زكرياء بوغرارة

زكرياء بوغرارة الكاتب المغربي والمعتقل السياسي السابق يكشف عن حقائق تنشر لأول مرة

زكرياء بوغرارة - السجن المحلي بوركايز بفاس
زكرياء بوغرارة – السجن المحلي بوركايز بفاس

زكرياء بوغرارة الكاتب المغربي والمعتقل السياسي السابق يكشف عن حقائق تنشر لأول مرة

 خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية

 حقائق تنشر لأول مرة عن أحداث الدار البيضاء وعن الانتهاكات في السجون المغربية وعن ملفات المعتقلين والتعذيب والمراجعات وما يسمى ملف السلفية الجهادية، كما يكشف عن حقيقة تعاطي الحكومة المغربية مع الملف بصورة أمنية وتلفيقات وظلم واضح للمعتقلين. ويتحدث عن محنة سجناء قضية فندق أطلس آسني ، كما يتحدث عن تجربته السجنية الخاصة واختص بها شبكة المرصد الإخبارية في ذكرى أحداث الدار البيضاء في الحوار التالي :

 

  • ·        تحل الذكرى الـ11 لتفجيرات الدار البيضاء  .. هل لكم أن تعطونا لمحة عن اعتقالكم وكيف تم إقحامكم في هذه الاحداث كنموذج حي لما حصل من انتهاكات صارخة صاحبت تلك الاحداث العام 2003؟

 

عندما أستحضر من ذاكرتنا الجماعية كبرى عناوين تلك الاحداث لا شك أن القاسم المشترك بينها جميعا هو  القهر والظلم بما فيه من مرارات ومعاناة .

في تلك الأحداث كان هناك صنفين من الموقوفين الصنف الأول يعتقل والصنف الثاني يختطف..

 كنت ممن اختطفوا..  كان اختطافي في مكان غير بعيد عن جامعة محمد الأول بوجدة وفي عزلة من الناس إذ أن أهم  شروط نجاح الاختطاف أن لايكون هناك شاهد عليه ، حتى إن قضى المختطف نحبه اثناء التحقيقات يقولون مات .

في تلك اللحظة انطلقوا بي لإحدى اقبيتهم بمدينة وجدة ومع الفجر حملوني مقمطا كطفل رضيع وزجوا بي  في سيارتهم  وقال لي احدهم كلمة لازلت اذكرها ” انتم اعتديتم علينا نحن لم نعتدي على احد”.

 

  وبما انني مررت من معتقل تمارة السري من قبل لم يكن الامر مستغربا عندي فقد ذقت لون الاختطاف من قبل وقد وصلت المعتقل  بعد يوم ونصف من التفجيرات كان في استقبالنا الحاج لكبير بكلمته الشهيرة التي لخصت كل ما سيأتي من انتهاكات.

 

 هنا دار الحق من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

 

  • ·        كيف ترى الاختطاف كأحد من مروا بتلك التجربة المريرة؟

 

 في تلك المرحلة  كان كل مختطف هو بمثابة ميت احتياطي يمكن ان يلفظ انفاسه في المعتقل السري كما يمكنه ان يخرج منه الى السجون حياً مع حفريات عميقة في وجدانه ونفسه المكلومة.. لهذا لم يكن النظام المغربي يعترف بأن لديه معتقلاً سرياً ولا مختطفين خارج دائرة القانون.

 انتهت مرحلة التحقيقات بعد اسابيع من وصولي للعتمة وذات فجر اقتحموا زنزانتي المنفردة كانوا كلهم يتشابهون في تفاصيل الوجوه وكما دخلت للمعتقل خرجت منه مقيد اليدين الى الخلف معصوب العينين مع صفعات الوداع من الحاج لكبير وانطلقت بي السيارة من الجديد الى المجهول حتى سلمت على مشارف مدينة تاوريرت الى الشرطة القضائية التي وجهت لي تهمة الفرار !

وقد نقل الاعلام  في تلك المرحلة قصة فراري المزعومة واعتقالي . . وكل سرد القصة وكل  تفنن في صناعة الكذب بينما الحقيقة انني لا ولم ولن اكون هارباً لسبب بسيط جداً يكمن في عدم وجود اي صلة لي بتفجيرات البيضاء ولا احداثها.

 

 

  • ·        إذن كيف تم الحاقكم بملف السلفية الجهادية في تلك الاحداث الكبرى؟

 

بعدعجزهم عن وجود اي صلة يمكن النفاذ منها لتوجيه تهمة المشاركة في احداث البيضاء لم يكن امام الجهات الامنية سوى اتهامي بالتحريض لكتابتي مقالة منشورة بجريدة الحياة المغربية يوم 5 ماي 2003 واعتقال رئيس تحرير الجريدة مستثمرين اعادة نشر نفس المقال من طرف جريدة اخرى يوم 6 يونيه 2003م اي بعد ايام قلائل من المصادقة على قانون مكافحة الارهاب وهكذا اعتقل رئيسي تحرير الجريدتين مع مدير تحرير الجريدة التي اعاد نشر المقال ليتم تقديمنا امام محكمة الارهاب بالرباط يوم 4 اغسطس 2003 في محاكمة اليوم الواحد.

وقد أقحمت في ملفات السلفية الجهادية بعد ان عجزت الاجهزة الامنية ان تجد اي صلة لي بالاحداث.. كأحد منظري التيار وهي التهمة الفضفاضة التي  كانت تلفق لكل من وجدوا ان له سابقة في التيار الاسلامي الحركي وقد كان التوجه عقب تلك  التفجيرات لاستئصال كل التيار الاسلامي بجميع فصائله وكخطوة اولية كان القرار الحتمي التخلص من كل العناصر المشاكسة وقد كنت  معروفا لدى الاجهزة الامنية وسبق لهم اعتقالي والتحقيق معي لكتاباتي العديد من المرات من بدايات العام 1990 وتمت مصادرة بعد كتبي ذات الطابع الادبي والحركي وكما قيل لي في الاقبية ان الحوار الذي اجراه معي صحفي بمجلة المجلة ونشر يوم 16 ماي 2003 هو من عجل بقرار اعتقالي وهو احدى الاسباب الرئيسية لاعتقالي وادانتي فيما بعد علمت ان المجلة قدمت الحوار على اساس انه مع الناطق الرسمي باسم السلفية الجهادية وهذا محض كذب لأن السلفية الجهادية ليست تنظيما ليكون لها ناطق رسمي او اعلامي.

 

 الحقيقة أن المخزن لما  وقعت الاحداث وجد نفسه امام صدمة حقيقية أجهزت على الاستثناء المغربي الذي طالما تغنى به وكردة فعل كان الاتجاه للاستئصال هو الخيار المركزي حينها لدى الاجهزة الامنية وهكذا  توسعت دائرة الاعتقالات وهي ما اسميه السلسلة .

 باختصار ان من حضر العفريت يوم 16 ماي لم يعرف كيف يصرفه الى الآن او أنه ليست لديه نية لذلك ولا زال مسلسل المعاناة متواصلا.

 

 

  • ·        ماهي برأيكم بعض تفاصيل تلك الانتهاكات الحقوقية الصارخة؟

 

الإنتهاكات التي صاحبت احداث الدار البيضاء أكبر من ان يرصدها حوار او تنكشها ذاكرة  أو تحيط بكل تفاصيلها ذكرى ، ولكن ما حصل  انتهاك غير مسبوق للآدمية وللإنسان وكرامته ولكل القيم المشتركة في الكون  لان الاحداث شكلت  صدمة للجميع صدمة كهربية للنظام الذي لم يمتصها ويحقق العدل والعدالة فيها كما يحدث في أي بلاد تقع فيها احداث وتفجيرات.. اذا لايطال اعتقال اي مواطن الا بدليل قاطع .. لكن المغرب جنح لخصوصيته فتوسع في الاعتقالات والضرب في السويداء وقد لاقى هذا التوجه رضى هائلاً عند الفريق الذي كان يعد العدة للاستئصال الشامل للتيار الاسلامي برمته.

وصدمة اخرى لنا جميعا كضحايا لتلك الاحداث اذ كنا ولا زلنا اكبر المتضررين منها مما عانيناه في المعتقلات وما زلنا نعاني من مخلفاته بعدها وهذا شامل لاكثر من 97 في المئة ممن اعتقلوا في تلك الاحداث اي ان السواد الأعظم ممن مروا بالأقبية ولايزالون في المعتقلات ابرياء.

 

 

  • ·        هل لكم ان تعطونا لمحة عن تلك الاختطافات والتعذيب والاختلالات التي وقفت عليها من تجربتك وتجارب الاخرين في سجون المغرب؟

 

طبيعة الاعتقالات والاختطافات هي نفسها تكرس لحتمية السلسلة  .. يعتقل فلان وتمارس عليه ابشع أنواع العذاب فيضطر للاعتراف على نفسه فيطلبون منه اسماء معارفه فيعترف بالاسماء مهما كانت بعيدة عن الالتزام فيتم اعتقالها ومن شاء فليبحث عن ملف معتقل من البيضاء كان معروفاً باسم غانغا هذا الرجل كان من أبعد الناس عن الالتزام والاخلاق ومع ذلك لما ورد اسمه في التحقيقات اعتقل وادين بخمسة سنوات سجنا نافذة!

ولانذهب بعيدا فقد اعتقل شقيقي الاصغر بتهمة واهية لا دليل عليها وصدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات.. قضاها في السجون  فقط لانه شقيقي وكان ضابط كبير يأتي عنده  للزنزانة ويقول له انت بريء ونحن على يقين بذلك ولكن ذنبك على اخيك لأنه ينتمي للتنظيمات.

بعد خروجه من المعتقل عومل كأي معتقل سابق بالتضييق والمنع من العمل حتى رخصة السياقة سحبت منه الى الآن باوامر من الجهات الامنية.

  وهناك أخ حدثنا أنه من شدة التعذيب اعترف أنه قتل شرطياً في مدينة فاس

 ومن نماذج الاعترافات تحت القهر  مئات الآلاف من الشواهد . . عندما يضطر المعتقل للفرار من التعذيب مهما كلفه الأمر حتى الاعتراف على نفسه ومن يعرف ومن لايعرف  هنا  يلجأ للكذب وتنطلق السلسلة  التي لا تنتهي.

 

 معظم المعتقلين الاوائل في  احداث الدار البيضاء يعرفون قصتي الساك والمقبرة.. عندما اضطر معتقل للاعتراف انه اخفى الساك المفترض للمتفجرات في مدينة الصويرة ..تم نقله الى المدينة العتيقة  وكلما اشار لمنزل انه هو المكان المقصود يتم اقتحامه ومداهمته حتى دوهمت عشرات المنازل بلا جدوى لأن الاعتراف كان  فراراً من العذاب.

 

 ومثلها قصة المقبرة التي اعترف معتقل انه دفن فيها ساك المتفجرات

 

 وانتقلت الفرق الامنية للمقبرة وتم نكشها رأساً على عقب وفي النهاية اكتشفوا ان الاعتراف لم يكن سوى محاولة للفرار من جحيم العذاب.

 

 نماذج كثيرة دونتها في رواية المتاهة عن تلك التجربة المريرة وحصادها الشنيع . . تكفي لاماطة اللثام عن حقيقة الظلم الذي حصل ولايزال.

 

 

  • ·        حوكمتم بمقتضى قانون مكافحة الارهاب ماهي الاجواء التي تم تمرير هذا القانون فيها ليصبح ساري المفعول وكيف تنظرون لمستقبل حقوق الانسان مع وجود هذا القانون المثير للجدل مع استمرارية العمل به طيلة الـ11 سنة الماضية؟

 

ليس سراً ان كل أسباب تمرير  القانون الجائر الذي أعد خصيصاً ليكمم افواه الحركة الاسلامية خاصة وأي حركة أحرار عادلة بوجه عام لم يكن بإمكان أحد أن يمنع تمريره خاصة بعد تفجيرات الدار البيضاء وقد تمت المصادقة عليه في اقل من اسبوعين على الاحداث واصبح ساري المفعول من  لحظة المصادقة عليه بأثر رجعي يعود لعشرات السنين السابقة يعني ان اعتقلت وحقق معك عن  لقاء لك بمجموعة من الاخوة في العام 1990 فسيتم محاكمتك مع من تبقى ممن جلس معك على اساس لقاء  تنظيمي وجماعة غير مرخص لها ..

إنه قانون المحاكمة على النوايا والضمائر قانون لم يسبق اليه.. تفنن في  العقوبة بكل بطش إن أعنت أحدا بمال ولو ب500 درهم تسمى تمويلاً للارهاب وتحاكم وتغرم وقد شهدت عشرات الحالات الجائرة التي حوكم افرادها بتهمة تمويل الارهاب لمبالغ بسيطة كل هذا حتى  لا يعين احد احدا ويجنح  الجميع  لمذهب السلامة..

 قانون مكافحة الارهاب هو ضد اي علاقات اجتماعية بمعنى ان علاقاتك بالناس يمكن ان تزج بك في المعتقلات من خلال السلسلة فلان يعرف فلان وعلان يعرف فلان والتقى به او زوجه وهناك حالات اعتقل افرادها لوساطتهم في زواج او حضور وليمة او عشاء…

 انه قانون شبيه بسيف مسرور سياف هارون الرشيد مهمته قطع الرقاب وسيظل فوق رقبة كل مغربي الى ان يزال قانون يحول حريتك في التعبير الى تهمة الاشادة بالإرهاب ويمكن ان تتحول الاشادة بالارهاب الى التحريض عليه قانون ان فعل حرفياً يمكن ان نجد انفسنا نحاكم لحملنا للقرآن او حفظنا له لأن فيه : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب

وفيه : جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم

انه قانون يتحدث عنه الحقوقيون الآن بشيء من الحياء على انه يجب ان يعدل في بعض فصوله لا  أن يزال غير أن المطالبة الحقيقية هي بإسقاط القانون حتى يتم الالتفات بعد اسقاطه لفتح ملفات  محاكمات هذا القانون لنرى هل تحققت فيها العدالة ؟ والدلائل والحجج ؟ حينها لا بد لنا من انصاف حقيقي لآلاف المظلومين والأبرياء.

 

ان اسقاط هذا القانون هو الحل الوحيد لتجنيب المغرب هاته المجزرة الحقوقية والخلايا النائمة والغارقة في نومها التي يتم الاعلان عنها كل فترة وهو البداية الحقيقية للتصحيح والانصاف وطي ملف ما احدثه القانون من تفكيك للعلاقات الاسرية وتشريد لعشرات العوائل وتدمير مئات المعتقلين.

 

 

  • ·        هل تعتقدون ان ملف السلفية الجهادية سيتم حلحلته بشكل جاد والتمهيد لاطلاق سراح المعتقلين  خاصة بعد الارهاصات التي تم الحديث عنها بعد القاء الشيخ محمد الفزازي خطبة الجمعة في حضرة  محمد السادس؟

من خلال تجربتي في السجون فإن النظام لم يكف يوماً عن التلويح بالحل ولكن وفق معاييره ومقاييسه هذا كان من بدايات الاعتقالات العام 2003م ومقترح الحوار مع العلماء .. ثم كافة مقترحات الحل التي طرحت من بعد وسواء مبادرة محمد زيان المحامي او غيرها التي كانت تأتي من خارج السجن كمقترح حلول.

الشيخ محمد الفزازي الحقيقة انه عمل جاهدا من البدايات على فصل نفسه عن ملفات السلفية الجهادية وفصل عنها بشكل تام من العام 2005 اذ لم تبقى لديه اي صلة بنضالات المعتقلين حتى عندما يقترحون اسمه كطرف في الحل فانهم لايدركون ان الرجل  لم يكن مؤثرا في الملف من البدء وانه اختار الانفصال عن المعتقلين منذ ترحيله الى سجن  طنجة بعد الاضراب الوطني عن الطعام 2005 ، هذا الانفصال الذي سعى له ينساه البعض عند اثارة الحديث عن حل لملف المعتقلين في السجون.

يجب ان نفهم طبيعة هذا الملف حتى يمكننا ان نحله فالسلفية الجهادية ومعتقلوها تيار  ولم يكن يوما جماعة او تنظيماً وهنا تختلف ادوات الحل التي تصعب احياناً وتسهل في أخرى ولكن ان نضع الحل الوحيد لحلحلة الملف هو سبيل المراجعات فهذا ظلم بين يزيد من رهق الظلم الملقى على عاتق الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في الملف برمته وهم السواد الأعظم من المعتقلين.

أرى أن الخطوة التي اقدم عليها الشيخ محمد الفزازي هي استكمال لمراجعاته التي انطلقت في السجون وتوجت فكره الجديد الذي لا صلة له بفكره القديم قبل الاعتقال.

 

الاعلام هو من سعى لربط توجهات الفزازي الجديدة بحل الملف على النمط الذي آل له الشيخ بعد خروجه من السجون.. الحقيقة القياس على الفزازي ومراجعاته وقربه الشديد من الفناء المخزني ظلم بين شديد للمعتقلين الذين ظلوا لسنوات يكرسون في كل خطاباتهم وادوات نضالهم ما اسميناه من البدايات بالمظلومية.

قلت الاعلام هو سبب الداء يحول كل شيء الى الجهة التي تخدم الاجندات بعيداً عن النظر في المآلات والخيارات لدى المعتقلين انفسهم.

 

ما قام به الفزازي هو ليس جديداً على منهجه الجديد بل هو وضوح كامل في الاصطفاف فقد ابدى ندمه على ما بدر منه تجاه فرج فوة الذي قال ذات يوم رحم الله من قتله فهو اذا يغير مكان الاصطفاف ذاك خياره بناء على ما تم مراجعته من مساره في السجون ، اما المعتقلون فلا يحتاجون لإعادة اصطفاف ولا لمراجعات في اعتقادي لأنهم أصلاً في عمومهم لم يكن لهم ما يتراجعون عنه فكراً ولا رأياً او فتوى.

يبقى كل ما أريق من مداد حول  الخطبة وتداعياتها هواجس اقلام لها نصيب كبير من المحنة التي يتقلب فيها المعتقلون

 

 

  • ·        من واقع تجربتكم السجونية كيف تم التعامل مع المراجعات وهل لها افق يمكن يفضي الى حل بالافراج عن المعتقلين وطيف هذا الملف الشائك؟

 

 المراجعات طفت على السطح من خلال الإعلام من البديات ولكنها أخذت زخماً كبيراً من العام 2007 وما سمي حينها مراجعات ابي حفص لكن من واقع التجربة فشلت كل المبادرات في اتجاه المراجعات لأسباب عدة اظهرها أن السلفية الجهادية في السجون تيار وليس تنظيم كما هو الحال في التجربتين المصرية والليبية ثم لأن الاعتقالات في المغرب كانت عشوائية حصدت الاخضر واليابس وبالتالي اصبحنا امام آلاف من المعتقلين بالشبهة والظنة لا صلة لهم بالسلفية ولا عقيدتها ولا المنهج الجهادي اصلا ، فكيف تطلب ممن لا  صلة له بالتيار ان يتراجع عن ادبياته التي يجهلها  جملة وتفصيلا؟ ، ثم ان  ما سمي مراجعات هو اجتهادات افراد او مجموعات من المعتقلين لم تحقق اي شيء من اهدافها أولاً : إصرار  السواد الأعظم من المعتقلين على مظلوميتهم .

ثانياً: لرفضها من البعض.

 ثالثاً : لعدم ايلاء النظام اي اهتمام لها فالمغرب ليس مستهدفاً وما يتم من اعتقالات وضربات تسمى استباقية تاتي وفق مسار ينتهجه الامنيون اذ لو كان البلد مستهدفاً لكانت الخيارات مختلفة ولربما دعم النظام من يبادر للمراجعات في السجون.. اما والحالة هاته فهي لا تعدو ان تكون صيحة في واد لا تحقق شيئاً والدليل ان ما يسمى الشيوخ منذ اعتقالهم لم يستطيعوا جمع كلمة المعتقلين على خيار واحد حتى مراجعات ابي حفص لم ينخرط فيها الا القلة ممن يرتبطون به.

 

 أقول وأكرر  إن  الحل ليس في مطلب تراجع المعتقلين بل في فتح ملفاتهم بشكل جدي للانصاف وجبر الضرر واطلاق سراحهم وفق خطة تغلب منطق العدالة التي كانت مفتقدة في المحاكمات يشمل هذا كل المعتقلين بدون استثناءات ظالمة او تفرقة بين ملف وملف وحالة وحالة .

 

 

  • ·        تحدثتم عن الإعلام ودوره في الاحداث والمحاكمات هل لك أن توضح لنا أي دور قام به الاعلام في احداث الدار البيضاء وما بعدها ؟

 

الإعلام كان له دور سيء جداً فيما آلت اليه الاوضاع الحقوقية في المغرب فقد برر للجهات الامنية كافة خروقاتها وتوسعها في الاعتقالات وصلت في كثير من الأحيان الى شن حملات تشويه ظالمة للمعتقلين وعوائلهم ونسائهم ومحاكمتهم قبل المثول أمام القضاء وقد اوردت المنظمة المغربية لحقوق الانسان عشرات الحالات  لهذه الاختلالات منها حالة خاصة بي  اذ حاكمني الاعلام قبل المحاكمة!

 

 ماذا يعني ان تأتي جريدة وتدعي أنني أقف وراء احداث البيضاء بتوصية من المخابرات الجزائرية   كما ادعت جريدة صفراء فاقع لونها في الوقت الذي عجزت فيه المخابرات المغربية عن ايجاد اي صلة لي  بالاحداث ولو رفيعة كالشعرة..؟. بل ماذا تعني ان تضع جريدة واسعة الانتشار صورتي ومن حولها دائرة من اشلاء من قضوا نحبهم في الاحداث للايحاء باني أقف وراء تلك الأحداث.. في الوقت الذي لم توجه لي اي تهمة بالصلة لا المباشرة او غير المباشرة بالاحداث..

 

 والحالات عديدة تكفي لإعداد دراسة شاملة تكشف الاختلالات العميقة في إعلامنا المسيس والموجه وإلى الآن….

 

  • ·        الاعلام متهم عندك  بتمرير انتهاكات 16 مايو اعطنا بعض النماذج الحية ؟

 

 

الإعلام كان بيت الداء في أحداث الدار البيضاء وهو من برر الانتهاكات وسوق للأكاذيب والأضاليل التي لا تعد ولا تحصى وهو من مارس فعل الاسترهاب وسحر الأعين والإتيان بسحر عظيم من الكذب يكفي انهم إدعوا ان متهماً يتقن اربعة لغات حية بينما هو لا يعرف كيف يكتب اسمه! وأنهم كتموا الكثير من الحقائق . . وكمثال لذلك لماذا في نشرهم  لشهادة محمد العماري المتهم الرئيسي في تفجيرات البيضاء تم حذف فقرة تروي حقيقة ظلت غائبة وهي انهم في يوم 16 ماي لم يستهدفوا المقبرة بالتفجير وأن الذي حصل كما رواه لي عدد ممن  كانوا مقربين من الاحداث هو تراجع احد المنفذين وفراره بعد ان لاحقه الناس فانحاز للمقبرة كمحاولة للنجاة وهناك اعترضه مجموعة من الشمكارة ظنا منهم أن الساك الذي يحمله به أشياء يمكن سرقتها ورغم تحذيره لهم إلا انهم لم يتراجعوا وهكذا فجر نفسه…

 

 هناك الكثير مما غيبه الاعلام لأنه لم يكن يخدم الأجندات الآن بعد كل ما مر من السنوات آن لنا ان نقف وقفة تأمل فيما حصل ولنحدد مسؤولية من ساهم في توريط المغرب في  سلوك هذا النفق الذي اصبح سلسلة متواصلة من الانتهاكات كرست للظلم والقهر والعنت….

 

 

  • ·        من خلال تجربتكم السجنية كيف تصف لنا العتمة في كل ابعادها وما هي الدروس المستفادة منها؟

 

 خلاصة تجربتي في السجن دونتها في كلمتي الموسومة بالباقين تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم وفيما كتبته داخل العتمة وما تم نشره الى الآن على قلته نظراً للظروف القهرية التي أمر بها منذ خروجي من  سجون المملكة.

 الحقيقة أن مرحلة السجون كانت مليئة بالدروس أقلها أنها أهلتنا للمضي في الطريق إلى الغاية بإذن الله تعالى…

 

 السجون المغربية لخصها احد الموظفين في كلمة قال أنهم في معهد تكوين الأطر يدرسونهم أن السجون قطاع بغلي وأنهم سيتعاملون مع بغال وأصول التعامل مع البغال معروفة.

 

 لقد قضيت عشرة سنوات من الصراع اليومي مع الجلاد للعيش بالكرامة التي تكفل لي العيش كمعتقل رأي في سجون المملكة الى أن غادرتها لكن كلمة واحدة اقولها سجون المغرب: غابة الجلاد فيها عبارة عن دراكولا…

 

 لا زلنا بعيدين جداً عن حقوق الانسان  ويوم يصير  هذا العنوان معاشا في حياة الناس يمكن ان اقول أن السجون تغيرت.

 ولكن لا اظن….

 

  • ·        ماهي خلاصة شهادتك عن احداث الدار البيضاء  باختصار؟

 

مما لاشك فيه أن أحداث الدار البيضاء خدت في الذاكرة المغربية أخاديد عميقة بما ارتبطت به من أوجاع وأحزان وآلام جسام صاحبت مرحلة مظلمة هي من أكبر المنعطفات العصيبة التي مرت بها الحركة الاسلامية في المغرب إن لم نقل أقواها وأقساها شطرتها عدة اشطار هي أقرب لمشهد الزجاج المنكسر المبعثر في نتوءات المكان الى الآن لايزال الصمت مصاحباً لتلك الاحداث الكبرى وفي رواية تفاصيلها ونكش اوجاعها ونبش اسرارها.

الاحداث قام بها 14 فرداً لا صلة لهم بأي احد خارج دائرتهم المغلقة ولكن الضريبة أداها آلاف المغاربة ومئات العائلات لابد لهم من رد اعتبار وانصاف.

 

 إحدى عشر منهم قضوا نحبهم احدهم في المقبرة التي لم يكن يستهدفها كما سبق ان أشرت آنفا..

والثلاثة أحدهم نجا من الموت الاخ محمد العماري ، أما الاخوين حسن الطاوسي ورشيد جليل فقد تراجعا عن التنفيذ أصلاً وحوكم الجميع  بالاعدام…

 إن المفتاح الأول للاعتقالات هو محمد العماري إذ اعتقل كل من له صلة به زمالة أوصداقة  أو دراسة قديمة او عمل او جيران او حتى مجرد لقاء عابر ونماذج ذلك في السجون العشرات من امثال الاخ عباس لمخربش الذي كان يتناول عنده العمري المأكولات الخفيفة والاخ شعيب نهار الذي كان جاراً له وهو سلفي تقليدي.. حوكم بالسجن عشرين سنة وغيرهما العشرات!!

 

 لقد آن لنا ان نقف وقفة صادقة ونفتح الملف برمته طلباً لتحقيق العدالة المفتقدة واطلاق سراح من تبقى في السجون وجبر الضرر للجميع ممن تلبس بظلم او اعتداء وتعذيب …

 

 حتى يتسنى لنا ان نخطو خطوات واثقة نحو تجاوز مرارة  زمن الجمر الاسلامي

 

 

  • ·        كيف ترون مستقبل التيار السلفي الجهادي في المغرب بعد تجربة طويلة من العمل الاسلامي هل  هي اقرب للافول او انها قابلة للتغيير والمراجعة في ظل المتغيرات العالمية الراهنة؟

 

الحركة الاسلامية في المغرب كلما ازداد البلاء النازل بها زادت يقينا في صحة طريقها الى الله

 معلوم ان الحركة منذ ان تم تأسيسها بكل فصائلها التي آلت اليها خرجت من رحم البلاء ولم تندثر او تتقهر او تلوذ للكمون الحاد.

 للأسف الآن نشهد انحساراً دعوياً في الساحة وغياباً لتلك الروح التي كانت تسري في الحقل الاسلامي لاعتبارات متعددة..

 المستقبل لايزال للتيار السلفي الجهادي لأنه يمتلك بشهادة العدو والصديق عقيدة صلبة واضحة وقدرة على تحويل الانتكاسات الى انتصارات والدليل انه رغم الحصار والمحاكمات في التيار الاسلامي ظلت  المجموعات الساعية للتغيير تعمل حركة المجاهدين نموذجا.

 

 الآن في مرحلة هي منعطف لاحب الخيار هو نصرة الشريعة ونحن امام افلاس اقتصادي عالمي وانهيار اخلاقي ضجت به الارض وانتفاضة الشعوب التواقة للحرية وللكرامة كل هذا يجعلنا امام مستقبل واعد للتيار الاسلامي سمه ما شئت…

 ولكن تسميته الحقيقية هي الاسلام عندما قلت نصرة الشريعة يعني مطلب تحكيمها وعودتها لأنها الحل لكل افلاس في الاخلاق او الاقتصاد او السياسية والحل للحريات وللكرامة  البشرية.

 

من سنين طويلة كان يحقق معي ضابط في الجهاز الامني فقال لي كلمة لا زلت اذكرها لا أعرف هل كان يقولها لمجرد جس النبض أم انها كانت قناعة راسخة لديه ؟ بها اختم جوابي ، قال: نحن لانعمل اكثر من تأخير الخلافة على منهاج النبوة ، المهم ان نؤخرها ما استطعنا اما التيار الاسلامي فهو قادم حتمية قدومه تكون في أفق عشرين سنة ستصلون للحكم وربما بعدها للخلافة.

 

 كان هذا قبل عشرين سنة تقريبا . . فقارب الحالة الاسلامية اليوم وتأمل.

 

  • ·        تحدثتم في رسائلكم الثلاثة عقب توجيه رسالة مفتوحة لوزير الداخلية عن ضرورة جبر الضرر للمعتقلين المفرج عنهم ما هي برأيكم اكبر التحديات امامكم كمعتقلين اطلق سراحكم حديثاً للاندماج في المجتمع والانتقال لمرحلة يتم فيها تجاوز التجربة السجونية ؟

 

 

الملف مرتبط ببعض ما دام هناك معتقلين لن يكون هناك ادماج لمعتقلين سابقين لأن المعتقلين الجدد دائما تسحبهم السلسلة.. فالسجون لاتزال تغص بعمارها.. إن أوجه تشبيه للحالة المغربية أننا أمام سلسلة لن تنتهي الا بالغفران الحقيقي  يعني لابد من حل من إنصاف.. يكون على اساس جبر الضرر الذي طال المئات في أرزاقهم وسمعتهم وأعمالهم، قضوا سنيناً طويلة في السجون  بلا دليل سوى ضريبة التوجه الرسمي  للضرب في السويداء  اذكر ان احدهم قال لي اثناء التحقيق معي : نحن لا نظلم احداً، اتعرف لماذا؟ لأننا نضرب الجميع الظالم والمظلوم لكي لا يفلت الظالم الذي قام بالاحداث لابد من مظلومين لتحقيق العدالة… منطق غريب شاذ.

 

 لقد صادروا مني اموالاً ثم وجهوا لي تهمة التمويل التي لم يقم عليها ربع دليل وتحديتهم مراراً باعادة محاكمتي ان ثبت دليل على انني استحق ما قضيته في السجون ولكن لا حياة لمن تنادي الى الآن حريتي منقوصة بلا مأوى ولا عمل محاصر مضايق في كل شيء.

 

 لن نخرج من هذا النفق الا بحل جريء يوقف هاته السلسلة

 

 يومها نتحدث عن مرحلة ما بعد رد الاعتبار وجبر الضرر الذي تسببت فيه الدولة

 

 انهم لا ينظرون لنا الا على اساس اننا بنوك معلومات يمكن ان تجدي مراقبتنا والتضييق علينا في تطويعنا او كخلايا افتراضية ستعتقل ذات يوم مثلها كمثل العجل الذي يسمن للذبح اذن حريتنا منقوصة كمواطنتنا المنقوصة التي لا تكفل لنا حتى  الحصول على  شهادة سكن.

 

 

 

  • ·        تحدثتم عن محنة المعتقلين من مجموعة اطلس اسني كيف ترون الحل لهذا الملف القديم الشائك الذي جاوز العشرين سنة من الاعتقال مقارنة مع باقي الملفات السياسية في المغرب؟

 

 

الاخوان  رضوان حمادي وسعيد آيت يدر الحكومان بالاعدام في قضية اطلس اسني العام 94

يحتاج ملفهما إلى تحريك جدي حقوقياً وانسانياً  فقد قضيا مرحلة السجن في أقسى حالاتها إالى الآن منها 14سنة عزلة كاملة في أشنع الظروف بسجن سلا وعندما تمت إعادتهما للسجن المركزي القنيطرة حي باء المعروف بالاعدام لم يختلف وضعهما كثيرا بل زادهم السجان رهقاً لا شك ان احداث اطلس اسني وقعت في ظروف خاصة ومرحلة من الاحتقان في زمن  الجمر المغربي في عهد الحسن الثاني اليوم يجدر بمن يهمهم الأمر ان يلتفتوا لما تبقى من تلك التركة لتصفيتها نهائياً ، لقد تم اطلاق عدد من المعتقلين السياسيين والاسلاميين  ومن  ذوي الاحكام الثقيلة العام 2004 قبل اطلاق  مسمى الانصاف والمصالحة وتم استثناؤهما حتى في التخفيف من الحكم!

 الآن بعد عشرين سنة لا يليق بنا أن نواصل اهمالهما مراعاة لظروفهما في الاعتقال ناهيك عن ان ملفات جد حساسة تم طيها سواء على مستوى المعتقلين من الحق العام فمنهم من قتل العديد وقام بأشنع الجرائم واطلق سراحه قبل اتمام المحكومية بالاعدام اي في 17 سنة فقط من الاعتقال .

اما في الحالات السياسية فعندنا مجموعة حسن اغيري التي  حوكمت بتهريب كميات معتبرة من الاسلحة اطلق سراحهم بعد قضاء نصف المدة واقرب حالة لهم المعتقلين السابقين من الشبيبة الاسلامية الشايب وشهيد كانا محكومين بالاعدام مرتين وتلبسا بالدم في قتل حارس سجن اثناء محاولتهما الفرار، وقد  تم التعاطي مع ملفهما بتخفيض الحكم نظراً للمدة المعتبرة التي قضياها في السجون اذ اطلق سراحهما بعد  ان حدد الحكم النهائي في 25 سنة سجنا الحلول موجوة  لابد ان تتوافر عند من يهمهم الأمر الحقوقي والسياسي الارادة لطي هذا الملف نهائيا.

 واننا نرنو لاطلاق سراحهما مع حل شامل للمعتقلين الاسلامين في سجون المملكة لنطوي ملف الاعتقال السياسي بصفة نهائية لو توافرت النوايا الحسنة قل عسى ان يكون قريبا.

 

  • ·         كلمة اخيرة لكم في ذكرى احداث 16 ماي ؟

 

في المغرب لا زلنا نشهد المسلسل المتواصل  الذي كرسته السلسلة  التي انطلقت  يوم من 16 ماي

 

 ولاتزال الاعتقلات والخلايا الى الآن لدينا ازيد من مئة معتقل فقط من العائدين من الشام

 

 لابد للسلسلة من غفران حقيقي الغفران هو ان يكون للمغرب ارادة في ان يخرج من نفق مكافحة الارهاب بإسقاط ذلك القانون المثير للجدل حتى يعيش الناس احراراً كما خلقهم الله يعبدون رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

 

عن Admin

اترك تعليقاً