افتتاح “خديوي العسكر” لـ “متحف الهرم” نفوذ إماراتي وعسكري وفاسدون والأثريون مستبعدون بقرض 2 مليار دولار بجمهورية الخوف الغرقانة بالديون .. الجمعة 31 أكتوبر 2025م.. نزع الملكية باسم “المنفعة العامة”: تهجير قسري مقنّع لـ 89 عقارًا بالإسكندرية

افتتاح “خديوي العسكر” لـ “متحف الهرم” نفوذ إماراتي وعسكري وفاسدون والأثريون مستبعدون بقرض 2 مليار دولار بجمهورية الخوف الغرقانة بالديون .. الجمعة 31 أكتوبر 2025م.. نزع الملكية باسم “المنفعة العامة”: تهجير قسري مقنّع لـ 89 عقارًا بالإسكندرية

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

 

*تصفية المهندس “محمد سيد” من المسافة صفر برصاص الأمن في أسوان

أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أن قوات الأمن بمركز شرطة إدفو بأسوان أقدمت على تصفية ثلاثة مواطنين عزّل، من بينهم المهندس الشاب محمد سيد عبدالعزيز سليم، مساء الأحد التاسع عشر من أكتوبر الماضي، بقرية حاجر أبو خليفة التابعة لمركز إدفو.

 ووجهت الشبكة أصابع الاتهام تحديدًا إلى كل من الرائد محمد السيد الهاين، رئيس مباحث المركز، ومعاونيه النقباء أمجد إيهاب، شهاب عبدالعال، وأشرف الصاوي، 

وأشارت إلى أن هذه الجريمة تأتي بعد أقل من شهر على عملية مشابهة نفذتها قوات الأمن في المركز ذاته بتاريخ 27 سبتمبر، أسفرت عن مقتل خمسة مواطنين آخرين واتهامهم زورًا بأنهم “عناصر شديدة الخطورة”، رغم أنهم لم تصدر بحقهم أحكام قضائية ولم يكونوا مطلوبين أمنيًا.

 واعتبرت الشبكة المصرية، أن هذه الوقائع المتكررة تؤكد أن ما يجري لم يعد مجرد تجاوز فردي، بل نمط ممنهج من القتل الميداني والتصفية الجسدية تستخدمه وزارة الداخلية كأداة ميدانية للعقاب والردع، في ظل إفلات كامل من المساءلة.

 ووصفت المهندس محمد سيد عبدالعزيز سليم، البالغ من العمر 32 عامًا، المقيم بالقاهرة، ويعمل مهندس جودة بأنه معروف بين زملائه بحسن السمعة والاستقامة، لم يكن مطلوبًا على ذمة أي قضايا ولم يصدر بحقه أي حكم قضائي.

 وحضر برفقة أسرته ظهر يوم الأحد 19 أكتوبر إلى قرية حاجر أبو خليفة لزيارة أقاربه، قبل أن يتحول وجوده إلى مأساة بعد ساعات قليلة إثر اقتحام أمني دامٍ استهدف المواطن محمد جمال الشهير بـ”حمو الدولي”، المطلوب على ذمة قضايا جنائية.

 ووفقًا لشهادات الأهالي التي وثقتها الشبكة، فإن جمال عندما علم بقدوم القوات، اعتلى سطح “مندرة” تابعة لعائلة الميتمية وأطلق النار عليها، مما الأخيرة لطلب تعزيزات إضافية. وبعد وصول الدعم، فرّ المطلوب هاربًا إلى داخل أحد منازل القرية، بينما قامت القواتفي انتهاك صارخ للقانون — بالقبض على ثلاثة مواطنين لا علاقة لهم بالواقعة: المهندس محمد سيد عبدالعزيز، وحميد جمال (شقيق المطلوب)، وشخص ثالث كان ضيفًا بالمنزل.

 مسؤولية القوة الأمنية المباشرة عن القتل

 وفقًا للشهادات الميدانية التي نقلتها الشبكة، فإن الشباب الثلاثة استسلموا للقوة الأمنية ولم يشكلوا أي تهديد، وكان من المفترض أن يتم القبض عليهم والتحقيق معهم لتحديد مدى مشاركتهم من عدمه مع المطلوب القبض عليه محمد جمال.

 لكن القوة الأمنية قررت تصفية الثلاثة من مسافة صفر، في انتهاك صارخ للقانون وحقوق الإنسان، وهو ما يُعد جريمة قتل عمد بحق مواطنين عزّل لم تثبت إدانتهم.

ونقلت الشبكة المصرية عن أحد شهود العيان: “حمو الدولي ده اللي الأمن كان نازل عشانه، معروف في البلد وكان لسه خارج من الحبس في شهر مارس اللي فات. أول ما شاف القوات طلع فوق سطح المندرة وضرب عليهم نار، فالظباط طلبوا دعم. لحد ما الدعم وصل، حمو فضل يضرب نار، وبعدين لما الذخيرة خلصت منه هرب. واللي ماتوا التلاتة كانوا جوه المندرة، الأمن خدهم واستجوبهم وبعدين دخلوهم تاني وقتلوهم، وسابوا المتهم الأصلي يجري. الأمن فتش بيت واحد بس، ولو كان فتش باقي البيوت كان لقاه“.

 وأكدت الشهادات أن قوات الأمن قيّدت أيدي الرجال الثلاثة من الخلف، ثم أدخلتهم بالقوة إلى المندرة وأطلقت عليهم الرصاص من مسافة صفر، ما أدى إلى مقتلهم جميعًا على الفور.

 وقال أحد الشهود إنه سمع المهندس محمد، في لحظاته الأخيرة، يحاول تبرئة نفسه قائلاً: “أنا ماليش دعوة، أنا ضيف!”

شاهد آخر قال: “اللي كانوا جايين يقبضوا عليه هرب، ومسكوا أخوه، والضيف، وواحد تاني متعرفش منين، وحميد أخو حمو الدولي الصغير. راجل في حاله، شغال في الأعمال الحرة، وشاب صغير في السن 24 سنة وبعيد عن سكة أخوه“.

 وتابع: “المفروض بعد ما مسكوهم، لو عليهم مشاكل، يبقى فيه قضية ومحاكمة، ولو هتوصل لإعدام الشخص يبقى المفتي هو اللي يقرر. إنما الظباط بياخدوا قرارات التصفية من نفسهم حفظًا لماء الوجه. وماتوا التلاتة… ليه؟ اسأل أي واحد في المركز أو في المديرية عن حمو الدولي  — وده اسم شهرته محمد جمال — هو معروف، وخرج من شهور بعد ما ضرب نار على الحكومة مرتين“.

 وأضاف شاهد آخر: “محمد جمال عليه قضيتين ضرب نار على الشرطة، واتقبض عليه قبل كده وقعد في السجن 9 شهور، وكلام كتير إنه دفع رشوة كبيرة وخرج في مارس اللي فات. يعني معروف إنه مجرم، طب ليه خرجوه؟ والنهارده الحكومة عارفة مكانه في الجبل، وكل البلد عارفة، طب ليه ما بيروحوش يقبضوا عليه؟“.

 وبحسب شهود العيان، استمرت الحملة الأمنية لمدة ساعتين داخل القرية من الساعة 9 إلى الساعة 11 بالليل، حتى قامت قوات الأمن بنقل الجثامين الثلاثة بطريقة غير قانونية، حيث تم لفها داخل بطاطين ونقلها في سيارات الشرطة إلى مشرحة مستشفى أسوان العام التي تبعد أكثر من مئة كيلومتر عن مكان الواقعة، متجاوزة مشرحة مستشفى إدفو العام الأقرب.

ونقلت الجثث دون حضور النيابة العامة أو إجراء أي معاينة ميدانية، وهو ما اعتبرته الشبكة تلاعبًا بالأدلة وإهدارًا لحق الضحايا في التحقيق النزيه. وسلمت قوات الأمن الجثامين لذويهم مساء الثلاثاء 21 أكتوبر، لدفنها ليلًا على عجل في مقابر الأسرة بإدفو.

 تحميل وزارة الداخلية المسؤولية

 وحمّلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وزارة الداخلية، وعلى رأسها مسؤولو مركز شرطة إدفو، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جريمة القتل العمد خارج نطاق القانون بحق المهندس محمد سيد عبدالعزيز سليم ورفيقيه، وتؤكد أن هذه الجريمة تمثل انتهاكًا صريحًا للدستور المصري وللمواثيق الدولية التي تكفل الحق في الحياة وعدم التعرض للقتل التعسفي.

 كما حمّلت النيابة العامة المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تقاعسها عن أداء واجبها في فتح تحقيق فوري وجاد في الواقعة، واعتبرت أن هذا الصمت والتقاعس يُعد تواطؤًا غير مباشر يسهم في إرساء سياسة الإفلات من العقاب ويبعث برسالة مفادها أن الأجهزة الأمنية فوق القانون.

 وطالبت الشبكة المصرية بفتح تحقيق قضائي عاجل ومستقل في واقعة القتل خارج نطاق القانون بمركز شرطة إدفو، مع تمكين أسر الضحايا ومحاميهم من الاطلاع على مجريات التحقيق.

ودعت  إلى محاسبة القيادات الأمنية التي أصدرت أوامر إطلاق النار، ومساءلة الضباط المنفذين (وعلى رأسهم الرائد محمد السيد الهاين، رئيس مباحث مركز شرطة إدفو، الذي استلم مهام وظيفته في حركة تنقلات الداخلية الأخيرة) وفقًا لقانون العقوبات المصري.

 وشددت على أهمية التزام النيابة العامة بأداء واجبها الدستوري في فتح تحقيق شفاف وشامل في جميع وقائع التصفية المماثلة بمحافظة أسوان وغيرها.

 وحثت على وقف سياسة وزارة الداخلية القائمة على تصفية المواطنين تحت مزاعم “الخطورة الإجرامية”، وهي سياسة لا تمت بصلة إلى العدالة، بل تُشكل اغتيالات ميدانية ممنهجة بحق مواطنين عزّل لم تثبت إدانتهم.

 وحذرت الشبكة من أن استمرار هذه الممارسات يعكس انهيارًا خطيرًا في منظومة العدالة وغيابًا لمبدأ سيادة القانون، ويجسد حالة تغوّل أمني ممنهج على الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.

 وشددت الشبكة على أن إفلات الجناة من العقاب في هذه القضايا سيؤدي إلى تطبيع العنف الرسمي وتكريس مناخ الرعب والخوف داخل المجتمع.

*غرفة المشورة بمحكمة الجنايات تُجدد حبس عدد من أبناء شمال سيناء على ذمة قضايا أمن دولة

أفادت مصادر حقوقية بأن محكمة الجنايات (غرفة المشورة) المنعقدة في مجمع محاكم بدر قررت، يوم الاثنين 27 أكتوبر 2025، تجديد حبس “أحمد إبراهيم سليمان سالم” لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 1603 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا.

كما قررت المحكمة تجديد حبس كلٍّ من “نادية محمد عليان سعيد”، و”سلمى حماد سلمى عليان”، و”محمد يونس محمد محمود عليان”، و”يونس أحمد سلمى حماد” (حدث)، وآخرين، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 165 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.

كذلك جددت المحكمة حبس “أسامة رضوان صالح” (حدث) وآدم كامل سليم سلامة” لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 2 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا.

كما نظرت المحكمة القضية رقم 2480 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، والمتهم فيها “عيسى نور سليمان عيد، وقررت تجديد حبسه لمدة 45 يومًا على ذمتها.

*تأجيل محاكمة عدد من أبناء سيناء في قضيتي أمن دولة إلى ديسمبر ويناير للاطلاع

نظرت الدائرة الثانية (جنايات إرهاب)، المنعقدة بمركز الإصلاح والتأهيل ببدر، يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، جلسة القضية رقم 1973 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، والمتهم فيها عدد من أبناء سيناء.

وقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 28 ديسمبر 2025 للاطلاع.

كما نظرت الدائرة ذاتها القضية رقم 1940 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا، وقررت تأجيل نظرها إلى جلسة 12 يناير 2026 للاطلاع.

 

*من داعم للجيش إلي متهم بالإرهاب لماذا يقمع السيسى رموز ٣٠ يونيه ويعتدى على يحيى عبد الهادي؟

في مشهد يكشف عمق التوتر بين النظام المصري وبعض رموز التيار المدني الذين دعموا انقلاب 3 يوليو 2013، رفع المحامي الحقوقي خالد علي بلاغًا عاجلاً إلى النائب العام المصري، يطالب فيه بفتح تحقيق في واقعة الاعتداء على القيادي المعارض وأحد مؤسسي الحركة المدنية الديمقراطية، المهندس يحيى حسين عبد الهادي، داخل محبسه في سجن بدر.

يأتي البلاغ في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة إلى السلطة بسبب ما يصفه مراقبون بـ”سياسة تصفية الحلفاء القدامى”، بعد أن تحوّل شركاء الأمس في 30 يونيو إلى معارضين صامتين أو ملاحقين، بينما يكتفي النظام بدعم أحزاب هامشية موالية أو تابعة للأجهزة الأمنية.

واقعة الاعتداء وتفاصيل البلاغ

ووفقًا لما جاء في البلاغ، فقد تعرّض عبد الهادي في 16 سبتمبر الماضي لاعتداء جسدي ولفظي من أحد الضباط داخل محكمة جنايات بدر بعد انتهاء جلسة محاكمته في القضية رقم 8197 لسنة 2025، أثناء وجوده في “الحبسخانة” المخصصة لاحتجاز المتهمين قبل ترحيلهم، وفي غياب المحامين.

خالد علي أوضح أن موكله أبلغ إدارة السجن بتفاصيل الاعتداء فور نقله إلى سجن العاشر من رمضان، لكن لم يتم تحرير محضر رسمي، ولم تُستدعَ النيابة للتحقيق في الواقعة حتى الآن.
المحامي الحقوقي وصف ما حدث بأنه “جريمة استعمال قسوة” وفق المادة 129 من قانون العقوبات، التي تعاقب الموظف العام الذي يستخدم العنف أو الإيذاء الجسدي أو المعنوي اعتماداً على سلطته الوظيفية.

من داعم للجيش إلى متهم بالإرهاب

يحيى حسين عبد الهادي، الذي كان أحد الأصوات المدنية البارزة المؤيدة لإطاحة الرئيس المنتخب الشهيد الدكتور محمد مرسي عام 2013، وجد نفسه بعد عقدٍ من الزمن في زنزانة واحدة مع من كان يعارضهم، متَّهماً بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وتمويل الإرهاب.
وكانت السلطات قد ألقت القبض عليه أواخر يوليو 2024 أثناء توجهه للمشاركة في ندوة لحزب “تيار الأمل” تحت التأسيس، بعد ساعات من نشره منشورًا على فيسبوك انتقد فيه صمت الجيش تجاه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، متسائلًا: “إلى متى يصمت الجيش بينما أغلبية المصريين يعانون الفقر والفشل والفساد؟

سياسة تكميم حتى شركاء الثورة المضادة

الواقعة الأخيرة، بحسب مراقبين، لا يمكن فصلها عن منهج النظام في إدارة المجال العام منذ سنوات، حيث لم يعد يميز بين معارض إسلامي أو يساري أو ليبرالي.
ويرى محللون أن النظام المصري، الذي بنى شرعيته على تحالف مدني-عسكري بعد 30 يونيو، بات يعتبر حتى الأصوات المدنية المستقلة تهديدًا لهيمنته، خصوصاً تلك التي تنتقد السياسات الاقتصادية أو غياب العدالة.

كما يشير مراقبون إلى أن النظام يعتمد في المشهد السياسي الحالي علىأحزاب المخابرات” وكيانات شكلية تُمنح مساحة محدودة لتجميل المشهد الانتخابي، بينما يتم التضييق على كل الأحزاب أو الشخصيات التي تحاول ممارسة سياسة حقيقية أو تبني خطاب معارض مستقل.

معركة النظام مع ذاكرة 30 يونيو

بهذا، يبدو أن عبد الفتاح السيسي لا يواجه فقط المعارضة الإسلامية التي أزاحها بالقوة قبل اثني عشر عامًا، بل يشنّ حربًا باردة ضد رموز 30 يونيو أنفسهم، أولئك الذين ساهموا في تمهيد الطريق لوصوله إلى السلطة، ثم حاولوا لاحقاً مساءلته أو انتقاده.
فكلما ضاقت شرعية النظام داخلياً بسبب الفشل الاقتصادي وتصاعد الغضب الشعبي، توسعت دائرة القمع لتشمل حتى من كانوا يومًا شركاء في “الثورة المضادة“.

*أسرة علي عبد الونيس: تشتكي تعنت السفارة المصرية بنيجيريا عن كشف مصيره وسط مخاوف من ترحيله

تعاني أسرة المواطن المصري علي عبد الونيس من مأساة اختفائه قسرياً بعد توقيفه في نيجيريا أثناء سفره من تركيا. تصاعدت معاناة الأسرة مع غياب المعلومات عن مصير علي ومحاولاتها الحثيثة للضغط على السفارة المصرية والسلطات المختصة للكشف عن مكان وجوده وتأمين سلامته. يعكس هذا التقرير حالة مأساوية يعانيها كثيرون في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة، ويستعرض تفاصيل الواقعة وآفاق الحلول الممكنة.

اختفاء قسري وتوقيف في نيجيريا

تم توقيف علي عبد الونيس في مطار نيجيريا بتاريخ 19 أغسطس 2025، عقب وصوله من تركيا، حيث تعرض للاختفاء القسري، وهو ما يؤكد اسم مأساة تتمثل في حجب المعلومات عن مصيره. تشير التقارير إلى أن السلطات النيجيرية تحتجزه، فيما تخشى الأسرة أن يتم ترحيله قسرياً إلى مصر، وهو ما قد يعرض حياته للخطر بسبب الظروف القاسية المعتادة للسجون هناك، خصوصاً لمن يتهمون بصلات سياسية. يعاني علي من حكم غيابي في مصر بالسجن 15 سنة، وتغيب الإجراءات القانونية العادلة في قضيته يزيد من المخاوف حول مصيره.

مناشدات حقوقية وإنسانية

 أطلقت زوجة علي عبد الونيس والعديد من منظمات حقوق الإنسان مناشدات دولية وخاصة للسلطات النيجيرية ومنظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، تطالب فيها بالكشف عن مكان احتجازه ووقف أي محاولة لترحيله إلى مصر. المعاناة امتدت لتصل إلى المؤسسات المصرية التي تواجه ضغوطاً للقيام بدور إيجابي في توفير معلومات أو ضمانات لسلامة المواطن المحتجز. مركز الشهاب لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى أكدوا على أن القضية ذات أبعاد سياسية وإنسانية تتطلب التدخل العاجل.

ضغط عائلي ومجتمعي

تعيش الأسرة حالة من الألم الكبير والقلق الدائم على حياة ابنها، كما أن قضية علي عبد الونيس لاقت دعم الأوساط الحقوقية الإعلامية في مصر وخارجها، حيث يؤكد كثيرون أن مثل هذه الحالات تعكس واقعاً مظلماً من الانتهاكات الحقوقية في التعامل مع المعارضين أو المحتجزين. كما تسعى الأسرة إلى الضغط من خلال التواصل مع الإعلام والمنظمات الدولية لجعل قضيتها معروفة على نطاق أوسع، لزيادة الوعي بالدعوة لعدم الترحيل القسري وضمان محاكمة عادلة في حال كان هناك أي اتهامات قانونية محددة.

وختاما فإن  معاناة علي عبد الونيس وأسرته تعكس قصة ظلت مغيبة في ظل ممارسات الاختفاء القسري وانتهاكات حقوق الإنسان التي تستهدف المواطنين حول العالم، خاصة في قضايا ذات أبعاد سياسية. تستدعي الحالة استجابة إنسانية وقانونية عاجلة من قبل السلطات النيجيرية والمصرية والمنظمات الدولية لوقف هذه الانتهاكات والتأكد من حقوق المحتجزين في الحماية القانونية والإنسانية. استمرار الصمت وعدم الكشف عن مصير علي يزيد من معاناة الأسرة ويضاعف حرمانه من أبسط حقوقه. لذلك، تكمن الأهمية القصوى في دعم حملات الضغط لاستعادة الحقوق وضمان العدالة وإنهاء هذه الحالة المؤلمة

 

*نزع الملكية باسم “المنفعة العامة”: تهجير قسري مقنّع لـ 89 عقارًا بالإسكندرية

في قرار مثير للجدل، أصدر مصطفى مدبولي، رئيس مجلس وزراء قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، القرار رقم 3280 لسنة 2025، بنزع ملكية 89 عقارًا وقطعة أرض بمحافظة الإسكندرية، بزعم “المنفعة العامة”، لتنفيذ مشروع تطوير محور محمد نجيب.

القرار أعاد إلى الواجهة تساؤلات قديمة متجددة حول العلاقة بين التنمية وحقوق المواطنين، وأثار غضبًا واسعًا بين السكان المتضررين، الذين يرون أن الدولة ماضية في سياسات الإزاحة دون توفير بدائل حقيقية أو تعويضات منصفة.

إغلاق شوارع رئيسية وتعطيل يومي للحياة

لم تكتف السلطات بقرارات النزع، بل شرعت في تنفيذ إجراءات ميدانية تعرقل الحياة اليومية للسكان. فقد أعلنت محافظة الإسكندرية عن إغلاق شارع محمد نجيب بالكامل من اتجاه شارع ملك حفني (بحري المترو) حتى شارع جمال عبد الناصر، بطول يقدر بـ 400 متر، مع توفير حارة مرورية واحدة بعرض 3 أمتار فقط.

كما تم إغلاق مداخل ومخارج النفق القائم، للبدء في أعمال الجزء القبلي من كوبري محمد نجيب. تزامن ذلك مع إغلاق شارع ملك حفني قبلي المترو من مدخل النفق عند دربالة وحتى مدخله من ناحية سيدي بشر، بطول 640 مترًا، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة المرورية، وتضرر قطاعات واسعة من السكان.

600 مليون جنيه: هل تكفي لتعويض ما لا يُعوّض؟

وفقًا لما نُشر في الجريدة الرسمية، حُدّدت قيمة التعويضات المبدئية للمتضررين من قرارات نزع الملكية بـ نحو 600 مليون جنيه.

ورغم أن الرقم يبدو كبيرًا ظاهريًا، إلا أن غياب الشفافية حول آليات التقييم وتحديد القيمة السوقية الفعلية يثير شكوكًا كبيرة حول عدالة هذه التعويضات، خاصة في ظل الارتفاع الحاد في أسعار العقارات بالإسكندرية، وعشوائية التقدير في مثل هذه الحالات سابقًا.

 قائمة المتضررين: منازل، مستشفيات، ومخابز

تكشف الكشوف الرسمية المرفقة بالقرار عن خريطة واسعة للملكيات المستهدفة.

في شارع مصطفى كامل، سيجري نزع ملكية 71 عقارًا متنوعًا بين مبانٍ سكنية وأراضٍ فضاء، بعضها يتبع لمستشفى سانت تريزا، فضلًا عن ممتلكات أخرى لمواطنين.

أما في شارع 24، فتشمل القائمة 18 عقارًا وقطعة أرض، من بينها موقع مخصص لمحطة صرف صحي، إضافة إلى مخبزين يخدمان مئات من أهالي المنطقة.

القرار يطال إذًا منشآت خدمية حيوية، وليس فقط ممتلكات خاصة، مما يطرح علامات استفهام حول أولوية المشاريع ومراعاتها لاحتياجات المجتمع المحلي.

المشروع في سطور: تطوير مروري أم إزالة مجتمعية؟

المشروع الحكومي المسمى “تطوير محور محمد نجيب” يشمل إنشاء محور مروري جديد يمتد من الكورنيش حتى شارع مصطفى كامل، ويتضمن:

إنشاء كوبري علوي أعلى طريق جمال عبد الناصر.

تحويل مسار خط مترو “أبو قير” إلى مسار علوي بديلًا عن النفق الحالي.

إنشاء كباري علوية فوق شارع مصطفى كامل لربط المحور بشارع أمين حسونة وميدان الساعة.

إزالة المباني المخالفة والتعديات، دون توضيح ما إذا كانت تلك الإزالات تشمل ملكيات قانونية كذلك.

وتقول الحكومة إن المشروع يستهدف تخفيف الزحام وتسهيل الحركة بين شرق وغرب المدينة، بينما لا تذكر شيئًا عن خطط توطين أو تعويضات عادلة للمهجّرين.

من دون حوار مجتمعي أو ضمانات قانونية

اللافت أن القرار صدر دون أي حوار مجتمعي أو استبيان لرأي السكان، ودون عرض بدائل سكنية واضحة أو جداول زمنية للتعويض.

كما يمنح القرار وزارة الإسكان، ممثلة في الجهاز المركزي للتعمير، الحق في الاستيلاء المباشر على الأملاك، وهو ما يشكل سابقة قانونية خطيرة تتجاوز حتى فترات التفاوض التقليدية أو الإشراف القضائي الكامل على إجراءات نزع الملكية.

هل يمكن للتنمية أن تتم دون سحق الناس؟

في أغسطس الماضي، دشنت الحكومة افتتاح كوبري محمد نجيب على طريق البحر، كخطوة أولى في المشروع، تمهيدًا لإلغاء إشارات مرورية رئيسية مثل إشارة سيدي بشر.

 لكن الإنجاز العمراني، الذي يُقدَّم في الإعلام كنقلة نوعية، يُقابله هدم فعلي لمجتمعات قائمة، وتشريد محتمل لعشرات الأسر، وفقدان مصادر رزق يومية.

ويبقى السؤال الأهم:

هل يجوز للحكومة أن تُقدّم “المنفعة العامة” كذريعة لإزاحة الناس من بيوتهم دون شفافية أو تعويض عادل؟

وهل تُقاس التنمية بعدد الكباري التي تُبنى، أم بعدد المواطنين الذين يحتفظون بكرامتهم ومنازلهم؟

 

*الأزهر الشريف يدعو إلى تدخل عاجل لوقف المجازر في مدينة الفاشر بالسودان

دعا الأزهر الشريف، أمس الخميس، عقلاء العالم وحكماء السودان إلى تدخل فوري وعاجل لوقف المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غربي السودان، واصفًا ما يجري هناك بأنه انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والمبادئ الدينية والمواثيق الدولية.

وقال الأزهر، في بيان رسمي، إن ما يتعرض له المدنيون من قتل وقصف وتجويع وحرمان يمثل جريمة بشعة في حق الإنسانية، مطالبًا المجتمع الدولي بـ تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والعمل على وقف العنف بشكل كامل ودائم في السودان.

وشدد البيان على ضرورة تغليب صوت العقل والحكمة وإعلاء مصلحة السودان العليا، داعيًا الأطراف المتصارعة إلى وقف نزيف الدماء والحفاظ على وحدة البلاد، ومؤكدًا أن الانجرار خلف “الصراعات التي تغذيها المصالح السياسية الخبيثة” لن يجلب للسودان سوى “الدمار والتخلف والفقر”.

كما أعلن الأزهر الشريف عن استعداده لتسيير قوافل إغاثية عاجلة إلى السودان للمساهمة في إنقاذ الوضع الإنساني المتدهور، مطالبًا بتسهيل إيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المنكوبة.

ويأتي بيان الأزهر بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في أكتوبر/تشرين الأول 2025، وارتكابها انتهاكات واسعة ضد المدنيين، وفق ما أكدته تقارير محلية ودولية، وسط تحذيرات من تقسيم جغرافي جديد للبلاد.

يُذكر أن الحرب في السودان اندلعت في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب خلافات على المرحلة الانتقالية، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

* إعلاميو السيسي يشنون هجوما عنيفا ضد أحمد الشرع بعد تحريف تصريحاته

شنّ إعلاميون وناشطون مصريون هجوما غير مسبوق على أحمد الشرع، في أعقاب تصريحات أدلى بها في جلسة حوارية على هامش مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، في العاصمة السعودية الرياض.

وقال الشرع في تصريحات امتدح بها السعودية ودول أخرى بشدة “سوريا اليوم لديها علاقة مثالية مع تركيا، والسعودية، وقطر، والإمارات، وهذه الدول الناجحة فيما أعتقد، مع احترامي لباقي الدول مثل مصر، والعراق التي لديها نجاح، لكن هذه الدول (الخليج وتركيا) تعمل بجهد مضاعف، وسرعة فائقة، وتواكب التطور الحاصل في العالم من تكنلوجيا وتقنية وغيرها“.

إلا أن وسائل إعلام سعودية، وفي مقدمتها صفحة “أخبار السعودية” أكبر منصة إخبارية في المملكة، حرّفت تصريح الشرع، ونشرت ما نصّه الشرع: لدينا علاقة مثالية مع السعودية وقطر والإمارات وهي دول ناجحة ومواكبة للتطور، وليست كدول مصر والعراق“.

وتسبّبت تصريحات الشرع، وطريقة تعاطي الإعلام السعودي معها، بموجة غضب واسعة في مصر، إذ لجأت وسائل إعلام وإعلاميون لنعت الشرع بـ”الإرهابي” حسب قولهم، وتسميته بكنيته السابقة “أبو محمد الجولاني“.

وشن الإعلام المصري هجوما عنيفا على الشرع، واعتبر حديثه إهانة، وتدخلا في شؤون القاهرة، مذكّرين بأن العلاقة بين البلدين تمر بتوتر كبير بسبب الرفض المصري لوصول الشرع إلى قيادة سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وقالت وسائل إعلام مصرية إن الشرع اتخذ عدة خطوات مناوئة للقاهرة، من بينها إلغاء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر 1973، وعدم منعه بشكل واضح مظاهرات في دمشق ضد النظام المصري.

فيما اتهم آخرون المنصات السعودية بأنها من أجّج الغضب المصري ضد الشرع والحكومة السورية، بسبب “التلاعب” وتحريف تصريح الرئيس السوري.

يشار إلى أن الشرع أدلى بهذه التصريحات في وجود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

*مجلس أمناء “المتحف المصري الكبير” : نفوذ إماراتي وعسكري وفاسدون! والأثريون مستبعدون

في الوقت الذي يحاول فيه نظام قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي الترويج لصورة “النهضة الثقافية” من خلال مشاريع كالمتحف المصري الكبير، تكشف التعيينات الأخيرة لمجلس أمناء المتحف عن واقع مختلف تماماً، حيث تحوّل المشروع الأثري الأضخم في الشرق الأوسط إلى ساحة نفوذ وفساد مالي وإداري. تعيين شخصيات يلاحقها تاريخ من الاتهامات في قضايا الفساد والمقاولات، يعكس عقلية السيطرة والتربح من المشروعات الوطنية تحت غطاء “الرموز الثقافية”.

وجوه الفساد في قاعة المتحف

من بين أبرز الأسماء التي تضمها قائمة مجلس الأمناء، يظهر كل من زاهي حواس، خالد العناني، كحنون، وأحمد غنيم، وكلهم مرتبطون باتهامات تتعلق بالفساد وسوء الإدارة. اختيار هؤلاء، بحسب مراقبين، يؤكد أن النظام لم يعد معنيّاً حتى بمظاهر النزاهة، بل يعمد إلى مكافأة الولاء لا الكفاءة.

زاهي حواس، الذي لطالما قدم نفسه بوصفه “حامي الآثار المصرية”، يواجه منذ سنوات شبهات عديدة تتعلق بتسهيل تهريب قطع أثرية وتورط في صفقات بيع غير مشروعة. التحقيقات التي أُثيرت حوله في فترات سابقة تمّ إغلاقها دون تبرئة واضحة، ما يجدد التساؤلات حول علاقات النفوذ التي تحميه من المساءلة.

أما خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، فيُتهم من قبل موظفين سابقين وخبراء آثار بأنه أضاع ثروة من التراث الوطني عبر قرارات إدارية كارثية. أبرزها مشروعات الترميم الفاشلة، ونقل قطع أثرية حساسة من دون معايير حفظ علمية، ما تسبب في تلف أجزاء نادرة من آثار المملكة القديمة في سقارة والجيزة.

المقاولات المشبوهة: المال أهم من التراث

تعسّف السلطة في اختيار أعضاء مجلس أمناء المتحف المصري الكبير كشف عن توظيف نفوذ سياسي ومصالح مالية على حساب الحفاظ على التراث. أحد الأسماء التي أثارت غضب العاملين في قطاع الآثار هو عضو مجلس الأمناء الذي ارتبط اسمه بشبكة من الفساد المالي والصفقات المشبوهة مع جهات تابعة للجيش. يُعرف هذا الشخص في الأوساط الثقافية بأنه “مقاول من الباطن”، يمرر المشاريع عبر وسطاء لا يمتلكون أي خبرة أثرية حقيقية، مما أدى إلى تضخم ميزانيات غير مبررة وتأجيل افتتاح المشروع لأعوام متتالية. وأكدت مصادر من داخل وزارة السياحة والآثار أن تعيينه لم يكن لمهاراته الفنية بل جاء نتيجة ضغوط أمنية واقتصادية تنسجم مع شبكة مصالح مترابطة بين رجال أعمال مقربين من النظام والمؤسسة العسكرية.

الشيخ طحنون بن زايد: رجل استثمارات إماراتي في قلب المتحف المصري

الشيخ طحنون بن زايد، نائب حاكم أبو ظبي ومستشار الأمن الوطني الإماراتي، عضو في مجلس أمناء المتحف المصري الكبير، له استثمارات واسعة داخل مصر تتركز في قطاعات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا. يُعتبر شخصية جدلية بامتياز، حيث يقود إمبراطورية اقتصادية تضم أصولًا حكومية وصناديق خاصة بقيمة تريليونات الدولارات، ويشرف على كيان استثماري ضخم مثل شركة “القابضة” (ADQ) التي استثمرت مليارات الدولارات في مصر، منها مشاريع ضخمة لتحويل مناطق استراتيجية إلى وجهات سياحية واستثمارية. دوره في مجلس الأمناء يعكس النفوذ الذي تمارسه أبو ظبي عبر أدوات الاستثمار في المشاريع الوطنية المصرية، وأسس علاقات وثيقة مع المؤسسة العسكرية والاقتصادية في مصر. هذا النفوذ يثير مخاوف واسعة حول تحوّل المتحف الكبير إلى أداة لاستثمار مصالح خارجية بدلاً من كونه مؤسسة ثقافية تعتز بالميراث المصري.

أحمد غنيم: واجهة تكنوقراطية لمقاولات عسكرية

أحمد غنيم، المدير التنفيذي السابق للمتحف، يمثل نموذجاً آخر لما يُعرف بـ”التكنوقراط التابعين للسلاح”. ورغم تخرّجه في مجالات الإدارة والاقتصاد، إلا أن مسيرته انتهت في قلب صفقات المقاولات مع شركات تابعة للجيش، ما جعل كثيراً من العاملين يصفون دوره بأنه “غطاء إداري لتسهيل العقود الباطنية”.

الوثائق التي تسرّبت خلال عامي 2023 و2024 كشفت عن تعاملات مالية بين إدارة المتحف وعدة شركات مقاولات تمت بطرق غير شفافة، إحداها لشركة مملوكة لضابط سابق في الهيئة الهندسية. هذه الصفقات منحت غنيم ثقة السلطة لكنها سحبت منه مصداقيته أمام المجتمع الثقافي.

المتحف: مشروع وطني أم غنيمة للنظام؟

تحوّل المتحف المصري الكبير من مشروع وطني لكشف تاريخ مصر إلى غنيمة يتقاسمها المقرّبون من السلطة. المشروع الذي تجاوزت كلفته 1.2 مليار دولار لم يكتمل رغم مرور أكثر من 20 عاماً على انطلاقه. التأجيلات المتتالية ترتبط بإعادة توزيع العقود والمناقصات وليس فقط بالعقبات الفنية.


خبراء في الشأن الثقافي يشيرون إلى أن المتحف أصبح نموذجاً مصغراً لواقع الدولة المصرية اليوم: مشاريع ضخمة تُدار بعقلية أمنية وتجارية، يختلط فيها المال العام بالمصالح الخاصة. فبدلاً من أن يكون المجلس العلمي الموجّه للمتحف من علماء آثار مستقلين، أصبح مجلساً سياسياً يخضع لتوجيهات الرئاسة ودوائر النفوذ الاقتصادي.

أصوات من داخل الوزارة: الغضب الصامت

عدد من العاملين بوزارة السياحة والآثار عبّروا في أحاديث غير رسمية عن استيائهم من التعيينات الأخيرة، معتبرين أن المجلس الجديد يفتقر إلى النزاهة والخبرة العلمية. أحد الموظفين قال إن “المتحف تحوّل إلى شركة تجارية لإدارة الصفقات، لا مكان فيه للباحث الجاد أو الأثري الشريف”.

مصادر أخرى تؤكد أن كل من يعارض هذه السياسة يتم تهميشه أو نقله بعيداً. ويرى بعض الخبراء أن هذا المناخ الخانق أدى إلى هجرة العديد من الكفاءات الأكاديمية إلى الخارج، وترك فراغاً هائلاً في قطاع إدارة الآثار المصرية.

الخلاصة: المتحف أسير الفساد والمحسوبية

ما يحدث داخل مجلس أمناء المتحف المصري الكبير ليس سوى انعكاس للفساد الهيكلي الذي يضرب مؤسسات الدولة المصرية منذ عهد السيسي. فبينما يُروّج النظام لإنجازاته عبر صور الاحتفالات الرسمية والافتتاحات المؤجلة، تتآكل معايير النزاهة والشفافية في كل تفاصيل الإدارة.

إن مصير المتحف المصري الكبير اليوم لا تحدده الجدارة العلمية أو الحب الوطني للآثار، بل تتولاه طبقة ضيقة من المقاولين والموالين الذين أحالوا التراث إلى مشروع استثماري لخدمة مصالحهم الخاصة.

*افتتاح “خديوي العسكر” لـ “متحف الهرم” بقرض 2 مليار دولار بجمهورية الخوف الغرقانة بالديون

في 1 نوفمبر يشارك رؤساء وشخصيات بارزة في افتتاح مبنى يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تروي تاريخ الحضارة المصرية القديمة، أطلق عليه حكام جمهورية الخوف “المتحف المصري الكبير” بنقل آثار كانت مكدسة في مخازن المتحف المصري بالتحرير واستحضار آثار أخرى من أماكنها بمحافظات الجمهورية، ويتوقع أن تكون الاحتفالية الافتتاحية التي جاءت بعد سلسلة طويلة من التأجيلات كان آخرها في 2 يوليو الماضي، وتأجلت بسبب فضيحة بروفة الافتتاح التي تعللت الأجهزة وإعلام الانقلاب أنها مجرد بروفة وهي ضمن مصروفات لا يمكن أن تقل عن 3 مليار جنيه كما موكب المومياوات قبل سنوات.

وتبلغ مساحة المبنى الضخم #GrandEgyptianMuseum نصف مليون متر يليه اللوفر بفارق كبير (70 ألف متر) وأن الاحتفالية بحسب المحتفلين تهدف إلى الترويج لمصر كمقصد سياحي وثقافي عالمي، وتسليط الضوء على الإنجازات التي تحققت في مجال الآثار والسياح!

إلا أن هذا الهدف بحسب النشطاء المتخصصين في المالية والاقتصاد فنكوش فالناشط أحمد لطفي @AHMADLO13219562 قال: “بصرف النظر عن المتحف الكبير، خدها قاعدة، البلد اللي فيها السايح ما يقدرش يركب مواصلات عامة، مستحيل يبقى بلد سياحي،

السياحة مش بس آثار وشواطئ السياحة أكبر من كده بكتير، مصر مش بلد سياحي خالص، مش عايز تصدق براحتك.”.

https://x.com/AHMADLO13219562/status/1983637721269858475

الصحفي عاطف حمد @Atif_isaa ذكر أن الإنجاز ليس حكرا على النظام مستعرضا كيف بدأت فكرة المتحف وتوالياتها “بدأ مشروع  #المتحف_المصري_الكبير  عام 2002 .. وفي عام 2005 بدأ المشروع ووضع حسني مبارك حجر الأساس، وفي2006 تم نقل تمثال رمسيس الثاني ، وفي2010 افتتحت سوزان مبارك المرحلة الأولى والثانية من المشروع.

ويبدو أن الافتتاحات السابقة لم تكلف ما كلفه السيسي أو زعم تكلفته (1.5 مليار$ على الأقل) أما سلسلة القروض لمثل هذا المشروع ومشروعات فنكوش لا يستفيد منها المصريون، كما زيادة الإنتاج وترميم صناعات ثقيلة..

الصحفي علي بكري @_AliBakry قال في 25 أكتوبر: “رئيس الوزراء أعلن النهاردة أن يوم السبت 1 نوفمبر هيكون أجازة رسمية بمناسبة إفتتاح #المتحف_المصري_الكبير اللي وصفه من يومين بأنه #هدية_مصر_للعالم .

وجمع أبرز المشاريع وقالت عنها حكومة السيسي هدية مصر للعالم: 

1- المتحف المصري الكبير “1.2 مليار دولار” هدية مصر للعالم.

2- قناة السويس الجديدة “8.2 مليار دولار” هدية مصر للعالم.

3- مشروع التجلي الأعظم “15 مليار جنيه” هدية مصر للعالم.

4- مسجد مصر بالعاصمة الإدارية “800 مليون جنيه” هدية مصر للعالم.

5- مشروع تبليط الهرم -هدية مصر للعالم “الحمد لله لم يكتمل”.

وتساءل لمدبولي والسيسي: “مفيش هدية مصر للمصريين ولا المصريين تخصص رفع أسعار وصب في المصلحة ؟!”.

https://x.com/_AliBakry/status/1982094972770726287

بلد غرقانة في الديون

أما دعاء @doaa_dobi  فقالت: “مصر استلفت من اليابان مليارات، علشان تبني المتحف المصري الكبير، طيب كان الأولى نستلف عشان نبني مصنع، نزرع أرض، أو ننتج سلعة مش نبني متحف “يُبهر العالم“!.. “.

وتساءلت “يا جماعة العالم مش محتاج ينبهر العالم ولا فارق معاه،  إحنا اللي محتاجين ناكل ونعيش، بلد غرقانة في الديون محتاجة إنتاج مش متاحف!”.

https://twitter.com/doaa_dobi/status/1983833317318242459

وعلق حساب ثورة شعب @ThawretShaaab “مش مهم نأكل ولا نشرب.. المهم يبقى عندنا متحف.. “.

https://x.com/ThawretShaaab/status/1983911784001184143

وقالت الصحفية سيلين ساري  @celin931 “يُسكّون عملاتٍ من الذهب والفضة احتفالًا بالمتحف، وجياعُ الوطن لا يجدون ثمن الخبز،

والوطن يُباع قطعةً قطعة! “.

وتساءلت: “أيُّ فُصامٍ هذا بين ديكتاتورٍ يغرق في البذخ، وشعبٍ يزحف تحت خطّ الفقر؟ .. المتحف يُزيَّن بالذهب… والوطن يُرهن بالديون.

https://x.com/celin931/status/1983653076889420229

إنفاق من أجل اللقطة

وعبر هاشتاج #المتحف_المصري_الكبير الذي يروج له إعلام المتحدة ومنصات اللجان، شاطرها محمد حمدي الرأس وقال “بشهادة زاهي حواس.. المتحف الكبير مش هيجيب تكلفته ولا بعد 500 سنة ،وأنا شخصيا مكنتش أتمنى أنه يتعمل، ده زاهي حواس أيقونة الآثار في مصر عبر كل الأنظمة الفاسدة “.

وأشار  @mohhamdyEg “تكلفة المتحف حتى هذا التصريح كانت مليار و ٢٠٠ مليون دولار، والآن تخطت ٢ مليار دولار

كل ده عشان اللقطة..

https://x.com/mohhamdyEg/status/1983470145457770534

غرق المتحف

وفي أبريل 2013 كانت فضيحة مدوية بعد الإنفاق الهائل وبالدولار بقروض من اليابان أن غرق المتحف المصري الكبير، حيث استعرض ناشطون مشهد هطول الأمطار فوق تمثال رمسيس الثاني، والمياه تملأ جنبات المتحف المصري الكبير، بينما زواره عاجزون عن التجول بداخله، من أكثر المشاهد التي تم تداولها على مواقع التواصل وأثار الضجة في الأيام القليلة الماضية

ورغم حادثة تسرب المياه في أبريل 2023، تؤكد حكومة السيسي أن تصميم المتحف المصري الكبير يراعي الظروف المناخية، ولا يُتوقع تكرار الحادث مع افتتاحه في بداية الشتاء.

الجدل الواسع على مواقع التواصل، وصل إلى اعتبار غرق المتحف “فضيحة” لمشروع بناء بلا آلية لتصريف مياه الأمطار بهذا الحجم قبل افتتاحه الرسمي.

حساب  أسامة جاويش @osgaweesh علق “#المتحف_المصري بيغرق يا باشا  .. #المتحف_المصري_الكبير اتبهدل يا باشا

ده أنتم صارفين عليه ملايين يا باشا.. الباشا صحى من النوم وطلع لواء ورد على كل المشككين وقال : لا داعي للقلق .. تصميم المتحف مدروس ومشاهد الأمطار طبيعية”.

https://x.com/osgaweesh/status/1646458904077901825

وجاءت السخرية (رغم أن مياه الأمطار دائما ما تكشف العوار في التشطيبات التي خصصها السيسي كالعادة للهيئة الهندسية التي استأجرت شركات من الباطن لتنفيذ المبنى) بعد أن قال حكومة السيسي ببيان عن وزارة السياحة والآثار قالت: إن “التمثال لم يتأثر بأي شكل، التسرب كان محدودًا وفي منطقة مكشوفة جزئيًا ضمن التصميم المعماري.. نظام التصريف تم اختباره وتعديله لاحقًا لضمان عدم تكرار الواقعة.”، رغم أنه أعلن عن “تعزيز أنظمة العزل والتصريف بعد الواقعة، مع مراجعة شاملة للبنية التحتية.”.

بروفة أبريل 2025

وشهدت بروفة افتتاح المتحف المصري الكبير في أبريل 2025 انتقادات واسعة بسبب سوء التنظيم، لكنها كانت تجربة تجريبية وليست حدثًا رسميًا، وفقًا للتصريحات الحكومية.

ونظمت وزارة السياحة والآثار بحكومة السيسي بروفة تشغيل تجريبية للمتحف المصري الكبير، شملت استقبال زوار محدودين وتجربة المسارات الداخلية، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي شكاوى من سوء التنظيم، مثل؛ تأخير الدخول وازدحام البوابات، وعدم وضوح المسارات داخل المتحف، ومشاكل في التكييف والإضاءة ببعض القاعات، وغياب الإرشاد السياحي الكافي.

إلا أن التعليقات على سوء العروض التي وقفت ضدها الحكومة ونفتها اللجان ساهمت تلك الملاحظات الناتجة عن البروفة في تأجيل الافتتاح من يوليو إلى نوفمبر 2025، لإتاحة الوقت الكافي لمعالجة المشكلات أو بالأحرى (طلسقة) الأمور حتى الافتتاح وانتهاء صاحب اللقطة من الاستعراض..

من يسدد ديون المتحف

وتروج حكومة السيسي إلى أن تكلفة افتتاح المتحف المصري الكبير تجاوزت 1.5 مليار دولار مع توجيه الآثاريين وإعلام الأذرع إلى أن ، يكون الكلام موحدا أمام الشعب “متحف لاستثمار استراتيجي وليس بذخًا“.

وشكل الدعوات التي وصلت الضيوف كانت “مجسم مذهب لتمثال للملك الشاب توت عنخ أمون داخل صندوق لعالم المصريات الياباني يوشيمورا ويحتفل بدعوة حضوره حفل افتتاح “.

والتمويل جاء من قروض دولية بقيمة 750 مليون دولار، والباقي من الميزانية الحكومية والشراكات مع القطاع الخاص.

وتساءلت ميادة المصري @hasrimaydia “اللي أعرفه عن مصر إنها #المتحف_المصري_الكبير اللي مداري ديون متلتلة ولا خمس أجيال هيسدوها على شوية مهرجانات ومخدرات على شوية أغنياء واكلين البلد علي شوية فقراء محتاسين بعيالهم لا عارفين يتعالجوا ولا يتعلموا ولا يأكلوا على شوية برامج بتجلد الشعب وبتقوله أنت السبب!”.

https://x.com/hasrimaydia/status/1983531508074971300

وبشكل آخر تساءل المحامي والناشط السياسي عمرو عبد الهادي “.. السيسي بيوزّع هدايا بالملايين على العالم باسم #المتحف_المصري_الكبير، وعامل احتفال بمليارات زي حفلة فنكوش تفريعة القناة، عشان يقول للعالم إن عندنا آثار…”.

وقلل من هذا الاستعراض وعبر @amrelhady4000  قال: “.. طب ما كل دول العالم بتدرّس الحضارة الفرعونية اللي أصلاً موجودة عندنا!.. والله لو ماكرون عمل كده على اللوفر كانوا حاكموه، بس في مصر… عزبة سرقة وفساد وفهلوة!

https://x.com/amrelhady4000/status/1983823809309212850

وقالت حكومة السيسي: إن “نسب الإشغال الفندقي في الجيزة والقاهرة ارتفعت إلى 100% خلال فترة الافتتاح ويُدار المتحف كنموذج اقتصادي مستقل لضمان الاستدامة والكفاءة“.

ويتضمن عروضًا فنية وموسيقية عالمية، وافتتاح قاعات رئيسية مثل قاعة توت عنخ آمون (الأعمال الكاملة الخاصة به) ومتحف مركب خوفو.

وينظم الحفل بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية..

ويُرجح مراقبون أن التكلفة تتجاوز عشرات الملايين من الجنيهات، خاصة مع استخدام تقنيات عرض متقدمة وتجهيزات لوجستية ضخمة.

رؤية آثارية

واستعرضت الناشطة زنوبيا @Zeinobia حلا متخصصا في الآثار وقالت: “هو موضوع تكدس الآثار في المتحف المصري بالتحرير أو وضعها في متحف مركزي كبير زي المتحف الكبير، أنا خايفة أقول إن فيه حل تاني مش هيعجب الناس .. الحل التاني أن جزءا من الآثار دي ترجع لمحافظاتها الأصلية في متاحف محلية زي كل العالم المتحضر، أنا أصلا عايزة رأس نفرتيتي ترجع للمتحف الأتوني مش للمتحف الكبير أو متحف التحرير .. “.

وأوضحت “أنا عايزة حجر رشيد يرجع للقلعة رشيد .. رأس نفرتيتي بمجموعة أخناتون في المتحف الأتوني اللي بقاله بتاع  عشرومية سنة مقفول على رغم من تصميمه البديع .. “.

وعن فائدة ما تطرحه “أول حاجة هيخلق حركة سياحة عظيمة في المنيا و ما يتابعه من خلق فرص عمل .. نفس الشيء لحجر رشيد

نفس الشيء لآثار صان الحجر في الشرقية و الزقازيق، بس الفكرة إحنا لسه بنفكر بمركزية شديدة .. أنتم عايزين تثقفوا الناس و تخليهم فخورين بتاريخ بلدهم يبقى وريهم تاريخ مدنهم الحقيقي”.

 

*الطريق الأسهل على حساب الفقراء لماذا رفعت حكومة الانقلاب أسعار الوقود للمرة الـ20 خلال 6 سنوات؟

تواصلت الانتقادات فى الشارع المصرى لقرار حكومة الانقلاب برفع أسعار الوقود والذى انعكس على أسعار جميع السلع والمنتجات والتى شهدت زيادات متفاوتة وهو ما يضاعف أعباء المواطنين المصريين خاصة محدودى الدخل والذين لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم اليومية الضرورية .

وكشف قرار زيادة أسعار الوقود للمرة الـ20 خلال 6 سنوات أن حكومة الانقلاب تسلك الطرق الأسهل في معالجة الأزمة الاقتصادية، وتتجاهل التداعيات السلبية على المواطنين جراء هذه الزيادات

اكما أن لنهج حكومة الانقلاب واختيارها الطريق السهل عبر رفع أسعار البنزين والكهرباء بدلًا من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الصعبة التي يطالب بها صندوق النقد يعكس فشلًها في الإدارة الاقتصادية .

ملفات صعبة

من جانبه قال أستاذ الاقتصاد السياسي الدكتور كريم العمدة إن ملف دعم المحروقات يمثل أحد أكثر الملفات حساسية في الاقتصاد المصري، إذ يخضع لتدقيق مستمر من صندوق النقد الدولي. مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب رفعت أسعار الوقود خمس مرات خلال عامين فقط، وهو رقم مرتفع جدًا بالنظر إلى الأعباء الاقتصادية التي يتحملها المواطن.

وأكد العمدة فى تصريحات صحفية أن الزيادة الأخيرة غير مبررة، خاصة في ظل تأكيدات مسؤولي صندوق النقد بأن رفع أسعار المحروقات ليس مطلبًا ملحًا في الوقت الراهن. 

وأشار إلى أن حكومة الانقلاب كانت قد صرحت سابقًا بأن هذه الزيادة ستكون الأخيرة، لكن من الواضح أن الأمر غير محسوم، إذ قد تعقبها زيادات جديدة إذا ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه أو زاد سعر برميل النفط عالميًا. مؤكدا أن دعم المحروقات كان دائمًا أحد الملفات الصعبة التي واجهت الحكومات منذ عهد الرئيس السادات، لكن حكومة الانقلاب الحالية هي الوحيدة التي ألغت الدعم بشكل شبه كامل، رغم ما لذلك من آثار سلبية على معدلات التضخم ومستوى المعيشة. 

وشدد العمدة على ضرورة أن تظل هناك نسبة معقولة من دعم الطاقة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، معتبرًا أن الكهرباء والوقود يمثلان أساس الصناعة والإنتاج، ومن ثم فإن رفع أسعارهما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار ومستويات التضخم. .

ولفت إلى أن المواطن البسيط وموظفو الحكومة من محدودي الدخل لا يمكنهم تحمل الصدمات المتتالية في أسعار الوقود موضحًا أن تكلفة المواصلات اليومية ارتفعت بشكل كبير، إذ أصبحت الرحلات القصيرة داخل المدينة لا تقل عن 6 إلى 7 جنيهات، بينما تتجاوز تكلفة التنقل بين المحافظات أو عبر مسافات طويلة 50 جنيهًا يوميًا للموظفين والطلاب. 

وتابع العمدة أن هذه الزيادات تخلق ضغوطًا تضخمية هائلة على المصريين، مشيرًا إلى أن التضخم المنفلت ظل أحد أكثر الملفات تعقيدًا أمام حكومات الانقلاب المتعاقبة.

الطريق الأسهل

وانتقد تعامل حكومة الانقلاب الحالية مع صندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن المراجعتين الرابعة والخامسة لبرنامج الصندوق لا تزالان مؤجلتين بسبب ضعف أداء هذه الحكومة في الملفات الأساسية التي يطالب بها الصندوق، مثل الشفافية، الحوكمة، القضاء على الفساد، وتخارج دولة العسكر من النشاط الاقتصادي عبر الطروحات الحكومية. 

وخلص العمدة إلى أن حكومة الانقلاب اختارت الطريق الأسهل عبر رفع أسعار البنزين والكهرباء بدلًا من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الصعبة التي يطالب بها الصندوق، معتبرًا أن هذا النهج يعكس فشلًا في الإدارة الاقتصادية، في ظل مجلس نواب ضعيف لا يمارس دوره الرقابي الفعّال على القرارات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر. 

قصور في الرؤية

وقالت الباحثة الاقتصادية ميرفانا ماهر إن حكومة الانقلاب تبرر قرار رفع أسعار الوقود بارتفاع تكلفة المنتجات البترولية على الموازنة العامة، مشيرة إلى أن الدافع الحقيقي وراء القرار هو تخفيف عبء النفقات على بند دعم الطاقة في ظل الضغوط المالية المتزايدة. 

وأكدت ميرفانا ماهر فى تصريحات صحفية أن الزيادة الأخيرة جاءت في توقيت غير مناسب تمامًا، موضحة أن المؤشرات الرسمية تتحدث عن تراجع معدلات التضخم، بينما الواقع في الأسواق يُظهر العكس، حيث تشهد أسعار السلع ارتفاعًا في كل القطاعات. .

واعتبرت أن الزيادة الأخيرة، التي بلغت جنيهين في اللتر، كبيرة مقارنة بالزيادات السابقة، كما أن رفع سعر السولار ينعكس تلقائيًا على تكلفة النقل والإنتاج، وبالتالي على جميع الأسعار في السوق مشيرة إلى أن القرار جاء في وقت اتخذ فيه البنك المركزي قرارًا بخفض أسعار الفائدة، وهو ما أثّر سلبًا على أصحاب المعاشات وشرائح الطبقة المتوسطة التي كانت تعتمد على عوائد شهادات الادخار في البنوك كمصدر دخل ثابت.

وأوضحت ميرفانا ماهر أن القرارات الاقتصادية تبدو متعارضة ؛ فخفض الفائدة يضغط على المدخرين، ورفع أسعار الوقود يرفع تكاليف المعيشة عليهم في الوقت نفسه معتبرة قرار رفع الأسعار استسهال من حكومة الانقلاب بدلًا من البحث عن حلول أكثر عدالة أو بدائل اقتصادية حقيقية،

وشددت على أن صندوق النقد نفسه لم يطالب صراحةً بهذه الزيادة الأخيرة. معتبرة أن هناك بدائل كانت متاحة، لكنها أصعب سياسيًا، مثل إعادة النظر في دعم المصدرين الذي تضاعف خلال السنوات الأخيرة، أو إعادة هيكلة الصناديق الخاصة التي لا تزال ملفًا غامضًا، أو تطوير قطاع الثروة المعدنية بما يوفر إيرادات مستقرة لدولة العسكر . 

وقالت ميرفانا ماهر إن التركيز المستمر على الحلول السريعة مثل رفع الأسعار يعكس قصورًا في الرؤية الاقتصادية طويلة المدى، مؤكدة أن العدالة الاجتماعية والابتكار المالي يجب أن يكونا محور أي إصلاح اقتصادي حقيقي. 

صندوق النقد

وقال الخبير الاقتصادي زهدي الشامي إن السبب المباشر لرفع أسعار البنزين والبوتاجاز والغاز يعود إلى التزامات حكومة الانقلاب تجاه صندوق النقد الدولي بموجب الاتفاق القائم بين الطرفين، وهو ما يجعل هذه القرارات مرتبطة بشكل مباشر بشروط الصندوق وإملاءاته. موضحا أن هذا التوجه يتقاطع مع السياسة الجبائية العامة التي تنتهجها حكومة الانقلاب، والتي تقوم أساسًا على زيادة الأعباء الضريبية وغير الضريبية على المواطنين بدلاً من البحث عن حلول هيكلية أكثر عدالة واستدامة. 

وأضاف الشامي فى تصريحات صحفية أن غياب المعارضة المؤسسية الحقيقية بسبب التضييق الشديد على الحريات العامة جعل حكومة الانقلاب تمرر مثل هذه القرارات دون مقاومة سياسية أو رقابية فعالة، وهو ما يضعف من قدرة المجتمع على مواجهة السياسات الاقتصادية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الوقود والغاز سيؤدي إلى زيادة حادة في تكلفة النقل والمواصلات، الأمر الذي سينعكس على أسعار جميع السلع والخدمات، من المواد الغذائية إلى المنتجات الصناعية، ما يضاعف الأعباء على الأسر محدودة ومتوسطة الدخل. 

وأكد الشامى أن حكومة الانقلاب تفشل، كالعادة، في السيطرة على معدلات التضخم أو خفضها إلى مستويات مقبولة، مشيرًا إلى أن التوقعات تتجه نحو استمرار ارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة، وهو ما دفع البنك المركزي نفسه إلى رفع توقعاته لمعدل التضخم خلال الفترة القادمة.

وأوضح أن هذا الوضع يعكس غياب رؤية اقتصادية شاملة، إذ تكتفي حكومة الانقلاب بالإجراءات السهلة مثل رفع الأسعار والضرائب، دون أن تقدم بدائل حقيقية لدعم الإنتاج المحلي أو تعزيز الحماية الاجتماعية معربا عن أسفه لأن حكومة الانقلاب أسيرة نهج اقتصادي واحد تتبعه منذ أكثر من عشر سنوات، بل إن جذور هذا التوجه تعود إلى سياسات الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي، التي كرست الاعتماد المفرط على القروض والمساعدات الخارجية، وتجاهلت بناء قاعدة إنتاجية وطنية قوية. .

وشدد على أن النهج الحالي يعيد تكرار نفس الأخطاء القديمة بالاعتماد على وصفات جاهزة من المؤسسات المالية الدولية، رغم ما أثبتته التجارب السابقة من فشل تلك السياسات في تحقيق تنمية حقيقية أو تحسين مستويات المعيشة للمواطنين. 

وقال الشامي إن معالجة الأزمة الاقتصادية تتطلب تحولًا جذريًا في فلسفة الإدارة الاقتصادية، يقوم على العدالة الاجتماعية، ودعم الفئات الأكثر تضررًا، وإعادة الاعتبار للسيادة الاقتصادية الوطنية بعيدًا عن التبعية لشروط صندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات المالية العالمية. 

عن Admin