الانتخابات الأمريكية وصِراعات الولاء “لإسرائيل”

الانتخابات الأمريكية وصِراعات الولاء “لإسرائيل”

رانية عبد الرحيم المدهون

مع اقتراب انتخابات رئاسية السادس من نوفمبر الأمريكية، للعام 2012؛ وشغف ساسة الولايات المتحدة على استرضاء “إسرائيل”؛ طمعًا في كسب تأييد كافي من اللوبي اليهودي، سواء لكسب أصوات ولايات حاسمة، لاسيما فلوريدا، وبنسلفانيا ؛ أو عن طريق الدعم المادي للمرشح الرئاسي.

نجد صانعي القرار الأمريكيين، وقد لجئوا إلى تقديم المزيد من الولاء الاستباقي لـ “إسرائيل”، واستطراد ذِكر مدى التزامهم بالحفاظ على أمن “إسرائيل”، وتكريس التحالف التاريخي، والوثيق، والثابت بها.

ففي الوقت الذي قدَّم فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، المرشح الديمقراطي، قانون يدعم أمن “إسرائيل”، بمنحها 70 مليون دولار إضافية لتمويل مشروع منظومة “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ؛ واستقبل العديد من الشخصيات “الإسرائيلية”؛ مثل ليون بانيتا، وزير الدفاع “الإسرائيلي”؛ نجد تصريحات لميت رومني، المرشح الجمهوري، التي تَخُص اعترافهُ بمدينة القدس، كعاصمة لـ “إسرائيل”، أمام مؤسَّسة القدس؛ إلى جانب اعتباره أن المشاكل الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، هي مجرَّد نِتاج “ثقافة” سائدة؛ وليس نتاج قيود احتلال، وإجلاء، وإحلال، وقمع؛ إلى اعتبار رومني أن “أمن (إسرائيل) مصلحة قومية مهمة للولايات المتحدة”؛ ومبادرته لـ “حشد الدول الغربية، واستخدام ثِقَلْ العالم، ونفوذ الولايات المتحدة؛ لضمان الالتزام من جانب مصر، تجاه معاهدة السلام مع (إسرائيل)”. وزاد رومني حين أيد موقف رئيس الوزراء “الإسرائيلي” ، بنيامين نتنياهو من ضرب إيران.

ويجب التنويه على أن الحزب الديمقراطي يشتهر تاريخيًا بأغلبية الأصوات اليهودية، ممن يوفرون 60% من ميزانيته ؛ إلى جانب سيطرة الكثيرين منهم ضمن كوادره. فلقد تغلغل اليهود في الحزب باعتباره حزبًا للمهاجرين ؛ إلى جانب ائتلافهم مع رؤيته الديمقراطية وتعامله مع الحقوق والأقليات، على العكس مع الحزب الجمهوري الذي لم يرحب بهم عندما جاءوا إلى أمريكا.

وعلى الرغم من أن اليهود يشكلّون 2% من السكان فقط، إلا أن دورهم هام؛ لانتشارهم الجغرافي بولايات متعددة القوميات مثل نيويورك وفلوريدا؛ مما يجعلهم أصحاب دور انتخابي حاسم فيها. إلى جانب تبرعات اليهود المالية السخية؛ ونفوذهم الإعلامي، مع ازدياد أهمية الصوت اليهودي حيث تتساوى فرص الفوز للمرشحين على حدٍ سواء.

كما أكَّد استطلاعًا جديدًا للرأي، أن 7% فقط من اليهود أمريكا ينتخبون وفقا لمصالح “إسرائيل”، بينما تنتخب البقية مرشح الحزب الديمقراطي عادة.

كما يرى البعض أن التأثير الانتخابي لليهود بالولايات المتحدة محدود جدًا، كون أغلبيتهم يوجدون بولايات غير مهمة، إلا في حالات نادرة يكون الفارق فيها بضع مئات من الأصوات كما حصل بين جورج بوش وبين آل غور عام 2000.

إلا أن اليهود بالولايات المتحدة يصنعون ضجة؛ ويخطُّون “عناوين كبيرة”؛ على الرغم من قِلَّة عددهم، كما أنهم يؤثرون على الانتخابات بطرق أخرى؛ لا سيما إغداق المال، والتبرعات السخية.

أيضًا ؛ فهناك أراء تؤكِّد أن تصريحات مرشحي الرئاسة الأمريكية، “للاستهلاك المحلي، والدعاية الانتخابية، فحسب، ولن تكون جزءًا من سياسة الرئيس الفائز؛ بناءً على أن السياسات الخارجية الأمريكية تجاه (إسرائيل) تقوم على ثوابت من الصعب تغييرها بتغيُّر المرشحين والرؤساء، مثل التزام رؤساء أمريكا بمبادئ السياسة الخارجية، التي لا تعترف باحتلال 1967”.

وكان من أهم المواقف التي قام بها أوباما في دعمه لـ”إسرائيل”، وصفه القدس بأنها عاصمتها؛ وكان ذلك خلال زيارة قام بها إلى القدس المحتلة عام 2008 ، حين كان مرشحًا للانتخابات الرئاسية لجولته الأولى.

ورغم تأييد رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتانياهو لرومني ، على هُدى تسريبات محلية كثيرة، إلا أن داني أيالون نائب وزير الخارجية “الإسرائيلية”، قد أكَّد على موقف تل أبيب الرسمي بأن “إسرائيل” لا تميز بين المرشحين للرئاسة الأمريكية ، وأن الموضوع الجامع الوحيد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي هو “دعم إسرائيل”.

وعن الآراء ، وردود الفعل ، لأداء المرشحين الرئاسيين الأمريكيين؛ فقد أكد البعض أن “محاولة تصوير الولايات المتحدة على أنها محايدة في نزاعات المنطقة ليست حقيقية، فأمريكا لا تتخذ جانب (إسرائيل) من قبيل العادة فحسب؛ بل لأن ذلك هو التصرف الصحيح بالنسبة لأمريكا”.

كما يرى البعض إن “الرؤساء الأميركيين غالبا ما يقولون في إطار حملاتهم الانتخابية أشياء لا يعنونها، أو يندمون عليها ويتراجعون عنها، ما إن يعتلوا سدة الحكم، مشيرة إلى أن الناخبين يحكمون على المرشح بأقواله فقط”.

ويؤكِّد البعض أنه “إذا أرادت الولايات المتحدة استعادة مكانتها كقوة عظمى، فينبغي عليها أن تتصرف على ذلك النحو. على أن الضعف الأمريكي لم يُقرِّب الأطراف الإقليمية نحو السلام”.

وعن استرضاء متنافسان على رئاسة أعظم دولة حاليا في العالم وراء لدولة صغيرة كـ”إسرائيل”؛ يرى بول شام الباحث المشارك في معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن “الأمر لا يتعلق بالفوز برضا أو قبول إسرائيل، بل هناك نوع من الأفكار السائدة لدى المجتمع؛ وهي أن لو كان أي طرف سياسي في الجناح اليميني ، فإن الكثير من اليهود سيصوتون لصالحه، وأن الأمريكان اليهود موجودون في مناطق مثل فلوريدا، التي فيها التصويت متأرجح، إذن الأمر لا يتعلق بإسرائيل، يتعلق بالتصويت والانتخابات في الولايات المتحدة، لكن معظم اليهود الأمريكان كانوا ومازالوا من الحزب الديمقراطي لمئة سنة؛ وبالتالي في السنوات الأربع الماضية حاول الجمهور أن يؤكِّد بأن ما حصل إلى الآن من محاولات غير ناجحة”.

وبأن الأمر انتخابي أضاف شام: “الأمر بالتأكيد انتخابي، ولكنه يتعدى ذلك إلى جوهر ما يسمى بالعلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، هذا التنافس يعكس أمرين: الأمر الأول هو وزن إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة وهذا يعيدنا إلى دورها في الشرق الأوسط، وإلى أنه مناط بها دور وظيفي في المخططات الكونية للولايات المتحدة وربما للامبريالية العالمية، الأمر الثاني الذي يعكسه هذا الأمر هو وزن وثقل اليهود الأميركيين أيضا في داخل المجتمع الأمريكي، وحاجة كل من المرشحين إلى رؤوس الأموال من الأثرياء اليهود الذين يعيشون في الولايات المتحدة، ومعروف أن الولايات المتحدة تشهد الآن أزمة اقتصادية يمكن اعتبارها أزمة غير مسبوقة مقارنة بما كان في الفترات السابقة، وخصوصا الرئيس أوباما، والرئيس أوباما يجري الحديث عن أنه يعاني أزمة جادة في تمويل حملته الانتخابية، ولذلك فإنه يريد أيضا أن يكسب ود هؤلاء الأثرياء لكي يدر عليه هذا الأمر ما ينقصه من أموال لدفع حملته الانتخابية قدما، لكن الأمر الأساسي هنا هو هذا الدفع باتجاه تعميق هذه العلاقات الخاصة وربطها أيضا بالتطورات الأخيرة، يعني كما قال أوباما نفسه أن هذا الأمر يرتبط بالتوتر المتفاقم الذي تشهده المنطقة والذي يؤكد أن حاجات إسرائيل الأمنية ربما تحتل الأولوية الأولى في سلم العلاقات بين الدولتين”.

وعن وجود خريطة أخرى أيضا انتخابية داخل الولايات المتحدة مثل أصحاب الأصول اللاتينية ، لديهم أيضا ثقل في التصويت ؛ يقول شام” :الأمر لا يدرك عادة بأن هذه الانتخابات أو الحملة الانتخابية الكبيرة ينفق فيها ملايين الدولارات بل مليارات، هذه الحملة تتعلق بالحصول على عدد محدود أو قليل من الأصوات؛ لأن معظم الأميركيين في هذا الوقت يعرفون مسبقا لمن سيصوتون، وأن الناخبين الأمريكيين متمحورين إلى حد كبير وراء أهداف محددة، ربما هناك فقط 5% من الناخبين لم يحددوا من سينتخبون، وبالتالي يجب أن يكون هناك تركيز على بعض الولايات المحددة، فهناك طبعا عدد كبير من المواطنين من أصول أسبان في فلوريدا يفوق عدد اليهود، ولكن من المسلم به مسبقًا أن معظم هؤلاء اللاتينيين في فلوريدا سينتخبون أوباما؛ عدا الكوبيين من أصول كوبية أو الأمريكان الكوبيين سينتخبون رومني، وهذا ينطبق على الكثير من الولايات الأخرى، ولذلك رغم أن اليهود يمثلون فقط 2% من سكان البلاد فأنهم قد يكونوا العنصر الحاسم في بعض الولايات الهامة المتأرجحة مثل فلوريدا، وكذلك فسيقدم الأغنياء اليهود أموالا لتمويل الحملة الانتخابية، ولكن بعض الناس القليلين، مثل شودن الينسون، الذي قال فعلا وصرح بأنه سيقدم 100 مليون دولار إلى رومني، إلا أن معظم اليهود سيصوتون لصالح أوباما، ليس هناك شك حقيقي حول ذلك”.

وأضاف شام: “إن غالبية اليهود لطالما انتخبوا وصوتوا منذ 1920 أو من عشرينيات القرن الماضي، صوتوا وانتخبوا المرشحين الليبراليين، أنه من الخرافة والأساطير القول أن اليهود معظمهم محافظين، كلا الأرقام والإحصاءات لا تدل على ذلك، واعتقد أن الرئيس الوحيد الذي حصل على نصف أصوات اليهود كان رونالد ريغان وكان ذلك لأسباب خاصة إلا أن اليهود بشكل عام غالبًا ما يكونوا ليبراليين وسيبقون هكذا”.

وعن الموقف التاريخي لليهود في التصويت الانتخابي؛ قال شام: ” ليس هناك أي شك إطلاقا بأن غالبية اليهود على الأرجح حوالي 60% منهم سينتخبون أوباما، كما ينبغي أن أقول لكم أيضا بأن هناك 60 مليون من المسيحيين الإنجيليين والكثيرون منهم يميلون إلى اليمين أكثر من اليهود وأن معظم هؤلاء يهتمون بإسرائيل لأسباب إنجيلية دينية وأن رومني يود أن يبين بأنه إلى جانبهم وأن الكثيرين منهم يشكون به، لأنه من المورمون والمورمون غالبا لا ينظر لهم على أنهم مسيحيين من قبل الكثير من المسيحيين الإنجيليين، وبالتالي فإن هذا الأمر يتعلق أيضا بالإثبات من قبل رومني للإنجيليين بأنه إلى جانبهم، وبالنسبة للأميركيين اليهود القلائل الذين لم يقرروا إلى الآن لمن سيصوتون ولمن سيعطون الأموال والتبرعات له واعتقد أن كلا من الليبراليين والمحافظين يرون أن أوباما يريد أن يحقق المزيد في عملية السلام، والمحافظون يخافون أن يفعل ذلك والليبراليون يأملون بل يتمنون ذلك”.

كما أكَّد أنطوان شلحت، الباحث بالمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، بالناصرة فيما يخص العلاقات الأمريكية – “الإسرائيلية”؛ أن: “إسرائيل تقدم خدمات على طبق من فضة للولايات المتحدة فيما يتعلق بالمسألة العسكرية والأمنية، أي أنني إذا كنت أريد أن أستعيد مقولة نطق بها أحد الزعماء الإسرائيليين في معرض تفسير هذه العلاقة أو تفسير ما تقدمه إسرائيل للولايات المتحدة؛فسأستعيد مقولة لرئيس الحكومة الأسبق إسحق شامير قال فيها؛ إن إسرائيل هي بمثابة أكبر حاملة طائرات ثابتة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى قاعدة هذه الخدمات تتعامل الولايات المتحدة مع إسرائيل، وأيضا إسرائيل تتعامل مع الولايات المتحدة، عندما يحدث خلاف ظاهري بين الدولتين أول ما تلوح به إسرائيل هي أنها الديمقراطية الوحيدة الثابتة في الشرق الأوسط، التي تدافع عن مصالح الولايات المتحدة ومصالح الدول الغربية، وهذه اللازمة جرى تكرارها في العامين الأخيرين، مرَّات من الصعب حصرها، ارتباطًا بثورات الربيع العربي”.

فيما قال شلحت: “مسألة أن اليهود تقليديا يصوتون للحزب الديمقراطي، شيء يبقى مفتوحًا على المستقبل المعركة الآن طبعا هي محاولة لكسب مزيد من الأصوات للحزب الجمهوري، ولذلك نجد أن رومني في زيارته لإسرائيل يطلق تصريحات يمكن اعتبارها أنها تقف إلى يمين أوباما، فيما يتعلق بالخيار العسكري ضد إيران وفيما، يتعلق بالدولة اليهودية، وفيما يتعلق بالخلاف القائم بشأن الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، ويبدو لي أن هناك سباقًا يمكن اعتباره سباقًا للمسافات الطويلة بين الحزبين على كسب ود الناخبين اليهود، ماذا سيحدث، و إلى ماذا سيفضي هذا السباق؟ هذا الأمر ربما يكشف عنه النقاب في الانتخابات الأمريكية ولكن لاشك أن هذا اللهاث وراء أصوات اليهود هو ليس لهاثا انتخابيا فقط وإنما هو لهاث من أجل تأكيد العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.

وفيما يخص أن “إسرائيل” كارت إستراتيجي رابح بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وعلاقة “لا تقوم فقط بتأثير من اللوبي اليهودي والصهيوني داخل الولايات المتحدة وإنما أيضا تجمعهما المصلحة في المنطقة؛ قال شلحت” :باعتقادي أنها تفضل رومني ولكن لن يكون هناك تحول كبير إذا ما فاز أوباما بولاية ثانية، هناك تعليقات إسرائيلية كثيرة تتفق على انه حتى لو فاز اوباما بولاية ثانية فإن تعامله مع إسرائيل لن يكون بممارسة مزيد من الضغوط عليها فيما يتعلق بالمسألة الإسرائيلية الفلسطينية وأيضا بالمسألة الإيرانية، ذلك بأن أوباما سيكون منشغلا بالكثير من المشكلات الداخلية ويضاف إلى ذلك أيضا أن هناك جرت مياه كثيرة في منطقة الشرق الأوسط في الولاية الأولى وهذه المياه أثبتت ربما لأوباما أن التزامه بمسألة الديمقراطية وبمسألة حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يفض إلى أي نتيجة، وفي الآونة الأخيرة حتى أوباما نفسه أدلى بتصريحات قال فيها إن الوضع في الشرق الأوسط معقد وأن عدم التوصل إلى أي نتيجة فيما يتعلق بالملف الإسرائيلي الفلسطيني هو أمر يتحمل الطرفان المسؤولية عنه بالتساوي، ولذلك إذا أردت أن أوجز إسرائيل تفضل رومني بسبب مواقفه التي فصلناها ولكنها لن تستفظع كثيرا فوز أوباما بولاية ثانية”.

وفيما بات اليهود تاريخيًا يفضلون التصويت للديمقراطيين رغم أن من يسمى بالمتصهينين كانوا داعمين جدا لحقبة بوش الجمهوري؛ وفيما كان دور العرب داخل الولايات المتحدة ضعيف؛ تحدُّث شلحت، فقال: “أنا لست خبيرا بما فيه الكفاية لحراك العرب في الولايات المتحدة، لكنني اعتقد أن هناك فارقًا جوهريًا بين المجتمعين؛ المجتمع العربي هو مجتمع مهاجر في الولايات المتحدة أما المجتمع اليهودي فهو ابن هذا المجتمع، هو جزء من النسيج المجتمعي في الولايات المتحدة وهو متداخل في هذا المجتمع، بطبيعة الحال بالإمكان طبعا توجيه النقد الشديد إلى الحراك العربي الذي اعتقد أنه لم يصل إلى الحد الأدنى المطلوب من ممارسة الضغوط على الإدارات الأمريكية ؛ فالعرب من الناحية الفكرية والأيديولوجية لم يصلوا إلى نفس المستوى الذي بلغته إسرائيل، وحتى الآن لا تزال الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل هي الحليف الأقرب إليها لأنها تعتبر جزءا لا يتجزأ منها، وأنا اعتقد أن منذ إقامة دولة إسرائيل أُنيط بها دور وظيفي في كل المخططات الأميركية وللأسف الشديد هذا الدور مازالت إسرائيل قادرة على القيام به أكثر من أي دولة أخرى على الأقل في القراءة الأمريكية، ومن وجهة نظر الإدارات الأمريكية المتعاقبة”.

وبالمناظرة بين المرشحان الرئاسيان؛ نجد أن أوباما الذي يرغب في الفوز بولاية ثانية ، يدعم حليفه “الإسرائيلي” صراحةً، ما لاح عندما وقّع قانونا وافق عليه الكونغرس ، يدعم التعاون الأمريكي – “الإسرائيلي” في مجالي الأمن والدفاع، مع تأكيده على دعم واشنطن الثابت لـ “إسرائيل”.

ويُذكِّر الرئيس الديمقراطي في كل مناسبة “الإسرائيليين” بمدى دعمه لهم، حيث أنه قد صرح في لقاء انتخابي بولاية فلوريدا؛ قائلاً: “أريد أن يعي الجميع أننا في ظل إدارتي لم نحافظ على الروابط الأبدية مع إسرائيل فحسب، بل عززناها أيضا”.

وعلى الرغم من نفي البيت الأبيض لأي علاقة بين توقيع أوباما على القانون الجديد وحملته الانتخابية؛ فإن كثيرا من المراقبين يربط بين الأمرين لأسباب عدة من بينها توقيت توقيع القانون الذي يستبق زيارة ميت رومني لـ “إسرائيل”.

ولقد صرَّح أوباما في يونيو/حزيران الماضي بأن إدارته تفوقت على أي إدارة أمريكية أخرى، على مدى ربع قرن في دعم “إسرائيل”.

كما صرَّح مرة أخرى في خطاب له أمام المؤتمر السنوي للجنة الأمريكية – “الإسرائيلية” للشؤون العامة (أيباك) ، خلال السنوات الثلاث الماضية ، وقال: “أوفيت بالتزاماتي تجاه إسرائيل في كل لحظة وكل وقت، ويجب ألا يكون هناك أدنى شك في أنني أدعم إسرائيل”.

وفي الوقت الذي أكَّدت فيه الاستفتاءات الإعلامية، أن أوباما قد مَنِيَ بنحو 70% من أصوات اليهود، لعدم قناعتهم بأنه يعادي “إسرائيل” ؛ يرى بعض المحللين احتمالات عدم فوز رومني بأصوات اليهود؛ لأنهم يمنحون ثقتهم عادة للحزب الديمقراطي.

ومن المفارقات التي غدت واضحة؛ أن أوباما عندما استدرَّ أصوات اليهود الأميركيين في الداخل؛ فإن رومني قد حاول جذب دعم “الإسرائيليين” كرئيس للولايات المتحدة.

كما يحاول أوباما إفساد محاولات رومني ، الذي يتهم الرئيس أوباما بتقويض علاقات واشنطن مع شريكتها الأولى “إسرائيل” ، والذي يذهب مهرولاً ليزورها، والذي سيجمع التبرعات لحملته من كبار الأثرياء اليهود في العالم .

لذلك فقد صرَّح رومني بتصريحات بالغة الأهمية، حين تعهد بأن “يفعل أي شيء من أجل إسرائيل التي تستحق أفضل دعما مما حصلت عليه من أوباما”؛ برأيه.

كما قال رومني إن “السؤال المحوري يتعلق بإذا ما كانت شعوب المنطقة تؤمن بيهودية دولة إسرائيل، وأرفض أن الخوض في موضوع الاستيطان ؛ فهي مسائل أختلف فيها مع أوباما، أما إيران فتُمثِّل تهديدًا لإسرائيل والولايات المتحدة؛ إذا أصبحت دولة نووية لا يستبعد الخيار العسكري معها؛ ويُترك لرئيس الوزراء الإسرائيلي فعل ما يراه في مصلحة دولته”.

ويرى بعض المحللون أن رومني أراد بتصريحاته تلك “خطب ود الإسرائيليين فنال سخط الفلسطينيين”.

فيما يؤكِّد المحللون السياسيون أنه “لن يكون لرحلة رومني وما لحقها من جدل كبير أثر على الانتخابات الأمريكية، التي سيكون للأحوال الاقتصادية الداخلية الكلمة الفصل فيها. وأن نظرية أوباما لسلام الشرق الأوسط تقوم على الحجة اليسارية الثابتة القائلة إن انحياز أمريكا إلى جانب إسرائيل يمثل عقبة كأداء تحول دون التوصل إلى اتفاق، كما أن جهوده مُنيت بفشل ذريع”.

وكما ذكرنا سالفًا أن هناك آراء تؤكِّد أن رومني “لا يسعى لكسب رضا إسرائيل بالانحياز لها لكنه يؤثر اتخاذ موقف صلب يستند إلى المبدأ والمصلحة”.

فيما مدح بعض المحللين ، ووسائل الإعلام تصريحات رومني، واعتبرتها “موقفًا قويًا يستند على المبادئ، والمصالح”.

العالم كله يقبع، مُنتظرًا يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني ، ومهما حاول المرشحان الأمريكيان الضغط على اللوبي اليهودي، في الوصول إلى رياسة البيت الأبيض، فإن هناك ملفات داخلية وخارجية ، ستقول كلمتها في الأخير.

أداء غير عادل، لسياسيي الولايات المتحدة، تجاه القضية الفلسطينية؛ إلى جانب ولاءهم الاستباقي للكيان الصهيوني؛ رغبة في مساندة اللوبي اليهودي لهم في الانتخابات.

والسؤال هنا؛ هل سيلتزم الفائز الأمريكي بما صرَّح به، من أجل كسب المزيد من أصوات يهود أمريكا؟! أم أنها مجرَّد دعايا انتخابية؛ يمكن تنفيذ أغلبها إبقاءً على المصالح الأمريكية – “الإسرائيلية”؛ مع مرونة التعاطي مع بقية الوعود، لصالح الخطوط الاستراتيجية الأمريكية تجاه القضايا العربية؟!

عن marsad

اترك تعليقاً