق على مائدة إفطار تقام في أيام الصيام لدى المسلمين في شهر رمضان، ويعتقد البعض أنها خاصة بالفقراء والمساكين فقط، ولكن قد يستخدمها من لا يسعفه الطريق في الوصول إلى بيته بسبب العمل أو ما شابه.

الشيخ عبد العال عياد، مسؤول مسجد الفتح، وهو واحد من أكبر المساجد بفيينا والكائن بالمنطقة الخامسة عشر يقول إن أكثر من 250 صائما يجتمعون على مائدة الإفطار التي تقام بالمسجد طوال الشهر الكريم في إطار مشروع  صندوق إفطار صائم الذي يشارك فيه كل من يريد التقرب إلى الله تعالي بالمساهمة في تكلفته.

في مطبخ المسجد يقوم بعض الشباب بإعداد وتحضير الطعام للصائمين، ويشمل وجبة خضار ساخنة وطبق من الأرز.

ويضيف عياد، أن المسجد يحرص أيضاً على تقديم التمور ليفطر عليها الصائم قبل أداء صلاة المغرب عملاً بسنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

وفي مسجد المركز الإسلامي يكون عدد الصائمين المترددين يومياً على مائدة الإفطار أكبر بكثير نظراً لاتساع المكان وزيادة الإمكانيات.

ويقول الدكتور هاشم المحروقي مدير المركز، إن مائدة الإفطار تجمع المسلمين من مختلف الألوان والأعراق، وتؤكد عظمة الإسلام الذي لم يفرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وأعجمي، بل الجميع أخوة متحابون في الله تجمعهم فريضة إسلامية واحدة هي الصوم.

في الجمعيات والأندية الاجتماعية يحرص الأعضاء على إقامة موائد إفطار جماعية تجمع الأعضاء والأصدقاء وأسرهم في أجواء إجتماعية قلما تكون إلا في رمضان.

أحمد قاسم، مسؤول نادي الفراعنة بفيينا، يقول إن الغالب أن الأعضاء البالغ عددهم حوالي 250 عضواً يقيمون الموائد ويدعون بعضهم البعض وكذلك الاصدقاء.

ويضيف أن النادي يشهد طوال أيام الشهر الكريم موائد الإفطار التي يتردد عليها عدد كبير من الأعضاء، مما يتطلب أن تكون أبواب النادي مفتوحة باستمرار.

الصلوات في جماعة خاصة العشاء والتراويح من أهم ما يميز شهر رمضان في النمسا، بيد أن المشكلة هذا العام هو أن صلاة العشاء والتراويح تبدأ بعد الساعة الحادية عشر ليلاً مما يتعذر معه النوم مبكراً خاصة في أيام العمل العادية.

بدران فرواتي، موظف بالمكتبة الوطنية النمساوية ويبدأ عمله في الصباح، يقول إنه لن يستطيع انتظار صلاة الجماعة، بل سيقضي صلاة العشاء في بيته حتى يتمكن من النوم في وقت مناسب ويستيقظ لصلاة الفجر ثم يعاود النوم مرة أخرى قبل أن يستيقظ في الصباح لعمله.

أما في أيام الإجازات والعطلات، فسيؤدي الصلاة في جماعة بأحد المساجد القريبة.

وفي المساجد يكثر المسلمون من قراءة القرآن الكريم في الشهر المعظم.

هشام الجعفري (40 عاماً) يعمل في مجال النقل السياحي، يقول: أحرص دائماً على ختم قراءة القرآن الكريم أربع مرات على الأقل خلال شهر رمضان.

ويضيف أن “قراءة القرآن تسبب راحة  نفسية كبيرة في هذا الشهر، حيث يتخلص المرء من هموم العمل  ومشاغل الحياة”.

فريضة الصوم تثير دهشة وإعجاب النمساويين غير المسلمين، إذ كيف للإنسان أن يعيش أكثر من 15 ساعة من قبل الفجر وحتى الغروب بدون أن يتناول الماء.

فيرنير زيدجيك (49 عاما)، موظف بأحد البنوك النمساوية، يقول للأناضول: “إذا رأيت المسلم يقضي ساعات طويلة من الصيام في شهر رمضان وخاصة في أيام الصيف الحار دون أن يفكر في شرب الماء الذي يحتاجه الجسد ما بين 3-5 لترات يومياً يجعلني أؤمن تماماً بأن هناك قوة روحية في هذا الشهر الذي يعد مناسبة خاصة للمسلمين”.

الدراما العربية تحتل مكانة خاصة في اهتمامات العرب المقيمين بالنمسا حيث يتابعونها عبر شاشات الفضائيات المخلتفة التي تتسابق في عرض الأفلام والمسلسلات الاجتماعية.

صبحي باطا، صاحب أحد نوادي الفيديو التي تقوم بتسجيل الدراما على اسطوانات مدمجة، يقول إن هناك الكثير من لايمكنه متابعة الدراما على شاشات الفضائيات لعدم تمكنه من استقبال القنوات العربية، فيلجأ إلى النادي للحصول على هذه المسلسلات والأفلام، ويستمتع بمشاهدتها.

ويضيف أن هناك الكثيرين يطلبون دراما معينة مثل  الدراما المصرية او السورية ، مشيراً إلى أن هناك البعض يطلب مسلسلات بعينها.

يشار إلى أن عدد المسلمين في النمسا يبلغ حوالي 600 ألف من أصل حوالي 8.5 مليون تعداد سكان البلاد، بحسب إحصاء رسمي عام 2009.

عن Admin

اترك تعليقاً