تقرير ميداني يرصد لحظات الإفراج عن الجنود الأسرى

تقرير ميداني مصور يرصد لحظات الإفراج عن الجنود الأسرى

أمير الشريعة بأبين: نسيطر على 60 ألف كم من شبوة إلى البيضاء لايخاف فيها الراكب إلا الطيران الأمريكي

لم يكن المشهد الفرائحي ظهر – أمس الأحد- اعتياديا لدى أكثر من ( 73 ) جنديا، كانت عناصر جماعة انصار الشريعة بمحافظة أبين تحتجزهم منذ حوالي شهرين، على اسرها لهم في شهر مارس الماضي بعد عملية هجومية تعد الأعنف لمسلحي الجماعة المتصلة بقاعدة جزيرة العرب، على مواقع عسكرية في منطقتي الكود ودوفس، أسموها غزوة “قطع الذنب” وقتلوا خلالها قرابة 200 جندي، إضافة إلى استيلائهم على كميات كبيرة من السلاح والآليات الثقيلة والمتوسطة.

وظهرت بشائر الفرح والسرور على الجنود الذين اعتبروا أنهم قد عادوا من الموت وأن عمرا جديداً قد كتب لهم مجددا، بقرار الجماعة إطلاق سراحهم وتسليمهم لأهاليهم بعد أن هددت قبل أسبوع واحد فقط بتصفيتهم، عقابا على عدم استجابة الحكومة لمطالبهم.

وشوهدت بشائر سعادة الجنود المفرج عنهم وهي تمتزج بمشاعر فرح كبير من اهاليهم تمثلت في صور عناق مؤثرة امتزجت فيها الدموع، ودفعت الكثير من الحشود الحاضرين في حفل التسليم، إلى الانغماس والتفاعل وبلاشعور في ذلك المشهد التعاطفي رغم أن الغالبية منهم، لم تربطهم أي علاقة بالمفرج عنهم من سجون القاعدة، وإنما كانت مجرد مشاعر إنسانية جياشة، تأثر بها الجميع في لحظات إنسانية عادة ما تكون للمشاعر حضورها الإنساني في مثل هذه المواقف.

وشمل المشهد الاحتفالي الذي أقيم بالجامع الكبير بمدينة جعار أو ما تعرف اليوم لدى سكان وحكام المدينة بـ(بوقار) إلقاء عددا من الكلمات، حيا من خلال أولها “جلال بلعيدي” المكنى بأبي حمزة المعروف بأمير الجماعة في أبين جميع أسرى القاعدة في سجون الأمن السياسي والمخابرات العسكرية داخل الوطن وخارجه. مؤكدا لهم بقوله :”لايخرج الرجال من سجونهم إلا الرجال”.

وأضاف بالعيدي :”نحيي أيضا العلماء وطلاب العلم الذين جاءوا إلينا وعلى رأسهم الشيخ “عوض النجار” ومعه كل قبائل أبين الشرفاء وكل الذين ساهموا وتشفعوا للجنود الأسرى من مشايخ واعيان ومنظمات حقوقية وإنسانية. وقال :”الصورة المشاهدة اليوم تغنينا عن أي كلام، وواقعنا الحالي يتحدث عنا وفيه دحض لكل الافتراءات والأكاذيب التي مورست ولازالت ضدنا من أننا نسفك دماء المسلمين ونعيث في الأرض فسادا”.

معتبرا أنهم يتمثلون بحقيقة ما دعا له الحديث النبوي الشريف الداعي إلى “العفو عند المقدرة”. وقال :”عفونا عن الأسرى الذين أخذناهم من على ظهور الدبابات والكاتيوشا ولم نأخذهم من بيوتهم لكن ذلك لم يمنعنا من إعلان العفو عنهم طالبين الآجر والمثوبة من الله” .

وأردف:” نحن بفضل الله اليوم نحكم قبضتنا على أكثر من ( 60 ) ألف كيلومتر من أقاصي شبوة إلى البيضاء يتحرك فيها الراكب لا يخاف إلا “الطائرات” الأمريكية”- حسب قوله. مشيرا إلى أن “تحركهم جاء متزامنا مع الحراك الجنوبي والحوثيين والقبائل والثورة الشبابية وغيرها ، ثم تساءل :” هل هؤلاء علما ء ونحن عملاء ؟؟”

صالح وفرعون سواء!

من جانبه شبه الشيخ عوض النجار الذي قدم كأحد علماء اليمن في كلمته بوقائع حفل تسليم الأسرى لذويهم، شبه الرئيس السابق”علي عبدالله صالح” بفرعون مصر، وقال أن: “فرعون مصر كان يقول :”أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟” فيما يقول صالح :”أليس لي ملك اليمن أنا وأولادي؟”.

ودعا النجار “العلماء في اليمن إلى الملجيئ إلى “وقار” يقصد مدينة جعار، “ليزدادوا وقارا على وقارهم، وأن يكونوا جنود الله لا جنود الشيطان”- حسب تعبيره.

ومن جانبهم، أثنى أحد الأسرى المفرج عنهم في كلمته باسمهم، “على الجهود الإنسانية الكبيرة التي بذلها رجال القبائل في أبين والعلماء والمنظمات الحقوقية والإنسانية وتوسطهم عند أنصار الشريعة للشفاعة فينا ونحمد الله تعالى الذي كتب لنا حياة جديدة”.

  وقال :” نشكر الإخوة أنصار الشريعة على معاملتهم الإنسانية معنا، خلال فترة احتجازنا وصفحهم عنا وأنهم والله على عكس ماكنا نسمع عنهم من سفك الدماء والفساد في الأرض أو سعيهم إلى تقسيم اليمن”. وأضاف :”ولكننا عرفنا الحقيقة عن قرب وفوجئنا بعكس ما كان يصوره البعض لنا”. وتابع :”عرفنا العدل وتحكيم شرع الله عندهم والمسارعة في حل المشاكل دون تطويل أو تسويف الأمر الذي جعل كل من يعيش معهم أو بينهم يشعر بالراحة والسعادة”.

وتوجه الجندي في ختام كلمته باسم زملائه الـ(73) المفرج عنهم، بنصيحة لزملائه الجنود بقوله :”لا يغروكم كما غرونا فأنصار الشريعة غايتهم تحكيم الشرع ونصرة الإسلام”- وفق التعابير التي استخدمها في حديثه.

عمر جديد

ومن جانبهم، عبر العديد من الجنود المفرج عنهم في تصريحات مقتضبة لـ”مأرب برس” عن سعادتهم بقرار جماعة أنصار الشريعة الإفراج عنهم، معتبرين أن ذلك يمثل بالنسبة لهم، عمر جديداً كتب لهم، بعد ذلك الإعلان الذي كانت الجماعة، سبق وأن أعلنته بعزمها تصفيتهم نكاية بعدم تجاوب السلطة مع مطالبهم.

وقال محمد علي محمد شليل.. من أبناء محافظة المحويت، :” الحمد لله الذي كتب لنا عمرا جديدا هذا اليوم والشكر لله أولا وثانيا لأخواني أنصار الشريعة الذين تفضلوا بالعفو عنا وإطلاق سراحنا ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم وكل الذين ساهموا وسعوا في ذلك” فيما أضاف زميله علي عوض مسعود .. من أبناء مودية بمحافظة أبين :”الشكر والفضل لله وحده وأنا غير مصدق حتى اللحظة أنني أصبحت حرا طليقا، واشكر أخواني أنصار الشريعة على موقفهم النبيل والإنساني معنا وكذلك كل الرجال الخيرين في أبين وغيرها من المحافظات”.

وبدوره عبر العمري حسن ناصر..من محافظة إب عن فرحته بقرار الإفراج عنهم وقال :”فرحتي غامرة وسعادتي كبيرة بإطلاق سراحنا بعد أن تيقنا أننا ( مقتولين ) لامحاله ولكن رحمة الله واسعة وأن كان من كلمة في هذه العجالة فهي لأخواني أنصار الشريعة وأقول لهم وفقكم الله إلى كل خير وأيضا لكل الذين توسطوا لنا لإطلاق سراحنا” .

ومن جهته تقدم سامي لطف علي .. من صنعاء بالشكر لله ولأنصار الشريعة على قرار الافراج عنهم، وقال:” الحمد والشكر لله رب العالمين الذي كتب لنا عمرا جديدا وحياة أخرى و أدعو الله وأنا داخل بيت من بيوته أن يحفظ الإسلام والمسلمين ويجنب بلادنا اليمن الحروب والفتن”. وتقدم بالشكر عبر مأرب برس إلى من وصفهم بـ”أخواني أنصار الشريعة الذين عاملونا معاملة أكثر من رائعة طوال فترة وجودنا بينهم ومن ثم موقفهم الإنساني الكبير معنا والمتمثل في إطلاق سراحنا الذي نسال الله أن يجعل ذلك في ميزان كل من ساهم وسعى وأمر به” .

وبدورهما أشاد كل من عبدالله أحمد علي، وعبدالله صلاح سالم.. من أبناء محافظة لحج، بالجهود الإنسانية التي بذلها أعضاء الوساطة للإفراج عنهم. وقالا :”أولا نشكر الله جل وعلى على فضله وكرمه ونشكر أيضا كل الطيبين والخيرين الذين ساهموا في إطلاق سراحنا وقبل ذلك لإخواننا أنصار الشريعة الذين تمثلوا حقيقة العفو عند المقدرة وجعل ذلك واقعا ملموسا أمامنا فلهم الشكر ونسال الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسنات الجميع”.

  لقطات عابرة!

وكشفت وقائع تسليم الجنود المفرج عنهم لاهلهم عن ظهور الشيخ القبلي “طارق الفضلي” ضمن الموكب الذي حمل الأسرى من مكان اعتقالهم إلى الجامع الكبير وسط مدينة جعار،فيما ظهر إلى جانبه نجله الأكبر الذي سبق وان اشيع في وقت سابق بمقتله في أحداث لودر الأخيرة !!.

وخاطب الشيخ الفضلي المعروف مؤخرا كقيادي بارز في الحراك الجنوبي، الصحفيين المشاركين في تغطية وقائع الافراج عن المعتقلين، بقوله مازحا أثناء مروره أمامهم “هذا هو “محمد” ابني الشهيد الحي .

القاعدة تستعرض قوتها

وكان أعضاء تنظيم القاعدة، قد استعرضوا قوة عسكرية كبيرة لهم في شوارع مدينة جعار التي غيروا تسميتها إلى وقار، وذلك قبل وصول الأسرى من مكان اعتقالهم، في مباني تتبع إحدى مدارس المدينة، إلى الجامع الكبير بالمدينة، فيما بدت علامات الاندهاش حاضرة على وجوه الوفود والحاضرين، من حجم السلاح الذي يمتلكه اليوم أعضاء جماعة أنصار الشريعة، الأمر الذي دفع بالبعض الى التعليق على الأمر بالقول :” يريدون استعراض قوتهم أمام وسائل الأعلام”

وشهدت مراسيم تسليم الجنود المفرج عنهم حضور جميع أهالي الأسرى لحظة الافراج عنهم، ومن ثم نقلهم بسياراتهم الخاصة، باستثناء أثنين منهم أحدهما من محافظة إب والآخر من صنعاء، لم يحضر أحدا من أهاليهم، معللين عند سؤالهم عن سبب ذلك ، بقولهم ان الخوف وراء غياب اهلهم, وعدم تمكنهم من الوصول اليهم في أبين، قبل أن يتحركوا بعد ظهر أمس بمفردهما إلى عدن.

وزارة الدفاع تفاوض على الدبابات والكاتيوشا

وإلى ذلك كشف أحد أمراء جماعة أنصار الشريعة، في جعار، بحديث له أمام حشد كبير من الناس في المسجد الذي شهد وقائع الافراج عن الجنود الأسرى أن وزارة الدفاع تفاوضهم على اعادة الدبابات والكواتيش على حساب ارواح الجنود التي قال انها لم تلقي لهم بالا.

وأضاف :”مؤلم أن وزارة الدفاع تفاوضنا على الدبابات والكاتيوشا التي سيطرنا عليها في الوقت الذي لم يذكروا فيه أسراهم من الجنود !!” ثم علق بالقول “هذه هي حقيقة أو قيمة الجندي عند الدولة اليمنية “.

وشهدت مدينة جعار والمنطقة التي جرى فيها الافراج عن الجنود الاسرى، إجراءات واحترازات أمنية كبيرة جدا، في وقت تساءل فيه الحضور عن المكان الذي جاءوا بالجنود الاسرى، فيما لم يسمح للصحفيين ومراسلي وكالات الإنباء بالتصوير إلا من وسط الشارع العام .

و تدافع بعد ذلك الكثير من الوسطاء، إلى نسب النجاح والفضل لنفسه في عملية إطلاق سراح الجنود، من خلال الوساطة، رغم أن الجهود كانت مشتركة، بين رجال دين وشيوخ قبائل من أبين ويافع وردفان وأهالي الأسرى ومنظمات حقوقية وإنسانية، فيما كان الدور الأكبر لقبائل المراقشة لأنها أول من طرقت باب الوساطة مع أنصار الشريعة بخصوص الافراج عن الجنود.

وكان جموع القبائل وأهالي الاسرى قد قاموا قبل ساعات من الإعلان الرسمي بالعفو عن الجنود الاسرى، من قبل أمير تنظيم قاعدة جزيرة العرب “ابو بصير ناصر الوحيشي، بمسيرة راجلة من منطقة المخزن صوب مدينة جعار وهم يرددون الزوامل الشعبية المعبرة عن الامل والمناجاة والمناشدة لله باتمام عملية اطلاق أقاربهم الاسرى على خير ومن تلك الزوامل قولهم:

وحنا سندناكم بساعة طيبة *** يالله بهذا اليوم ساعتك تطيب..جينا نبي الأسرى تفكوا أسرهم *** والعفو عند المقدرة حاجه عجيب.

عن marsad

اترك تعليقاً