
خسائر مصر الأمنية والاقتصادية من اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بـ”أرض الصومال”.. الثلاثاء 30 ديسمبر 2025م .. الإيجار الجديد أزمة معيشية تتفاقم تحت حكم السيسى قانون بلا بعد اجتماعي و دولة غائبة
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*محاكمة 254 معتقلاً في 4 قضايا “إرهاب” إحداها منذ 30 عاماً
قررت الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة بسلطة الانقلاب العسكري ، الأحد، والمنعقدة بمجمع محاكم بدر، برئاسة وجدي عبد المنعم، تأجيل نظر أربع قضايا إرهاب، تضم في مجموعها 254 معتقلاً، على ذمة اتهامات تتنوع بين مزاعم انقلابية بالانضمام لجماعات إرهابية، والتمويل، والترويج للأفكار المتطرفة، لجلسات متفرقة خلال شهر فبراير/ شباط المقبل، لأسباب شملت سماع الشهود والاطلاع واستكمال الإجراءات.
ويبرز من بين القضايا المؤجلة ملف تعود وقائعه، وفق أمر الإحالة، إلى عام 1995، بما يعكس بعداً وامتداداً زمنياً استثنائياً في إحدى القضايا المطروحة أمام المحكمة. في القضية الأولى، قررت المحكمة تأجيل محاكمة 108 معتقلين في القضية رقم 3202 لسنة 2025 جنايات القطامية، المعروفة إعلامياً بـ”خلية داعش القطامية”، إلى جلسة 11 فبراير المقبل، وذلك لسماع شهادة الشهود.
وادعت التحقيقات أن المعتقلين، خلال الفترة من عام 2016 وحتى 24 فبراير 2024، انضموا إلى جماعة إرهابية، غرضها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحريات الشخصية والعامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
كما زعمت التحقيقات أن المعتقلين من الثالث والثمانين وحتى الأخير ارتكبوا جرائم تمويل الإرهاب، عبر توفير ونقل وإمداد الجماعة بأموال ومواد دعم لوجستي، بينما التحق المتهم الثامن عشر، مصري الجنسية، بجماعة مسلحة خارج البلاد، بانضمامه إلى جماعة “أحرار الشام” ذات الأفكار التكفيرية، كما التحق المتهم السادس والثمانون بتنظيم “داعش” في سورية.
وفي القضية الثانية، قررت الدائرة ذاتها تأجيل محاكمة 78 معتقلاً في القضية رقم 19115 لسنة 2024 جنايات مدينة نصر أول، والمعروفة بـ”خلية مدينة نصر”، إلى جلسة 9 فبراير المقبل. وادعت التحقيقات أنه خلال الفترة من عام 2021 وحتى 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، تولى المعتقلون من الأول وحتى الثامن عشر قيادة جماعة إرهابية أُسست على خلاف أحكام القانون، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة، واستهداف مؤسسات الدولة، والاعتداء على الأفراد، وذلك من خلال توليهم مناصب قيادية داخل جماعة تنظيم “القاعدة” في مصر بمدينة نصر.
كما وجهت للمعتقلين من التاسع عشر وحتى الأخير مزاعم الانضمام إلى جماعة إرهابية مع علمهم بأغراضها، بينما أُسندت للمتهمين الثاني والرابع تهمة “تمويل الإرهاب”.
أما القضية الثالثة فقد حملت بعداً زمنياً لافتاً، حيث قررت المحكمة تأجيل محاكمة 39 معتقلاً في القضية رقم 1572 لسنة 2024 جنايات التجمع، المعروفة بـ”الهيكل الإداري لجماعة الإخوان المسلمين”، إلى جلسة 23 فبراير المقبل لسماع الشهود. وادعت التحقيقات أن وقائع هذه القضية تمتد خلال الفترة من عام 1995 وحتى 19 أغسطس/ آب 2018، إذ “تولى المعتقلان الأول والثاني قيادة هيكل تنظيمي تابع لجماعة الإخوان المسلمين، التي أُسست على خلاف أحكام القانون، مع تبني أفكار إرهابية”، وفق ما ورد بأوراق الدعوى.
وأسندت للمعتقلين من الثالث وحتى الأخير تهمة الانضمام لجماعة إرهابية، مع توجيه اتهامات بتمويل الإرهاب لعدد من المتهمين. في حين القضية الرابعة، قررت المحكمة تأجيل محاكمة 29 معتقلاً في القضية رقم 47 لسنة 2025، المعروفة بـ”الهيكل الإداري لجماعة الإخوان بالنزهة”، إلى جلسة 23 فبراير المقبل، وذلك للاطلاع.
وادعت التحقيقات أن الوقائع تعود إلى الفترة من عام 2020 وحتى 31 أغسطس/ آب 2022، حيث تولى المعتقلون من الأول وحتى الثالث قيادة هيكل إداري تابع لجماعة الإخوان المسلمين، بينما شارك آخرون في الجماعة مع علمهم بأغراضها. كما وجهت للمعتقلين جميعاً ادعاءات بـ”استخدام شبكة المعلومات الدولية في الترويج لأفكار ومعتقدات الجماعة الداعية للعنف”.
*عقد من الإخفاء القسري لوزير سابق .. العزل والحرمان من الزيارة للدكتور أسامة ياسين
تقول زوجة الدكتور أسامة ياسين: إن “أسرتها تعيش منذ ما يقرب من عشر سنوات دون أي تواصل أو زيارة، لا تعلم خلالها حالته الصحية ولا أوضاع احتجازه، بينما هو بدوره محروم من معرفة أخبار أسرته أو الاطمئنان عليهم. هذا الغياب الطويل، الذي تجاوز عقدًا كاملًا، يلخّص الكلفة الإنسانية الباهظة لاستمرار احتجازه حتى اليوم” بحسب (منظمة عدالة لحقوق الإنسان).
والصورة التي ترسمها المنظمات الحقوقية والمقربين من أسامة ياسين متطابقة، حيث أكثر من 12 عامًا من العزلة والحرمان مع أحكام إعدام جماعية تفتقر لضمانات المحاكمة العادلة وانتهاك صارخ للحق في الحياة والحق في التواصل الأسري.
إلى جانب بيان منظمة عدالة لحقوق الإنسان، هناك منظمات أخرى ومصادر مقربة من الدكتور أسامة ياسين أكدت نفس الصورة، استمرار عزله، وحرمانه من الزيارة، وأحكام الإعدام التي صدرت بحقه في قضايا جماعية مثيرة للجدل وأبرزها “مركز الشهاب لحقوق الإنسان” الذي أطلق حملة بعنوان “أنقذوا الدكتور أسامة ياسين”، إضافة إلى شهادات أسرته التي تحدثت عن انقطاع التواصل منذ أكثر من عشر سنوات.
وأطلق مركز الشهاب لحقوق الإنسان (لندن) حملة دولية بعنوان “أنقذوا الدكتور أسامة ياسين”، واعتبره أحد رموز ثورة يناير الذين يواجهون أحكامًا بالإعدام في محاكمات جماعية، مطالبًا بوقف تنفيذ الحكم وإعادة النظر في ملفه.
وأشارت تقارير حقوقية لمنظمات دولية إلى أن ملف مصر الحقوقي عاد إلى أروقة دولية بسبب ظروف المعتقلين، ومن بينهم قيادات مثل أسامة ياسين، الذين يواجهون خطر الموت نتيجة الإهمال الطبي والعزل الطويل.
ووثقت المنظمات عن سجن بدر أنه أصبح رمزًا للانتهاكات، حيث يُحتجز فيه عدد من القيادات ومنهم ياسين، وسط شكاوى من الإضرابات والحرمان من التواصل الأسري.
ووصفت صحيفة الاستقلال “ياسين” بأنه وزير حمل لواء شباب ثورة يناير، وأن النظام قرر إعدامه ضمن سلسلة محاكمات جماعية لقيادات الإخوان ورموز الثورة.
وهذه الشهادات تجعل ملف د. أسامة ياسين، نموذجًا لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر بعد 2013، وتفسر لماذا أصبح محورًا لحملات حقوقية دولية تطالب بوقف تنفيذ الحكم وإعادة النظر في قضيته.
حتى إن أسرته تعيش منذ عقد كامل بلا أي تواصل أو زيارة، ولا تعرف حالته الصحية أو أوضاعه داخل السجن مما يجعل الأسرة تعاقب عقوبة إضافية لعقوبات الوزير السابق نتيجة أحكام مسيسة ومحاكمات غير عادلة ل”ياسين” المحروم من معرفة أخبار أسرته، وحتى وفاة والدته أخيرا، وأن هذا الحرمان يمثل عقوبة إضافية غير منصوص عليها في أي حكم قضائي.
والدكتور أسامة ياسين، وزير الشباب الأسبق، معتقل منذ 26 أغسطس 2013، أي لأكثر من 12 عامًا، ويواجه أحكامًا بالإعدام صدرت بحقه في مسارات قضائية متعددة، كان آخرها حكم صادر في مارس 2024 من محكمة جنايات أمن الدولة.
وخلال سنوات احتجازه، خضع ياسين لظروف قاسية شملت العزل طويل الأمد والحرمان شبه الكامل من الزيارة والتواصل الأسري، وهو ما يشكل انتهاكًا واضحًا للحق في الحياة الأسرية، ويُعد عقوبة إضافية لا تستند إلى حكم قضائي.
وتشير الوقائع إلى أن مسار محاكمته اتسم بالتوسع في العقوبات القصوى داخل قضايا جماعية، مع قيود جسيمة على ضمانات الدفاع، ما يثير مخاوف جدية تتعلق بالحق في المحاكمة العادلة، خاصة في ظل صدور أحكام بالإعدام بعد سنوات طويلة من الاحتجاز.
ويعتبر الحقوقيون أن استمرار احتجاز أسامة ياسين في هذه الظروف، مع تثبيت أحكام الإعدام وحرمانه من حقوقه الأساسية، يمثل انتهاكًا جسيمًا للحق في الحياة، ويخالف التزامات مصر بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقواعد العدالة الجنائية التي تحظر العقوبات القاسية وغير الإنسانية.
وطالب الحقوقيون بالوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق الدكتور أسامة ياسين وتمكينه من الزيارة والتواصل المنتظم مع أسرته دون قيود، وإعادة النظر في ملفه القضائي وفق معايير المحاكمة العادلة والضمانات القانونية الواجبة.
* خسائر مصر الأمنية والاقتصادية من اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بـ”أرض الصومال”
مع اقتراب نهاية عام 2025، تجد مصر نفسها أمام مشهد إقليمي شديد التعقيد، تتداخل فيه الأزمات الأمنية والاقتصادية مع إعادة رسم خرائط النفوذ في محيطها الحيوي. فالجبهات المفتوحة تحيط بالقاهرة من كل اتجاه: جنوبًا في السودان والصومال وإثيوبيا واليمن، وشرقًا عند غزة والبحر الأحمر، وغربًا عبر ليبيا، وشمالًا في حوض شرق المتوسط. ويجمع خبراء على أن هذا المشهد لم يتشكّل عفويًا، بل تشترك في صناعته قوى إقليمية ودولية، في مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي والإمارات، بينما تبدو مصر أقرب في حساباتها الراهنة إلى السعودية وتركيا.
في هذا السياق، جاء اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، المطل على خليج عدن، ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الضغوط المفروضة على مصر.
ويرى متحدثون أن هذه الخطوة تمثل إعادة هندسة لموازين النفوذ في القرن الأفريقي، وتهدف إلى تقليص قدرة القاهرة على التأثير في مدخل البحر الأحمر، والضغط عليها في ملفات المياه والأمن القومي.
“سد نهضة” على البحر الأحمر
تتعامل القاهرة مع الاعتراف الإسرائيلي بوصفه ما يشبه «سد نهضة جديد»، لكن هذه المرة على البحر لا على النهر. فالخطوة تُعد، من المنظور المصري، إشارة ضوء أخضر لمنح إثيوبيا منفذًا بحريًا وقاعدة عسكرية على خليج عدن، ما يعني عمليًا حصارًا استراتيجيًا لمصر من الجنوب، وتعاظم نفوذ إسرائيلي–إثيوبي مشترك عند مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي لقناة السويس.
ولا تتوقف المخاوف عند البعد البحري، بل تمتد إلى الأمن المائي، في ظل الصراع القائم حول مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي. كما تثير الخطوة قلقًا مصريًا إضافيًا لأنها جاءت بعد أيام من إعلان صفقة غاز ضخمة بين مصر وإسرائيل بقيمة 35 مليار دولار، ما فتح باب التكهنات حول صفقات سياسية أوسع، من بينها سيناريوهات تهجير سكان غزة إلى الإقليم مقابل مكاسب إقليمية.
وتخشى القاهرة كذلك من أن يشكل الاعتراف سابقة قد تُستنسخ لاحقًا، عبر الاعتراف بكيانات انفصالية أخرى، مثل كيان محتمل في غرب السودان تديره قوات «الدعم السريع». لذلك سارعت الخارجية المصرية إلى إدانة الخطوة فور صدورها، ووصفتها بأنها مساس بسيادة الصومال ووحدته، وتهديد مباشر لاستقرار القرن الأفريقي.
رفض دولي واسع وغياب إماراتي لافت
عقب الإعلان الإسرائيلي، صدر بيان مشترك وقّعت عليه 20 دولة، بينها مصر والسعودية وتركيا والأردن والجزائر وقطر والصومال والسودان واليمن، رفضت فيه الاعتراف بـ«أرض الصومال». غير أن الغياب الإماراتي عن البيان أثار تساؤلات، خاصة في ظل اتهامات متكررة لأبوظبي بلعب دور محوري في تغذية بؤر التوتر في الصومال والسودان واليمن، وقبلها ليبيا وغزة.
ويرى مراقبون أن هذا الرفض العربي والإسلامي والأفريقي يمثل ورقة ضغط مهمة بيد القاهرة، لكنها تحتاج إلى تفعيلها ضمن تحرك دبلوماسي أوسع، يتجاوز البيانات إلى بناء تحالفات صلبة قادرة على كبح مسار إعادة رسم النفوذ في البحر الأحمر.
عجز سياسي وإرادة مقيّدة
في قراءته لتداعيات الاعتراف الإسرائيلي، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبد الله الأشعل إن مصر تدعم بوضوح بقاء الصومال دولة موحدة ذات حكومة مركزية، وهو ما يبرز أهمية اتفاقيات التعاون العسكري بين القاهرة ومقديشو. واعتبر أن الخطوة الإسرائيلية يمكن استغلالها لعزل تل أبيب أفريقيًا، عبر اللجوء إلى الاتحاد الأفريقي، رغم تشكيكه في قدرة النظام المصري الحالي على خوض معركة دبلوماسية فاعلة، خاصة مع احتمالات اعتراف أمريكي لاحق بالإقليم.
ويرى الأشعل أن إسرائيل تعتمد في تحركاتها على دعم أمريكي وبعض الداعمين العرب، وأن ارتباطات القاهرة الحالية تجعلها عاجزة عن مواجهة تل أبيب أو أبوظبي، وهو ما يحدّ من قدرتها على حماية مصالحها الاستراتيجية. ويضيف أن هذا الفراغ قد تستغله قوى أخرى، مثل تركيا وإيران، لتوسيع نفوذها في القارة الأفريقية، في وقت تعجز فيه مصر عن توظيف عمقها الأفريقي التاريخي، وفقًا لـ”عربي 21″.
باب المندب في قلب الاستراتيجية الجديدة
يتفق السفير عدلي دوس مع الرأي القائل إن التحرك الإسرائيلي جزء من استراتيجية أوسع لتفكيك الدول الإسلامية ومحاصرة القوى الإقليمية الكبرى. ويشير إلى أن حصول إسرائيل أو حلفائها على موطئ قدم في ميناء بربرة سيعني عمليًا تطويق مصر والسعودية وتركيا معًا.
ويؤكد دوس أن قدرة مصر على مواجهة هذا المسار محدودة في ظل أزماتها الاقتصادية والأمنية، ومعاهداتها الأخيرة مع إسرائيل، وشراكاتها الوثيقة مع الإمارات. ويرى أن الهدف الحقيقي هو السيطرة على باب المندب، بالتوازي مع الضغط عبر سد النهضة، ما يجعل الحصار الجيوسياسي على مصر متعدد الأبعاد.
ويحذر الدبلوماسي المصري من أن هذا المسار لن يتوقف عند الصومال، مرجحًا تحركات لاحقة في غرب السودان وشرق ليبيا، بما يعمّق طوق الحصار حول مصر من الجنوب والغرب والشرق.
لماذا «أرض الصومال» مهمة؟
يقع إقليم «أرض الصومال» في قلب القرن الأفريقي، ويطل على خليج عدن بساحل يمتد لنحو 850 كيلومترًا. ويُعد ميناء بربرة جوهرة الإقليم، نظرًا لموقعه الاستراتيجي القريب من باب المندب، وكونه أقرب منفذ بحري لإثيوبيا، الدولة الحبيسة.
تسيطر شركة «موانئ دبي العالمية» على إدارة الميناء، ويضم الإقليم واحدًا من أطول المدارج الجوية في أفريقيا، ما يجعله قاعدة محتملة للنفوذ العسكري البحري والجوي. كما ترى قوى كبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، في بربرة بديلًا محتملًا لموانئ جيبوتي المكتظة بالقواعد العسكرية، وهو ما يضيف بعدًا دوليًا للتنافس عليه.
محور القاهرة–الرياض–أنقرة: خيار الضرورة
في ضوء هذه التحديات، تتزايد الدعوات داخل مصر لتشكيل تحالف استراتيجي مع السعودية وتركيا. فالدول الثلاث تتقاطع مصالحها في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وتتقارب مواقفها بشأن دعم وحدة السودان، ورفض تفكيك الصومال.
ويرى محللون أن مصر تحتاج إلى دعم مالي وسياسي سعودي، وإلى غطاء تقني وعسكري تركي، خصوصًا في مجالات الطائرات المسيرة والتصنيع العسكري، لمواجهة الضغوط المتصاعدة. في المقابل، ترى الرياض في القوة العسكرية المصرية عمقًا استراتيجيًا لا غنى عنه لحماية سواحلها الطويلة على البحر الأحمر، بينما تجد أنقرة في هذا المحور فرصة لتثبيت نفوذها في الصومال وليبيا، وتطبيع مصالحها في شرق المتوسط.
وقد عززت المناورات العسكرية المشتركة، والاتفاقيات الدفاعية، والتعاون الصناعي العسكري خلال 2025، ملامح هذا المحور بوصفه قوة ردع إقليمية في مواجهة محاولات تغيير الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر.
بين «رئة إسرائيل» والحزام الناري حول مصر
على مستوى النقاش العام، اعتبر كتّاب وباحثون أن الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال فصل جديد في معركة السيطرة على الممرات المائية. فالبحر الأحمر يُعد رئة استراتيجية للاحتلال، وباب المندب يمثل كابوسًا دائمًا له، خاصة بعد تعطّل ميناء إيلات خلال حرب غزة.
ويرى آخرون أن المستفيد الأكبر من الخطوة هو إثيوبيا، وأن وجود نفوذ إسرائيلي عند باب المندب يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن قناة السويس، ومحاولة لمحاصرة الدور الإقليمي المصري. وبينما يحذر بعضهم من «حزام ناري» يشتد حول مصر برًا وبحرًا، يؤكد آخرون أن التحرك المصري–التركي–السعودي بات ضرورة استراتيجية لمواجهة مشروع إعادة رسم النفوذ في أحد أهم شرايين التجارة العالمية
*انتشال سيدة مصرية على شواطئ اليونان بعد غرق 13 شابًا منذ أكثر من 28 يومًا.. تركهم السيسي فريسة للحيتان
في حلقة جديدة من مسلسل الموت المجاني الذي يطارد الشباب المصري، أعلن خفر السواحل اليوناني، اليوم، العثور على جثة امرأة متوفاة عقب غرق قارب هجرة غير شرعية قبالة جزيرة “ساموس”، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن مفقودين آخرين. هذا الحادث المأساوي ليس مجرد “خبر عاجل” تتناقله الوكالات، بل هو وصمة عار جديدة تلاحق نظامًا سياسيًا واقتصاديًا في مصر، نجح بامتياز في تحويل البلاد إلى “بيئة طاردة” لأبنائها، حتى بات “قاع البحر” أرحم في عيونهم من جحيم الغلاء والقمع وفقدان الأمل.
الحادث الأخير، وما سبقه في 7 ديسمبر قبالة جزيرة “كريت”، يفتح ملف التخاذل الحكومي على مصراعيه. فبينما تسارع الدول المتحضرة لإرسال فرق إنقاذ وطائرات للبحث عن مواطن واحد مفقود، تكتفي “الحكومة المصرية” بدور المشاهد، مصدرة بيانات العزاء والتحذير من “عصابات الهجرة”، متجاهلة أنها هي “العصابة الكبرى” التي سرقت أحلام هؤلاء الشباب ودفعتهم للمجهول.
أرقام الدم: 27 مفقودًا وقتيلاً.. والناجون شهود على المأساة
تشير البيانات الرسمية –التي تأتي دائمًا متأخرة– إلى أن الحادث المروع الذي وقع جنوب جزيرة كريت في أوائل ديسمبر 2025، كان على متنه 34 شخصًا، منهم 27 مصريًا من الشباب والأطفال (تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عامًا). الحصيلة المفزعة كشفت عن وفاة 14 مصريًا تم انتشال جثثهم، بينما لا يزال 13 آخرون في عداد المفقودين، تبتلعهم أمواج المتوسط دون أثر.
ورغم فداحة الكارثة، لم تتحرك الدولة المصرية إلا بعد أيام، حيث أعلنت السفارة في أثينا بدء إجراءات شحن الجثامين الـ 14 يوم الثلاثاء 23 ديسمبر، أي بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحادث! هذا التباطؤ في “إكرام الميت” يعكس بيروقراطية قاتلة واستهتارًا بمشاعر أسر مكلومة في قرى مصر الفقيرة، تنتظر جثامين أبنائها لتدفنها بدلًا من أن تزفهم عرسانًا.
لماذا غابت “الضفادع البشرية” المصرية؟ سؤال يبحث عن إجابة
النقطة الأكثر إثارة للغضب في هذا الملف هي الغياب التام لأي تحرك عملياتي مصري للمشاركة في الإنقاذ. لماذا لم ترسل الحكومة المصرية فريقًا من “الإنقاذ النهري” أو القوات البحرية للمساعدة في البحث عن المفقودين الـ 13، كما تفعل في الاستعراضات العسكرية؟
السلطات اليونانية وحدها هي من تقوم بالبحث باستخدام زوارق ومروحيات، بينما يكتفي الجانب المصري بـ “الاتصالات الهاتفية” و”متابعة الموقف”. هذا التقاعس يطرح تساؤلاً مريرًا: هل دماء هؤلاء الشباب “رخيصة” لدرجة لا تستدعي تحريك قطعة بحرية واحدة؟ أم أن النظام يعتبرهم “خارجين عن القانون” لأنهم فضحوا فشله الاقتصادي بهروبهم، وبالتالي لا يستحقون الإنقاذ؟ إن ترك مصير المصريين لجهود دولة أخرى –مهما كانت صديقة– هو تنازل عن السيادة ومسؤولية الحماية التي يتشدق بها الدستور.
الهروب من “الجمهورية الجديدة”.. الفقر هو القاتل الحقيقي
لا يمكن قراءة هذه الحوادث بمعزل عن السياق الداخلي. هؤلاء الضحايا، وأغلبهم قُصر، لم يركبوا “مراكب الموت” حبًا في المغامرة، بل هربًا من واقع اقتصادي خانق صنعته سياسات النظام الحالي. عندما يصبح “رغيف الخبز” حلمًا، وفرصة العمل المستحيلة، والاعتقال مصير من يعترض، يصبح البحر هو “طوق النجاة” الوحيد.
إن حكومة “الجباية” التي تلاحق المواطن في رزقه، هي المتهم الأول في هذا الغرق. فبدلًا من توفير مشاريع تنموية حقيقية تستوعب طاقة الشباب، أنفقت المليارات على قصور رئاسية وقطارات للأغنياء، وتركت “الغلابة” يواجهون مصيرهم. رسالة هؤلاء الغرقى المكتوبة بماء البحر تقول بوضوح: “لقد قتلنا اليأس في وطننا قبل أن تقتلنا أمواج اليونان”. وما لم تتغير هذه السياسات، ستظل شواطئ أوروبا تستقبل جثث المصريين، وسيظل النظام يكتفي ببيانات الشجب والنعي البارد.
*الإيجار الجديد أزمة معيشية تتفاقم تحت حكم السيسى قانون بلا بعد اجتماعي و دولة غائبة
بينما تنشغل السلطة المصرية بالملفات الإقليمية وتصدر مشهد الحرب على غزة واجهة الخطاب الرسمي، تتفاقم في الداخل المصري واحدة من أخطر الأزمات الاجتماعية والمعيشية، وهي أزمة السكن، التي تحولت من مشكلة اقتصادية إلى أداة طرد قسري للسكان، غيّرت بالفعل الخريطة العمرانية والاجتماعية للمدن الكبرى.
قصة خالد، مهندس البرمجيات الثلاثيني الذي ارتفع إيجار شقته في التجمع الخامس من 8 آلاف إلى 14 ألف جنيه خلال عام واحد، ليست استثناءً، بل نموذج صارخ لواقع يعيشه ملايين المصريين. فالقانون، كما يقول، “يحمي المالك ويترك المستأجر وحيداً في مواجهة تضخم لا يُحتمل”، في ظل غياب أي تدخل حكومي يوازن العلاقة بين طرفي المعادلة.
سياسات صنعت الأزمة
لم تكن القفزات الجنونية في أسعار الإيجارات قدراً محتوماً، بل جاءت نتيجة مباشرة لسياسات حكومة الانقلاب التي رفعت يدها عن تنظيم سوق الإيجارات الجديدة، وسمحت بتحويل السكن إلى سلعة استثمارية بحتة، وركّزت الإنفاق العام على مشروعات فاخرة تخدم شرائح محدودة، مقابل تجاهل شبه كامل لحق السكن اللائق لذوي الدخل المتوسط والمحدود.
ومع ارتفاع أسعار التمليك إلى ملايين الجنيهات، حتى في الأحياء الشعبية، أُجبر الشباب المقبلون على الزواج على اللجوء إلى الإيجار الجديد، ليجدوا أنفسهم في سوق متوحش بلا ضوابط، حيث يُفرض عليهم إما القبول بزيادات خيالية أو المغادرة.
أرقام تكشف عمق المأساة
تُظهر بيانات الربع الثالث من عام 2025 أن إيجارات الشقق في الأحياء الراقية بالقاهرة تتراوح بين 18 و35 ألف جنيه، وفي الأحياء المتوسطة بين 8 و14 ألفاً، بينما وصلت في المناطق الشعبية إلى 4–7 آلاف جنيه، وذلك في وقت بلغ فيه سعر الدولار نحو 47.6 جنيه، وتآكلت فيه الأجور الحقيقية للمواطنين إلى مستويات غير مسبوقة.
تهجير داخلي وتفكك اجتماعي
تروي سلمى أيوب، معلمة من الإسكندرية، كيف اضطرت لمغادرة شقتها في حي سموحة بعد رفع الإيجار من 7500 إلى 16 ألف جنيه، لتنتقل إلى منطقة نائية تستغرق منها ساعات يومياً للوصول إلى عملها. أما الطبيب الشاب محمد فتحي، فيصف حال جيله قائلاً: “كل عقد إيجار هو بداية جديدة من الصفر… كأننا لاجئون داخل وطننا”.
ويرى خبراء اجتماع أن هذه الظاهرة لا تطرد الأفراد فقط، بل تُفكك النسيج الاجتماعي للأحياء، وتحول المدن إلى جيوب طبقية مغلقة، ما ينذر بتوترات اجتماعية خطيرة على المدى المتوسط.
قانون بلا بعد اجتماعي… ودولة غائبة
ورغم تمرير تعديلات قانون الإيجار القديم ومنح مهلة انتقالية قبل الإخلاء، فإن الحكومة تركت سوق الإيجارات الجديدة بلا أي تنظيم، مانحة الملاك حرية مطلقة في تحديد الأسعار، دون سقوف للزيادات أو ارتباط بمعدلات الأجور والتضخم.
هذا الغياب لا يبدو عجزاً بقدر ما يعكس أولوية سياسية واضحة: حماية بقاء الحكم العسكري، ومطاردة النشطاء والمعارضين، على حساب حماية الحقوق الاجتماعية الأساسية، وفي مقدمتها الحق في السكن.
بين غزة والداخل المنسي
وفي الوقت الذي تُرفع فيه شعارات التضامن مع غزة، وتُستثمر الحرب سياسياً وإعلامياً، يعيش ملايين المصريين حرباً يومية من نوع آخر؛ حرب الإيجار، والطرد، وعدم الاستقرار. فالدولة التي تدّعي الانشغال بالقضايا الكبرى، تعجز – أو تمتنع – عن التدخل لوقف نزيف اجتماعي يهدد الاستقرار الداخلي.
أزمة مرشحة للتفاقم
يتفق خبراء اقتصاد وعمران على أن الأزمة مرشحة للاستمرار، بل والتفاقم، في ظل استمرار التضخم، ونقص المعروض السكني، والقيود المفروضة على البناء، وغياب سياسات إسكان اجتماعي حقيقية للإيجار طويل الأجل.
وهكذا، لم تعد أزمة الإيجارات مسألة سوق فحسب، بل تحولت إلى عنوان صارخ لفشل نموذج حكم، انتقم من شعبه الذي ثار عليه، وتركه يواجه الغلاء والطرد والتهميش، في مشهد أشد قسوة مما سبق ثورة يناير، وبأضعاف مضاعفة.
*استنكار نقابي واسع: “الخدمات العمالية” تفضح مسلسل التنكيل بعمال “النساجون الشرقيون” وتطالب بتدخل وزاري لإنقاذ آلاف الأسر
في تصعيد خطير ينذر بانفجار الوضع العمالي في مدينة العاشر من رمضان، أعربت “دار الخدمات النقابية والعمالية” عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ “الانتهاكات الجسيمة والممنهجة” التي تمارسها إدارة شركة “النساجون الشرقيون” ضد عمالها. وكشف بيان الدار الصادر اليوم، 28 ديسمبر 2025، عن فصل جديد من فصول الأزمة الممتدة منذ مطلع العام، حيث فوجئ ستة من كبار الفنيين والمشرفين بقرارات إيقاف تعسفية، في خطوة اعتبرها مراقبون ونشطاء نقابيون محاولة لكسر شوكة العمال المطالبين بحقوقهم المشروعة في الأمان الوظيفي والزيادات السنوية.
تعود تفاصيل الواقعة الأخيرة إلى صباح اليوم، حين مُنع ستة عمال – تتراوح مدد خدمتهم بين 18 و25 عامًا – من دخول مقر عملهم، وتم إبلاغهم بقرار الإيقاف رقم (89) لسنة 2025. وبررت الإدارة هذا القرار بالاستناد إلى المادة (145) من قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، موجهة لهم تهمًا مطاطة بـ “تحريض الزملاء”، وهي التهمة التي نفتها دار الخدمات جملة وتفصيلًا، مؤكدة أن الدافع الحقيقي هو نشاطهم في المطالبة بتحسين الأجور.
سيف الفصل المسلط: انتهاك للقانون وتصفية للخبرات
لم تكن قرارات الإيقاف التي طالت كلًا من (أحمد إبراهيم متولي، عماد عبد العزيز عطية، محمد أحمد محمد يوسف، حسن بدر محمد، وليد أبو الحسن النجار، وحمدي سامي علي) مجرد إجراءات تأديبية فردية، بل يراها خبراء العمل النقابي حلقة في سلسلة ممنهجة. فالعمال الموقوفون يشغلون مناصب حساسة كـ “فني ممتاز” ومشرفين في أقسام الفحص والصيانة، مما يشير إلى أن الإدارة تضحي بالكفاءات الفنية من أجل إرهاب باقي العمال.
وفي هذا السياق، يعلق كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، قائلًا: “ما يحدث في النساجون الشرقيون هو نموذج فج لاستغلال نفوذ أصحاب الأعمال في مواجهة الطرف الأضعف في علاقة العمل. إن استخدام المادة 145 من القانون الجديد بهذه الطريقة التعسفية ضد عمال أفنوا ربع قرن من عمرهم في خدمة الشركة يؤكد أننا أمام نية مبيتة للتخلص من القيادات العمالية الطبيعية التي تطالب بالحد الأدنى من الحقوق. الإدارة ترسل رسالة مفادها: (من يفتح فمه سيجد نفسه في الشارع)، وهذا السلوك يهدد السلم الاجتماعي في أكبر قلعة صناعية بمصر”.
جذور الأزمة: النقل التعسفي والتهديد المباشر
لم يولد الاحتقان الحالي من فراغ، بل هو نتاج تراكمات بدأت في يناير 2025، حينما طالب العمال بزيادة العلاوة السنوية وتطبيق الحد الأدنى للأجور بمراعاة الأقدمية. وبدلًا من الحوار، واجهت الإدارة هذه المطالب بإجراءات عقابية قاسية. فقد سبق وأن أصدرت قرارات بإجازة مفتوحة لـ 38 عاملًا دون أسباب، ونقلت 34 آخرين من مصانع السجاد إلى مصانع الخيوط، في تغيير جوهري لطبيعة العمل يهدف لإجبارهم على الاستقالة أو ارتكاب أخطاء تؤدي للفصل.
وترى المحامية العمالية والناشطة الحقوقية رحمة رفعت، أن الإدارة تمارس ما يسمى بـ “التطفيش المقنن”. وتقول رفعت: “قانونيًا، يُعتبر نقل العامل لعمل يختلف جوهريًا عن طبيعة عمله الأصلي ودون مبرر فني نوعًا من الفصل التعسفي المقنع. عندما تنقل فني سجاد محترف إلى مصنع خيوط، فأنت تضعه في بيئة عمل يجهلها لتصيد الأخطاء له. تحرير العمال لمحاضر في مكتب العمل هو الإجراء القانوني السليم لإثبات الحالة، لكن التهديدات التي ذكرها البيان عن لسان رئيس مجلس الإدارة بالفصل الفوري لأي احتجاج تُعد جريمة ترهيب يعاقب عليها القانون، وتكشف عن غياب لغة الحوار تمامًا”.
غياب الرقابة الحكومية ومعركة القضاء
النقطة الأكثر إثارة للقلق التي أبرزها تقرير دار الخدمات هي غياب دور وزارة العمل. فرغم المذكرات الرسمية وتصريحات المسؤولين حول التفتيش الدوري في العاشر من رمضان، إلا أن شركات “النساجون الشرقيون” تبدو وكأنها “دولة داخل الدولة” بعيدة عن المساءلة. وقد دفع هذا الوضع العمال للجوء للقضاء، حيث رفع العاملان “مصطفى أحمد” و”حمدي العشري” دعاوى قضائية ضد قرارات النقل.
ويؤكد القيادي العمالي طلال شكر، المتخصص في شؤون التأمينات والمعاشات، أن: “غياب وزارة العمل عن المشهد هو الضوء الأخضر الذي يشجع إدارات الشركات على التمادي. الوزارة ليست مجرد وسيط، بل هي سلطة إنفاذ للقانون. ترك العمال فريسة لهذه الممارسات دون تدخل لتصويب الأوضاع أو حتى التفتيش الجدي يضع علامات استفهام كبرى حول انحيازات الوزارة”.
من جانبه، يضيف وائل توفيق، الصحفي والناشط المهتم بالحركات العمالية، قائلًا: “نحن أمام سيناريو متكرر؛ أزمة اقتصادية تطحن العمال، ومطالب مشروعة تقابل بالقمع الإداري. ما يجري في (النساجون) يعكس خللًا هيكليًا في علاقات العمل في مصر عام 2025. هؤلاء العمال لم يطلبوا المستحيل، بل طلبوا العدالة في الأجر والعلاوة. لجوء الإدارة للتهديدات الأمنية والفصل المباشر يدل على ضعف موقفها القانوني والأخلاقي، ويستوجب تضامنًا واسعًا من كافة القوى المدنية والنقابية”.
واختتمت دار الخدمات النقابية تقريرها بمطالب محددة لا تقبل التجزئة، وعلى رأسها عودة العمال الستة الموقوفين، وإلغاء قرارات النقل التعسفي، وفتح تحقيق وزاري عاجل. إن استمرار هذا الوضع لا يهدد فقط أرزاق مئات العمال، بل يضرب بعرض الحائط بمفهوم دولة القانون، ويؤكد الحاجة الماسة لمراجعة سياسات العمل التي باتت تسمح بانتهاك كرامة العامل المصري تحت مسمى “سلطة الإدارة”.
*مطاحن مصر الوسطى.. “الحد الأدنى” على الورق ومحاولة انتحار فوق الصوامع: كيف تدفع حكومة الانقلاب العمال إلى الحافة؟
تصاعدت الأزمة داخل شركة مطاحن مصر الوسطى بعد بيان للمفوضية المصرية للحقوق والحريات أدان ما وصفه بـ“انتهاكات مستمرة” تمس حقوقًا مالية مقررة وضمانات الأجر العادل وغياب آليات إنصاف فعّالة.
وبحسب البيان، بلغت الانتهاكات “مستوى بالغ الخطورة” وانعكس ذلك في واقعة محاولة أحد العمال إنهاء حياته بإلقاء نفسه من أعلى الصوامع أثناء مطالبته بحقوقه.
هذه ليست واقعة فردية بقدر ما هي مؤشر على مناخ عمل يُنتج القهر ثم يجرّم الاحتجاج عليه، في ظل إدارة رسمية تُتقن إصدار الشعارات عن “العدالة الاجتماعية” وتتقن أكثر دفن الشكاوى في الأدراج.
أجر “شكلي” وحقوق متجمدة
قالت المفوضية إن شكاوى متكررة وصلت إليها من عاملين بالشركة بشأن تعطيل حقوق مالية مقررة والإخلال بضمانات الأجر العادل وغياب آليات إنصاف فعالة.
وحذرت من تحويل تطبيق الحد الأدنى للأجر إلى رقم شكلي “يُستكمل” بعناصر متغيرة مثل الحوافز والبدلات بما يفرغ القرار من مضمونه الاجتماعي ويُضعف الأجر الأساسي ويضر بالحقوق التأمينية ويقلص أثر العلاوات المستقبلية.
في قراءة نقابية لهذا النمط، يُعدّ كمال أبو عيطة أحد أبرز الأصوات التي طالبت تاريخيًا بفصل “الأجر الثابت” عن أي إضافات متغيرة، لأن البدلات والحوافز يمكن سحبها إداريًا، بينما الأجر الأساسي هو أساس التأمينات والعلاوات، وهو ما يجعل “التحايل الهيكلي” على الأجور بوابة دائمة لإفقار العامل حتى لو بدا الراتب على الورق أعلى.
سلامة مهدرة وإصابات “غير موثقة”
أشار البيان أيضًا إلى شكاوى تتعلق بتدهور منظومة السلامة والصحة المهنية داخل مواقع العمل وتكرر الإصابات والوفيات.
ولفت إلى تعطيل توثيق بعض إصابات العمل وحرمان مصابين من حقوقهم، معتبرًا أن الوقائع تستوجب التحقيق العاجل والمساءلة.
وعندما يصل العامل إلى لحظة يائسـة يحاول فيها إنهاء حياته من أعلى الصوامع، فهذه ليست “حالة نفسية فردية” بل نتيجة مباشرة لبيئة عمل تُدار بمنطق كسر الإرادة وإغلاق أبواب التظلم.
هنا يبرز طرح النقابي كمال عباس، المعروف بدفاعه عن حق العمال في بيئة عمل آمنة وآليات شكوى مستقلة، إذ إن أي منظومة تمنع التوثيق أو تُعطل محاضر إصابات العمل تُنتج عمليًا “اقتصاد إصابات” بلا محاسبة: العامل يتأذى مرتين، مرة في الجسد ومرة في الحق.
لجنة مستقلة.. اختبار لجدية الدولة
طالبت المفوضية بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة وشفافة تضم وزارة العمل والجهات الرقابية لفحص الشكاوى وملف العلاوات منذ 2016 وحتى 2025.
كما طالبت بضم العلاوات والزيادات المتأخرة إلى الأجر الأساسي وصرف الفروق المالية “المتجمد” بأثر رجعي بعد الحصر والمراجعة، ومراجعة هيكلة الأجور لمنع استخدام الحوافز والبدلات المتغيرة للتحايل على قرارات الأجور.
وطالبت أيضًا بإلزام الشركة بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية فورًا وفتح تحقيق عاجل في وقائع إصابات العمل وتوثيقها وعلاج المصابين وصرف مستحقاتهم.
وشددت على ضرورة حماية العمال من أي إجراءات انتقامية أو تعسفية بسبب الشكاوى أو المطالبة السلمية بالحقوق.
في السياق نفسه، يقدّم النقابي شعبان خليفة (من رموز العمل النقابي العمالي) زاوية مهمة تتكرر في أزمات شركات القطاع العام وقطاع الأعمال: المشكلة ليست “نصوصًا ناقصة” بقدر ما هي “تنفيذ مُعطّل”، لأن العامل حين يفقد طريقًا آمنًا للتظلم يصبح الضغط الاجتماعي داخل المصانع قابلًا للانفجار.
أما هشام فؤاد، المعروف بمواقفه النقابية المدافعة عن الحق في التنظيم والحماية من الانتقام الإداري، فيلفت الانتباه دائمًا إلى أن غياب لجنة مستقلة فعلًا—لا لجنة شكلية—يعني تحويل التحقيق إلى أداة لتبريد الأزمة لا لحلها، وهو ما ينسف الثقة بين العمال والدولة.
هذه الواقعة تضع حكومة الانقلاب أمام اختبار بسيط وواضح: إما فتح تحقيق مستقل يرد الحقوق المتجمدة ويوقف التحايل على الأجور ويحاسب المقصرين في السلامة المهنية، أو استمرار سياسة “التجاهل حتى تقع الفاجعة” ثم إصدار بيانات عامة بلا أثر على أرض الواقع.
*خسائر بلا نهاية لماذا تواصل الهيئات الاقتصادية النزيف رغم خطط “الإصلاح”؟
رغم تعاقب خطط “الإصلاح وإعادة الهيكلة”، لا تزال الهيئات والمؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة في مصر تغرق في خسائر مليارية، تعكس أزمة أعمق من مجرد خلل إداري عابر، وتطرح تساؤلات جدية حول كفاءة القيادات، وغياب المحاسبة، وتحول ما يُسمى بالإصلاح إلى مجرد إعادة تدوير للفشل.
أحدث فصول هذه الأزمة أعلنه رئيس حكومة مصطفى مدبولي، بإقرار تصفية وإلغاء أربع هيئات اقتصادية من أصل 59، ودمج سبع هيئات في أخرى، وتحويل تسع هيئات اقتصادية إلى هيئات عامة، مع الإبقاء على 39 هيئة دون تغيير، في إطار ما تالانقلاب صفه الحكومة بالمرحلة الأولى من خطة إصلاح الهيئات الاقتصادية وإعادة هيكلتها.
لكن هذه القرارات، التي تبدو على الورق جريئة، تأتي بعد سنوات طويلة من نزيف مالي متواصل، تكبّدت خلالها الدولة خسائر تراكمية بلغت نحو 236.7 مليار جنيه حتى يونيو/حزيران 2024، وفق تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، ما يثير الشكوك حول جدوى المعالجات المطروحة، وقدرتها على كسر الحلقة المفرغة ذاتها.
إصلاح إداري أم إعادة ترتيب للفشل؟
تؤكد الحكومة أن لجنة خاصة شُكلت لإعادة حوكمة الهيئات الاقتصادية، ودراسة أوضاع كل هيئة على حدة، ووضع آليات لإعادة هيكلتها بما يضمن استدامة أدائها. غير أن واقع الأرقام يشير إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في الهياكل التنظيمية، بل في نمط إدارة متكلّس يعتمد على قيادات غير خاضعة للمساءلة، ويعمل بمنطق الإنفاق الحكومي لا بمنطق الكفاءة الاقتصادية.
ففي الوقت الذي حصلت فيه الهيئات الاقتصادية على دعم مباشر من الدولة بلغ 468 مليار جنيه، استمرت الخسائر نتيجة ضعف التخطيط المالي، وسوء استغلال الأصول، وتداخل المصالح، خصوصاً في قطاعات مثل الإعلام والنقل، التي تحولت إلى عبء دائم على الموازنة العامة.
«ماسبيرو» نموذج للهدر المؤسسي
تتصدر الهيئة الوطنية للإعلام قائمة الهيئات الأكثر خسارة، بعدما سجلت خسائر بلغت 11.4 مليار جنيه خلال عام مالي واحد (2023-2024)، في مشهد يلخص أزمة الإعلام الحكومي برمّتها: ترهل إداري، تراجع في المحتوى، فقدان القدرة التنافسية، واستمرار الاعتماد على الدعم الحكومي.
ورغم الحديث المتكرر عن خطط لتطوير ماسبيرو، وإطلاق منصات رقمية، ودمج قنوات، والاستعانة بشركات خاصة لإدارة المحتوى الرقمي، إلا أن هذه الإجراءات تبدو حتى الآن محاولات تجميلية لا تمس جوهر المشكلة، والمتمثل في غياب الرؤية الاقتصادية، وتضخم العمالة، وتحويل الإعلام الرسمي إلى أداة سياسية أكثر منه مؤسسة قادرة على تحقيق الاستدامة المالية.
مفارقة الاحتكار: أرباح مضمونة وخسائر مستمرة
المفارقة اللافتة أن عدداً من الهيئات الاقتصادية يعمل في أنشطة احتكارية تضمن لها أرباحاً شبه مضمونة، مثل هيئة قناة السويس، وهيئة المجتمعات العمرانية، وهيئة التأمين الصحي الشامل، التي تحقق أرباحاً بمليارات الجنيهات سنوياً.
في المقابل، تتصدر هيئات أخرى قائمة الخسائر رغم امتلاكها أصولاً ضخمة، مثل هيئة سكك حديد مصر، والهيئة القومية للأنفاق، وهيئة النقل العام، ما يعكس خللاً بنيوياً في الإدارة لا يمكن تبريره بعوامل السوق أو نقص الموارد، بل يرتبط أساساً بسوء التخطيط، وغياب الكفاءة، واستمرار القيادات ذاتها رغم فشلها.
الخصخصة الجزئية… إنقاذ أم بيع أصول؟
في ظل هذا الواقع، تتزايد مخاوف من أن تتحول خطط “الإصلاح” إلى مدخل لتوسيع الخصخصة، أو بيع أصول استراتيجية تحت ضغط الخسائر، كما هو الحال في الجدل الدائر حول صفقة بيع بنك القاهرة، أو إسناد إدارة المطارات لشركات خاصة، وسط غموض يلف معايير التقييم والشفافية.
ويحذر خبراء من أن تحميل المؤسسات الخاسرة للمواطن، عبر الدعم أو رفع الرسوم أو التفريط في الأصول، دون معالجة جذرية لأسباب الفشل، يعني عملياً نقل كلفة سوء الإدارة من الدولة إلى المجتمع.
أزمة قرار قبل أن تكون أزمة موارد
تكشف تجربة الهيئات الاقتصادية في مصر أن المشكلة ليست نقص التمويل، بل غياب القرار الرشيد، وانعدام المحاسبة، واستمرار إدارة الاقتصاد بعقلية أمنية–بيروقراطية لا ترى في المؤسسات سوى أدوات للسيطرة، لا كيانات إنتاجية.
وبينما تتحدث الحكومة عن «خريطة طريق للإصلاح»، تبقى الأسئلة الجوهرية بلا إجابة:
من يحاسب القيادات التي راكمت الخسائر؟
ولماذا يُعاد تدوير الفشل تحت مسميات جديدة؟
وهل يمتلك النظام السياسي إرادة حقيقية للإصلاح، أم أن ما يجري ليس أكثر من محاولة لشراء الوقت؟
إلى أن تُحسم هذه الأسئلة، ستظل الهيئات الاقتصادية المصرية نموذجاً صارخاً لكيف يمكن للدولة أن تمتلك كل شيء… وتخسر كل شيء في الوقت ذاته.
*فضيحة الهروب الجماعي من مصحة علاج الإدمان بالمريوطية تتصدر محرك جوجل
تصدر مقطع فيديو لهروب جماعي من مصحة علاج إدمان بمنطقة المريوطية التابعة لمحافظة الجيزة محرك البحث جوجل في الساعات القليلة الماضية، بعد أن تم نشر الفيديو على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
الفيديو الذي تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، أثار جدلًا واسعًا بين مستخدمي الإنترنت يظهر مجموعة من الأشخاص يسيرون في الشوارع، مؤكدين أنهم هربوا من المصحة؛ بسبب ما وصفوه بـ “سوء المعاملة والإهمال” داخل المنشأة.
وأوضح الأشخاص في الفيديو أنهم تعرضوا لظروف غير إنسانية أثرت على مسار علاجهم، مما دفعهم إلى الهروب.
برنامج العلاج
وأشار الهاربون إلى أن المصحة لم توفر لهم الرعاية اللازمة، بل اقتصرت الوجبات المقدمة لهم على رغيفين من الخبز مع قليل من الجبن فقط، وهو ما أثر على قدرتهم على الاستمرار في برنامج العلاج، وأكدوا أن سوء المعاملة داخل المصحة، إلى جانب غياب الرعاية النفسية والطبية، جعلهم غير قادرين على متابعة خطوات الإقلاع عن المخدرات.
وكشف أحد الهاربين أنه على الرغم من محاولاتهم المتكررة للحصول على مساعدة طبية أو نفسية، إلا أنهم لم يحصلوا على الدعم المناسب.
التعذيب
وذكر آخر أن آثار التعذيب كانت ظاهرة على أجسادهم، وهو ما دفعهم في النهاية إلى الهروب بعد كسر الأبواب الداخلية للمصحة.
وقال أحد شهود العيان: إن “هؤلاء الشباب خرجوا من مصحة لعلاج الإدمان على طريق المريوطية، بعد أن كسروا الأبواب وهربوا “.
مصحات الإدمان
الواقعة أثارت تساؤلات حول كيفية إدارة مصحات علاج الإدمان في زمن الانقلاب، وضرورة تعزيز الرقابة على هذه المنشآت لضمان توفير البيئة الصحية والنفسية المناسبة للعلاج.
ففي الوقت الذي يعاني فيه العديد من المدمنين من ظروف قاسية، يبقى الحصول على الرعاية المناسبة أمرًا حيويًا لضمان نجاح العلاج واندماجهم في المجتمع بعد الشفاء.
فيما تعتبر هذه الحادثة بمثابة تحذير لبعض المؤسسات العاملة في هذا المجال، بضرورة تحسين مستوى الخدمات المقدمة، وتوفير بيئة آمنة للنزلاء من أجل تحقيق نتائج إيجابية في معالجة الإدمان.
بدون ترخيص
تحقيقات نيابة الانقلاب زعمت أن المصحة تعمل بدون ترخيص، وأنه سبق استهدافها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجرى غلقها إداريا في 14 أكتوبر الماضي، بعد التأكد من مخالفتها لشروط عمل مصحات علاج الإدمان.
وأكدت التحقيقات أن مالك المصحة، بالاشتراك مع عدد من المشرفين العاملين بها، أعادوا تشغيلها مرة أخرى خلال شهر نوفمبر الماضي، دون استصدار أي تراخيص رسمية، سعيا لتحقيق مكاسب مالية.
وأشارت إلى أنه تم ضبط مالك المصحة ومشرفين اثنين تبين أن لهما معلومات جنائية، وخلال التحقيقات، أقروا بإعادة فتح المصحة ومزاولة نشاطها مجددا دون ترخيص، رغم صدور قرار سابق بغلقها.
*الجمارك ترفض الإفراج عن 4 آلاف سيارة للمعاقين وتهدد ببيعها فى مزاد علني
فى الوقت الذى تزعم فيه حكومة الانقلاب أنها تقدم خدمات كبيرة لذوى الاحتياجات الخاصة للتيسير عليهم تواصل الموانيء المصرية احتجاز سيارات ذوي الإعاقة وترفض الإفراج عنها لأسباب تختلقها من وقت لآخر وتضيفها على شروط الإفراج عن هذه السيارات .
هذه الشروط غير المنطقية تسببت فى تصاعد الأزمة خلال الفترة الأخيرة، بعدما تغيرت شروط امتلاك سيارة المعاقين، ورفض مصلحة الجمارك الأفراج عن السيارة إلا بعد تطبيق الشروط الجديدة.
يشار إلى أن الجمارك تحتجز قرابة 4 آلاف سيارة في الموانئ المصرية، من بين 13 ألف مركبة تم استيرادها للمعاقين منذ بداية الأزمة خلال عامين، ليصل إجمالي السيارات المفرج عنها حتى الآن إلى نحو 9 آلاف سيارة.
شروط جديدة
كانت “مصلحة الجمارك المصرية” قد أصدرت اشتراطات جديدة للإفراج عن سيارات المعاقين تضمن ضرورة أن يثبت الشخص المعاق، خلال شهر من تقدمه بطلب الإفراج عن السيارة، أنه قام بسداد قيمتها أو جزء منها من حسابه الشخصي مباشرة أو من خلال أحد أقاربه من الدرجة الأولى وقت استيراد السيارة.
وأكدت مصلحة الجمارك أنه لا يجوز قيادة أو استعمال السيارة إلا من الشخص المعاق أو من سائقه الشخصي المؤمن عليه أو من أحد أقاربه من الدرجة الأولى إذا كان قاصراً أو كانت حالته لا تسمح بقيادة السيارة بنفسه، وتتولى إدارات المرور المختصة متابعة ذلك بالآليات المقررة.
مزادات علنية
حول هذه الأزمة كشف مصدر مسئول بمصلحة الجمارك المصرية، إن هناك 3 أسباب لتأخير الإفراج عن السيارات المتبقية أبرزها ارتفاع الغرامات نتيجة بقاء السيارات فترة طويلة في الموانئ، مؤكدا أن الغرامات تتراوح بين 150 و900 ألف جنيه على بعض السيارات، وأصحاب هذه السيارات لا يستطيعون السداد.
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الحل القانوني في هذه الحالة سيكون طرح السيارات في مزادات علنية لإنهاء الأزمة.
وأشار إلى أن السبب الثاني في تأخير الإفراج عن سيارات ذوي الإعاقة، هو عدم الالتزام باستيراد سيارات متوافقة لاشتراطات السعة المقررة عند 1200 سي سي، مشددًا على وجود تعليمات سارية بعد تغيير القانون بعدم دخول أي سيارة تتخطي هذه السعة.
وأكد المصدر أن السبب الثالث، وجود شرط لتسديد قيمة ثمن السيارة من حساب شخصي للمعاق أو قريب من الدرجة الأولى، على أن تكون الأموال مودعة فى البنك منذ أكثر من عام.
*السعودية تستقطب العمالة المصرية الماهرة بعد الأصول.. ونظام السيسي يهدر الموارد ويترك العمال فريسة للغلاء والهجرة
في مشهد يعكس اختلال الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، تتسارع وتيرة هجرة العمالة المصرية الماهرة إلى الخارج، وفي مقدمتها السعودية، التي باتت تستقطب الكفاءات الفنية بعد استحواذها على أصول اقتصادية مصرية، بينما يواصل نظام عبد الفتاح السيسي إنفاق مليارات الجنيهات على مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، على حساب العمال والمهنيين الذين تُركوا يواجهون الغلاء غير المسبوق بلا حماية أو أفق.
ويؤكد عاملون ومختصون أن العمالة المصرية، رغم الإقبال السعودي عليها، تعاني من مشكلات جسيمة داخل سوق العمل بالمملكة، من بينها تأخير سداد الأجور، وتغيير صيغ العقود في بعض الحالات، وضعف قدرة العامل على تقديم شكوى ضد صاحب العمل، خشية التعرض لأشكال مختلفة من الاستغلال في ظل غياب رقابة فعالة داخل منظومة العمل.
فرص استقدام يقابلها تسريح وسعودة
المهندس المصري المقيم في الرياض، ربيع (أ)، أوضح أن القرار السعودي الأخير بشأن استقدام العمالة الفنية «ليس جديداً، وإنما جرى تجديده بصيغة توحي وكأنه يصدر للمرة الأولى»، مشيراً إلى أن الحكومة السعودية منحت المنشآت الصناعية إعفاءات تتراوح بين 9 و12 ألف ريال من رسوم استقدام العامل الفني، بشروط ومواصفات محددة وبأعداد معينة لكل منشأة، بهدف تشجيع استقدام العمالة الفنية الماهرة.
وأوضح، في تصريحات صحفية ، أن رواتب العمالة المصرية العادية تتراوح بين 1500 و2000 ريال شهرياً، بينما تصل رواتب المتخصصين في مجالات مثل الميكانيكا والهيدروليك والخراطة واللحام والكهرباء إلى ما بين 4 و5 و6 آلاف ريال في بعض المصانع، في حين يحصل المهنيون العاملون بشكل حر على دخل يتراوح بين 3 و4 آلاف ريال.
لكن هذه الفرص، بحسب ربيع، تقابلها أعباء مالية باهظة يتحملها المصريون للحصول على عقد عمل في السعودية، إذ قد يتكلف المدرس المصري نحو 12 ألف ريال للحصول على عقد بمدرسة، إضافة إلى 400 ريال عن كل فرد من أسرته عند الاستقدام. كما أشار إلى أن بعض المنشآت الصغيرة تستقدم عمالة بنظام “الفيزة الحرة”، حيث يدفع العامل ما بين 15 و20 ألف ريال، ثم يعمل بشكل غير قانوني مقابل اقتطاع شهري لصالح صاحب المنشأة.
وفي المقابل، يشير ربيع إلى أن المصريين يواجهون حملات تسريح واسعة بسبب سياسات “السعودة”، خاصة في قطاعات التعليم والصحة، حيث تشهد المستشفيات عمليات هيكلة شاملة عبر شركات قابضة، تشمل خفض الرواتب والحوافز، واستبعاد من يرفض الشروط الجديدة، مع فرض فحوصات طبية سنوية.
فجوة الأجور بين بلدين بواقعين مختلفين
تعكس المقارنة بين أجر العامل الفني المتخصص في السعودية ونظيره في مصر فجوة هائلة بين اقتصادين يعملان في ظروف متباينة جذرياً. فبينما تُعد مصر الأقدم صناعياً في المنطقة العربية والأكثر تنوعاً من حيث سوق العمل، إلا أنها تعاني أزمات هيكلية وبنيوية وعجزاً مالياً مزمناً. في المقابل، تتمتع السعودية بقدرات مالية واستثمارية ولوجستية وتكنولوجية متقدمة.
وبحسب بيانات 2024 وتوقعات 2025، تتصدر السعودية الدول العربية في الإنتاج الصناعي، تليها الإمارات ثم مصر، فالمغرب وقطر والجزائر. وتتفوق السعودية في حجم الإنتاج الصناعي المدفوع بالقطاع النفطي وصناعات البتروكيماويات والمعادن، بينما تتميز مصر بتنوع صناعي أكبر، خاصة في الصناعات الغذائية والنسيجية، لكنها تواجه تحديات قاسية أبرزها نقص العملة الصعبة.
ويحصل العامل الفني المتخصص في مصر، حتى في القطاعات الأعلى أجراً مثل البترول والغاز والأدوية، على ما بين 15 و35 ألف جنيه شهرياً، بينما يتقاضى نظيره في السعودية ما بين 6 و12 ألف ريال، أي ما يعادل 80 إلى 160 ألف جنيه مصري، إلى جانب مزايا إضافية تشمل السكن، والتنقل، والتأمين الطبي، وتذاكر الطيران، ومكافآت نهاية الخدمة.
في المقابل، تظل هذه المزايا محدودة في مصر، حيث يعتمد العامل على “بدل الإنتاج” والعمل الإضافي، في ظل نضال النقابات لفرض حد أدنى للأجور لا يتجاوز 7 آلاف جنيه، وسط تآكل مستمر للقوة الشرائية بفعل التضخم ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء.
بين الترحيب والرفض
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، رأى محلل النمذجة والتقييم المالي محمد البكر أن السوق المصرية تخرج سنوياً ما بين 1.5 و1.8 مليون خريج من التعليم الجامعي والفني، وهو رقم لا يمكن للسوقين المصري والسعودي استيعابه معاً، منتقداً الحديث عن منافسة بين البلدين على العمالة الفنية.
وأشار إلى أن هجرة العمالة المصرية تعود إلى عوامل داخلية، من بينها جشع أصحاب الأعمال، وسوء الإدارة، وغياب العدالة الاجتماعية، وضعف هيكل الأجور، معتبراً أن القرار السعودي يمثل فرصة حقيقية للعمالة الفنية المصرية لتحسين دخلها والعمل في بيئة صناعية متقدمة.
في المقابل، حذّر الناشط رياض عزالدين من النظر إلى القرار السعودي من زاوية تحويلات العملة الأجنبية فقط، معتبراً أنه يضر بالمشروع الصناعي المصري. وأشار إلى أن أصحاب المصانع في مصر يعانون من ارتفاع تكاليف الإنتاج والضرائب والإيجارات، وضعف القوة الشرائية، لافتاً إلى أن انخفاض الأجور يمثل الميزة التنافسية شبه الوحيدة للصناعة المصرية، وأن فرض زيادات كبيرة عليها قد يؤدي إلى تراجعها وخسائر أوسع.
marsadpress.net – شبكة المرصد الإخبارية شبكة المرصد الإخبارية
