إعادة محاكمة مبارك ونجليه والعادلي ومساعديه

تأجيل محاكمة مبارك وقرار صادم بعدم جواز نظر الادعاء المدني ينبيء عن إفلات مبارك ونجليه وأعوانه من العقاب

إعادة محاكمة مبارك ونجليه والعادلي ومساعديه
إعادة محاكمة مبارك ونجليه والعادلي ومساعديه

تأجيل محاكمة مبارك وقرار صادم بعدم جواز نظر الادعاء المدني ينبيء عن إفلات مبارك ونجليه وأعوانه من العقاب

 

شبكة المرصد الإخبارية

 

أجلت محكمة جنايات القاهرة بعد انعقاد استمر دقائق يوم السبت جلسة إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين خلال انتفاضة عام 2011 إلى يوم الاثنين وسط استياء المحامين المدافعين عن المصابين وأسر القتلى لصدور حكم من المحكمة بإبعادهم عن الجلسات.

وقال رئيس المحكمة المستشار محمود كامل الرشيدي بشأن إبعاد عشرات المحامين المدافعين عن مصابي الانتفاضة وأسر قتلاها “حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمام هذه المحكمة.”

وكان القاضي رحب قبل صدور الحكم بطلب من أحد المحامين المدافعين عن المدعين بالحق المدني يبدون فيه الاستعداد لتنظيم أفضل لمرافعاتهم خلال الجلسات. ولم يتسن الحصول على تعليق على الفور من رئيس المحكمة لبيان سبب تغيير موقف المحكمة منهم.

وكان الرشيدي قال في الجلسة الأولى التي عقدت يوم 11 مايو أيار إنه سيفض أحراز القضية بما فيها تقرير بأدلة جديدة في جلسة يوم السبت لكنه فاجأ الخصوم في القضية ومتابعيها بالحكم بإبعاد المحامين المدافعين عن المدعين بالحق المدني وتأجيل نظر الدعوى دون إشارة إلى سبب عدم فض الأحراز.

لكن كان باديا أنه يجد صعوبة في إدارة الجلسة لوجود عدد كبير من المحامين المدافعين عن المصابين وأسر الشهداء وعدد كبير من مصوري الصحف ووكالات الأنباء الذين هدد بإبعادهم عن الجلسات التالية.

وجاء تهديد الرشيدي للمصورين بعد أن أمرهم بالابتعاد عن قفص الاتهام الذي مثل فيه مبارك والمتهمون الآخرون في قضية قتل المتظاهرين وقضية استغلال نفوذ وهم علاء وجمال ابنا مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار معاوني العادلي وقت الانتفاضة ورجل أعمال يحاكم غيابيا.

وأطيح بمبارك يوم 11 فبراير عام 2011 بعد 18 يوما من الاحتجاجات التي شارك فيها ملايين المصريين.

وتعاد محاكمة مبارك والعادلي وكبار ضباط الشرطة السابقين بتهم تتصل بقتل المتظاهرين.

وتعاد محاكمة مبارك وابنيه ورجل الأعمال حسين سالم الذي كان مقربا من الرئيس السابق بتهم تتصل باستغلال النفوذ. وكان سالم غادر البلاد بعد اندلاع الانتفاضة التي قتل خلالها نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف بحسب تقرير لجنة حكومية لتقصي الحقائق.

وأشار محامو المصابين وأسر القتلى لدى النطق بحكم إبعادهم من الجلسات التالية بأيديهم رافضين الحكم وهتفوا “باطل باطل” و”القصاص القصاص” و”الشعب يريد تطهير القضاء”.

ورد عليهم أنصار لمبارك في القاعة بهتاف مناويء لكل من الرئيس محمد مرسي ومحمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المصري.

وفي وقت لاحق قال المنسق العام للجنة الحريات بنقابة المحامين المحامي طارق إبراهيم في مؤتمر صحفي إن عددا من زملائه أعضاء اللجنة الذين يدافعون عن مصابي الانتفاضة وأسر قتلاها قدموا قبل بدء الجلسة يوم السبت طلبا إلى سكرتير رئيس المحكمة برد المحكمة عن نظر القضية.

وأضاف أن تقديم طلب رد المحكمة كان من الناحية القانونية مانعا لها من إصدار أي حكم في القضية أو اتخاذ أي إجراء فيها قبل البت في طلب الرد.

وقال المحامي ناصر العسقلاني “هذا (الحكم) مقدمة طبيعية لأن يقضى في هذه القضية لصالح (الرئيس) المخلوع ووزير داخليته ومساعديه.”

وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين والعضو في هيئة المحامين المدافعين عن المدعين بالحق المدني “الحكم صادم ويعطي إشارات تنبيء عن إفلات مبارك ونجليه وأعوانه من العقاب”.

وأضاف أنه يدعو هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني لاجتماع غدا “لدراسة تداعيات الحكم.”

وقال المحامي ياسر سيد أحمد وهو أحد المحامين المدافعين عن المصابين وأسر القتلى “أنا شخصيا حاحضر الجلسة الجاية. محدش حيقدر يمنعني.”

وقال محامون آخرون إنهم سيحضرون بصفاتهم وكلاء عن المصابين وأسر القتلى. وقالوا في تحد لهيئة المحكمة إنهم سيحضرون من واقع علنية الجلسات التي يبطل الحكم بدونها ودعوا المصابين وأسر الشهداء لحضور الجلسة التالية بعدد كبير.

وقال المحامون أعضاء لجنة الحريات إنهم يصرون على طلب رد المحكمة وإنهم يمكن أن يقيموا دعوى مخاصمة ضدها أو اللجوء إلى المحكمة الأعلى في إشارة إلى محكمة استئناف القاهرة ومحكمة النقض أو اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية كاختيار أخير على قول أحدهم.

وتبين القضية الصعوبة التي تواجه العدالة الانتقالية بمصر بعد الإطاحة بمبارك الذي حكم أكبر الدول العربية سكانا 30 عاما.

وكان القاضي قال في الجلسة السابقة إنه تلقى حرزا من محكمة استئناف القاهرة بأدلة جديدة في القضية تتمثل في تقرير لجنة لتقصي الحقائق شكلها مرسي استجابة لغضب مصريين كثيرين من براءة الأغلبية الساحقة من المتهمن بقتل المتظاهرين في القاهرة ومحافظات أخرى.

وقال المحامي عصام البطاوي الذي يدافع عن وزير الداخلية الأسبق إنه تقدم إلى المحكمة “بالعديد من أحكام محكمة النقض التي قضت بعدم جواز حضور المحامين عن المدعين بالحق المدني جلسات إعادة المحاكمة سواء القدامى أو الجدد منهم.”

وأضاف “واضح أن المحكمة استجابت لطلبي.”

لكن المحامين مقدمي طلب رد المحكمة قالوا إن تقديم أدلة جديدة في القضية أو مدعين جدد بالحق المدني (التعويض عن القتل والإصابة) يجعل الدعويين الجنائية والمدنية تسيران معا للنهاية.

ويجوز قانونا فصل الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية إذا كان من شأن الأولى تعطيل الفصل في الثانية لكن المحامين مقدمي طلب الرد قالوا إن التعطيل لم يحدث وإن المحكمة لم تقل إن تعطيلا للفصل في الدعوى الجنائية قد حدث.

ومنذ الإطاحة بمبارك تمر مصر باضطراب سياسي وقضائي وتشريعي وتدهور اقتصادي وانفلات أمني.

وخلال الجلسة الأولى من أعادة المحاكمة التي غلبت عليها اعتراضات محامين شكا موكلون عن مصابين وأسر قتلى من صعوبة دخول قاعة المحكمة. وقال المحامي محمد الدماطي إن المحامين الذين يمثلون مصابي الانتفاضة وأسر القتلى تعرضوا لما سماه “هذه الإهانة المذلة” من جانب رجال شرطة مكلفين بتأمين المحكمة بينما سمح للمحامين الموكلين عن المتهمين بدخول أكاديمية الأمن التي تعقد بها المحاكمة بسياراتهم على حد قوله.

وقال الدماطي إنه يطلب تنحي المحكمة عن نظر القضية إذا كانت معاملة المحامين المدافعين عن الضحايا تمثل توجهها. لكن رئيس المحكمة قال إنه لا يفرق بين المحامين وإن أي شكوى ترد إليه في شأن صعوبة الدخول سيحيلها إلى وزير الداخلية لاتخاذ الإجراء اللازم ومحاسبة المسؤول.

وكانت دائرة بمحكمة جنايات القاهرة حكمت في يونيو حزيران العام الماضي على مبارك والعادلي بالسجن مدى الحياة لإدانتهما بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين وبرأت ساحة الضباط الستة. كما أسقطت تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم لتقادمها.

وطعن مبارك والعادلي أمام محكمة النقض على الحكم بسجنهما وطعنت النيابة العامة على الحكم ببراءة الضباط الستة وإسقاط تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم. وقررت محكمة النقض في يناير كانون الثاني قبول الطعون وإعادة المحاكمة.

وأظهرت لقطات تلفزيونية مبارك (85 عاما) يوم السبت جالسا على كرسي متحرك. وكان ظهر أغلب الوقت منذ بدء محاكمته الأولى في الثالث من أغسطس آب 2011 ممددا على سرير طبي متحرك. لكن صوته بدا خافتا اليوم وهو يرد بكلمة “موجود” على رئيس المحكمة الذي أثبت حضور المتهمين في بداية الجلسة وإن كانت صحته العامة بدت طيبة.

ومبارك هو أول زعيم عربي من بين من أطاحت بهم انتفاضات الربيع العربي يحاكمه شعبه.

ولن تنطوي إعادة المحاكمة على إمكانية تغليظ العقوبة على مبارك والعادلي بحسب محامين يشيرون إلى أن النيابة العامة اكتفت بعقوبة السجن المؤبد التي أنزلت بهما ولم تطعن على الحكم بها.

وكانت النيابة العامة طلبت في المحاكمة الأولى إنزال أقصى العقوبة بالرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق وأربعة من ضباط الشرطة المتهمين وهي الإعدام.

وطلب ابنا مبارك من المحكمة يوم السبت الإفراج عنهما وطلبت النيابة العامة إعادة حبس أربعة من كبار ضباط الشرطة الستة على ذمة المحاكمة لكن المحكمة لم تتخذ قرارا في أي من الطلبين قبل رفع الجلسة.

وكان مبارك نال حكما من محكمة أخرى بالإفراج عنه بعد أن استنفد مدة الحبس الاحتياطي على ذمة القضية لكنه محبوس احتياطيا على ذمة قضايا فساد أخرى.

وأذيعت الجلسة مباشرة على التلفزيون الرسمي.

وكانت جلسة لبدء إعادة المحاكمة تعثرت في شهر ابريل نيسان حين أعلن رئيس المحكمة المستشار حسن عبد الله تنحيه عن نظر القضية قائلا إنه يستشعر الحرج.

وكانت انتقادات وجهت له من سياسيين وووسائل إعلام لإصداره حكما بالبراءة في قضية قتل متظاهرين اتهم فيها عدد من كبار مساعدي مبارك. وأيدت محكمة النقض حكم البراءة الشهر الماضي.

وينزل مبارك في مستشفى سجن طرة في جنوب العاصمة وتنقله طائرة هليكوبتر إلى المحكمة في شرق العاصمة وتعيده إلى السجن.

وكانت الدائرة التي نظرت القضية بمحكمة جنايات القاهرة في المرة الأولى قالت إن المخابرات العامة ووزارة الداخلية لم تتعاونا معها في مجال جمع أدلة الاتهام.

وتجمع أقارب للضحايا ومؤيدون لهم بعدد محدود خارج أكاديمية الأمن التي كانت تحمل اسم مبارك قبل الانتفاضة وحمل أحدهم مشنقة كما تجمع عشرات من أنصار مبارك حاملين صورا له ومرددين هتافات منها “ارفع راسك احنا واثقين في إخلاصك”.

وقالت والدة القتيل معاذ السيد محمد خارج أكاديمية الأمن اليوم “مش متفائلة خير… المحامين قالوا لنا فيه أدلة جديد ظهرت لعل الأدلة دي تغير مسار القضية.”

وقالت المرأة المنتقبة إنها تحمل مبارك ورجاله المسؤولية عن قتل ابنها بأربع رصاصات من مسافة قريبة بميدان التحرير يوم 28 يناير 2011 الذي عرف بجمعة الغضب. وقالت “العصابة بتاعته (هي) اللي نفذت (القتل).”

وقال مؤيد للمصابين وأسر القتلى رفع سلسلة في يديه رمزا لاستمرار القيود في العهد الجديد حسب رأيه “كنا نتمنى ان الثورة تنجح.”

وبحسب مراقبين تبدو التحديات التي تواجه مصر خاصة التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني أكثر إثارة لاهتمام أغلب المصريين من قضية مبارك.

عن Admin

اترك تعليقاً