الاحتلال الاقتصادي الإماراتي لمصر يصل إلى محطة “أبو عوف” وأموال “رأس الحكمة” لن تحل الأزمة الاقتصادية.. الأحد 3 مارس 2024م..  مصر في ذيل قائمة الدول الأقل حرية والسجناء يتعرضون للأذى الجسدي

الاحتلال الاقتصادي الإماراتي لمصر يصل إلى محطة “أبو عوف” وأموال “رأس الحكمة” لن تحل الأزمة الاقتصادية.. الأحد 3 مارس 2024م..  مصر في ذيل قائمة الدول الأقل حرية والسجناء يتعرضون للأذى الجسدي

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

* تقرير دولي: مصر في ذيل قائمة الدول الأقل حرية والسجناء يتعرضون للأذى الجسدي

تذيلت مصر مؤشر الحرية العالمي 2024 وفق تقرير منظمة بيت الحرية أو “فريدم هاوس” السنوي (حرية العالم)، الذي يقيم درجة الحريات السياسية والحريات المدنية في 210 دول، وتضاءلت الحقوق السياسية والحريات المدنية إلى مستوى متدن.

وجاءت مصر ضمن الدول العربية الأقل حرية إلى جانب الإمارات واليمن والسودان والسعودية بحصولها على 18 درجة فقط من أصل 100 درجة، فيما احتلت سوريا المركز الأول في المؤشر الذي يقر بانعدام الحرية بمجموع نقاط نقطة واحدة.

وجاء في التقرير، الذي صدر مطلع الشهر الجاري أنه تكاد لا توجد معارضة سياسية ذات معنى، حيث إن التعبير عن المعارضة يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة الجنائية والسجن. وتخضع الحريات المدنية، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجمع، لقيود صارمة. وترتكب قوات الأمن انتهاكات لحقوق الإنسان دون عقاب. ويظل التمييز ضد النساء، والمثليين، والمجموعات الأخرى يمثل مشكلة خطيرة، وكذلك المعدلات المرتفعة للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

انتخابات بالأمر المباشر

في تعليق المنظمة على انتخابات الرئاسية في مصر، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، التي حصل السيسي فيها على فترة ولايته الثالثة لمدة ست سنوات، أشارت إلى أن الانتخابات شهدت حملة من الاعتقالات والترهيب وفرض شروط صارمة على مرشحي المعارضة، وهي الإجراءات التي قضت بشكل أساسي على أي منافسة حقيقية.

ووصف فوز السيسي بنسبة 89.6% من الأصوات بأنه جاء بعد حملة اتسمت باعتقال المعارضين، والترهيب، وشروط الأهلية الصارمة للمرشحين، والتي عرقلت بشكل جماعي أي منافسة ذات معنى. وكان من المقرر أصلاً إجراء الانتخابات في ربيع عام 2024، لكن السيسي أرجأها، حيث توقع المحللون أنه سعى إلى إجراء الانتخابات قبل تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة.

وفي تقديرها “للحوار الوطني” الذي استثنى الحديث عن المعارضة الإسلامية، ذكر التقرير أنه في أيار/ مايو 2013، افتتح ممثلو النظام وأحزاب المعارضة والقادة النقابيون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني وغيرهم من أصحاب المصلحة “الحوار الوطني” الذي دعا إليه الرئيس السيسي في عام 2021. وقد قوبل الحوار بالتشكك من قبل المعارضة والمجتمع المدني، ولم يفض إلى أي إصلاحات مهمة قبل أن يتم إيقافها مؤقتًا قبل الانتخابات الرئاسية.

* طرف ثالث و”حزام أخضر”.. قرار تخصيص بأكتوبر يكشف حماية السيسي لحبيب العادلي

قبل أيام نشرت وزارة الإسكان بحكومة السيسي قرارا في الجريدة الرسمية، باعتماد تخصيص مساحة ضخمة بأكثر من 14 فدان (60 ألف متر) في منطقة الحزام الأخضر بمنطقة السادس من أكتوبر، لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ما أعاد لذاكرة المصريين سعي العسكر الحثيث لحماية رؤوس الفساد بنظام المخلوع مبارك وعلى رأسهم وزير داخليته العادلي

ويشير مراقبون إلى أن رحلة إعادة الأملاك التي استولى عليها العادلي إليه مرة أخرى بدأت قبل أشهر من تولي عبد الفتاح السيسي، وبالتحديد في نوفمبر ٢٠١٤ حين قضت محكمة الجنايات ببراءة العادلي وستة من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين أثناء احتجاجات ثورة يناير المجيدة، بعد أن كانت محكمة الجنايات قد حكمت سابقا عليه بالسجن المؤبد في نفس القضية

وفي اليوم نفسه أسقطت محكمة الجنايات عن العادلي حكما سابقا بالسجن لمدة ١٢ عاما بتهمة التربح من عمله واستغلال السلطة والنفوذ

وفي قضية اللوحات المعدنية، أسند العادلي ورئيس وزراء مبارك، أحمد نظيف، إنتاج اللوحات بالأمر المباشر لشركة ألمانية بسعر أعلى من السعر السوقي، وسبق الحكم فيها على حبيب العادلي بالسجن ٥ سنوات، لكن في فبراير ٢٠١٥ نفس المحكمة أسقطت حكمها السابق عن العادلي ونظيف

أرض الحزام الأخضر

وفساد الأراضي في الحزام الأخضر واسع جدا، لدرجة تورط أغلب وجوه مدينة الإنتاج الإعلامي فيه، فضلا عن تورط قيادات كبيرة في وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات وقضاة مشهورين ممن تولوا محاكمة معارضي السيسي مثل القاضي محمد شيرين فهمي، وذكر كل هؤلاء اللصوص بالاسم تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أعده المستشار هشام جنينة وضاعت هذه الأراضي الضخمة على الشعب الفقير والمستباح، وهي منطقة مميزة للغاية ويقدر ثمنها في الوقت الراهن بمئات المليارات من الجنيهات

والحزام الأخضر أحد قصص الفساد الكبرى التي كشف عنها الجهاز المركزي للمحاسبات قبل سنوات، تسببت في الاعتداء على المستشار جنينه رئيس الجهاز بعد بيان علني أمام جميع الصحف والفضائيات، وصلت لمحاولة قتله، فلما فشلوا سجنوه سنوات

ونفذت هيئة المجتمعات العمرانية عام 1992 منطقة الحزام الأخضر في مدينة 6 أكتوبر، وعددا من المدن الجديدة، بهدف استصلاح الأراضي الصحراوية المحيطة بتلك المدن لتنقية الجو من التلوث

ويمتد “الحزام الأخضر” بـ”6 أكتوبر” على مساحة 60 ألف فدان، بحسب تصريحات رئيس شركة 6 أكتوبر لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي، خالد طنطاوي

وكانت تلك الأراضي مخصصة لأنشطة زراعية ولا يُسمح رسميًا إلا بالبناء على 3% من مساحة الفدان، حتى فبراير 2017، عندما أصدر عبد الفتاح السيسي قرارًا بتحويل أراضي الحزام الأخضر لنشاط سكني، وخصصها لهيئة المجتمعات العمرانية لاستخدامها في التوسعات العمرانية في مدينتي 6 أكتوبر والشيخ زايد وإقامة مشروعات الإسكان الاجتماعي

وقبل قرار تحويل الحزام الأخضر لأراض سكنية، كشفت تحقيقات قضائية، وجهات رقابية، عن وقائع فساد بمليارات الجنيهات، فضلا عن التعدي على مئات الملايين من الأمتار من الأراضي

ورصد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن أداء هيئة المجتمعات العمرانية بنهاية يونيو 2014، تخصيص الهيئة لأراض بـ”الحزام الأخضر” لبعض العملاء من المسؤولين السابقين وأعضاء مجلسي الشعب والشورى بالأمر المباشر بدلًا من المزاد العلني، وقال التقرير إن إجمالي التعديات على أراضي الحزام الأخضر بلغ 554.7 مليون متر مربع، و18 مليار جنيه مخالفات شابت عمليات التخصيص 

وكشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة في 2013، مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان أنه سَهّل مع مسؤولين سابقين، حصول 12 مستثمرا على مساحات مختلفة في منطقة الحزام الأخضر بأقل من السعر الحقيقي، وقاموا بالبناء على 60% من مساحة الأراضي، وحوّلوها لمنتجعات سكنية.

مشروع العادلي

واستعادت منصة “متصدقش” الحديث عن مشروع “العادلي” السكني والتجاري وكيف تسبب قرار السيسي في فبراير 2017، بتقنين أوضاع ملاك الأراضي بالحزام الأخضر، المتعاملين مع شركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح الأراضي، التي تم إلغاء تخصيصها للشركة، ودراسة إمكانية تغيير النشاط من زراعي إلى عمراني.

وكيف حددت “هيئة المجتمعات العمرانية” الحكومية العمل على علاوة يدفعها ملاك تلك الأراضي بقيمة 435 جنيه لكل متر مربع، كقيمة لتوصيل المرافق لنحو 12494 فدان، وتسدد أما نقدا، أو عينا عن طريق التنازل عن حصة من الأرض.

وأضافت أنه بحسب ما جاء في عدد “الوقائع المصرية”، المنشور في 15 فبراير 2024، فإن العادلي خُصص له في أكتوبر 2021 قطعتي أرض (م 2 وم 3) بإجمالي مساحة 17.2 فدان، مع الاتفاق على تغيير نشاط الأرض من زراعي إلى سكني، بمقابل عيني وهو التنازل عن قطعة أرض بموقع بديل.

ولفتت إلى أنه في يونيو 2022، وافق قطاع التخطيط والمشروعات بهيئة المجتمعات العمرانية، على استقطاع 12 ألف متر مربع (نحو 2.85 فدان) لإقامة نشاط تجاري، وباقي الأرض (14.33 فدان) لإقامة المشروع السكني.

وأشارت إلى أنه في 27 أكتوبر 2022، اعتمد وزير الإسكان عاصم الجزار تخطيط وتقسيم قطعة الأرض رقم (م2) بمساحة 14.33 فدان بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر، لإقامة نشاط سكني بمقابل عيني (تنازل عن 50% بموقع بديل)، وقدّم العادلي مخطط لمشروعه حينها قبل أن يطلب التعديل عليه.

وقالت إلى المشروع السكني، حسب المنشور في عدد “الوقائع المصرية”، يتضمن إقامة 51 فيلا منفصلة ومتصلة (تاون) وشبه متصلة (توين هاوس) ونماذج سكنية (دوبلكس) على مساحة 27.2 ألف متر مربع، تمثل 45% من إجمالي مساحة الأرض، فيما تُخصص باقي الأرض للطرق الداخلية والخارجية والمناطق الخضراء والمفتوحة.

وهو ما يعني أن النظام استعاد حبيب العادلي وأنقذه فضلا عن قدرته على انتزاع موارد الشعب وتخصيصها لنخبة صغيرة ومصالح محدودة.

* إبراهيم العرجاني يد السيسي القذرة في سيناء

قبل حوالي 15 عاما، كان زعيم قبيلة سيناء إبراهيم العرجاني في السجن، وعانى مما وصفه بأنه “تعذيب شديد” على أيدي كبار ضباط الشرطة، بحسب تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي”.

وقال العرجاني لمجلة روز اليوسف ، في مقابلة تم حذفها الآن، “كل يوم، في الساعة 6 صباحا، كانوا يخرجونني من الزنزانة، ويعصبون عيني، ويطلقون سراح ستة كلاب مدربة، مع ربط القمامة بأفواههم. ثم تقترب مني وتخيفني بينما أغمض عيني ، غير قادر على رؤية أي شيء “.

مرت بضعة أشهر قبل أن يشارك ملايين المصريين في الاحتجاجات التي عمت البلاد والتي انتهت باستقالة الرئيس آنذاك حسني مبارك. اندلعت الاحتجاجات جزئيا بسبب العديد من حوادث التعذيب الموثقة على أيدي ضباط الشرطة والأمن.

وأضاف العرجاني “في أحد الأيام، أحضروا ثلاثة سجناء محكوم عليهم بالإعدام، وألبسوهم قمصان نوم نسائية، ودعوا جميع المحتجزين لمشاهدتهم. قالوا لي إن دوري سيكون في اليوم التالي وحاولوا أن يفعلوا الشيء نفسه معي”.

وقال العرجاني إنه أصيب بجلطة دماغية بسبب التعذيب وانتهى به المطاف في المستشفى مشلولا جزئيا.

وكان العرجاني يقضي عقوبة في السجن بتهمة خطف العشرات من ضباط الشرطة بعد حادث قتل فيه شقيقه على يد ضابط عند نقطة تفتيش في شبه جزيرة سيناء المصرية. وأطلق سراحه بعد نحو عامين.

ويعتبر الرجل نفسه، البالغ من العمر الآن 50 عاما، حاليا أحد أقرب الحلفاء لعبد الفتاح السيسي والجيش المصري. يمتلك إمبراطورية تجارية عملاقة تمتد عبر البناء وتعدين المحاجر والسفر والضيافة والأمن الخاص.

منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر، والتي فرضت خلالها دولة الاحتلال حصارا صارما على القطاع الفلسطيني، مارس العرجاني نفوذا كبيرا على حركة الأشخاص والبضائع بين غزة ومصر المجاورة من خلال شركاته.

وكانت هناك تقارير تفيد بأن شركاته، التي يمتلك بعضها جزئيا لأجهزة الأمن المصرية، طلبت رشاوى للسماح بدخول المساعدات إلى غزة وخروج الناس من القطاع.

وطلبت ميدل إيست آي من مجموعة العرجاني والهيئة العامة للاستعلامات المصرية التعليق لكنها لم تتلق ردا قبل النشر.

وإلى جانب إمبراطوريته التجارية، يرأس أيضا ميليشيا سيناء المثيرة للجدل المعروفة باسم اتحاد قبائل سيناء، والتي عملت بشكل وثيق مع الجيش المصري في معركته ضد جماعة محلية تابعة لتنظيم الدولة، لكنها تواجه الآن مستقبلا مجهولا بعد النهاية الرسمية للعملية العسكرية.

وتعرض العرجاني لتدقيق إعلامي متزايد منذ حرب غزة. وقد وصفت إحدى وسائل الإعلام المستقلة سيناء بأنها “شبه جزيرة العرجاني “، مما يعكس نفوذه الواسع في المنطقة الشمالية الشرقية. وصوره آخر على أنه “حميدتي” مصر، ورسم أوجه تشابه بينه وبين أمير الحرب السوداني محمد حمدان دقلو.

ولكن ما مدى تأثير العرجاني ؟ وهل لديه حقا القدرة على الظهور كمنافس للجيش المصري كما فعل حميدتي في السودان؟

يستكشف موقع “ميدل إيست آي” تاريخ العرجاني وكيف برز في مصر.

من هو إبراهيم العرجاني ؟

ولد إبراهيم جمعة سالم حسن العرجاني في الشيخ زويد شمال سيناء في 4 ديسمبر 1974. ووفقا لهويته، فإن عنوانه الرسمي في قرية أبو طويلة في الشيخ زويد.

ينحدر من قبيلة الترابين، وهي واحدة من أكبر ثلاث قبائل في شمال سيناء، والاثنان الآخران هما السواركة والرميلات.

وهو يرأس حاليا اتحاد قبائل سيناء، وهي مجموعة شبه عسكرية تتألف في الغالب من أفراد قبيلته.

وفقا لمصدر قبلي في سيناء، بدأ العرجاني حياته المهنية كسائق سيارة أجرة في شمال سيناء، مستخدما شاحنته الصغيرة.

وقال المصدر إنه شارك أيضا في أنشطة تهريب مربحة إلى غزة ودولة الاحتلال. ويعتقد أيضا أن العرجاني كسب المال عن طريق فرض رسوم على رجال الأعمال الذين استخدموا منطقة قبيلته في مشاريع البناء.

تعرضت الترابين والسواركة والرميلات لحملة أمنية شرسة في أعقاب التفجيرات التي ضربت عدة وجهات سياحية في جنوب سيناء بين عامي 2004 و2006.

واستهدفت حملة الاعتقال عدة آلاف من رجال القبائل، فضلا عن بعض النساء اللواتي احتجزن لإجبار أقاربهن الذكور على تسليم أنفسهن.

ودفعت حملة القمع القبائل إلى تنظيم سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات في أبريل ويوليو 2007. تمت الإشارة إلى حركة الاحتجاج في ذلك الوقت في وسائل الإعلام باسم حركة “بدنا نعيش”.

ثم في أوائل الثلاثينات من عمره، شارك العرجاني في الاحتجاجات والاعتصامات. لكنه عمل أيضا في الوقت نفسه كوسيط بين الأجهزة الأمنية والقبائل، إلى جانب عضوين آخرين أكثر نفوذا من قبيلة الترابين في ذلك الوقت، وهما موسى الدالح وسالم لافي، حسبما قال المصدر السيناوي لموقع “ميدل إيست آي”.

وقال المصدر إن العرجاني كان على علاقات وثيقة مع الأجهزة الأمنية بسبب أنشطته في التهريب. 

وفي مقابلته مع روز اليوسف، التي تم محوها من الموقع، صور العرجاني نفسه على أنه ضحية لوحشية الشرطة ومؤيد لحقوق قبيلته ضد قمع قوات الأمن. وقال إن الاحتجاجات في سيناء كانت مقدمة لثورة 2011 ضد مبارك.

وقال لروز اليوسف في سبتمبر 2011″ما لا يدركه الناس هو أن الثورة بدأت في منطقتنا، قبل أشهر من القاهرة. كان الظلم لا يطاق. كانوا يطلقون النار على كل مظاهرة سلمية نظمناها”.

وأضاف أن رجال القبائل في سيناء نظموا احتجاجاتهم بالقرب من الحدود مع دولة الاحتلال وليس في قراهم لأنهم شعروا بأمان أكبر في منطقة منزوعة السلاح.

مقتل شقيقه على يد الشرطة

في نوفمبر 2008 ، كانت هناك نقطة تحول في علاقة العرجاني بالدولة.

وكجزء من جهود الوساطة، أرسل العرجاني شقيقه واثنين من أقاربه لمحاولة تهدئة الوضع في أحد الاعتصامات التي عقدت أمام مقر للشرطة في سيناء، بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وكان الناس قد تجمعوا هناك للاحتجاج على ما اعتبروه قتل رجال القبائل خارج نطاق القضاء على أيدي ضباط الشرطة في ذلك الشهر.

وقال لروز اليوسف “اتصلت بأخي، وذهب مع أصدقائه لتهدئة الوضع حتى وصلنا. أحمد، أخي، أصيب ب 121 رصاصة، كلها في الظهر”، مشيرا إلى أن أحد ضباط الشرطة هو القاتل.

وأضاف “لم تكن هناك رصاصة واحدة من الجبهة، وفقا لتقرير الطب الشرعي، الذي يؤكد أن الضابط خان أخي ولم تكن هناك مواجهة”.

وقال العرجاني إن شقيقه واثنين من رفاقه قتلوا ودفنوا في مكب للنفايات بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وقال إن الضباط أرادوا خلق انطباع خاطئ بأنهم قتلوا خلال عمليات التهريب. ونقلت تقارير إعلامية في ذلك الوقت عن قوات الشرطة قولها إنهم قتلوا لحملهم السلاح وتحديهم الضباط عند نقطة تفتيش.

وقال زميله في المكانة في الترابين سالم لافي إنه عندما عثر هو والعرجاني على الجثث، قاما بتصوير المشهد وقدما اللقطات إلى لجنة برلمانية لتقصي الحقائق.

وانتقاما من القتل، حاصر أفراد من القبائل، بقيادة العرجاني ولافي، عدة مراكز للشرطة في سيناء، واستولوا على أسلحة، واحتجزوا العشرات من ضباط الشرطة.

وقال العرجاني إنه احتجزهم من أجل “حمايتهم من انتقام عائلات الضحايا” وأيضا للضغط على السلطات لتقديم القاتل المزعوم إلى العدالة.

وبعد يوم واحد، اتصل مسؤول كبير في وزارة الداخلية بالعرجاني ولافي ووعد بتسوية النزاع إذا سلموا الضباط المحتجزين، وفقا لروايات الرجلين.

لكن الاثنين اعتقلا بمجرد لقائهما بمسؤول الوزارة وتم اتهامهما بما وصفه العرجاني بتهم “جنائية وسياسية”.

بينما تمكن لافي من الفرار من السجن في فبراير 2010 بمساعدة رجال القبائل، ظل العرجاني في السجن لمدة 23 شهرا، حتى إطلاق سراحه في يوليو من ذلك العام. وقال إنه نقل عمدا بين سجون بعيدة عن سيناء، بما في ذلك برج العرب والوادي الجديد. وأثناء احتجازه، قال العرجاني إنه كان يتمتع بشعبية بين السجناء الآخرين و”انتخب” ممثلا لهم لدى سلطات السجن.

زعيم ميليشيا

كما أثبت العرجاني نفسه كقائد ميليشيا مؤثر في شبه جزيرة سيناء.

شهدت السنوات التي أعقبت ثورة 2011 ظهور جماعات مسلحة في سيناء كانت مرتبطة في البداية بتنظيم القاعدة، لكنها بايعت تنظيم الدولة الإسلامية في وقت لاحق وأعادت تسمية نفسها باسم ولاية سيناء.

بعد قيادة انقلاب عام 2013 ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر محمد مرسي ، أعلن وزير الدفاع السابق ، الجنرال عبد الفتاح السيسي ، “الحرب على الإرهاب” ضد المسلحين في سيناء.

ومع ذلك، فإن معاهدة السلام بين مصر ودولة الاحتلال تعني أن هناك حدودا لعدد القوات المصرية المسموح لها بالتمركز في سيناء. ولتعزيز قواته، لجأ السيسي إلى القبائل المحلية، بما في ذلك قبائل العرجاني ، لحمل السلاح ضد ولاية سيناء إلى جانب الجيش. كما قدمت القبائل خبرة قتالية إضافية بسبب معرفتها بالبيئة الصحراوية وتكتيكات القتال، وفقا للعرجاني.

وفقا لمصدر قبلي في سيناء، طلبت الدولة من قبائل الترابين والسواركة والرميلات المشاركة في القتال.

وضعت السواركة والرميلات شرطا بأن تقاتل كل قبيلة داخل أراضيها. لكن الجيش رفضها واعتمد بدلا من ذلك على تعاون أفراد من القبائل، بما في ذلك العرجاني ولافي ودليح من الترابين وأعضاء آخرين من السواركة والرميلات.

في عام 2015، شكل العرجاني ولافي ودليح اتحاد قبائل سيناء، وهي ميليشيا يهيمن عليها الترابين. أصبح الاتحاد الحليف الرئيسي للجيش المصري في قتال ولاية سيناء. واقتصرت أنشطتها على أراضي قبائل الترابين، ونجحت الميليشيا في الدفاع ضد الهجمات، في حين توسع فرع تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى أراضي القبائل الأخرى، حتى وصل إلى عاصمة محافظة شمال سيناء، العريش.

هاجم مسلحو ولاية سيناء منزل العرجاني ودمروه في عام 2015 انتقاما لمقاومة ميليشياته.

تولى العرجاني ، الذي كان مسؤولا في البداية عن الشؤون المالية لاتحاد قبائل سيناء، قيادة الميليشيا بعد مقتل لافي والتقاعد المفاجئ لدليح في عام 2017.

وأصبح الاتحاد أكثر مؤسسية تحت قيادة العرجاني ، وكان أعضاؤه يتقاضون راتبا شهريا ويحملون بطاقات هوية خاصة، وفقا لمدى مصر. كما بدأت الميليشيا في جذب أفراد من القبائل الأخرى.

هزمت ولاية سيناء رسميا في عام 2022. لكن الاتحاد لم يتم تفكيكه وهدفه الحالي غير واضح.

في زيارة قام بها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى محافظة شمال سيناء في أكتوبر، خلال حملة السيسي الانتخابية، ظهر العرجاني جنبا إلى جنب مع مدبولي وكبار ضباط الجيش. رافقت شاحنات تحمل اسم اتحاد قبائل سيناء موكب رئيس الوزراء.

وقال مهند صبري، المحلل الأمني والخبير في شؤون سيناء “لم يحدث أبدا في تاريخ مصر أن كانت هناك ميليشيا يتم الترويج لها ونشرها مثل ميليشيا العرجاني “.

وأضاف صبري “كانت حالة جديدة من مساواة ميليشيا غير محددة خارج حدود القانون بسلطات الدولة”.

ووصف المحلل اتحاد قبائل سيناء بأنه “كيان مارق وجماعة غير قانونية”.

وأضاف “لقد رأينا أدلة فعلية على مدى السنوات ال 10 الماضية على قيام أفراد الميليشيات هؤلاء بإعدام المدنيين إلى جانب أفراد الجيش. ووصفت جماعات حقوق الإنسان أفعالهم بأنها جرائم حرب، لكن لم يحدث شيء حيال ذلك”.

سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عدة وقائع قتل خارج نطاق القضاء على يد الميليشيا، بمساعدة الجيش المصري.

إمبراطورية الأعمال

بالإضافة إلى دوره في الميليشيا، أصبحت أنشطة العرجاني التجارية تحت دائرة الضوء بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.

احتكرت اثنتان من شركاته حركة الأشخاص والبضائع عبر معبر رفح، البوابة الوحيدة لغزة التي لا تسيطر عليها دولة الاحتلال مباشرة.

وتسيطر شركة أبناء سيناء، وهي شركة إنشاءات ومقاولات، على تصاريح خروج الشاحنات وغيرها من السلع، في حين تتمتع شركة “هلا” للاستشارات والخدمات السياحية بحقوق حصرية للتحكم في نقل المسافرين من وإلى قطاع غزة.

وفي يناير، قالت جمعية خيرية دولية لموقع “ميدل إيست آي” إنها مجبرة على دفع 5000 دولار للشاحنة في شكل “رسوم إدارية” لشركة تابعة لأبناء سيناء. ووصفت الجمعية الخيرية المبلغ بأنه رشوة، واتهمت حكومة السيسي بالتربح من إرسال السلع الإنسانية.

ووجد تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) وموقع صحيح مصر المصري المستقل أن الوسطاء التابعين لـ”هلا” كانوا يبيعون تصاريح الخروج بأسعار تتراوح بين 4,500 دولار و 10,000 دولار للفلسطينيين و 650 إلى 1,200 دولار للمصريين.

أطلق العرجاني إمبراطوريته التجارية في عام 2010 بعد وقت قصير من إطلاق سراحه من السجن، بدءا من أبناء سيناء. كانت في البداية مؤسسة لمقالع الحجارة ، وفقا لمقابلته مع روز اليوسف.

وبعد ذلك بعامين، كانت واحدة من شركتي مقاولات كلفتا بجهود إعادة الإعمار في غزة في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة ضد القطاع الفلسطيني في عام 2012.

ثم، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2014، اضطلع أبناء سيناء بدور أكبر في جهود إعادة الإعمار من خلال احتكار نقل البضائع إلى القطاع عبر معبر رفح.

وفي ذلك العام، تم تعيين العرجاني رئيسا لمجلس إدارة شركة أخرى، هي شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار، التي يكون المساهم الأكبر فيها سلطة تابعة للجيش المصري، وفقا لتحقيق أجراه مدى مصر.

بعد أن أصبح العرجاني رئيسا لاتحاد قبائل سيناء في عام 2017 ، قام بتوسيع شركتي أبناء سيناء ومصر سيناء. بدأت مصر سيناء في تصدير البضائع إلى غزة، وأصبح الرئيس السابق للمخابرات الحربية في شمال سيناء، العميد لؤي زمزم، نائب رئيس مجلس إدارة العرجاني ، وفقا لصفحة الشركة على فيسبوك.

تم إنشاء شركة رابعة، أبناء سيناء للتشييد والبناء (منفصلة عن الشركة السابقة المسماة أبناء سيناء)، في عام 2021 في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على غزة في ذلك العام، وتم تكليفها بإعادة الإعمار في القطاع في عقد بقيمة 500 مليون دولار دفعته الدولة المصرية، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المصرية المرتبطة بالدولة.

ووقعت شركة نيوم للتطوير العقاري، وهي شركة أخرى مملوكة لشركة العرجاني ، اتفاقيات في يناير مع حكومة شرق ليبيا للمشاركة في إعادة إعمار درنة في أعقاب الفيضانات المدمرة التي دمرت معظم المدينة الليبية العام الماضي. تم تصوير العرجاني بعد الاتفاق مع بلقاسم حفتر ، نجل خليفة حفتر قائد شرق ليبيا وحليف السيسي.

وتضم مجموعة العرجاني ، التي تعمل كمظلة لشركاته، أيضا شركة خدمات أمنية، إيتوس، تم التعاقد معها للإشراف على العديد من الأحداث الرياضية الكبرى.

في يناير 2022، عين السيسي العرجاني عضوا في “هيئة تنمية سيناء”، وهي وكالة حكومية لها سيطرة حصرية على أنشطة التطوير والبناء في شبه الجزيرة.

وقال مصدر قبلي في شمال سيناء إن “المنصب يمنحه حقوقا حصرية للموافقة على مثل هذه المشاريع، وهو ما يشكل تضاربا في المصالح، بسبب وضعه كرجل أعمال نفسه”. 

واجهة للدولة

وقلل مصدران قبليان في سيناء من أهمية إمكانات العرجاني كمنافس للدولة، قال مسعد أبو فجر، من قبيلة الرميلات “بالنسبة لنا، هو واجهة للدولة”.

وأضاف: “لقد ارتكب جرائم حرب، لكن أفعاله تعكس الدولة، وليس سكان سيناء”.

واتفق مصدر قبلي ثان في سيناء، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، مع أبو فجر.

وقال المصدر “إنه واجهة للقادة السياسيين والعسكريين”. يمكنهم الإطاحة به في أي وقت إذا توقف عن خدمة مصالحهم”.

وبالمثل، قال مهند صبري، المحلل الأمني، إن العرجاني مهم ليس لشخصيته ولكن لمصالح الدولة التي يمثلها.

وأضاف صبري لـ”ميدل إيست آي”، ” العرجاني ليس مسؤولا شخصيا عن معبر رفح واحتكار الحركة عبره. إنه يمثل السياسة على مستوى الدولة التي تتحكم في المحطة “.

سياسة الدولة، وفقا لصبري، هي “كسب المال من الوضع المزري في غزة”.

وتابع: “تقوم الدولة بالاستعانة بمصادر خارجية لهذا العمل لشخص يمكنه القيام بذلك نيابة عنهم. العرجاني هو واجهة. إنه اسم. يمكن استبداله في أي يوم».

وأردف: “لطالما كانت سيناء جزءا عسكريا ومستبعدا من البلاد. لم يتم دمجها بالكامل في نظام الدولة والنسيج الاجتماعي”.

واختتم: “الطريقة الوحيدة للدولة لممارسة السيطرة على المنطقة هي العثور على أشخاص من داخل المجتمع وجعلهم يقومون بالمهمة نيابة عنهم”.

 

* رجل أعمال إماراتي يطالب مسؤولين مصريين بـ”بيع كل شيء” باستثناء الأهرامات: لا أريدها

قال رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، في حوار مع أحمد موسى، إنه على الدولة المصرية أن تبيع كل المشاريع التي تملكها باستثناء الآثار المصرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، والتي قال إنه “لا يريدها“.

أضاف الحبتور السبت 2 مارس/آذار 2024، موضحاً: “في جلسة مهمة مع قيادات مصرية قلت لهم: خلينا نبيع المطارات في مصر وكل ما تملكه الدولة من فنادق وقطارات تتخارج منه، والآثار فقط لا نريدها“.

كما قال رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، إن “تخارج الدولة المصرية من الاقتصاد شيء عظيم، والقطاع الخاص أفضل من الحكومي في الإدارة والتشغيل“.

حيث أشار رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور خلال تصريحات تليفزيونية، إلى أن مطاري هيثرو وجاتويك بلندن من أهم مطارات العالم ويديرهما القطاع الخاص، مشيراً إلى أن مقر وزارة الدفاع البريطانية الذي أدار تشرشل منه الحرب العالمية الثانية تم بيعه، كما أن بريطانيا باعت مقر قوات الشرطة “سكوتلاند يارد“.

يأتي ذلك بعد أن نقلت وسائل إعلام مصرية تصريحات لوزير الطيران المدني المصري محمد عباس حلمي، الإثنين 26 فبراير/شباط، قال فيها إن مصر ستعلن قريباً عن مزايدات عالمية لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، حيث سيتم طرح تلك المزايدات لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، وإن جميع المطارات ستكون متاحة، ومنها مطار القاهرة الدولي الذي يقع شرقي العاصمة.

حسب تصريحات حلمي لـ”سي.إن.بي.سي عربية”، فإن الهدف هو توفير تجربة طيران أفضل للركاب، وتحديث الخدمات، وتطوير الأداء، مشيراً إلى السعي لدمج القطاع الخاص تنفيذاً لسياسات الدولة، ولم يحدد حلمي في تصريحات، موعد إجراء تلك المزايدات.

رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور ومشروع رأس الحكمة

من جهة أخرى، أشاد رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، بصفقة مشروع رأس الحكمة التي أبرمتها الحكومة المصرية مع الإمارات.

حيث رد الحبتور خلال الحوار مع أحمد موسى، على سؤال: هل باعت مصر رأس الحكمة للإمارات؟ قائلاً: “العلاقة بين مصر والإمارات قوية جداً“.

كما تابع رجل الأعمال الإماراتي: “محدش هيشيل الأرض وهيمشي، المستثمر هيفضل موجود مش هيشيل الأرض من مكانها“.

الأسبوع الماضي، وقعت الحكومة المصرية اتفاق استثمار بقيمة 24 مليار دولار مع الإمارات، يركز على التطوير العقاري لساحل البحر المتوسط.

بموجب الاتفاق، ستدفع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، وهي صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي، 24 مليار دولار مقابل حقوق تطوير الأراضي في شبه جزيرة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر، إضافة إلى تحويل 11 مليار دولار من الودائع الموجودة بالفعل في مصر إلى مشروعات رئيسية بالبلاد.

حيث سبق أن قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، إن الاتفاق المبرم مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، أصغر صناديق الاستثمار السيادية الثلاثة الرئيسية في أبوظبي، يهدف إلى تطوير شبه جزيرة رأس الحكمة، وقد يدر في النهاية استثمارات بنحو 150 مليار دولار.

فيما ستعطي هذه الاستثمارات دفعة ضخمة للاقتصاد المصري المتأزم، في وقت تواجه فيه البلاد ضغوطاً جديدة بسبب الحرب في غزة، مع سعيها لزيادة برنامج الدعم الحالي مع صندوق النقد الدولي.

فيما تواجه البلاد صعوبة منذ فترة طويلة، في جذب استثمارات أجنبية كبيرة خارج قطاع النفط والغاز. وفي السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2023، سجل صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عشرة مليارات دولار.

إذ قال فاروق سوسة من “غولدمان ساكس” في مذكرة: “إذا جاء التمويل كما هو مخطط له، نعتقد أنه (إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي الموسع) سيوفر سيولة كافية لتغطية فجوة التمويل في مصر على مدى السنوات الأربع المقبلة“.

*الإمارات دفعت ما يعادل كامل ميزانيتها لأكثر من عامين لإنقاذ السيسي

 لا تزال التساؤلات وإشارات الاستغراب والاستفهام تتبادر إلى أذهان الكثيرين ممن اطلعوا على تفاصيل مشروع “رأس الحكمة” وبيع المدينة الساحلية الشهيرة في مصر للإمارات، وما وراءه من شروط من أبوظبي، خاصة وأن الدعم المقدم من الإمارات يعادل ميزانية الدولة لنحو عامين في فترات سابقة.

ومن ضمن ذلك الحديث عن الأسباب الكامنة وراء تمويل أبوظبي لمثل هذه الصفقة بمبلغ 35 مليار دولار، الذي تجاوز في فترة من الفترات موازنة الدولة الاتحادية لأكثر من عامين، فكيف سيتم تسليمه لدولة أخرى في غضون شهرين؟

وأجرت مصادر إعلامية مقارنات بين مشروع رأس الحكمة ومشاريع استثمارية أخرى مثل برج خليفة.

وذكرت المصادر أن برج خليفة أكبر مشروع استثماري بني من قبل حكومة دبي عبر شركة “إعمار” على مدى 5 سنوات، وقد بلغت تكلفته نحو مليار ونصف المليار دولار.

أما بالنسبة لرأس الحكمة فهي مشروع سيتم بناؤه على شكل مدينة يصل مساحتها بحجم مساحة العاصمة أبوظبي، بتوقيت زمني قدّر برقم مماثل لبناء برج خليفة (5 سنوات).

أكبر صفقة استثمار مباشر.. “مشاريع مشبوهة

وكانت مصر قد أعلنت توقيع اتفاقية أكبر صفقة استثمار مباشرفي تاريخها بقيمة 35 مليار دولار بالشراكة مع الإمارات، بهدف ما قيل إنه “تنمية منطقة رأس الحكمة غربي البلاد”.

ويتضمن الشق الأول من المشروع استثمار أجنبي مباشر بقيمة 35 مليار دولار سيتم دخوله إلى الدولة خلال شهرين، منه الدفعة الأولى 15 مليار دولار، ثم يعقبه بعد شهرين الدفعة الثانية 20 مليار دولار”.

أما الثاني سيكون على هيئة أرباح وسيكون للدولة المصرية نحو 35 بالمئة؜ من أرباح المشروع”.

كما يتضمن المشروع “إقامة فنادق ومشروعات ترفيهية، ومنتجعات سياحية ومنطقة المال والأعمال، وإنشاء مطار دولي جنوب المدينة”، وفق رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

وتأتي هذه المشاريع المشبوهة ـ يعتقد وقوف إسرائيل خلفها ـ لمواجهة أزمة اقتصادية عالمية تتأثر بها مصر، ومساعٍ حكومية للخروج منها، عبر صفقات الاستثمار الأجنبي بجانب توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.

ميزانية الدولة الإماراتية

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أقر مجلس الوزراء برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ميزانية العامة للدولة الاتحادية للفترة بين 2024 و2026.

وبلغت القيمة الإجمالية للميزانية حوالي 192 مليار درهم (52.3 مليار دولار)، وهي الميزانية الأكبر في تاريخ دولة الإمارات.

وكانت الموازنة على الشكل التالي:

برامج التعليم العام والجامعي: 9,590 مليار درهم (حوالي 2.61 مليار دولار).

الخدمات الصحية ووقاية المجتمع: 4,766 مليار درهم (حوالي 1.3 مليار دولار).

قطاع الشؤون الحكومية: 21.662 مليار درهم بنسبة (حوالي 5.9 مليار درهم).

برنامج الشيخ زايد للإسكان: 32 مليار درهم (8.7 مليار دولار) خلال 6 سنوات.

وبموجب القرار حصلت أبرز القطاعات الخدمية في الدولة (التعليم والصحة والإسكان) على حوالي 88 مليار درهم، أي ما مجموعه (24 مليار دولار) من ميزانية الدولة للفترة المذكورة أعلاه.

بالمقابل، دفعت أبوظبي في غضون أسبوع نحو 37.7 مليار درهم، (10 مليارات دولار) إلى خزينة البنك المركزي المصري.

وتسعى مصر عبر هذه الصفقة التي فجرت جدلا واسعا لتعظيم إيراداتها من النقد الأجنبي، بعد أزمة عملة أرقت البلاد لأكثر من عامين ورفعت معدل التضخم بشكل كارثي.

هل أُجبرت الإمارات على إنقاذ السيسي هذه المرة؟

ودارت الكثير من التساؤلات عبر مواقع التواصل عن السر وراء استماتة الإمارات في دعم نظام عبد الفتاح السيسي.

وذهب البعض لتفسير ذلك بالقول إن الشيخ محمد بن زايد، يسعى لدعم الثورات المضادة في الدول العربية ـ والتي يتصدرها انقلاب السيسي على مرسي عام 2013 ـ بأي ثمن لتفادي تكرار نموذج “الربيع العربي” الذي كان يهدد ممالك الخليج ويخشى دخول عدواه إليها.

فيما رأى آخرون أن دول الخليج دعمت السيسي لسنوات طويلة واستنفذ خزائنها وكانت قد قررت رفع يدها عنه.

لكنها أجبرت على ذلك بطلب أمريكي ـ إسرائيلي، وفق وصفهم وتم أيضا حل مشكلة مصر مع صندوق النقد بذات التوجيه، وذلك مقابل مشاركة السيسي في حصار غزة وتنفيذه بشكل سري لخطة تتماشى وأجندة الاحتلال الإسرائيلي، رغم إظهاره الدعم ـ شكلا ـ في خطاباته لغزة والشعب الفلسطيني.

* الاحتلال الاقتصادي الإماراتي لمصر يصل إلى محطة “أبو عوف”

يتوسع الإماراتيون في ابتلاع اقتصاد مصر، متجاوزين جميع الحدود الآمنة لكل دولة، فمن الأراضي إلى الموانئ والأسمدة والأدوية وزراعة القمح والحديد والصلب والفحم والسكر والأغذية والألبان وغيرها.

وفي هذا السياق، استحوذت مجموعة «أغذية» الإماراتية على حصة إضافية قدرها 10% في مجموعة أبو عوف المصرية، لتمتلك بذلك حصة أغلبية في الشركة قدرها 70%.

وكانت نفس الشركة “أغذية” استحوذت في نوفمبر 2021، على حصة 60% من «مجموعة عوف» المتخصصة في صناعة وتوزيع القهوة الفاخرة والمكسرات والمنتجات الخفيفة الأخرى التي تباع تحت العلامة التجارية «أبو عوف».

و«أغذية» الإماراتية هي شركة تابعة لـ«أبوظبي القابضة» (ADQ)، التي استحوذت منذ أيام على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة بمصر مقابل 35 مليار دولار تحصل عليها مصر خلال شهرين إلى جانب 35% من أرباح المشروع، كما سبق واشترت في يناير الماضي، حصة قدرها 40.5% من الشركة العربية للاستثمارات الفندقية والسياحية «آيكون»، ذراع قطاع الضيافة لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، لتستحوذ بذلك على حصة في سبعة فنادق تاريخية مصرية عبر طلعت مصطفى.

مصر هبة الإمارات

 ومع سنوات السيسي العجاف تحولت الإمارات لنهش اقتصاد مصر وأصولها، وتحولت مصر لتكون الحديقة الخلفية للإمارات، بل هبة الإمارات، التي يقدمها السيسي على طبق من ذهب للإماراتيين.

وتتصدر الإمارات قائمة الدول الأكثر استثمارا في مصر بقيمة 15 مليار دولار حتى عام 2022، وذلك من خلال 1165 شركة إماراتية تعمل في السوق المصري في قطاعات عدة أبرزها الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمعدل ملياري دولار ثم قطاع التمويل باستثمارات قدرها 1.7 مليار دولار، ومن خلفه قطاع الإنشاءات والعقارات باستثمارات 814 مليون دولار، يليه قطاع الاستثمارات الصناعية بإجمالي استثمارات 544 مليون دولار، ثم القطاع الخدمي العام بـ343 مليون دولار، والاستثمارات السياحية بـ260 مليون دولار، فيما يأتي القطاع الزراعي سابعا وأخيرا باستثمارات قدرها 129 مليون دولار.

وباتت أبو ظبي من خلال شركات أبرزها إعمار وتحالف الدار العقارية والقابضة (ADQ) هي ثاني أكبر حكومة تمتلك أراض في محافظة القاهرة (40 ألف فدان) بنسبة تزيد على 6%، فيما تمتلك الحكومة المصرية 16%، وتستحوذ 10 شركات عقارية على 90% من أرباح قطاع العقارات.

وتركز الإمارات في استثماراتها على المناطق اللوجستية ذات القيمة السياحية والتاريخية، ولعل آخر تلك الصفقات ـ قبل رأس الحكمة ـ استحواذ شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) على 7 من أعرق وأهم فنادق مصر التاريخية، في القاهرة والإسكندرية والأقصر وأسوان، في 12 يناير الماضي.

ولم يقتصر التغوّل الإماراتي على الأصول المصرية على المباني التاريخية واللوجستية فقط، بل تجاوز ذلك إلى امتلاك الأراضي الزراعية، ويعود هذا الأمر إلى عام 2006 حين سيطرت شركة الظاهرة الزراعية، المملوكة لحمدان بن زايد آل نهيان شقيق رئيس الإمارات محمد بن زايد، على 113 ألف فدان في توشكي وشرق العوينات والصالحية والنوبارية، حيث اشترت الفدان بـ50 جنيها، بينما بلغ متوسط سعره وقتها 11 ألف جنيه، ليصل إجمالي ما تستحوذ عليه تلك الشركة اليوم قرابة 400 ألف فدان زراعي، وإدارة نحو 35 مستودعا في مختلف المواقع، بسعة تخزينية تبلغ نحو 210 آلاف طن متري.

وفي العام التالي مباشرة 2007، استحوذت شركة جنان للاستثمار الإماراتية، على 35 ألف فدان شرق العوينات ونحو 119 ألف فدان بمحافظة المنيا جنوب مصر، فيما تقول تقديرات: إن “حجم ما تملكه من أراضي زراعية في مصر يصل إلى 500 ألف فدان”.

وانعكست سيطرة الإمارات على الأراضي الزراعية المصرية على حجم إنتاج القمح، الذي تراجع بشكل كبير مقارنة باحتياجات الشعب المتزايدة، لتصبح أبو ظبي المتحكم الأبرز في خبز المصريين وسلعتهم الاستراتيجية الأولى، بل وصل الأمر إلى لجوء الحكومة المصرية إلى استيراد القمح المزروع في مصر من الإمارات مالكة تلك الأراضي، حيث وقعت وزارة التموين المصرية في يوليو 2023 اتفاقية مع صندوق أبو ظبي للتنمية للحصول على قرض بقيمة 400 مليون دولار لتمويل مشتريات مصر من الحبوب، تشمل الشريحة الأولى قرضا بقيمة 100 مليون دولار تموّل بموجبها شراء حبوب مصر من شركة الظاهرة الإماراتية.

أما على صعيد القطاع الصحي والتعليمي، فاستحوذت الإمارات على قرابة 30 مدرسة دولية في مصر، بجانب 12 مستشفى، بعضها كيانات لها حضور قوي مثل دار الفؤاد ومستشفى السلام الدولي، فضلا عن الاستحواذ على أكثر من 10% من سوق التحاليل الطبية، بعد امتلاك شركة التشخيص المتكاملة القابضة المالكة لمعملي البرج والمختبر

 تهديد للأمن القومي المصري

 ووفق تقديرات استراتيجية، فإن الإسراع الإماراتي في الاستحواذ على الأصول المصرية ذات القيمة والعائد الكبير يرجع وفق وكالة “بلومبيرج” الأمريكية إلى استغلال الدولة النفطية للوضع الاقتصادي المصري الهش، الذي دفعه للجوء إلى أصوله وممتلكاته لسد العجز الذي يعاني منه، حتى لو وصل الأمر إلى تلك الأصول التي قد يمثل التنازل عنها تهديدا للأمن القومي المصري مثل الموانئ ومشاريع منطقة قناة السويس وأخيرا رأس الحكمة في الساحل الشمالي.

ويتخوف الاقتصاديون من طبيعة الاستثمارات الإماراتية في مصر بصفة عامة، كونها لا تراعي البعدين الاجتماعي والاقتصادي للمصريين، فهي تسعى بمنطق براجماتي بحت لتحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية في آن واحد، هذا بخلاف القلق من تفريغ تلك النوعية من الاستثمارات للسوق المصري من روافده الأساسية وتجريد الدولة من أصولها ذات القيمة اللوجستية المحورية، وهو ما يمثل تهديدا لمستقبل البلاد على المحاور كافة.

وفي الأخير فإن أكثر ما يثير القلق لدى الشارع المصري ونخبته الاقتصادية والسياسية أن ابن أبو عوف أو مشروع “رأس الحكمة” لن يكونا الصفقة الوحيدة التي تفرط فيها مصر في إحدى بقاعها اللوجستية، التي كان من الممكن استثمارها بشكل أكثر جدوى ودَرًا للأرباح إذا توافرت السياسات الاقتصادية الملائمة.

إذ أعلن السيسي ورئيس حكومته أن هناك مشروعات كثيرة من تلك الشاكلة سيتم طرحها خلال المرحلة المقبلة، لجمع أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، وذلك في ترسيخ متعمد لاستراتيجية الدولة الجديدة للخروج من عنق الزجاجة عبر بيع الأصول والممتلكات بعد فشل السياسات الاقتصادية المتبعة طيلة السنوات الماضية، في تجاهل تام لتبعات تلك الاستراتيجية على مستقبل الأجيال القادمة.  

ومن تلك المشروعات المنتظرة، التفريط في أرض “رأس جميلة” على البحر الأحمر، على بعد أمتار من مطار شرم الشيخ الدولي، لصالح السعودية، بجانب مشروع بيع أراضي كبيرة بمنطقة الشروق بالقاهرة.

* شهادة دولية… أموال “رأس الحكمة” لن تحل الأزمة الاقتصادية ومشاكل جيوسياسية تحيط بالمشروع

رغم الدعاية الإعلامية والسياسية الموسعة لصفقة بيع “رأس الحكمة” للإمارات؛ ووصول جزء من المليارات الـ35 التي باع بها السيسي قطعة أخرى من البلاد والتوزيع منها يمينا ويسارا دون أي دراسات أو شروط، إلا أن مؤسسات دولية وبيوت خبرة مالية عالمية أكدت استمرار مواجهة الاقتصاد الكلي في مصر لصعوبات في العامين الماليين 2024 و2025، مع ارتفاع معدلات التضخم، والتراجع النسبي لمعدلات النمو، في نفس الوقت الذي رأت فيه إلى إيجابيات الصفقة، ومنها تطوير مدينة رأس الحكمة وتخفيف ضغوط السيولة الخارجية، وتسهل تعديل سعر الصرف.

ونقلت “رويترز” عن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني فإن تعديل سعر الصرف، من شأنه أن يوفر حافزا لصندوق النقد الدولي ليوافق على برنامج دعم معزز لمصر

وأكدت “فيتش” أن مصر ستظل تواجه تحديات اقتصادية ومالية كبيرة، ما يضع ضغوطا على وضعها الائتماني، مشيرة إلى توقعها تراجع التضخم في البلاد على أساس سنوي في النصف الثاني من عام 2024، بعد ارتفاع أسعار سنة الأساس.

وكانت حكومة الانقلاب أعلنت، مؤخرا، استلام الدفعتين الاولى والثانية من أموال الصفقة بقيمة 10 مليار دولار، من  دولة الإمارات، بشأن مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي.

وتعتبر الصفقة هي الأكبر للإمارات ومصر، والتي بمقتضاها تستولي الإمارات على نحو مساحة عدة دول، بمساحة 171 مليون متر مربع، من أجود أراضي الساحل الشمالي.

وتواجه مصر إثر سياسات اقتصادية فاشلة طوال عشر سنوات ماضية، من أزمات اقتصادية ممتدة ، ادت لانهيار قيمة الجنيه وتعطل الإنتاج وإغلاق أكثر من 5 آلاف مصنع، وتراجع التصدير والإنتاج، وتفاقم الفجوة التمويلية، التي تحتاج إليها مصر، فيما يتوجب على مصر تسديد 42 مليار دولار ، حتى شهر سبتمبر المقبل، ما يقلص من قيمة أموال صفقة رأس الحكمة.

وتسببت سياسات السيسي في فقدان الجنيه نصف قيمته أمام الدولار، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع معدل التضخم في البلاد، وتجاوزه 40% في بعض فترات العام الماضي. 

وفي نوفمبر الماضي، خفضت وكالة فيتش تصنيف مصر الائتماني على المدى الطويل بالعملات الأجنبية إلى “B-” هبوطا من “B” وأشارت إلى زيادة المخاطر على التمويل الخارجي وارتفاع في الديون الحكومية، وقالت وكالة التصنيف: إن “التخفيض يعكس زيادة المخاطر على التمويل الخارجي لمصر، واستقرار الاقتصاد الكلي، ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل”.

كما وصلت الديون الخارجية إلى نحو 165 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضي، بما لا يقل عن 11 مليار دولار، قالت الحكومة المصرية: إنها “ستحولها من وديعة إماراتية لدى المركزي المصري إلى استثمارات تخص صندوق أبوظبي في شركات في مصر”.

وعلى الجانب الآخر من مشروع رأس الحكمة، يواجه سكان المنطقة صعوبات عدة، في مقدمتها التهجير والتعويضات والبدائل، رافضين التفاوض مع حكومة الانقلاب لمغادرة أراضيهم، وجاء في بيان لقبيلة الصناقرة برأس الحكمة، تحت عنوان لا للتهجير إن “القبيلة ترحب بالمشروعات التنموية لمدينة رأس الحكمة الجديدة، ولكن ليس على حساب الأهالي في هذه المنطقة”. 

كما تثور العديد من الإشكالات المتعلقة بالإبعاد الجيوسياسية؛ حيث تتضمن الصفقة تطوير عدة مدن منها نجيلة وجرجوب ومرسى مطروح والعلمين ورأس الحكمة، وكلها مناطق حدودية تقترب من مناطق سيطرة شريك الإمارات في الانقلابات العسكرية خليفة حفتر، في شرق ليبيا، وهو ما قد يمثل تهديدا للأمن القومي المصري.

* مشاريع السيسي تتهاوى.. إعلان فشل “البورصة السلعية” بعد وقف تداول السلع الاستراتيجية

بسبب عدم اتباع دراسات الجدوى، وتهميش دور العلم والعلماء وتقديم العسكريين الذين سيطروا على مقاليد الاقتصاد والحياة المدنية، أوقفت حكومة السيسي التعامل وتداول السلع الاستراتيجية عبر البورصة السلعية، التي روّج لها الإعلام الانقلابي بوصفها الوصفة السحرية لإسقاط التجار وخفض قسري لكل أسعار السلع والمنتجات بمصر ، بل والشرق الأوسط كله.

وكانت حكومة العسكر أعلنت أنها تستهدف أن تُصبح بورصة السلع إحدى أكبر بورصات السلع من حيث حجم التداول بمنطقة الشرق الأوسط، خلال أول عامين لها من العمل، وذلك من خلال طرح عدد أكبر من السلع، ولكنها بدلا من ذلك أوقفت التداول على العديد من السلع.

‌وأنشأت حكومة الانقلاب البورصة السلعية بموجب قرار رسمي عام 2020 كشركة مساهمة مصرية تبلغ حصة الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين نحو 11 %، وتمتلك بنوك الأهلي ومصر والبنك الزراعي 23 % من الأسهم، والبورصة المصرية 34 % وباقي المساهمات الـ31.8 % من نصيب القطاع الخاص.

‌الغلاء يدهس الجميع

وفشلت “البورصة السلعية” التي أطلقتها الحكومة رسميا منذ نهاية عام 2022 في تحقيق أي استقرار في أسعار السلع الغذائية الرئيسية، مثل: القمح والذرة والسكر وفول الصويا والفول والعدس، من خلال طرح وتداول السلع من خلال البورصة، بدعوى مواجهة المضاربات والشفافية.

‌ووفق تقارير إخبارية عدة، يعود سبب فشل البورصة السلعية إلى الحكومة، التي عطّلت عمليات التداول على السلع الرئيسية في البورصة السلعية بشكل متوال منذ ديسمبر الماضي، والتي انطلقت بالسكر ثم الدرة، وأخيرا القمح،  بزعم وجود مضاربات من قبل التجار، ووسط تساؤلات عن ظهورها في البورصة التي يفترض بها أن تنظم تداول السلع.

‌وكانت حكومة الانقلاب تهدف إلى بناء علاقة مباشرة بين البائع والمشتري، من خلال ضم أكبر عدد من التجار، وصل إلى نحو ألف لاحقا، للقضاء على الوسطاء وخفض السعر، لكن كل جهودها في استمرار عمل البورصة السلعية لم تحقق أيّا من الأهداف المعلنة.

ومنذ نوفمبر لم تطرح وزارة التموين بحكومة الانقلاب أي كميات من القمح، وفي وقت لاحق انضم السكر إلى القائمة، بعد تراجع المخزون الاستراتيجي من تلك المحاصيل لدى الوزارة، وذلك بحسب مصادر في قطاع الحبوب وبوزارة التموين.

‌البورصة تُعاني

منذ بداية طرح السلع، عانت البورصة من أزمة ارتفاع الأسعار المطروحة بها، ما اعتبرها البعض أنها “دكان” للحكومة، وليس بورصة سلعية تعتمد على العرض والطلب، وفشلت بعض جلسات البيع بعد أن عرضت الحكومة سلعا مثل القمح والدرة والفول الصويا بسعر أعلى من أسعار السوق المحلي والعالمي، ما أثار علامات استفهام بخصوص قدرتها على تحقيق الهدف الأساسي منها، وهو توفير السلع بكميات وأسعار مناسبة ومواجهة الاحتكار.

وتعاني الأسواق المصرية من احتكار مجموعات من رجال الأعمال والمستوردين على مجموعة من السلع ومدخلات الإنتاج سواء غذائية أو دوائية أو معمرة، وبيعها في الأسواق عبر وسطاء بأسعار أعلى من الأسعار العالمية وسط غياب تام للرقابة عليها وعلى أعمالها، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 100 %، منذ بداية العام.

‌وبحسب مراقبين وخبراء، لم يتجاوز حجم السلع المتداول عبر البورصة  1.5 مليون طن منها 1.2 مليون طن قمح بقيمة 19 مليار جنيه بقيمة 615 مليون دولار فقط في حين يبلغ استهلاك سلعة واحدة مثل القمح 12 مليون طن سنويا في السوق المحلي، بحسب تصريحات لرئيس مجلس إدارة البورصة السلعية، إبراهيم عشماوي.

و‌تجدر الإشارة إلى أن كميات الدرة الصفراء التي طرحتها الحكومة في البورصة السلعية، لم تتجاوز 129 ألف طن، والسكر 183 ألف طن سكر، فيما تضاءل الطرح من كسب فول الصويا إلى 200 طن فقط و17 ألف طن ردة نخالة، في مؤشر على ضعف نشاط وأحجام التداول.

ويكمن السبب الأبرز لفشل تجربة البورصة السلعية، في خرص الحكومة على تحقيق مكاسب مالية لنفسها، على حساب توفير السلع بالأسواق بأسعار معقولة لخفض الأسعار النهائية للمتسهلك، وهو ما فطن إليه التجار وتعاملوا مع الحكومة بطريقة التجار ووفق قواعد السوق الحر التي يسعى للحصول على أكبر المكاسب وأقل الأسعار، وهو ما يجمع عليه خبراء ومختصون بأن الحكومة هدفها الأساسي التربح من بيع السلع بأسعار أعلى وجودة أقل إلى جانب غياب الشفافية، إلى جانب فشل الحكومة في إيجاد مخزون واحتياطي من تلك السلع وهيمنة تجار بعينهم عليها.

وكما يقول مستشار وزير التموين اسماعيل تركي، في تصريحات إعلامية، أن البورصة أنشئت بهدف السيطرة على الأسواق والتحكم في السلع وفقا لمصلحة النظام.

وهكذا تتهاوى صروح السيسي الوهمية، التي حاول إعلامه تسويقها بأنها المخرج والمنجى من الغلاء، وهي كبقية مشاريع السيسي الفنكوشية التي أهدرت أموال البلاد دون أن تحقق فائدة للاقتصاد المصري، الذي يواجه الانهيار كل يوم.

عن Admin