اندحار العاصفة

اندحار العاصفة – الحلقة الثالثة

اندحار العاصفة
اندحار العاصفة

اندحار العاصفة  – الحلقة الثالثة

الكتاب يتحدث عن مخططات القوى الدولية لاحتواء الثورة السورية وعن كيفية مواجهتها

خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية

رابعاً: الموقف السعودي والخليجي:من الواضح أن التهديدات الإيرانية قائمة على قدم وساق للمملكة العربية السعودية ودول الخليج ولئن كانت التهديدات الإيرانية لإسرائيل هي فقاقيع إعلامية فقط لمداعبة مشاعر المسلمين فإن التهديدات الإيرانية نحو كامل شبه الجزيرة العربية قائم بشكل حقيقي وله أثر كبير تعانيه المنطقة العربية من الدولة الفارسية المجوسية سواء على مستوى التصريحات الإيرانية أو على مستوى الامتداد الديمغرافي خاصة في شرق المملكة ودول الخليج وأيضا في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية (الحوثيين)، وإن مصدر القوة الخارجية الإقليمية لإيران هو النظام السوري الذي هُيئ كنظام نصيري لهذا الامتداد سواء على مستوى العراق أو سوريا أو لبنان أو حتى الفصائل الفلسطينية (حماس والجهاد).

إن مشروع الهلال الشيعي سيعيد أمجاد الإمبراطورية الفارسية وبالتالي خلق قوة عظمى مناوئة للمسلمين والعرب وبالتالي إحكام الخناق على الجزيرة العربية من الجهة الشرقية والشمالية ومن الجنوب بشكل جزئي (الحوثيين)، في حين أوجدت لها امتدادات واسعة منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 سواء في اليمن أو سلطنة عمان أو السعودية أو كامل دول الخليج وإن إيران قادرة اليوم على زعزعة استقرار شبه الجزيرة العربية وضربها بشكل مؤلم لذلك فإن مصالح المملكة العربية السعودية ودول الخليج تنصهر تماما مع نجاح الثورة السورية، ولا نبالغ إن قلنا إن نجاح الثورة السورية في إسقاط المشروع الصفوي المجوسي هو انتصار سعودي خليجي على إيران، وإن سقوط الثورة السورية تعني وقوع الهيمنة الإيرانية الفارسية على السعودية والخليج، ويمكن أن نفهم وفق هذا السياق التحذير القطري للمندوب الروسي في الأمم المتحدة من استخدام الفيتو فهدد الأخير بمحي قطر من الخريطة، ولكن نفى هذا الخبر المندوب الروسي فيما بعد إلا أن الموقف تكرر في مؤتمر جنيف بتاريخ 6\7\2012 كما نقلته الصحفية راغدة درغام نقلا عن بعض المصادر التي حضرت المؤتمر وتناقلته بعض وسائل الإعلام بأن الروس بالذات استاءوا جدا من تركيا وقطر على أساس أنه لا يحق لهما التدخل في نص لمشروع قرار يخص مجلس الأمن وأن عليهما أن لا يتصرفا كأنهما عضوان في المجلس ومن هنا يمكن أن نعلم الصدق الحقيقي لدى السعوديين والخليجيين في دعم الثورة السورية، وإذا كانت جميع دول العالم قاطبة تتاجر بدماء المسلمين في سوريا فإن السعودية والخليج لن يتاجروا فينا بحكم المصالح الحيوية لهم في نجاح الثورة السورية، ومن هنا نجد أن قطر والسعودية من أولى الدول التي دعت إلى الحظر الجوي وإلى تمويل وتسليح الثورة لأن إسقاط الأسد ونظامه هو إسقاط للمشروع الصفوي برمته، وإذا كانت الخطورة بهذا الوصف فلماذا لم تقدم السعودية ودول الخليج أقصى ما لديها من التمويل والتسليح للثورة السورية؟…. علما أن إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لنصر الثورة يغنيهم عن إنفاق مئات المليارات من الدولارات لدفع الأطماع الإيرانية الصفوية.

من الواضح تماما أن السعودية ودول الخليج تتعرض لضغوط هائلة من الولايات المتحدة الأمريكية لمنع تمويل وتسليح الثورة ولذلك كانت خطة التمويل والتسليح منسجمة تماما مع الإرادة الأمريكية وهم مرغمون، وجميعنا يذكر الموجة الإعلامية الكبيرة في السعودية على مستوى رجال الدين والعلماء بالدعاء للثورة السورية في كل المساجد وبتحريم خدمة المسلمين في الجيش السوري وبوجوب الانشقاق عنه، ثم مالبثت هذه الموجة الإعلامية أن تخامدت إلى حد كبير والحقيقة أن الدعم العقائدي والبشري من المتطوعين السعوديين والخليجيين والتمويل والتسليح سوف يعطي الثورة السورية دفعًا كبيرًا يمكن أن يتحقق معه نصر سريع وساحق للمسلمين السنة، وكي لا يتم ذلك ويضمنوا عدم نجاح الثورة السورية إلا بالقدر المخطط لها أمريكيًّا قامت هذه الضغوط بمنع المساعدات، لذلك يجد المراقب أن حكام الجزيرة العربية يقومون بغض الطرف عن الدعم غير الرسمي للثورة عن طريق خلق قنوات تمويل خاصة وفردية من التجار والصناعيين ورؤوس الأموال لدعم الثورة بعيدًا عن خزائن الدولة بسبب المراقبة الأمريكية.ومما يؤكد منحى الدعم السعودي الخليجي تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتاريخ 21\3\2011 قوله (إن الصراع يدور في المنطقة كلها، وإذا سقط النظام الحالي في سوريا فستنبثق رغبة قوية وتمارس ضغوطًا هائلة من جانب بعض بلدان المنطقة من أجل إقامة نظام سني في سوريا، ولا تراودني أي شكوك في هذا الصدد)…وطبعا المراد السعودية ودول الخليج.

 ويمكن أن نفهم أن إرسال درع الجزيرة إلى البحرين لخمد الثورة الرافضية فيها هو مؤشر قوي على إحساس الجزيرة العربية كلها بالخطر المحدق بها و كما أن الإعلان السعودي عن مشروع اتحاد بين السعودية والبحرين ينفي بدون أي شك احتمالية تقاعس الجزيرة العربية على مستوى الصراع الذي يمر به الشرق الأوسط وجديتها في إسقاط المشروع الصفوي، إلا أن هذه الجدية جاءت متأخرة جدًا جدًا…..

 

خامسا: الموقف الروسي:

هناك تاريخ طويل من العلاقات الحميمة ما بين النظام النصيري في سوريا وما بين الدولة الشيوعية العظمى خاصة في مرحلة الاتحاد السوفييتي، وكانت سوريا منحازة لحلف وارسو في مواقفها المعلنة، إلا أن حافظ الأسد وفي مرحلة اكتشاف النفط السوري في مطلع سبعينيات القرن الماضي أعطى الاستثمارات النفطية للشركات الغربية وبصورة مجحفة جدا 60 % للشركات الغربية و 40 % لسوريا أي لخزينته وخزينة ابنه باسل، وهكذا فإن حافظ  الأسد قام بتقسيم الاستثمارات السورية والنهب ما بين الدول العظمى كي ينأى بنفسه ويرضى عنه الجميع في تثبيت حكمه أما نصيب الاتحاد السوفييتي آنذاك فهو تسليح الجيش السوري ووضع القاعدة البحرية الروسية في مرفأ طرطوس لذلك فإن العلاقات بين الجانبين كانت وثيقة حتى أن القوات الروسية الشيوعية كان لها دور كبير في الإشراف والتوجيه والإدارة للحرب التي شنها حافظ الأسد على المسلمين السنة وإبادتهم في فترة قيام الطليعة المقاتلة في سوريا بمقاومة الاحتلال النصيري على يد القائد المجاهد البطل مروان حديد رحمه الله.

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق شعر النظام السوري بوجود خطة إسقاط له ولنظامه وتقسيم سوريا حتى أنه في افتتاحية القمة العربية في دمشق آذار 2008 قال بشار الأسد (لم تعد سوريا على حافة الخطر بل في قلب الخطر).لذلك بعد الحرب على العراق سلم نفسه وسياسته والدولة السورية بشكل كامل لروسيا وإيران وإن الدفاع الروسي الآن عن النظام يستند إلى أمور منها:

1-                 بقاء تسليح الجيش السوري من روسيا.

2-                 الحفاظ على القاعدة الروسية في طرطوس.

3-                 الحفاظ على ساحة عمل حيوية في حوض البحر الأبيض المتوسط لأن خروجها من المنطقة يعني الامتداد الغربي وإحكام سيطرته على العالم مع خنق روسيا في حدودها الجغرافية وحرمانها من الاستثمارات (فلما دعمت روسيا نظام القذافي وانتهى بالسقوط أتت الحكومة الجديدة ومنعت كل الاستثمارات الروسية في ليبيا)….. إلا ضمن حدودها الدنيا وبالتالي فإن سقوط النظام السوري سيتبعه خنق المصالح الروسية في العالم حتى على مستوى آسيا، لذلك فإن روسيا ستستمر في دعم النظام السوري حتى تصل لحد اليأس فهي تعلم أن أي حكومة سورية قادمة في المستقبل ستكون مدعومة غربيا أي ذات عمالة أمريكية وبالتالي ستفقد حصتها وحيويتها في المنطقة.

4-                 الخوف الروسي من نجاح الثورة السورية وتحولها إلى ثورة إسلامية وبالتالي انتشار مد الحركات الثورية الجهادية الإسلامية إلى جمهوريات آسيا الوسطى الموالية في حكمها لروسيا، وعلى هذا المفهوم يمكن أن نعرف مدى خدمة نظام الأسد لروسيا عن طريق قمعه للمسلمين و منع قيام أي فكر تحرري عقائدي.

سادسا : الموقف الصيني :وهو يشابه الموقف الروسي إلا أنه أقل حماسا في شأن الثورة السورية والتي يقودها في هذا الموقف روسيا وتسعى من خلال موقفها الداعم للنظام السوري إلى أمور عديدة منها:

1-                   الحفاظ على العلاقات التجارية مع سوريا واستمرارية استثماراتها وخاصة أنها فازت في السنوات الأخيرة بعقود نفط لشركاتها في سوريا ولا سيما في مرحلة انزياح النظام بعد الحرب العراقية نحو الكتلة الشرقية ليحمي نفسه من المخطط الغربي القادم،(بعد عام 2008 )فقد بنيت منشآت نفطية صينية في سوريا بمقدار 2 مليار دولار وكانت عقود النفط مع النظام السوري كبيع اللصوص حيث أن أكثر من 80% من النفط السوري من نصيب الصين وأقل من 20% لسوريا أي أن النظام يعطيهم النفط السوري دون أي مقابل المهم ربطهم بأمن واستقرار سوريا وبالتالي الوقوف مع النظام ضد أي محاولة لإسقاطه لأجل استمرار نهب الصين للنفط السوري.

2-                   خطة التطويق التي تنتهجها واشنطن لمحاصرة روسيا والصين حيث أن الصين تتقدم بسرعة نمو اقتصادي فائقة بلغت 10% وقد أزاحت من أمامها اليابان والمتوقع أنها ستحتل المرتبة الأولى عالميا في غضون عشر سنوات، وإن الصين تعلم بالامتداد الخطير الذي بلغته القواعد العسكرية الأمريكية حتى على تخومها سواء في أفغانستان أو جنوب آسيا أو دول نمور آسيا وحتى اليابان وكوريا الجنوبية،أو التدخل الأمريكي في دعم تايوان ضد الصين خاصة بعد صفقة الأسلحة الأمريكية لتايوان بمقدار 4 مليار دولار،وإذا كان للنظام السوري الآن تبعية نحو المحور الشرقي فإن الحكومة القادمة أو عملية التقسيم للمنطقة ستجعل العالم ينحاز بشكل شبه كلي في التبعية نحو القطب الأمريكي، لذلك فإن الصين لأجل الحفاظ على استمرار أمنها الاقتصادي والسياسي والجغرافي فإنها سوف تسعى جاهدة لإسقاط المشروع الأمريكي في سوريا ولن تتوقف عن دعم النظام في قتل المسلمين إلا بعد سقوطه التام، ولكن موقفها أقل قساوة من روسيا إذ أن ضمانات غربية حقيقية باستمرارية مصالحها في سوريا والمنطقة كفيل بتراجع الموقف الصيني ولكن أمريكا لن تقدم هذه الضمانات أبدا بل إنها تتستر بستار العجز أمام الشعوب والمسلمين على أن الصين وروسيا هما من يغذيان الشره الدموي للنظام السوري، أي أنها عملية تشويه عالمية لكلا الدولتين لذلك فهي منتفعة نسبيا وبشكل جزئي من هذا الموقف الروسي الصيني السيئ بحيث بدت أمريكا لصيقة بشعارات الحرية والديمقراطية للشعب السوري.

سابعا: الموقف الإيراني:اقتطفت كثيرا من الكلام التالي من مقالة ” أمة في خطر ” للدكتور أكرم حجازي .

 المشروع الإيراني:

إن إيران تتقدم بمصالح وأهداف مشتركة مع الغرب فكلاهما له مصالح في منطقتنا ولهم مشروع تبشيري بعقائدهم فينا، بل قد ساعدت إيران الغرب في احتلال العراق وأفغانستان وساندته إلى حد بعيد، وهي لازالت ترفض بشكل قاطع أن يسمى الخليج العربي على ما هو عليه فهي تصر على تسميته بالخليج الفارسي، وإن الغرب يغض الطرف عن برنامج التسلح الإيراني، إذاً لمن هذه الترسانة؟…

إنها للمسلمين العرب بل إن أمريكا تطلق الشيعة كيد ضاربة على السنة وتستعملها كورقة في يدها ومن ثم تفاوض على كفّها كما حصل في العراق.

لو فتشنا في الجذور التاريخية لما وجدنا حالة الوئام بين الدولة الصفوية المجوسية وبين المسلمين السنة ابتداء من فجر الإسلام وفتنهم في العراق ثم قيام الدولة الفاطمية والعبيدية والخيانة العظمى للمسلمين في إدخال التتار إلى بغداد فهم الخنجر المسموم في خاصرة المسلمين منذ سقوط الإمبراطورية الفارسية المجوسية فهم يتحالفون مع أعداء الأمة كدورهم الحاضر في العراق وأفغانستان، ولما قامت الخلافة العثمانية الإسلامية في محاصرة أسوار النمسا استنجد البابا بالدولة الصفوية فتحالفوا معها لأن النمسا كانت قائدة العالم المسيحي آنذاك فخانت الدولة الفارسية المسلمين من الظهر.

وعلى مدى التاريخ كانت الدولة المجوسية مع أعداء المسلمين، وقد يقال إن من السنة من هم في صف أمريكا اليوم، فنقول نعم في صف أمريكا بسبب مصالحهم وليس عداء عقائديا مثل إيران. لقد نقل الموقع الرسمي لأهل السنة والجماعة نقلا عن وكالة مهر للأنباء تصريحات سابقة للرئيس أحمدي نجاد قوله:(إن فاطمة الزهراء كانت أسوة لجميع الأنبياء والصالحين… وإن الله تعالى مع أسمائه قد تجلى في صورة فاطمة الزهراء، وإن الله تعالى يعرف نفسه إلى العالمين عن طريق فاطمةوإن مصير العالم والكون في اختيار فاطمة وهي تتصرف في العالم كيف تشاء… والظلم بالنسبة لفاطمة هو ظلم لله تعالى ) تعالى الله عن وصفهم علوا كبيرا.

إن المشروع الصفوي ضد المسلمين لم يتحرك إلا عند تحرك المشروع الغربي ضد المسلمين السنة، ولماذا تحركوا بهذا الزخم في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا ولبنان والسعودية ومصر والسودان؟… إذاً الغاية هي ضرب السنة تحالفا مع الغرب أي ضرب السنة مع الشيعة تماشيا مع المشروع الغربي، إذ كيف لنا أن نتقبل المشروع الإيراني في لبنان على أنه مشروع مقاومة ونصرة للمسلمين في حين تقوم بقتلهم في أفغانستان والعراق، وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق أطلقت أمريكا يدها للرافضة لتشكيل فرق الموت (منظمة بدر – جيش المهدي…) لقتل السنة ثم تفاوضت أمريكا مع المسلمين السنة لتشكيل الصحوات وقتل المجاهدين مقابل كف يد الرافضة وفرق الموت فلما قضت الصحوات على المجاهدين قامت الحكومة العراقية الرافضية بالقضاء على الصحوات وملاحقة رؤسائها ومشايخها.

وحتى الآن نجحت إيران في تعمية وتضليل السنة في العالم من خلال المقاومة ضد إسرائيل في حين يتم تعتيم كامل عن إجرامها في المسلمين السنة سواء في إيران نفسها أو العراق أو أفغانستان. آليات المشروع الصفوي:

إذن… هناك مشروعان يتهددان المسلمين في الشرق الأوسط  :

المشروع الصفوي والمشروع الأمريكي وقامت إيران في سياق تشكيل الهلال الشيعي بأمور:

1-                 تأسيس الحرس الثوري كقوة ضاربة وله أذرع في المناطق الباردة والحارة في العالم وسلطته أكثر من سلطة الجيش ويريدون الآن استئصال السنة من بلاد الشام والحقيقة أن أمريكا تغض الطرف عن المشروع الصفوي في بلاد الشام ريثما يتحقق لها هدفها بإبادة أهل السنة فيها ثم يتم التدخل.

2-                 الحوثيون في اليمن: وهم زيدية وكان تشيعهم هو التشدد فقط في حب أهل البيت عما سواهم دون أن يمسوا إيمان الصحابة لكن حرفتهم إيران مؤخرا ليحدث الصدام بين جماعة بدر الدين الحوثي والدولة وإن علماء الزيدية أنفسهم قد نبذوا حركة الحوثي فمن أين تستمد هذه الحركة صمودها وأموالها وأسلحتها أمام الدولة خاصة أن حركتها ليست احتجاجات سياسة أو اقتصادية بل أداة عسكرية بيد إيران تحركها وقت تشاء وتريد جرهم عقائديا لمعتقداتها عن طريق التحوير لتصبح ذراعها الصفوي المطوق للجزيرة العربية، ولماذا تدفع أمريكا بالساسة اليمنيين إلى استئصال القاعدة والجماعات الإسلامية بينما تسكت عن النشاط المسلح للحوثيين ؟……

3-                 حزب الله: نشأته وتطوره في لبنان معلومة واحتلاله لبيروت كان تحت الدعم الأمريكي وذلك خدمة للمشروع المشترك الأمريكي الإيراني في المنطقة ولأن حزب الله يعمل بينما سنة لبنان مشغولون بالإغراءات المالية التي يقدمها الحريري أو بـ ستار أكاديمي التي فتحها لهم الحريري، وبسبب تغييب مقاتلي فتح الإسلام في نهر البارد بعد أن قضى عليهم الجيش بالتواطؤ مع رموز أهل السنة. عدد النصيرية الذين تشيعوا في سورية هو 52 ألف نصيري ومن السنة تشيع 16 ألف ومن الإسماعيلية 7 آلاف .

4-                 في فلسطين ركبت حماس والجهاد موجة الترويج للتشيع والتأييد الكامل لإيران في أفغانستان والعراق، فإذا كان مشروع إيران في لبنان وفلسطين هو مقاومة فلماذا يكون مشروع احتلال إيراني في كل من أفغانستان عبر الهزارة والعراق عبر الشيعة؟ ولماذا يكون في هذين البلدين مشروع اضطرابات وفتن؟…. وما علاقة الحوثي في مشروع المقاومة؟…. وإذا نجحت كما يقولون في دعم حزب الله ومنع تقدم إسرائيل 1 كم على الحدود الإسرائيلية اللبنانية فلماذا لا تدعم بنفس الأسلوب حلفاءها في فلسطين حركتي حماس والجهاد ولماذا تعطي حزب الله الصورايخ المضادة للميركافا ولا تعطيها للفصائل الفلسطينية؟… فإذا كان أقصى ما تقدمه إيران لهاتين الحركتين هو المال فإن النهاية ستكون كنهاية تحالف الحريري مع سنة لبنان لأن المال يصنع نفوذًا إلى حين ولكنه لا يصنع مشروعًا، ومنذ أن دخلت حماس العملية السياسية خلت من المفردات الإسلامية أو الدينية وتوجهت نحو مفردات التسويات والسلام والتهدئة والوحدة الوطنية والرقم الصعب… بل أعلنت أنها لن تطبق الشريعة ولن تقيم إمارة ولن…. ولن…. ولن يضرها أن خسرت أصدقاء الأمس أو تقصي المخالفين وتعاملت مع القوى الأخرى كما لو كانوا متمردين، وهكذا عندما تصاب الأمة بالصمم ولا ترى إلا بعين فرعونية فلن تنأى عن إلحاق الأذى بنفسها .

 ثامناً: الموقف الإسرائيلي:

إسرائيل دولة توسعية ولها أطماع في المنطقة بحيث يتم إخضاع بلاد الشام تحت سيطرتها وهي تعتقد أن الخطر القادم إليها في المستقبل من جهة بلاد الشام لذلك تتفق مع المشروع الأمريكي في الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط والتصفيات البشرية الواسعة ومن ثم عملية التقسيم، وبالرغم من أن حافظ الأسد الأب والابن خدما المصالح اليهودية لأقصى حد إلا أن إسرائيل الآن لم تعد بحاجة لنظام الأسد لأن المشروع القادم أهم من الأسد وستنحصر عمالته الآن فقط في دعمه لقتل المسلمين السنة أي إطالة عمر النظام إلى أقصى حد ليتمكن من ذلك وعندما يحين انتهاء دوره فإن مقتل بشار الأسد سيكون من صالح الغرب لإشعال الحرب الطائفية وذلك مع ابتداء دخول المرحلة الثانية للمشروع الأمريكي وهي الحرب الطائفية في منطقة الشرق الأوسط والتي ستطفح من سوريا، لذلك كانت إسرائيل تقول أن نظام بشار الأسد يخدمنا لكن سقوطه سيخدمنا أكثر.

إن إيران هي الحليف الإقليمي الأكبر لإسرائيل فلماذا تضرب المفاعل النووي العراقي في مطلع ثمانينات القرن الماضي ولم تضرب المفاعل النووي الإيراني إن كان مصدر تهديد  حقيقي لها؟….ولماذا تعلن إسرائيل أنها ستتدخل في سوريا إذا أعطى بشار الأسد من الأسلحة الكيماوية لحزب الله وهم يعلمون أن السلاح الكيماوي قد حازه الحزب من بشار الأسد منذ سنوات؟…. الحقيقة أن تدخل إسرائيل سيكون في مرحلة لاحقة لدعم القوى المعادية للثورة عند الطوارئ، كما أن حيازة حزب الله للسلاح الكيماوي ليس لضرب إسرائيل بل لضرب المسلمين في لبنان في الوقت المناسب. وإن إسرائيل على تواطؤ تام في الوقت الحالي مع المشروع الصفوي الإيراني والمشروع الأمريكي ولكن حالما تنتهي المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية فسيقوم الغرب وإسرائيل بقطع أوصال الهلال الشيعي بسبب التنافس المحتدم في المصالح في الهيمنة على الشرق الأوسط بين إسرائيل و إيران كدول إقليمية،و قد يحدث هذا الصراع ابتداءً( هذا إن بقي لإيران أياد في منطقة الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب الطائفية بسبب كشف المجاهدين للمخطط) وتحجيم إيران في دورها الصغير بعد أن يكونوا قد استخدموها في عملية التقتيل الواسعة لأهل السنة في سوريا، فالمشروع الأمريكي الإسرائيلي سيطغى في المرحلة الثالثة والمتقدمة على المشروع الصفوي ذي الطابع التوسعي الامتدادي ولكن لن يقضوا على إيران أبدا لأنهم يعلمون أن عقيدتها على مدار التاريخ لم تكن إلا سيفا على رقاب المسلمين بينما كانوا من أخلص الحلفاء لليهود والنصارى وكل أعداء الإسلام على مر التاريخ.

وبالعموم فإن إسرائيل ضالعة لحد كبير في المخطط القادم، وإذا كانت إسرائيل بعيدة عن الانخراط في المعركة في المرحلة الأولى والثانية للخطة الأمريكية فإنها ستكون ضالعة في المرحلة الثالثة.

إن مشروع قيام دولة إسرائيل الكبرى مرحليا من الفرات إلى النيل يستحيل أن يتم في ظروف القوى العالمية الحالية ومن الوهم التفكير في هذا المشروع إذا بقيت بلاد الشام وقلبها سوريا على ما كانت عليه قبل الثورة السورية، لذلك فإن ظروف الدمار الشامل في سوريا وبلاد الشام عموما، وبحار الدماء للمسلمين سيسهم في التخلص من هذا التكتل البشري وقيام دولة إسرائيل الكبرى على أشلاء الملايين متزامنا مع اختطافها لمشروعها من يد أمريكا عن طريق اندلاع حرب عالمية ثالثة نووية تكون سببا في إبادة الجميع وتغير طبيعة النظام العالمي الحالي ومن ثم استفرادها في العالم، حتى أن المقررات في بروتوكولات حكماء صهيون أنه لا بد قبل قيام الحكومة الموحدة العالمية من انتشار الفقر و الجوع و غلاء الأسعار في العالم لقيام الثورات و من ثم تقويض النظام الدولي لقيام حكمهم، وإن هذا التفكير الجنوني ليس بعيدا عن أمة تختزن في وجدانها أنهار الحقد على البشرية.

 ولا عجب أن تدمير إسرائيل سيكون بتدبيرها بل يمكن أن نلمح بدء خراب إسرائيل من بدء سقوط النظام النصيري في سورية الذي قام على حماية إسرائيل وتطبيق أجنداتهم،حتى أن الطاغية بشار الأسد كان يذكر دول المركز في مقابلة له مع صحيفة الصندي تليغراف بتاريخ 30-10-2011 بالواقع الذي لم يختلف عليه أحد من المحاور العالمية منذ تم اختيار الطائفة النصيرية لتكون الأمينة على تطبيق أجندات النظام الدولي و أمن إسرائيل فقال 🙁 إن سورية اليوم هي مركز المنطقة….سورية مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس و اليمن …إن سورية هي الفالق الذي إذا لعبتم به تتسببون بزلزال….هل تريدون رؤية أفغانستان أخرى؟…أو العشرات من أفغانستان؟….أي مشكلة في سورية ستحرق المنطقة بأسرها….إذا كان المشروع هو تقسيم سورية،فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتها).

واضح أنه يهدد الغرب أن سقوطه سيتسبب بقيام دولة إسلامية وبلد آمن للمسلمين يمكن أن تهدد بصعودها المصالح العالمية ،وأنه كان الضامن للنظام الدولي باستئصال الإسلام والمتبنين لعقيدته وهم في طور التبرعم بل والقيام على تحطيم كل طاقات البلد والفعاليات العلمية والثقافية و الحضارية فيها،كيف لا وهو المنتخب مع طائفته للحفاظ على المصالح والبرامج اليهودية والصليبية والصفوية،كما يهدد أن الثورة السورية لن تراوح في حدود سورية بل ستندلع بحروب نحو المنطقة الإقليمية ومن هنا نجد تمسك أمريكا وأوربا وروسيا وإيران وإسرائيل بالطائفة النصيرية مع ما تمثله من مراكز قوى وسلطة في سورية ولاسيما مؤسستي الجيش والمخابرات كما صرح بذلك وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا، وليس المشكلة في شخص بشار الأسد،أي أن الحفاظ على الطائفة هدف استراتيجي لا يمكن التنازل عنه.

 

مراحل الخطة الأمريكية في سوريا

 

لم تكن الإدارة الأمريكية تعبث بكلامها عن مشروع الفوضى الخلاقة والذي سينتهي بمشروع التقسيم وفق مخطط مشروع الشرق الأوسط الجديد حيث كانت جادة إلى أقصى حد، وإن مشروع التقسيم بدأ الدخول إلى حيز التنفيذ منذ أن أعلنت أمريكا حربها على الإرهاب وقد بدأوا مشروعهم من أقصى الشرق الإسلامي في أفغانستان بهدم الدولة الإسلامية في فترة حكم طالبان، إلا أن مشروعها هناك تعقد إلى حد كبير ولله الحمد ومنذ عام 2001 حتى الآن مازالت أمريكا تتلقى الضربات الموجعة وهي مثقلة بالجراح وستخرج منها منهزمة إن شاء الله، ثم تبعها دخول العراق عام 2003 ولكن مشروعها نجح نسبيا هناك مستعينة بالنظام الإيراني الصفوي والنظام السوري حتى تمت الهيمنة الكاملة على العراق لصالح أمريكا حيث توجد هناك أكثر من 400 قاعدة عسكرية كما في المعاهدة الأمنية التي وقعتها الحكومة الأمريكية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الموالي لإيران (علما أنهم يعلنون أن هناك 58 قاعدة أمريكية فقط في العراق) وتم وضع حصانة للشركات الأمنية الأمريكية في العراق والتي بلغ تعداد مقاتليها بعد الانسحاب الأمريكي أكثر من 70 ألف مقاتل، وهكذا وقعت العراق بشكل كامل تحت المخطط الأمريكي الناجح وأعطيت الأوامر الأمريكية بالمتابعة والإشراف على العراق من قبل النظام الإيراني والسوري اللذين سعيا لتثبيت الهيمنة الأمريكية في العراق ولذلك كان النظام السوري يقتل ويعتقل من المجاهدين السوريين أضعاف ما تفعله أمريكا في العراق وضبطه الصارم للحدود (ليهدم بنفسه الطرح القومي لحزب البعث وانكشاف الخداع الذي استمر على المسلمين لعقود) ونجح المخطط في التقسيم الديمغرافي والهيمنة بحيث يكون المسلمون السنة في منطقة الأنبار هم الحلقة الأضعف مطلقا ولم يبق إلا طرح ترسيم الحدود الذي سيتم إثر تقسيم سوريا لترابط كلا المشروعين حسب مخططاتهم ….

إن مشروع التقسيم السوري سيتم وفق المخطط الأمريكي على ثلاث مراحل لكل منها سماته الخاصة ولكن يمكن أن تتداخل فيما بينها إلى حد كبير كأن يحدث اندماج بين المرحلة الثانية والثالثة.

المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية:

 وهي تمتد منذ قيام الثورة السورية حتى سقوط بشار الأسد وتتصف هذه المرحلة أن الأسد ونظامه سيأخذ الدعم الكامل من كل دول العالم في قمع الثورة السورية والتغطية على المجازر والإبادات حيث ستقوم أمريكا والعالم بتحركات دبلوماسية فارغة المضمون تماما ولا قيمة لها ولا أثر على النظام السوري بينما تشمل العقوبات على بنود تنهك الشعب وبسطاء المسلمين أضعاف أثرها على النظام بحيث يكون المتضرر الأعظم هم المسلمون أما النظام فسيبقى أثر العقوبات عليه شكليا ولا قيمة لها في الواقع و ستأخذ الدول المركزية مواقف متباينة فالحلف الشرقي سيضطر لأخذ المواقف المعلنة في دعم الأسد حتى آخر مرحلة مثل روسيا والصين ودول إقليمية مثل إيران وسوف يقدمون كل المعونات في دعم النظام وتثبيته وإظهار الثوار على أنهم إرهابيين بينما يأخذ الحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة موقف الباكي إعلاميا فقط على حالة الإجرام التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه وبحيث لا تعدُ الأمور كونها مؤازرة إعلامية ضمن أضيق نطاق بينما يقومون سرًّا بدعم نظام الأسد لوجستيًّا وتقديم بعض الخطط في القضاء على الثوار ودعمه الخفي في كل المجازر التي يرتكبها ولنتذكر دور المبعوث الوزاري لجامعة الدول العربية (الدابي) ودور المبعوث الأممي لخطة عنان (روبرت مود) و تسترهم على مجزرة التريمسة لصالح النظام، وصفقة الأسلحة البريطانية مع سوريا ونحو ذلك، ثم تقوم الإدارة الأمريكية بالإعلان عن اجتماعات ولقاءات ومؤتمرات ومكالمات و…. وكلها لاشيء الغاية منها فقط خلق إحساس لدى المسلمين أن هناك تحركات دولية لصالح الشعب السوري إنها عملية إعلامية لا أكثر ولا أقل كي تبقى تغازل مشاعر المسلمين أما على مستوى الثورة فهناك دعم أمريكي محدود جدا من خلال بعض الضباط من تركيا و بريطانيا وأمريكا وقد ذكرنا مهمتهم أما الدعم الحقيقي بالمال والسلاح فهو من الجزيرة العربية، والمطلوب في هذه المرحلة تقتيل أكبر عدد من المسلمين السنة لأن في هذه المرحلة يقوم النظام السوري بوضع الجنود والضباط السنة في مقدمة جيشه كرأس حربة وبالتالي فإن الصدام الحاصل في هذه المرحلة سيستمر على مستوى الثوار من المسلمين السنة من جانب ومن جانب آخر الضباط والجنود من السنة ممن يخدم عند الطاغية في الجيش السوري على مبدأ سأقاتل المسلمين السنة حتى آخر جندي سني، لذلك فهذه المرحلة هي مرحلة تقتيل للمسلمين السنة بشكل شبه كامل سواء على مستوى المقاتلين أو المدنيين، بينما تحافظ الطائفة النصيرية ممن يخدم في جيش الأسد على نفسها إلى حد كبير.

وهذه المرحلة قد تطول لأشهر أخرى وخلالها فإن الحلف الشرقي سيدعم النظام السوري بشكل مستمر بالسلاح والمال والرجال والمعلومات الاستخباراتية بحكم ضروراته، أما جانب الثوار فإن خطة أمريكا هي الدعم السعودي الخليجي بالسلاح والمال بشكل محدود جدا كلما ضعفت الثورة وتراجعت وأظهرت الظروف خطر تهديد وجودها لأنهم يحتاجون للثورة لقطع الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط على يد المسلمين السنة وتحجيم دور إيران، أي إضعاف الجانبين حتى الخور، ومن أدلة هذا التوازن دخول المقاتلين الإسلاميين العرب ذوي العقيدة الصلبة إلى سوريا عبر الحدود التركية، فلو كانت أمريكا تريد إسقاط الثورة وأنها في مأزق لما سمحت تركيا بدخول هؤلاء المقاتلين، ولما دعمت الثوار بضباط أتراك وبريطانيين وأمريكيين وبأجهزة اتصالات وغيرها وكل ذلك يدل على دعم أمريكا للثورة بشكله المحدود جدا للمحافظة على حالة التوازن مع قوة النظام كي يستحكم الفناء كما أن أمريكا لو كانت جادة في استقرار سورية وعدم تفتيته وتمزيقه لما عرضت على بعض الكتائب المقاتلة قتال حزب العمال الكردستاني لتهيج الصراع الطائفي وكذلك عرضها لكتائب أخرى تزويدها بالمال والسلاح اللازم مقابل إعلان الانفصال عن سورية،فهذا الذي يجري بالخفاء عكس ما تعلنه أمريكا للشعب السوري،إلا أن الكتائب المقاتلة في وعي من هذا المنزلق.وأهم ما يميز هذه المرحلة أن الطائفة النصيرية ستسعى للحفاظ على مقاتليها تهيئة للمرحلة الثانية ولكن هذه المرحلة لن تنتهي إلا بالنصر بإذن الله كما سنبين لاحقا.

المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية:

وهي تمتد من سقوط بشار الأسد حتى دخول القوات الأمريكية تحت قيادة حلف الناتو…..

إننا نلاحظ الآن اغتيالات واسعة لرموز وأعمدة الحكم في سورية وهذا قد يمهد للانتقال التدريجي لقيادة الجيش والمخابرات في سورية تحت إمرة إيران في مرحلة الحرب الطائفية بحيث تنتقل إليها السلطة القيادية بأسلوب سلس وتدير ساحة الحرب بشكل مباشر خلافا لما عليه الآن من القيادة غير المباشرة، وبنفس الأسلوب السلس والتدريجي سيتحول الجيش السوري إلى جيش طائفي عن طريق زج دفعات متتالية من كتائبه المقاتلة لتنضوي تحت إمرة قيادة الجيش الصفوية ،وهذا يفسر لنا ثبات النظام السوري بعد كل هذه الانشقاقات والإطاحة بأعمدة الحكم وكأنه لم يفقد شيئًا.

وغالباً  سنرى الانطلاق المعلن والصريح عن الحرب الطائفية المصطنعة بعد اغتيال رأس النظام السوري المجرم بشار الأسد.

وهذه المرحلة أخطر المراحل مطلقا من حيث طبيعة العدو لأن الحرب ستكون طائفية بامتياز والمستهدف الأول هم المدنيين ومن ثم لتمتد للمنطقة الإقليمية، وإن الدول الغربية تكذب إعلاميا بأن سوريا ستدخل حربا أهلية… سوريا قد دخلت الحرب الأهلية… لإقناع المسلمين أن هناك حربا أهلية في حين أنها حرب من نظام طائفي محتل على شعب مسلم، لأن اللفظ الأخير يمكن أن يهيج مشاعر المسلمين في حين يجب أن يبقى المسلمون في حالة التخدير، أما حال الجيش السوري ففي هذه المرحلة يفترض أن تبقى بقايا من المسلمين السنة ممن يقاتل مع النظام فإذا تناقصت هذه الفئة إلى حد كبير وتمايزت الصفوف فإن هؤلاء الضباط والجنود السنة إما أن يستخدمهم الجيش الطائفي كدروع بشرية أو يأخذ فدية من أهاليهم ولكن المرجح أن يقوم بتصفيتهم جميعا ضمن وحداتهم العسكرية ويمكن أن يبلغوا عشرات الآلاف لأن هذه المرحلة ستكون مرحلة تمايز كامل للطوائف ولن يتركوا أحدا من المسلمين السنة معهم إلا إن ضمنوا ولاءه الأعمى لهم وإن كنا نستبعد ذلك ،ومما يؤكد هذا التوجه هو امتلاء معظم بيوت الروافض والنصيرية في سوريا بالأسلحة والذخائر تهيئة لهذه المرحلة، والحشد الطائفي النصيري والرافضي الوافد من الخارج إلى سورية.

أما بالنسبة للقوات الرافضية فإن الذي سيقود هذه المرحلة هي قيادة إيرانية كاملة موجودة في سوريا تدير من خلالها الحرب الطائفية الطاحنة وينضوي تحت هذه القيادة الإيرانية المجوسية جميع القوى الإيرانية والرافضية والنصيرية في المنطقة وهي مغذاه بعقيدة دينية ، وإن حربهم الطائفية الوشيكة يعتقدون أنها في سبيل الله ويؤجرون على قتل السنة (النواصب كما يسمونهم) وهذه العقيدة لا يمكن ردها إلا بتعبئة عقائدية من جانبنا. وعلى هذا نقترح الاقتصاد في الذخيرة والرجال وعدم الزج بهم في معارك تكلفنا قتلى في المرحلة الأولى لأن الآتي سيحتاج منا جهدًا أكبر، وغالبا في هذه المرحلة سيتم استخدام السلاح الكيماوي أو البيولوجي بشكل واسع وسوف يقوم العالم بالتعتيم الكبير بل سيوجهون الاتهامات للإسلاميين والإرهابيين حتى أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال (أن هناك مجموعة من الإرهابيين استولت على بعض العبوات الخطيرة وتستخدمها ضد الأبرياء) يريدون من ذلك التهيئة لاستخدامهم السلاح الكيماوي ،ولكن استخدامه سيكون له أثر عظيم مدوي وتداعيات إقليمية.

إن هذه الحرب الطائفية الخطيرة هي الحرب المخطط لها منذ قيام الثورة الإيرانية بقيادة الخميني ولذلك كان الغرب يغض الطرف عن تسليحها وبرنامجها النووي وامتدادها الإقليمي، وإن مشروع امتداد الثورة الإيرانية يقصدون بها الانتصار التاريخي للصفويين المجوس على المسلمين السنة تحت الإشراف الأمريكي، والواقع أن الكل يبحث عن مصالحه، فبينما تفكر إيران بهذا الانتصار التاريخي فإن الولايات المتحدة ستفسح المجال أمام الإيرانيين لقتل المسلمين ولكن بنفس الوقت لن تمكنها من الانتصار بل سيكون هناك دعم محدود جدًا للمسلمين في سوريا من أجل الإثخان بقوة الرافضة، وبالتالي ضرب المشروع الصفوي بالمسلمين السنة،وفي نفس الوقت الذي تفكر فيه أمريكا بضرب المشروع الصفوي دونما عناء منها فإن إسرائيل تفكر في ضرب المشروع الأمريكي ومراكز القوى العالمية عن طريق اندلاع حرب عالمية نووية دونما عناء منها .

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)” سورة الأعراف.ويبدو أن هذه المرحلة قصيرة وليست طويلة كالمرحلة الأولى ويمكن أن تطول بضعة أشهر يتباكى فيها الغرب علينا تحت نفس السيناريو الإعلامي والدبلوماسي في المرحلة الأولى وقد تنشأ قوى جديدة على الساحة السورية كما ظهر من جديد حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، وفي هذه المرحلة ستنتهي المعركة بانتصار المسلمين بإذن الله لكن بعد أن تصبح سوريا أثرًا بعد عين،يمكن خلال هذه المرحلة أن نرى التيارات الجهادية في العالم جميعًا تتوافد نحو سوريا ودخول أموال كبيرة إلى المقاتلين بغياب الحضور الأمريكي لدعم المسلمين خاصة من دول الخليج وستتوحد جميع الكتائب المقاتلة للمسلمين تحت قيادة موحدة وسوف ترفع لواء الإسلام دون أي حرج بعد أن تكون رأت بعينها حجم الفناء المطلوب للمسلمين في سورية، وسيعلمون متأخرًا أن الحرب عليهم عقائدية ،وإن هذه القيادة الإسلامية هي التي ستواجه الحرب الضروس مع أمريكا وحلفائها وهي التي ستبهر العالم بأدائها و هي التي ستقود الأمة في أشد الظروف قساوة بأسهل الطرق وأقصرها وأيسرها وهي التي ستستمر لتجني ثمار النصر…ومع أن هذه الخطوة ستأتي متأخرة لكن….

وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)” سورة البقرة.

إن الذي يرشح لهذه المرحلة استعمال السلاح الكيماوي بشكل واسع من قبل القيادة الإيرانية والنصيرية هو غياب رأس الهرم الحاكم في سوريا وبالتالي تعم الفوضى ولا تبقى جهة حكومية مسؤولة عن أعمال القتل بحيث يتم استخدام هذا السلاح دون معرفة الجهة التي تستخدمه في حين أن جميع دول المركز تعلم مسبقا أن الذي سيستخدم هذا السلاح هي القيادة الإيرانية وأن المخطط لها هو الإدارة الأمريكية، ولذلك نعتقد أن مقتل بشار الأسد سيكون مطلبًا أمريكيًّا إيرانيًّا لأجل استعمال هذا السلاح في ظل غياب نظام حقيقي حاكم، بل مليشيات قتل وإبادة بحيث لايمكن ملاحقة أحد دوليًّا لأنه لا يوجد نظام مسؤول ،و في ظروف فوضى سوداء وتحت مسمى حرب أهلية . إن أمريكا لن تزج قواتها في سوريا تحت حلف الناتو إلا بعد الانتهاء شبه الكامل لهذه المرحلة ليقطفوا ثمرة الانتصار التاريخي للمسلمين وخاصة أن دخول قوات دولية في ظروف حرب طائفية هو دخولها في محرقة لذلك سيكون التدخل مستحيلًا، فمثلًا لم يتدخل حلف الناتو في الحرب البوسنية الصربية إلا بعد ثلاث سنوات من الحرب الطائفية المستعرة.

يجب استعداد المقاتلين لهذه المرحلة وأن يضعوها في حسابهم أنها قادمة وسيقف العالم ليتفرج علينا ولكننا لا نشك للحظة بانتصار المسلمين واجتثاث شأفة هؤلاء الخونة وسوف يرون السيف اليماني لسعد بن أبي وقاص كيف يقطع رقاب أحفاد يزدجرد ورستم وستكون قادسية أخرى ولن تنتهي دماء المسلمين إلا بالنصر الحتمي بإذن الله لشدة هشاشة هذا الجيش في تركيبته  العقائدية والوطنية والقومية والذي جمعهم هو الكذب والأموال كمرتزقة كما بينا سابقا.

المرحلة الثالثة من الخطة الأمريكية:

ويمكن أن يتطور الوضع فيها داخل سوريا لأحد احتمالين:

الأول: أن لا يحدث أي اتفاق بين الحلف الغربي والحلف الشرقي ويحدث صدام حقيقي بسبب عدم الوصول لأي تفاهم في تقسيم المصالح في سوريا وبالتالي سينتهي الوضع بحرب عالمية ثالثة كارثية لن تكون بمنأى عن استخدام الأسلحة النووية وحدوث دمار عالمي شامل وهو احتمال قائم وقوي ويمكن أن نجد أدلة حقيقية تغذي هذا المنحى خاصة مع وجود هذا التوجه الإسرائيلي كما ذكرنا سابقا.

فعلى هذا إن تم الانفجار الإقليمي فلن تكون أمريكا وحلفاؤها بمنأى عن زج نفسها اختيارًا أم اضطرارًا في أتون الحرب الطاحنة،بل حذر كوفي أنان عشية اجتماع جنيف القوة الدولية من خطورة الثورة السورية مشيرا إلى(الأخطار التي يمثلها الصراع على الوضع في المنطقة و العالم) ،وسواءً ابتداءً أو انتهاءً فإن الأمر كائن وعليه ستكون المواجهة مع الحلف الشرقي بزعامة روسيا مرشحة إلى حد كبير خاصة مع قناعة الروس ببدء أفول التفرد الأمريكي فقد صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في 11-7-2012 (إن نفوذ الغرب آخذ في الاضمحلال مع تراجع اقتصاده…..و أنه مشارك في دبلوماسية منفردة خارج الأمم المتحدة للحفاظ على نفوذه في السياسة الدولية)،وكل هذا يدل أننا  أمام مرحلة كارثية من المواجهة بين القوى العالمية ستندلع إثر تداعيات إقليمية متمخضة عن ثبات الثورة السورية وانفجارها نحو الخارج وعدم هزيمتها أمام النظام السوري ودول المركز بكل ثقله،ومع أن الصورة العالمية ستكون عندئذ شديدة الظلامية  والاستعار، ومع ذلك فقد تكون هذه الصورة القاتمة فرصة للمسلمين لهدم حدود سايكس بيكو وصياغة إسلامية جديدة، وإن تصريحات الأخضر الإبراهيمي التي جاءت بعد لقاء المجرم بشار الأسد ليعلن أن (الأزمة السورية تهدد الأمن العالمي) تؤكد ذلك، أيضا علينا أن نتأمل هذا الاضطراب والقلق الذي ينتاب الكتل الجيوسياسية في العراق وسوريا وتركيا(أكراد- سنة- نصيرية- علمانيين- رافضة ….) ولبنان وإسرائيل(والهدم الوشيك للمسجد الأقصى لبناء هيكل سليمان المزعوم) والسنة في الأردن بما فيهم الفلسطينيين وشبه الجزيرة العربية برمتها والتي تبدو هادئة الآن تحت الجمر،لكن هذا الهدوء لن يطول وإن الوضع كله في حالة الغليان والمرشح للانفجار في لحظة قادمة ولا بد ،كما علينا أن نتأمل هذا الحشد الهائل للقوات العسكرية  في الداخل السوري وحول سورية من كل الجهات سواء القوات من الدول المجاورة أم من جميع القوى الدولية ولن تحتاج جميع هذه القوى سوى شرارة أولى لتكشف الجنون الرأسمالي والتجبر والغطرسة اليهودية الصليبية و الخداع الصفوي،وهم أول من سيدفع الثمن باهظا جرَاء صلفهم.

(ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون).

نقلت صحيفة ميل أون صاندي بتاريخ 15\7\2012 عن مصدر في البحرية الروسية: (نأمل أن لا يطلق أحد شرارة الحرب العالمية الثالثة بسبب ذلك فنحن لم نتلقى أوامر حتى الآن لمرافقة السفينة آلايد) والسفينة آلايد هي حاملة طائرات روسية تم اعتراض مسيرها لسوريا من قبل القوات البريطانية في منطقة البحر الكاريبي لذلك فالأزمة السورية هي مسألة دولية صرفة وبالغة الخطورة وهناك مؤشرات أخرى على نفس الدلالة، و لا يستبعد أن يسعى العالم الغربي إلى تسعير الحرب العالمية الثالثة بدافع عقائدي لأنهم يرون وفق نبوءاتهم الإنجيلية أن المسيح عليه السلام سينزل إلى الأرض وتكون ألفيتهم الثالثة ،ولا يتم هذا إلا بعد معركة هرمجدون التي سيفنى فيها حسب نبوءاتهم ثلثي البشرية (أي حرب نووية)،بل إن تيار المحافظين الجدد في أمريكا يتبنى هذا المعتقد،وأن سبعة رؤساء حكموا الولايات المتحدة يؤمنون بهذه المعركة ويسعون إليها.

نقلت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية بتاريخ 27-7-2012 في سياق ورقة أعدتها مجموعة للبحث في شؤون الدفاع بعنوان(سوريا:توجه التدخل) وقدمت إلى المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة أن (نقطة البدء لحساب التدخل الكامل ستكون 300 ألف جندي على الأقل)وترى المجموعة في النهاية أن الثورة السورية(بدلا من أن تنفجر انفجاراً داخليا مثل الدول العربية الأخرى،فإن سوريا سوف تنفجر إلى الخارج لتتقيأ مشاكلها على نطاق الشرق الأوسط بأكمله مع احتمال حدوث تداعيات إقليمية) .

الحقيقة أن الحرب العالمية الثالثة ليست بعيدة فإن البشرية تعيش منذ فترة طويلة في حالة هستيريا متصاعدة نرى مظاهرها في كل أشكال الحياة، ولا ريب أن مظاهر الهستيريا هي ما يطفو على السطح أما القسم العائم غير المرئي فهو الدماغ العالمي وذروة الهرم الحاكم للأمم وهي في الحقيقة النوى الدماغية العالمية المرضية المهيمنة على العالم مثل: الأوف شور – المجمعات الصناعية العسكرية النفطية – المؤسسات الإعلامية – الماسونية – الإيديولوجيات الوضعية –الأمم المتحدة- منظمة التجارة العالمية- البنك الدولي- السيناركية –صندوق النقد الدولي….

وجميع هذه المراكز العالمية متصارعة مع ذاتها وإن حالة التصارع والفوضى والتوحش العارمة في كل منها سينتهي قريبا بالتحطم والانهيار.

إن الهستيريا الممتدة إلى دول المحيط صادرة عن جحيم هستيري محموم في المركز، وإننا مشرفون على نهاية حدية وشيكة للصراع المتفاقم والخالي من أي ضمير، وسينتهي دماغ المركز العالمي بالتحلل والانهيار وهذه هي السنة الكونية لنهاية كل فساد وهي سنة التدافع الربانية كما يسميها ابن خلدون.

إن دول العالم تتقدم نحو شتاء عالمي قاصف و متخم بالصواعق والأعاصير والرعود النووية ،وسيتمخض عنه محاور عالمية جديدة يقودها الربيع الإسلامي.

الثاني: التفاهم حول الملف السوري وإن حصل هذا التفاهم فحصرًا سيكون على حساب الحصة الروسية لصالح الغرب ولتبدأ مرحلة احتلال جديدة لسوريا من قبل القوات الأمريكية بقيادة حلف الناتو، ولكن الولايات المتحدة تعتقد أن هذه الشدائد  قادرة على تركيع المسلمين كما ركعت اليابان بعد الصدمة الهائلة التي أحدثتها قنبلتي هيروشيما وناكازاكي.

إن الأقنعة الأمريكية ستتكشف بشكل كامل من خلال تركيز المقاتلين على الدعوة السياسية الإسلامية للمدنيين وسيعلم الجميع أن السكوت الأمريكي في الظاهر والدفع العظيم لنظام الطاغية بشار الأسد في الخفاء هو الذي قاده مع القوات الصفوية الرافضية لهذا الاستهتار بالدم المسلم، وستتكشف في هذه المرحلة مدى الخديعة التي عاشها المسلمون عقودًا وهم لا يفرقون بين الصديق والعدو، وهم يحسنون الظن في نظام الأسد النصيري وفي حزب الله وإيران وأمريكا وأوروبا وتركيا في حين كان الجميع يحيك الخيانة الخسيسة في الظلام، إن هذه المرحلة لن يبقى فيها أعمى أو ضائع ولن يبقى من تلتبس عليه الأمور وسيعلم الجميع من المسلمين أنه كان مستهدفًا من أعداء الإسلام فقط لأنه مسلم وهو غافل عن إسلامه تماما، وينام في أحضان الذئاب التي لبست مسوح الضأن والذين سلخوا المسلمين عن دينهم وقيمهم ووجودهم غيلة.

إن المراحل الثلاث سوف تكون صاعقة مدوية لدى المسلمين ولكنها لن تقتلهم بل ستحييهم، لأن الصدمة العظيمة التي ستمر بها أمتنا كافية لإخراجها من سباتها العميق ونفخ الروح في فطرتها الإسلامية وها نحن اليوم نجد التزام جيل ستار أكاديمي والثقافة الغربية ليحمل مسؤولية الأمة وهو ينادي بدموعه الساخنة (لبيك…. لبيك…. لبيك يا الله)،إنها عبارات تطرب لها الروح و يهتز لها الوجدان وهي كفيلة بتضميد كل جرح نازف لتكون سلوة الأحزان، والإقبال على كل تضحية بالأرواح والمهج،إن الأمة ستقوم للنفير في الهجمة الثالثة وستكون في هذه المرحلة الحرب عقائدية إسلامية بكل المعايير وسيكون جميع المقاتلين على أرض الشام ذوي فكر واحد، إنه الإسلام بهيبته وقوته وتألقه، نعم سيعود الإسلام من جديد، إنها أرض الشام وبشائر البركات التي فيها، وسيحيى الإسلام في كل الأرض ابتداءً منها ،هذا هو الحلم المنتظر، و بشائر التمكين، والظفر بالنصر الإلهي الموعود. في هذه المرحلة لن نجد أبدًا أي تناحر بين الفرق الإسلامية التي ظهرت في عهد الحكومات الجبرية بل ستنصهر جميع التنظيمات الإسلامية مع الجيش الحر مع الثوار مع عوام المسلمين لتتشكل منظومة إسلامية واحدة وصف واحد وجسد واحد وقيادة واحدة… إنه الانعطاف التاريخي العظيم في تاريخ البشرية حيث أرادوا لهذه الأمة الاستئصال…. ولكن الله غيور ” إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد “.

في هذه المرحلة يمكن  للمجلس الوطني الانتقالي في تركيا أن يرى سبيله إلى السلطة السورية ولكن لن يكتب له البقاء ولا لأمريكا لأن جميع الأوراق ستكون قد كشفت وستكون هذه المرحلة حربًا عقائدية إسلامية يهودية نصرانية بكل المعايير، ونؤكد لمن ستكتب له الحياة أنه سيجد نماذج فذة من التفاني والأخلاق والإنسانية والحياة الإسلامية الحقيقية التي قام الغرب والعلمانيين بتشويهها لأكثر من مئة عام، وسنجد صور قريبة من صور الصحابة رضي الله عنهم لأن كل هذه الآلام والجراحات سوف تغسل مجتمعنا وتعيده للحياة الحقيقية من جديد ففي الوقت الذي فشلت فيه جميع الثورات في الدول العربية لأنها انتقلت من حكم المركز إلى حكم المركز تحت قيادة جديدة بينما سيكون هذا الجهاد للمسلمين في سوريا هو نقطة التحرر من دول المركز وستدفع ثمن هذا التحرر من دماء أبنائها في هذه المراحل الثلاث ،وإن من له خبرة في قراءة الأحداث يستيقن أن هذه الثورة بحكم الظروف الخانقة التي تمر بها وبحكم طريق اللا عودة الذي ولجته وبحكم طبيعة المسلمين في سورية بوصفهم شعب حي شرس مبدع وبحكم العقيدة الإسلامية الصلبة الحية سينتصر على دول المركز وتلك هي بشائر البركات لأرض الشام….

أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)” سورة الكهف.إن المراحل المذكورة قد تأخذ وقتًا طويلًا لذلك يجب وضع البرامج وفق هذا التصور والله الهادي للصواب.

إن حكمة الله البالغة تقضي بتسلط أهل الكفر على أهل الإيمان حتى تستيقظ الهمم وتنبعث الحمية للدين وتتصلب في الحق وتتطهر النفوس فتصبح الأمة عندئذ مهيأة للنصر فيتنزل عليها الرضى والظفر والتمكين في الأرض، وإن النفوس الضعيفة إن لم تملك عمق النظر وقبس النور في لجة الظلام فإن أسباب النصر الحالية قد تؤدي بهم إلى القنوط ،فيرون الأسباب ولا يرون رب الأسباب،ويرون الأجناد ولا يرون من ساقهم إلينا ولا لماذا ساقهم إلينا….

يقول الله تعالى: “مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)” سورة التغابن.

فمن آمن أن مصيبته من الله بسبب سوء في نفسه ، وأن الله أرسلها له تأديبًا وزجرًا عن غيه ورجوعًا وإنابة إليه فاستسلم لها ورضي بها فإن الله يكشف للعبد عندئذ سر هذا البلاء وحكمته وكيف كانت لمصلحة العبد من حيث لا يدري فيزداد رسوخا في الإيمان،وهذا عينه ما حدث لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لذلك يجب أن ننظر إلى البلاء الذي نحن فيه على أنه الابتلاء الذي لا محيد عنه قبل التمكين…

وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)“سورة السجدة. وكما أن الله تعالى أمرنا بإعطائه عبوديتنا في السراء لنشكره  فكذلك أمرنا الله جل وعلا بإعطائه عبوديتنا في الضراء لنصبر وبذلك يتم تمحيص العبد من جميع الوجوه قبل أن يرتقي به إلى مرحلة التمكين ليكون خليقًا بها وأهلها ولا يستحقها أحد سواه، فيكون عطاء بحكمة وضع الأمور في موضعها قبل أن تكون عطاء مكافأة،وتلك هي سنة الله التي لا بد منها لأوليائه المصطفين قبل حكم الأرض،وكلما اشتد البلاء وعم، كلما تبعه اتساع السلطان في الأرض،فمن مات منا فله الشهادة والجنان ،ومن عاش منا فله النصر والتمكين،فلله الحمد والمنة من قبل ومن بعد .

مراحل خطة النظام الأسدي في  إخماد الثورة

 

لم يحمل الطاغية حافظ الأسد وابنه من بعده في دمائهم يومًا من الأيام حس الانتماء حتى الوطني لهذا البلد لذلك يتعامل مع بلادنا أشد مما يفعله المحتلون المتصفون بالمجون والعربدة والسفالة والإجرام، إنه ليس حقدًا على عدو بل حقدًا يغذيه عقيدة متأصلة في كل جوارحه القذرة بل ويحملها في موروثاته العصية على الوصف النكد، لذلك فإن المراحل التي سوف يتعامل فيها مع المسلمين ستكون دموية، ومنذ البداية كان يهدد (وإذا فرضت علينا المعركة فأهلا وسهلا)، (سأشعلها من بحر قزوين حتى جنوب شبه الجزيرة العربية)، ويصرح رامي مخلوف مع ابتداء الثورة (إن الحديث عن سقوط النظام هو الحديث عن فناء الشعب) إنها معركتهم الحاقدة ضد المسلمين وطبعا ستكون هذه المراحل بالتوافق مع الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا ومن يعتقد خلاف ذلك فليتذكر الصمت الدولي خاصة الأمريكي عن تسليم النظام السوري شمال سوريا لحزب العمال الكردستاني العلماني، وان أمريكا لو سمحت فقط بالحل الخليجي لتمويل وتسليح الثورة منذ بدايتها لتم إسقاط النظام منذ أشهر.

إن المراحل الثلاث التي سيتعاطى معها النظام في قمع الثورة السورية هي تحت الإشراف الأمريكي الروسي والتي ستكون كالتالي:وهي تمتد من ابتداء الثورة حتى اشتدادها وظهورها كقوة مسلحة على الأرض بحيث يمكن أن توازي قوة الجيش السوري في المعارك وتهدد بانهيار الجيش السوري ويبدو أننا في نهايات هذه المرحلة، وقد تدرجت هذه المرحلة بشكل متصل مابين المناورات السياسية والإصلاحات الكاذبة بالتزامن مع القمع المخابراتي وأخيرًا القصف على المدن في أماكن تواجد المقاتلين وتجنب المدنيين قدر المستطاع أملًا في إخماد الثورة وبقاء النظام في الحكم، فإذاً حتى الآن يقوم النظام بأعمال الترويع والتخويف للشعب عن طريق بعض المجازر والقتل اليومي لحوالي مئة إلى مئتي مسلم كل يوم  وإن هذه النسبة كانت بشكل يومي ومتواتر 30 -40 قتيل يوميًّا ثم ارتفعت وتيرة القتل لتصبح بعد حوالي ستة أشهر 80 قتيل يوميًّا، ولكن اليوم أصبح النظام مهدد بتفكك جيشه لذلك رفع نسبة القتل إلى 150 قتيل مسلم وسطيًّا كل يوم، وما يميز هذه المرحلة أن النظام لازال يفكر في الرجوع واحتمالية قمع الثورة واستمرارية حكمه وكلنا يعلم أن هذا النظام الإجرامي يضبط نفسه كثيرًا في حين أنه يقدر أن يجعل الحصيلة اليومية من القتلى آلاف المدنيين ولكنه سيأتي إلى هذه المرحلة في وقت يأسه من البقاء في الحكم.

في هذه المرحلة سيكون هناك استقطاب كبير لقوات الحرس الثوري الإيراني والرافضة من الأحزاب والمتطوعين العراقيين والسوريين واللبنانيين، وبالرغم من أن الحشد الرافضي في سوريا بدأ منذ حوالي 2005 وازداد تدريجيًّا ليبلغ ذروته حتى الآن فإن هذه القوات يتم الآن الحفاظ عليها ضمن سوريا ولم يتم زج قسم كبير منها حتى الآن حفاظًا على قوتهم لأن الذي ينوب عنهم في هذه المرحلة الضباط والجنود من المسلمين السنة في الجيش السوري، في حين أنه تم مشاركة أعداد جزئية من القوات الرافضية التي دخلت سوريا والتي ينحصر دورها الأساسي في هذه المرحلة كقيادة تدير الجيش السوري والمخابرات (بالتنسيق مع القيادة الروسية) بالإضافة لعناصر قليلة منهم في أفرع المخابرات للتعذيب وكقناصة في أماكن التماس مع الثوار سواء لقنص المقاتلين أو من ينشق عن الجيش السوري الخائن وأيضا للقيام ببعض المجازر في حين سيستمر التكتم الإعلامي العالمي عن حقيقة الواقع الذي يعيشه الناس من التهجير والقتل ونحو ذلك.

المرحلة الثانية:وهي مرحلة انقلاب الموازين على الأرض لصالح الثورة وسيطرة المجاهدين من الجيش الحر والفصائل الإسلامية والثورية على مساحة واسعة من الأرض والتزامن مع انهيار الجيش السوري وتحلله وحصول التمايز شبه التام بحيث لا يبقى في الجيش السوري آنذاك إلا عشرات الآلاف القليلة من المسلمين السنة متحولًا بذلك إلى جيش طائفي، وفي هذه المرحلة يعلم الأسد أنه لم يبقَ لديه أي أمل في قمع الثورة ويعلم أن وجوده في أي دولة في العالم سيكون مستحيلًا باعتبار إيوائها لأعظم مجرم حرب في العالم لذلك سيكون تفكيره في هذه المرحلة منصبًّا نحو مستويين الأول: وهو هدم المدن بكل الإمكانيات العسكرية الجبارة التي كان يدخرها النظام منذ أكثر من أربعين سنة لهذه الأيام ليقصفنا بالأموال والضرائب التي جناها منا، وإن هذه المرحلة سيكشف النظام عن كامل دمويته وحقده العقائدي على المسلمين وسيجهد في تسوية المدن والقرى بالأرض ما استطاع إلى ذلك سبيلًا بحيث يجعل انتصار المسلمين ينتهي بإرثهم لأرض خاوية وجراحات وآلام وقتلى ومعاناة تشغلهم زمنًا طويلًا، في حين يتراجع هو وطائفته نحو المنطقة الساحلية التي يجهزونها لإقامة دولتهم عليها باتفاق دول المركز، ولن يتورع في هذه المرحلة خاصة في أواخرها بقصف البنية التحتية للمسلمين ، أما المخزون الاستراتيجي للقمح السوري فقد باعه بأقل من ثلث قيمته العالمية منذ أواخر عام 2007 والذي يكفي سوريا لعشر سنوات، وبالتالي تجويع المسلمين وارتمائهم في أحضان إبليس ليتخلصوا من الجوع .

وستقوم الطائرات والآليات الثقيلة والصواريخ خاصة (سكود) بدك المدن دون أي ضمير أو وازع أخلاقي ولا نستبعد تخطيطه لضرب السدود. المستوى الثاني: هو المنطقة الساحلية حيث أن الأسد وأعوانه قاموا في المرحلة الأولى بعملية إجلاء جماعي لأهل السنة في محيط الدولة النصيرية المزعومة ولا سيما في حمص وحماة وريفهما عن طريق المذابح والقتل المتعمد للمدنيين في هذه الأماكن لاضطرارهم للنزوح حيث تركز القصف والمذابح في الجيوب السنية كما حدث في تلكلخ والرستن ودير بعلبة والتريمسة وبعض أحياء حمص وعموما فإن جميع هذه المناطق سوف تكون الحدود الشرقية للدولة النصيرية التي يتخيلونها لذلك قام خلال المرحلة الأولى بإخلاء هذه المناطق بشكل كبير من المسلمين بحيث يضمن الداخل الساحلي في قبضته التامة وبحيث يكون أي اعتداء على إحدى القرى النصيرية سيكون الانتقام والرد عليه في المدن الساحلية السنية وذلك بعد إغلاق جميع الممرات عليهم والتحكم التام بهم، بل إنه قام ببناء خزانات المياه والكهرباء لمدينة اللاذقية خارجها كي يتحكم بالمدينة بشكل كامل، وسيتم التركيز في المرحلة الثانية من الخطة على القيام بمذابح واسعة في المدن الساحلية السنية فيتخلص من قسم كبير منهم والباقي يهرب نحو الداخل والعمق السني، ولتبرير هذه المجازر يمكن أن يفتعل عدوانًا على طائفته لبعض القرى النصيرية كي يتقدم نحو الانتقام في المدن الساحلية ذات الأغلبية السنية، ولا شك أنه وفي نهاية المرحلة الثانية سيكشف النظام عن الحقد العقائدي التاريخي الفلكي على المسلمين ويبدو أن هذه المرحلة قصيرة غالبًا ولن تدوم لأكثر من أشهر ولكن في هذه المرحلة سنشهد ازديادًا كبيرًا جدًا في أعداد المجاهدين وغالبا سنشهد اندماجًا كبيرًا بين الجيش الحر وبعض التنظيمات الإسلامية المرنة وسيكون تحول تاريخي يلهب مشاعر المسلمين ، إلا أن المسلمين سترفدهم مساعدات مالية كبيرة جدا خارج المظلة الأمريكية وستأتي من السعودية ودول الخليج لأن مصير المسلمين في سوريا هو نفس مصير المسلمين هناك، وفي هذه المرحلة ستبقى الدول العالمية تظهر موقف العاجز إزاء ما يجري وستضطر إلى نقل الفضائح التي تحصل في سوريا ولكن ضمن أضيق صورة ممكنة .

المرحلة الثالثة:وفيها ستخرج الأعداد الكبيرة من المقاتلين الصفويين من مخابئها في سوريا والتي يدخرها الخائن بشار الأسد بينما سترفد هذه الأعداد قوى رافضية من إيران والعراق، فقد تم الإعلان عن تشكيل جيش الإمام الحسين في العراق منذ مطلع 2012، إضافة إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن تأهبهم لإرسال المقاتلين إلى سوريا للمشاركة في الحرب الطائفية ضد المسلمين وهذه المرحلة هي أخطر المراحل على الإطلاق، بل إن قيام الثورة الإيرانية بالمؤازرة الإسرائيلية والأوروبية والأمريكية هي للوصول لهذه الأشهر التاريخية وغالبًا هذه هي الفترة المرشحة لاستخدام السلاح الكيماوي، ويمكن أن يحدث  صدام حاد لدرجة أن بعض المسلمين الضعفاء سيصابون باليأس والقنوط بسبب النجاح الأمريكي الجزئي، وستكون في هذه المرحلة قد تهيأت المنطقة الساحلية من كل النواحي للإعلان عن قيام دولة نصيرية وهذا واقع ما يخطط له المجرم بشار الأسد وأسياده الدوليين ولكن الزلزال الذي سيحدث هو سقوط الأسد ومقتله الذي سيكون إما في نهاية المرحلة الأولى أو مع بدء المرحلة الثانية للخطة الأمريكية.

هذه المرحلة ستكون قصيرة لأن الجيش الطائفي بقيادة إيران لن يجد له ملاذات آمنة داخل سوريا على المدى البعيد بسبب التوزع الديمغرافي للمسلمين بشكل واسع وسيتم مطاردتهم وسيضطرون للجوء إلى المناطق الساحلية التي تؤوي الطائفة النصيرية وستكون مقبرتهم هناك كما هي على جميع أراضي بلاد الشام إن شاء الله،وقد ذكرنا الطبيعة الهشة والمهزومة لهذا الجيش…

قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّه إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّه بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)” سورة الزمر…يمكن أن تتداخل بعض هذه الأحداث مع المرحلة الثانية خاصة في نهايتها .

منذ الآن تم تفريغ كامل المصارف السورية وتم نقل الآثار المهمة والعتاد العسكري والذخائر الاستراتيجية إلى دويلتهم القادمة التي يبنونها في أحلامهم كما تبني إسرائيل أحلامها في دولة إسرائيل الكبرى وكما تحلم أمريكا بقيام مشروعها العالمي الموحد وسيصطدم الجميع بالمارد الإسلامي المتوجسين من يقظته،لذلك إن أخطر مؤشر لديهم أن تتحول الحركة الثورية في سوريا من حركة تحررية إلى حركة عقائدية إسلامية لأنهم يعلمون أن الإسلام يمكن أن ينام ولا يمكن أن ينهزم أو يموت ….

بالنسبة للسلاح الكيماوي فقد رصدت الأقمار الصناعية الأمريكية تحرك صواريخ سكود من مخابئها إلى مركز البحوث العلمية في دمشق ثم عودتها للمخابئ وتبين بعد ذلك أنه تم تحميلها بالرؤوس الكيماوية، لذلك فإن أمريكا تعلم أن الطاغية الأسد في أواخر عهده يمكن أن يستعمل السلاح الكيماوي ضد شعبه وبالتواطؤ الكامل مع أمريكا، أو في مرحلة الحرب الطائفية ،أما الإعلام الغربي فيعزف على أيقونة أخرى وهي التعاطف مع الشعب السوري ولذلك صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مطلع تموز 2012 أنه سيحدث هجوم كارثي في سوريا وسوف تمتد تداعياته إلى المنطقة الإقليمية فلو كانت تقصد الهجوم من قبل المقاتلين ضد النظام لما وصفته بالكارثي على اعتبار أن أمريكا مؤيدة للثورة في الظاهر، فهذا يعني إذاً هجوم كارثي من النظام على المدنيين والمقاتلين سواء، فما هو هذا الهجوم الكارثي الذي ستكون له تداعيات إقليمية؟…. إنهم على علم بتهيئة هذا السلاح لاستخدامه بشكل واسع.

يعلم الكثير من المسؤولين السوريين اللصيقين بذروة الهرم السياسي أن الأسد سيقوم بهذه الخطوة في نهاية حكمه ومن ثم الطائفة النصيرية وإيران….. لقد وضعوا كل الحسابات السببية لكنهم لم يضعوا في حسبانهم وجود الرب الخالق فوقهم، و لا شك أنه سينقلب الكيد عليهم. “فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ” (55) (الزخرف)

قد يظن البعض أن هذه الأحداث ضرب من الخيالات والأوهام ،ولكني أعتقد أن الخطين المتوازيين يمكن أن تقدر المسافة بينهما في نقطة اللانهاية وهذا لا يحتاج إلى توفيق لأنه معلوم بالضرورة… ولكن التوفيق هو أن تتمكن من النجاح في تقدير حجم الهوة السحيقة بعد مسافة معينة من بدء الانحراف البسيط لأحد هذين الخطين المتوازيين عن الآخر.

إن كل المعطيات والوقائع والتصريحات والأحداث تتجه نحو هذا التصور بل إن مركز إدارة الأزمات العالمي في واشنطن صرح في منتصف عام 2010 بأنه (ستقوم حرب واسعة النطاق في منطقة الشرق الأوسط والمستهدف الأول فيها هم المدنيون) فلماذا المدنيون ومن الذي سيستهدفهم؟…. من الذي كان يتوقع أن الاستهداف سيبدأ من العسكريين المسلمين في الجيش السوري ضد المدنيين لينتهي بالجيش الرافضي؟!….. إنها خديعة كبرى ولكن يبدو أن واشنطن على علم مسبق لهذه الأحداث، بل إن ضباط الجيش الحر ممن خدم   في العاصمة دمشق خاصة الحرس الجمهوري منهم يعلمون أنه منذ عام 2008 بدأ تغيير التكتيك التدريبي للجيش السوري نحو حرب الشوارع ومن المؤكد أن قيادة الجيش بررت هذا الموقف آنذاك باستهداف أمريكي لسوريا في حين لم يعلم الجميع أنه تدريب للعسكريين من أجل قتل أهاليهم المسلمين السنة، وأن الأسد يدربهم لقتل إخوانهم…

قد يعتقد البعض الآخر أن هذه الخطوات ضرب من السوداوية والتشاؤم ويدعو للانهزام بسبب التصورات المرعبة لكن كثيرون ينكرون أن كتمانك للأحداث الجسام القادمة وسكوتك عن الكارثة لا يعني أنك صنعتها بل استطعت أن تتصورها وتتنبأ بها وفق المعطيات الغزيرة التي ظهرت على الواقع والتي ستجعل من الأحداث تنحو هذا المنحى وإننا نضطر للحديث عن هذا الموضوع مرغمين كي يعلم أصحاب القرار من المقاتلين ما عليهم فعله فإن وضع التصورات يعني وضع الجانب الأعظم من الحل وتدارك الكوارث قبل فوات الأوان، ويمكن لنا الآن أن نضع كل الترتيبات حسب هذه التصورات وعلى جميع المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والغذائية…. ويمكن لنا أن نضع خارطة الطريق التي تنقلنا على جسر السلامة عبر شفير جهنم الذي ينتظرنا جميعا لامحالة  إلا إذا استدركنا أنفسنا قبل أن تتفلت الأمور من زمامها…. يمكن أن نترك بقية لنتسامح، ونترك الأغلال والضغائن ليوحدنا الصدق في قوة إسلامنا… يمكن لنا الآن أن نستنفر كل طاقاتنا وبشكل مدروس ونذهل أهل الأرض بما نصنع وبالطاقات الكامنة فينا كما أذهلنا العالم اليوم في طريقة تعاطي المتظاهرين العزل أمام أعتى الأنظمة الاستبدادية التي عرفها التاريخ إنهم يتحدون الرصاص وآلة القتل بلحومهم…. يمكن لنا… ويمكن…فيا أيها القادة الأبطال هل أنتم على قدر المسؤولية التاريخية اليوم؟…

يجب أن يكون إيماننا بالله راسخًا،و نتذكر أن ماضي أمتنا ضم مثل هذه النكبات ومع ذلك بقيت صامدة لأربعة عشر قرنًا…

إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ (160)” سورة آل عمران.

هناك رجال هم قدوة أمة بمفردهم…

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)” سورة النحل…

فكيف بأمة من الرجال وكل منهم قدوة أمة…..

إنهم يتحدون الموت….ويبعثون في الأرض الحياة….

تخطب الشموس ود أحدهم…

ويخوضون المنايا بمفردهم….

لسان حالهم ومقالهم حال الأنبياء من قبلهم:

فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أمْرَكُم ْوَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)” سورة يونس.

عن Admin

اترك تعليقاً