حوار مع الفتى السجين يوسف خودري الذي تم انتهاك عرضه في المغرب
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
المغرب – شبكة المرصد الإخبارية
الحوار التالي تم مع المعتقل يوسف خودري وهو يحكي عن المحن والأهوال التي عاشها بعد أحداث 16 و17 ماي 2011 .
وفي هذا الحوار نحن أمام شهادة صارخة ومدوية وناسفة لكل الشعارات المرفوعة والآتية على بنيان كل ما يزعمونه من قطيعة مع انتهاكات الماضي من القواعد، نحن الآن في مسالخ حفيظ بن هاشم الرهيبة حيث الفقر والوحشة وعصابات المجرمين، الفتى الذي دخل السجن قاصراُ فعوض أن يجد المشتل الخصيب والوكر الآمن يجد من يدخل الهراوة في دبره وينعته بـ “حليمة” ويستجدي رئيس المعتقل ليأذن له بممارسة الجنس عليه لأنه يشتهيه . إذا كنا ننشر هذه الرسائل فليس لاستجداء العطف والشفقة بل لدق نواقيس الخطر وإسقاط الستر والحجب عن لافتات أريد منها التغطية على واقع مرير والترويج لتغيير لا يوجد إلا في أذهان مهندسيه .
وفيما يلي نص الحوار مع يوسف خدري من سجن تولال 2 ليحكي عن معاناته وقصة اغتصابه:
س: ما هي الأسباب التي جعلتكم تصعدون إلى السطح ، ولماذا انتهت تلك النهاية الكارثية؟
ج: العالم كله يعلم أن ملف ما يسمى” السلفية الجهادية” ملف مفتعل جاء في سياق زمني كان المغرب منخرطا فيه مع زعيمة الإمبريالية العالمية في حربها على ما سمته الإرهاب، وجاءت أحداث 16 ماي المفتعلة وزج بآلاف الشباب في السجون، وإزاء التحولات التي يشهدها العالم الإسلامي للمطالبة بحقوقه ، وأمام ارتفاع العديد من الأصوات الحرة المطالبة بتسوية هذا الملف احتججنا احتجاجا سلميا على طريقتنا عبرنا فيه عن مظلوميتنا وطالبنا بإطلاق سراحنا إلا أن مهندسي الدستور الجديد الكافلين للتظاهر السلمي قلبوا علينا الطاولة وتدخلوا بكل همجية وعنف وإجرام.
س : هل يمكن أن تتحدث لنا عن ما حصل بعد نزولكم من السطح ؟
ج : بعد فض الاعتصام بالقوة وإنزالنا من السطح كنت أنزف من الجراح التي أصبت بها بسبب الرصاص المطاطي والهراوات والحجارة ، أخبروني أنه سيتم نقلي الى المستشفى قصد العلاج لكن عوض ذلك قاموا بتجريدي من كل ملابسي بدعوى التفتيش المهين، وبعد أخذ الصور لي شرعوا في تعذيبي رجالاً و نساءا.
س : هل تمكنت من معرفة من قام بتعذيبك آنذاك؟
كانوا رجالاً ونساءا ببذل موظفي السجن أذكر منهم “الملياني” المكلف بالترحيل وآخر يسمى ” المرضي” و”رشيد” وبعض القوات المساعدة والشرطة المكلفون بنقل السجناء إلى المحكمة وإحدى الموظفات التي هي رئيسة حي النساء التي أحضرت سكينا وقطعت به شعري و”رضخت” رأسي بقوة مع الحائط وأنا مكبل اليدين الى الخلف.
س : هل كان المندوب العام حاضراً آنذاك وماذا كانت ردة فعله؟
ج : نعم كانوا يعذبونني أمام مرأى ومسمع المندوب العام وكذلك المدير الجهوي “محمد بوعزرية” وكذلك محمد الصبار الذي كان يراقب الوضع من بعيد ولم يحرك ساكناً ، كانوا يضغطون على مواضع الألم بقوة وأنا أستغيث ولا مغيث.
س : أين نقلوكم بعد ذلك؟
ج : قرروا ترحيل من تمت محاكمتهم إلى سجن تولال 2 بمكناس وأنا كنت ضمنهم وإبقاء من لم تتم محاكمتهم في سجن سلا 2
س : كيف وجدتم الوضع بمكناس؟
ج : بمجرد وصولنا جردونا من ملابسنا بالكلية بدعوى التفتيش تحت أجواء اللكم والرفس والشتم وكانوا يعبثون بعوراتنا وهم يسبون بأبشع النعوت وأقبح الصفات، ثم تم وضعنا في زنازين انفرادية حفاة عراة بدون أغطية أو أفرشة كما حرمنا من كل شيء بما في ذلك الزيارة والمصحف بل حتى الكلام كان ممنوعا.
س : هل فكرتم في القيام بخطوة احتجاجية لرفع الظلم عنكم؟
ج : نعم نتيجة هذا الوضع المتردي قررنا أنا ومجموعة من الإخوة الدخول في إضراب عن الطعام.
س : كيف كان تجاوبت الإدارة معكم ؟
في اليوم التاسع من الإضراب وبالضبط يومه 25 ماي أخذوني من زنزانتي للتعذيب بغية الضغط علي لفك الإضراب أنا وباقي الإخوة المضربين وكنت أسمع صراخهم من بعيد يملأ الأرجاء، وبعد ذلك جاء دوري وعروني و شرعوا في ضربي في كل مكان وركزوا على أسفل القدمين حتى أغمي علي ولم أفق إلا في زنزانتي وقد تبولوا علي وأرغموني على شرب الحليب، ولم أستطع بعدها المشي على قدمي إلا بعد أيام واكتفيت بالحبو.
س: تسرب من السجن أنه وقعت حالات اغتصاب وأنك كنت ممن حصل معهم ذلك، هل هذا صحيح ؟
ج : نعم بالتأكيد وإليك القصة كاملة: ليلة 31 يوليو ، والمتزامنة مع ذكرى جلوس الملك على العرش ، صادف زيارة المدير وزبانيته أحد الإخوة وهو يقرأ القران في زنزانته والذي هو عبد الله المنفعة. . المدير لم يرق له ذلك وأصدر أوامره بإحضار جميع سكنة الحي إلى مكتبه في اليوم الموالي يأخذ أسماءهم . لم أنم تلك الليلة لأني كنت على علم بما ينتظرني أنا وإخواني في اليوم الموالي.
س : هل فعلا أخذوكم الى مكتبه ؟
ج : صبيحة اليوم الموالي وبالضبط في الساعة التاسعة صباحا سمعنا صراخ “المنفعة عبد الله” كان يطلق صراخا هستيريا علمنا أن المدير ينزل العقاب بمن سولت له نفسه رفع صوته ولو بالقرآن، بعدها حضر رئيس المعقل” أحمد بوجدية” رفقة طاقم الجلاد المجرم “التهامي بوحابوط” و”لغرسي حسين” و” فيصل” وآخرون؛ أخرجوا الأخ “عادل فرداوي” وشرعوا في ضربه بكل قوة حتى أن قوة الضربات كان يصل إلى الحي الآخر ويسمعه المعتقلون في زنزاناتهم، سحلوه عاريا وجروه خارج الحي ثم عادوا إلي بعد أن جاء دوري.
انقضوا علي كالوحوش الكاسرة، جرني “لغريسي” وشرعوا في ضربي بلكمات قوية وانهالوا علي بالهراوات على كل أنحاء جسدي كانوا يركزون على الرأس ، كنت عارياً تماما. استمرت هراواتهم على كل أنحاء جسدي وعلى أم رأسي حتى أغشي عليّ ، وبعدها سحلوني على وجهي إلى خارج الحي والضرب يتواصل على جسدي من كل جانب . كنت أعيش تحت وقع الإجهاد والإنهاك والإغماء والغيبوبة المتقطعة. أيقظني من إغمائي وقع شيء حاد يدخل في مؤخرتي ، فقد قام أحد الأوغاد المجرمين بإدخال عصا في دبري صرخت من الألم الشديد تمزق شرجي وسالت الدماء مني بغزارة ، كان الوضع مؤلماً وفظيعا. بعدها كبلوا رجلاي ويداي بأصفاد بلاستيكية وجد حادة ومسننة تستعمل لربط الكابلات.
س: هل أوقفوا التعذيب بعد ذلك ؟
ج: لم يوقفوه بل سيدخل إلى أسخن أشواطه بعد تكبيل أيدينا وأرجلنا ، بدأت مرحلة أخرى أمر وأدهى من سابقاتها؛ كانوا مجموعة كبيرة وحرارة شهر غشت مرتفعة تزيد المشهد التهاباً كانوا يتناوبون على تعذيبنا بالضرب الشديد الفظيع مع التحرش بنا جنسياً حيث كان الموظف المسمى” كمال” و “التهامي بوحابوط” ينادونني بإسم فتاة يتلمسون وجهي والأماكن الحساسة من جسدي بكلمات شاذة تدل على شذوذهم. استمر هذا الوضع قرابة الثلاث ساعات من الضرب والسحل والتبول وبعد ذلك أحضروا سيارة حملوني ورفاقي ورمونا على أوجهنا فيها كالأكباش مصفدي الأيدي والأرجل التي كادت تتقطع من فرط حدة الأصفاد البلاستيكية لتمويهنا ، قالوا بأنهم سيرحلوننا إلى سجن “الراشدية “واستمروا في اغتصابنا وتعذيبنا طول الطريق.
س: كيف أدركتم أن ذلك كان تمويها وليس ترحيلا حقيقيا ؟
ج: تفطنا أن السيارة تدور داخل السجن فقط داخل أحيائه ، طيلة بقائنا في السيارة، كان الموظف المدعو “حجي” يضربني على مستوى الوجه حتى كاد يفقأ عيني ، والمجرم المدعو “بوحابوط” يخاطب رئيس المعقل “راني تشهيت حليمة غير خليني…” يقصدني. بعد 20 دقيقة أخرى من التعذيب جروني مسحولاً على وجهي وبطني إلى أحد الزنازين ، خاطبنا رئيس المعقل قائلا: “ابتدأ الشوط الثاني الآن يفعلوا فيك…”
س: هل نفذوا تهديدهم؟
ج: كان ذلك مجرد تهديد، جاؤوا بخرطوم ماء صبوا علي حتى صرت ارتعش كعصفور جريح نزعوا أصفاد يدي ورجلي بصعوبة بالغة لأنها التصقت بلحمي ونزعوا الشريط اللاصق عن عيني ووضعوا عوض أصفاد البلاستيك ، أصفاد الحديد ، تركوني مكبلاً عاريا ، ارتجف دون فراش أو غطاء بقيت 6 أيام على تلك الحال والمفارقة الغريبة أن مأساتي وقصة اغتصابي وقعت في أول أيام رمضان والسبب هو قراءة القرآن، بعدها نقلوني إلى الحي الانفرادي حيث منعت بعدها من الفسحة والزيارة لمدة أسبوعين آخرين.
س: بعد تسرب فضيحة اغتصابكم الى الخارج كيف تعاملت الإدارة مع هذه الضجة ؟
جاءني المدير ومعه طبيب السجن حاولوا الضغط علي من أجل كتابة تكذيب لما شاع أصررت على عدم كتابة التكذيب رغم اللطم واللكم الإهانة، وفي يوم 20 غشت أخبرني رئيس المعقل وزبانيته بعد ضربي وتجريدي من ملابسي وتهديدي بالاغتصاب حقيقة تملكني الرعب وكتبت ما رغبوا فيه خوفاً من إنزال ما هددوا به.
س-هل زارتكم الضابضة القضائية لتدوين أقوالكم؟
في اليوم الموالي حضرت الضابطة القضائية إلى السجن واستمعوا لأقوالي حكيت لهم كل شيء بالتفصيل.
س- قلت بأنهم عرضوك على طبيب السجن هل زاركم أطباء محايدون؟
في يوم 7 سبتمبر 2011 حضر إلى السجن أربعة أطباء أجروا علي فحوصا عينية دون استعمال أي جهاز أو أداة طبية عاينوا أثار الجروح على مستوى الدبر مما يبين هتك عرضي وكذلك أثار التعذيب والضرب الأخرى سجلوا ملاحظاتهم ووعدوني بأن النزاهة هي مبتغاهم ووعدوني خيراً وانصرفوا.
س-هل زاركم محمد الصبار؟ وهل سمحوا للجمعيات الحقوقية المحايدة بتفقدكم ؟
زارنا الصبار لينكأ جراحنا ويضيف جرعات قاتلة إلى إعدام ما تبقى فينا من آدمية قلت له أين كنت كل هذه الخمسة أشهر ونحن نصرخ ونعاني ونعذب وتفعل بنا الأفاعيل وأنتم على رأس أكبر هيئة حقوقية رسمية ؟ ولم أستغرب مما قال فلقد صدق من نعته بإطفائي حرائق المخزن.
س-هل من كلمة أخيرة تريد إيصالها ؟
لم نكن نتوقع في ظل الدستور الجديد الذي يجرم التعذيب والجلادين وأن تغتصب كرامتنا وتحشى العصي في أدبارنا وأن نمنع من القرآن لأربعة أشهر وأن يصول ويجول علينا جلادو الأمس بنياشين اليوم عندما جمعنا أغراضنا ويا للأسف وهممنا بمغادرة السجن ومعانقة الأهل نجد أنفسنا نجرجر مرة أخرى في المحاكم منتهكي الأعراض مثخنين بالجراح متهمين بالعصيان والتخريب وجلادونا ومغتصبونا يرقون وينعتون بالنزهاء المخلصين المتفانين في أداء واجبهم.
إلى أقطاب العدالة والتنمية إلى رئيس الحكومة ووزير العدل والحريات أوجه هذا السؤال:
هل ستمر هذه الجريمة النكراء كسابقاتها دون أن ينال الظالمين جزاؤهم ؟
هل ستطمر لأن مقترفيها حصانتهم تمنعهم من المساءلة ؟
أين هو ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟
لقد انتخبكم الشعب لتخليصه من الاستبداد، الشعار الذي جعله الجميع عنواناً عريضاً لحملته الانتخابية. فهل نحن لسنا مغاربة ؟ أم أن إدخال العصي في الأدبار وقلع الأظافر لا يندرجان ضمن الاستبداد الذي كرستم نضالكم من أجل اقتلاعه ؟ أخشى ما نخشاه أن لا تكونوا في حجم الوعود والانتظارات ، وأن يستغل أهل الاستئصال ولايتكم ويسوموننا الخسف والهوان لأن ملفنا يدخل ضمن مناطق نفوذهم وهيمنتهم ويعتبرونه خطوطاً حمراء محظور عليكم تجاوزها.
أنا / يوسف الخدري الفتى منتهك العرض المعذب المثقل بالجراح ذو النفسية المحطمة أضعكم أمام مسؤولياتكم أمام الله ثم أمام الشعب المغربي وأمام التاريخ وان لم تنصفوني وإخواني فبيننا الواحد الديان الذي لا يظلم عنده أحد.
كما لا أدع الفرصة تفوتني لأهيب بشرفاء هذا البلد وأحراره إلى نصرتنا والوقوف إلى جانبنا كما لا أنسى في هذا المقام أن أتقدم بعظيم الشكر والامتنان لإخواننا وأخواتنا في اللجنة المشتركة وكذلك 20 فبراير بكل أطيافها وكل من ساهم ولازال في دعم قضيتنا والتعريف بمظلوميتنا.
ونتمنى التوفيق للجميع .
وفي الأخير يدين المرصد الإعلامي الإسلامي هذه التصرفات ويطالب السلطات المغربية سرعة إجراء تحقيق نزيه مستقل ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم بحق الإنسانية . . كما يناشد المرصد كافة منظامت حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية سرعة التدخل لرفع الظلم عن المظلومين والعمل على محاكمة من مارسوا التعذيب بحق المعتقلين والسجناء .
لمثل هذا يموت القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
المرصد الإعلامي الإسلامي