هل الجيش والشعب أيد واحدة؟

هل الجيش والشعب أيد واحدة؟

صالح بن عبدالله السليمان

المجلس العسكري المصري، يثبت أن العسكر هم آخر من يقرأ الشعب قراءة صحيحة، وأن العسكر مجبولون على الجهل السياسي.
لا أقول هذا ظلما لهم، فدعوني أسأل كل من يعرف العسكرية، ما هو أول ما يحدث للمجند أو المتطوع عندما يدخل إلى الجيش ؟
أول ما يقوم به العسكر هو هدم الشخصية المدنية، من خلال المرور بفترة تدريب قاسي يجب أن يتجاوزها أي شخص مجند أو متطوع، وبعد هدم الشخصية، يبدأ في بناء شخصية جديدة، واهم عنصرين في هذه الشخصية هي
أولا، الطاعة العمياء للأمر العسكري، ثانيا، الإيمان بمقولة ” نفذ ثم عارض “.
بعد ترسخ هذه الشخصية العسكرية في العسكري، يبدأ في تعلم العلوم العسكرية، وحتى السياسية، ولكن لا يخرج هذا التعلم عن فهمها فهما عسكريا.
ولهذا فان الخطر من عسكرة الدولة هي في أنها هدم للمدنية, فالعسكري لا يؤمن بالمدنية إلا كحالة شخصية غير مستحبة،
فشل العسكر في فهم الشخصية المدنية والسياسة المدنية جعلهم يخطئون في قراءة المجتمع المصري،
ولنرجع إلى النقاط التي أساء الناس فهمها،

– فهم المجلس العسكري هتاف الشعب من يوم 11 يناير 2011 ” الجيش والشعب أيد واحده ” هو فهمها على أن اليد هي يد الجيش وليست يد الشعب ويد الجيش تلتحم لتبني الوطن. علما بأن هذه حقيقة. ولكن المقصود بها الجيش وليس المجلس العسكري.

– المجلس العسكري اخطأ في قراءة كم الأثر الإعلامي المشوه للبرلمان المنتخب، مما جعله لم يتحرك عندما تم حله، واعتبر أن الشعب عاف الثورة المصرية وأصبح يبحث عن الآمان فقط، اكرر وأركز على كلمة ” فقط “.

– المجلس العسكري أخطأ حين قرأ كم الأصوات التي ذهبت إلى الفريق محمد شفيق، وتصور أنها كلها تصب في صالح المجلس العسكري، وهو كمن كذب الكذبة وصدقها، فمعظم الأصوات التي ذهبت لشفيق في الجولة الأولى هم إما من حشد الأعضاء المتنفذين في الدولة ” وهو ما يسمى بالدولة العميقة “، وهي تنتمي للتيار الموجود في النظام السابق ونعلم كلنا أن كل المحليات والمحافظات والهيئات التي تمس الحياة اليومية يقوم عليها أفراد من الجيش، فالمحافظ لواء والمسئول لواء، لا تجد عنصرا هاما في الدولة لا يقوم عليه لواء إلا اقل القليل ، ينظم إليهم بعض قليل من أفراد الشعب الذين تعرضوا للضغط بسبب فشل الحكومة التنفيذية المعينة من المجلس العسكري وتحميل الفشل للثورة، ثم تحميل الفشل للثورة والبرلمان المنتخب، فاعتبر هذه الأصوات تقف إلى جانبه حقيقة، ولكنه نسي أن معظمها لم يكن يؤمن بالمجلس العسكري، بل يبحث عن مصالح آنية وضغوط تعرض لها، وفي الجولة الثانية أضيف إلى هذه الأصوات أصوات المستقطبين من أقباط وكارهين للتيارات الإسلامية مع قصف إعلامي يومي ومكثف وتخويف من الدولة الدينية. هذا الخطأ جعله يخطئ القراءة ويحاول أن يقفز على الثورة،

ولكن مع بداية الانتخابات الرئاسية، وشعور المجلس العسكري باقتراب التيار المدني ولا أقول الإسلامي من الفوز، اصدر المجلس العسكري المواد الدستورية المكلمة في الليل، وذهابها إلى الصحيفة الرسمية في نفس الليلة وعدم الصبر لمرور ال 15 يوم التي تعارف عليها القانونيون.
وتشمل هذه المواد أن الرئيس القادم مرفوع اليد نهائيا عن الجيش، وعن الميزانية، بل وجعل رئيس الوزراء قوة ثالثه تدخل في المعادلة، بالرغم من أن تعيينه يتم عن طريق الرئيس ولكنه يصبح رقما في المعادلة، وذلك لمحاولة ضرب الرئاسة بالوزارة.

هكذا نعلم أن ما تمر به مصر السياسة هي لعبة عسكرية، بإعطاء بعض السلطات، ثم تدمير الجزء المدني المستلم للسلطة، ثم إلغاء السلطة المدنية لأسباب قانونية ودستورية (علما بان الدستور المحتكم إليه هو من أنتاج المجلس العسكري ). حتى تأتي السلطة المدنية موافقة لمتطلبات المجلس العسكري، فلقد حل البرلمان قبل أيام من انتخاب الرئيس، وحتى إن جاء الرئيس بغير ما يرتضي المجلس، فسوف يتعرض للفشل، فقواعد الدولة العسكرية ولائها للعسكري، ويبدأ القصف الإعلامي، ثم يزال، وهكذا دواليك، برلمان ثم يحل، رئيس ثم يزال ثم برلمان.
سيفشل الرئيس القادم لو كان مدنيا، بوجود المجلس العسكري، وسيحسب فشله على الثورة، وعلى التيار الإسلامي، كما أفشل وليس فشل البرلمان.

أذا أضفنا إلى ذلك القرار الذي صدر بإعطاء حق الضبط القضائية للمخابرات العسكرية، ومن لا يعرف معنى الضبطية القضائية وهي تختلف عن إلقاء القبض على الأشخاص، فالضبطية القضائية حق من حقوق النيابة العامة. يجعلنا نفهم معنى عسكرة الدولة.

الحل هو تكاتف القوى الثورية والقوى المدنية، وبغيرها، سيبقى المجلس العسكري قائما، سوء في الواجهة، أو في الخلفية، ولكنه سيبقى هو المؤثر في الحياة السياسية والمدنية

الحل الذي لا بد منه، وهو التكاتف المدني لإزالة عسكرة الدولة، وهذا هو الفهم الذي يجب أن يكون، فليس هنالك ما يسمى دولة دينية في الإسلام.

وأخيرا يجب أن نعلم أن هنالك فرق بين المجلس العسكري والجيش المصري، كما هو الفرق بين الرئيس السابق حسني مبارك وجمهورية مصر العربية، فالجيش المصري مكون من المجندين وهم مصريون وبامتياز، ولكن القيادة العليا منفصلة عن الجيش. فلا يخطئ احد بالمزج بين الاثنين.

خيارك الآن أيها الشعب العظيم، عل تريدها دولة عسكرية، أم تريدها دولة مدنية.

عن Admin

اترك تعليقاً