سياسة التفريق بين المرء وزوجه : أم آدم المجاطي نموذجا

سياسة التفريق بين المرء وزوجه : أم آدم المجاطي نموذجا

مصطفى محمد الحسناوي

أكتب هذه الشهادة لله والناس والتاريخ، وقد عاينت هذه الحادثة بكل تفاصيلها واطلعت على كم هائل من الوثائق والشواهد، وكنت شاهدا على فصولها الدرامية التي تؤثر في الحجر فأحرى البشر، فأقول مستعينا بالله:
لم أتصور وأنا أتلقى مكالمة من السيد مولاي عمر العمراني هادي، زوج السيدة فتيحة حسني، طالبا من مرافقتها في زيارتها الرابعة للسجن المحلي بتيفلت في أول أيام رمضان، للوقوف على الحيف والظلم الذي يطالها بمنعها من زيارته، لم اتصور أن أقف على تصرفات أقل ما توصف بها أنها نازية وسادية وعنصرية مقيتة، من جهات تدعي حماية الوطن والمواطنين والسهر على أمنهم وحقوقهم ومتطالباتهم.
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها    فكيف إذا الرعاة لها ذئاب
وصلت على الساعة العاشرة صباحا، وجدت السيدة أم آدم أمام باب السجن منذ الصباح الباكر، كانت أفواج الزائرين تتعاقب محملة بمؤونة رمضان في أول أيام رمضان، توالى دخول الزائرين، كلما خرج فوج دخل آخر، والسيدة أم آدم مسمرة في مكانها، ممنوعة من الدخول، غاب آخر فوج من الطابور الطويل داخل سور السجن، وغاب معه شريط الظل الذي يستظل به الزوار، وبقيت تلك السيدة المتشحة بالسواد تتقي أشعة الشمس الحارقة تارة بيدها وتارة ببعض الأوراق وأحيانا برشات ماء على رئسها لتخفف من الحرارة الملتهبة، أما أنا فكنت أذرع تلك البيداء القاحلة جيئة وذهابا، منتظرا الفرج إما بالسماح لها بالزيارة أو بعدولها عن فكرة البقاء أمام باب السجن طوال اليوم إلى وقت خروج الموظفين، فجأة قامت تطرق باب السجن بقوة مطالبة بمقابلة مدير السجن محمد لوساوي، بعد حوالي نصف ساعة خرج ليخبرها أنه لن يسمح لها بالزيارة، بلغة مستعلية مستفزة لا تخلو من نبرة آمرة بالانصراف، ثم عاد أدراجه قبل أن يسمع منها كلمة واحدة، بعدها بلحظات خرج محاميها الأستاذ توفيق مساعف الذي كان في زيارة لزوجها، ليخبرنا بفظائع سمعها من المعتقل مولاي عمر العمراني هادي، أثناء تعذيبه بسلا2 وتولال2، وسيكون تقرير المحامي جاهزا يوم الإثنين 23 يوليوز. انصرف المحامي تاركا الزوجة في دوامة من الحيرة والحسرة والألم والذهول، في تلك الأثناء بدأ يتكون طابور طويل آخر من الزوار، سرعان ما غاب وراء بوابة السجن، أفواجا أفواجا محملة بأصناف المأكولات والمشروبات والألبسة والأفرشة وأجهزة الترفيه كالتلفاز والأجهزة الإلكترونية، في حين تقبع تلك السيدة تحت الشمس الحارقة هي وقفتها المملوءة ب: “شهيوات رمضان” والألبان والأجبان، والتي تحولت إلى خمائر تفوح منها رائحة الحموضة، جراء تلك الأجواء اللافحة القائظة، نفذ صبر السيدة أم آدم وتوالت طرقاتها على الباب مطالبة بمقابلة المدير مرة أخرى، خاصة بعد دخول سيدة لزيارة زوجها المرتبطة به دون عقد، لكن أحدا لم يسمع شكواها، ثم بدأت تستعطف الموظفين وكل من كان يدخل السجن من المسؤولين أن يدخلوا فقط القفة لزوجها، كي لا تفسد محتوياتها، دون جدوى.
حقيقة، لم أر قسوة ولا ظلما كالذي عاينته ذلك اليوم، فجأة ثار البركان الخامد وانتفض الجني المارد، داخل تلك السيدة وانطلقت كالإعصار تبعثر محتويات قفتها من فواكه وخضر وحلويات وعجائن وأجبان وتمور ومشروبات، ذات اليمين وذات الشمال، صارخة بآهات شقت السماء وكسرت سكون الفضاء، آهات الألم والظلم والقسوة والحكرة غطت الأجواء، تماما كما غطت المأكولات المبعثرة مساحة كبيرة أمام باب السجن، ليخرج المدير وبعض مسؤوليه مهددا إياها بإحضار رجال الأمن، ثم وجه إلي شخصيا سؤاله، من أنت؟، فأخرجت بطاقتي الوطنية وقلت له مواطن مغربي، يحق لي أن أقف في أي بقعة من بقاع هذا الوطن مادمت ملتزما بعدم الإخلال بحقوق ولا بحرمات الآخرين، فحاول إخافتي بالقول: بأي صفة أنت هنا؟، فأجبته مواطن مغربي مسلم متعاطف عقديا وأخلاقيا وإنسانيا مع هذه السيدة المظلومة، فما كان منه إلا أن دخل هو وزبانيته، على وقع صراخ السيدة وبكائها ودعواتها عليه وعلى من ظلمها بدعوات مزلزلة ترعب من يسمعها، ثم أقبل رجال الأمن محاولين فهم ما حدث، فأخبرتهم بالقصة، ثم أمدتهم بملف يحوي مجموعة من الوثائق تبين أن الدولة هي من تمنع هذا الزواج وتقف حائلا أمام توثيقه. سلسلة من الإجراءات والمساطر والقوانين والوثائق، حتى تشرف العملية على الانتهاء، ثم يرحلون الزوج لسجن آخر لتصبح كل تلك الإجراءات الوثائق لاغية، لتبدأ الكرة من جديد، بل حتى لما أنهت كل الإجراءات في مرة من المرات وبقيت الخطوة الأخيرة وهي إحضار العدول لداخل الزنزانة من أجل توثيق العقد وأعطى المدير موافقته، تراجع هذا المدير في آخر المطاف وبشكل مفاجئ ومنع العدلين من الدخول. وقد كان مدير منتدى الكرامة السيد محمد حقيقي شاهدا على الحادثة، وتتوفر أم آدم على شهادة موقعة منه بخصوص هذه الحادثة التي توسط فيها شخصيا. أطلعت السيدة أم آدم رجال الأمن على ملف كامل من الوثائق ويضم:
1ـ قرار بالإذن بولوج عدلين للمؤسسة السجنية لتوثيق الزواج صادر عن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط مؤرخ بـ 8 مارس 2011.
2ــ قرار بالإذن بولوج عدلين للمؤسسة السجنية لتوثيق الزواج صادر عن  الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمكناس مؤرخ بـ 12 يوليوز 2011.
3ــ طلب توثيق الزواج مع الإذن بالزيارة مرفوع للوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط مؤرخ بـ 8 يونيو 2012 يحمل ختم التوصل بتاريخ 13 يونيو 2011.
4ــ إشهاد للأستاذ محمد حقيقي المدير التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان في موضوع وعد حفيظ بن هاشم بتوثيق الزواج و منع العدول من ولوج المؤسسة السجنية.
5ــ شهادة بوضع طلب ثبوت الزوجية لدى محكمة قضاء الأسرة بمكناس
6- عشرات الشهادات الشخصية على صحة زواج المعنيين بالأمر، موقعة من عشرات الأشخاص بينهم الزوجة الأولى للسيد العمراني مع تصحيح الإمضاء.
كما أنها حضرت ثمان جلسات أمام محكمة قضاء الأسرة ولم يتم إحضار زوجها لأي جلسة من الجلسات الثمان من طرف النيابة العامة رغم أمر القاضي بذلك في كل جلسة. و تم الحكم في النهاية بإحالة الملف على محكمة الرباط بعد ترحيل الزوج إلى سجن سلا 2 دون أن يطلب ذلك. مضيفة أن حفيظ بن هاشم قال للمحامي عبد الصمد الإدريسي عندما زاره في بيته أول مرة في شتنبر 2011: إلى بغيت ندير معاها التمكريه غادي نحولو ليها لسجن آخر مللي يقرب يتحكم ليها الملف ديالها.
وأخبرت السيدة أم آدم رجال الشرطة احرف، أنها بالرغم من كرهها للقانون وموقفها منه إلا أنها التزمت به، لكن المؤمنين به ودعاته وحماته من مسؤولي هذه الدولة لا يطبقونه  ولا يحترمونه، كانت حجة السيدة فتيحة حسني قوية بحيث لم يبد أي رجل أمن الاعتراض على أقوالها، بل كانت علامات التعاطف والحسرة بادية على وجوههم، ثم فعلت نفس الشيء مع كل من حضر وعاين الحادثة في حملة دعائية مضادة كانت حجتها آنذاك قوية داحضة، حيث أطلعت الحضور على تفاصيل القضية مدعية أن الدولة التي تمنعها من الزيارة بحجة عدم توفرها على عقد الزواج هي نفسها التي تمنعها من توثيق زواجها رغم اتباعها للمساطر المعمول بها، وأنها على هذه الحالة منذ أزيد من سنة ونصف، مفجرة قنبلة خطيرة لاتقل عن تصريح بن هاشم القاضي بترحيل زوجها  كل وقت و حين،  لتفصح عن اسم مسؤول كبير قال أنه سيتركها بدون زواج وسيعمل المستحيل ليحول بينها وبين إتمام إجراءات زواجها، حاملا لواء إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ومحاربة العفة والفضيلة، بمنعه الزواج عن سبق إصرار وترصد.
بعد تلك المرافعة الطويلة عادت لحالة الهستيريا التي كانت عليها من بكاء ودعاء على الظالمين مدة ساعة تقريبا دون انقطاع، حتى أشفقت عليها وخفت عليها الهلاك في تلك الأجواء الحارة وهي مسافرة وصائمة، وبقيت على تلك الحالة إلى أن خارت قواها ولم تعد تقوى على الكلام ولا الحراك، ثم بقيت جامدة في مكانها إلى أن خرج آخر الموظفين، وبصعوبة أوصلتها للطريق الرئيسية، بعد أن حملت عنها كل متاعها.
على الأقل عاينت في زيارتي المأساوية تلك، حالتين مشابهتين لحالة أم آدم:
امرأة ممنوعة من توثيق عقد زواجها وهي تحت رحمة المدير يسمح لها بالدخول متى شاء ويذكرها في كل مرة بفضله عليها.
وفتاة في ربيعها الثامن عشر اسمها حياة الخالدي تزوجت بالشاب سعيد بريك البالغ من العمر 24 سنة، وقبل توثيق عقد زواجها ألقي عليه القبض بتاريخ 14_01_2012، في قضية مخدرات، وحكم عليه بسنتين ونصف سجنا وهي منذ ذلك الوقت تتكبد عناء التنقل من بوقنادل إلى سلا ثم إلى تيفلت التي رحل إليها مؤخرا، وتمنع كل مرة من زيارته وأيضا من توثيق عقد زواجها في حالة مشابهة لأم آدم.
لم أحس بمرارة المعاناة كما أحسستها ذلك اليوم، لم أستشعر أن تمنعك جهة من رؤية من تحب وتستمتع بذلك، كما استشعرتها ذلك اليوم، لم أدرك معنى الصبر والوفاء والنضال كما أدركتها مع تلك المرأة، ذلك اليوم في تلك الزيارة، وهي التي داومت عليها مدة سنة ونصف دون كلل ولا ملل، حين أخبرتني في طريق عودتنا أن مثل هذه التصرفات هي بمثابة الجرعات أو بمثابة شحن بطارية الحقد تجاه مسؤولي وقوانين هذه البلاد، لكي تبقى دائما مشحونة، لم أجد ما أعترض به عليها، فالتزمت الصمت. حين سألتني هل تعلم كم رتبة المغرب في السياحة الجنسية لم تنتظر جوابي فبادرتني أننا نحتل الرتبة الثانية بعد تايلاند، ثم أردفت بسؤال آخر لماذا لا يطلبون عقد الزواج بالنسبة للسياح في فنادقهم وباراتهم وشققهم المفروشة، لماذا يتغافلون عن الزنا واللواط داخل السجون ويباركونه، ويمنعون لقاء الزوج بزوجته، لم أجد ما أجيب به، لكنها أجابت حسب ما تعتقد إنه الانتقام الأعمى وأوامر أمريكا، حين أخبرتني أنها كانت عند طالبان معززة مكرمة محترمة يستحيل أن يهينها أو يحتقرها أو يجرحها رجل لأن تلك البلاد فيها الرجال الكرماء الذين يكرمون المرأة ويحترمونها ولا يهينونها مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم”، حرت في الجواب وأنا أرى مسؤولا يمتنع عن مجرد إدخال القفة، وهو يتوفر على كامل الصلاحيات طبقا لمقتضيات الفصل 75 من القانون المنظم للمؤسسات السجنية والذي ينص على أن من ينظم الزيارة هو مدير المؤسسة السجنية وأنه يحق للمعتقلين استقبال عائلاتهم وذويهم، كما أن للمدير الحق في الترخيص لأي شخص آخر بزيارة المعتقل كلما كانت هذه الزيارة مفيدة لإصلاحه.
كانت أسئلتها واستفساراتها تتناسل وتتوالد وتنشطر، لتخرج كسيل جارف يسوق كل المسلمات والبدهيات المتعلقة بالمواطنة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة واحترام القانون ووو…، وأنا هنا أنقل كل تساؤلاتها من باب الأمانة والشهادة.
فقد تساءلت باستغراب، أمام الجميع: من يحكم المغرب؟ هل هو الملك أم أجهزة أخرى؟ إذا كان وكلاء الملك يعطون رخصا وأوامر، ثم لا يكون لها أي قيمة أو أثر، بل يضرب بها عرض الحائط.
تساءلت بمرارة أنه بإمكانها أن تزور عن طريق التوكيل وهي المسطرة التي يزور بها عدد من الناس، بحيث يمنح هذا الإجراء، السجين أن يوكل أي شخص لزيارته بل من حق أحد أقربائه كزوجته مثلا أن توكل شخصا آخر ليزوره مكانها في حالة غيابها، لكن حتى هذا الإجراء البسيط والمعمول به، تقف جهات ما أمامه، وتمنعها من الاستفادة منه، إمعانا في الانتقام منها، انتقام بعيد كل البعد عن عقلية الدول والمؤسسات والأجهزة والإدارة، وهو إلى عقليات “عيالات الدرب ومدابزات الحمام وشد ليا نقطع ليك”، أقرب.
ختمت كلامها معي بأنها اشتاقت للعيش تحت حكم طالبان، التي كانت ستحارب من أجلها، عوض هؤلاء الذين يحاربونها من أجل الآخرين؟ وتمنت لو تستطيع التخلص من هذه الجنسية التي لا تنال معها أي حقوق، بل لم تجن منها سوى الآلام والقهر والظلم.
تساءلت أنا بدوري أليس في هذه الأجهزة رجل رشيد ينهي مأساة هذه المرأة بنصف كلمة، ويمنع هذه المهزلة التي لم تحدث في أعتا الدول استبدادا وديكتاتورية وظلما وتجبرا، كيف يصل الأمر لمعاقبة امرأة من أجل قناعاتها الفكرية والسياسية بهذه الطريقة في زمن حرية المرأة وحقوق المرأة وكل تلك الشعارات الجوفاء، ألن تكون سياسة اللين والرحمة أجدى من سياسة الانتقام والقسوة؟ أسئلة حرت في الجواب عنها، ليس لصعوبتها بل لسهولتها وبداهتها.

تكليف د. هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة

تكليف د. هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة

كلف الرئيس محمد مرسي وزير الموارد المائية والري الدكتور هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة. وكان الرئيس محمد مرسي قد استقبل بمقر رئاسة الجمهورية بحي مصر الجديدة بالقاهرة أول أمس “الأحد” هشام قنديل.
وقال القائم بأعمال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي إن الرئيس محمد مرسي كلف الدكتور قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة والعمل على الانتهاء من التشكيل الوزاري في القريب العاجل. وسيعقد الرئيس مرسي اجتماعا مع رئيس الوزراء المكلف اليومالثلاثاء، بعده يعقد قنديل مؤتمرا صحفيا.
وأشار ياسر على إلي أن هذا التكليف يأتي لهذه الشخصية الوطنية المستقلة بعد دراسات ، ومشاورات لاختيار شخصية قادرة على إدارة المشهد الراهن بكفاءة واقتدار.
يذكرأن الدكتور قنديل كان يشغل منصب وزير المياه والري في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، وهو خريج كلية الهندسة عام 1984، حصل هشام قنديل على درجتي الماجستير والدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية، وشغل العديد من المناصب، آخرها كبير خبراء الموارد المائية بالبنك الأفريقي للتنمية بتونس، كما أنه شارك في أعمال مبادرة حوض النيل، وعضو مراقب للهيئة المصرية –السودانية المشتركة لمياه النيل. وعمل في المركزي القومي لبحوث المياه وعمل فيه من عام 1995 لعام 2005.

حوار مع العقل المدبّر لتفجير الأمن القومي

حوار مع العقل المدبّر لتفجير الأمن القومي

كشف العقل المدبر لعملية التفجير التي استهدفت مقر الأمن الوطني السوري في قلب العاصمة دمشق، وأودت بحياة وزيري الدفاع والداخلية، ونائب رئيس الأركان آصف شوكت، إضافة لرئيس خلية إدارة الأزمة اللواء حسن تركماني، عن بعض تفاصيل التجهيز للضربة التي أفقدت نظام بشار عقله وكبار معاونيه.
وأشار مسؤول العمليات العسكرية للجيش السوري الحرّ، في دمشق وريفها، إلى أنه تم التخطيط للعملية قبل أسبوع تقريباً، بانتظار ساعة الصفر، التي تحددت عند ورود معلومات باجتماع عاجل لما يعرف بـ»خلية إدارة الأزمة»، التي تضم قيادات رفيعة في النظام، صباح الأربعاء، ليتم على الفور اتخاذ قرار التنفيذ الفوري بمعاونة عناصر مزروعة للمقاومة، داخل الدائرة الضيقة في مقر جهاز الأمن الوطني.
يوم الأربعاء الماضي، حاولت عبر قنوات ما، الاتصال، بالمسؤول الأول عن العملية، لكن لم تفلح، نظراً للاحتياطات الأمنية الكبيرة سواء على مستوى النظام الذي جن جنونه، أو على مستوى الجيش الحر الذي يتحسب لأي رد فعل انتقامي، تركت له رسالة خاصة بأنني أريد التفاصيل الكاملة للعملية، علمت بعدها بساعات إن هناك فضائية شهيرة دخلت على الخط، وحاولت أن تشتري حقوق بث التفاصيل بصوت الرجل، وتدفع ما يريدون .. ما يعني تفويت الفرصة في نشر معلومات الرجل الذي يعتبر الأهم على مستوى عمليات دمشق وريفها.
صديق كبير في القيادة العسكرية المشتركة، وهو العميد الركن زياد إسماعيل، طمأنني، بأنه سيؤمن الأمر، وهذا ما حدث فعلاً في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، اتصل بي الرائد (جواد……..) وكان هذا الحوار:
معلومات وتخطيط
*أولا وفي البداية.. متى رتبتم للعملية؟ وكيف؟
ـ رتبنا للعملية قبل أقل من أسبوع، وكانت خطتنا تعتمد على مباغتة النظام بهذه الضربة الموجعة، وكان على عناصرنا عدم الظهور في الصورة تماماً، والاعتماد على عناصر أخرى، مدنية ربما، لضمان النجاح التام.
واعتمدت معلوماتنا الأولية، على تحديد الأشخاص المستهدفين، وكنا حريصين للغاية، على إيقاع أكبر خسارة بهم وحدهم.
جاءتنا معلومات وثيقة بأن قادة كبارا للغاية عسكريين وأمنيين، فيما يعرف بخلية إدارة الأزمة، سيجتمعون، ورتبنا أنفسنا على هذا الأساس. بالطبع كان الصيد مغرياً.. تخيل أن لديك خمس أو ست رؤوس كبيرة، ستجتمع في مكان واحد، منهم وزيرا الدفاع والداخلية، إضافة إلى المجرم الأكبر آصف شوكت، واللواء حسن تركماني وهشام باختيار وغيرهم.. ألا يعتبر هذا مغرياً للقيام بأي عملية لهز النظام؟. وكنا ننتظر فقط ساعة الصفر.

* أتفق معك، ولكن عفواً.. معلومات من أين؟ هل لكم جهاز استخباراتي تابع لكم؟ أم لكم عيونكم وأنصاركم من داخل النظام؟
ـ الاثنان معاً.. إضافة إلى جهات أخرى لا أستطيع الإفصاح عنها في المرحلة الحالية.

* سيادة الرائد.. وكيف استطعتم التنفيذ؟ من ساعدكم؟
ـ بشكل أكثر تفصيلاً، أقول إننا استطعنا تجنيد اثنين من المدنيين العاملين في نفس المبنى، وهم شباب «قبضايات» كما نقول نحن بالشام، وكانوا يريدون عملاً معيناً ولم يكن هناك من يستثمر القدرات الموجودة، وفي نفس الوقت كان هناك خوف.. بمعنى أدق، كانوا يريدون الانشقاق وخدمة الثورة، ولا يعرفون مع من «بدّهم يتواصلوا».. وعندما بنينا جدار الثقة معهما ـ كما تقولون في مصر «طوبة طوبة» ـ تم ترتيب الأمر على ماذا يستطيعان تنفيذه لخدمة الثورة السورية.

* عفواً.. معلوماتي تقول إنك أنت شخصياً القائد المخطط لهذه العملية.
ـ ليس صحيحاً تماماً، إنما للأمانة والثقة، شاركني فيها ضابط آخر برتبة عقيد في سلاح القوات الجوية السورية، ولا أحب أن أنسب الفضل فيما حدث لنفسي وحدي.

*  ثم ماذا؟
ـ وصلتنا المعلومات المسربة عن أن اجتماعات خلية إدارة الأزمة ستنتقل عندنا ـ يقصد مبنى الأمن القومي ـ وهي معلومة جديدة لأن اجتماعات هؤلاء المجرمين طبعاً، لم تكن تتم في هذه البناية ولكن كانت تتم في أماكن أخرى، مثل مبنى القيادة القومية نفسه الذي هو بالقرب من ساحة الأمويين بدمشق، وأحياناً كانت تتم الاجتماعات داخل إحدى إدارت الأمن، كشعبة الأمن العسكري أو إدارة المخابرات المركزية، وعندما تسرب إلينا الخبر، على الفور تم الترتيب للعملية.

* .. كيف؟
ـ اجتمعنا بالشخصين، وتم مناقشة العملية بوجود فريق عمل من الشباب الرائع، بحيث تم استعراض المبنى بالكامل، ومن ثم الطابق الذي سيحصل فيه الاجتماع، بل تم عمل رسم كروكي للقاعة ذاتها، وتصور أماكن جلوس هذه العصابة، وكذلك حساب القدرة التدميرية التي نريدها.
كان تخوفنا الأساسي، هو من إمكانية وقوع إصابات بين المدنيين الأبرياء، وكنا حريصين جداً على أن تكون العملية نوعية في مجرياتها ومستهدفاتها بالضبط، دون أن يكون هناك أي مجال للخطأ.
كان بإمكاننا تفجير البناية بأكملها، ولكن الهدف العام هم هؤلاء فقط وليس أي شخص آخر، وأعتقد أننا نجحنا، لدرجة أنك لو تلاحظ عبر الفيديو الذي أرسلناه لك ورأيته على الإنترنت، أن التفجير كان في القاعة ذاتها، والدخان من جهتها هي فقط، عملنا حسابا للمنازل المجاورة، وكنا لا نريد أن يتأذى مواطن عادي في الشارع أو في بيته المجاور.
كان حرصنا على أن تستهدف هذه العبوات قاعة الاجتماعات تلك بحجمها الحقيقي، بدون زيادة أو نقصان، لأنه في نفس البناية، هناك موظفون مدنيون، وحرس، وسكرتارية، وسكان مدنيون حول البناية.. ولم نرد أن نؤذي أحداً من هؤلاء المدنيين.
ولقد سئلنا من قبل البعض، عن لماذا لم نضع عبوات لهدم البناية كاملة.. أولا البيت كله ثلاث طوابق، واسمه مكتب الأمن القومي، فقلنا لو دمرنا المبنى كله سيؤثر ذلك على البيوت المجاورة وبها مدنيون، ولذا تم ترتيب الأمر على استهداف الطابق الموجودين فيه فقط، حتى ليس الطابق، إنما القاعة التي يجتمعون فيها؟

* وهل هذه القاعة كبيرة؟
ـ إلى حد ما.. مساحتها لا تزيد عن 70 متراً مربعاً

* وكيف استطعتم إدخال المتفجرات داخلها؟
ـ (يضحك قبل أن يجيب) هناك نقطة أود إيضاحها، وهي أن المنفذين في فريق العمل، كانوا من نفس العاملين بالبناية، وبالتالي يكون دخولهم وخروجهم سهلاً وبدون تفتيش، لذا تم تصميم العبوات التفجيرية بما يتناسب مع طبيعة عملهم، وبما لا يجلب الشكوك حولهم.. ودعني لا أفصح عن ذلك الآن.
ملحوظة: )أفصح عنها وطلب عدم نشرها حرصاً على سرية إمكانية تكرار العملية مرة أخرى(

* ثم ماذا.. هل أدخلتم العبوات في يوم واحد؟
ـ بالطبع لا.. استغرق الأمر تسريبها على مدار عدة أيام متتالية وبهدوء شديد، ووزعت على القاعة حسب الخطة التي وضعتها أنا وسيادة العقيد، بحيث نضمن إيقاع أكبر عدد من القتلى بين الموجودين بها، وعندما تم الانتهاء من توزيع العبوات الناسفة وتركيبها حسب الأماكن المفترضة لجلوس العصابة، ظللنا بانتظار ساعة الصفر.
ودعني أقول إن تركيب العبوات تم بشكل فني رائع جداً جداً، لم تستطع كل أجهزة الاستخبارات اكتشافها أو الشك في أي شيء من موجودات القاعة.

* مثل ماذا؟
ـ (يضحك مرة أخرى) هذه أسرار ليست للنشر في وسائل الإعلام، وعليك أن تتخيل ما الذي يمكن وجوده بشكل طبيعي في قاعة اجتماعات، أو بأحد البيوت أو مكتب ما، وتم استغلاله بدون ذرة خطأ ولله الحمد.

* وهل كنت أنت شخصياً أو شريكك في التخطيط موجوداً ساعة التنفيذ؟
ـ بالطبع لا.. لم يكن بإمكاننا الوصول إلى هذه المنطقة مسلحين، كان الموجود فقط بعض شباب الإعلاميين، وفي مكان قريب جداً، استطاعوا منه تصوير البناية لحظة التفجير، ولو لاحظت على الفيديو، أنه كان يرافق التصوير بيان مكتوب مرفق ومقتضب جداً، غير عفوي بالطبع، ولو تلاحظ أن المقطع لم يظهر فيه سوى غبار التفجير، وهذا صحيح، لأنه لو أردت أن أعمل كارثة لفعلت، ولكن لو حدث ذلك كم مدنياً يمر بالشارع يمكن أن يتأذى؟

* أفهم من ذلك، أنه لا صحة لما قيل عن وجود انتحاري قام بتنفيذ العملية؟
ـ نعم نعم.. أبداً، والحمد لله، أن الشباب الذين قاموا بالعمل، موجودون وبخير تماماً وأمورهم ممتازة جداً.

* سيادة الرائد.. ما صحة ما روجت له مواقع سورية على الإنترنت، من أن نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان الذي توفي الخميس بالولايات المتحدة، كان حاضراً للاجتماع ولما أصيب فيه، نقل لأمريكا للعلاج حيث مات؟
ـ لا أتوقع ذلك.. منفذو العملية لم يذكروا اسمه ضمن الموجودين، ولو فرضنا جدلاً وجوده، كنا سنعرف أن هناك شخصاً لا يعرفونه ضمن الحاضرين، هذا كلام غير دقيق أو بمعنى أدق غير صحيح بالمرة.

* بالنسبة لخطتكم .. هل كنتم تعلمون بدقة بموعد الاجتماع لذا نفذتموها؟
ـ العملية بصراحة كانت مقررة بشكل أساسي، بغض النظر عن الحضور، وبالتالي تم زرع العبوات وتم التحكم فيها عن بعد، عند التأكد من اكتمال كل شيء.. الشباب الذين قاموا بجلب وزراعة العبوات لم يعلموا بموعد التنفيذ، وعندما تأكدنا من موعد الاجتماع ولحظة الصفر، أرسلنا من يتحكم في التنفيذ ليكون الأمر كما حدث.
*ماذا عن أقوال عقب العملية، بتبني جهات أخرى غير الجيش الحر للعملية؟ هل اشتركت معكم تيارات إسلامية في التخطيط أو التنفيذ؟
ـ لا صحة لاشتراك أي جهة أخرى معنا، نحن كجيش حر فقط من خططنا ونفذنا، نحن تحديداً في القيادة العسكرية لدمشق وريفها من قمنا بالعمل.

* ما صحة أن لديكم جهات استخبارية تابعة لكم من داخل النظام؟
ـ بالطبع نعم.. لدينا أصدقاء ومتعاطفون من داخل النظام ولا يزالون على رأس الخدمة، وقبل أن أتحدث معك بدقائق، كنت أحكي مع اثنين من الشباب الضباط على رأس العمل، وهما طلبا أكثر من مرة ـ كغيرهم ـ أن يعلنوا انشقاقهم، ونحن نرفض، ونقول لهم، إنكم تقدمون لنا ومن مواقعكم هذه أكبر خدمة، نحن نحتاج أن يكونوا في عملهم لأنه سيفيدوننا أكثر من أن يكونوا خارجه، يقدمون لنا معلومات ويسربون لنا أشياء نحن في امس الحاجة لها في الوقت الراهن، مثل تحركات عسكرية وتعليمات وما شابه ذلك.

* هناك معلومات قالت إن بشاراً كان من ضمن المصابين، وما ظهوره على التليفزيون السوري سوى محاولة لإخفاء ذلك؟
ـ لا أعتقد، لأنه لم يكن موجوداً بالاجتماع أصلاً.
* هل لديك معلومات عن قتلى آخرين غير وزير الدفاع داوود راجحة، ووزير الداخلية محمد الشعار، ونائب رئيس الأركان وصهر الأسد، آصف شوكت، إضافة لمساعد نائب الأسد للشئون العسكرية ورئيس خلية الأزمة حسين تركماني؟
ـ معلوماتنا تقول إن هشام باختيار رئيس مكتب الأمن القومي، مصاب إصابة خطيرة، ولن يخرج معافى، أما بقية الموجودين مثل اللواء جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية، واللواء عبد الفتاح قدسية رئيس شعبة الأمن العسكري، أتصور إن إصاباتهما طفيفة.

* بماذا ترد على تهديدات وزير الدفاع الجديد العماد فهد جاسم الفريج، عقب تعيينه خلفاً للقتيل؟
ـ هذا الشخص، الملقّب بـ”أبو فادي” وللأسف «سني» من عشائر دير الزور، لا يفقه من العسكرية إلا الرتبة التي يحملها على كتفيه، وأتعجب من اختياره لهذا المنصب.. وهناك شكوك مثيرة حول استحقاقه أصلاً لأن يكون رئيس الأركان أو وزير دفاع.
وأقول له بإيجاز، نحن الآن الجيش العربي السوري، وأنتم العصابات الإرهابية، أنتم وكل من اتبعكم، نحن الجيش العربي السوري الحق، الذي أخذ على نفسه وعاهد الله، على أن يحمي الشعب، لا أن يقتله، وإن شاء الله مصيرهم مثل مصير قادتهم الذين قتلوا قبل يومين، وأكرر ما قلته لك سابقاً.. أقول للجميع نفس ما قلته لبشار: “لا ترحل.. لا ترحل.. نحن سنأتي إليكم وفي عقر داركم”.

* سيادة الرائد، يقال إن لديكم أشياءً ولا تودون الإعلان عنها؟
ـ ذكرت لك منذ قليل، أننا على مدار أكثر من يوم، استطعنا إدخال العبوات، ويوجد لدينا تصوير لكل مراحل إدخال المتفجرات، وزراعتها، وأماكنها، وأشكالها، كل شيء لدينا موثق بالصوت والصورة، حتى صور الأشخاص وهم يقومون بعملهم البطولي والرائع.. ربما تعلن يوماً.

* ألا يمكن أن تزودنا ببعض الصور للعملية؟
ـ أقول لك، وأعلنها للجميع، هذه لن تكون العملية الأخيرة، ولذا نتحفظ على نشرها، لأننا لا نريد كشف الترتيب الذي حدث، ولا أن نكشف من قاموا بالعملية.. سامحني يا صديقي.

* كيف ترى وضع القيادة السورية الآن عقب العملية؟
ـ الحمد لله، تذكر أنني قلت لك منذ أربعة أيام، أن بشار الأسد ليس رئيس جمهورية، إنما هو رئيس بلدية حي المالكي الذي يسكنه، الوضع كذلك، سرايانا بحمد الله، منتشره في كل دمشق، بالميدان، بالتضامن، بالقابون، في برزة، وبشارع بغداد، بالعباسيين، هو الآن محاصر، حتى أن هناك بعض التسريبات تؤكد إنه غادر دمشق، وربما يكون في اللاذقية، ولسنا متأكدين من هذه المعلومة، كلها تسريبات من أشخاص موثوقين.
الوضع حالياً على الأرض.. مطمئن.. الأرض لنا، وهم لا يملكون إلا سلاح الحرب البعيدة، وأؤكد لك أننا عندما نملك السلاح النوعي فلم يستمر حكم بشار أكثر من شهر.

* هناك حديث عن تحضير لعملية كبيرة من قبل الجيش الحر، يوم 16 رمضان.. لماذا هذا اليوم تحديدا؟
ـ هناك حديث عن مثل هذا الموعد، ولكن بتصوري الشخصي أنه تيمنا بذكرى غزوة بدر، ولكن عن نفسي كعسكري لي ضوابط وقواعد محددة، أتمنى أن يكون هذا التوقيت مناسباً، ولكن «بدي تخطيط، وتنظيم وتسليح» وإذا لم أحصل على الأركان الثلاثة اللازمة لأي عمل عسكري، فلن أقدم على عمل اعرف مقدماً أنه خاسر.

* ما تعليقك على الفيتو الروسي الصيني اليوم؟

ـ هذا يدل على تحالف قوى الشيطان في روسيا والصين وإيران ضدنا.. واعتبر هذا الفيتو رخصة للقتل وحماية للقاتل المجرم، وعبارة عن صفعة لحقوق الإنسان، وللأمم المتحدة، وللديموقراطية، وللعالم ككل، ليس عندي كلمة تكون مؤهلة لهكذا وصف.
فقط أقول/ إن غداً لناظره قريب، وعندما يسقط النظام، وقتها نعرف كيف نتصرف مع هؤلاء المجرمين جميعاً.

* هل لديك معلومات عن هروب عائلة الأسد للخارج؟
ـ ليس لدي معلومات مؤكدة، هي أنباء مسربة ولكن من مصدر موثوق.

* وما صحة ما قبل قبل يومين، عن نجاة الأسد من محاولة اغتيال خلال تعرض ثوار لموكبه، وأن التسرع فقط هو من أفسد المحاولة؟
ـ ربما يكون عبر فصيل آخر، لا أعلم، ولكن لم نقم بهكذا عمل.. لأننا لا نملك الأرض مائة بالمائة، وهناك ثوار آخرون، ولكن ما يتعلق بنا نحن في القيادة العسكرية لدمشق وريفها سأكشف لك عن سر، أرجو ألا ينزعج الشباب من البوح به.
يوم الجلسة الأولى لمجلس الشعب «التصفيق» الجديد، كنا نجهز لعمل أتصور أنه سينهي حياة بشار، ولكنه لم يأت للاجتماع.
لأول مرة في تاريخ الجمهورية العربية السورية، لا يحضر رئيس الجمهورية اجتماع مجلس الشعب الجديد، إذ أن العرف أن يحضر ويلقي كلمة، وهكذا.. أتصور أن العملية تسربت لأجهزة الأمن، يومها وصل لنادي الضباط، الواقع على بعد 300 متر فقط من مقر مجلس الشعب، حتى عاد أدراجه مرة أخرى، لأنهم لم يستطيعوا تأمين وصوله، وللعلم فإن الجلسة التي بثت على التلفزة السورية على أنها بث مباشر، لم تكن في الحقيقة سوى تسجيل لما حدث ليلاً، حيث استدعوا أعضاء المجلس الجديد، أمام بشار وألقى الكلمة، بهذا التوقيت، كنا قد حضرنا عملية لاغتياله، لكن “الله كتب له عمرا جديدا”.

رسالة عاجلة من ياسر السري إلى الرئيس محمد مرسي

رسالة عاجلة من ياسر السري إلى الرئيس محمد مرسي

خاص – شبكة المرصد الإخبارية

أرسل ياسر السري الإسلامي المصري والصادر ضده ثلاثة أحكام غيابية من محاكم عسكرية تتراوح بين السجن والإعدام رسالة إلى الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي هنأه فيها بانتخابه رئيساً وبمناسبة شهر رمضان ، ثم أهاب به  أن يفي بوعده بإغلاق ملف السجناء السياسيين ضحايا مبارك ونظامه ، وناشده سرعة الوفاء بالوعد وإصدار قرار عفو عام شامل حيث قال : باختياركم رئيساً لأرض الكنانة فقد وقع على عاتقكم الآن استكمال مسيرة تطهير البلاد من مظاهر الاستبداد والظلم ، ومن ذلك إصدار قرار عفو عام شامل عن ضحايا مبارك ونظامه الذين يقبعون خلف جدران السجون لمعارضتهم مبارك ونظامه بين الاعدام والسجن والمحكوم عليهم المقيمين بالمنفى حتى تكتمل الفرحة بالثورة التي قام بها الشعب . .
وكان الرئيس المصري محمد مرسي قد تعهد في خطابه الذي ألقاه بميدان التحرير، وأدى فيه اليمين أمام مئات الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير، بالإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، المعتقل بالولايات المتحدة، وكذلك الإفراج عن معتقلي الثورة، والمدنيين أمام المحاكم العسكرية.
وقال مرسي في خطابه: “أرى إعلانات  لأسرة عمر عبد الرحمن، وعن المسجونين بأحكام عسكرية، والمعتقلين منذ بداية الثورة”، مضيفًا «هؤلاء جميعًا، حقهم عليّ، وواجبي يحتم أن أبذل كل جهد وسأفعل من الغد حتى يتحرر هؤلاء، ومنهم عمر عبد الرحمن، وأردد ما رددناه كونوا إخوانًا لوطنكم أحباء في ظل الحب والمحبة، ترتقي مسيرة الأمة، والله معكم ومعنا، والله غالب على أمره”».
وعرض السري في رسالته على الرئيس مرسي أن يفطر في السويس معه والسجناء على شرف الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس إذا لم يحظى بالإفطار مع مرسي حيث قال : فهل أحظى وإخواني السجناء بالإفطار في هذا الشهر المبارك معكم أو مع الأهل في مصر أو أدعوك للإفطار معنا وفضيلة الشيخ المجاهد الوالد الحاج / حافظ سلامة بالسويس؟.
وأضاف : فلا يصح أن يسقط النظام الفاسد ويظل ضحاياه السياسيين في السجون .
وذكر  : أعلم حجم المسئوليات الملقاة على عاتقكم – أسأل الله أن يعينكم عليها ويقويكم ويسدد خطاكم- ولكن من الأولويات أن تبادروا بإصلاح ما أفسده مبارك ونظامه البائد لتجدوا رجالاً مخلصين بجواركم يعينوكم ويشدوا من أزركم لمواجهة قوى الشر التي ما زالت متغلغلة في مؤسسات الدولة العميقة.
وطالب الدكتور مرسي قائلا: احيطك علماً ان العبد لله وهؤلاء السجناء السياسيين أصحاب الأيادي المتوضئة أول من عارضوا وثاروا على مبارك ونظامه ونحن ضحايا مبارك ، لذا واجب أن يتم اصدار قرار عفو عام شامل وفوري عن السجناء السياسيين في الداخل والخارج فالمحكوم عليهم من الإسلاميين ليسوا بأقل ممن أصدر المجلس العسكري عفواً عنهم وصادر ضدهم أحكام عسكرية نهائية.
بناءً على ما سبق أطلب منكم التكرم بإلغاء كل الاحكام العسكرية والاستثنائية الجائرة الصادرة بحقي وحق كافة المحكوم عليهم والوارد اسماؤهم أدناه واسقاط  كل ما ترتب عليها من آثار  . . هناك قرارات لا تكلف كثيراً ولكن تأثيرها كبير على ثقة الشعب والثوار فى حسن إدارتكم للبلاد ولبعض الملفات العالقة والتي منها استمرار ضحايا مبارك في السجون بناء على أحكام محاكم استثنائية ، فطوبى لمن أجرى الله الخير على يديه .
ثم قام بالدعاء له ولشعب مصر والشهداء قائلاً : أدعو الله تعالى أن يعينكم على هذا التكليف الشاق والأمانة الثقيلة التى ألقيت على كاهلكم  ، وأن يهيئ لكم بطانة صدق ومشورة حق تُعينكم على آداء الواجب والمسئولية الثقيلة على عاتقكم نحو البلاد والعباد.
وأسأل الله أن تعود لمصر قيادتها وريادتها . . وتعود مصر واحة من الامن والامان والعز.
حفظ الله مصر وشعب مصر ورحم شهداء مصر الأبرار . . اللهم اجعل مصر بلداً آمناً مطمئناً ، سخاءً رخاءً.

وفيما يلي نص الرسالة التي حصلت شبكة المرصد الإخبراية عهلى نسخة منها :
بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة الدكتور / محمد مرسي      رئيس جمهورية مصر العربية  – حفظه الله –

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .  كل عام وأنتم بخير وبعد ،،،
بأسمى آيات التهاني الممزوجة بالشكر لله العلي القدير الذي منّ على الشعب المصري بالانتصار المؤزر لثورته الأبية يتقدم ياسر السري بالتهنئة لكم ولشعب مصر العظيم على اختياركم لرئاسة الجمهورية وفاءً لدماء الشهداء واختياراً للمضى قدماً فى طريق الثورة المباركة التى بدأت بتضحيات أبناء الشعب أصحاب الدماء الذكية  . . وبمناسبة شهر رمضان المبارك .

الرئيس الدكتور / محمد مرسي

اتقدم لكم بهذه الرسالة بالأصالة عن نفسي ونيابة عن السجناء السياسيين ضحايا مبارك – أعلم أنه قد تم تسليم كشف كامل بالأسماء لكم وقد وعدتم بإغلاق هذا الملف ، ولكني أذكركم بسرعة الوفاء بالوعد – وللعلم فأنا وإخواني المحكوم عليهم من الذين يقدرون دوركم ووضعكم والصعاب والمشاكل التي تواجهكم وما أكتب لكم عنه هو من الأولويات أيضاً .

باختياركم رئيساً لأرض الكنانة فقد وقع على عاتقكم الآن استكمال مسيرة تطهير البلاد من مظاهر الاستبداد والظلم ، ومن ذلك إصدار قرار عفو عام شامل عن ضحايا مبارك ونظامه الذين يقبعون خلف جدران السجون لمعارضتهم مبارك ونظامه بين الاعدام والسجن والمحكوم عليهم المقيمين بالمنفى حتى تكتمل الفرحة بالثورة التي قام بها الشعب . .
أنتم الآن في موقع المسئولية أمام الله عز وجل عن كل ما يجرى فى مصر ثم أمام الشعب والتاريخ . . فهل توافقون على كل ما حدث فى أيام مبارك من تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان؟ . . يمكن أن تحاججوا أمام الله بأن تلك الحقبة لم تكن مسئوليتكم . . لكنكم حالياً لن تستطيعوا فأنتم مسئولون عن كل مظلمة تحدث فى مصر سواء حدثت قبل الثورة أم بعد الثورة . . فعليكم رفع الظلم عن المظلومين ضحايا مبارك ، فهل أحظى وإخواني السجناء بالإفطار في هذا الشهر المبارك معكم أو مع الأهل في مصر أو أدعوك للإفطار معنا وفضيلة الشيخ المجاهد الوالد الحاج / حافظ سلامة بالسويس؟.
بصفتكم رئيساً للبلاد أدعوك التزاماً منك بالأمانة الملقاة على عاتقك والإخلاص والتفاني في حماية الشعب المصري والانحياز له ورفع الظلم وإزالة الفساد وإقامة العدل والرحمة بالخلق ، ولطي صفحة الماضي المظلمة لممارسات النظام السابق ، أهيب بكم إصدار عفو عام شامل عن كل السجناء السياسيين المحكومين بالمحاكم الاستثنائية ( العسكرية – أمن الدولة عليا طوارئ ) في ظل النظام السابق وكذلك المحكوم عليهم غيابيا خارج البلاد. . حتى يسجل لكم في سجلات التاريخ وصفحاته المشرفة . . والأهم سجلات حسناتكم عند الله . . صحائف أعمالكم التي تحصي أعمالكم وتفتح يوم لا ينفع مال ولا بنون يوم العرض على الله .

فلا يصح أن يسقط النظام الفاسد ويظل ضحاياه السياسيين في السجون ، ولقد كان أحد عوامل سقوط النظام السابق دعاء المظلومين عليه والذين لا يزالون يدعون إلى الآن حتى يخرج ابنائهم من السجون .
أعلم حجم المسئوليات الملقاة على عاتقكم – أسأل الله أن يعينكم عليها ويقويكم ويسدد خطاكم- ولكن من الأولويات أن تبادروا بإصلاح ما أفسده مبارك ونظامه البائد لتجدوا رجالاً مخلصين بجواركم يعينوكم ويشدوا من أزركم لمواجهة قوى الشر التي ما زالت متغلغلة في مؤسسات الدولة العميقة.
سيحفظ لكم التاريخ قيامكم برفع الظلم عن المظلومين وخاصة السجناء والمحكوم عليهم المعارضين السياسيين الذين كانوا سباقين في التعبير عن إرادة الشعب المصري لإزاحة نظام مبارك الذي قام نظامه بحرب شعواء على السياسيين والمعارضين مستخدماً قانون الطوارئ والمعتقلات والتعذيب والاعتقال التعسفي والحرمان من المحاكمة أمام القاضي الطبيعي والاستعانة بالقضاء العسكري الذي أصدر أحكاماً قاسية بالإعدام ومدد السجن الطويلة .
مما لا يخفى عليكم أن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية تُعد انتهاكاً للحق فى محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء الطبيعي . . إن عدم إلغاء الأحكام العسكرية ضد ضحايا مبارك واستمرار سجنهم أو إعادة محاكمتهم أمام محاكم عسكرية أو مدنية الآن هو إهانة للثورة التي قامت في الأساس ضد قمع الحريات وضد التعامل مع الشعب بقوانين استثنائية تنال من حقوقهم .

سعادة الدكتور / محمد مرسي رئيس الجمهورية

أعانك الله ، وتذكر إخوانك السجناء . . كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم . .

احيطك علماً ان العبد لله وهؤلاء السجناء السياسيين أصحاب الأيادي المتوضئة أول من عارضوا وثاروا على مبارك ونظامه ونحن ضحايا مبارك ، لذا واجب أن يتم اصدار قرار عفو عام شامل وفوري عن السجناء السياسيين في الداخل والخارج فالمحكوم عليهم من الإسلاميين ليسوا بأقل ممن أصدر المجلس العسكري عفواً عنهم وصادر ضدهم أحكام عسكرية نهائية.
بناءً على ما سبق أطلب منكم التكرم بإلغاء كل الاحكام العسكرية والاستثنائية الجائرة الصادرة بحقي وحق كافة المحكوم عليهم والوارد اسماؤهم أدناه واسقاط  كل ما ترتب عليها من آثار  . . هناك قرارات لا تكلف كثيراً ولكن تأثيرها كبير على ثقة الشعب والثوار فى حسن إدارتكم للبلاد ولبعض الملفات العالقة والتي منها استمرار ضحايا مبارك في السجون بناء على أحكام محاكم استثنائية ، فطوبى لمن أجرى الله الخير على يديه .

رحم الله رجلا كان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر ، ولقد اختاركم الشعب وبقى لكم أن تنحازوا إلى الثورة وتتبنوا تحقيق أهدافها والتي منها رفع الظلم عن المظلومين ، ولكم مني ومن كل الثوار السابقين والحاليين كل التقدير.

في الأخير : أسأل المولى تبارك وتعالى أن يوفقكم إلى ما يحبه ويرضاه وما فيه صلاح البلاد والعباد .
وأدعو الله تعالى أن يعينكم على هذا التكليف الشاق والأمانة الثقيلة التى ألقيت على كاهلكم  ، وأن يهيئ لكم بطانة صدق ومشورة حق تُعينكم على آداء الواجب والمسئولية الثقيلة على عاتقكم نحو البلاد والعباد.
وأسأل الله أن تعود لمصر قيادتها وريادتها . . وتعود مصر واحة من الامن والامان والعز.
حفظ الله مصر وشعب مصر ورحم شهداء مصر الأبرار . . اللهم اجعل مصر بلداً آمناً مطمئناً ، سخاءً رخاءً.

مقدمه عن نفسه :

ياسر توفيق علي السري – المملكة المتحدة

ونيابة عن

رفاعي أحمد طه  موسى  – سجن العقرب                عثمان خالد إبراهيم السمان- سجن العقرب
مصطفى أحمد حسن حمزة  – سجن العقرب            أحمد سلامة مبروك عبد الرازق- سجن العقرب
عادل عبد المجيد عبد الباري- المملكة المتحدة        محمد زكي محجوب – كندا
ياسر كامل – ألمانيا                            محمد زين – ألمانيا
وجدي عبد الحميد غنيم – قطر              وآخرون . .

الثلاثاء 05 رمضان 1433 هـ الموافق 24 يوليو 2012 م

 

الأردن تشميع فروع كنتاكي لاستخدامها دجاج فاسد وزيوت مسرطنة

الأردن تشميع فروع كنتاكي لاستخدامها دجاج فاسد وزيوت مسرطنة

بسب استخدامها الدجاج الفاسد والزيوت المأكسدة التي تتسبب بحدوث مرض السرطان، قامت جهات رقابية رسمية  مؤخرا من ضمنها فرق مؤسسة الغذاء والدواء بالكشف على KFC في طبربور, وعليه تم ايقاف التداول في هذا الفرع لوجود مخالفات في نظافة الدجاج من جهة ولعدم صلاحيته من جهة اخرى .

وأكدت مصادر ، بأن فرق الرقابة قامت بإغلاق الفرع المذكور وتوجهت الى الفروع الاخرى لاجراء الكشف والتحريز بقصد اغلاقها .

كما باشرت فرق الرقابة والفرق التنفيذية بتشميع المستودع الرئيسي لدجاج KFC والكائن في بيادر وادي السير بعد ضبط 1200كيلو دجاج فاسدة تنبعث منها روائح كريهة كما اكتشفت الجهات الرقابية مخالفات صحية في السلطات التي تباع مع وجبات الدجاج الامر الذي تطلب تشميع المستودع في ظل اعتراضات من قبل العاملين بحجة عدم وجود مدير الفرع للتفاوض معه قبل التشميع.

واشارت المصادر انها ضبطت 140 لتر من زيت قلي مخالفة للمواصفات الصحية في فرع KFC بشارع المدينة المنورة وذلك بسبب تكرار القلي بنفس الزيت لعدة مرات وهذا الامر يعد مخالفة للشروط الصحية .

وبإغلاق مستودعات كنتاكي، فإنه يخشى أن تكون الفروع قد تزودت بكميات لديها، الامر الذي قد يدفعها لتسويقه حتى بعد قرار الاغلاق والتشميع.

وعلى الرغم من ان عملية الاغلاق للمستودعات ولفرع طبربور قد حدثت بساعة متأخرة قبل نحو نصف ساعة، الا ان حشود المواطنين التفوا حول المكان، وقد وصلتهم رسالة التحذير بصورة مباشرة، الامر الذي ندعو خلاله كافة المواطنين اخذ الحيطة والحذر في التعامل مع مطاعم الوجبات الجاهزة للدجاج وتجنب تناولها حفظا للسلامة العامة وتفاديا لاصابات مرضية قد تودي بأمراض السرطان.
وبما ان المستودع الرئيسي لتوريد الدجاج لفروع KFC اغلق اليوم فمن المفترض ان تتوقف عمليات البيع في كل الفروع ابتداء من يوم غد لان المركز الرئيسي اغلق الا ان كانت تلك الفروع تزودت بكميات كبيرة من الدجاج تكفيها لعدة ايام .

إسرائيل بدأت حرب المياه مع مصر بجنوب السودان

إسرائيل بدأت حرب المياه مع مصر بجنوب السودان وتبرم أول اتفاقية دولية معها تتعلق بالري والمياه

أبرمت إسرائيل اليوم الإثنين أول اتفاقية دولية مع دولة جنوب السودان، حيث وقعت شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية المحدودة اتفاقية تعاون للبنية التحتية المائية والتنمية التكنولوجية مع دولة جنوب السودان.

وذكرت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، في نسختها الإلكترونية، عن وزير البنية التحتية الإسرائيلي أوزي لانداو، قوله: نعتبر هذا الحدث تميزًا كونه أول اتفاقية تبرم مع الدولة الجديدة .. سنستمر في بذل ما في وسعنا لدعم أصدقائنا في جنوب السودان.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن نائب رئيس شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية المحدودة للاستراتيجيات والتسويق زفيكا فوكس وقع على إطار اتفاق مع أكيك بول ما يوم، وزير المياه والري بدولة جنوب السودان.

ونقلت الصحيفة عن وزارة الطاقة والمياه الإسرائيلية أن الاتفاقية ترسي خططا للتعاون بين الدولتين بشأن الري ونقل المياه وتحليتها وتنقيتها

الفقر يدفع يمنيين إلى العمل مقابل إفطار

الفقر يدفع يمنيين إلى العمل مقابل إفطار

مطلع الأسبوع الماضي باشر نشوان (19 سنة) عمله في متجر لبيع الملابس يملكه احد ابناء منطقته حيث درج بعض اصحاب المحال التجارية على استخدام الشبان خلال شهر رمضان الذي يشهد اقبالاً على شراء الملابس والاحذية.

بيد ان عمل نشوان هذا العام لن يكون عملاً بما تعنيه الكلمة بل هو أقرب الى السخرة. فما سيحصل عليه، بحسب روايته، لا يتعدى وجبتي عشاء وسحور وبعض القات اضافة الى بذلة جديدة سيستلمها عشية العيد ومبلغ مالي صغير عبارة عن اجرة مواصلات للعودة الى قريته.

وعلى رغم الظلم الواضح، يعد نشوان محظوظاً كونه حصل على هذه الفرصة على الاقل، فهناك العشرات من الشبان المستعدين لقبول هذا العرض في حال رفض نشوان.

وتؤدي الاوضاع الاقتصادية المتردية التي بلغت حداً غير مسبوق من حيث ارتفاع نسبة البطالة والفقر، الى إجبار شباب كثيرين على القبول بأي عمل وبأي أجر لسد الرمق.

وقال نشوان ان عمله في رمضان يبدأ في الثالثة عصراً وينتهي عند الرابعة من فجر اليوم التالي, واحياناً يكلف بالقيام بمهام اضافية مثل الذهاب الى السوق لشراء خضار ولحوم وقات وايصالها الى منزل رب العمل.

وتقول منظمة «أوكسفام» وهيئة الاغاثة الاسلامية، إن 44 في المئة من سكان اليمن ليس لديهم ما يكفيهم من طعام، فيما تفيد تقديرات محلية أن نسبة الفقراء تجاوزت 70 في المئة من السكان.

في السنوات الماضية كان شبان اليمن يلجأون للعمل خلال الاجازة لأغراض ترفيهية مثل شراء ملابس اكثر او دراجة هوائية أو مستلزمات خاصة، أما الان فانهم يكدون للحصول على عمل لتوفير وجبة لهم ولأفراد اسرهم. وهناك من ترك الدراسة نهائياً ليبحث عن عمل لم يجده حتى الآن.

المجلس العسكري رفض استقالة النائب العام مرتين

المجلس العسكري رفض استقالة النائب العام مرتين

كشف مصدر قضائي رفيع أن المجلس العسكري رفض استقالتين متتاليتين تقدم بهما النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، وذلك بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وقال المصدر – رفض ذكر اسمه- أن النائب العام أبلغ المشير طنطاوي في أسباب الاستقالة أنه” يرفض أن يتحمل أوزار نظام مبارك وحده”.
وقال المستشار فؤاد راشد رئيس محكمة استئناف القاهرة المعار للخارج، وأحد قيادات تيار استقلال القضاء، أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رفض استقالة تقدم بها المستشار عبد المجيد محمود النائب العام، بعد أن طالته اتهامات عديدة بالتستر على قضايا فساد طيلة عهد المخلوع حسني مبارك.
وأضاف في تصريحات صحفية أن رئيس الجمهورية يملك صلاحية تعيين النائب العام، ويجب أن يعدل النص ليكون القول الفصل في أمر الترشيح لمجلس القضاء الأعلى والجمعيات العمومية لمحاكم الاستئناف والنقض، مطالبًا الرئيس محمد مرسي بقبول استقالته إذا عرضها عليه.
وأوضح “راشد” أن أسباب ذلك يطول شرحها وتدور حول عدة عوامل أهمها أنه كان موضع ثقة مبارك، وأن بعض قضايا الفساد الكبرى نامت في الأدراج حتى قامت الثورة، وطالما بقي الرجل في منصبه فإن التحفظ على أداء النيابة سوف يظل قائمًا ولو فعل الرجل وجهاز النيابة العامة المستحيل.
وحول ملف تطهير القضاء، قال: “اعتاد القضاء المصري طوال تاريخه أن يطهر نفسه نافيًا خبثه، وهي سنة حميدة ولا تزال واقعة، ولكن هناك بلاغات لم يحقق فيها عن دور بعض القضاة في الانتخابات التشريعية عام 2005م وعام 2010م، وهناك بلاغات عن تواطؤ بعض القضاة مع الأمن في إصدار الأحكام ضد خصوم النظام، ولا بد من فتح كل الملفات”.
وتابع: “وأما رحيل القاضي الأكبر حسام الغرياني عن منصب كبير القضاة، فقد كان رأيي أن الرجل لن يستطيع أن يفعل الكثير في ظل المناخ القائم، فالملف أثقل من أن يتولاه رجل واحد، ونحن نعلم أن نكبة سفر المتهمين الأجانب تمت والرجل في منصبه الجليل، ولكن الآن الظروف تتغير، وأعتقد أنه على كاهل رئيس الدولة الجديد مهامًا جسامًا منها ملف التطهير في القضاء وغير القضاء.

سوريا المنسية

سوريا المنسية

في نوفمبر من العام 2009 نشرت مجلة ناشيونال جيوغرافي، مقالة لموفدها الخاص إلى سورية دون بيلت الذي حظي بلقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، ونقل عنه حادثة تصلح لتكون عبرة عن حال سورية على مدى 41 عاما من حكم عائلة الأسد. روى الرئيس للصحافي كيف أنه حتى تاريخ توريثه السلطة دخل مرتين فقط إلى مكتب والده الرئيس الراحل حافظ الأسد.
المرة الأولى كانت وله من العمر سبع سنوات، حيث جاء راكضاً من شدة فرحه ليخبر والده عن درسه الأول في اللغة الفرنسية، ولفت انتباهه يومها زجاجة كولونيا كبيرة موضوعة على الخزانة بجانب المكتب.
أما المرة الثانية التي دخل فيها المكتب فكانت في أعقاب وفاة والده في العام 2000، ليفاجأ بذات زجاجة الكولونيا الكبيرة لا تزال تقبع في مكانها على الخزانة، بعد 35 عاماً.

وإذا كان الرئيس السوري، يروي هذه الحادثة لدلالة على تقشف والده، وحرصه على عدم الانجرار وراء التغيرات المتسرعة، فإن هذه القصة تصلح في ذات الوقت للدلالة على حال “سورية أخرى” تم وضعها على الرف وتم تناسيها على مدى عقود طويلة تحت مسميات الاستقرار والممانعة بوجه إسرائيل، وهاهي اليوم تطل علينا من جديد لتذكرنا أن سورية الحقيقية ليست زجاجة كولونيا وأن أبنائها ليسوا من أهل الكهف! ولكنهم كبقية شعوب الأرض، شعب حيً يطمح للعيش بحرية وكرامة في وطن عادي كبقية الأوطان.

في كل مرة أتذكر هذه القصة، تصيبني غصة وأتذكر والدي الرئيس السوري السابق نور الدين الأتاسي الذي أمضى 22 عاما في زنزانة ضيقة في سجن المزه من دون أن يحاكم أو توجه له أي تهمة.
22 عاما وزجاجة الكولونيا لا تتحرك من مكانها على الرف ووالدي لا يتحرك من مكانه في السجن، ومأساتنا ومآسي آلاف السورين تزداد أتساعا.
22 عاما من القهر والعجز عن فعل أي شيء.
22 عاما والأيام تمضي هاربة من عمرنا على إيقاع زياراتنا له في السجن مرة واحدة كل أسبوعين ولمدة ساعة واحدة في كل مرة.
22 عاما غادرت فيها أنا وأختي طفولتنا وغادر والدي الحياة بعد أن أصيب بالسرطان ومنع عنه العلاج وأطلق سراحه في النهاية ليموت في باريس في كانون الأول 1992 بعد أسبوع من وصوله إليها محمولا على نقالة.
22 عاما هي عمرنا المسروق وهي زجاجة الكولونيا المهملة على الرف وهي سوريتنا المنسية.

أما سورية المنسية بالنسبة لمعظم الشعب فمعناها، الدولة البوليسية والبلد الممسوك بقبضه من حديد.

سورية المنسية معناها سنوات الثمانينات المشرعة كغطاء دم على الذاكرة السورية.

سورية المنسية معناها، بلد ملّزم دوليا بقضه وقضيضه إلى سلطة مستبدة، حرصا على الاستقرار الإقليمي.

سورية المنسية معناها أمن إسرائيل المستتب على حدود هضبة الجولان المأمنة والباردة كبرودة ثلوج جبل الشيخ.

سورية المنسية معناها ألوف المعتقلين السياسيين الذين زجوا لعشرات السنيين في غياهب السجون والمعتقلات.

سورية المنسية معناها، ألوف المفقودين الذي لا يعرف أهاليهم عنهم شيئا إلى يومنا هذا ولا يملكون من أثرهم ولا حتى شهادة وفاة.

سورية المنسية معناها، آلام ودموع آلاف الأمهات والزوجات اللواتي ينتظرن منذ الثمانيات وإلى اليوم عودة أبنائهم المختفين ولو في أكفان.

سورية المنسية معناها إذلال يومي وكرامات مستباحة وعصا غليظة وعبادة فرد وصمت مطبق وخوف مستشري.

سورية المنسية معناها قرارات مؤجلة وخطوات ناقصة وشبكات فساد ومحسوبية وبيروقراطية مترهله وأجهزة أمن مطلقة اليدين من دون حسيب ولا رقيب.

سورية المنسية معناها إقصاء السياسة عن المجتمع و تدجين القضاء وخنق المجتمع المدني وسحق المعارضة.

سورية المنسية معناها هذا الشعار المخيف في دلالاته ” قائدنا إلى الأبد الأمين حافظ الأسد”، الذي ظل يزين مداخل المدن وواجهات الأبنية الرسمية ليقول للشعب السوري أن التاريخ مات على حدود بلدهم.

وإذا كان صحيحا أن التاريخ لم يمت، بل كان يطل برأسه بين الفينة والأخرى على الواقع السوري مذكرا ومحذرا بأن هذا البلد لا يمكن أن يكون خارج التاريخ، فإن السلطة كانت تسارع في كل مرة إلى دفن رأسها بالرمال متوهمة أنه باستخدام الأساليب الفظة ستتمكن من إيقاف مجرى التاريخ على عتبات السجن السوري الكبير.
حدث هذا الأمر خلال أحداث الثمانيات الدموية التي انتهت بمجزرة حماه.
وحدث في بداية التسعينات مع انهيار الكتلة السوفيتية وسقوط نموذج الحزب الواحد في العالم والإصرار على استمرار تطبيقه في سورية.
وحدث مع وفاة الرئيس حافظ الأسد في العام 2000 وابتداع سيناريو التوريث في محاولة للهروب إلى الأمام في مواجهة استحقاق الموت والحياة.
وحدث مع وأد “ربيع دمشق” وسجن أبرز ناشطيه كجواب على مطالبتهم بطي صفحة الماضي والبدء في عملية التحول الديمقراطي.

لقد عاندت السلطة على مدى الأربعة عقود الماضية، وتمنعت عن إدخال أي تعديلات جدية على بنيتها السياسية والأمنية، وأتى سيناريو التوريث من الأب إلى الابن ليبين بما لا يدع مجالا للشك، إصرار الدوائر الضيقة في السلطة على أبقاء التوازنات السلطوية وآلية صنع القرار وهالة القداسة على حالهم من حول أعلى هرم السلطة.
في مقابل هذا الجمود السياسي، حدثت تغيرات هائلة في البنى الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع السوري، وتضاعف عدد السكان عدة مرات وتوسعت الفئة الشبابية على حساب بقية الشرائح العمرية، إلى الحد الذي وصل فيه عدد شباب سورية ما دون العشرين عاماً إلى حدود 60 % من إجمالي عدد السكان.
وترافق هذا مع هجرة ريفية واسعة وانفجار سكاني في ضواحي المدن الكبرى كدمشق وحلب وتفشي كبير للبطالة، وخلل واسع في توزيع الثورات من جهة وتمركز الجزء الأكبر منها في يد فئة قليلة من رجالات السلطة وحاشيتهم.

لقد اعتادت بعض الأوساط الدبلوماسية الغربية وبعض الأقلام الإستشراقية، أن تشكك على الدوام في إمكانية أن يثور الشعب السوري للمطالبة بحريته وحقوقه، وكأن هذا الشعب لا ينتمي إلى الإنسانية بل إلى فصيلة غريبة من الكائنات الفضائية، وبالتالي لا يحق له ما يحق لغيره من شعوب الأرض.

وعمدت هذه الدوائر إلى التقليل من شأن مظاهر المقاومة الخفية والانشقاق السياسي التي لم ينفك المجتمع السوري يظهرها بشكل متقطع على مدى العقود الماضية. لكن كون سورية لا تقع على كوكب المريخ، وأبنائها كما بقية البشر العاديين يطمحون أن يعيشوا بكرامة وحرية في بلد ديمقراطي، فكان طبيعيا عندما أتت ساعة الحقيقة أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم لرياح الربيع العربي التي هبت مع تداعي حائط برلين العربي الذي شيًد بالقمع والخوف ليفصل بين الشعوب العربية وبين الديمقراطية، بخيارات واهية من مثل الاستقرار أو الفوضى، الاستبداد أو الإسلاميين.

إن سورية الأخرى التي تناستها السلطة، لم ينسها التاريخ! وهاهي تعود اليوم لتطالب بحقوقها المستلبة ويعود التاريخ معها ليطالب بفواتيره المستحقة. وإذا كانت الثورة السورية هي الأقسى من بين الثورات العربية لجهة وحشية السلطة واستعدادها لارتكاب الفظائع بحق أبناء شعبها وتهديدها له بالحرب الأهلية، فمما لا شك فيه أن إصرار الشعب السوري على الطابع السلمي لتحركه وعلى وحدة مكوناته الوطنية سيكون كفيلا في النهاية بتمكينه من استعادة حريته وبناء تجربته الديمقراطية.
إن شعبا لا يزال يواجه بشجاعة نادرة وصدور عارية رصاص القناصة الذي ينهمر عليه من كل حدب وصوب كلما خرج ينادي بالحرية، هو أول من يعرف معنى هذه الحرية لأنه دفع غاليا ثمنها من أرواح أبنائه، وهو قادر ان يمارس هذه الحرية بمسؤولية ورشد من دون أي أستذة أو وصاية من أحد.

عندما سجن والدي في العام 1970 في أعقاب الانقلاب الأبيض الذي نفذه الجنرال حافظ الأسد على رفاقه في حزب البعث، كان لي من العمر ثلاث سنوات. كطفل أستغرقني الأمر فترة قبل أن استوعب أن السجن ليس للمجرمين فقط ولكن أيضا لسجناء الرأي والضمير.
لم أرث من والدي الذي حكم أربع سنوات لا سلطة ولا جاه، كان كل ما ورثته منه كان عبارة عن حقيبة ثياب صغيرة أعيدت لنا من السجن بعد وفاته، وكانت هذه الحقيبة هي كل ما يملك حرفيا بعد 22 عاما قضاها في ذات الزنزانة وذات السجن. كل ما أتذكره من هذه الحقيبة اليوم هو رائحة رطوبة السجن التي تغلغلت في نسيج ثيابه وحوائجه.

في مقابلته مع المجلة الأميركية فات الرئيس السوري أن يخبر ما الذي فعله بزجاجة الكولونيا المنسية على الرف في مكتب والده! والحقيقة أن الجواب لم يعد يعني الكثير بعد اندلاع الثورة السورية.
من جهتي سأخبر والدي في المرة القادمة التي أزور قبره فيها أن الحرية انبعثت من جديد في الشعب السوري، وهي أكبر بكثير من القبور التي حاولوا دفنه فيها.
وسأطمئنه أن هذا الشعب تمكن أخيرا من كسر زجاجة الكولونيا، فإذا بعطر الحرية الذي فاح منها، أقوى بكثير من روائح الدم الذي يحالوا إغراقه فيه.

النص العربي لمقالة محمد علي الأتاسي – ابن الرئيس السابق نور الدين الأتاسي – والمنشورة في جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية

الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، وانعكاساتها على الأمن القومي العربي

الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، وانعكاساتها على الأمن القومي العربي

في عام 1955م حدد ديفيد بن جوريون رئيس وزراء «إسرائيل» أهمية المياه للدولة العبرية بقوله.. «إن اليهود يخوضون معركة شرسة مع العرب، وهي معركة المياه. وعلى مصير تلك المعركة يتوقف مصير إسرائيل؛ فإن خسرناها فلن نكون في فلسطين أبداً».والأمن المائي للأمة العربية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بموقع تلك الأمة.. وتلك المياه قد تشكل في المستقبل القريب أزمات حادة قد تصل إلى حد الحروب.. بل سوف تزداد حدتها في منطقة الشرق الأوسط عموماً؛ نظراً للزيادة السكانية المطردة والسياسات الزراعية الطموحة لدول المنطقة.. وليس من الغريب أن تصبح مسألة المياه أكثر أهمية من البترول نفسه.

تَذْهَب الدراسات الإستراتيجية المتخصِّصة في قضايا الصراع الشرق الأوسط إلى: أن مستقبل الصِّراع سيكون حولَ الموارد المائية، وأن النفط – رغم أهميته الحيويَّة – فإن الماء سيَفُوقُه أهميةً؛ حيث سيؤدِّي ذلك إلى نهجِ سياسات للتحكُّم في مصادِرِ المياه، وستَدُور بسببِه صِرَاعَات، وربما حُرُوب عديدة.
فالجديد في قضايا الصراع في منطقة الشرق الأوسط، يَرْتَبِط بالبُعد المائي للصِّرَاع العربي الإسرائيلي، وانعكاسات ذلك على المِنْطَقة العربية مستقبلاً، وبالتالي سيكون البعد المائي وجهًا آخر من أوجه الصراع بين العرب وإسرائيل (1).
إن المِنْطَقة العربية بدأت تدقُّ ناقوسَ خطرِ نُدرةِ المَوَارد المائية، كما تَسْعَى جهاتٌ غيرُ عربيةٍ بالتخطيط للتحكم في هذه الموارد المائية بالقوة، وأحيانًا بالتفاهم المتبادَل، وما الصراع العربي الإسرائيلي إلا تعبير عن صراع من أجل الاستيلاء على الماء قبل الأرض، ومنذ احتلالِ إسرائيلَ للأراضي العربية في “يونيو 1967”، وهي تُمَارِس سياسة الاستيلاء والسَّيْطَرة على المياه العربية في: الجُولان بسوريا، ونهر الأُرْدُن بالأُرْدُن، ونهر “الليطاني” بلبنان، ونهبها كذلك للمياهِ الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزَّة، كما تسعى إلى مد فرعِ نهرِ النيلِ إلى صحرائها بالنقب(2).
إن المخططات المائية التوسعية لإسرائيل تعود في أصلها إلى ما قبل نشأةِ دولة إسرائيل؛ فهي تَعْتَبِر التحكم في مصادر المياه العربية جزءًا من أمنها القَومِي لبناء دولةِ إسرائيلَ العظمى، في حين نَجِد غياب صحوة إستراتيجية عربية لصد هذه المخطَّطات؛ نتيجة انشغال العرب بنزاعاتهم العربية – العربية، وإهمال القضايا المصيرية(3).
وارتباطًا بما تمَّ ذكرُه سوف نحاول أن نَدْرُس انعكاسات الأَطْمَاع المائية الإسرائيلية على الأمن القَومِي العربي، على أساس أن الأمن المائي عنصرٌ أساسيٌّ من عناصر الأمن القَومِي العربي في مواجهة الأمن القَومِي الإسرائيلي؛ لما سيكون لهذا البعد الحيوي من دَوْر حَاسمٍ في تحديد مستَقبلِ الصراع العربي الإسرائيلي.
السؤال المركزي للبحث:
ما هي الآثار التي قد تُحدِثها الأطماعُ الإسرائيلية في المياه العربية على الأمن القَومِي العربي؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل المركزيِّ في الموضوع سيَدْفَعنا إلى توضيح أن للمسألة المائية دورًا في تحديد إقامة دولة إسرائيل الكبرى، وعنصرًا مهمًّا للأمن القَومِي العربي؛ فإسرائيل بأَطْمَاعها المائية التوسعية تَسْعَى إلى التحكم والسيطرة على مصادر المياه العربية؛ لإجهاضِ أي مشروعٍ مائي عربي يكون المنطلق الإستراتيجي للأمن القَومِي العربي مستقبلاً، وفرض سياسة الأمر الواقعِ على الدول العربية؛ لإقامة دولة إسرائيل العظمى من النيل إلى الفُرَات، وهي في حقيقة الأمر أطماعٌ لها جُذُور تاريخية، ودينية قديمة، قبل قيام دولة إسرائيل.
إشكالية البحث:
تتَمَحوَر إشكالية موضوع البحث حول الصراع المائي بين الدول العربية وإسرائيل، وتسليطِ الضَّوءِ على الأطماع الإسرائيلية في مصادر المياه العربية، وذلك عبر التساؤلات الفرعية الآتية:
1- ما الجذور التاريخية والدينية للأطماع الإسرائيلية في المياه العربية؟
2- ما أهم مصادر المياه العربية، التي تطمع إسرائيل في السيطرة عليها لبناء أَمْنِها القَومِي؟
3- ما انعكاسات الأطماع المائية الإسرائيلية على الأمن القَومِي العربي؟
مسار البحث:
الفقرة الأولى:
الجذور التاريخية والدينية للأطماع الإسرائيلية في المياه العربية.
في هذه الفقرة، سنُبْرِز الجذور التاريخية والدينية اليهودية للتحكُّم والسيطرة على المياه العربية.
المصادر المعتمدة:
• الأرقم الزغبي، الغزو اليهودي للمياه العربية، الطبعة الأولى، بيروت، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1992.
• رفعت السيد، الصراع المائي بين العرب وإسرائيل، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الهدى للتوزيع والنشر، 1993.
الفقرة الثانية:
الأطماع الإسرائيلية في مصادر المياه العربية.
سنقف هنا عند الأَطْمَاع الإسرائيلية في المياه العربية التي تشكل منطلق بناء منذ قيام دولة إسرائيل.
المصادر المعتمدة:
• حسن بكر، المنظور المائي للصراع العربي الإسرائيلي، مجلة السياسية الدولية، العدد 104، أبريل 1991.
• عايدة العلي سري الدين، السودان والنيل بين مِطْرَقة الانفصال، والسِّنْدَان الإسرائيلي، الطبعة الأولى، بيروت، منشورات دار الآفاق الجديدة، 1998.
• سامر مخيمر، وخالد حجازي، أزمة المياه في المنطقة العربية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 209، مايو 1996.
• عدنان سيد حسين، التوسع في الإستراتيجية الإسرائيلية، الطبعة الأولى، القاهرة، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1989.
• عمرو كمال حمودة، قضية المياه في إسرائيل، بحث مقدَّم إلى المؤتمر السنوي السادس عشر للبحوث السياسية، “إسرائيل من الداخل” 28‐31 ديسمبر 2002، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
• رمزي سلامة، مشكله المياه في الوطن العربي – احتمالات الصراع والتسوية، طبعة غير متوفرة، الإسكندرية، الناشر منشأة المعارف، 2001.
• صبحي كحالة، المشكلة المائية في إسرائيل وانعكاساتها على الصراع العربي الإسرائيلي، أوراق مؤسسة الدراسات الفلسطينية ورقة رقم 9، الطبعة الأولى، بيروت، 1980.
الفقرة الثالثة:
انعكاسات الأطماع المائية الإسرائيلية على الأمن القَومِي العربي.
المصادر المعتمدة:
• بيان العساف، انعكاسات الماء على الأمن القَومِي العربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية، يوليو 2005.
• هيثم الكيلاني، المياه العربية والصراع الإقليمي، كراسات إستراتيجية، العدد، 17، سبتمبر 1993.
• حامد ربيع، نظرية الأمن القَومِي العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، دار الموقِف العربي، 1995.
خلاصة وتقييم عام للموضوع:
الفقرة الأولى:
الجذور التاريخية والدينية للأطماع الإسرائيلية في المياه العربية.
أولاً: الجذور التاريخية:
لقد كان “لتيودور هِرْتِزل” – مؤسس الصِّهْيَوْنية العالمية – الفضلُ والدَّوْر البارز في الربط بين فكرة الوطن والماء، وزرع هذه القناعة في المدركات اليهودية الفكرية؛ لإقامة دولة إسرائيل الكبرى، وعن طبيعة وحدود الدولة التي يتوقعها “هِرْتِزل”، يقول – في رده على الإمبراطور الألماني -: “لقد سألني الإمبراطور الألماني أيضًا عن الأرض التي نريد، وعن حدودها، وما إذا كانت ستمتَدُّ شمالاً حتى بيروت، أو أبعد من ذلك، ولكننا سنطلب ما نحتاجه.
إن المساحة تزداد مع ازدياد عدد المهاجرين، علينا أن نطل من البحر؛ بسبب مستقبل تجارتنا العالمية، ولابد لنا من مساحة كبيرة للقيام بزراعتنا الحديثة على نطاق واسع، إن إسرائيل التي نريد هي إسرائيل سليمان وداود”.
وفعلاً قامت إسرائيل لاحقًا – وبعد تأسيسها – بتنفيذِ ما أعلنه “هِرْتِزل” على أرض الواقعِ، وفي هذا الصدد جَرَت محاولات من “هِرْتِزل” لشراء الأراضي، وأبرز هذه المحاولات كانت إِثْرَ بَعْثِه لوفدٍ يهوديٍّ إلى مصر عام 1903 لشراء صحراء سَيْنَاء؛ لتكون الممر المؤدِّي للحصول على مياه نهر النيل.
نشير إلى أن ضخَّ مياهِ النيل لإسرائيل تكرَّر عدة مرات، وكان آخرها وأخطرها في عهد “أنور السادات” عام 1980.
وتضم هذه البَعْثَة الكولونيل “ليوبولد كسلر”، والمهندس البريطاني “جورج ستفنس”، والمهندس “سوسكين”، والدكتور “هيليل بوف”، و”أوسكار مرموك” زعيم صهيوني بالنمسا(4).
• في عام 1831 تمَّ تأسيس “الجمعية الملكية الجغرافية البريطانية لدراسة الطبيعة المناخية والجغرافية للمستعمَرات البريطانية”، وتحوَّلت إلى هيئة لخدمة اليهودية، بعدها أُنْشِئ البنك المالي اليهودي، وتمخَّض عنه مؤسسات مالية أخرى، أهمها: “صندوق اكتشاف فِلَسطِين”، الذي تعاقد مع “الجمعية الجغرافية البريطانية لدراسة مناخ وجغرافية بلاد الشام”.
بينما في عام 1861 دعا الحاخام “تزئي هيرش” إلى إظهار “جمعية استعمار فِلَسطِين”، وإقامة أول مدرسة زراعية يهودية في فِلَسطِين عام 1870، تُدْعَى مكيفة إسرائيل، بالتعاون مع “الاتحاد الإسرائيلي العام – اليهودي – الفرنسي”(5).
• وأثناء انعقاد المؤتمر الصِّهْيَوْني الأول عام 1897، تم التنصيص على دَعْم الهجرة إلى فِلَسطِين؛ للحصول على امتيازاتٍ زراعيةٍ وتِجَارِيةٍ، والسيطرة على الأراضي، وتم تأسيس أول مستعمَرة يهودية في فِلَسطِين، تُدْعَى: “بيتح تكفا – عتبة الأمل”؛ فكانت أرض “مَرْج ابن عامر” أوَّلَ أرض اشتراها اليهود في سهول الأراضي الفِلَسطِينية.
بينما في عام 1911 ادَّعى بعض اليهود المتديِّنين – من خلال بحثهم على الماء في بئر سبع -: أن هناك إشارات تَوْرَاتية تدَّعي أن المِنْطَقة مِلكٌ لهم، تعود إلى عهد النبي إبراهيم – عليه السلام – وأبنائه العبْرَانيِّين، ودارت حرب بينهم وبين ملك فِلَسطِين “ابيمالك” حول بئر الماء في بئر سبع.
وبين عامي 1920 و1930 طَرَد اليهود – بدعم من الانتداب البريطاني – عائلاتٍ عربيةً من أرض “مَرْج ابن عامر”، وإخراج 15500 عربي من أرض “وادي الحوارث”، و15000 عربي من أرض “الحولة”، واستمرت المحاولات والجهود اليهودية لإقامة مشروع وطن قَومِي يعتمد على منابع المياه، وفي هذا الصدد كتب “حاييم وايزمن” رسالة إلى وزير خارجية بريطانية بتاريخ 30 أكتوبر 1920، جاء فيها:
“تُدْرِكون أهمية “الليطاني” الكبرى لفِلَسطِين، فلو تأمَّنت لها جميعُ مياهِ الأُرْدُن واليرموك؛ لن تَفِي بحاجاتها، وإن صيف فِلَسطِين حارٌّ جدًّا، وتبخُّر المياه سريعٌ وكثير.
إن “الليطاني”، هو المصدر الذي يمكنه أن يؤمِّن المياه لرَيِّ الجليل الأعلى … فإذا حُرِمت فِلَسطِين من مياه “الليطاني” والأُرْدُن واليرموك، لن يكون لها أيُّ استقلال اقتصادي”.
وفي عام 1927 مَنَح المندوب السامي البريطاني في فِلَسطِين امتيازًا لليهودي الروسي “بنحاس روتبرغ”، يقضي بالاستثمار في المياه العربية لتوليد الكهرباء برأسمال يهودي ويد عاملة عربية، على أن يَستَفِيد اليهود من هذا الامتياز، وبالتالي استغلال اليهود المياه العربية بشكل مُطلَق(6).
ثانيًا: الجذور الدينية:
إن الرؤية الدينية لقيام دولة إسرائيل وحدودها، تستند في مرجعيتها الأساسية إلى الكتب الدينية المقدَّسة اليهودية المتشدِّدة، ويَبْقَى الحاخام “صموئيل إيزاكس” أحد المتشدِّدين في تحديدِ حدودِ دولة إسرائيلَ، في كتابه” الحدود الحقَّة الأرض المقدسة”، ويَصِفها في الإصحاح “34” من سفر العدد “1‐ 12” من العهد القديم، وبهذا التحديد يهدف “إيزاكس” إلى تعيين الحدود التاريخية الصحيحة لدولة إسرائيل(7).
فالتوراة هي المَرْجِع الديني الأول في تشجيعِ الأطماعِ اليهودية في المياه العربية، فنَجِد في سطورِ صفحاتِ التوراةِ العديدَ من الإشارات والعبارات التي تُحَفِّز اليهودية للسيطرة على مناطق المياه العربية، وبِنَاء دولتِهم؛ لأن ذلك حَسَب مدركاتِ اليهود العقائدية واجبٌ دينيٌّ أولاً، وضرورة حياتيَّة ثانيًا، فهذه العبارات والإشارات الواردة في الكتب الدينية اليهودية ذاتُ طابعٍ عَدَائي مَحْضٍ تَحْمِله العقيدة اليهودية للمياه العربية.
ويمكننا ذكر بعضها:
“…لأن للسيِّد رب الجنود ذَبِيحة في أرض الشمال عند نهر الفُرَات”.آرميا 46/10.
“أَعِدُّوا المِجَنَّ والتُّرْسَ، وتقدموا للحرب، أَصْقِلوا الرِّماح، البَسوا الدُّرُوع في الشمال بجانب نهر الفُرَات” آرميا 46/3 /6 /8 /27 /28.
“وجَمَع داود كلَّ إسرائيل من شيحور مصر إلى مدخل حماة” أخبار الأيام الأولى 13 /5.
“… قطع الرب مع إِبْرَام ميثاقًا، قائلاً: لنَسْلِك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى الفُرَات” التكوين 15/18.
الملاحظ في هذه العبارات التوراتية أنها تحمل عداءً دينيًّا للمياه والأرض العربية؛ حيث تبدأ الهجمة على المياه العربية من أول سِفْر في التوراة إلى آخر سِفْر، فالمَزَاعم التوراتية تدَّعي أن الإلهَ يَعدُهم بتأمين المياه لبني إسرائيل؛ لبناء دولتهم، وحرمان الشعوب الأخرى من هذه المياه، حتى تُصبِح دولة إسرائيل الأقوى، والشعوب الأخرى الأضعف(8).
الفقرة الثانية: الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية:
ترى العقيدة اليهودية أن بِنَاء دولتها الكبرى يبدأ من نَهْرَيْ النيل بمصر إلى الفُرَات بالعراق، تحت شعار: “أَرْضُك يا إسرائيلُ من النيل إلى الفُرَات”.
أولاً: أطماع إسرائيل في مياه النيل والفُرَات:
تعود الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل إلى بدايات القرن العشرين، ومع إحساسها بأن المياه ستكون مصدرًا للتوتُّر والنزاع، عَمِلت على إقامة تَنسِيقٍ وتعاونٍ مع الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا المائية، وهذا التعاون مكمِّل للدَّعْم السياسي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، وفي هذا الصَّدد تَرَى مصادر الأبحاث الإسرائيلية: أن نهر النيل هو المصدر المائي الذي يُمْكِنه حلُّ أزمة المياه مستقبلاً في إسرائيل، وهذا ما يشجِّع إسرائيل على تَوْطِيد عَلاقاتها مع الدول التي تَستَفِيد بشكل أساسي من نهر النيل، ولاسيما “مصر” و”إثيوبيا”، ففي منتصف السبعينيات ظَهَرت مقالاتٌ في الصحافة الإسرائيلية تدْعو إلى ضرورة شراء مياه النيل وتحويلها إلى النقب، وقد كان الرئيس المصري الراحل “أنور السادات” طرح فكرة مد مياه النيل إلى صحراء النقب في حالة تحقيق السلام الشامل والكامل مع إسرائيل، إلا أن الفكرة لم تنفَّذ بسبب معارضة الجَبْهَة الداخلية المصرية بقيادة وزير الري “عبدالعظيم أبو العطا”(9).
فمشروع نقلِ المياه من النيل إلى النقب ليس بجديد في الأوساط الإسرائيلية، فقد بَدَا الإعداد العَمَليُّ لذلك قبل طرح “السادات” لفكرته قبل خمسين عامًا، فبعد حرب أكتوبر نشر المهندس “اليشع كالي” مقالاً في جريدة معاريف بتاريخ 17/09/1978، قدَّم فيه مشروعَه بنقل مياهِ النيل إلى صحراء النقب، وقال: “إن مشاكل إسرائيل المائية يمكن أن تُحَلَّ – ولفترةٍ طويلةٍ – باستخدام واحد بالمائة فقط من مياه النيل، بحيث يبدأ المشروع بتوسيع قناة الإسماعيلية من القاهرة إلى قناة السُّوَيس لتصريف 30 مترًا مكعبًا من المياه في الثانية، ثم نقل المياه في أنابيب تحت قناة السُّوَيس بالقرب من الإسماعيلية، ومن هناك في قناة خرسانية إلى شمال الغربي، حتى تقترب من طريق “العريش القاهرة” عبر طريق “العريش غزَّة”، وصولاً إلى خان يونس، تتفرَّع القناة إلى فرعين: أحدهما يتَّجه إلى “غزَّة”، والآخر يتَّجه إلى النقب الغربي باتجاه “اوفكيم” و”بئر السبع”(10).
وبمناسبة مؤتمر “ارماند هامر” للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط، والذي عُقِد في جامعة تل أبيب عام 1986، أُعِيد طرح فكرة نقل المياه النيل من مصر عبر صحراء سَيْنَاء إلى قطاع “غزَّة” وصحراء “النقب” في الصحف الإسرائيلية، والتي نشرت تفاصيل الموضوعِ في المؤتمر، أما التحرُّك العملي، فيتمثَّل في النشاط الإسرائيلي المكثَّف في دول حوض النيل بشرق إفريقيا، لاسيما في إثيوبيا التي تحصل مصر من مرتفعاتها المعروفة بالهضبة الإثيوبية على نسبة 75% من مياه النيل(11).
لم تَقَف الأطماع المائية الإسرائيلية عند مياه النيل، بل اتَّجهت إلى دول الفُرَات، والتغلغل داخلها، ومحاولة إشعال فتن الحروب؛ لمنع الدول العربية – لا سيما سوريا والعراق – من الاستفادة من مياه الفُرَات، وبدأ التغلغل اليهودي في تركيا منذ فرار اليهود الإسبان هربًا من الاضطهاد النصراني في الغرب، حتى أصبحوا جزءًا من المجتمع التركي، وهذا ما سيسمح لليهود بالسيطرة على مياه الفُرَات، بالإضافة إلى إمكانية توظيف قضية الأكراد كورقة ضغط على كل من سوريا وتركيا؛ للحصول على مياه الفُرَات؛ بحيث يناضل الأكراد ليقيموا دولتهم على نَهْرَي دِجْلَة والفُرَات(12).
فالعَلاقات المتميزة بين تركيا وإسرائيل ستسمح لهذه الأخيرة بالحصول مستقبلاً على مياه الفُرَات، في إطار مشروع “أنابيب السلام” الذي أطلقه “تورغت أوزال” سنة 1987، وهذا ما سيقرب إسرائيل من تحقيق حلم إقامة دولتها الكبرى من النيل إلى الفُرَات(13).
ثانيًا: الأطماع الإسرائيلية في مصادر المياه العربية الأخرى:
1- نهر “الليطاني”: بدأت إسرائيل تفكر في توفير الموارد المائية اللازمة للمجتمع الصِّهْيَوْني في فِلَسطِين المحتلَّة؛ لتلبية حاجات الاستيطانِ الدائمة، ومن بين هذه المواردِ مياهُ نهر “الليطاني” بالجنوب اللبناني، والتي عَمَدت إسرائيل إلى محاصرتها وسرقتها بعد غزو 1982، وتَكْتِسي مياه نهر “الليطاني” أهمية في السياسة المائية التوسعية الإسرائيلية قبل نشأتها بعشرات سنين، وفي هذا الصدد كتب “حاييم وايزمن” زعيم الصِّهْيَوْنية العالمية رسالةً إلى اللورد “كروزن” وزير خارجية بريطانية، جاء فيها: “إن “الليطاني” هو المصدر الذي يُمْكِنه أن يؤمِّن المياه لرَيِّ الجليل الأعلى … فإذا حُرِمت فِلَسطِين من مياه “الليطاني” والأُرْدُن واليرموك؛ لن يكون لها أيُّ استقلالٍ اقتصادي”(14).
وزادت المطامع الإسرائيلية في مياه “الليطاني”، من خلال المشروع المضاد الذي قدَّمته “لجونستون” عام 1954، والمسمى “مشروع كوتون”، والذي تُطَالِب فيه بتحويل 400 مليون متر مكعب من إيراد النهر، وهذا يَعْنِي سيطرة إسرائيل على 55 % من مياه “الليطاني”، ولا تترك للبنان صاحب النهر من منبعه إلى مَصَبِّه إلا 45 %، فالعُدْوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، ومحاولة السيطرة على مياه “الليطاني” – دليل على الأهمية الحيوية لمياه النهر في تلبية حاجات إسرائيل المائية داخل الأراضي الفِلَسطِينية المحتلَّة، حسب ما جاء في رسالة “وايزمان” إلى اللورد “كرزون”.(15)
2- مياه نهر الأُرْدُن: تجسِّد المُراسَلات الدبلوماسية الصِّهْيَوْنية الموجَّهة من قبل “وايزمان” إلى “ديفيد لويد جورج” رئيس وزراء بريطانيا في 29 نوفمبر 1919، وكذلك الموجَّهة من “بن غوريون” باسم الاتحاد العمَّالي الصِّهْيَوْني إلى حزب العمال البريطاني عام 1920، وقرار الحركة الصِّهْيَوْنية في نوفمبر 1920 – الأطماعَ الحقيقيةَ للصِّهْيَوْنية للسيطرة على مياه نهر الأُرْدُن وروافده؛ بُغْيَة تأمين الموارد المائية اللازمة لأعمال الاستيطان والتوسُّع لبناء الدولة الصِّهْيَوْنية، ويُعَدُّ مشروع “ايوفيدس” أول دراسة هيدروجرافية لوادي الأُرْدُن قبل قيام إسرائيل، بتكليف من الحكومة البريطانية بعد اقتراح تقسيمِ فِلَسطِين. (16)
وقد قامت إسرائيل بمشاريعَ وترتيباتٍ؛ للاستحواذ على مياه نهر الأُرْدُن، عبر ثلاثِ مراحلَ:
• المرحلة الأولى: تمتدُّ من 1948 إلى 1958، وكانت عِبَارةً عن خطَّة زراعية مائية لإقامة المستوطناتِ الزراعية، وإنتاج الغذاء، وإقامة مشاريعَ مائيةً كبرى بنقل مياه الأُرْدُن إلى صحراء النقب، بواسطة أنبوب يسمَّى “خط المياه القطري”.
• المرحلة الثانية: بدأت من 1958 إلى 1968، وانصبَّ الاهتمام الإسرائيلي على تطوير زراعة المَوَالح، والزهور والقطن، ونَفَّذت أكبر مشروعٍ مائيٍّ بنقل مياه طبرية 200 مليون متر مكعب من المياه إلى جنوب النقب.
• المرحلة الثالثة: تميَّزت بتطوير الإنتاج والتكنولوجيا الزراعية المائية، ولم تُوَاكِب هذه المرحلة إقامةَ مشاريعَ مائيةٍ كبرى؛ حيث جاءت هزيمة 1967؛ لتسيطر إسرائيل على نهر الأُرْدُن بالكامل(17).
3- مياه الضفة الغربية بفِلَسطِين: تُعَدُّ الضفة الغربية في الأراضي الفِلَسطِينية المحتلَّة المصدرَ المائيَّ الرئيسيَّ، الذي يغذِّي المياه الجوفية الموجودة تحت الأرض في وسط إسرائيل، والتي تمتدُّ من وادي “بيت شان” وحتى “بئر سبع” جنوبًا، وإن حوالي نصف المصادر المائية العَذْبَة، والتي تقدَّر بحوالي 650 مليون متر مكعب في السنة – تعود إلى الضفة الغربية، وفور اجتياح الضفة الغربية من قبل الجيش الإسرائيلي في حرب يونيو عام 1967، صدرت مجموعةٌ من الإجراءات العسكرية للسيطرة على مياه الضفة، تمَّ بمُوجَبِها نقلُ الصلاحيات المائية في الضفة الغربية إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي والهيئات المائية الإسرائيلية، وتمَّ تطبيقُ القانون الإسرائيلي على حفر الآبار، فالمستوطِنون الإسرائيليون يَسْتَهِلكون 87,5 % من مياه الضفة الغربية، بينما العرب لا يتعدَّى 12,5%.(18)
فإسرائيل ترى في مياه الضفة الغربية مَوْرِدًا أساسيًّا لتلبية حاجاتها المائية السنوية، وبالتالي فإن التخلِّيَ عن موارد الضفة الغربية يُعَدُّ في نظر الإسرائيليين بمثابة انتحار الدولة، وهذا يعني استمرار إسرائيل في التحكم في مصادر المياه بالضفة، مهما كانت التسويات السلمية التي ستعرفها الأوضاع في الضفة الغربية مستقبلاً. (19)
ومنذ تنفيذ اتفاق “مدريد” عام 1991 في إطار: “الأرض مقابل السلام”، عَمِلت إسرائيل على تجنُّب إدراج مياه الضفة في التسوية السلمية، ويقول الكاتب الإسرائيلي “حجاي هوبرمان” في مقال بجريدة “هاتسوفيه” بتاريخ 7 أكتوبر 1991:
” إنَّ مَن يُسَيطر على “يهودا” والسامرة – الضفة الغربية – فإنه يسيطر بذلك على مستودَع المياه الرئيسي في باطن الأرض في دولة إسرائيل، وإن تَسلِيم زِمَام السيطرة على مصادر المياه في دولة إسرائيل إلى سلطة أجنبية، سيؤدِّي – إِنْ عاجلاً أو آجلاً – إلى خلق بُؤْرَةٍ من الاحتكاكات المتجدِّدة بين إسرائيل وجاراتها… ستؤدِّي بالتالي إلى اندلاع الحرب مجدَّدًا في الشرق الأوسط”(20).
4- مياه نهر اليرموك: تَعُودُ الأطماع الصِّهْيَوْنية في مياه اليرموك إلى فترةِ دَعْمِ الانتداب البريطاني السابق، وبعد ذلك الدعم الأمريكي؛ حيث بدأت تَقِفُ عقبةً أمام أي مشروع مائي على نهر اليرموك يكون لمصلحة الاقتصاد العربي، فالامتياز الذي منحه البريطانيون لشركة “روتنبرغ” الصِّهْيَوْنية عام 1927 مَنَعَ العربَ من أي مشروع مائي وزراعي في مياه اليرموك، كما عَرْقَلت إسرائيل الاتفاقَ المائي المُبْرَم بين سوريا والأُرْدُن عام 1953 بتدخُّلٍ من الوَلايات المتحدة الأمريكية؛ لتثبيت حقوق إسرائيل في مياه نهر اليرموك(21).
وأثناء التوقيع على اتفاقية السلام بين الأُرْدُن وإسرائيل في وادي عربة أكتوبر 1994، تمَّ الاتفاق على مبدأ التوزيع العادل للمياه بين الطرفين من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف من 15 مايو إلى 15 أكتوبر من كل عام، تحصل إسرائيل على 13 مليون متر مكعب، ويحصل الأُرْدُن على باقي التدفُّق، كما تمَّ التفاهم على حصول إسرائيل على كميات إضافيةٍ مقدارُها 30 مليون متر مكعب من مياه اليرموك شتاءً(22).
الفقرة الثالثة:
انعكاسات الأطماع المائية الإسرائيلية على الأمن القَومِي العربي:
أولاً: على المستوى السياسي، والوضع الجيوستراتيجي:
1- على المستوى السياسي:
إن الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية هي جزءٌ من مخططاتِها لبناء دولتها الكبرى من النيل إلى الفُرَات، وحماية أمنها القَومِي من أي تهديدات عربية، كما أن هذه الأطماع هي شكلٌ آخر من أشكالِ الصراعِ العربي الإسرائيلي، فالمخطَّطات التي وضعها الاستعمار الغربي للمنطقة العربية يتم تنفيذُها حاليًّا من قِبَل إسرائيل خطوةً خطوةً؛ لتجزئة المنطقة العربية، وبَلْقَنَتِها، والاستيلاء على كل مصادر المياه العربية، في كل من: سوريان والأُرْدُن، والأراضي الفِلَسطِينية المحتلَّة، وجنوب لبنان، مما سيمنع من قيام أي مشروع نَهْضَوِي سياسي عربي ضد الأمن القَومِي لإسرائيل، وبالتالي سيكون التحكم الإسرائيلي ورقةَ ضغطٍ رابحةٍ لإسرائيل؛ لفرض سياسة الأمر الواقع تُجَاه الدول العربية؛ لفرض تسويات سلمية تضمن حمايةَ الأمن القَومِي الإسرائيلي على حساب الأمن القَومِي العربي. (23)
ويمكن أن نحدِّد بصفة عامة انعكاساتِ الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية على الأمن القَومِي العربي من الناحية السياسية في النقاط التالية:
• تجزئة الدول العربية، وبَلْقَنة الوطن العربي.
• تمكين الدولة اليهودية من التكامُل.
• تفجير النظام القَومِي العربي، ومن ثَمَّ فقْد الجامعة العربية طبيعتَها القَومِية. (24)
2- الوضع الجيوستراتيجي:
يمكن القول: إن سيطرة إسرائيل على المياه الإقليمية العربية سيمنحها دورًا رِيَاديًّا إقليميًّا مستقبلاً، تتحكم وحدها في الوضع الجيوسياسي لمِنْطَقة الشرق الأوسط، وإثارة الخلافات والمشاكل العربية، بَدْءًا بجر العرب إلى الاحتكاك، والتوتر، والتهديد باستخدام العنف، وانتهاءً بالصراع العسكري المسلَّح؛ وذلك للحيلولة دون قيام تعاون عربيٍّ – عربيٍّ مشترك في الأمن القَومِي العربي، هذا الوضع المحتَمَل سيغيِّر الخريطةَ الجيوستراتيجية في مِنْطَقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل، ونُشُوب مشاكل حدودية وإقليمية؛ وبالتالي إمكانية خلق دُوَيلات طائفية وعِرْقِية تهدِّد استقرارَ العالم العربي، وتستغلها إسرائيل لإقامة علاقاتِ تَطْبِيع معها بين الدول العربية، كما حدث في أزمة الخليج الثانية عام 1990، عندما اجتاح العراق الكويت، وانهار وقتها الأمن العربي، ومفاهيمه الإستراتيجية، وأُصيبت مؤسسات العمل العربي المشترك بصدمة أَوْدَت بها إلى العطالة حينًا من الزمن. (25)

ثانيًا: على المستوى الاقتصادي والمائي:
أدَّت الإطماع الإسرائيلية في المياه العربية إلى تحكُّم إسرائيل في كميات المياه المسموح بها لسكان العرب؛ فقد اتَّخذت إجراءات لضبط عملية استخراج المياه من الآبار الإرتوازية، عبر منع سكان الضفة الغربية من حفر آبار جديدة، بقصد استخدام مياهها في الري والشرب، وإجبار العرب على تركيب عدَّادات على آبارهم؛ مما أعطى لإسرائيل حفر هذه الآبار بشكل أعمق، الشيء الذي أثَّر على مستوى المياه في الآبار العربية، ونُضُوب بعضها. (26)
وهكذا حقَّقت الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية أهدافَها بزَعْزَعَة الأمن المائي العربي، حيث تضرَّر من الجفاف والتصحُّر الذي يَكَاد يَغْزُو أرجاء الوطن العربي ككلٍّ، إضافة إلى تلُّوث مياه الأنهار العربية في حوض النيل والرافدين، كما أدَّت الاتفاقية المائية الإسرائيلية المُبْرَمة مع الأُرْدُن في وادي عربة عام 1994 إلى تحكُّم إسرائيل في مياه نهر الأُرْدُن، ومنعِ أيِّ مشروعٍ مائيٍّ وزراعيٍّ بين الدول العربية، الأمر الذي أدَّى إلى قيام أزمة الغِذَاء، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وازدياد الطلب المحلي على الأغذية، مع ارتفاع كبير في الإنفاق العام لاستيراد الغذاء من الخارج، أمام تصاعد في عدد السكان؛ كل هذا نتيجة غياب إستراتيجية مائية عربية مشتركة لحماية الموارد المائية من الأطماع والتوسعات الإسرائيلية، كما أن الاتفاقيات الاقتصادية المتعلِّقة بإقامة سوق اقتصادية عربية مشتركة لا تَزَال غير مفعَّلة لبناء أمن اقتصادي ومائي عربي لسد حاجيات سكان الوطن العربي. (27)
خلاصة وتقييم للموضوع:
يتَّضح لنا من موضوع دراستنا أن الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية واجبٌ دينيٌّ، وشعار تَوْرَاتي لتأسيس الأمن القَومِي الإسرائيلي من النيل إلى الفُرَات؛ فحياة إسرائيل تقوم على المياه المتوفِّرة في الأراضي العربية المجاورة لفِلَسطِين، وبالتالي الصراعُ على المياه بين إسرائيل والعرب صراعُ وجودٍ، ومَن يُسَيطِر على المياه أكثرَ يَبْقَى أكثرَ، ومن هذا المُنْطَلق ترى إسرائيلُ أن تحكَّم العرب في الموارد المائية يعني قيام مشروع أمن قَومِي عربي، سيكون هدفه القضاءَ على الوجود الإسرائيلي في المنطقة؛ لذلك تسعى إلى إرباك الأمن القَومِي العربي عن طريق فتح أكثر من جبهة ضدهم: جبهات حدودية مع الكيان الإسرائيلي، جبهات طائفية داخل بعض البلاد العربية، وجبهات أشعلتها أو تتطلَّع لإشعالها مع الدول المجاورة للدول العربية، والغاية من ذلك تقويض بنيان المجتمع العربي، والسيطرة التدريجية على ثرواته، والأخطر من هذا كله أن إسرائيل استطاعت إقامة علاقة تطبيع مع بعض الدول العربية علاوةً إلى مصر والأُرْدُن، الأمر الذي نَسَف فكرةَ بناء أمن قَومِي عربي؛ وبالتالي نجحتْ إسرائيل في احتواء بعض أجزاء الوطن العربي لحماية أمنها القَومِي على حساب الأمن القَومِي العربي، ولعل الدكتور “حامد ربيع” – رحمه الله – بفكره الإستراتيجي الاستشرافي الثاقب، قد أشار في كتابيه “نظرية الأمن القَومِي العربي” و”الحرب النفسية في الوطن العربي” إلى خطورة تغلغل إسرائيل في جسد الأمة العربية، وتوظيفها لقوتها الدبلوماسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية، والإعلامية؛ لضرب أي مشروع وَحْدَوي عربي، واستمرارها في التوسع في الأراضي العربية، وهكذا نَخْلُص إلى أن الحديث عن أمن قَومِي عربي يبدأ أولاً بحماية الثروات المائية، وصدِّ الأطماع الإسرائيلية، وذلك من خلال التوصيات التالية:
1- لابدَّ للأمن القَومِي العربي من تأمين التَّوَازن الإستراتيجي مع إسرائيل في كافَّة المجالات، ولا سيَّما المجال العسكري، وإلا ما معنى إقامة المشروعات المائية دون تغطية عسكرية لحمايتها؟
2- حتى نَفْهَم حقيقة التفكير اليهودي؛ يجب تكثيف الدراسات الإستراتيجية المتعلِّقة بفهم هذا النهج، وتضمينها قيمةً علميةً وفكرية، تجذب الاهتمام، وبالتالي يُصْبِح هذا الأمر إرثًا لمجتمعنا.
3- يجب تشكيل معهد دراسات إستراتيجية عربية، تُدِيره أَدْمِغَةٌ عربيةٌ واعيةٌ، تُدْرِك حجم الخطر المُحْدِق بالأمة، يَهْتَمُّ بقضايا الأمن القَومِي العربي، ولاسيما الأمن المائي، ومن هنا تكون اللَّبِنة الأولى للحديث عن أمن قَومِي عربي موجَّه ضد الأمن القَومِي الإسرائيلي.
4- السَّعْي إلى تحسين العلاقات العربية مع دول النيل والفُرَات؛ كإثيوبيا، وتركيا؛ لتفويت الفرصة على إسرائيل باستخدام الروابط الدينية بين العرب والأتراك، وروابط الجوار بين العرب وإثيوبيا، وتوظيف الأموال العربية في إقامة المشاريع الاقتصادية والمائية في تركيا وإثيوبيا؛ لسد النوافذ على إسرائيل.
5- تأمين الحِزَام البَحْرِي العربي في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط؛ بتعزيزاتٍ أمنية وعسكرية عربية، ضد أي وجود أو اختراق إسرائيلي؛ بإقامةِ قواعدَ عسكريةٍ بحريةٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1 ـ رفعت السيد، الصراع المائي بين العرب وإسرائيل، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الهدى للتوزيع والنشر، 1993، ص9.
2ـ رمزي سلامة، مشكله المياه في الوطن العربي – احتمالات الصراع والتسوية، طبعة غير متوفرة، الإسكندرية، الناشر منشأة المعارف، 2001 ص2.
3ـ نفس المصدر ونفس الصفحة.
4ـ رفعت السيد، الصراع المائي بين العرب وإسرائيل، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الهدى للتوزيع والنشر، 1993 ص14 و15.
5ـ الأرقم الزغبي، الغزو اليهودي للمياه العربية، الطبعة الأولى، بيروت، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1992، ص 47.
6ـ الأرقم الزغبي، نفس المرجع، ص52.
7ـ رفعت السيد، مرجع مشار إليه، ص 21.
8ـ الأرقم الزغبي، مرجع سابق، ص، 29.
9ـ حسن بكر، المنظور المائي للصراع العربي الإسرائيلي، مجلة السياسة الدولية، العدد 104، أبريل1991، ص، 141.
10ـ صبحي كحالة، المشكلة المائية في إسرائيل وانعكاساتها على الصراع العربي الإسرائيلي، مؤسسة الدراسات الفِلَسطِينية الطبعة الأولى، بيروت 1989، ص50.
11ـ عايدة سري الدين، السودان والنيل بين مطرقة الانفصال والسندان الإسرائيلي، الطبعة الأولى، بيروت دار الآفاق الجديدة 1998 ص 117.
12ـ الأرقم الزغبي، مرجع مشار إليه، ص 112.
13ـ حسن بكر، المنظور المائي للصراع العربي الإسرائيلي، مرجع سابق، 142.
14ـ عدنان سيد حسين، التوسع في الإستراتيجية الإسرائيلية، الطبعة الأولى، القاهرة، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1989. ص 124.
15ـ صبحي كحالة، المشكلة المائية في إسرائيل وانعكاساتها على الصراع العربي الإسرائيلي، مرجع سابق، ص 49.
16ـ سامر مخيمر وخالد حجازي، أزمة المياه في المنطقة العربية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 209، مايو 1996. ص 106.
17ـ رمزي سلامة، مشكله المياه في الوطن العربي احتمالات الصراع والتسوية، طبعة غير متوفرة، الإسكندرية، منشأة المعارف، 2001 ص 151.
18ـ عمرو كمال حمودة، قضية المياه في إسرائيل، بحث مقدم إلى المؤتمر السنوي 16 للبحوث السياسية، ديسمبر 2002، جامعة القاهرة، ص 10.
19ـ مجدي صبحي، مشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط ، كراسات إستراتيجية يناير 1992 العدد 7، ص 19.
20ـ عمرو كمال حمودة، قضية المياه في إسرائيل، مرجع مشار إليه، ص 11.
21ـ صبحي كحالة، المشكلة المائية في إسرائيل، مشار إليه سابقًا، ص 47.
22ـ رمزي سلامة، مشكله المياه في الوطن العربي احتمالات الصراع والتسوية، مرجع سابق، ص 156.
23ـ بيان العساف، انعكاسات الأمن المائي على الأمن القَومِي العربي، أطروحة الدكتوراه في العلوم السياسية، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية، 2005، ص137.
24ـ حامد ربيع، نظرية الأمن القَومِي العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، دار الموقف العربي، 1995، ص240.
25ـ هيثم الكيلاني، المياه العربية والصراع الإقليمي، كراسات إستراتيجية، سبتمبر1993، العدد 17، ص 23.
26ـ بيان العساف، انعكاسات الأمن المائي على الأمن القَومِي العربي، مرجع مشار إليه، ص 153.
27ـ نفس المرجع، ص 123.
المصادر والمراجع المعتمدة:
1- الأرقم الزغبي، الغزو اليهودي للمياه العربية، الطبعة الأولى، بيروت، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، 1992.
2- عمرو كمال حمودة، قضية المياه في إسرائيل، بحثٌ مقدَّم إلى المؤتمر السنوي السادس عشر للبحوث السياسية، “إسرائيل من الداخل” 28 – 31 ديسمبر 2002، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
3- رفعت السيد، الصراع المائي بين العرب وإسرائيل، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الهدى للتوزيع والنشر، 1993.
4- صبحي كحالة، المشكلة المائية في إسرائيل، وانعكاساتها على الصراع العربي الإسرائيلي، أوراق مؤسسة الدراسات الفِلَسطِينية ورقة رقم 9، الطبعة الأولى، بيروت، 1980.
5- رمزي سلامة، مشكله المياه في الوطن العربي – احتمالات الصراع والتسوية، طبعة غير متوفرة، الإسكندرية، الناشر منشأة المعارف، 2001.
6- عايدة العلي سري الدين، السودان والنيل بين مِطْرَقة الانفصال والسِّنْدان الإسرائيلي، الطبعة الأولى، بيروت، منشورات دار الآفاق الجديدة، 1998.
7- حسن بكر، المنظور المائي للصراع العربي الإسرائيلي، مجلة السياسية الدولية، العدد 104، أبريل 1991.
8- حامد ربيع، نظرية الأمن القَومِي العربي، الطبعة الثانية، القاهرة، دار الموقف العربي، 1995.
9- عدنان سيد حسين، التوسع في الإستراتيجية الإسرائيلية، الطبعة الأولى، القاهرة، دار النفائس للطباعة، والنشر، والتوزيع، 1989.
10- هيثم الكيلاني، المياه العربية والصراع الإقليمي، كراسات إستراتيجية، العدد، 17، سبتمبر 1993.
11- سامر مخيمر وخالد حجازي، أزمة المياه في المنطقة العربية، سلسلة عالم المعرفة، عدد 209، مايو 1996.
12- مجدي صبحي، مشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط، كراسات إستراتيجية يناير 1992 العدد 7.
13- بيان العساف، انعكاسات الماء على الأمن القَومِي العربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية، يوليو 2005.

التنصير عالم خطير لا نرى منه إلا القليل

ا.د . زينب عبد العزيز : التنصير عالم خطير لا نرى منه إلا القليلا

ذبحوني لأنني قلت كلمة الحق في مؤتمر السكان وفي مؤتمر المرأة.

– الفاتيكان يتحالف مع المخابرات الغربية لضرب الإسلام.

– فرنسا تتحمل ثلثي ميزانية التنصير ثمن ريادتها للعلمانية.

– العولمة والكوكبية والقرية الواحدة أكاذيب لفرض النموذج الغربي علينا.

– المستشرقون عقبة أمام انتشار الإسلام في أوروبا وأمريكا.

– قضية المرأة لعبة يلعبها الغرب ونحن ننساق وراءها.

حاورتها / د. ليلى بيومي

رغم أن مجال تخصصها هو اللغة الفرنسية كأستاذة لها وللحضارة بجامعة المنوفية، إلا أنها وجهت اهتمامها بشكل كبير منذ ربع قرن لموضوع محدد وهو موقف الغرب من الإسلام، وذلك بعدما توفر لديها معلومات وترجمات تؤكد التواطؤ الغربي بين المستشرقين على تزييف الحقائق المتعلقة بالإسلام.

وفوق هذا قدمت د. زينب عبد العزيز ترجمة شديدة الأهمية لمعاني القرآن الكريم باللغة الفرنسية. وعن هذه الاهتمامات المتعددة التقينا بها وحاورناها.

مؤتمرات وخطط التبشير، يتحدث عنها البعض على أنها مبالغة، وقد يضخم البعض الآخر من وجودها .. لكن ماذا عن الحجم الحقيقي لها؟ وكيف تعمل؟ ومن الذي يمولها؟

الواقع المعاش يؤكد أننا حيال خطة خطيرة، نحن لا نتحدث عنها من خيالنا ولكن القوم نشروها وأعلنوها ويتحدثون عنها صراحة فكيف نقول إنها مبالغ فيها؟.

إننا بالتحديد أمام خط خمسية وهذا عنوان موجود في الخطاب الرسولي أو الإرشادي الذي يصدره الباب وهو ملزم لكل الحكام والرؤساء والملوك المسيحيين ولكل الكنائس على اختلافها.

ومنذ بداية التسعينات أصدر البابا خطابًا يقول فيه إنه يريد أن ينصر العالم في الفترة من 1995 حتى عام 2000 وحدد هذا التاريخ بدقة فقال إن الفترة من 1995 حتى 1997 عامان تمهيديان، ثم يتبعهما عام الاحتفال بالسيد المسيح ثم في الاحتفال الآخر عام 2000 يقام قربان كبير احتفالاً بتنصير العالم كله.

وفي هذا الخطاب أشار البابا إلى أنه يريد إحياء خط سير العائلة المقدسة وللأسف نرى أن هذا تم تنفيذه، حيث قامت وزارة السياحة في مصر مثلاً بإعداد مثل هذه الخرائط بغفلة لأننا لا نعلم ما يراد لنا. إن القوم يريدون أن ننفذ مخططهم بأيدينا، وهذا هو الذي قالوه في مؤتمر تنصير العالم الذي عقد في كلورادو عام 1987 والذي قالوا فيه إن الإسلام لابد أن يضرب بأيدي أبنائه وأن يضرب من الداخل. وإحياء مسيرة العائلة المقدسة يأتي ضمن خطط البابا لتنصير المسلمين، فهو يريد أن يصبح هذا الخط جزءًا من الواقع المسيحي.

ففي عام 1965 عقد المجمع الفاتيكاني الثاني وهو الذي برءوا فيه اليهود من قتل المسيح، وفي هذا المجمع خططوا لثلاثة أشياء رئيسية والتنفيذ يتم الآن، وهذه الأشياء الثلاثة هي: اقتلاع اليسار واقتلاع الإسلام وتنصير العالم.

وفي هذا المجمع قرر المجتمعون توصيل الإنجيل لكل البشر وهي عبارة المقصود بها تنصير العالم، وقد أعلنها البابا صراحة في سنتياجو عام 1982 وقد خطط القوم لاقتلاع اليسار لأنه البديل عن الرأسمالية من الناحية السياسية فكانت كل الأنظمة التي تكفر بالرأسمالية تتجه ناحية اليسار .. لكنهم لا يريدون بدائل.

إن الكنيسة خططت ليكون العقد الأخير من القرن العشرين لاقتلاع الإسلام وتنصير العالم، ونحن اليوم نقرأ عن المليارات الكثيرة التي أنفقت من أجل اقتلاع اليسار وتفكيك الاتحاد السوفيتي، والمأساة أن الفاتيكان تواطأ مع المخابرات الأمريكية لأن مصلحتهم واحدة، فكان هناك تنسيق، ولأول مرة تتحد السلطة الدينية (الكنيسة) مع السلطة المدنية في سبيل تحقيق مصلحة مشتركة وهي اقتلاع اليسار واقتلاع الإسلام. إن عالم التبشير عالم خطير لا نكاد نرى منه إلا أقل القليل، والمساهمات فيه معروفة بل إن على فرنسا أن تمول ثلثي هذه الميزانية وحدها، وإسهام الولايات المتحدة والمؤسسات الأمريكية والغربية متعدد والأرقام فلكية، وبالتالي فمؤسسات التبشير شبكة معقدة للغاية وحقيقية وليس فيها مبالغة، بل هي أكبر مما يعلنون عنه وهي تقصد العالم الإسلامي كله وتتحايل لتنصيره بمختلف الوسائل الممكنة.

الخطاب الديني الرسمي لدينا يركز على ضرورة التعاون والتوحد مع الكنائس الغربية في سبيل المحبة، بينما نلاحظ أن هذه الكنائس ما زالت مستمرة في التنصير في العالم الإسلامي .. كيف ترين هذا التناقض؟

من خلال أبحاث المتخصصين لديهم ثبت لهم أن القرآن حق، وقد ألف الطبيب الفرنسي بوريس بوكاي كتابًا عن “التوراة والإنجيل والقرآن والعلم” أثبت فيه أن كافة المعطيات الواردة في العهدين القديم والحديث تتعارض كلها مع العلم، ولا يوجد فيها معطى واحد يصمد أمام التحليل العلمي، في حين أن القرآن يصمد كل حرف فيه أمام التحليل العلمي بل وردت فيه أشياء لم يكن العلم قد توصل إليها.

وثبت أن الكنيسة تحارب الإسلام ومستمرة في هذه الحرب، وهي حرب صليبية بشعة وقد سبوا الإسلام كثيرًا ولكنهم وجدوا أنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا بهذا السباب. ورغم الترجمات المحرفة للقرآن وجدوا أن الناس يسلمون عندهم حينما تصل إليهم الأجزاء غير المحرفة، وبالتالي لم يفلح التزييف والتحريف.

والعالم الغربي الذي كان قسيسًا وهو بونت مان، وهو ضليع في اللغة، أثبت بالتحليل اللغوي الظاهري لنصوص الكتاب المقدس وجود تعارض بين النصوص يثبت التحريف ويثبت أن هذه الأشياء التي ورد ذكرها في الأناجيل لم تكن موجودة عند كتابة الأناجيل.

أما في القرآن فالكلمة والمعنى والجوهر سليم ولم يمسسه أي عبث، وبالتالي فإن استمرار الكنائس في التنصير لكي يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا يوقف هذا التدهور، أما المسئولون لدينا فلديهم نقص في الوعي والإدراك.

نلاحظ في هذه الفترة شيوع دعوات تحمل سمات البراءة والتعاون بين الشعوب مثل العولمة والكوكبية والقرية الواحدة .. الخ، لكنها في نهاية الأمر تخفي نوعًا من سيطرة الاتجاه الواحد والثقافة الواحدة والدين الواحد.. ما هي رؤيتكم لهذه القضية؟

إنهم يلعبون بنقطة خطيرة وهي الحوار بين الأديان، فالحوار بالنسبة لهم يعني فرض الارتداد والدخول في سر المسيح، وليس المقصود من الحوار هو الوصول إلى الحق. إننا لو ناقشنا القوم فلن نجد عندهم شيئًا، وهم يعلمون ذلك ومن أجله يحاولون أن يوهمونا بأننا قرية واحدة، ونحن جيران، ولابد أن نعيش في حب وأمان، ولابد من التسامح والتآخي. والغريب أن المثقفين عندنا يرددون نفس الكلام الذي يردده الغرب إما عن جهل وغفلة وعدم مبالاة أو عن تعتيم فرض علينا جميعًا ويشارك مثقفونا في تدعيمه.

إن العولمة والكوكبية المقصود بهما إلحاقنا بالغرب، فحينما نصبح قرية واحدة ستكون اللغة لغتهم والدين دينهم والثقافة ثقافتهم والمصلحة مصلحتهم ونحن مجرد رعاع لا قيمة لنا وإنما نساق كالقطيع فقط.

هناك محاولة لتبرئة المستشرقين وإظهارهم كأصحاب علم وفكر، بينما هاجمهم كثير من المصنفين وقالوا إن الاستشراق خادم للكنيسة وأهدافها وليس بريئًا… ما هو رأيك في هذه القضية ؟

لم أجد مستشرقًا واحدًا خلا كلامه من الدس والتشويش، ولقد تتبعت المستشرق جاك بيرك الفرنسي وأظهرت عيوب وخطايا ترجمته للقرآن، وفي رأيي أن نفس الشيء فعله روجيه جارودي فقد أسلم ليهدم الإسلام من الداخل.

وصحيح أنهم قدما خدمات لتراثنا بلا شك، لكن ضررهم أكبر من نفعهم لأن كل ضررهم في تشويه الحقائق يبنى عليه ويؤخذ على أنه حقائق مع مرور الوقت.

إن المستشرقين كلهم يعملون ضمن برنامج واحد لضرب الإسلام، والإنسان الأوروبي الذي يدخل الإسلام وهو لا يعرف اللغة العربية تقام بينه وبين معرفة الحق حواجز كبيرة جدًا حينما يعتمد على كتب المستشرقين التي تشوه كل شيء في الإسلام. بل إن هذه الكتب تقف حاجزًا دون إسلام أعداد هائلة من الأوروبيين. ويبقى علينا أن نقتحم هذه الحواجز ونقدم الإسلام لكل دول العالم بلغاتها ومن خلالنا نحن.

ما رأيك في الترجمات الفرنسية لمعاني القرآن الكريم؟ وما تقييمك للذين كتبوها؟

قلت قبل ذلك إن كل المستشرقين يعملون تحت هدف واحد وهو ضرب الإسلام بالإضافة إلى ما يواجهونه من مشكلات اللغة العربية.

فلغة القرآن صعبة حتى على أهلها فما بالنا بصعوبتها على المستشرقين. فالمستشرق لكي يقدم عملاً جيدًا وخاصة في ترجمة معاني القرآن لابد أن يكون قارئًا جيدًا للتفاسير وعنده النية لأن يفهم، وليست النية لأن يخطئ.

إن جذر الكلمة العربية يمكن أن يحتوي على 11 معنى ليس لهم علاقة ببعضهم، وقد يكون المستشرق لديه معرفة ببعضها لكنه لا يعرف الباقي، كما أن هناك تراكيب القرآن، فمثلاً {ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} كل المستشرقين فسروها تفسيرًا حرفيًا وليس تفسيرًا للتركيب اللغوي ككل، ففعلوا مثل الذي ترجم القول الشهير “فلان وأخذ قلم في نفسه”  He Took a Pencil on himself ولم يترجمها بأنه مغرور مثلاً. والمستشرقون لا يفهمون تراكيب القرآن لعدم تمكنهم من اللغة العربية، وهناك ترجمات عديدة لمعاني القرآن بالفرنسية ولدى منها 17 ترجمة كلها ترجمات بالتحريف والتشويه والأخطاء، وأشهرها ترجمة جاك بيرك المستشرق الفرنسي وقد ذاع صيته في العالم العربي على أنه صديق العرب وهذا غير حقيقي. وخطورة ترجمة جاك بيرك في الستة ملايين مسلم فرنسي الذين لا يعرفون العربية ويقرءون هذه الترجمة المشوهة.

هل فكرت في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الفرنسية لتقدمي ترجمة دقيقة وغير مشوهة؟ وما هي المشكلات التي تواجهك في ذلك ؟

فكرت بجدية في الموضوع وهو موضوع صعب ودرست الترجمات الموجودة ، وراودتني الخواطر لأبدأ في إعداد هذا العمل خالياً من الأخطاء، والمشكلات كانت كثيرة، منها الاختلافات بين المفسرين في تفسير كثير من الآيات، فكيف سيتم حسم هذه المشكلة؟ بالإضافة إلى عدم وجو المعنى الدقيق المرادف للمعنى العربي في كثير من الأحيان، فنقل المعنى هنا مثل الذي ينقل بحر في بحيرة، كما أن هناك منهجاً معيناً للتعامل مع الآيات التي فيها إشارات علمية، بالإضافة إلى المشكلات التي ذكرناها قبل ذلك مثل مشكلة تراكيب القرآن وحروف القرآن وتعدد المعنى للجذر الواحد .. الخ.

ولكن بعد أن انتهت أعمال اللجنة الخاصة بدراسة ترجمة “جاك بيرك ” ولإحساسي بمدى خطورة الترجمات المقدمة لمعاني القرآن من غير المسلمين قررت التفرغ لإعداد ترجمة إلى الفرنسية، ووفقني الله سبحانه وتعالى، وانتهيت منها، واستغرقت مني ثماني سنوات بواقع خمس عشرة ساعة عمل يوميا، واستعنت فيها بأستاذ أصول فقه من جامعة الأزهر ليشرح لي كل أسبوع حوالي 5 صفحات، حتى تأتي ترجمتي لمعاني القرآن الكريم إلى الفرنسية على وجه الدقة والأمانة، ولتكون نقطة فارقة في تاريخ هذه التراجم, وتأتي سليمة لغويا ونزيهة علميا وموضوعية. تنقل المعنى الكريم في ثوبه الحقيقي، وحاولت في هذه الترجمة التعريف بالقرآن وبالإسلام لغير المسلمين، وأن تكون خطوة للتصدي لمحاولات تشويه الإسلام، وتصويب صورته لدى الغرب والدفاع عن نسيج الأمة الإسلامية.

عرفنا فرنسا تاريخيًا على أنها تركز على الجانب الثقافي في علاقتها بالأمم، فلماذا هذا التركيز؟ وهل هذا الاهتمام الثقافي اهتمام بريء؟.

هذا الاهتمام الثقافي ليس اهتمامًا لوجه الله وإنما هو اهتمام لتفرض من خلاله فرنسا حضارتها وسيطرتها.

إن فرنسا تعلن أنها دولة علمانية فصلت الدين عن الدولة ومقابل إعلانها هذا تتحمل ثلثي تكاليف وميزانية عملية التنصير، وهذا كلام ثابت وموجود ومنشور، وفرنسا حينما تهتم بالثقافة في علاقتها مع الشعوب إنما تدخل الدين في هذه العلاقة ولكن بطريقة غير مباشرة وغير محسوسة، وهذا نوع من أنواع الذكاء الاستعماري.

إن كل دول العالم تعرف أن الاستعمار المباشر انتهى لذلك يلجئون كلهم إلى الاستعمار الثقافي وفرض التغريب لدرجة أن كثيرًا من الأمناء في الغرب يرفضون التغريب ويقولون بالتكامل بدلاً من السيطرة.

تحاول فرنسا أن تقوم بدور الدولة المستقلة عن الفلك الأمريكي وتحاول قيادة أوروبا وتتحدث عن القضايا العربية. هل هذا حقيقي أم مجرد مناورات لإيهامنا والضحك علينا؟

فرنسا لا تدعم مصالحنا بل تدعم مصالحها هي، فتاريخيًا فرنسا احتلت حوالي نصف العالم العربي، وقبل ذلك كانت حملة نابليون، وساندت إسرائيل منذ إنشائها عام 1948 ، بل اشتركت بشكل مباشر في ضرب مصر عام 1956، وتدعم بشكل رئيسي إسرائيل. إننا سمعنا مؤخرًا عن بعثة فرنسية لانتشال آثارنا الغارقة في مياهنا الإقليمية أمام الإسكندرية، والملاحظ أن هذه الآثار لم تكن مبان وانهارت في المياه، بل هي آثار منقولة وغرقت على مسافة كبيرة عن الإسكندرية.

إن أحدًا لم يفتح فمه ويعلن الحقيقة، والحقيقة أن نابليون كان قد سرق هذه الآثار وأعد لنقلها إلى باريس لتنضم إلى ما نهبه من كنوز من كل أنحاء العالم التي هي الآن في متحف اللوفر، لكن الأسطول الإنجليزي دمر الأسطول الفرنسي وأغرقه وغرقت الآثار.

الدعوة إلى ثقافة البحر الأبيض المتوسط ما تلبث أن تهدأ حتى يروج لها من جديد، فهي تأخذ شكل الحوار بين الشمال والجنوب حينًا، وحينًا آخر شكل الشراكة الأوروبية العربية، وحينًا ثالثًا تأخذ شكل الحوار العربي الأوروبي… فهل هذه الدعوات بديلة عن التجمع على أساس عربي أو إسلامي؟

بالتأكيد هي دعوات غير بريئة، والمقصود بها الالتفاف حول أي دعوة لتلاقي البلاد العربية على أرضية عربية أو إسلامية.

إن أوروبا وأمريكا نفذوا في عقد التسعينات قرارات مجمع الفاتيكان عام 1965 في الشق الخاص باقتلاع الإسلام وتنصير العالم، وقد قال البابا في أحد اجتماعاته مع الكرادلة: لقد نجحت في أن أجعلهم يجلسون معنا والدور عليكم لتنصرونهم.

هم يدعون للحوار ويقولون فلنجلس معًا لنصلي كل حسب دينه ثم تكون الخطوة اللاحقة فلنصل بنص واحد.

إنهم يتفننون في موضوع الحوار ويريدون استدراجنا بكل الطرق وإجراء عمليات غسيل المخ لنا حتى نؤمن بكل المفاهيم الغربية، وهم يغلفون الدعوة للحوار ببعض الأغلفة الاقتصادية التي تعطي للقضية بعدًا اقتصاديًا، لذلك تفشل كل هذه الدعوات لأنهم لا يريدون مساعدتنا أو حتى الدخول في شراكة عادلة، وإنما يريدون أن يكونوا هم الطرف المسيطر الآمر الذي يحتفظ بكل الخيوط في يديه. إنهم رغم ما فعلته تركيا من بعد عن الإسلام ونبذ للغة العربية لا يوافقون على انضمامها للسوق الأوروبية فهم لا ينسون أنها مسلمة.

جامعة سنجور التي أنشئت في مصر واتخذت من الإسكندرية مقرًا لها، أثارت العديد من علامات الاستفهام، فهل اختيار الإسكندرية هو لإحياء مقولة الشرق أوسطية؟ ولماذا مصر رغم أنها لا تتكلم الفرنسية؟ أم أن هذه الجامعة أنشئت لضرب الجامعة الأمريكية في مصر في إطار الصراع القائم والمشتعل بين الثقافة الأمريكية والثقافة الفرنسية؟

لسنا في حاجة للتأكيد على أن مصر هي ملتقى حضارات وشعوب وقارات، وذات موقع استراتيجي، والفرنسيون يهمهم وضع أرجلهم في مصر.

والفرنسيون احتفلوا بذكرى مرور مائتي عام على خروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801. إننا لا ننسى أن نابليون كان آتيًا لضرب الإسلام ولاحتلال مصر، ومن يومها والمعركة موجودة . إنهم يريدون إيهامنا بأشياء شكلية غير حقيقية وهي أنهم أحضروا إلينا المطبعة ووضعوا أقدامنا على سلم الحضارة، إنما في الحقيقة كان قدومهم هو عملية كبرى للسلب والنهب والاحتلال.

وهم يريدون رد الاعتبار لأنفسهم ويريدون أن يقولوا لنا لقد احتفلنا بأننا استطعنا رغم مرور 200 سنة أن نجعلكم متخلفين حضاريًا.

هل تعتقدين أن المرأة المصرية والعربية لها قضية ومشكلات تستدعي أن يكون لها جمعيات تدافع عنها؟ وما رأيك في الذين يرفعون شعارات حرية المرأة وقضايا المرأة في بلادنا؟

لعبة المرأة لعبة يلعبها الغرب وللأسف أكبر سلبية في بلادنا أننا ننساق وراء الغرب، ومأساتنا الحقيقية هي أننا لا نختار طريقًا واضحًا.

ولقد شاركت في مؤتمر الأمم المتحدة للسكان الذي عقد في القاهرة ثم في مؤتمر المرأة في بكين ضمن وفد مصر وقدمت أبحاثًا وكتبت عن المؤتمرين ولكن للأسف الشديد ذبحت من أجل الذي قلته وكتبته، إنهم يريدون أن نردد ما نسمع كالببغاوات.

إن المرأة المصرية لو عندها مشكلات فهي من نوعية المشكلات العادية ولكن ليست لها قضية، فليست قضية أن أجعل المرأة تحكم أو لا تحكم.

إنهم في الغرب يشوهون الأمور ويشوهون الحقائق ويقولون إن الإسلام يهين المرأة والحقيقة أن المرأة لم يكرمها دين مثلما كرمها الإسلام، ويطالبون بمساواتها في الميراث بالرجل.

وأنا أقول بل النصف كثير على المرأة لأنها ليست ملزمة بأي إنفاق، الرجل هو الملزم بالإنفاق على زوجته وابنته وأمه وأخته، والمرأة تأخذ نصف الرجل لزينتها جاهزًا.

إن عيب رموز تحرير المرأة في بلادنا أنهم وضعوا أنفسهم في مواجهة الإسلام، إنهم في مؤتمر السكان في القاهرة وفي مؤتمر المرأة في بكين يريدون أن ينشروا الفواحش وأن يقولوا من أراد أن يصبح رجلاً فله ذلك ومن أراد أن يصبح امرأة فله ذلك وضرورة إباحة العلاقات الجنسية .. الخ. كل هذا ونحن نصفق ونؤيد ونشيد بالمؤتمرات، ومن ينطق بكلمة الحق يذبح كما فعلوا معي.

وحدات من الموساد وصلت دول اوروبية لاحباط مخططات استهداف سياح اسرائيليين

وحدات من الموساد وصلت دول اوروبية لاحباط مخططات استهداف سياح اسرائيليين

الت صحيفة “صنداي تايمز” اللندنية في عددها الصادر اليوم الاحد ان جهاز الموساد الاسرائيلي اوفد خلال الايام الاخيرة وحدات خاصة تابعة له الى بعض الدول الاوروبية لتعقب وكلاء ايرانيين واحباط مخططاتهم لاستهداف اسرائيليين في الخارج. 

واشارت الصحيفة بحسب ما ذكرت “الاذاعة العبرية” الى ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية تخشى من ان يحاول الايرانيون استهداف الرياضيين الاسرائيليين الذين سيشاركون في اولمبياد لندن وذلك بعد مرور 40 عاما على مقتل 11 رياضيا اسرائيليا في الاعتداء الذي ارتكبه عناصر تنظيم ايلول الاسود الفلسطيني خلال دورة الالعاب الاولمبية في ميونيخ.