بعد أن فرّط السيسي في النيل إثيوبيا تعلن تشغيل سد النهضة في سبتمبر مع توقع إيرادات سنوية تتجاوز المليار دولار .. الأربعاء 3 سبتمبر 2025م.. الإمارات تشارك الكيان الصهيونى تطويق مصادر الغاز لـ “مصر” بعد “تمار”
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* أمن الدولة يقرر الإفراج عن 35 شخص في قضايا مختلفة.. بينهم الصحفية دنيا سمير
قررت نيابة أمن الدولة العليا مساء أمس الاثنين، إخلاء سبيل 35 شخصًا محبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا مختلفة، بينهم الصحفية دنيا سمير، التي قضت ثلاث سنوات كاملة رهن الحبس على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا.
وأعلن المحامي الحقوقي محمد أحمد الخبر عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، حيث نشر قائمة بأسماء المفرج عنهم، لتتداولها الأوساط الحقوقية والإعلامية على نطاق واسع.
الصحفية دنيا سمير.. ثلاث سنوات خلف القضبان
تُعد الصحفية دنيا سمير فتحي الدسوقي شلاطة من أبرز الأسماء الواردة في قائمة الإفراج الأخيرة، إذ ألقي القبض عليها في مايو 2022 أثناء عملها بمحافظة جنوب سيناء، وظلت منذ ذلك التاريخ قيد الحبس الاحتياطي.
وبحسب ما كشفه المحامي الحقوقي خالد علي في أغسطس من نفس العام، فإن دنيا واجهت اتهامات شائعة في قضايا أمن الدولة، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وأودعت منذ ذلك الوقت سجن القناطر الخيرية، حتى جاء قرار إخلاء سبيلها بعد مضي ثلاث سنوات من الاحتجاز.
قضية دنيا سمير عكست بصورة جلية معاناة الصحفيين والنشطاء مع أوضاع الحبس الاحتياطي، إذ تُستخدم هذه الأداة القانونية في كثير من الحالات لتمديد فترات السجن دون محاكمة عادلة أو أحكام قضائية.
أسماء المخلى سبيلهم
جاءت قرارات الإفراج لتشمل متهمين في قضايا متنوعة، بعضها يعود إلى عام 2019 وحتى عام 2024، حيث تضمنت القائمة أسماء متهمين في قضايا أمن دولة بارزة مثل القضية 1413 لسنة 2019، والقضية 880 لسنة 2020، وصولًا إلى القضية 4940 لسنة 2024.
وضمت القائمة أيضًا عدداً من النساء، منهن: آمال محمد علي زناتي، عزة إسماعيل علي محمد سيد، وهبة علي عبد الراضي محمود، إلى جانب مجموعة كبيرة من الشباب والطلبة والعمال، ما يعكس تنوع الفئات المستهدفة بقضايا الرأي والتظاهر أو ما يُصطلح عليه بـ”قضايا الانضمام ونشر الأخبار الكاذبة”.
*الإمارات تشارك الكيان الصهيونى تطويق مصادر الغاز لـ “مصر” بعد “تمار”
تسعى الإمارات سعيا حثيثا للاستحواذ على الشركة الصهيونية “نيوميد ” للطاقة صاحبة أكبر عقود توريد غاز الاحتلال إلى مصر، من حقل ليفياثان بكميات تتراوح من 85.3 إلى 130 مليار متر مكعب، بقيمة إجمالية تصل إلى 35 مليار دولار، حيث تمتلك شركة نيوميد 45.34% من حقل ليفياثان، المورد الرئيسي لغاز الاحتلال إلى مصر.
ولا تعبأ أبو ظبي بتجميد صفقة للحصول على 50% من الشركة في مارس 2024، حيث أنها بالفعل تشارك الكيان صفقات أخرى في قطاع الطاقة الصهيوني وباستثمارات حكومية من الإمارات كحقل تمار وخطوط للطاقة تمثل بدائل ل”قناة السويس”.
“صحيح مصر” رصد تمدد الإمارات في الغاز من كيان الاحتلال بعرض نسبة من “نيوميد” الذي قدمته “أدنوك” و”بي بي” بنحو 14 مليار شيكل (3.8 مليارات دولار)، بزيادة قدرها 72% عن قيمة أسهم شركة نيوميد المدرجة في البورصة “الإسرائيلية”، وقال الإعلام الصهيوني: إنه “بسبب التوترات السياسية في المنطقة بعد اندلاع الحرب في غزة، جمدت في مارس 2024 الصفقة”.
وأوضحت المنصة عبر (إكس) أنها “لم تكن الصفقة المعطلة أول فرصة للدخول الإماراتي إلى قطاع الطاقة الإسرائيلي؛ إذ سبقتها استثمارات حكومية وخاصة من الإمارات في حقول الغاز، فضلاً عن دور الإمارات في توريد النفط ل”إسرائيل”.
وقالت @SaheehMasr : إنه “منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، دشنت الإمارات مرحلة جديدة من العلاقات الرسمية مع الكيان حيث سجلت نحو 500 شركة إماراتية في غرفة التجارة المشتركة بين البلدين، في مؤشر واضح على تنامي التعاون الاقتصادي”.
وفي العام 2018، وقّعت مصر اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من حقل تمار في الأراضي المحتلة، ونصّت -الاتفاقية بعد تعديلها في 2023- على توريد ما لا يقل عن 3.5 مليارات متر مكعب سنويًا لمصر، لمدة 11 عامًا.
وبعد توقيع مصر للاتفاقية في 2018، اندفعت الإمارات لشراء حصص في حقول الغاز الإسرائيلية إلى أن نجحت في أبريل 2021، في الحصول على حصة قدرها 22% من حقل تمار، عبر “صندوق مبادلة للاستثمار” السيادي المملوك لحكومة أبوظبي، بعدما اشترى الصندوق كامل حصة شركة “ديليك درلينغ” المملوكة للملياردير الإسرائيلي إسحاق تشوفا، بقيمة 1.1 مليار دولار.
وحصلت “مبادلة” على الحصة عبر شركتين تابعتين مسجلتين في سوق أبوظبي المالي، وهما: “تامار للاستثمار 1 آر إس سي المحدودة”، و”تامار للاستثمار 2 آر إس سي المحدودة”.
وفي عام 2023، باعت “مبادلة للاستثمار” نصف حصتها في حقل “تمار” إلى الملياردير ورجل الأعمال الإسرائيلي آرون فرينكل مقابل 520 مليون دولار.
وآرون فرينكل، مهندس العلاقات الإسرائيلية في آسيا ويشغل رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي الآسيوي، ونائب الرئيس الأول وأمين صندوق المؤتمر اليهودي العالمي، وسبق صرح لصحيفة جلوبز الإسرائيلية في يونيو الماضي، أن بيع هذه الحصة لأبوظبي جاء ضمن اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع الإمارات.
وفي أعقاب السابع من أكتوبر 2023، قال فرينكل: إن “المؤتمر اليهودي الأوروبي الآسيوي مستعد لدعم أي إجراء قانوني في أي دولة لحظر حركة حماس وحظر مؤيديها”.
وتتوزع حصص الشركاء في حقل تمار بين شيفرون الأمريكية بنسبة 25%، وصندوق مبادلة للاستثمار الإماراتي بنسبة 11%، شركة سوكار الآذربيجانية بنسبة 10%، فيما يتحكم آرون فرينكل بشكل مباشر وغير مباشر في نسبة 31%، والنسبة المتبقية 23% تتوزع على شركات إسرائيلية أخرى، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة جلوبز في يونيو الماضي.
بترومال وقناة السويس
ووقّعت شركة “بترومال” الإماراتية اتفاقية تعاون مع شركة “خط أنابيب أوروبا وآسيا” المعروفة اختصارًا بـ”EAPC“، ضمن مشروع أُطلق عليه اسم “ميد-ريد لاند بريدج” (MED-RED Land Bridge).، حي ثتعود ملكية “بترومال” بالكامل إلى “الشركة الوطنية القابضة” الإماراتية، وهي شركة خاصة مقرها أبوظبي، يترأس مجلس إدارتها رجل الأعمال جوعان عويضة سهيل الخييلي، والذي يشغل أيضًا منصب رئيس مجلس إدارة بنك أبوظبي الإسلامي في الإمارات، إلى جانب رئاسته لفرع البنك في المملكة المتحدة.
ومشروع “ميد-ريد لاند بريدج” يستهدف نقل النفط الخام من الإمارات إلى أوروبا عبر خط أنابيب يربط مدينة إيلات الإسرائيلية المطلة على البحر الأحمر، وميناء عسقلان الإسرائيلي على ساحل البحر المتوسط، بجانب الاستفادة من المحطات، ومنشآت التخزين، والبنية التحتية لخطوط الأنابيب التابعة لشركة EAPC “الإسرائيلية”!
وقالت المنصة: إن “المشروع يمثل طريقًا بديلاً لقناة السويس أو الرحلة البحرية الطويلة حول رأس الرجاء الصالح”.
وأوضحت أن شركة خط أنابيب أوروبا وآسيا والمعروفة باسم EAPC تأسست في 1968 تحت اسم “شركة خط أنابيب إيلات-عسقلان”، كنواة مشروع مشترك بين “إسرائيل” وإيران في عهد الشاه رضا بهلوي، بملكية مناصفة لنقل النفط الإيراني إلى أوروبا. لكن بعد الثورة الإسلامية في إيران وقطع العلاقات، أمّمت تل أبيب الشركة لصالحها.
وفي عام 2015، قضت محكمة سويسرية بإلزام “إسرائيل” بدفع تعويض قدره 1.1 مليار دولار لإيران، إلا أن الأخيرة رفضت، استنادًا إلى قوانين “التجارة مع العدو”. وتُعد الشركة واحدة من أكثر الكيانات غموضًا في إسرائيل، حيث تعمل منذ تأسيسها بموجب أمر حكومي يُبقي أنشطتها سرية، بحسب صحيفة “فاينانشال تايمز”.
وأسست شركة “بترومال” الإماراتية شركة باسم “ميد رد لاند بريدج” Med-Red Land Bridge في جزر كايمان -إحدى الملاذات الضريبية- بالشراكة مع اثنين من الشركاء، الأول: هو شركة “إلبر فوغال Alper-Fogel Entrepreneurship“، المسجلة في إسرائيل تحت رقم السجل التجاري 516262524.
والشركة الثانية هي “إلبر فوغال” المملوكة لرجلا الأعمال “الإسرائيليين” يونا فوغال، وملاخي إلبر. وفوغال هو المدير التنفيذي لشركة “باز للنفط المحدودة” المملوكة للحكومة الإسرائيلية بين عامي 2007 و2020، قبل أن يتغير اسمها إلى “شركة مصفاة أشدود للنفط”. كما يرأس مجلس إدارة شركة “ستوريج دروب تكنولوجيز المحدودة”، ويشغل منصب مدير في شركة “شوفرسال فاينانس المحدودة“.
وملاخي إلبر، يشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة “مصفاة أشدود للنفط” (Ashdod Refinery Ltd) -المعروفة سابقًا باسم “باز للنفط”- ويرتبط بعلاقات وثيقة بمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية.
والشركة الثانية الشريكة في مشروع Med-Red Land Bridge هي شركة “لوبر لاين المحدودة Lubber Line Capital Limited”، المسجلة في دولة جبل طارق تحت رقم السجل التجاري 120273. ويمتلكها رجل الأعمال ياريف الباز (Yariv Elbaz)، وهو يهودي يحمل الجنسيات المغربية، والإسرائيلية، والفرنسية. لعب الباز دورًا كبيرًا في تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والمغرب، مستفيدًا من علاقاته الوثيقة بالعائلة الملكية المغربية. كما يمتلك عددًا من الشركات العاملة في قطاع الطحن في المغرب، وفي مجالات البحث والاستكشاف عن النفط والغاز في دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وبسبب هجمات 7 أكتوبر 2023 على محطة عسقلان النفطية، وأنشأت شركة EAPC خط أنابيب جديد بطول 263 كيلومترًا بين إيلات وعسقلان، لنقل النفط الخام إلى مصفاة في أشدود، رغم أن ميناء إيلات لم يُستخدم منذ سنوات لاستيراد النفط.
وتنقل EAPC النفط من أذربيجان عبر ناقلات تمر عبر تركيا إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي على البحر المتوسط، حيث توفر أذربيجان نحو 20% من احتياجات إسرائيل النفطية منذ تطبيع العلاقات بين البلدين. ومؤخرًا، نقلت ناقلة النفط “سيفيوليت” مليون برميل من النفط الأذربيجاني من ميناء جيهان التركي إلى ميناء إيلات، حيث تتولى مجموعة “بازان” الإسرائيلية تكريره.
النفط الإماراتي إلى كيان مجرمي الحرب
وفي عام 2020، وقّعت شركة “بازان” الصهيونية لمصافي النفط مذكرة تفاهم مع شركة “المزروعي الدولية” الإماراتية، وتهدف إلى استيراد وبيع أنواع من البوليمرات غير المنتجة محليًا في الكيان، مثل البولي إيثيلين عالي الكثافة والبولي إيثيلين الخطي منخفض الكثافة، لتلبية احتياجات السوق الإسرائيلية، وكذلك التصدير إلى أوروبا والولايات المتحدة.
ويمتلك شركة “بازان” مجموعة من المستثمرين والأفراد، إذ إنها مدرجة في بورصة تل أبيب تحت الرمز ORLK وتمتلك شركة “إسرائيل للبتروكيماويات المحدودة” نسبة 24.76% من رأس مال الشركة، بما يُقدّر بحوالي 769 مليون سهم، وبقيمة سوقية تقدر بـ667.3 مليون شيكل.
ويمتلك المستثمر الأمريكي جيريمي بلانك نحو 6.78% من الأسهم، ثم حصص صغيرة لا تتجاوز 1%، من بينها حصة رئيس مجلس الإدارة موشيه كابلينسكي، الذي شغل سابقًا منصب نائب رئيس الأركان في جيش كيان العدو.
و”مجموعة المزروعي”، تأسست في دبي، ويترأس مجلس إدارة الشركة راشد المزروعي علي راشد حميد المزروعي، وهو عضو مجلس إدارة في مصرف عجمان، ويشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة “البحري والمزروعي”، وهو تكتل شركات تأسس في دبي عام 1972.
https://x.com/SaheehMasr/status/1959672804770447707
الطاقة في مصر
ومنذ عام 2019 تسعى أبو ظبي للهيمنة على أكبر مساحة ممكنة من قطاع الطاقة في مصر، عبر الاستحواذ على شركات وحقول ومحطات وقود ومشاريع الطاقة المتجددة.
وحصلت شركة “أبوظبي التنموية القابضة” (ADQ)، في نوفمبر 2024 على حصص مؤثرة في ثلاث شركات طاقة مصرية ضمن برنامج الطروحات الحكومية: 25% من أسهم الشركة المصرية للحفر، و30% من أسهم شركة “إيثيدكو” (المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته)، و35% من أسهم شركة “إيلاب” (المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي).
واستحوذت “أدنوك”، في فبراير 2023 على 50% من محطات الوقود التابعة لشركة TotalEnergies في مصر، والتي تدير نحو 238 محطة. بلغت قيمة الصفقة نحو 186 مليون دولار، مع مبلغ إضافي قد يصل إلى 17.3 مليون دولار إذا ما تم استيفاء شروط محددة، وفق بيان الشركة لسوق أبوظبي للأوراق المالية.
واستحوذت شركة “دراجون أويل” المملوكة لإمارة دبي في 2020 على كامل حقوق شركة (BP) البريطانية في مصر، لتصبح شريكًا رئيسيًا في امتيازات خليج السويس.
ودخلت شركة “مبادلة” الإماراتية على خط الاستحواذ في 2018 بشراء 20% من امتياز حقل “نور” البحري شمال سيناء، كما أصبحت شريكًا في حقل “ظهر” العملاق قبالة الساحل الشمالي بعد استحواذها على جزء من حصة شركة ENI الإيطالية.
ووقّعت مجموعة “AMEA Power” الإماراتية اتفاقًا مع الحكومة المصرية في ديسمبر 2024، لتطوير مشاريع للطاقة المتجددة بقيمة 600 مليون دولار، تشمل محطة طاقة شمسية “Abydos 1” في أسوان، ومزرعة رياح بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.
وضمن مذكرات التفاهم موقعة بين الشركة ومصر في نوفمبر 2024، إنشاء محطتان لإنتاج الخلايا الشمسية بقدرة 2 جيجاواط لكل منهما، مراكز لتخزين البطاريات بطاقة أولية تبلغ 2 جيجاواط ، محطات شمسية بقدرات تصل إلى 900 ميجاواط في واحة الداخلة، 300 ميجاواط في بنبان بأسوان، محطة عائمة بقدرة 3 جيجاواط في بحيرة ناصر، وأخرى بقدرة 2 جيجاواط في نجع حمادي، إلى جانب منطقة صناعية في شرق بورسعيد مخصصة للطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة.
مخاوف من تبعات
وقال المعهد المصري للدراسات: إن “المصريين ينظرون بريبة إلى اندفاع أبوظبي نحو السيطرة على قطاعات الطاقة، لاسيما سعيها لصفقات في الأراضي المحتلة، والتي تتحكم فعليًا في الاقتصاد المصري خلال 15 عامًا المقبلة“.
وتستند هذه المخاوف إلى ثلاثة مرتكزات رئيسية:
- أن معظم الاستحواذات الإماراتية تطال أصولًا استراتيجية بالغة الحساسية، تشكل جزءًا من البنية السيادية المصرية وعصب اقتصادها، مثل شركات الطاقة والبترول، الموانئ، البنوك، المؤسسات المالية والنقدية، إضافة إلى الفنادق والتراث العقاري المرتبط بالهوية الوطنية.
- أن غالبية هذه الصفقات أُبرمت في ذروة الأزمات الاقتصادية، حين كان الاقتصاد المصري مشلولًا وحكومة القاهرة في حاجة ماسة للسيولة الدولارية لتغطية التزاماتها الداخلية والخارجية. هذا الوضع سمح بتمرير صفقات بأسعار أدنى بكثير من القيمة الحقيقية للأصول، ما زاد من الاحتقان الشعبي ضد أبوظبي، التي يُتهم قادتها باستغلال الظرف العصيب لتجريد مصر من أصولها.
- يبقى التخوف الأبرز مرتبطًا باستخدام هذه الاستثمارات كورقة ضغط سياسي واقتصادي ضد القاهرة مستقبلًا. فحين تهيمن دولة على إمدادات الطاقة خارجيًا وعلى حصة كبيرة من السوق الداخلي، يصبح الوضع مقلقًا، خاصة مع وجود خلافات بين البلدين في ملفات ملتهبة مثل اليمن، السودان، ليبيا، غزة، القرن الأفريقي وسد النهضة، على الرغم من محاولات التجميل الإعلامي لخطاب “التقارب”.
*بعد أن فرّط في النيل السيسي يحاول تجميل خيانته فى سد النهضة باجتماعات شكلية
بعد أكثر من عقد من الفشل المتواصل في إدارة أخطر ملف يهدد بقاء مصر، يحاول نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي التغطية على جريمته الكبرى في التفريط بمياه النيل، عبر اجتماعات بروتوكولية لا تقدّم ولا تؤخر. فاليوم الأربعاء، يستضيف وزيرا الخارجية والري بحكومة الانقلاب بدر عبد العاطي وهاني سويلم، نظيريهما السودانيين عمر صديق وعصمت قرشي، للحديث عن سد النهضة الذي اكتمل بناؤه عملياً بفضل توقيع السيسي على “اتفاقية المبادئ” عام 2015، والتي أعطت لإثيوبيا الغطاء القانوني لبناء السد وحجز مياه النيل.
المفارقة أن هذه الاجتماعات تأتي بالتزامن مع الافتتاح الرسمي لسد النهضة خلال هذا الأسبوع، بينما تكتفي القاهرة بخطاب “الحقوق التاريخية” و”ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم”، بعد أن فقدت القدرة على الفعل، وتركت مصير 110 ملايين مصري رهينة لإرادة أديس أبابا.
عقد من التنازلات والخيبة
منذ أن أعلن عن مشروع السد، تنقل النظام المصري بين مسارات تفاوضية عبثية امتدت 13 عاماً. في كل مرة، كانت إثيوبيا تمضي قدماً في البناء والتخزين، بينما تكتفي القاهرة ببيانات دبلوماسية وتصريحات استعراضية. أبرز المحطات السوداء في هذا الملف يمكن تلخيصها في:
توقيع اتفاق المبادئ (2015): أكبر هدية من السيسي لإثيوبيا، إذ منحها شرعية لم تكن لتحلم بها، وأضعف موقف مصر التاريخي في الدفاع عن حقوقها المائية.
تجاهل المسار الفني: إذ قبلت القاهرة تقارير استشارية شكلية، بينما تجاهلت التحذيرات بشأن مخاطر الأمان والتأثيرات على حصة مصر.
التفريط في أوراق الضغط: بعد أن تحول الجيش إلى إمبراطورية اقتصادية، تراجع دوره في حماية الأمن القومي، وفضّل النظام صفقات البيزنس على حماية شريان الحياة.
فشل المفاوضات المتكرر: آخرها في ديسمبر 2023، حيث أعلنت القاهرة رسمياً إغلاق المسار التفاوضي بعد أن فقدت كل أدوات القوة.
“استعراض” بلا قيمة
في تصريحاته الأخيرة، يحاول بدر عبد العاطي رفع الصوت قائلاً: “المياه قضية وجودية”، و”لن نرهن مصالح المصريين لوعود إثيوبيا”، لكن هذه التصريحات لا تعدو كونها استعراضاً سياسياً بعد أن أصبح السد أمراً واقعاً. بل إن ردّه على دعوة إثيوبيا لمصر والسودان لحضور افتتاح السد بوصفها “عبثاً” يكشف بوضوح حجم الهزيمة والانكسار.
خيانة مكتملة الأركان
اليوم، لم يعد هناك مجال للمراوغة: السيسي ونظامه تخلوا عن النيل، ووقعوا بأيديهم شهادة العجز. من “اتفاق المبادئ” حتى لحظة افتتاح السد، كان النظام العسكري منشغلاً بتشييد القصور، وإدارة البيزنس، وبيع أصول الدولة، بينما حُرم المصريون من أعز ما يملكون: حقهم التاريخي في النيل.
*إثيوبيا تعلن تشغيل سد النهضة في سبتمبر مع توقع إيرادات سنوية تتجاوز المليار دولار
أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بلاده تتوقع تحقيق إيرادات سنوية تقدر بمليار دولار من سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي تقرر تشغيله رسمياً في السادس من سبتمبر/ أيلول الجاري، وسط مشاركة واسعة من قادة ورؤساء حكومات دول الجوار، ودعوات وجهتها أديس أبابا لقادة مصر والسودان لحضور حفل الافتتاح.
ويُعد سد النهضة أكبر مشروع كهرومائي في أفريقيا بميزانية بلغت 4 مليارات دولار منذ إطلاقه عام 2011، حيث يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 متراً، وتصل سعته التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، فيما ينتج أكثر من 5000 ميغاواط من الكهرباء، أي ما يعادل ضعف إنتاج إثيوبيا الحالي. ويؤكد آبي أحمد أن هذه الإيرادات ستُستثمر في “مشاريع مماثلة خلال السنوات المقبلة”.
إلا أن السد يثير توتراً إقليمياً مع مصر والسودان اللتين حذرتا مراراً من تشغيله دون اتفاق ثلاثي ملزم يضمن حصصهما التاريخية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان).
وتعتبر القاهرة السد تهديداً وجودياً، في ظل اعتمادها على النيل لتغطية 97% من احتياجاتها المائية، بينما ترى الخرطوم أنه يزيد من مخاطر تقليص حصتها المائية، في وقت لم تحقق جولات المفاوضات المتعاقبة أي تقدم ملموس.
ويقول البنك الدولي إن أكثر من 60 مليون إثيوبي ما زالوا محرومين من الكهرباء، ما يجعل السد مشروعاً استراتيجياً وحيوياً لثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان (130 مليون نسمة).
في المقابل، تعاني مصر من فجوة مائية متفاقمة، إذ لا تتجاوز مواردها 60 مليار متر مكعب سنوياً مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب، ما دفع الحكومة إلى فرض قيود على زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه وتحمّل المزارعين جزءاً من تكاليف شبكات الري والصرف.
ويؤكد آبي أحمد أن بلاده لا تسعى إلى تهديد استقرار مصر والسودان، قائلاً: “الكثيرون ناقشونا وهددونا، لكن سد النهضة لن يكون سبباً في القلق”، في وقت تصر فيه أديس أبابا على أنه “حق سيادي” لتنمية مواردها المائية وتوفير الطاقة لمواطنيها.
*عقوبات أوسع وحقوق أقل للعمال مع بدء العمل بقانون العمل الجديد
دخل قانون العمل الجديد حيّز التنفيذ رسميًا بداية من شهر سبتمبر، ليُشكل محطة تشريعية بالغة الأهمية في تاريخ علاقات العمل، بعد سنوات طويلة من الجدل المجتمعي والنقابي حول حقوق العمال، وتوازن العلاقة بينهم وبين أصحاب الأعمال.
وأعلن وزير العمل، محمد جبران، أن القرارات التنفيذية المكملة للقانون ستصدر خلال أسبوع، لتوضيح تفاصيل تطبيق أحكامه الجديدة.
ستة أنماط عمل غير تقليدية
للمرة الأولى، يعترف القانون بما يسمى «أنماط العمل الجديدة»، والتي حددها في ستة أشكال رئيسية:
- العمل عن بُعد باستخدام الوسائل التكنولوجية خارج مقر المنشأة.
- العمل عبر المنصات الرقمية.
- العمل لبعض الوقت أو بدوام جزئي.
- العمل المرن بنفس عدد الساعات لكن في أوقات متفرقة بالاتفاق بين الطرفين.
- تقاسم العمل بين أكثر من شخص يتقاسمون المهام والأجر.
- أنماط أخرى يحددها الوزير المختص لاحقًا.
ويعرّف القانون هذه الأنماط بأنها أي عمل يُنجَز بطريقة غير تقليدية لصالح صاحب العمل وتحت إشرافه مقابل أجر، مؤكدًا أن العاملين بها يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات المقررة للعاملين في الوظائف التقليدية.
غير أن القانون جعل تنظيم تلك الأنماط بيد وزير العمل، الذي سيصدر قرارات خاصة بصيغ العقود، اللوائح، وإثبات علاقة العمل، وذلك بعد التشاور مع النقابات العمالية ومنظمات أصحاب الأعمال.
إصلاحات في التمثيل النقابي وتعددية جديدة
خلافًا لقانون العمل السابق الصادر عام 2003، تجنّب القانون الجديد حصر التمثيل النقابي في الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ليتماشى مع قانون النقابات لعام 2017 والمعدل 2019، الذي سمح لأول مرة منذ منتصف القرن الماضي بالتعددية النقابية.
هذه الخطوة اعتُبرت مهمة على صعيد تعزيز حرية التنظيم النقابي، لكنها ما زالت تواجه تحديات على أرض الواقع.
قيود مشددة على الإضراب
رغم الاعتراف بالأنماط الجديدة وتوسيع دائرة التمثيل النقابي، أبقى القانون على القيود المفروضة على حق الإضراب، بل أضاف قيودًا جديدة، إذ نص على حظر الإضراب في الظروف الاستثنائية من دون تحديد ماهيتها، الأمر الذي يثير مخاوف حقوقية حول استخدام هذا النص لتقييد الحركات العمالية بشكل أكبر.
الأجر والعلاوة الدورية.. جدل مستمر
واصل القانون الجديد تجاهل معيار الأجر الشامل في احتساب العلاوة الدورية، مكتفيًا بنسبة 3% من الأجر التأميني (الخاضع للتأمينات الاجتماعية)، بدلاً من 7% من الأجر الأساسي كما كان منصوصًا في القانون الملغى.
خطوة اعتبرها مراقبون انتقاصًا من حقوق العمال، خصوصًا في ظل معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
مسار طويل من الجدل والتعديلات
رحلة هذا القانون بدأت منذ عام 2014، واستغرقت سنوات من الإعداد والمناقشات.
في 2017، عُرض مشروع القانون على البرلمان، لكنه اصطدم بضغوط رجال الأعمال الذين اعترضوا على القيود المفروضة على فصل العمال، وإلزامية العقود غير محددة المدة، وقاعدة العلاوة الدورية.
بعد سنوات من التوقف، أُعيد المشروع إلى مجلس الشيوخ في 2022 وأُقر، قبل أن يُحال مجددًا إلى مجلس النواب بطلب من عبد الفتاح السيسي، ثم أُرجئ للمجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي لإعادة النظر.
وفي 2023، سحبت الحكومة المشروع لإجراء تعديلات جديدة استجابة لملاحظات النقابات ومنظمات الأعمال. وأخيرًا، أقر البرلمان القانون في أبريل الماضي، بعد إعادة مناقشته بداية العام نفسه.
*مخاطر استحواذ الأجانب على أراضي مصر الزراعية
كشف “استحواذ” شركة “إن آر تي سي فود” القابضة الإماراتية، المتخصصة في تسويق الفواكه والخضراوات على مزارع الهاشمية في مصر، عن خلل في منظومة حماية الأراضي الزراعية المصرية من العبث بها، وتقصير مؤسسات الدولة في تقنين تداولها، ومنع سقوطها في أيدي مستثمرين أجانب لا تعرف دولهم ولا أجندتهم ولا ولاءهم، واخترقت عمق الاقتصاد المصري بطرق غير قانونية في كثير من الصفقات، واستحوذت على أصول مصرية استراتيجية صناعية وزراعية وطبية وخدمية، ودون اعتبار للسيادة الوطنية والأمن القومي.
شركة الهاشمية، المالك الأصلي للأرض الزراعية، يلفها الغموض. فلا أحد يعرف مالكها الأصلي، ولا كيف حصلت على تلك المساحة الكبيرة من الأراضي الزراعية. ولا يوجد موقع إلكتروني لها كما تفعل المزارع الكبيرة. وما يتوفر من معلومات عن الشركة يدل على أنها حصلت على تلك الأرض بطريقة غير مشروعة في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك كما كانت العادة. وكشفت صحيفة اليوم السابع بعد أيام من سقوط مبارك أن وزير الزراعة المعين من المجلس العسكري، أيمن أبو حديد، طلب قائمة بأسماء الشركات التي تضع يدها على أراضي الدولة بمنطقة وادي النطرون، وإعداد تقرير بها لمناقشة وضعها القانوني.
وكانت “الهاشمية” في قائمة تلك الشركات، وتضع يدها على 11 ألف فدان في المنطقة. وبعد تغير النظام السياسي تقدمت الشركة بطلب لهيئة التعمير لتقنينها ضمن 200 ألف فدان تضع الشركات الخاصة والأجنبية المجهولة وجمعية الشرطة، وجمعية ضباط أمن الدولة، وجمعية الجهاز المركزي للمحاسبات، وجمعية الدبلوماسيين وغيرها، أياديها على تلك الأراضي بطرق غير قانونية ودون وجه حق، وعلى حساب شباب الخريجين وصغار المزارعين المصريين. وكان من ضمن التهم الموجهة لوزير الزراعة المقال في سنة 2015، صلاح هلال، تقنين آلاف الأفدنة الزراعية التي استولى عليها رجال أعمال بوضع اليد دون الرجوع للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية صاحبة الولاية عليها.
استحواذ وسيطرة
المعلومات عن شركة الهاشمية وفرتها شركة تدعى “تمكين” على موقعها الإلكتروني، وتكشف عن أن “الهاشمية” تمتلك مزرعة مساحتها 9500 فدان في منطقة وادي النطرون بطريق مصر إسكندرية الصحراوي، وتزرعها محاصيل متنوعة، مثل بنجر السكر على مساحة 3500 فدان تحت نظام الري المحوري الحديث، وتزرع في المزرعة نفسها أشجار الفاكهة من المانغو والموالح والنخيل والعنب في مساحة 2500 فدان، ليصل إجمالي المساحة المزروعة إلى ستة آلاف فدان خلال سنتين فقط، بداية من منتصف سنة 2020. وتدعي “تمكين” أنها تقوم بتوفير مستلزمات الزراعة، وتدير المزرعة بالكامل بموجب عقد شراكة مع “الهاشمية”.
وتعرّف “تمكين” نفسها بأنها شركة تأسست في دبي، وتستثمر في الأعمال الزراعية في مصر والسودان والسعودية بامتداد زراعي شاسع يغطي حوالي 30 ألف فدان، ومتخصصة في زراعة المحاصيل النقدية التي تتنوع ما بين الخضراوات إلى الأعشاب الطبية والعطرية، وإدارة الإنتاج الزراعي للشركات الأخرى مثل “الهاشمية”. وفي 2021، ظهر خطاب رسمي يظهر أن “الهاشمية” مملوكة لشركة تدعى “تموين جروب” بمفهوم “السيطرة المشتركة”، وتتداول أسهمها في سوق أبوظبي للأوراق المالية بالإمارات. فهل تدرك السلطات المصرية خطورة الاستحواذ والسيطرة على الأمن القومي؟!
مخالفة للدستور
ينص الدستور المصري في مادته رقم 29 على أن تلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتجريم الاعتداء عليها، وتخصيص نسبة من الأراضي المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال. وينص القانون رقم 37 لسنة 1951 على منع غير المصريين والأجانب من تملك الأراضي الزراعية والقابلة للزراعة والصحراوية. وبالتالي، فإن استحواذ شركات أجنبية على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية يخالف الدستور والقانون، فضلًا عن أن الأراضي التي استحوذت عليها الشركات هي ملك للدولة، وحصلت عليها بالخصخصة ووضع اليد وطرق أخرى ملتوية، مطعون على صحتها أمام القضاء.
ولم نسمع عن شركة زراعية اشترت آلاف الأفدنة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بطرق قانونية، بعيدًا عن المحسوبية السياسية والأمر المباشر دون مزادات علنية شفافة، والتي تفشت في عهد مبارك، وبأسعار حقيقية متضمنة تكلفة شبكات الطرق والري والكهرباء، وليس 50 جنيهًا للفدان، كما ظهر بعد ثورة يناير 2011، حيث أوصت هيئة قضايا الدولة ببطلان عقد بيع 100 ألف فدان في توشكى، لصالح شركة المملكة للتنمية المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، لأن مجلس الوزراء باع الأرض بسعر 50 جنيهًا للفدان في سنة 1997، بعد أن زودتها بالطرق والكهرباء وقنوات الري. وأوصت بمراجعة جميع العقود التي منحت بموجبها الحكومة الفاسدة آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية دون حق للمستثمرين الذين أطلقت عليهم شركاء التنمية.
كما أن استحواذ تلك الشركات على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية يحرم صغار المزارعين وشباب الخريجين من حقهم في تملّك مساحة من الأرض الزراعية، وفق الدستور، يعملون فيها وينتجون طعام الأسرة والمجتمع ويحققون هامش ربح يغطي تكاليف الزراعة ومتطلبات الحياة. وتحول شباب الخريجين وصغار المزارعين من ملاك حقيقيين لأرض بلدهم إلى أُجراء وعمال في شركات أجنبية حصلت على آلاف الأفدنة الزراعية بطرق ملتوية وبالمخالفة للقانون، ويتعرضون للفصل التعسفي والاستغلال الذي حذر منه الدستور.
فساد وليس استثمارًا
الأمثلة على ذلك كثيرة، منها أن وزارة الزراعة تقدمت بعد ثورة يناير ببلاغ للنائب العام تتهم فيه وزير الزراعة الأسبق أحمد الليثي، بصفته رئيس الشركة القابضة للتنمية الزراعية سابقًا، بتمكين رجل الأعمال السعودي عبد الإله الكحكي من الاستيلاء على 26 ألف فدان من الأراضي التابعة لشركة النوبارية لإنتاج البذور “نوباسيد” التابعة للشركة القابضة بمنطقة وادي النطرون، كاملة المرافق، ولم يتكبد ضخ استثمارات جديدة ونقل تكنولوجيا، وتوفر الشركة 70% من البذور في مصر بمبلغ 103 ملايين جنيه فقط وبالتقسيط، ما يعادل أقل من أربعة آلاف جنيه للفدان، وقيام الأخير بفصل وتسريح المئات من العاملين بالشركة والامتناع عن دفع رواتب الآخرين.
وقررت الوزارة التحفظ على ممتلكات الشركة وإسناد إدارتها لمجموعة من العمال، بعد أن غادر المستثمر البلد وترك خزينة الشركة فارغة. وخلال عامين، نجح العمال في تشغيل الشركة وسداد الديون وتحقيق أرباح بالملايين. وفي سنة 2014، أكدت هيئة مفوضي الدولة بطلان عقد البيع، وأوصت باسترجاع الشركة للدولة وعودة العمال وإلغاء قرار خصخصة الشركة.
وعلى غير المتوقع، قرر رئيس الوزراء الأسبق، حازم الببلاوي، إلغاء قرار التحفظ والتصالح مع المستثمر وتمكينه من الشركة مرة أخرى في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وأصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قرارًا يقضي بقصر الطعن في عقود الدولة على أطراف العقد دون غيرهم. اعترض العمال على القرار أمام محكمة القضاء الإداري التي حولته إلى المحكمة الدستورية العليا. فقضت الأخيرة برفض دعاوى بطلان عقود خصخصة وبيع الشركات وتحصين العقود الجديدة والقديمة، بما فيها “نوباسيد”، ورفض الطعون المقامة من العمال في المحاكم ضد الدولة والمستثمرين، وقصر الطعن على طرفي العقد، الحكومة والمستثمر. وعادت السلطات لعادتها في الخصخصة التي كانت سائدة في عهد مبارك. وأنشأت السلطات لجنة لاسترداد أراضي الدولة برئاسة إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، فغضت الطرف عن الشركات التي وضعت يدها على الأرض في مقابل خمسين جنيهًا للفدان ولم تزرعها وتقوم ببيعها بأسعار مضاعفة، وتصالحت مع الفلاحين المصريين الذين استزرعوا أفدنة معدودة على نفقتهم الخاصة لعشرات السنين في مقابل 50 ألفًا إلى 75 ألف جنيه للفدان. ومن لم يستطع الدفع، استولى عليها الجيش.
إهدار السيادة الغذائية
تنص المادة 79 من الدستور على أن لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة، كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام للحفاظ على حقوق الأجيال. استحواذ الشركات الكبيرة على الأراضي الزراعية، يهدر هذا الحق. فهي تزرع المحاصيل التصديرية، التي يطلق عليها المحاصيل النقدية، طمعًا في العائد النقدي المباشر والكبير، منها البرتقال واليوسفي والفراولة والكنتالوب والزيتون والمانغو والعنب والتمور والفراولة. وعند التصدير، تحصل الشركة على حافز تصدير من الدولة، بواقع 10% من قيمة الصادرات. وعادة ما تستهلك هذه المحاصيل مياهًا أكثر من غيرها من المحاصيل الأخرى.
أما الفلاحون وصغار المزارعين، فيزرعون المحاصيل الأساسية التي تحقق الأمن الغذائي، وهي القمح والأرز والذرة والقطن. وهي محاصيل غير نقدية، ولا تحقق هامش ربح للمزارعين، لأن الحكومة تشتريها بأسعار بخسة، وتفرض غرامة مالية على من يمتنع عن توريدها للدولة، وتعاقب بالسجن من يزرع الأرز في مساحة غير مرخص بها، رغم تحرير الزراعة والسماح للمزارع بزراعة ما يريد منذ سنة 1992، وتحرم أصحابها من تصديرها بالأسعار العالمية، رغم جودتها ومكانتها في السوق الدولية. وإذا سمحت بتصديرها مثل الأرز، فإنها تفرض رسوم تصدير على صادراته، ما يعد معايير مزدوجة تزيد من أرباح الشركات وفقر صغار الفلاحين.
*الانقسامات تضرب المعارضة المصرية قبل انتخابات مجلس للنواب بشهر
في الوقت الذي تستعد فيه الحركة المدنية الديمقراطية، التي تمثل أكبر تجمع لأحزاب المعارضة المصرية في الداخل، لعقد اجتماع الأربعاء لمناقشة تفاصيل التحالف الانتخابي الذي تدشنه، لخوض المنافسة على المقاعد الفردية، ظهرت بوادر أزمات انقسام داخلها.
الحركة التي تضم أحزابا ليبرالية وناصرية ويسارية، إضافة إلى شخصيات مستقلة بدأت بوادر الانقسام فيها مع إعلان حزبي «الدستور» و«المحافظين»، تأسيس “تحالف الطريق الحر”.
وقالا في بيان إن الخطوة تأتي «في لحظةٍ فارقة من عمر الوطن، وفي ظل تردّي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تطال كل بيت وتثقل كاهل كل مواطن
وحسب البيان، ينطلق هذا التحالف من «مسؤولية وطنية وإيمان بضرورة فتح المجال العام أمام المواطنين ليكون صوت الشعب حاضراً وفاعلاً وثقة في إرادة الناخبين الراغبين في التغيير وأن حالة العزوف جاءت نتيجة غياب التمثيل الحقيقي لهم
وشددا على أن «الطريق الحر ليس مجرد بديل انتخابي، بل هو مشروع سياسي يقوم على الحرية والشفافية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون لإعادة بناء العلاقة بين الأحزاب والمواطنين من جديد
وأكدا أن «تحالفهما ينطلق برؤية ليبرالية إصلاحية جوهرها الحرية التي تضمن المشاركة والتعبير دون قيود، ودولة مدنية دستورية تصون الكرامة وسيادة القانون، وسياسات اقتصادية لصالح المواطن لا ضده
وسيخوض التحالف الانتخابات حتى «لا يتحول البرلمان إلى كيان أحادي يعبر عن مصالح السلطة لا عن مصالح المواطن، وإيماناً بأن الشعب المصري يستحق برلماناً يعبر عنه بعيداً عن زيف الاصطفاف»، وفق البيان، الذي دعا «كل المصريين المؤمنين بحقهم في مستقبل أفضل للانضمام إلى التحالف لتقديم بديل سياسي حقيقي وصادق يأخذ المواطن إلى قلب البرلمان، ليتحدث بلسانه ويرعى مصالحه
بوادر انقسام
ورأى القيادي في الحركة المدنية الديمقراطية لـ«القدس العربي» أن إعلان حزبي “الدستور” و”المحافظين” تشكيل تحالف انتخابي يمثل بوادر انقسام، لافتا إلى أن التحالف الجديد جاء رغم اتفاق كل الأحزاب المنضوية في الحركة على خوض الانتخابات ببرنامج واحد.
وبين أن رؤساء أحزاب طالبوا بنقل اجتماعات الحركة من حزب المحافظين بعد إعلان التحالف الجديد.
وشدد على أن اختيار اسم التحالف الحر يمثل إعادة لمحاولة تشكيل التيار الليبرالي الحر الذي واجه رفضا من الأحزاب الناصرية بسبب انضمام أشخاص عرفوا بموقفهم المؤيد للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
قيادي آخر في الحركة المدنية، رفض كشف هويته، اعتبر في حديثه أن إقدام الدستور والمحافظين على تأسيس تحالف انتخابي، يأتي في إطار الخلافات بين مكونات الحركة.
وأضاف أن الأحزاب الليبرالية داخل الحركة ترى أن الأحزاب القومية واليسارية أسست الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية لتبني قضايا خلافية بعينها، رغم وجود الحركة المدنية كمظلة سياسية للمعارضة.
تيار الأمل
وكشف أحد أعضاء لجنة الانتخابات في الحركة أن الاجتماع الأخير للجنة شهد خلافا واسعا بين المرشح الرئاسي السابق ومؤسس حزب تيار الأمل أحمد الطنطاوي، وأكرم اسماعيل المنسق السياسي لحزب «العيش والحرية
وبين أن الخلاف بدأ مع طرح ممثل تيار الأمل في اللجنة عدد المرشحين المحتملين من الحزب الذي بلغ 62 مرشحا، ما دفع إسماعيل للتأكيد على ضرورة مراجعة هذه الأسماء ومناقشتها والوقوف على موقفها وتاريخها السياسي، ما دفع منسق الحركة المدنية طلعت خليل، للتأكيد على أنه لا يجوز لحزب التدخل في ترشيحات حزب آخر، وفي حال وجود أكثر من مرشح على المقعد نفسه، سيحال الأمر للأمانة العامة للحركة للاختيار بينهم.
ودافع أكمل قرطام رئيس حزب «المحافظين» عن تدشين تحالف «الطريق الحر»، وقال إن من أدبيات العمل السياسي تشكيل تحالفات انتخابية مع الأحزاب التي تنطلق من الرؤية نفسها، لافتا إلى أن «الدستور» و«المحافظين» سبق وشاركا في تأسيس التيار الليبرالي الحر الذي لم يكتمل بعد.
وعن مستقبل الحركة المدنية الديمقراطية، قال قرطام إن الحركة المدنية تمثل مظلة لكل الأحزاب التي تسعى لتأسيس دولة مدنية.
وكان وليد العماري، المتحدث الإعلامي للحركة المدنية الديمقراطية، قال إن لجنة الانتخابات في الحركة حصرت طلبات الترشح التي تلقتها من أحزاب الحركة وبلغ عددها 140 طلب ترشح.
وأضاف: تم الاتفاق على عدة معايير بينها التنسيق بين مرشحي الحركة في حال وجود أكثر من مرشح للحركة في الدائرة نفسها، وتدشين عدد من اللجان النوعية لدعم مرشحي الحركة المدنية الديمقراطية إعلاميا وسياسيا وقانونيا.
ومن المفترض أن يناقش اجتماع لجنة الانتخابات غدا، وضع معايير التنسيق حيز التنفيذ.
وقال علاء الخيام، عضو مجلس أمناء الحركة المدنية: إن الأحزاب الناصرية قدمت 16 مرشحا حتى الآن، فيما قدم حزب العيش والحرية 3 مرشحين، أما حزب المحافظين فقد قدم 39 مرشحا، والدستور 35 مرشحا، وتيار الأمل 40 مرشحا، إضافة إلى عدد من المستقلين.
وتابع: خلال المرحلة المقبلة سيتم إعلان قائمة بكل المرشحين الذين تدعمهم المعارضة المصرية وطرق التواصل معهم من أجل دعوة المواطنين للانضمام لحملاتهم الانتخابية.
وأضاف أن هناك اتفاقا على برنامج عام للمرشحين، وأن من حق كل مرشح أن يطرح أفكاره طبقا للتيار الذي ينتمي له سواء الليبرالي أو اليساري أو الناصري.
لم يتوقع الخيام فوز عدد كبير من مرشحي الحركة، لكنه أكد أن المعارضة ستخوض معركة من أجل التواصل مع المواطنين وتقديم أفكارها، وطرح حلول الممارسات الخاطئة السلطة في مصر.
وبشأن تحالف «الطريق الحر»، قال الخيام إن هناك تقاربا بين حزبي «الدستور» و«المحافظين»، وفي النهاية الحزبان أعضاء في الحركة المدنية التي تمثل مظلة المعارضة الأساسية في مصر.
وتلقى «تيار الأمل» حتى الآن أكثر من 500 طلب ترشح على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس النواب المقبلة، حسب أمين تنظيم الحزب ومسؤول ملف الانتخابات، محمود حبيب، الذي قال: إن كل الطلبات محل مناقشة ودراسة، لافتا إلى وجود معايير وضعتها اللجنة التأسيسية للحزب ولجنة الانتخابات لاختيار المرشحين، بحيث يمثلون بديلا حقيقيا مطروحا على الشعب المصري صاحب القرار الأول والأخير في اختيار نوابه.
وعن وجود خلافات داخل التحالف الانتخابي لقوى المعارضة، أكد حبيب حرص تيار الأمل على نجاح تحالف انتخابي يضم كل قوى المعارضة الحقيقية الجادة من الأحزاب والمستقلين، مشددا على أن الحزب سيبذل كل جهد ممكن من أجل نجاح هذا التحالف حتى لو أثر علينا نسبيا.
وشدد على أن الضرورة الوطنية تحتم على الجميع إدراك قيمة هذه الوحدة حتى لو كانت وقتية في إطار تحالف انتخابي، ونتمنى حرص الجميع على هذا الأمر قبل فوات الأوان.
وواصل حبيب: لسنا أوصياء على أحد، ولكن من حقنا أن نختار الخندق الذي نقف فيه ومع من نقف، ومن حقنا أيضا أن نضع معايير تلزمنا بأي تحالف (سياسي أو انتخابي) حقيقي معارض -وبالتأكيد- ليس من بينها الترشح بين صفوف أحزاب المولاة وإلا خرجنا من خندق المعارضة إلى خندق آخر.
وكان البرلمان أقر مشروع القانون الذي قدمه نواب من أحزاب الموالاة، وتضمن تعديلات على القانون رقم (174) لسنة 2020 بشأن تقسيم دوائر مجلس النواب. ولم يشهد مشروع القانون تعديلات على نظام الانتخابات التي تجري على 50 ٪ من المقاعد بنظام الفردي، و50 في المئة بنظام القوائم المغلقة.
وأعاد مشروع القانون توزيع المقاعد على جميع دوائر الانتخاب بنظام القائمة، في (4) دوائر انتخابية بواقع (40) مقعدا في دائرتين و(102) مقعد في دائرتين أخريين، بإجمالي (284) مقعدا لنظام القوائم، أما بالنسبة لمجلس الشيوخ فتمت إعادة توزيع مقاعد القوائم على أربع دوائر بواقع (13) مقعدا لدائرتين و(37) مقعدا للدائرتين الأخريين بإجمالي (100) مقعد لنظام القوائم.
وتجرى الانتخابات البرلمانية عبر 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردي، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم، ويكون عدد مقاعد البرلمان 568 مقعداً، نصفها للدوائر الفردية والنصف الآخر لـ«القوائم المغلقة»، فيما يعين رئيس الجمهورية 5 في المئة من نواب المجلس بما يعادل 28 مقعداً.
وتجاهل القانون الاقتراحات التي قدمتها المعارضة خلال جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه عبد الفتاح السيسي، التي حذرت فيها من تكرار الانتخابات بنظام القوائم المطلقة، وطالبت بتطبيق القوائم النسبية، بحيث تحصد كل قائمة عدد مقاعد يوازي نسبة الأصوات التي حصلت عليها.
*بُنى في عصر محمد على..غضب في السويس لهدم بيت بطرس كساب التاريخي
شهدت محافظة السويس حالة من الغضب بين الأهالي على إثرار قرار السلطات بهدم بيت بطرس كساب أحد أقدم المباني التاريخية بالمحافظة والذي أنشئ في عصر محمد علي.
وكان البيت مملوكًا لبطرس كساب المسؤول عن جمع الضرائب من الخط البحري بين مصر وبلاد الهند، وظل شاهدًا على تاريخ طويل ومهم للمدينة.
لكن الأهالي فوجئوا معدات ثقيلة تقوم بهدم البيت التاريخي الذي تمتلكه حاليًا إحدى الشركات الملاحية التابعة لوزارة النقل. وسط مطالبات بضرورة الحفاظ على ما تبقى من المباني التاريخية في السويس.
وقال أنور فتح الباب المؤرخ والباحث في تاريخ السويس، إن بيت بطرس كساب يعد من القصور التاريخية النادرة. حيث كان صاحبه مسؤولًا عن جمع الضرائب من الملاحة بين مصر والهند في عصر محمد علي.
وأشار إلى أن بعض الروايات التاريخية ذكرت أن نابليون بونابرت مر بالمنطقة التي يوجد بها المنزل. كما حضر إلى البيت الزعيم أحمد عرابي عقب عودته من المنفى.
وأوضح أنور فتح الباب، أن المنزل منذ تأميمه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ونقل ملكيته إلى إحدى الشركات الملاحية. عانى سنوات طويلة من الإهمال حتى انتهى به المطاف إلى الهدم، رغم صموده لسنوات طويلة. أمام العدوان الثلاثي والحروب المختلفة.
ولفت إلى أن المنزل كان يتميز بطراز معماري أوروبي وزخارف ولوحات رخامية تذكارية تحمل اسم صاحبه.
وأضاف الباحث، أن من الضروري الحفاظ على باقي المباني التاريخية في السويس مثل قصر محمد علي وبيت المساجيري. مؤكدًا ضرورة ضم هذه المنشآت إلى وزارة الآثار للحفاظ عليها من الاندثار.
*بسبب الغلاء التين الشوكي من «فاكهة الغلابة» إلى “رفاهية سياحية”
شهدت الأسواق خلال الأسابيع الأخيرة جدلًا واسعًا حول أسعار التين الشوكي، تلك الفاكهة الشعبية التي لطالما ارتبطت بصورة البائع المتجول وعربات الخشب في الشوارع، والتي عُرفت بأنها “فاكهة الغلابة”.
إلا أن الارتفاع الملحوظ في أسعارها هذا العام، ليصل سعر الثمرة الواحدة إلى 10 جنيهات في بعض المناطق، جعلها تدخل دائرة النقاش العام وسط أزمة معيشية خانقة يعيشها المواطن البسيط.
وقال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، في تصريحات صحفية، إن السعر العادل لثمرة التين الشوكي يجب ألا يتجاوز 5 جنيهات، موضحًا أن السعر المتداول في بعض المناطق لا يعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج، بل يرتبط بعوامل العرض والطلب واستغلال بعض البائعين في المناطق السياحية والشواطئ لحجم الإقبال المتزايد.
تفاوت الأسعار بين الأسواق الشعبية والمناطق السياحية
وأوضح أبو صدام أن سعر الثمرة يتراوح في الأسواق الشعبية بين 3 و5 جنيهات، بينما يقفز إلى 8 – 10 جنيهات في أماكن الترفيه والمصايف، نتيجة استغلال الظروف وزيادة الإقبال.
وأضاف أن السعر في المزارع لا يتعدى جنيهين فقط، إلا أن تكاليف النقل والتوزيع والموسمية تلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع السعر عند المستهلك.
تأثير الحرارة على الإنتاج والطلب
وأشار نقيب الفلاحين إلى أن موجات الحر الشديدة هذا العام ساهمت في تسريع نضج المحصول وخروجه بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة، ما أدى إلى وفرة مؤقتة في الأسواق، قبل أن تتراجع الكميات تدريجيًا مع انتهاء الموسم على الأشجار.
كما لفت إلى أن الطقس الحار زاد من إقبال المستهلكين على شراء التين الشوكي باعتباره فاكهة منعشة، وهو ما ضاعف من حجم الطلب في أوقات الذروة، وبالتالي رفع الأسعار أكثر.
محصول واعد يواجه تحديات
رغم الإقبال الشعبي الكبير، كشف أبو صدام أن مساحات زراعة التين الشوكي في مصر ما زالت محدودة، رغم أنه محصول يتحمل قلة المياه ويصلح للزراعة في الأراضي الصحراوية، مما يجعله خيارًا واعدًا في ظل أزمة ندرة المياه.
وأضاف أن السنوات الأخيرة شهدت توجهًا متزايدًا نحو تصديره واستخراج الزيوت من بذوره، وهو ما يعزز قيمته الاقتصادية، لكنه في المقابل يقلل من الكميات المطروحة في السوق المحلي.
المواطن بين الرفاهية والقدرة الشرائية
في ظل هذه المعطيات، بات التين الشوكي – الذي كان يومًا فاكهة رخيصة في متناول الجميع – خارج حسابات الكثير من الأسر محدودة الدخل، إذ أصبح مشهد البائع الذي يبيع الثمرة بجنيه واحد من الذكريات، وحلّ مكانه مشهد الطوابير أمام بائعين يرفعون السعر بشكل لافت.
ويأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه الضغوط المعيشية مع ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات، ما جعل المواطن البسيط يرى أن حتى الفاكهة الشعبية لم تعد في متناول يده، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين دخل الأسر وقدرتها الشرائية من جهة، ومستويات الأسعار من جهة أخرى.