حوار مع أمير حركة المجاهدين في المغرب الشيخ محمد النوكاوي

حوار مع أمير حركة المجاهدين في المغرب الشيخ محمد النوكاوي

خاص – شبكة المرصد الإخبارية

في اول حوار صحفي مع الشيخ محمد النوكاوي امير حركة المجاهدين في المغرب المعتقل من عشرة سنوات ، كان انفراد شبكة المرصد الإخبارية بالحوار من وراء أسوار سجن طنجة .
حوكم ضمن ملفات السلفية الجهادية بـ 20سنة سجناًعام2003م، وبالمؤبد ضمن ملف مجموعة الـ 26 بمراكش بالمؤبد غيابيا العام 1985م ، يروي تفاصيل اغتيال مؤسس الجماعة الشيخ عبد العزيز النعماني وكيف تواطأت الاستخبارات الفرنسية مع المخابرات المغريية لاغتياله العام 1984م .
ويحكي تفاصيل عن نشأة الحركة وتكوينها العسكري ودورها في القتال بجبهة لبنان ابان الصراع الدامي في الثمانينيات من القرن الماضي .. ويسرد جوانب من سيرة النعماني المفترى عليه…
الشيخ محمد النوكاوي من مواليد مدينة تافوغالت اقليم بركان بالمنطقة الشرقية من المغرب الاقصى ..
يعد من الرعيل الاول المؤسس للتيار الجهادي التحق بصفوف حركة المجاهدين المغاربة العام 1980م . .
كان المسؤول عن اعداد ونشر مجلة السرايا الناطقة باسم التنظيم ..
اشرف على مسؤولية التحاق عناصر الجماعة بلبنان ..للتدريب والاعداد العسكري العام1983م..
خاض مع اخوانه معارك اهل السنة في مواجهة النظام النصيري…
تولى عدة مهام قيادية في التظيم قبل ان يتولى إمارة الجماعة عقب اغتيال مؤسسها…
تلقى العديد من الدورات الامنية والشرعية والتأهيلية في مسيرته الدعوية…
حوكم بالمؤبد غيابيا العام1983ضمن مجموعة الـ 26بمراكش…
حوكم 20 سنة سجناً بعد اعتقاله عقب أحداث الدار البيضاء . .
شبكة المرصد الإخبارية تنشر الحوار النادر والخاص كاملاً مع الشيخ محمد النوكاوي :
متى التقيت بالنعماني؟
الحديث عن الشيخ القائد عبد العزيز النعماني رحمه الله ذو شجون .. لقد شرفني المولى تبارك وتعالى بلقاءه في فرنسا وصحبته لسنوات.. كان ايامها ينشط رفقة الرعيل الاول ممن كانوا معه وأسسوا هذه الجماعة ووضعوا الخطوط العريضة لتجربة ثرية في العمل الأسلامي…  كان اللقاء والاتتماء عام 1980م . .
ومن نافلة القول ان الشيخ النعماني اسس حركة المجاهدين المغاربة عام1978م .. رفقة الشيخ علي البوصغيري رحمه الله ذلك الرجل المبتلى والذي لازم النعماني كظله في كافة مراحل العمل والدعوة والبناء والخروج بالجماعة من السرية الى علنية الدعوة .. واظهار مبادئها ومنهاجها..
وليس سراً ان قلت ان مجلة الجماعة التي كان يصدرها الشيخ عبد السلام ياسين نشرت بيانات للحركة .. مما يظهر مدى حضورها وكونها رقماً مهماً في تلك المرحلة من العمل الاسلامي . . حتى ان الشبيبة الاسلامية في كتابها المؤامرة الكبرى أوردت احدى بيانات الحركة في وفاة احد ابنائها داخل السجون مضرباً عن الطعام …
والحديث يطول في هذا الصدد في تلك الفترة العصيبة من التاريخ المغربي قمنا للعمل حيث كانت الشدة والحصار والاعتقالات في ذروتها..  لقد استطاع النعماني في ظرف وجيز ان يخرج بجماعته من مجرد مجموعة افراد الى جماعة تستقطب المئات من خيرة الشباب المغربي المهاجر… وان تضع بصمتها في العمل الدعوي وسط الجالية المغريية في عدة بلدان اورويية . .  وان يحشد الجموع تحت راية واضحة.. بلغ ايمانهم بها تقديم التضحيات بالأموال والأوقات والطاقات والأعمار . .
لقد كان النعماني رحمه الله القائد المؤسس يمتلك قدرات القيادة، الشيء الذي أهله ليكون علامة فارقة في هذا الطريق، ولانه كان يمتلك مواصفات الربانية كان اغتياله مطلباً وهدفاً وغاية .
لقد استطاع ان يغادر المغرب عقب اغتيال اليساري عمر بنجلون والتحق بالشيخ مطيع فترة يسيرة من الزمن وبعدها تمكن من الوصول الى لبنان في ذروة الحرب الاهلية عام 1976م ، وبعد مرحلة من الكمون غادر لبنان بوثائق لبنانية والتحق بإحدى جامعات فرنسا تحت هذا الغطاء ، وخلافه مع الشبيبة الاسلامية لم يكن انشقاقاً وانما اختلاف رؤية في ادارة الصراع وقتذاك ، وهكذا اعلن عن الجماعة ومسارها بعد جلسة مع الشيخ مطيع ، وانتهت بعدها أي علاقة للحركة بالشبيبة الاسلامية.
كل هذا كان في ظروف قهرية عصيبة شديدة الخصوصية ، تلتها مضايقات ومحاولات اغتيال طالتني شخصياً واستهدفت في مرحلة اخرى الشيخ علي البوصغيري رحمه الله..

ما نوع العلاقات التي جمعتكم بالشيخ مطيع؟
الحقيقة اننا في حركة المجاهدين بالمغرب لم تكن لنا علاقة تذكر بالشيخ عبد الكريم مطيع ، ذلك ان الشيخ النعماني بما له من رصيد وقيمة حركية وعبقرية تنظيمية عندما أسس الحركة العام 1978م، انطلق  في خط حركي وخيار استراتيجي في التربية والاعداد والزحف بشكل لا يلتقي مع خيارات الشبيبة الاسلامية آنذاك.
هذه هي الحقيقة التاريخية الكبرى التي غابت عن كثير من الراصدين للحالة الاسلامية في المغرب، لقد شكلنا داخل النسق الحركي طليعة بتجربتنا المنفصلة عن باقي التجارب في المساقات والسياقات… بعيدا عن مطيع وخياراته.
اما النعماني رحمه الله وارتباطه بمطيع والشييبة الاسلامية في مرحلة ما من تجريته الحركية فذلك امر معروف وان حاول البعض ان يطمس معالمها او يشوه سيرتها ويقلب حقائقها، فسيظل النعماني قامة كبرى في هذه الدعوة المباركة ولو تقول الشانئون .
وقد انقطعت كافة صلات النعماني بمطيع قبيل اعلانه مشروع تأسيس الحركة، اننا بحاجة لكتابة تاريخنا من خلال رؤيتنا لا ما يقال او يكتب ويفبرك عنا، وهذا شأن له أوانه في تقديراتنا ان شاء الله ، إن من حق امتنا علينا ان ننقل للاجيال القادمة تجربتنا ورؤيتنا لتلك الاحداث الكبرى التي عاصرناها وعايشناها عن كثب.
ولا تزال كافة تفاصيل نشأة الحركة وقائدها ومقتله تحتاج لأسفار عديدة للالمام بكافة تفاصيلها وجوانبها.
لقد أوذينا من الاخوة في الشييبة الاسلامية الذين لا يزال دأبهم الطعن والتجريح والحط من مخالفيهم وتخوينهم فقد تمكنت ثقافة التربص والتشكيك في قيادتهم التي لم تنقطع عن النيل منا ومن الشيخ النعماني رحمه الله ، هؤلاء اخواننا بغوا علينا وبالغوا في ذلك.
ان كتابة ورواية تلك المرحلة ليست حكرا على احد وهذه شهادتنا لله والناس والتاريخ، وصدق الحق تبارك وتعالى اذ قال:( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد).

اين تربى وترعرع النعماني قبل التحاقه بالعمل الاسلامي الثوري؟
النعماني رحمه الله ينحدر من الدارالبيضاء انه واحد من ذلك الجيل الفريد من الحركة الاسلامية المغربية وبدايات صحوتها المباركة، نشأ دينا “بتشديد الياء”  خيراً محباً لهذا الدين، وكان لمحنة سيد قطب رحمه الله وكتاباته الاثر البعيد في وجدانه، أهله ذلك لأن يسلك هذا الدرب ويمضي فيه الى الغاية بإذن الله  الى آخر الشوط ، كان من قدر الله وهو في فتوته وهو الطالب في الجامعة آنذاك ان يلتحق بصفوف الشبيبة الاسلامية ويمضي في طريقها من خلال سرية مرحلية الى أن دخلت الحركة ككل في منعطف الابتلاء.
لقد كانت تلك البدايات الحركية منطلقاً لصقل تجربته ومواهبه وخبراته الحركية والتنظيمية التي راكمها مع الزمن وبالعمل الدؤوب المتواصل حتى بعد ان غادر الحركة الام في ظروف قهرية معقدة تحوطها الكثير من الاعباء والمعاناة والضراء..
ولأن الشيخ عبد العزيز النعماني كان يمتلك قلباً كييراً فقد حافظ على حبال الود مع مطيع ولم يطعن في سابقته وفضله حتى عندما شنت عليه الشبيبة حرب البيانات التي لاتزال متواصلة الى الآن كانت توصيات الشيخ بعدم الرد او الانسياق وراء حرب البيانات.
اقول واكرر..  في منعطف لاحق ارسى النعماني قواعد مدرسة حركية من خلال جماعة المجاهدين التي لاقت ما لاقت من المكاره وظلت قائمة في صمت واصرار بفضل الله . . فقد ظلت علامة فارقة في طريق الدعوات… وسيأتي يوم تبرز فيه كبرى معالم تلك التجربة في بعدها التاريخي من خلال دراسة من الداخل شهادة لله والناس والتاريخ .

ما هي العمليات التي نفذتها حركة  المجاهدين مع فصائل المقاومة اللبنانية؟
إنها صفحة مجيدة من ملحمة الحركة الاسلامية وأوراق غائبة اندثرت مع تعاقب الزمن وقد آن الآوان لإماطة اللثام عنها حتى نسمع الناس روايتنا من رؤيتنا وواقع معايشتنا للاحداث لا من خلال ما يستنتجه عنا غيرنا ويحور ويجير لصالح اجندات معادية.
عندما وصلنا في مجموعات متعددة الى طرابلس الشام في الثمانينيات من القرن الماضي، بعد جهد وعناء كانت الحرب الاهلية في أوجها، كان هدفنا المركزي التدريب والاعداد العسكري ، بعد الانتهاء من تلك المرحلة انخرطنا في القتال جنباً الى جنب مع حركة التوحيد بقيادة الشيخ سعيد شعبان رحمه الله ، فقد كانت مناطق اهل السنة تحت الحصار والمجازر في ذروتها وهو قتال دفاع عن اخواننا المسلمين المستضعفين في مواجهة النظام النصيري البعثي في سوريا الوالغ في الدماء والاعراض.
وبعد انسحاب الفصائل اللبنانية المقاتلة في تلك المرحلة العصيبة… انسحبنا ثم غادرنا الشمال عائدين لمواقعنا.
بعد العودة الى فرنسا … كان بانتطارنا النبأ الصادم اغتيال القائد المؤسس ضمن مخطط مؤامرة شاملة لتصفية كل عناصر وقيادات الجماعة وذلك فصل آخر من هذه السيرة الحركية لحركة المجاهدين وأميرها النعماني رحمه الله.

هل يمكن ان تقربنا اكثر من شخصية النعماني الانسان وصفاته؟
لقد كان الشيخ النعماني رحمه الله القدوة في كل شيء في الصبر والأناة والحلم وطلب العلم والعمل به والوقوف عند حدود الله، صافي العقيدة بل كانت عقيدته في انصع صورها السلفية وكان يواصل العمل بلا فتور أو كلل .
كان الانسان بما هو قيمة اخلاقية… تحضر فيه قيم الانسانية في قوة عواطفه الجياشة ورقة قلبه الكبير ، وكم كنت اقف على كثير من تلك المشاهد الانسانية العميقة في ذروة المحن ، وهو الحريص على اخوانه جمع الى ذلك كله خصال القيادة الراشدة من حنكة وتخطيط وارادة صلبة لا تلين وايمان راسخ بالعقيدة التي لأجلها شرد وطورد وعودي وهاجر وبذل المال والنفس والنفيس الى ان بذل مهجته والجود بالنفس اقصى غاية الجود.
استطيع ان اقول بلا تردد بالنسبة لي وبعد تجربة ثلاثة عقود من العمل الاسلامي وتجاربه لم ارى مثيلاً  ولا نظيراً لذلك الرجل في المغرب.. انه رجل بأمة وأمة في رجل..
والامل يحدوني في زمن قادم بإذن الله نعطي فيه لهذه القامة الباسقة حقها من التعريف ودفع الشبهات والانصاف.
هذا هو النعماني القائد والقدوة كما عرفته، المنارة المففودة ومثله اخونا الفقيد الشيخ علي البوصغيري رحمه الله.

هل لديك توضيح حول اغتيال النعماني ؟
من عرف الشيخ عبد العزيز النعماني رحمه الله عن كثب يدرك ان امثاله لا يمكن ان يكونوا من المعمرين، للقتل خلقوا، ان دعوة تقدم الدم في سبيل مبادئها لن تموت . . وان كمنت وانحسرت ستظل في عمق التجربة علامة فارقة.
ان طريق الاحرار مفروشة بالاشواك محفوفة بالمكاره ممزوجة بدبق الدماء والآلام والتحديات والاعباء.
ان مقتل النعماني هو الوجه الآخر لتجربة اغتيال سياسي لم تزل تريق بحورا من المداد ولم تفك سائر طلاسمها واسرارها اعني بذلك اغتيال المهدي بنبركة ، كلاهما كانت نهايته في فرنسا ، كلاهما كان التواطؤ الفرنسي حاضراً ، كلاهما كان معارضا شرسا للنظام ، كلاهما على مقتله ألف علامة استفهام. مع الفارق في عقد المقارنة.
لقد اشرفت الاستخبارات المغربية من خلال ضابط الاتصال المدعو الادريسي المنحدر من المنطقة الشرقية والذي كان مكلفا بملف الحركة وعلى اتصال وثيق بالسفارة المغربية في فرنسا ، وكانت الادوات بعض المتساقطين في طريق الدعوة استعملوا  كوسيلة لتحديد مكانه وتصفيته والمشاركة في ذلك .
ولأن النعماني رحمه الله كان دائم الحركة كالنحلة لم يكن يكترث لأمنه الشخصي وحراسته فقد كانت كل حركاته مرصودة من المخابرات المغربية والفرنسية.
وعند تحديد ساعة الصفر كان التوقيت محدداً بعناية فائقة اذ كانت المجموعة الاشد قرباً من الشيخ وهم القاعدة الصلبة للحركة، كانوا وقتذاك في مهمة جهادية بلبنان.
هكذا  رصد الشيخ وهو في ضاحية مدينة افينيون التي كان في طريقه اليها وبتواطؤ من الاستخبارات الفرنسية اغلقت الطرقات المؤدية لمكان تواجده وتمت تصفيته وترك لساعات وهو ينزف الى ان مات رحمه الله .
وبعد عودتنا من لبنان شنت السلطات الفرنسية حملة اعتقالات في صفوف الحركة طالت حتى زوجات الاخوة.
النوكاوي

عن marsad

اترك تعليقاً