د. شوقي الميموني

زرت عرين الأسود 2/3

د. شوقي الميموني

زرت عرين الأسود 2/3

 

بقلم د. شوقي الميموني

 

وصلنا مركز مديرية جبل مراد إحدى مديريات محافظة مأرب حسب التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية، أما قبلياً فهي جزء من قبيلة مراد المترامية الأطراف ..

وحتى يكون المقال اكثر فائدة سأذكر لكم نبذة تاريخية قصيرة عن قبيلة مراد..  

قبيلة مراد هي رأس قبيلة مذحج أحد أشهر القبائل اليمنية في التاريخ وهي من أشهر القبائل القحطانية المنتمية إلى سبأ..

اما موقعها الجغرافي قديماً كانت مراد قبل الإسلام تسكن المنطقة الواقعة من جنوب نجران والتثليث الى أبين وزبيد وبعض مناطق البيضاء والجوف وكانت أبين سوقها وكانت مختلطة مع قبائل كندة بحضرموت لكن بعد معركة ذات الردم التى انتصرت فيها همدان على مراد خرجت مراد من الجوف وتركزت في مناطق الجوبه – جبل مراد – العبيدية – ماهلية – رحبه – البيضاء – الضالع حيث ما تزال حتى اليوم.

تنتسب قبيلة مراد الى مراد(يحابر) بن مالك( مذحج) بن أدد بن زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

منهم الصحابي الجليل فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران واستعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومنهم قيس بن هبيره فارس مذحج قاتل الأسود العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة في صنعاء.

 ومنهم التابعي الجليل أويس القرني الذي يدخل الجنة بشفاعته مثل ربيعة ومضر.

ومنهم هاني بن عروة الذي إذا غضب غضب له مائة الف سيف يماني.

ومنهم الشيخ علي بن ناصر القردعي قاتل الإمام يحي ومشعل ثورة 48م وغيرهم كثير.

بعد هذه النبذة القصيرة عن قبيلة مراد نعود الى سرد أحداث زيارتنا لجبهات مراد الابية.

وصلنا مركز مديرية جبل مراد الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، استقبلنا هناك القائمين على الإمداد والتموين ثم وجهونا مباشرة إلى العشة وهي إحدى جبهات جبل مراد ويطلق عليها الوشل، فانطلقنا على بركة الله في طريق متشعبة وعرة شاقة لا تستطيع السير فيها إلا سيارات الدفع الرباعي المخصصة لمثل تلك الطرق!

كان الطقس في تلك الليلة ممطر وبارد جداً، ذكرني للحظات بأجواء صنعاء مدينتي التي عشت وترعرعت وكبرت فيها، كانت طبيعة الطقس في جبل مراد معلومة لدي سلفاً، ولهذا كنت مستعداً بالملابس الشتوية لكن للأسف معظم اعضاء الفريق لم يكونوا مستعدين بالرغم من تحذيري لهم من برودة الجو قبل انطلاق الرحلة.

وصلنا جبهة الوشل وكان في استقبالنا مسؤول الجبهة ومعه جمع من الأسود تزأر ترحيباً بنا حينما تنظر إليهم تجد أنهم جبال تقف على جبال، وحينما تسمع حديثهم تشعر بالطاقة الكامنة داخلهم التي ليس لها حدود.

شرحنا لهم طبيعة مهمتنا وأبلغناهم أننا نريد البدء في مهمتنا فوراً، كانت الساعة في تلك اللحظة تشير الى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، حينها كان هطول المطر قد توقف لكن الأجواء لا زالت باردة جداً، فقالوا على الرحب والسعة فعينوا لنا الأدلة ووسائل النقل وغيرها.

أتذكر أن أحدهم قال لنا رأيي أن تزوروا في البداية أفراد الجيش الوطني المرابطين الذين ليسوا من أصحاب المنطقة، أرادوا بهذا ان يؤثِروا من جاء للقتال معهم على أنفسهم كرد جميل، وهذه من صفات أصحاب الشهامة والمروءة والكرم، فقلنا له سنبدأ بأصحاب المنطقة وسنغطي الجميع بإذن الله تعالى.

بدأنا زيارة المرابطين في مواقعهم التي كانت معظمها في قمم جبال عالية بحيث لا يمكن الوصول إليها الا بتسلقها عبر الأقدام، بعض الجبال يستغرق ساعة ونصف صعوداً على الأقدام حتى بلوغ القمة.

سيتبادرإلى أذهانكم سؤال ما دامت جغرافية المنطقة وتضاريسها ذات مشقة عالية والوصول إلى المواقع فيه صعوبة شديدة!

إذن لماذا لم تسلموا المبالغ النقدية والهدايا العينية للقادة هناك وهم بدورهم يتولوا توزيعها على أفرادهم؟ ألا تثقون بهم؟ وللإجابة على هذه التساؤلات، أقول كان من الممكن تسليم المبالغ إلى القادة هناك لأننا نثق فيهم كل الثقة فمن يقدم روحه رخيصة في سبيل دينه ووطنه ولا ينتظر الأجر الا من الله تعالى وحده، لن يتنازل ويأخذ حقاً ليس له ونكون بذلك قد أدينا واجبنا ووفرنا على أنفسنا جهداً ومشقة عظيمة!

لكن ليس الهدف من الزيارة توزيع المبالغ والهدايا العينية على المرابطين فقط، فالتوزيع المباشر وسيلة مهمة لتحقيق هدف الزيارة الذي يتمثل في شقين:

الشق الأول: السلام على المرابطين وتهنئتهم بالعيد ونقل تحيات المجتمع لهم وإشعارهم بأن الحاضنة المجتمعية بأكملها تقف خلفهم وتدعمهم مادياً ومعنوياً وتدعو لهم ليلاً ونهاراً، وهذه وسيلة مهمة من وسائل رفع المعنويات.

الشق الثاني : – يخصنا نحن الفريق المكلف بالزيارة- فوصولنا الى مواقعهم الأمامية واطِّلاعنا عن قرب على ظروفهم ومعاناتهم والسماع منهم مباشرة سَيُكَّوِنُ لدينا صورة مكتملة عنهم ونحن بدورنا ننقلها كما هي لأصحاب القرار حتى يتلافوا القصور ويصوبوا الأخطاء.

لعلنا نتوقف هنا ونواصل الحديث في المقال القادم إن شاء الله تعالى.

عن Admin