أوجه الدعم الإماراتي لخليفة حفتر

أوجه الدعم الإماراتي لخليفة حفتر

د.هشام كمال
د.هشام كمال

دكتور / هشام كمال كاتب وباحث مصري

 

(1) حفتر من حقبة القذافي إلى حقبة الاستخبارات المركزية الأمريكية

كان حفتر من ضمن الضباط الذين اشتركوا مع القذافي في الانقلاب على الملكية السنوسية، وظل حفتر ضابطاً في الجيش الليبي، حتى أرسله القذافي قائدا على الوحدة المقاتلة في تشاد سنة 1987، وقد حقق حفتر نصراً جزئياً سريعاً هناك، ولكنه ما لبث أن تحول إلى هزيمة قاسية في 22 مارس 1987، حيث قتل ما يربو على 1000 مقاتل ليبي، وأسر حوالي 438 فردا، كان على رأسهم خليفة حفتر، الذي أنكر القذافي علاقته به وبتلك الحملة، مما سبب ضغينة كبرى في نفوس من كانوا فيها من الضباط، لاسيما خليفة حفتر، والذي تدخلت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لفك أسره عن طريق المفاوضات مع السلطات التشادية.

بعدما تحرر حفتر بمساعي الاستخبارات الأمريكية، ظل في تشاد حتى 1990 وكان يدرب قواته تحت إشراف الاستخبارات الأمريكية استعدادا للقيام بانقلاب عسكري على القذافي. ولكن مع التغيرات السياسية في تشاد عام 1990 اضطرت الاستخبارات الأمريكية لنقله ومجموعته إلى زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا)، ثم سافر بعد فترة وجيزة إلى فرجينيا بالولايات المتحدة، حيث قضى هناك قرابة العقدين مستمرا في التواصل مع ضباط ومسؤولي الاستخبارات المركزية، حسبما صرح بنفسه لنيويورك تايمز وواشنطن بوست بعد عودته إلى ليبيا في 2011.

حفتر على خطى السيسي الانقلابي

انخرط حفتر في العمليات العسكرية ضد القذافي تحت مظلة المجلس الانتقالي، وبعد التطورات العسكرية والسياسية التي حدثت بعد مقتل القذافي، أعلن حفتر عن انقلابه العسكري في فبراير 2014، الذي كان محاولة تليفزيونية لم تكتب لها النجاح في ظل عدم وجود قوة كافية له على الأرض آنذاك، أو وجود شعبية سياسية له وسط الليبيين.

ثم انتقل حفتر إلى الشرق، وشرع في تشكيل ما أسماه “الجيش الوطني الليبي” من بعض الميليشيات الموجودة في الشرق، إضافة إلى مرتزقة سودانيين وتشاديين، حسبما أفادت بعض التقارير الغربية والعربية، ومنها تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وتقرير لموقع Ex Africa المهتم بشؤون الاستخبارات المتصلة بالأعمال التجارية. علاوة على بعض المجموعات التي تمثل الاتجاه السلفي المدخلي المدعومة سعوديا بشكل كبير.

دولة حفتر

(2) الدعم الإماراتي لخليفة حفتر

كشف البحث الذي أجرته وزارة الخارجية البريطانية وكذلك نتائج لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بأن دولة الإمارات قد فعلت أكثر من غيرها لدعم حفتر، على أمل أن يوفر القيادة القوية المناهضة للتيارات الجهادية في ليبيا.

فقد خلص تقييم حكومة المملكة المتحدة لما حدث في ليبيا، والذي نُشر عام 2018، إلى أن: “أهم ما حظي به حفتر هو الدعم المستمر الذي تلقاه من الإمارات ومصر – الدعم العسكري والسياسي والمالي على نطاق واتساق يتجاوزان إلى حد بعيد تلك التي يتمتع بها أي لاعب آخر في النزاعات في ليبيا”.

ووفقا لتقرير الأمم المتحدة في يونيو 2017، تلقت قوات خليفة حفتر طائرات، بالإضافة إلى مركبات عسكرية من الإمارات، كما أقامت الإمارات قاعدة جوية في الخادم، مما سمح للجيش الوطني الليبي في إحراز التفوق الجوي بحلول عام 2016، وأهله للتقدم في عملية الكرامة التي كان قد أطلقها عام 2014 ضد التيارات الجهادية في المنطقة الشرقية بليبيا.

(2-1) حقائق عن أشكال الدعم الإماراتي لقوات خليفة حفتر:

برزت الإمارات كداعم سياسي وعسكري لحفتر في ليبيا منذ أوائل عام 2015، على الرغم من ترحيبها باتفاقية السلام التي توصلت إليها الأطراف الليبية والتي أدت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.

(2-1-1) الدعم العسكري الإماراتي لحفتر:

أشار تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية في 9 أبريل 2019 إلى لقطات من هجوم حفتر على طرابلس، حيث تظهر تلك اللقطات قيام قواته باستخدام عشرات من ناقلات الجنود المدرعة التي تزوده بها الإمارات. كما يشير التقرير إلى أنه قد تم تجديد قاعدة الخادم الجوية القريبة من مدينة المرج – والتي يتخذها حفتر قاعدة للقيام بعملياته – إلى حد كبير باستخدام أموال من الإمارات، والتي كانت تقدم أيضا الدعم الجوي لقوات حفتر.

ولم يكن ذلك هو التقرير الوحيد الذي أشار إلى قاعدة الخادم الجوية، بل إن خبراء الأمم المتحدة قد لاحظوا تطوراً ملحوظاً في القاعدة في الفترة من مارس 2017 حتى نوفمبر من نفس العام – حسب صور الأقمار الاصطناعية – والتي تم إرفاقها في التقرير.

وقد أكد التقرير أن حجم ساحة الطائرات الجنوبية قد تضاعف، مع رصف الأرض الجانبية للمطار، والتي تقع بين حظيرتين للصيانة، في حوالي ثمانية شهور. كما لوحظ زيادة نقاط التفتيش والمباني التي يعتقد أنها تابعة لتلك النقاط على مدخل المطار، علاوة على ازدياد أعداد المركبات الثابتة التي يعتقد بأنها خاصة بتأمين مدخل المطار. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القاعدة تعتبر منطلقاً للطائرات المسيرة الإماراتية، إضافة إلى طائرات هجومية خفيفة من طراز AT802 (هذا الطراز مصمم في الأساس للاستخدام في مجال الإطفاء أو المجال الزراعي، ولكن أُدخلت عليه تعديلات في الولايات المتحدة ليناسب عمل القوات العسكرية في مجال “مكافحة التمرد”، وتم بيعها إلى الإمارات.) حسبما أشار تقرير لوكالة رويترز.

كما أكد تقرير لوكالة رويترز في يونيو 2017 المعلومات الواردة في تقرير الأمم المتحدة، علاوة على تأكيد لجنة الأمم المتحدة بتلقيها معلومات تفيد بتسليم طائرات هليكوبتر هجومية إلى ما يسمى “الجيش الوطني الليبي” في أبريل 2015. وتم تتبع طائرة هليكوبتر من طراز Mi-24p، حيث تمت إعادتها مرة أخرى إلى بيلاروسيا، والتي أكدت أنها قامت بتوريد أربع طائرات منها إلى الإمارات في عام 2014.

كذلك أكد تقرير الأمم المتحدة على تسليم 93 مركبة ناقلة جنود عسكرية، و549 من المركبات المدرعة وغير المدرعة لما يسمى “الجيش الوطني الليبي” في مدينة طبرق في أبريل 2016. وربما تكون ناقلات الجنود من طراز بانثير T6 وتيجرا، وهذان الطرازان يتم تصنيعهما في شركات تتخذ من الإمارات مقرا لها، وقد تم تسليم المركبات بالسفن من المملكة العربية السعودية. حسبما أشار التقرير.

كما تم تسليم أعداد كبيرة من سيارات دفع رباعي من طراز تويوتا بيك آب ومدرعات رباعية الدفع إلى طبرق في يناير 2017، على متن سفينة مرت عبر ميناء بورسعيد المصري.

وقد أفاد تقرير لصحيفة “تايم” الأمريكية في مارس 2017 برصد 6 طائرات من طراز Archangel (وهي طائرات لها إمكانية الطيران بسرعات بطيئة على ارتفاعات منخفضة، ما يجعلها مثالية في عمليات دوريات المراقبة على الحدود وقتال “المتمردين” على مسافات قريبة) أمريكية الصنع في إحدى القواعد الجوية التي يسيطر عليها حفتر في شرق ليبيا، وهذه الطائرات تم تصنيعها في شركة Iomax USA التي تتخذ من كارولينا الشمالية مقرا لها، وقد باعت منها 48 طائرة للإمارات. تجدر الإشارة إلى أن هذا الطراز من الطائرات يمكن تزويده بأجهزة مراقبة وأسلحة متطورة.

وبطبيعة الحال قامت الإمارات بتوريد أسلحة ثقيلة إلى قوات خليفة حفتر، وقد كان يشتبه في استخدام الإمارات للراجمة الموجهة بالليزر من طراز GP1 (وهو أحد طرازات مدفعية هاوتزر الصينية عيار 155 مم) حتى تم اكتشاف بقايا إحداها بعد تدميرها من قبل جماعات مسلحة في شرق ليبيا كانت تقاتلها قوات الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر. حسبما أشار موقع Jain’s البريطاني المتخصص في مجال الدفاع.

وقد أشارت أيضا رسائل بريد إلكتروني مسربة من الإمارات ومؤرخة بتاريخ 30 سبتمبر 2015 إلى الملاحظات الدبلوماسية الرسمية التي قدمها إيثان غولدريتش، نائب رئيس السفارة الأمريكية في أبو ظبي. تفيد الرسالة الإلكترونية بأن شكوكاً انتابت المسؤولين الأمريكيين منذ فبراير على الأقل إزاء انتهاك الإماراتيين للاتفاقيات الدولية لمراقبة الصواريخ بإرسالهم طائرات استطلاع مسيرة مصرية من طراز United 40، صنعتها شركة Adcom، التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها.

تدخلت الإمارات العربية المتحدة فيما يخص حقل الشرارة النفطي الذي سيطرت عليه قوات حفتر في بداية عام 2019، مما تسبب في وقف تدفق 315 ألف برميل نفط يوميا، وهو حجم الإنتاج اليومي للحقل، بما يعادل حوالي 1.8 مليار دولار أمريكي. حيث تفاوضت الإمارات من أجل إعادة فتح الحقل عقب اجتماع بين رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية الوطنية للبترول مصطفى سانالا وخليفة حفتر.

وتعتبر إعادة فتح الحقل بمثابة نصر كبير لحفتر، وللإمارات التي تقف وراءه بقوة. حيث استولى حفتر على البنية النفطية الأساسية للبلاد في الشرق والجنوب، مما أمده بقوة كبيرة قبل زحفه الأخير باتجاه طرابلس.

تسليح الحراسة اللصيقة لحفتر بأسلحة إماراتية، وهو ما ظهر بجلاء خلال زيارة حفتر لتونس في سبتمبر 2017، حيث سافر مبدئيا على متن طائرة من طراز فالكون 900، وهي طائرة مملوكة لشركة “سونينج إنترناشيونال جروب Sonning International Group، والتي تتخذ من الإمارات مقرا لها، ويدير عملياتها شركة “جولدن إيجل”، التي يقع مقرها في دبي، ولكنها مسجلة في جزر الكاريبي الهولندية. واصطحب حفتر معه عددا من أفراد الحراسة اللصيقة المدججين بعدد كبير من الأسلحة، بما في ذلك 30 بندقية آلية، وقاذفتا قنابل دقيقة، وأكثر من 30 مسدساً عيار 9 مم، وجهاز مضاد للانفجار مصنوع يدويا تم تثبيته فوق السيارة التي تقل حفتر، حسب إفادة فريق من المتخصصين قام بتحليل الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها مكتب المعلومات في عملية الكرامة بخصوص تلك الزيارة.

(2-1-2) الدعم بالمرتزقة

دعمت الإمارات خليفة حفتر بتمويل وإرسال أعداد كبيرة من المرتزقة، وبخاصة المرتزقة الأفارقة، للقتال في صفوف ميليشياته المسماة “الجيش الوطني الليبي”، وقد وثقت تقارير كثيرة ما قامت به الإمارات في هذا الصدد.

مرتزقة تشاديون

ادّعت جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد أن عدد مقاتليها في ليبيا بلغ في ديسمبر 2016، 700 مقاتل، على الرغم من أن تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني بليبيا، والصادر في 2017، يلفت إلى احتمالية زيادة هذا الرقم ليصل إلى ما بين 1000 و1500 مقاتل، وهي الأعداد التي مولتها الإمارات بشكل كبير.

مرتزقة أفارقة من جنسيات متعددة

كان مصدر مصري وثيق الصلة بدوائر صناعة القرار قد صرح لصحيفة العربي الجديد في 8 يوليو 2019 بأن الأيام السابقة لتصريحه شهدت اتفاقات واسعة مع مليشيات ومسلحين أفارقة، من دول محيطة بالسودان، للمشاركة في عملية اقتحام طرابلس مقابل أموال. وقال المصدر: إن الاتفاقات جرت مع عناصر مسلحة من تشاد، بتمويل من الإمارات والسعودية.

مرتزقة سودانيون بالتنسيق مع حميدتي، وبمساعدة إسرائيلية

أكدت الجزيرة نت في ٢٤ يوليو 2019 من خلال مصادرها الخاصة، ووثائق حصلت عليها، تجنيد ونقل الإمارات مرتزقة سودانيين عبر مطارات السودان بمساعدة حميدتي، حيث حصلت الجزيرة نت على معلومات خاصة تكشف طبيعة تجنيد حميدتي لمئات المرتزقة لصالح الإمارات من القبائل العربية في دارفور.

وقد استُخدمت في النقل طائرات عسكرية إماراتية من طراز C17 وC130، حيث طلبت الإمارات سماح السلطات السودانية بنقل العناصر المقاتلة من دارفور إلى عصب بإريتريا على مدار شهر يونيو 2019.

كذلك طلبت الإمارات تصريح نقل من الخرطوم إلى الخروبة بليبيا خلال يومي 25 و26 مايو 2019، حيث يكون مسار الرحلة بحسب الوثيقة: مطار أبو ظبي – الخرطوم بالسودان – الخروبة بليبياالقاهرة بمصر مع مبيت ليلة هناك – مطار أبو ظبي.

كما تم الكشف عن نقل مرتزقة أفارقة، بما في ذلك مرتزقة من حركة تحرير السودان، ومن حركة العدل والمساواة، إلى معسكرات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، لاسيما معسكرات بقاعدة الجفرة جنوبي ليبيا، بواسطة القيادي في الحركة جابر إسحاق، وتحت إشراف مباشر من الضباط الإماراتيين، وبتمويل من الإمارات والسعودية، وقد وصف تقرير الأمم المتحدة المعني بليبيا أن تلك المجموعات تشكل “تهديدا متناميا“.

الجدير بالذكر أن تقرير فريق الخبراء سالف الذكر، يعتبر أن جيش تحرير السودان قد أدى دورا أساسيا في مساعي ما يسمى “الجيش الوطني الليبي” التابع لخليفة حفتر من أجل السيطرة على “الهلال النفطيالاستراتيجي في ليبيا، الذي يضم البلدات المرفئية الثلاث، رأس لانوف، وسدرة، والبريقة.

كما أُبرمت صفقة بقيمة 6 ملايين دولار بين الشركة الكندية “ديكنز آند مادسون Dickens & Madson”، التابعة لضابط الاستخبارات الإسرائيلية السابق آري بن ميناشي – اليهودي العراقي الأصل، والمولود بطهران عام 1951 – من جهة، وحميدتي – نيابة عن المجلس العسكري الانتقالي – من جهة ثانية، لتسويق المجلس العسكري الانتقالي، وتحسين صورته، وحصوله على اعتراف دبلوماسي دولي وتمويل مالي، مع نقل مرتزقة سودانيين إلى ليبيا كجزء من الصفقة.

(3-1-2) الدعم السياسي الإماراتي لحفتر:

في أبريل 2017، دعت الإمارات إلى رفع الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى ليبيا، لتسهيل مهمات ما وصفته بـ “حرب الجيش الوطني الليبي ضد الإرهاب”، مؤكدة على أن “الوقوف إلى جانب حفتر هو الخيار الصحيح الذي يتماشى مع هدف المجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب “. وقد جاء ذلك خلال اجتماع جرى بين شخصية أمريكية رفيعة المستوى مع خليفة حفتر، في أبو ظبي، بوساطة الإمارات، خلال زيارة حفتر آنذاك إلى الإمارات.

تحدي الإمارات المستمر للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا منذ 2011، والذي تم تشديده منذ 2014، حيث كانت تقوم الإمارات بشحن الأسلحة إلى حليفها في ليبيا، وهو ما كان يتناقض مع تصريحات المسؤولين الإماراتيين في تأييد الحراك السلمي والمصالحة الوطنية في ليبيا.

وقد فضحت صحيفتا نيويورك تايمز الأمريكية، والجارديان البريطانية، في نوفمبر 2015، أمر رسائل بريد إلكتروني بين مسؤولين إماراتيين اعترفوا خلالها صراحة بأن حكومتهم كانت تشحن الأسلحة إلى حلفائها الليبيين، وهي السياسة التي قالوا عنها بأنها تخضع للإشراف على مستوى رئيس الدولة، وأنهم يخططون لإخفاء أمر تلك الشحنات عن فريق الرصد التابع للأمم المتحدة.

ومن ضمن هذه المراسلات، رسالة من الدبلوماسي الإماراتي الكبير أحمد القاسمي إلى لانا نسيبة مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، والتي قال فيها: “حقيقة الأمر هي أن الإمارات قد انتهكت قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن ليبيا، وهي تستمر في فعل ذلك”. وقال أيضا: “إن الإجابة على التساؤلات والامتثال للإجراءات المطلوبة من قبل الأمم المتحدة: “سوف “تكشف عن عمق مشاركتنا في ليبيا”، مضيفاً بأنه “يجب أن نحاول توفير غطاء لتقليل الضرر”.

استمرار الإمارات في تحدي الحظر الأممي وتوريد الأسلحة إلى ليبيا في هجوم حفتر على طرابلس في أبريل 2019، فقد صرحت السيدة ستيفاني ويليامز، وهي دبلوماسية أمريكية سابقة وتشغل منصب نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، لصحيفة الإندبندنت البريطانية من طرابلس يوم الإثنين 15 أبريل 2019 بأن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تحقق في مزاعم تفيد شحن الإمارات حمولات من الأسلحة لدعم قوات حفتر في شرق ليبيا في 12 أبريل، بالإضافة إلى مزاعم أخرى عن إرسال أسلحة إلى القوات الليبية الغربية التي يقاتلون للدفاع عن العاصمة ضد هجومه الذي بدأ يوم 4 أبريل.

إمالة الإمارات لمبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون لطرفها، للعمل على خدمة وتعزيز موقف حفتر في ليبيا، وهو ما عد فضيحة كبرى وقتئذ، وما زال صداها يتردد حتى الآن، حيث إن شراء ذمة مسؤول أممي كبير بهذا الحجم لم يكن بالأمر الهين من جهة، ومن جهة أخرى فإن الأمر يتعلق بنزاع في بلد نفطية كبرى مثل ليبيا، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات عالمية كبرى.

لقد تسربت رسائل بريد إلكتروني بين ليون ومسؤولين إماراتيين خلال فترة عمل الأول كمبعوث أممي للسلام في ليبيا خلال عامي 2014 و2015، وظهر فيها الميل الواضح من ليون إلى الإمارات وحليفها حفتر في ليبيا، محاولا – ليون – نزع الشرعية عن حكومة الوفاق الوطني على حد تعبيره في المراسلات، حيث كان قد قبل عرضا من الإمارات بالعمل مديرا لأكاديمية الإمارات الدبلوماسية التي يترأس مجلس أمنائها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، والتي تعمل على تعزيز السياسة الخارجية والعلاقات الاستراتيجية لدولة الإمارات وتدريب دبلوماسييها، وذلك مقابل راتب شهري يتعدى 50 ألف دولار أمريكي وبدل سكن يتجاوز 96 ألف دولار أمريكي سنويا. وكان قبول العرض أثناء عمله كمبعوث في ليبيا، مما أثار لغطاً كبيراً واستنكاراً رسمياً من طرف حكومة الوفاق وقتئذ، حيث إن وظيفة ليون في ذلك الوقت في الإمارات تدعو إلى التشكيك في حياده بصفته “كبير صانعي السلام في الأمم المتحدة”.

لقد أرسل ليون رسالة عبر البريد الإلكتروني الشخصي في 31 ديسمبر 2014 (بعد استلامه مهمته كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا بخمسة شهور فقط) إلى وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد يخبره فيها أنه “بسبب السير البطيئ لمحادثات السلام في ليبيا، فإن أوروبا والولايات المتحدة كانتا تطالبان بخطة بديلة، وهي مؤتمر سلام تقليدي، وهذا من وجهة نظري خيار أسوأ من الحوار السياسي، لأنه سيعامل الطرفين كنظيرين متكافئين”. ويواصل ليون القول بأن خطته تعتمد على “كسر التحالف الخطير للغاية” بين تجار مصراتة الأثرياء والإسلاميين الذين يعملون على دعم حكومة الوفاق الوطني. وقال: إنه يريد إعادة تعزيز مجلس النواب بطبرق (الموالي لخليفة حفتر، والمدعوم من قبل الإمارات، ومصر).

وقال بوضوح وصراحة بأنه “لا يعمل على خطة سياسية تشمل الجميع” وأنه يعمل على استراتيجية “لنزع الشرعية بشكل كامل” عن حكومة الوفاق الوطني. واعترف بقوله: “كل خطواتي واقتراحاتي تمت بمشورة مع – وفي حالات كثيرة بتصميم من – مجلس النواب وعارف نايض ومحمود جبريل (رئيس الوزراء الليبي السابق الذي كان يتخذ من الإمارات مقرا له).

وقال أيضا: “لقد نصحت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للعمل معك أنت”.

لقد تورطت شركات تتخذ من الإمارات مقراً لها في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بما في ذلك شركة Adcom، التي سبق الحديث عنها بتوريد طائرات بدون طيار لليبيا، وشركة Morrison Commodities، والتي قد تورطت مع شركة سعودية تدعى “الشركة السعودية الدولية للخدمات العسكرية المحدودة”، والتي شارك في تأسيسها وكان يرأس مجلس إدارتها الأمير منصور بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود الذي كان مستشاراً بدرجة وزير للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ويشغل حالياً منصب سفير المملكة العربية السعودية لدى سويسرا منذ 10 فبراير 2019، في خرق الحظر. وقد حثت الولايات المتحدة دولة الإمارات على اتخاذ تدابير فورية لوقف عمليات نقل أسلحة من هذا القبيل، حسبما تم تسريبه من رسائل بريد إلكتروني رسمية بين السفارة الأمريكية ومسؤولين إماراتيين في 2015.

حفتر مع المرتزقة الأفارقة
حفتر مع المرتزقة الأفارقة

(4-1-2) دعم أيديولوجي لمعسكر خليفة حفتر:

دعمت الإمارات عدداً من الرموز الليبية ذات التوجه المعادي للإسلاميين، والذين تحالفوا مع خليفة حفتر، من أمثال عارف نايض، الذي شغل منصب سفير ليبيا لدى الإمارات، وهو صاحب توجه صوفي معادي بشدة للإسلاميين في ليبيا، وهو يصف الإخوان المسلمين بالفاشيين.

وأيضا رجل الأعمال واسع الثراء والنفوذ حسن طاطاناكي، الذي يمتلك قناة “ليبيا الآن” ذات النفس المعادي بشدة للإسلاميين، والذي يرى ضرورة فصل الدين عن السياسة، وقال قبل ذلك بأنه يرغب في رؤية الإسلاميين كخارجين عن القانون مثلما حدث في مصر.

لطاطانكاي مكتب في الإمارات، وتدعمه الإمارات بشدة، وهو يصف نفسه بأنه شريك لحفتر، وتجدر الإشارة إلى أنه كان يعمل مع سيف الإسلام القذافي قبل 2011. وقد صرح في 2014 لجريدة فاينانشيال تايمز بقوله: “هذه حرب ضد المتطرفين الذين يحاولون السيطرة على ليبيا واستخدامها كنقطة انطلاق لتوسعهم في أماكن أخرى”.

طاطاناكي مؤمن بشدة بأهمية الحرب الإعلامية، وهو يستغلها – بدعم كبير من قبل الإمارات – بشكل هائل يصفه كأنه مماثل للجانب العسكري، وبأنه يمكن من خلاله تغيير دفة تفكير وآراء الأشخاص بشكل كبير وسريع. ويؤكد على أن الدعاية على مدار عقود من حقبة القذافي قد جعلت الليبيين يرون الإخوان المسلمين وأي جماعة إسلامية على أنها ليست من نسيج المجتمع وليست حركات سياسية أو اجتماعية، بل يرونها حركات إرهابية بالفعل، وهو ما يساعد قضيته. حسبما صرح للصحيفة.

(5-1-2) الدعم الإعلامي الإماراتي لمعسكر حفتر:

لم تكتف الإمارات بدعم قناة طاطاناكي “ليبيا الآن”، بل دعمت العديد من القنوات الإعلامية الموالية لخليفة حفتر، والتي تعمل على وصفه بأنه “محارب الإرهاب”، وتتخذ العديد من القنوات الإعلامية من الإمارات ومصر وتونس والأردن مقرات لها، علاوة على دعم مالي كبير من دولة الإمارات. حيث كشفت دراسة ليبية عام 2016 عن سيطرة أبو ظبي على 70% من الإعلام الليبي، وأنها قد أنفقت عليه مبلغاً يوازي 74 مليون دولار أمريكي.

(2-2) مصلحة الإمارات في دعم حفتر:

لقد أخذت الإمارات على عاتقها محاربة ثورات الربيع العربي ودعم الثورات المضادة، بما في ذلك الانقلاب العسكري في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، ودعم حفتر للانقلاب على مكتسبات الثورة الليبية.

احتل حفتر مكانة بارزة لدى الإمارات بسبب شنه حرباً ضد الإسلاميين على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم، وبالتالي راهنت الإمارات – وكذلك مصر – عليه وعلى جيشه، كما وفر حفتر بعض الاستقرار في المناطق التي سيطر عليها، لذلك تتجه الدولتان لدعمه.

كما تستغل الإمارات الساحة الليبية كحرب بالوكالة بينها وبين كل من قطر وتركيا، والتي ترى الإمارات أنهما يدعمان حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً، كما أنهما – حسب الرؤية الإماراتية – تدعمان الإخوان المسلمين، وهو ما تخشاه الإمارات من اتخاذ الإخوان لليبيا ملاذاً آمناً كما تتخذ الجماعة من قطر وتركيا.

كما تستفيد الإمارات من النفط الليبي، لاسيما عن طريق شركة ليركو، وتطمع في نفط الجنوب، وتحاول أن تزيد نفوذها في منطقة فزان الغنية بالنفط والمعادن. علاوة على ذلك تستحوذ الإمارات على عقود إعادة الإعمار في بنغازي، وتتطلع إلى المزيد.

عن Admin

اترك تعليقاً