مصافحة بين السيسي وآبي أحمد على هامش بريكس على الرغم من حرمان مصر من حقوقها في مياه النيل .. السبت 26 أكتوبر 2024م.. حكومة مصر تغرق في أزمة الغاز وتزيد الاعتماد على إسرائيل وتتجاهل آلام الشعب وتفشل في تأمين القمح

مصافحة بين السيسي وآبي أحمد على هامش بريكس على الرغم من حرمان مصر من حقوقها في مياه النيل .. السبت 26 أكتوبر 2024م.. حكومة مصر تغرق في أزمة الغاز وتزيد الاعتماد على إسرائيل وتتجاهل آلام الشعب وتفشل في تأمين القمح

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

* 282 حكم إعدام في نصف عام: حملة حقوقية تحذر من انفجار العدالة في مصر

رصدت حملة “أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر”، التي أطلقتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، خلال النصف الأول من عام 2024، إصدار 282 حكمًا بالإعدام.
يأتي هذا الإحصاء في سياق تقرير جديد يحمل عنوان “الطريق إلى المشنقة 2″، وهو التقرير الثالث الذي تصدره الحملة ويستند إلى قاعدة بيانات موسعة حول أحكام الإعدام في مصر.

وتوزعت الأحكام على مراحل قضائية مختلفة، حيث شملت 48 إحالة إلى مفتي الديار المصرية على مستويي الدرجتين الأولى والثانية، و209 أحكام بالإعدام، و21 حكمًا بالإعدام أيدتها محكمة النقض، بالإضافة إلى تنفيذ 4 أحكام بالإعدام على أربعة مواطنين مصريين.
وتوضح هذه الأرقام، وفقًا للبيان الصادر من الحملة، تصاعدًا مقلقًا في تطبيق عقوبة الإعدام بمصر، الأمر الذي اعتبرته دلالة على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في النظام القضائي والتشريعي. 

تحليل دوافع الجريمة وعلاقتها بأحكام الإعدام
يسلط التقرير الضوء على أن جريمة القتل العمد، خاصةً تلك التي ترتبط بدوافع الانتقام نتيجة مشاجرات أو ثأر، تشكل الدافع الأكثر شيوعًا وراء أحكام الإعدام في مصر.
وتأتي الدوافع المالية في المرتبة الثانية، وهو ترتيب يشير إلى تغير في طبيعة الجرائم مقارنة بالتقرير السابق “الطريق إلى المشنقة 1”.
واعتبرت الحملة أن هذا التحول في الدوافع يعكس تحديات اجتماعية واقتصادية تتفاقم في المجتمع المصري، مما يبرز ارتباط الجريمة بشكل وثيق بالظروف المعيشية التي يعاني منها المواطنون. 

دعوة لتقليص الإعدام ومعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للجريمة
أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن قلقها حيال تصاعد أحكام الإعدام، مؤكدة أن استخدام هذه العقوبة يجب أن يكون مقيدًا بالجرائم الأكثر خطورة وفقًا للمعايير الدولية.
وأضافت المفوضية أن الأعداد المتزايدة لأحكام الإعدام تعكس عدم توافق بين العقوبة والعدالة، وتكشف عن علاقة بين ارتفاع الجريمة وازدياد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
كما دعت الحملة إلى اتخاذ تدابير تحدّ من توسع تطبيق هذه العقوبة، ولا سيما في القضايا التي لا تشمل القتل العمد، كخطوة تتماشى مع المبادئ الحقوقية العالمية.

وطالبت الحملة حكومة الانقلاب المصرية بالتركيز على معالجة الأسباب الجذرية للجريمة من خلال تبني سياسات إصلاح اجتماعي واقتصادي، مثل تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص عمل للمواطنين، عوضًا عن الاستمرار في فرض العقوبات القصوى.
وترى الحملة أن معالجة الدوافع الاجتماعية والاقتصادية للجريمة هي خطوة أساسية نحو الحد من الجرائم، ومن ثم تقليص الحاجة إلى العقوبات المشددة كالتي ينطوي عليها حكم الإعدام.
ضرورة إصلاح القضاء وضمان المحاكمات العادلة
أوصت الحملة بضرورة إصلاح النظام القضائي وضمان حقوق المتهمين من خلال توفير محاكمات عادلة وشفافة تعزز مبدأ سيادة القانون.
وأكدت على أهمية مراجعة النظام القضائي لضمان التزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصةً فيما يتعلق بقضايا عقوبة الإعدام التي تتطلب مزيدًا من التحقق والتحقيقات العادلة.

في ظل هذا الارتفاع في أحكام الإعدام، تتزايد الأصوات الحقوقية التي تطالب بإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالعقوبات لضمان تحقيق العدالة ومواكبة المعايير الدولية.
وتعتبر الحملة أن ضمان محاكمات عادلة وشفافة وتطوير النظام القضائي أمر ضروري، ليس فقط للحد من أحكام الإعدام، بل لتحسين واقع حقوق الإنسان بشكل عام في مصر.

* مشروع قانون الإجراءات الجنائية يعصف بالعدالة ويؤسس لمزيد من محاكمات بلا ضمانات عادلة

ترفض المنظمات الموقعة أدناه مشروع قانون الإجراءات الجنائية بنسخته الحالية، وتٌطالب بسحبه وإعادته للمراجعة والنقاش مع أصحاب المصلحة الشأن والاختصاص من المحامين والصحفيين والمنظمات الحقوقية قبل إقراره، فالتعديلات المدرجة في القانون بمسودته الحالية يعصف بالعدالة وضمانات المحاكمة العادلة للمواطنين

بتاريخ 17 أغسطس 2024 الماضي؛ أعلن مجلس النواب عن الانتهاء من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد ليحل محل القانون الساري، بعد عمل استمر منذ 2017 عندما قدمته الحكومة إلى البرلمان حينها في ليعود النقاش عن القانون مجددا في بدايات عام 2024. ويتوقع أن يُطرح القانون للجلسة العامة للتصويت والنقاش مع بداية دور الانعقاد المقبل في أكتوبر.

عكفت لجنة فرعية تابعة للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب على العمل عليه -إلى جانب اللجنة الأصلية- والتي بدورها كانت تحت سطوة حكومية سواء على صعيد غلبة وجود أعضاء من الأحزاب الموالية للسلطة، وتمثيل واضح لوزارة الداخلية، والنيابة العامة. في المقابل، كان هناك تمثيل ضعيف بمعدل عضو واحد في المتوسط لكل من الأجهزة القضائية الرسمية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وخبيرين أكاديميين في القانون الجنائي. في الوقت الذي ضمت فيه اللجنة الفرعية تمثيل لفئات أقل حيوية للنقاش حول القانون مثل مجلس الشيوخ.

تكشف عدم تمثيل أصحاب المصلحة فئات مثل نادي قضاة مصر، و نقابتي المحامين والصحفيين، ومنظمات المجتمع المدني في كل من اللجنتين، وآخرين بشكل عادل ومعبر عن عدم جدية نوايا السلطات الرسمية كما أدعت في السنوات الماضية حول عقد حوار وطني شامل لحل الأزمات السياسية العالقة؛ وكذلك عن تبني نهج غير بناء في النقاش حيث صاحب الانتقادات لمسودة القانون اتهامات لأصحابها بإثارة الرأي العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة، برغم تقدم المعترضين ببدائل عملية للتعديلات المقترحة

وقد لعب التشكيل المقصود للجنة الفرعية دورا لاحقا في تمرير مشروع القانون عبر التصويت بالأغلبية -وهي آلية مضللة هناوانتهى لتمرير المواد التي تمثل مصالح السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة، والنيابة العامة، ووزارة الداخلية باعتبارهم أصحاب الأغلبية التصويتية، على الرغم من الإدعاء بأن كل جهة لها صوت واحد فقط مهما تعدد ممثليها، حيث تظل بالرغم من ذلك أغلبية التشكيل للجانب الرسمي الحكومي.

تبدو وعود التعديل من مجلس النواب مهب الريح برغم موافقته على تعديل بعض المواد وتمسكه بالعديد منها؛ حيث ستبقى تحت طائلة الرفض أو التبديل أثناء الجلسة العامة وفقا لتصويت الأغلبية البرلمانية الموالية للسلطة. كذلك تبقى المواد التي وافق مجلس النواب بتعديلها قليلة مقارنة بعدد المواد ذات الإشكاليات الجسيمة بخصوص حقوق الدفاع والمتهمين، وكذلك دون بيان الصيغة التي سيأخذها التعديل المطلوب في النهاية قبل الإحالة للجلسة العامة للتصويت والنقاش في أكتوبر المقبل. تدور كذلك علامات استفهام حول وعود التعديل في ظل دعوة فئات غير ذات صلة مثل ممثلي هيئة القضاء العسكري للجنة التشريعية ضمن فئات أخرى عقب الهجوم على النسخة المعلنة من القانون للنقاش حول القانون.

تدور فلسفة المشروع حول تطبيع الممارسات و الصلاحيات الاستثنائية التي اٌختبرت طوال فترة الحرب على الإرهاب ودمجها في القضاء العادي، على صعيد تمكين وتحصين قوات إنفاذ القانون ومأموري الضبط القضائي والنيابة العامة، كما تكشف كثيرا عن التسييس الذي لحق بمؤسسة النيابة العامة خلال هذه السنوات. شمل ذلك التحصين حرمان المجني عليهم من رفع دعاوى جنائية ضد الموظفين العموميين بشكل مباشر، وتحصين الموظفين العموميين ضد الجرائم التي لا تسقط بالتقادم كالتعذيب والاعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، والسماح لمأمور الضبط القضائي باستجواب المتهم

وفي الطريق نحو ذلك التحصين، يفتئت القانون بمواده المطروحة على حقوق المواطنين في المحاكمة العادلة، وحقوق ومبادئ الدفاع الموكل عنهم، حيث لا يُبطل القانون الإجراءات في حال لم يبرز رجال الضبط القضائي ومرؤوسيهم ورجال السلطة العامة هويتهم عن القبض أو التفتيش، إضافة لتوسيعه صلاحيات مأمور الضبط أثناء تفتيش المنازل واتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة وفقا لسلطته التقديرية دون إذن قضائي مسبق ودون تحديد دقيق للقرائن المطلوبة

كذلك يسمح القانون بإجراء النيابة للتحقيق في ظل غياب المتهم أو دفاعه أو وكيل الحقوق المدنية وفق ما تراه. كذلك يُقيد القانون ممارسة الدفاع لعمله حيث يسمح للنيابة بتقييد وكيل الخصم في الكلام إلا بإذن فيما عدا الدفوع والطلبات، إضافة لتقييد حق المتهم والدفاع في الحصول على أوراق القضية والتحقيقات أثناء التحقيقات، إذا رأي ذلك. كما يسمح القانون بتفتيش المنازل دون وجود أصحابها أو من ينوب عنها ودون اشتراط وجود شاهدين من الجيران أو الأقارب وإثبات ذلك في محضر على غرار ما كان عليه الوضع في القانون الحالي.

وعلى نحو غير منفصل عن الحوار الوطني، وكدلالة على عدم جدية النقاش، فقد احتال القانون على مخرجات الحوار الوطني في هذا الصدد من خلال إضافة مسوغ جديد للحبس الاحتياطي وهو “توقى الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام” كما قصر القانون إصدار التدابير الاحترازية على النيابة العامة فقط، برغم قصر مدة الحبس الاحتياطي.كما منح النيابة العامة سلطات القاضي الجزئي والجنح المستأنفة في مد الحبس الاحتياطي في بعض الجرائم دون وجود آلية للطعن على قراراتها. كما سمح للنيابة العامة بمنع اتصال المتهم المحبوس احتياطيا بغيره من المحبوسين ومنع الزيارة عنه دون إخلال بحق الاتصال بالمدافع عنه. وقد مكن القانون المحامي العام من اتخاذ تدابير تحفظية مؤقتة دون حد أقصى زمني للمنع من التصرف والإدارة على أموال المتهمين وأسرهم دون حكم مسبق.  

وكإهدار لمعايير المحاكمات العادلة، فقد نص القانون على تقييد علنية الجلسات كلها أو بعضها، وكذلك تقييد حضور فئات معينة لها، دون أن يُحدد القانون ما هي هذه الفئات، إضافة لاشتراط أن يكون البث والنشر عن الجلسة بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد رأي النيابة العامة. كما سمح القانون للمحكمة لمآخذة المحامي جنائيا لما قد تراه النيابة أو المحكمة تشويشا أثناء “قيامه بواجبه في الجلسة”. وكذلك تمييز مأموري الضبط القضائي والنيابة العامة عن القضاة من خلال إعطاء الحق للخصم في ردهم لكن عدم جواز رد مأموري الضبط القضائي ولا النيابة العامة

تطالب المنظمات الموقعة أدناه على بسحب مشروع القانون المعلن عنه، وإعادته للنقاش بتمثيل حقيقي ومتوازن وشامل لأصحاب المصلحة الرئيسيين في هذا الملف من نادي القضاة، ونقابة المحامين، ونقابة الصحفيين، وتضمين آرائهم في أي مسودة مقبلة للقانون، والتمهل قبل إصدار هذا القانون، بعد جولات من الحوار المجتمعي والسياسي الحقيقي، والالتزام بنصوص الدستور المصري بشأن المحاكمات العادلة وضمان الحرية الشخصية واستقلال القضاء وحق الملكية وحرمة الحياة الشخصية. وُتعد المنظمات المشروع المعلن عنه ردة عن مكتسبات دولة القانون وتطور القانون الجنائي المصري على امتداد قرن ونصف من الزمان، وعصفا بحقوق المواطنين وتراجعا عن الالتزامات الدولية لمصر، والضمانات الدستورية.

وإلى حين الوصول إلى مسودة تتناسب مع المعايير الدولية وتحقق مبادئ الإنصاف والعدالة، يمكن إقرار التعديلات المقترحة بشأن مواد الحبس الاحتياطي في القانون الحالي، التي نوقشت في جلسات الحوار الوطني، بما يسهم في حل أزمة الحبس الاحتياطي التعسفي الراهنة.

 المنظمات الموقعة:

  • الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
  • مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
  • ايجيبت وايد لحقوق الإنسان
  • منصة اللاجئين في مصر
  • هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
  • ريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير
  • مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
  • المفوضية المصرية للحقوق والحريات
  • الشبكة المصرية لحقوق الإنسان
  • المنبر المصري لحقوق الإنسان

*ثورة عمال الألومنيوم: صراع من أجل الحقوق في وجه الإهمال

تعيش عمالة مصر للألمونيوم في مدينة نجع حمادي أزمة حقيقية تشتعل يومًا بعد يوم حيث يواصل العمال صراع مفتوح مع الإدارة يتجلى في إضراب واحتجاجات مستمرة مطالبين بحقوقهم المشروعة في ظل تجاهل غير مبرر لمطالبهم المعيشية والمالية

عمال المصنع لم يعد لديهم خيار سوى التعبير عن غضبهم بطريقة صارخة بعد أن سئموا من الوعود الكاذبة التي لم تحقق لهم شيئًا بل وازدادت معاناتهم اليومية بسبب ضعف الأجور وتأخر صرف العلاوات.

في الأيام الأخيرة هبّ الآلاف من العمال في المصنع معلنين إضرابًا شاملًا عن العمل مطالبين بتحقيق المطالب الأساسية التي تم تجاهلها لفترات طويلة حيث أصروا على ضرورة صرف الأرباح السنوية وفقًا للنسبة القانونية التي تحددها اللوائح الداخلية لكن الإدارة استمرت في عدم الاستجابة لمطالبهم الأمر الذي دفعهم للقيام بالاعتصام داخل المصنع لتصعيد موقفهم.

الاجتماعات التي جرت بين ممثلي العمال والإدارة كانت شكلية دون أي جدوى حقيقية حيث أبدت الإدارة تحكمًا كبيرًا في الأمور المالية وقررت خفض نسبة الأرباح بشكل غير مبرر مما أدى إلى حالة من الاحتقان بين العمال الذين بدؤوا يشعرون بالخيبة بعد سنوات من العمل الشاق وسط ظروف قاسية دون أي اعتراف بمجهوداتهم.

على الرغم من الوعود التي قُدمت لهم فإن العمال لا يثقون في تنفيذ تلك الوعود خاصة في ظل تجاهل مستمر لحقوقهم المالية والوظيفية هذا القلق زاد من شعورهم بالعزلة وعدم الأمان على مستقبلهم المهني في ظل ظروف غير مستقرة تحيط بقطاعهم الصناعي في السنوات الأخيرة.

مصنع الألومنيوم في نجع حمادي هو أحد القلاع الصناعية التي تعتمد عليها البلاد لكنه يعاني من غياب الرؤية الاستراتيجية من قبل الإدارة المركزية للحكومة وهو ما يزيد من معاناة العمال حيث يشعر الجميع بأنهم ضحايا لسياسات غير مدروسة وقرارات تعسفية تهدد مستقبلهم بشكل مباشر.

الصمت الحكومي حيال مشاكل العمال ليس مجرد تجاهل بل هو استمرار لسياسة الاستغلال التي تشهدها العديد من القطاعات الصناعية في البلاد عمال الألومنيوم يواجهون واقعًا مريرًا حيث الرواتب الهزيلة لا تتناسب مع حجم الأرباح التي تحققها الشركة الأمر الذي جعلهم يخرجون عن صمتهم ويعلنون حالة الطوارئ داخل المصنع.

الاعتصام الذي استمر لعدة أيام كان بمثابة صرخة إنذار تدل على أن الوضع لا يحتمل المزيد من الإهمال فعمال المصنع لا يطالبون سوى بتطبيق القانون الذي يضمن لهم حقوقهم ويعطيهم الأمل في حياة كريمة وسط أوضاع معيشية صعبة تؤثر على أسرهم بشكل كبير.

مع استمرار الاحتجاجات لم تتخذ الحكومة أي خطوات ملموسة لحل هذه الأزمة التي تهدد استقرار أكبر مصنع للألومنيوم في البلاد لذا يتوجب على المسؤولين الانتباه إلى ما يجري والبحث عن حلول عاجلة للمطالب الملحة للعمال قبل تفاقم الأوضاع والوصول إلى حد لا يمكن الرجوع عنه.

الأرقام تتحدث عن نفسها حيث يعاني أكثر من 5000 عامل في المصنع من ظروف عمل سيئة ومطالب مشروعة لم يتم الاستجابة لها مما ينذر بأزمة حقيقية في المستقبل القريب في حال استمرار الصمت الحكومي وعدم اتخاذ أي خطوات فاعلة لمعالجة هذه القضايا.

لقد أصبح الوضع أكثر تعقيدًا خاصة مع خروج الأمور عن السيطرة مما جعل العمال يشعرون بأنهم أمام خيارين إما الاستسلام للواقع الأليم أو اتخاذ خطوات أكثر حزمًا لتحقيق مطالبهم هذا الصراع ليس مجرد نزاع على الأرباح بل هو صراع من أجل الكرامة والحق في الحياة الكريمة.

العودة إلى الإضراب تلوح في الأفق إذا لم تلتزم الإدارة بوعودها الجديدة وهي إشارة واضحة أن الأمور لن تسير كما يشاءون إذا لم يتم اتخاذ موقف جاد وحاسم من قبل الحكومة لتعزيز حقوق العمال وتوفير بيئة عمل مناسبة وملائمة لهم ولعائلاتهم.

في خضم كل هذا يحتاج العمال إلى دعم حقيقي من النقابات العمالية والمجتمع المدني للضغط على الحكومة لتحسين الأوضاع المعيشية والمالية لهم فليس من المقبول أن تظل مطالب العمال منسية وسط غياب كامل لأي نوع من الحوار الجاد حول مشاكلهم.

عمال الألومنيوم في نجع حمادي يواصلون الكفاح من أجل حقوقهم في ظل ظروف شاقة وتأملاتهم تعكس الواقع الأليم الذي يعيشونه وبانتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من أحداث تؤكد أن هذه الأزمة لن تنتهي إلا بعودة الحقوق المسلوبة.

ليس من المنطقي أن يستمر تجاهل الحكومة لمطالب العمال بينما يتزايد غضبهم ويتصاعد اعتصامهم حيث بات الوضع يستدعي تدخلاً عاجلاً وإلا فإن النتيجة ستكون كارثية قد تؤثر على مستقبل صناعة الألومنيوم في البلاد بأسرها.

* مأساة 7 مصريين محتجزين: صمت النظام المصري أمام انتهاكات السودان

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن مأساة تُخفيها أروقة السياسة والتوترات الإقليمية حيث تتكشف فصول قصة مؤلمة تتعلق باحتجاز 7 مدنيين مصريين من قبل قوات الدعم السريع السودانية منذ أكثر من 16 شهرا دون أن تُبدي القاهرة أي اهتمام يُذكر في استعادة هؤلاء الأسرى أو تأمين إطلاق سراحهم.

إن هذا الوضع ليس مجرد حادث عابر ولكنه يمثل نقطة تحول حادة في العلاقات بين مصر والسودان في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات معقدة وتأثيرات كبيرة على حياة الأفراد.

في السياق نفسه، جاء تصريح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي ليثير الجدل حيث اتهم مصر بالوقوف وراء الضربات الجوية التي استهدفت قواته بالقرب من الخرطوم من أجل دعم القوات المسلحة السودانية.

ورغم خطورة هذه الاتهامات، نفت القاهرة صحة تلك المزاعم بشكل قاطع، مما يعكس حالة من التوتر المتزايد بين الجانبين.

ومع ذلك، لم يكن لهذا التصريح أي تأثير على وضع المدنيين المحتجزين الذين يعيشون في ظروف قاسية وغير إنسانية، مما يطرح تساؤلات حول مصيرهم وحقوقهم.

بعد يومين من تلك التصريحات، أعلنت قوات الدعم السريع أنها تحتجز مجموعة من “المرتزقة” المصريين، ولكنها لم تكشف عن هوياتهم أو مواقع احتجازهم، مما يزيد من الغموض حول قضية هؤلاء المدنيين.

حسبما ذكرت عائلات المحتجزين ومسؤولون سودانيون، فإن هؤلاء المصريين يُحتجزون كرهائن في مكان سري وغير معلوم، مما يُشير إلى احتمال وجود عمليات سرية تُمارَس ضدهم قد تتراوح بين التعذيب النفسي والبدني.

المحتجزون هم من سكان قرية أبو شنب التابعة لمركز إبشواي بمحافظة الفيوم.

وتكشف الأسماء التي ذكرها الموقع عن معاناة إنسانية عميقة أحمد عزيز المصري عبد القادر (43 عاما) وعماد محمد معوض حسين (44 عاما) وماجد محمد معوض حسين (35 عاما) ومحمد شعبان علي محمد (42 عاما) وعبد القادر عجمي عبد العزيز (55 عاما) وعلي طه عبد الكريم أحمد وفرج علام.

هؤلاء هم أباء وإخوة وأزواج فقدوا حريتهم، في وقت كانت فيه عائلاتهم بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى.

وبينما تُحاط قضيتهم بالصمت واللامبالاة، يطرح الوضع تساؤلات مُلحّة عن فشل الحكومة المصرية في التدخل أو اتخاذ إجراءات ملموسة للإفراج عن مواطنيها.

إن الحكومة المصرية مُطالَبة الآن بتحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها وضمان حقوقهم الإنسانية.

فهل يُعقل أن تبقى القاهرة في حالة من الفتور إزاء مأساة إنسانية بهذا الحجم؟ أليس من واجبها أن تُظهر اهتماما بموضوع هؤلاء المدنيين؟

ليس هذا هو الوضع الأول الذي يُظهر ضعف الاستجابة الحكومية المصرية للأزمات التي تمس المواطنين في الخارج، بل يُظهر أيضا تدهورا في قدرة الدولة على حماية مواطنيها في ظل التحديات السياسية المتزايدة في المنطقة.

في خضم هذا السيناريو المأساوي، تُجبر العائلات المتضررة على العيش في حالة من القلق والترقب.

تلك الأسر التي تعيش في ظل الخوف من الأخبار السيئة، والتي تشعر بالعجز إزاء موقفها في عالم لا يُبالي بمعاناتها.

فكيف يُمكن لعائلات هؤلاء الرجال أن تتقبل فكرة أنهم مُحتجزون كرهائن، وأن هناك احتمالية لعدم عودتهم أبداً؟

في الوقت الذي تحتدم فيه الصراعات السياسية، تبقى أرواح هؤلاء المدنيين عالقة بين طيات الفوضى.

إن الوضع يتطلب تدخلا دوليا لضمان الإفراج عنهم، إذ يجب على المنظمات الإنسانية والدولية أن تلعب دورها في الضغط على السلطات السودانية لضمان حقوق هؤلاء الأفراد.

الموقف الحالي يُعبر عن حقيقة مُرّة تعيشها الأسر المصرية، فهل سيتحرك المجتمع الدولي لإنهاء معاناتهم، أم ستظل هذه القضية مُهمَلة في طيات النسيان؟ إن هذا السؤال يبقى بلا إجابة، في وقت يتطلب فيه الموقف تحركاً عاجلاً وجاداً.

تجدر الإشارة إلى أن أوضاع الأسرى المحتجزين تحتاج إلى ضوءٍ يكشف عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، وعلي المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في مواجهة هذا الواقع المُعقد.

فما يحدث في السودان ليس مجرد أزمة سياسية بل هو مأساة إنسانية تحتاج إلى صرخة تضامن من كل شعوب العالم.

وتبقى القضية واضحة ولا تقبل التأويل، فمستقبل هؤلاء المدنيين يتوقف على مدى سرعة واستجابة الجهات المعنية لإنقاذهم من براثن الاحتلال والاحتجاز، ليكون صوتهم مسموعا في خضم الضجيج السياسي، وليستعيدوا حريتهم التي انتُزعت منهم دون ذنب اقترفوه.

*مصافحة بين السيسي وآبي أحمد على هامش بريكس تثير تفاعلا

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، صورة تجمع عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، خلال تواجدهما في قاعة قمة بريكس التي عُقدت في روسيا مؤخرا.

وفي الصورة يظهر السيسي، وهو يصافح آبي أحمد، وبجوارهما الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، الذي جمعه لقاء مع رئيس الوزراء الإثيوبي، على هامش قمة البريكس، ما دفع البعض للقول إنه كان وسيطا في هذه المصافحة.

وشاركت مصر وإثيوبيا، في قمة بريكس 2024 التي عُقدت في مدينة قازان الروسية، كعضوين كاملي العضوية لأول مرة بعد انضمامهما رسميا للتجمع بداية العام الجاري.

وتشوب علاقة البلدين خلافات بسبب سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى نهر النيل، وأيضا بسبب كيفية التعامل مع إيراد النهر الذي ترى مصر أنه خاضع للقواعد الدولية المتعلقة بالأنهار الدولية باعتباره عابرا للحدود، بينما تزعم إثيوبيا السيادة الوطنية على مياهه.

ومؤخرا ظهر خلاف بين الدولتين بسبب الصومال، وتوقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم انفصاليي “أرض الصومال”، ولجوء الحكومة الصومالية الفيدرالية إلى مصر طلبا للمساعدة، ثم توقيع البلدين اتفاقية عسكرية، ستنشر القاهرة بموجها قوات في الصومال، بجانب المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي، وهي خطوة أغضبت أديس أبابا.

وكان آخر لقاء جمع السيسي، وآبي أحمد، في يوليو 2023، على هامش قمة دول جوار السودان التي استضافتها القاهرة، واتفقا وقتذاك على الشروع في مفاوضات عاجلة للوصول إلى اتفاق حول سد النهضة، خلال أربعة شهور، وهي المفاوضات التي باءت بالفشل مرة أخرى في النهاية.

* آبي أحمد يواصل تحدي السيسي ودخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ يهدد بحرمان مصر من حقوقها في مياه النيل

دخول اتفاقية عنتيبي حيز النفاذ يوم 13 أكتوبر ، بعد 60 يوماً على انضمام جنوب السودان إليها يعد أكبر تحد يواجه دولة العسكر، حيث تعطي هذه الاتفاقية دفعة كبيرة لإثيوبيا للتلاعب بمياه النيل وإلغاء نظام الحصص المعمول به منذ عشرات السنين، وهو ما يهدد مصر والشعب المصري بالعطش .

ومنذ بداية العمل في سد النهضة الأثيوبي، طالب الخبراء بضرورة توجيه ضربة عسكرية لهذا السد لأنه سيحرم مصر من حقوقها التاريخية في مياه النيل، إلا أن نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي تجاهل كل هذه المطالبات، بل وذهب إلى أبعد من ذلك في العمل ضد الأمن القومي المصري عبر التوقيع على ما يعرف باتفاق المبادئ في العام 2015 مع رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد ورئيس السودان الأسبق عمر البشير، وهو ما يعني موافقة السيسي على إقامة سد النهضة رغم أنه ضد المصالح المصرية .

اتفاق المبادئ بجانب اتفاقية عنتيبي جعلت أثيوبيا تمضي في طريقها للسيطرة على مياه النيل وإقامة ما تشاء من سدود دون اكتراث بحرمان مصر من حقوقها التاريخية في مياه النهر.   

يشار إلى أن الاتفاق الإطاري للتعاون بين دول حوض النيل المعروف بـ”اتفاقية عنتيبي”، ينصّ على ضرورة انضمام ست دول على الأقل من أصل 11 دولة تشكّل حوض النيل، من أجل تفعيلها، وسبق أن وقّعت خمس دول على الاتفاق الإطاري في عام 2010، هي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا، قبل انضمام جنوب السودان خلال العام 2024 . 

في المقابل رفضت بوروندي والكونغو الديمقراطية وإريتريا بجانب مصر والسودان التوقيع على الاتفاقية لعدم اعترافها بالحصص المائية التاريخية لهما، التي تنص عليها عدة اتفاقيات أبرمت القرن الماضي، لكن ترفضها دول المنبع وتصفها بـ”الاستعمارية”.

عائلة النيل

في هذا السياق قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً): إن “يوم 13 أكتوبر 2024 يعتبر بداية حقبة جديدة لدول حوض النيل، إذ إنه يمثل تتويجاً لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمنطقي لمياه النيل، مع دخول اتفاقية إطار حوض نهر النيل حيز التنفيذ، ودعم روابطنا بوصفنا عائلة النيل ويضمن أن إدارة واستخدام مواردنا المائية المشتركة تعود بالنفع على الجميع، لصالح الجميع”.

ودعا أبي أحمد في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً) الدول غير الموقعة للانضمام إلى عائلة النيل، حتى نتمكن معاً من تحقيق أهدافنا المشتركة للتنمية التكامل الإقليمي.

دعوى دولية

من جانبه أكد أستاذ هندسة السدود الدكتور محمد حافظ، أن عدم اعتراف مصر والسودان بدخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، لا يمنع تنفيذها، وإن كان وجود اسم السودان داعما لموقف دولة العسكر ليس له قيمة، لأن السودان هي دولة ممر وستحصل على ما تريده من مياه قبل وصولها لمصر.

وقال حافظ في تصريحات صحفية: إن “أهم ما يخيف العسكر من تنفيذ اتفاقية عنتيبي هو غياب آليات التحكّم والتنسيق بين دول حوض النيل، والتي قد تؤدي لخفض تدفق المياه الى مصر، وسيكون أول نتائج هذه الاتفاقية إعادة تقاسم المياه بين دول الحوض، موضحا أن الاتفاقية تتيح لدول المنبع، إقامة مشاريع للري والطاقة الكهربائية دون الحصول على موافقة مسبقة مع إلغاء الحصة التاريخية لمصر والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب”. 

وأضاف، جوهر اتفاقية عنتيبي يسمح لدول المنبع ودول الممر باستهلاك ما تريده من مياه النيل (الأبيض والأزرق) لكافة أغراض التنمية الزراعية وإنتاج الكهرباء دون حاجة لإبلاغ دولة المصب أو أخذ احتياجاتها في الاعتبار  .

وحول ما بيد دولة العسكر من أوراق ضغط لمنع تنفيذ اتفاقية عنتيبي، أوضح حافظ أنه قد تكون هناك فرصة نسبة نجاحها بسيطة جداً، من خلال رفع دعوى دولية ضد شرعية اتفاقية عنتيبي، وأنها ليست على وفاق مع الخطوط الإرشادية لاتفاقيات المياه الدولية، إلا أن هذا المسار بطيء للغاية وقرار المحكمة الدولية سيكون غير ملزم لأن الدول الأعضاء في اتفاقية عنتيبي لن تشارك فيها.

وشدد على أنه قد تكون أيضاً هناك فرصة لمطالبة البنك الدولي بالتدخل في هذا الأمر، وأخذ تجربة تدخل البنك الدولي بين باكستان والهند نموذجا لما يجب أن يكون عليه اتفاقية عنتيبي . 

خداع إثيوبي

وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضي بجامعة القاهرة: إن “إثيوبيا أرادت بهذه الاتفاقية، إقحام دول منابع النيل الأبيض (بوروندي ورواندا والكونغو الديمقراطية وكينيا وتنزانيا وأوغندا) فيما لا ناقة لها فيه ولا جمل بزعم إعادة تقسيم مياه النيل، أو تقسيم فقط ما يجري بين ضفتي النهر وليس كل موارد النهر من أمطار وبحيرات ومياه جوفية ومستنقعات طبقاً لتعريف الأمم المتحدة للنهر الدولي”.  

وأكد نور الدين في تصريحات صحفية أن ذلك أمر مستحيل من الناحية العلمية، لأنه على أرض الواقع تنبع روافد النيل الثلاثة القادمة من إثيوبيا في شرق أفريقيا من منسوب 1820 متراً فوق مستوى سطح البحر وتنساب مع الانحدار الطبيعي في اتجاه السودان حتى مدينة الخرطوم وعطبرة وملكال على منسوب 500 متر، وبالمثل تأتي مياه النيل الأبيض من هضاب البحيرات الاستوائية العظمى من وسط أفريقيا الاستوائية من منسوب 1200 متر حتى تصل إلى الخرطوم على منسوب 500 متر، وبالتالي فلا بد لأنهار إثيوبيا الثلاثة من أن تتجه حتماً إلى السودان سواء للخرطوم أو شمالها (نهر عطبرة) أو جنوبها (نهر السوبات) عند منسوب 500 متر، وبالتالي لا يمكن لها أن تمد دول منابع النيل الأبيض بحصة من مياهها عكس الانحدار متجه إلى منسوب 1200 متر، ولا يمكن للنيل الأبيض ودول منابعه الذي تتجه مياهه حتماً إلى الخرطوم عند منسوب 500 متر أن تصعد إلى الهضاب الإثيوبية عكس الانحدار حتى تصل إلى منسوب 1820 متراً داخل الأراضي الإثيوبية . 

وأضاف: هناك خداع إثيوبي لدول منابع النيل الأبيض حول إعادة توزيع مياه النهر على دول الحوض، وهذا غير صحيح علمياً وعكس الانحدار، وجاء فقط لأن عينها على ما يخرج من إثيوبيا بحجم 71 مليار متر مكعب مقابل 13 ملياراً فقط تأتي من منابع النيل الأبيض، وأيضاً لكي يمكنها استغلال هذه الدول في التصويت على إنشاء سدود عملاقة في إثيوبيا تضر بمصر والسودان.

وأشار نور الدين إلى أن من نصوص هذه الاتفاقية غير العادلة، النص على أن يكون التصويت لإنشاء السدود وحصص المياه ونقل المياه بالأغلبية بدلاً من التوافق كما في السابق (أي عدم اعتراض أي دولة أو يكون لها حق الامتناع عن التصويت وليس الرفض)، وطبعاً دول المنابع تشكل الأغلبية بما هي ست دول لمنابع النيل الأبيض ومعها إثيوبيا وجنوب السودان مقابل مصر والسودان فقط بوصفهما دولتي مصب، وبالتالي فالأغلبية مضمونة ويكون لها الحق في تحديد مياه دولتي المصب على عكس قانون الأمم المتحدة للمياه، الذي يعطي تميزاً لدول المصب لكونها دوماً الدول الأفقر مائياً . 

الإخطار المسبق

 وأكد الخبير بالشأن الإفريقي رمضان قرني، أن إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تفعيل اتفاقية عنتيبي يعد محاولة من النظام الإثيوبي المأزوم لتجاوز بعض التحديات الداخلية.  

وقال قرني في تصريحات صحفية: “اتفاقية عنتييي محاولة من طرف إثيوبيا وبعض دول حوض النيل للتحايل على المبادرة المصرية التى طرحت عام 1999 لتطوير حوض النيل، وتنظر لحوض النيل كوحدة متكاملة ولديها مبدأ أساسي يتعلق بالتنمية وجانب مهم هو رفض خروج المياه خارج دول حوض النيل”.

وأضاف: بدأت إثيوبيا تتحرك مع بعض الدول وتطرح اتفاقا جديدا يسمى إعلاميا اتفاق عنتيبي، مشيرا إلى أن مصر منذ اليوم الأول لاتفاق عنتيبي طرحت 3 تحفظات على الاتفاق، التحفظ الأول يتعلق بالحصص التاريخية، حيث لم تنص اتفاقية عنتيبي على أي بنود حول الحصص.

وأشار قرني إلى أن إثيوبيا تروج أن اتفاقيات حصص المياه أبرمت في عهد الاستعمار مع العلم أن هذا الكلام مخالف لنصوص الاتحاد الإفريقي وللاتفاقيات الإثيوبية، لافتا إلى أن إثيوبيا في 1902 وقعت اتفاقية الإمبراطور ميلنك وتنص صراحة على عدم القيام بأي مشروعات على السوباط أو النيل الأزرق أو بحيرة تانا، وهناك اتفاق إعلان إطاري في 1993 بين المخلوع مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي ويتحدث صراحة عن عدم القيام بأي مشروعات تضر الأطراف الأخرى ثم لدينا اتفاق إعلان المبادئ الأخير .

وتابع: الجانب الثاني يتعلق بسماح اتفاقية عنتيبي لدول الاتفاقية بإنشاء مشروعات على مياه النيل الأزرق دون التوافق مع دول المصب وهنا عدم مراعاة لفكرة العدالة في استخدام مياه النيل، موضحا أن دول حوض النيل لا تتجاوز حصتها من مياه النيل 1-2%، بينما مصر 97% من اعتمادها على المياه هو من نهر النيل .

وكشف قرني أن اتفاقية عنتيبي لم تتحدث عن فكرة الإخطار المسبق قبل إقامة أي مشاريع على حوض النيل وهذه مخالفة لقواعد القانون الدولي .

* باسم يوسف في قلب الجدل.. هل يتاجر بالقضية الفلسطينية أم يدعمها بصدق؟

أثار باسم يوسف موجة جدل كبيرة بعد ظهوره للمرة الثالثة في برنامج بيرس مورغان، بالتزامن مع مشاركته في برنامج “Arabs’ Got Talent” على قناة MBC السعودية المتهمة بالتصهين.

اتهمه البعض بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية، حيث أنه من جهة يدين جرائم الاحتلال ويدافع عن الفلسطينيين، ومن جهة أخرى يتعاون مع قناة سعودية وصفها النشطاء بأنها تروج لرواية الاحتلال.

الانتقادات لم تقتصر على ذلك، بل تضمنت صورته مع مورغان المعروف بدعمه لإسرائيل، مما دفع باسم للرد وتأكيده على أهمية مواصلة الحديث عن القضية الفلسطينية رغم الجدل.

* رسالة إماراتية مهينة للسيسي: احتجاز لاعبي الزمالك يكشف التبعية المصرية وسط صمت المسؤولين

في خطوة تعكس تصاعد التوترات بين مصر والإمارات، وتسلط الضوء على العلاقات غير المتوازنة بين البلدين، احتجزت السلطات الإماراتية لاعبي فريق الزمالك المصري في مطار أبوظبي، مما أثار موجة من الغضب والاستياء بين مشجعي الفريق والرأي العام المصري. هذه الحادثة المؤسفة تأتي في إطار ما يراه الكثيرون رسالة واضحة من الإمارات إلى النظام المصري، مفادها “نحن السادة وأنتم العبيد”، في ظل الصمت المطبق الذي أبداه المسؤولون المصريون تجاه هذا الإهانة العلنية.

صمت مصري مريبرغم الجدل الكبير الذي أثارته الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الجهات المصرية توضح أسباب احتجاز لاعبي الزمالك أو تسعى لحل الأزمة.

هذا الصمت المريب يعكس حالة التبعية التي أصبحت مصر تعيشها تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تبدو الدولة عاجزة عن اتخاذ موقف واضح أو الدفاع عن مواطنيها في مواجهة القرارات المهينة الصادرة من دولة خليجية مثل الإمارات.

العلاقات المصرية الإماراتية: تبعية لا شراكةعلى مدار السنوات الأخيرة، ازداد النفوذ الإماراتي في مصر بشكل ملحوظ، خاصة في المجالين الاقتصادي والسياسي. العديد من المراقبين يرون أن سياسات السيسي جعلت مصر أكثر انصياعًا لتوجهات أبوظبي، مما أضعف قدرة القاهرة على اتخاذ قرارات مستقلة تحمي سيادتها أو تدافع عن مصالحها الوطنية.

حادثة احتجاز لاعبي الزمالك تمثل رمزًا لهذا الخلل العميق في العلاقة بين البلدين، حيث تستغل الإمارات هذا النفوذ لإرسال رسائل سياسية مهينة دون خوف من رد فعل مصري.هل يفقد النظام المصري احترامه أمام الشعب؟التجاهل الرسمي للاعبين المحتجزين يثير تساؤلات حول مدى استعداد النظام المصري للدفاع عن كرامة مواطنيه.

في الوقت الذي يعتبر فيه الزمالك واحدًا من أبرز الفرق الرياضية في مصر، فإن المعاملة المهينة التي تلقاها لاعبوه على يد السلطات الإماراتية، والصمت الذي تلاها، يعزز الشعور بالغضب والإحباط لدى الجمهور المصري. هذه الواقعة قد تكون مجرد جزء من صورة أوسع لانهيار مكانة مصر الإقليمية وتراجع قدرتها على فرض احترامها في المحافل الدولية.

إلى أين تتجه الأمور؟إذا استمر النظام المصري في تجاهل مثل هذه الانتهاكات المتكررة، قد تجد مصر نفسها في موقف أكثر ضعفًا على الساحة الإقليمية، حيث تتعامل معها الدول الأخرى كمجرد تابع وليس كشريك.

الرسالة التي بعثتها الإمارات من خلال احتجاز لاعبي الزمالك واضحة: مصر لم تعد تمتلك القدرة على حماية حقوق مواطنيها أو الدفاع عن كرامتها في وجه الأطراف الإقليمية الأقوى.

دعوات للتغييرإن الخطوة المقبلة تتطلب من المصريين أن يتحدوا في مواجهة هذا الواقع الأليم. يجب أن تكون هناك دعوات قوية لتغيير النظام الذي يقود البلاد نحو الهاوية. ينبغي للمواطنين أن يطالبوا باستعادة كرامتهم، وأن لا يسمحوا بأن تُعهد حقوقهم ومصالحهم للأطراف الخارجية.

لقد آن الأوان للمواطن المصري العادي أن يعيد تقييم موقفه من الحكومة، ويطرح تساؤلات حول من يمثلهم بالفعل. هل لا يزال النظام الحالي قادرًا على الدفاع عن حقوقهم، أم أنه مجرد أداة في يد دول أخرى تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة على حساب الشعب المصري؟

ختاما؛ احتجاز لاعبي الزمالك في الإمارات يعكس واقعًا مؤلمًا حول التبعية والإهانة التي تعاني منها مصر تحت حكم السيسي. إن صمت المسؤولين يكشف عن فشلهم في حماية حقوق المواطنين، ويجب أن يكون دعوة للجميع للتفكير في مستقبلهم. إذا لم يتحرك الشعب المصري للدفاع عن كرامته، فإن الوضع لن يتغير، وسنستمر في رؤية مزيد من الإهانات والانتهاكات في المستقبل. لا يمكن أن تُترك الأمور هكذا، وعلى المصريين أن يرفعوا أصواتهم من أجل التغيير واستعادة حقوقهم.

 

* حكومة مصر تغرق في أزمة الغاز وتزيد الاعتماد على إسرائيل

تسعى وزارة البترول المصرية إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل بنحو 10% خلال نوفمبر المقبل في مسعى يثير القلق بشأن استقلالية الطاقة وبدلًا من تطوير الموارد المحلية يبدو أن الحكومة المصرية تعتمد بشكل متزايد على إمدادات الغاز من الخارج في وقت تحتاج فيه البلاد إلى خطة شاملة لتحسين الوضع الاقتصادي

وفقًا لمسؤول حكومي فإن الزيادة المستهدفة في الواردات اليومية من الغاز الإسرائيلي تقارب 100 مليون قدم مكعبة يوميًا مما يعني أن إجمالي التدفقات سيصل إلى حوالي 1.15 مليار قدم مكعبة في نوفمبر المقبل وهذه الأرقام تضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من الغاز في ظل تراجع إنتاجها المحلي

إن حجم واردات مصر من الغاز الطبيعي الإسرائيلي غير ثابت ويتغير بشكل شهري إذ بلغت التدفقات اليومية نهاية سبتمبر الماضي ما بين 950 و970 مليون قدم مكعبة ولكن سرعان ما ارتفعت بداية أكتوبر الجاري لتتراوح بين 1 و1.050 مليار قدم مكعبة يوميًا وهذا يعني زيادة تتراوح بين 50 و80 مليون قدم مكعبة عن سبتمبر الماضي ويظهر ذلك الاعتماد المتزايد على الغاز الإسرائيلي في وقت يعتبر فيه الأمن الطاقي قضية حساسة

تاريخ استيراد الغاز الإسرائيلي يعود إلى عام 2020 حين أبرمت مصر صفقة بقيمة 15 مليار دولار مع شركات نوبل إنرجي وديليك دريلينج الإسرائيلية وشركة دولفينوس القابضة المصرية ورغم أن الاتفاق يعد خطوة مهمة لتلبية الاحتياجات المحلية إلا أنه يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على استغلال مواردها المحلية بشكل أفضل خاصة في ظل التراجع الكبير في الإنتاج المصري

وفي تصريح صادم قال وزير البترول كريم بدوي إن إنتاج الغاز الطبيعي في مصر شهد تراجعًا يتراوح بين 20 إلى 25% خلال العامين الماضيين وهذا التراجع يزيد من تفاقم الأزمة الطاقية في البلاد ويضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية لدعم الشركاء في برامج التنمية وخطط الحفر والاستكشاف المستهدفة

على الرغم من أن احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي تبلغ حوالي 6.2 مليار قدم مكعبة يوميًا فإن إنتاجها المحلي لا يتجاوز 4.8 مليار قدم مكعبة مما يعني أن هناك فجوة كبيرة بين الطلب والإنتاج وهذه الفجوة تضع الحكومة أمام تحديات كبيرة وقد أشار المسؤول إلى أن الحكومة عوضت جزءًا من هذه الفجوة عبر التعاقدات الخارجية حيث حصلت الدولة على حوالي 26 شحنة غاز مسال خلال الصيف في الربع الثالث من العام الجاري

ومع اقتراب فصل الشتاء تستعد الحكومة لطرح مناقصة جديدة لتغطية الطلب حيث اشترت مصر نحو 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال من خلال أول مناقصة لها ونجحت الوزارة في الحصول على كامل الكميات المستهدفة بعلاوات سعرية أقل من المتوقع لكن يبقى السؤال الأهم هل يمكن الاعتماد على هذه الحلول قصيرة المدى دون معالجة جذرية للأسباب الأساسية للأزمة الطاقية في البلاد

تظهر هذه الأرقام والإحصائيات صورة قاتمة عن الوضع الحالي لقطاع الطاقة في مصر ويظهر التقاعس الحكومي في معالجة القضايا الأساسية المتمثلة في تحسين الإنتاج المحلي واستغلال الموارد الطبيعية بشكل أفضل إن الاستمرار في الاعتماد على الغاز الإسرائيلي دون خطط واضحة للإصلاح قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ويجعل من مصر دولة تعاني من أزمة طاقة حادة في السنوات المقبلة

إن أي حكومة مسؤولة يجب أن تتحمل مسؤولياتها وتبدأ فورًا في وضع استراتيجيات طويلة الأجل لتطوير الإنتاج المحلي من الغاز وتحسين بنية القطاع الطاقة بدلًا من التعامل مع الأزمات ببرامج طارئة تحاول تعويض الفجوات دون النظر إلى الجذور هذه الحالة تتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات جريئة تتماشى مع متطلبات السوق المحلية ومواجهة التحديات الاقتصادية بجدية

مستقبل مصر في مجال الطاقة على المحك وإذا استمرت الحكومة في اتباع السياسات الحالية فمن المؤكد أن البلاد ستواجه أزمات أكبر في المستقبل وهذه الأزمات قد تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والاقتصاد ككل لذا يتوجب على الحكومة أن تكون أكثر شفافية وأن تتحمل مسؤولياتها أمام الشعب بدلاً من الاكتفاء بتحقيق صفقات قصيرة الأجل قد تبدو مغرية ولكنها ستؤدي إلى مزيد من المشكلات على المدى الطويل

ويجب أن تكون هناك دعوة عاجلة لإعادة التفكير في استراتيجية الحكومة فيما يتعلق بقطاع الطاقة والبدء في تطوير مصادر محلية مستدامة لتلبية احتياجات السوق وهذا يتطلب جهدًا حقيقيًا وإرادة سياسية قوية للبدء في بناء مستقبل طاقي أفضل لمصر ولشعبها

 *سؤال للذباب الخليجي: أين تكافؤ القوة؟! المقاومة الشعبية للسويس تصنع عيد 24 أكتوبر

احتفال عيد المقاومة الشعبية الموافق الخميس 24 أكتوبر الذي رسمته محافظة السويس عيدا قوميا لها يراه الوطنيون ومصريون أولى بالاحتفال به، أكثر من يوم ٦ أكتوبر الذي مر عليه 51 عاما، حيث انتفض رجال المقاومة الشعبية في السويس، ومنهم الشيخ حافظ سلامة للتصدي لدبابات شارون في مدخل السويس منطقة المثلث ودمروا له 7 دبابات، هي الأغلى وكادوا أن يفتكوا بما خزنه جيش الاحتلال على طول خط القناة لاسيما في الجزء الجنوبي من القنال الموازي للسويس محافظة الرجال.

وهذا العام احتفال خاص بالعيد حيث يرقص الذباب الخليجي (اللجان) وخبراء قنوات (العربية) و(الحدث) والمحطات العربية الموازية لهما وأغلب صحف محمد بن سلمان وأقلامه المقربون في نفض أياديهم عن غزة بسبب إدعاء توريط “حماس” غزة وفلسطين في دفع فاتورة عالية لردهم على الجيش “الاسرائيلي” كما فعل رجال المقاومة الشعبية وحافظ سلامة في الأربعين (أبرز ميادين المدينة).

بالغ الذباب ومساندوهم من المرتزقة الالكترونيين عندما اتهموا “حماس” بخيانة القضية وهم يريدون أن يتحللوا من دماء أبرياء غزة ونسائها، فالمحافظ قرر تسليم مدينة السويس للسفاح شارون الذي حاصر السويس بالدبابات والطائرات، وهدد كما يهدد نتنياهو بمحو المدينة بالكامل على رؤوس سكانها، وحاصرها لمدة 3 شهور إلا أن مقاومة السويس تهورت واختارت مخالفة قرار المحافظ لتقاوم جيش العدو، “وضحى بالمدنيين، ومكنش عامل حساب فرق القوة والتسليح” بحسب ناشط.

عمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدات في 22 أكتوبر 1973م، وتسللت “إسرائيل” إلى غرب قناة السويس في منطقة “الدفرسوار” القريبة من الإسماعيلية بهدف حصار الجيش الثالث الميداني بالضفة الشرقية للقناة، وتهديد القاهرة واحتلال مدينة السويس بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية حتى تجد ما تفاوض عليه في اتفاقية وقف القتال، وأسلمت القيادة “الإسرائيلية” هذه المهمة إلى الجنرال أدان الذي وجه إنذار إلى محافظ السويس بالاستسلام أو تدمير المدينة بالطيران الإسرائيلي، ولكن الشيخ حافظ سلامة بحسب @EL_AY20 ومعه عدد من القيادات الشريفة المجاهدة، ومعه جميع أبناء المدينة قرروا رفض تسليم المدينة، واستمرار المقاومة مهما كانت الظروف، ووقف الشيخ حافظ سلامة على منبر مسجد الشهداء ليعلن بدء عمليات المقاومة.

تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات “الإسرائيلية” المعادية وقصف مستمر من الطائرات وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتين من جنود المشاة بعربات مدرعة، وعلى الرغم من موافقة إسرائيل على قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار إلا أنها لم تلتزم بقرار ثان لنفس المجلس وواصلت هجومها على المدينة، واقتحمت قوة من الجيش “الإسرائيلي” مبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا أن رجال المقاومة تصدوا لها مع عدد من رجال القوات المسلحة في معركة دامية، كانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدو ومدرعاته التي اقتحمت المدينة، وسقوط عدد من رجال المقاومة شهداء.

بدأت أعداد القتلى والجرحى “الإسرائيليين” في التزايد بأيدي القوات المسلحة ورجال ونساء وأطفال السويس حتى تم اندحار القوات الإسرائيلية عقب أكبر هزيمة لمعركة الدبابات حيث فقدت إسرائيل فيها 76 دبابة ومصفحة بأسلحة المقاومة.

الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب تحدث عن هذا الدور قائلاً: “إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23 إلى 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة”.

وكانت السويس وحي الاربعين، شرارة ثورة 25 يناير المجيدة وسمي حي الاربعين بهذا الاسم نسبة لمسجد الشيخ عبد الله الاربعين أحد أقدم وأكبر المساجد بعد مسجد الشيخ عبد الله الغريب، وكانت تخرج منه التجمعات بعد صلاة الجمعة.

وتوفى الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية المصرية في السويس، في أبريل 2021، عن عمر يناهز 96 عاما بعد وعكة صحية. الشيخ حافظ سلامة له دوره في حرب الاستنزاف وصمود السويس 100 يوم وكان أحد أسباب عدم استسلام مدينة السويس الباسلة عقب الثغرة في حرب أكتوبر 1973 وصمود المدينة أمام الحصار.

* زمن السلبية وواقع الأزمات: الحكومة المصرية تتجاهل آلام الشعب وتفشل في تأمين القمح

تعيش مصر اليوم في زمن تسوده الأزمات المتعددة والمستفحلة حيث كانت تُعرف في عصور سابقة بأنها سلة غذاء العالم لتتحول اليوم إلى ساحة من الفقر والمعاناة الشديدة في ظل غياب حكومي صارخ وفيما تواصل الحكومة تراجعها عن مسؤولياتها التاريخية والشعبية

وتُشدد الخناق على الفلاح المصري الذي كان يومًا ما عماد الإنتاج الزراعي، مما ساهم في تدهور الوضع الغذائي في البلاد وكأنها عادت لزمن الجهل والفقر حيث يتغذى المواطن المصري على الأمل المفقود ويتجرع مرارة الحياة يوميًا.

حيث يعتبر القمح أحد العناصر الأساسية في النظام الغذائي المصري إلا أن الحكومة تُظهر تقاعسًا عجيبًا في التعامل مع هذه القضية الحيوية إذ تتجه نحو استيراد كميات كبيرة من القمح على الرغم من الإمكانيات الزراعية الهائلة التي تملكها،

إن هذه السياسة المتناقضة تعكس صورة مؤلمة عن الفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء مما يثير تساؤلات عديدة حول مصير الفلاحين المصريين الذين يُعتبرون عماد الزراعة والاقتصاد.

لقد اعتاد المصريون على اعتبار الأرض هي مصدر قوتهم حيث كان الفلاح المصري على مر العصور هو من يقوم بزراعة الأرض والاعتناء بها لكن الحكومة لم تفعل شيئًا لتمكينهم من الاستمرار في هذا الدور بل ساهمت في تضييق الخناق عليهم بتشجيع الاستيراد الذي أضر بهم بشكل غير مسبوق،

بالإضافة إلى أن غياب السياسات الحكومية التي تركز على الزراعة المحلية وتعزيز الإنتاج أدى إلى تفشي الفقر وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

تاريخيًا كانت مصر تُعرف بقدرتها على تلبية احتياجات مواطنيها من المنتجات الزراعية، وخصوصًا القمح حيث كانت دلتا النيل تُعتبر سلة الخبز للدول المجاورة.

إلا أن الأحداث المتتالية على مدار العقود الماضية كشفت عن خلل كبير في نظام الإنتاج الزراعي حيث أصبح الاعتماد على الواردات هو السمة الغالبة الأمر الذي يُضعف من قدرة مصر على مواجهة الأزمات الغذائية.

رغم الوعود والتعهدات الحكومية التي تأتي في إطار برامج تنموية، لا يزال الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ضئيلًا. إذ تشير الأرقام إلى أن مصر تستورد حوالي 80 في المئة من احتياجاتها من القمح مما يجعلها أكبر مستورد للقمح في العالم،

وفي ظل الصراعات السياسية والأمنية التي تشهدها بعض دول العالم، فإن هذه النسبة تُعد مؤشرا مقلقًا على عدم الاستقرار الغذائي الذي يُعاني منه المواطن المصري.

الحديث عن الاكتفاء الذاتي من الغذاء لا يقتصر فقط على النظر إلى الأرقام بل يجب أن يترافق مع سياسات عملية تدعم الفلاحين وتحفزهم على زيادة إنتاجهم، لكن ما يحدث هو العكس تمامًا

حيث يُظهر الفلاحون عدم الرغبة في زراعة أراضيهم بسبب تدهور الأوضاع وارتفاع تكلفة الإنتاج مقابل الأسعار المتدنية التي يتلقونها مقابل محاصيلهم مما يُظهر جليًا غياب الرؤية الحكومية الواضحة نحو دعم القطاع الزراعي.

لذلك فإن ما يحدث اليوم هو نتيجة حتمية لسياسات خاطئة امتدت لعقود عديدة فبدلًا من أن تكون الحكومة هي الراعية للفلاحين، أصبحت عائقًا أمامهم،

وقد أدى ذلك إلى تفشي ظاهرة البطالة والفقر بين صفوف الفلاحين الذين يعانون من الجفاف وعدم توفر الأسمدة والمياه اللازمة للزراعة مما يؤدي إلى تدهور الإنتاج وارتفاع الأسعار بشكل مستمر.

حقيقة الأمر أن هناك حالة من الإحباط العام في صفوف المواطنين الذين يرون أن الأوضاع الاقتصادية لا تتحسن بل تسير من سيئ إلى أسوأ.

إن هذا الواقع المرير يعكس غياب الأمل والثقة في الحكومة وقدرتها على تحقيق أي تغيير إيجابي بل يبعث على الخوف من المستقبل الذي يبدو مظلمًا ولا يحمل في طياته أي بارقة أمل خاصة في ظل الصعوبات التي يُعاني منها المصريون في الحصول على قوت يومهم.

ويُعد الفقر أحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع المصري حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر تجاوزت 30 في المئة من الشعب المصري.

إن هذه النسبة تعكس مدى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المصريون مما يُؤكد أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية المتبعة وتوجيه الجهود نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والمنتجات الزراعية.

عندما نستعرض تجارب الدول التي تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي نجد أن ذلك لم يكن ليحدث دون إرادة سياسية واضحة ودعم حكومي قوي للقطاع الزراعي. ولكن في مصر، يتضح جليًا أن الحكومة لا تملك تلك الإرادة، مما يجعل من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة.

ومع استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه الزراعة المصرية، تظل الحكومة مُستمرّة في اتخاذ خطوات غير مُجدية حيث تُظهر عجزًا تامًا في وضع استراتيجيات فعالة للتصدي للأزمة.

ورغم كل النداءات من قبل الفلاحين والمزارعين، لا يبدو أن هناك أي تغيير ملموس على الأرض، مما يزيد من حالة الإحباط وعدم الثقة في المؤسسات الحكومية.

إن الوضع الحالي يبعث على القلق الشديد خصوصًا مع ارتفاع الأسعار الجنونية للسلع الأساسية مثل الخبز الذي يُعتبر عنصرا حيويًا في حياة المواطن المصري.

فمع استمرار ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الفلاحين على تلبية احتياجات السوق، يبدو أن الحكومة تُغض الطرف عن الأزمة، مما يجعل من الصعب على المواطنين الاستمرار في الحصول على أبسط مقومات الحياة.

وفي ظل هذا الواقع المرير، يُعاني الشباب من فقدان الأمل حيث تشير التقارير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب مما يزيد من المخاوف من تفشي الجريمة والعنف في المجتمع.

إن هذه الأوضاع تُجبر الكثير من الشباب على البحث عن فرص عمل خارج البلاد، تاركين وراءهم أحلامهم وآمالهم في وطن لم يُقدم لهم أي فرصة.

إن أزمة القمح ليست مجرد أزمة غذائية بل هي أزمة حياة وموت، إذ إن توفير الخبز يعتبر من أبسط حقوق المواطن. ولكن بفضل السياسات الفاشلة، تجد الحكومة نفسها في دوامة من الفشل والفساد مما يضع مستقبل الأجيال القادمة في خطر حقيقي.

فالأمل الوحيد الذي يمكن أن يحمله المواطن المصري اليوم هو التغيير الجذري في السياسات الحكومية والتي يجب أن تركز على دعم الفلاحين وتعزيز إنتاج القمح المحلي.

إن هذا التغيير يجب أن يأتي من خلال استراتيجيات واضحة ومتكاملة تتبناها الحكومة، ولكن يبدو أن هذا الأمل بعيد المنال في ظل الوضع الراهن.

إن الفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح هو بمثابة فشل كامل للمنظومة الحكومية التي لا تُعير اهتمامًا لمطالب الشعب.

فيجب على الحكومة أن تعيد تقييم سياستها تجاه القطاع الزراعي وأن تُعيد الفلاح المصري إلى مركز الصدارة في الإنتاج الزراعي، وعليها أن تدرك أن التغاضي عن هذه القضايا سيؤدي إلى تفاقم الأزمات بشكل لا يُمكن إصلاحه.

إن الأمل في التغيير يتلاشى يوما بعد يوم، ومصر اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الزراعية لتفادي كوارث مستقبلية.

فالأزمات لن تُحل بالكلمات أو الوعود بل بالعمل الجاد والفوري الذي يجب أن يلتزم به الجميع من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

* رسالة حاسمة من مديرة صندوق النقد للسيسي: تنفيذ الإصلاحات خلال 10 أيام لضمان استمرار القرض

مقدمة في إطار المتابعة الدورية لصندوق النقد الدولي للأوضاع الاقتصادية في مصر، أرسلت مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا رسالة واضحة للحكومة المصرية بضرورة تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها.

وصرحت جورجييفا بأن الوضع يتطلب تنفيذ هذه الإصلاحات خلال الأيام العشرة القادمة من أجل ضمان استمرار برنامج القرض البالغ قيمته ثمانية مليارات دولار. هذا التحذير يأتي في وقت تشهد فيه مصر ضغوطاً اقتصادية غير مسبوقة ناتجة عن التوترات الإقليمية وارتفاع معدلات التضخم، ما يضع الحكومة المصرية أمام تحديات صعبة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

تحذيرات صندوق النقد وأولوياته

أعلنت كريستالينا جورجييفا أن برنامج القرض لا يزال مناسبا لتلبية احتياجات الاقتصاد المصري، لكنها شددت على أن التأخير في تنفيذ الإصلاحات قد يهدد استمراره.

وفي حديثها عن برنامج الحماية الاجتماعية، أكدت جورجييفا أن الصندوق سيضع تقييم هذه البرامج ضمن أولوياته عند مراجعة الأداء الاقتصادي لمصر، مشيرة إلى أن الصندوق مستعد لتعديل بعض عناصر البرنامج إذا لزم الأمر، لكن بشرط الالتزام بالمسار الإصلاحي المرسوم.

جاء هذا التصريح خلال مؤتمر صحفي عقدته جورجييفا تحت عنوان “أجندة السياسة العالمية لصندوق النقد الدولي لعام 2024″، حيث ناقشت فيه أبرز التحديات التي تواجه الأسواق الناشئة، وخصّت مصر بتحذيرها بضرورة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لضمان صرف الشرائح المتبقية من القرض.

تأثيرات التأخير في الإصلاحات على الاقتصاد المصري

بحسب تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر عن الصندوق، يُتوقع أن يصل معدل التضخم في مصر إلى 33.3% خلال العام الجاري، مقارنة بـ 24.4% في عام 2023، ما يضع أعباء إضافية على الاقتصاد المحلي ويزيد من الضغوط على المواطنين.

ويرى صندوق النقد أن التأخير في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية قد يؤدي إلى مزيد من تراجع الاستقرار المالي وزيادة معدلات الفقر، مما يؤكد حاجة مصر إلى تنفيذ هذه الإصلاحات بشكل عاجل.

هذا التضخم المرتفع يعكس مدى حاجة الاقتصاد المصري للإصلاحات الهيكلية التي تمكنه من استعادة النمو والاستقرار، حيث تأثرت الأسواق المحلية بارتفاع تكاليف المعيشة وضعف العملة المحلية، مما أدى إلى تزايد الاعتماد على السلع المستوردة ورفع الأسعار بشكل مباشر على المواطنين.

موقف الحكومة المصرية ومحاولات التأجيل

أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بهدف تعديل بعض الأهداف والتوقيتات المحددة في البرنامج، خصوصاً بعد تزايد الضغوط الاقتصادية الناتجة عن الأحداث الإقليمية مثل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وكذلك تراجع إيرادات قناة السويس جراء التوترات في البحر الأحمر.

وأوضح مدبولي أن برنامج الإصلاح يتضمن أهدافاً وتوقيتات محددة، مشيراً إلى أن بعثة صندوق النقد ستصل قريباً لإجراء المراجعة الرابعة، حيث سيتم مناقشة إمكانية تعديل البرنامج لتخفيف العبء عن المواطن المصري.

تحرير أسعار الوقود وتأثيره على حياة المواطنين من ضمن المطالب الإصلاحية التي اتفق عليها صندوق النقد مع الحكومة المصرية، تحرير أسعار الوقود والطاقة، وهو ما دفع الحكومة إلى زيادة أسعار البنزين ثلاث مرات منذ بداية العام الحالي، ورفع سعر السولار المستخدم في النقل والمواصلات العامة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير وزيادة أعباء المواطنين.

في ظل هذا الواقع، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي حكومته إلى مراجعة الاتفاقيات مع الصندوق بعد موجة من الغضب الشعبي بسبب الزيادات المستمرة في أسعار الوقود.ويأتي هذا التحرير استجابة لطلب صندوق النقد الدولي كشرط للإفراج عن الشريحة المقبلة من القرض، والتي تبلغ 1.3 مليار دولار.

ويُعد تحرير أسعار الوقود خطوة ضرورية لتحقيق أهداف الصندوق بتحقيق سوق حرة، إلا أنها تؤدي بشكل مباشر إلى رفع أسعار السلع والخدمات وزيادة العبء المالي على المواطنين، ما يزيد من التوتر الاجتماعي.

التحديات الإقليمية تزيد من الضغوط الاقتصادية

أثرت التوترات الإقليمية في المنطقة، خاصةً النزاع الجاري في غزة ولبنان، بشكل كبير على الاقتصاد المصري، حيث تراجعت إيرادات قناة السويس التي تُعد أحد مصادر النقد الأجنبي الأساسية، كما ارتفعت تكلفة المواد الأساسية بسبب زيادة الطلب الإقليمي عليها. وترافق ذلك مع تراجع في صادرات الغاز نتيجة الأزمات العالمية، ما أدى إلى ضعف الأداء الاقتصادي وتزايد الحاجة إلى النقد الأجنبي.

رسالة قوية من الصندوق: ضرورة الالتزام بتنفيذ الإصلاحات تأتي زيارة كريستالينا جورجييفا إلى مصر كإشارة قوية إلى إصرار صندوق النقد الدولي على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة دون تأخير، وقد يشير هذا الموقف إلى نفاد صبر الصندوق إزاء تباطؤ الإصلاحات. ورغم استعداد الصندوق لتعديل البرنامج بما يخفف من وطأته على المواطن، إلا أن الصندوق يؤكد أن الحلول الجزئية أو التأجيل لن تكون كافية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب.

يبدو أن مصر تواجه مرحلة حرجة، حيث قد يؤدي التأخر في الإصلاحات إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة، ويضع الحكومة أمام خيار صعب: إما الالتزام بالإصلاحات لتحقيق الاستقرار والنمو، أو تحمل تبعات التأجيل واستمرار الضغوط الاقتصادية المتصاعدة.

* أزمة اللحوم تكشف عجز الحكومة وتزيد معاناة المصريين يومًا بعد يوم

باتت أزمة اللحوم في مصر واحدة من أكثر القضايا سخونة وتحديًا، تعكس بشكل صارخ التدهور الاقتصادي والمعاناة المتزايدة للأسر المصرية.

اللحم، هذا المكون الأساسي في غذاء المصريين، أصبح لغزًا لا يمكن حله، حيث تتعدد الأسباب وتتشابك الأرقام لتُظهر مدى الفجوة بين القدرة الشرائية للمواطنين والأسعار المتصاعدة باستمرار.

فبينما يبلغ سعر كيلو اللحوم الحية من النوع الجاموسي 155 جنيهًا ومن النوع البقري 170 جنيهًا، يباع كيلو اللحوم الحمراء للمستهلك بأسعار تتراوح بين 350 و450 جنيهًا، وهو فارق ضخم يعكس حجم الكارثة التي تواجه المجتمع المصري.

ومن المثير للسخرية أن تُبشرنا بعض الصحف بثبات أسعار اللحوم لثلاثة أشهر متتالية وكأنه إنجاز يستحق الفخر، بينما الحقيقة تكمن في أن هذا “الثبات” لا يمثل أي تحسن ملموس على أرض الواقع.

مصر الآن تحتل المرتبة رقم 147 عالميًا من بين 192 دولة من حيث نصيب الفرد من اللحوم، حيث لا يتجاوز نصيب المصري من اللحوم 60 جرامًا يوميًا.

بالمقارنة مع دول الخليج التي يتناول فيها المواطنون يوميًا كميات هائلة من اللحوم؛ البحريني يستهلك 254 جرامًا يوميًا، والقطري 216 جرامًا، وحتى في دول أقل ثراء مثل المغرب ولبنان، يتجاوز نصيب الفرد من اللحوم ما يحصل عليه المصري.

في هذا السياق، شهدت أسعار اللحوم والدواجن ارتفاعًا بلغ 22.3% مقارنة بالعام الماضي وفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ورغم هذا الارتفاع الكبير، لا يزال العديد من المسؤولين يصرون على أن الأسعار لن تتجاوز زيادات طفيفة لا تتعدى 10 جنيهات في الكيلو، وهو ما يبدو غير واقعي بالنظر إلى التذبذب الشديد في أسعار اللحوم بمنافذ البيع المختلفة.

في منافذ وزارة الزراعة، على سبيل المثال، تتراوح أسعار اللحوم بين 300 و330 جنيهًا للكيلو، بينما يبلغ سعر اللحوم المفرومة 260 جنيهًا.

في منافذ مبادرة حياة كريمة، يستقر متوسط سعر اللحوم عند 310 جنيهات، ولكن المفارقة تكمن في أن الأسعار تختلف بشدة بين هذه المنافذ والمحال التجارية.

ففي بعض الأسواق، يصل سعر الكبدة البلدية إلى 490 جنيهًا، بينما يتم بيع اللحوم البلدية بنحو 400 جنيه للكيلو، وهو ما يعني أن اللحوم أصبحت سلعة نادرة يقتصر تناولها على الطبقات الأكثر ثراء.

المأساة الأكبر تتجلى في ردود أفعال المواطنين الذين عبروا عن يأسهم وفقدانهم الأمل في قدرتهم على شراء اللحوم.

أشار مرقص حنا، الموظف الحكومي، لا يخفي استياءه من واقع أصبح فيه سعر اللحوم خارج نطاق قدرة الأسر، حيث باتت العديد من العائلات مجبرة على التخلي عن تناولها تمامًا، وهو ما يثير مخاوف جدية حول صحة الأطفال الذين يعتمدون على البروتينات لبناء أجسادهم بشكل سليم.

الأطفال في مصر اليوم ضحايا مباشرة للتقاعس الحكومي، حيث يتعرضون لنقص حاد في الغذاء الضروري لنموهم، بسبب فشل الحكومة في ضبط الأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة.

وأوضح مينا جرجس، موظف آخر، يتحدث بسخرية لا تخفي حجم الألم الذي يعانيه المواطنون، مشيرًا إلى أنه لم يعد هناكعمار” بينه وبين اللحمة، بل تحول الأمر إلى خصام طويل،

ويضيف بمرارة أنه حتى خيار التحول إلى نباتية أصبح صعبًا، بعد أن أصبح سعر الطماطم يفوق سعر المانجو. كلمات جرجس تعكس اليأس العميق الذي وصل إليه المصريون، حيث أصبحت اللحوم شيئًا من الماضي، بعيدًا عن متناول أيديهم، وكأنهم يعيشون في ظل اقتصاد ينتمي لعالم مختلف.

وتروي مريم محمود، ربة منزل، قصة مؤلمة أخرى، حيث أكدت أن عائلتها نسيت طعم اللحمة تمامًا، مشيرة إلى أن اللحوم أصبحت محصورة في أيدي الأغنياء فقط. نور الهدى، مثل الكثير من الأسر المصرية، تجد نفسها عاجزة عن تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، متسائلة: أين الحكومة من هذه الأزمة المتفاقمة؟

وليس المواطنون العاديون وحدهم من يعانون، حتى العمالة غير المنتظمة مثل محمود سعداوي يتحدث عن اللحوم وكأنها أسطورة قديمة، تصريحات مثل هذه تجسد انهيارًا اجتماعيًا خطيرًا وتكشف عن فشل صارخ في التعامل مع أزمة الأسعار، حيث أصبحت اللحوم حلمًا بعيد المنال، وأصبح المواطن المصري يعيش في ظل نظام اقتصادي لا يلبي أبسط احتياجاته.

تتقاعس الحكومة يومًا بعد يوم عن تقديم الحلول الحقيقية، وتكتفي بالتبريرات الفارغة التي تزيد من سخط الشعب، الذي يجد نفسه أمام مستقبل مجهول، في ظل أوضاع اقتصادية كارثية تستمر في التضخم دون أدنى تدخل فعلي يحمي الفئات الأكثر تضررًا.

وفي ظل الفوضى الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، تواصل الحكومة إنكار الواقع المرير، مصممة على أن الأمور تحت السيطرة، وكأن الأزمات المتصاعدة لا تعنيها.

نقيب الفلاحين، في تصريحات غامضة، أشار إلى أن سوق الماشية يعاني من ركود خانق منذ شهور نتيجة انعدام الإقبال على الشراء. ومع اقتراب موسم البرسيم، العلف الرئيسي للماشية، يتوقع أن تشهد الأسعار زيادة طفيفة، لا تتجاوز 10 جنيهات للكيلو.

ولكن هل يعقل أن تكون هذه الزيادة التافهة مقبولة في ظل الارتفاع الصادم في تكاليف الإنتاج، ولا سيما أسعار الأعلاف التي تحلق في سماء التضخم؟

المفارقة الأدهى تكمن في الفجوة الإنتاجية المذهلة التي تعاني منها مصر، حيث لا تغطي سوى 40% من احتياجاتها، بينما تستورد 60% من اللحوم من الخارج.

هذا يعني أن أي ارتفاع عالمي في الأسعار أو اضطراب في سلاسل التوريد قد يؤدي إلى أزمة غذائية كارثية. البلاد الآن أمام مفترق طرق، حيث بات الأمن الغذائي مهددًا بشدة، مما يزيد من مخاوف الشعب الذي يعاني من نقص حاد في السلع الأساسية.

ومع ارتفاع أسعار الأعلاف، خصوصًا الردة التي ارتفعت إلى 400 جنيه للشيكارة، تتكشف خيوط الفساد والاحتكار في عملية توزيع الأعلاف المدعمة. هذا الوضع يزيد الطين بلة، حيث يواجه المربون صعوبة في تحمل الأعباء المالية الباهظة لتغذية ماشيتهم، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

ورغم كل هذه الأرقام المرعبة، تستمر الحكومة في التقليل من حجم المشكلة، متمسكة بأوهام أن الزيادة المقبلة لن تتجاوز 10 جنيهات.

لكن هذه التصريحات لا تعكس واقع ملايين الأسر المصرية، التي تقبع تحت ضغط تكاليف الحياة اليومية المتزايدة وتراجع الدخول.

في ظل هذا الواقع، لم تعد اللحوم مجرد ترف، بل أصبحت قضية بقاء، وأصبحت الضغوط تتزايد على الحكومة لتحمل مسؤولياتها وإيجاد حلول فعالة.

المواطنون بحاجة ماسة إلى أكثر من مجرد وعود فارغة أو تقارير زائفة عن “ثبات الأسعار”. إن ما يحتاجه المصريون اليوم هو تدخلات جادة وعاجلة تعيد التوازن إلى سوق اللحوم وتضمن توفير البروتينات الأساسية بأسعار في متناول الجميع.

الأزمة ليست مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هي أزمة إنسانية تهدد صحة وكرامة الشعب المصري. لا بد من التحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن يصبح الأمر أكثر خطورة.

عن Admin