
مصر تتجه نحو سيناريو السودان ومخاطر تمدد الميليشيات الخاصة وسط صمت النظام وتواطؤ الأجهزة .. السبت 1 نوفمبر 2025م.. نيابة الانقلاب تواصل احتجاز 131 من المتعاطفين مع غزة بعد الإفراج عن 29 معتقلاً
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*نيابة الانقلاب تواصل احتجاز 131 من المتعاطفين مع غزة بعد الإفراج عن 29 معتقلاً
أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، استمرار اعتقال 131 شخصًا على خلفية التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم حرب الإبادة الجماعية، من إجمالي 200 شخص تم توقيفهم على الأقل والتحقيق معهم في 20 قضية أمام نيابة أمن الدولة العليا.
وخلال شهر أكتوبر المنقضي، أخلت النيابة سبيل 29 شخصًا موزعين على ثلاث قضايا من داعمي فلسطين، بينما لا زال 131 رهن الحبس الاحتياطي المفتوح على ذمة 14 قضية، منهم أربعة على الأقل ألقي القبض عليهم وهم في سن الطفولة (أدنى من 18 سنة)، وشاب من ذوي الإعاقة في نهايات العقد الثاني من العمر، وامرأة مسنة تخطت الـ 67 من عمرها.
اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب
ويواجه المتضامنون جميعهم، اتهامات بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بينما يواجه عدد منهم اتهامات يقرها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وهو القانون الذي صدر خلال فترة الاحتلال البريطاني لمصر، وما زال معمولًا به إلى الآن بالرغم من إصدار قانون التظاهر الجديد سنة 2013.
وقالت المبادرة المصرية، إن تصريح عبدالفتاح السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني في 18 أكتوبر 2023، بأن ملايين المصريين على استعداد للتظاهر تعبيًرًا عن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، شجع الكثيرين على التظاهر خلال الفترة ما بين 20 و 27 أكتوبر لإبداء دعمهم للقضية الفلسطينية.
إلا أن قوات الأمن تجاهلت فيما يبدو تصريحه والذي كان من الطبيعي أن يلقى تفاعلًا شعبيًا، وألقت القبض على العشرات من محافظات متفرقة، وقدمتهم متهمين لنيابة أمن الدولة لتبدأ بذلك التحقيقات في القضايا 2468 لسنة 2023، و2469 لسنة 2023، والقضية 2635 لسنة 2023.
وعلى الرغم من إخلاء سبيل عدد من المتهمين على ذمة القضايا المذكورة إلا أنه مازال هناك 38 شخصًا محبوسين على ذمتها منذ أكتوبر 2023، مما يعني أنهم قضوا الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي الذي حددته المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بعامين، وبالتالي فإن الإفراج عنهم أصبح وجوبيًا.
اتهام أحمد طنطاوي
المثير للدهشة، كان إدراج اسم السياسي المعارض، وطالب الترشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي في أبريل 2025 على ذمة القضيتين المفتوحتين منذ 2023، إذ استدعته نيابة أمن الدولة العليا من محبسه آنذاك، وقتما كان على وشك إنهاء قضاء العقوبة الصادرة بحبسه لمدة عام على ذمة القضية 2094 لسنة 2024 جنح مستأنف المطرية، المقيدة برقم 2255 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًا باسم “قضية التوكيلات الشعبية“.
وحققت معه قبل إخلاء سبيله على ذمة قضيتين من قضايا التضامن مع فلسطين، أولاهما القضية 2468 لسنة 2023، والقضية 2635 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، استنادًا إلى محضر تحريات صادر عن قطاع الأمن الوطني.
وواجهت النيابة طنطاوي بمنشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بتاريخ 17 أكتوبر 2023، عبر من خلاله عن رفضه التام لتهجير الفلسطينيين في غزة، وطالب بالسماح للشعب المصري “بالتعبير عن كل صور التضامن والدعم الواجب للشعب الفلسطيني” وهو ما أكد طنطاوي أنه جاء متماشيًا مع تصريحات السيسي.
لم يسلم المتضامنون الذين تجنبوا التظاهر، وحاولوا فقط تعليق أو رفع لافتات للتعبير عن التضامن الرمزي. شهد العام الأول من الحرب، وتحديدًا أبريل 2024، القبض على ستة أشخاص بينهم طفلين لا يزالا محبوسين في ظروف احتجاز متردية على ذمة القضية 952 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، على خلفية كتابة عبارات داعمة لفلسطين أعلى كوبري دار السلام بالقاهرة، بحسب المبادرة المصرية.
وفي الإسكندرية ألقي القبض على شادي محمد، النقابي العمالي والعضو المؤسس في المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، وخمسة شباب آخرين منخرطين في نشاط اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك على خلفية رفع لافتة مكتوب عليها “فكوا حصار فلسطين وأفرجوا عن المعتقلين وافتحوا معبر رفح“. مازال الستة محبوسين منذ أكثر من عام ونصف على ذمة القضية 1644 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، دون وجود مبررات قانونية حقيقية لاحتجازهم.
اعتقال 20 شخصًا بالإسكندرية
وشهد العام الثاني من الحرب، القبض على 20 شخصًا على الأقل في مايو 2025، وحبسهم على ذمة القضية القضية 3562 لسنة 2025، وذلك عقب تعليق بعضهم لافتات داعمة لفلسطين. وألقي القبض عليهم تباعًا، ومن بينهم سيف الدين عادل (بكالوريوس هندسة، 24 عامًا)، والمحامي سيف ممدوح، الذي ألقي القبض عليه من مكتبه الواقع بالشارع نفسه الذي يقطن به سيف الدين عادل.
وتجدر الإشارة إلى أن القضية تضم آخرين من أصدقاء المتهمين المشاركين في تعليق اللافتات الداعمة لفلسطين، كانوا ضمن مجموعة محادثات مغلقة (جروب) على تطبيق التواصل الاجتماعي “واتساب” دون أن يشاركوا في أي شيء أو ينخرطوا في أي فعل تضامني من الأساس.
في يونيو 2025، ألقي القبض تباعًا على 6 أشخاص من بينهم طبيبة تبلغ من العمر 67 عامًا، وتعاني من قائمة من الأمراض من بينها الضغط والسكر، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسهم جميعًا على ذمة القضية 4880 لسنة 2025، لاتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
ودارت التحقيقات آنذاك مع المتهمين حول سبب وجودهم في مجموعة مغلقة (جروب) على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، ناقشت احتمالية انضمامهم لدعمهم “المسيرة العالمية إلى غزة” التي شكلها نشطاء وعاملون بالخدمة الصحية من دول مختلفة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
استجوبت النيابة بعض المتهمين بشأن القافلة وأهدافها والداعي لها، فيما أكد المتهمون أنهم التزموا بالقانون المصري ولم يقوموا بأي جريمة، فضلًا عن أنهم لم ينضموا للقافلة فعلاً، خاصة بعد عدم صدور الموافقات الأمنية بشأنها من السلطات المصرية.
وأكدت المبادرة المصرية أن أعداد المحبوسين المذكورة هي أعداد تقريبية في ظل إصدار نيابة أمن الدولة العليا قرارات إخلاء سبيل بعض المتهمين دون أن تمكن دفاعهم من معرفة القرار أو تاريخه.
مطالبات بالإفراج عن المعتقلين
وطالبت النائب العام المستشار محمد شوقي بالإفراج الفوري عن الـ 131 محبوسًا على ذمة 14 قضية حصر أمن دولة، والذين يستمر حبسهم رغم عدم وجود ما يثبت ارتكابهم لأي جريمة ينص عليها القانون، ورغم انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي التي تنص عليها المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطالبت المبادرة المصرية بإسقاط كافة الاتهامات التي يواجهها المتضامنون مع القضية الفلسطينية والذين وصل عددهم إلى 197 على الأقل ما بين محبوس ومُخلى سبيله على ذمة 19 قضية حصر أمن دولة.
وشددت على أنه ليس من المنطقي توجيه اتهامات بالإرهاب لهذا العدد من المواطنين الذين لم يرتكبوا أي جريمة تمت للإرهاب بصلة، بل إن كل ما قاموا به كان استخدام حقهم الدستوري في التعبير السلمي عن رأيهم، في محاولة رمزية لدعم القضية الفلسطينية ورفض إبادة فلسطيني غزة، وهو الأمر الذي يأتي متماشيًا مع تصريحات السيسي الذي أكد في أكثر من مناسبة أن مصر “مدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني“.
*”حسني مقيبل” 11 عام من الإخفاء القسري بشمال سيناء.. تفاصيل الجريمة والمعاناة
ما تزال معاناة أسرة المواطن حسني عبدالكريم محمد مقيبل تتواصل للعام الحادي عشر على التوالي، في ظل استمرار الإخفاء القسري بحقه منذ عام 2015، وسط صمت رسمي وتجاهل من الجهات المعنية، رغم مناشدات أسرته المتكررة للكشف عن مصيره وإنهاء معاناتها التي طالت لأكثر من عقد من الزمن.
مواطن بسيط تحول إلى رقم في سجل المختفين قسريًا
ينتمي حسني مقيبل، البالغ من العمر 38 عامًا، إلى قرية نجيلة التابعة لقسم رمانة بمحافظة شمال سيناء، وكان يعمل فنيًا هندسيًا بهيئة تنمية الثروة السمكية في إدارة بحيرة البردويل (التلول)، وهو أب لطفلين كانا حينها في بداية مراحل التعليم.
حياة هادئة ومستقرة عاشها الرجل بين أسرته وعمله، قبل أن تتحول في مساء يوم 11 أغسطس 2015 إلى مأساة إنسانية لا تزال فصولها مفتوحة حتى اليوم.
اعتقال غامض.. وبداية رحلة العذاب
وفقًا لشهادات شهود عيان وثّقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، تم اعتقال حسني مقيبل على يد قوة من الجيش أثناء وجوده على الطريق السريع القنطرة – العريش بقرية نجيلة، بين صلاتي المغرب والعشاء، بينما كان ينتظر أقارب زوجته.
وقد تم اقتياده في البداية إلى قسم شرطة رمانة، حيث تمكنت أسرته من زيارته مرة واحدة فقط، قبل أن يتم ترحيله إلى مقر الكتيبة 101 بالعريش، ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره تمامًا.
إنكار رسمي ومعاناة أسرية مستمرة
تقول أسرة مقيبل إنها طرقت كل الأبواب الرسمية، وتقدمت ببلاغات للنيابة العامة ووزارة الداخلية والمجلس القومي لحقوق الإنسان، لكن جميعها قوبلت بالنفي، رغم تأكيد الأسرة أنها زارته بالفعل في قسم شرطة رمانة قبل اختفائه بشكل نهائي.
تعيش الأسرة اليوم حالة من الحزن الدائم، حيث كبر طفلاه دون معرفة مصير والدهما، وسط قلق دائم من أن يكون قد تعرض لما يتعرض له العديد من أبناء سيناء من تعذيب أو تصفية جسدية داخل أماكن الاحتجاز غير الرسمية.
سيناء.. ساحة مفتوحة للانتهاكات
تعد قضية حسني مقيبل نموذجًا متكررًا لعشرات الحالات التي وثّقتها المنظمات الحقوقية في شمال سيناء، حيث تصاعدت منذ عام 2013 الاعتقالات التعسفية والإخفاءات القسرية بحجة محاربة الإرهاب.
وتشير تقارير الشبكة المصرية وعدد من المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية إلى أن الكتيبة 101 – المقر الرئيسي للمخابرات الحربية في شمال سيناء – تعد أحد أكثر أماكن الاحتجاز غموضًا وانتهاكًا، حيث يتم فيها احتجاز واستجواب مئات المدنيين دون أوامر قضائية، قبل نقل عدد منهم إلى سجن العزولي العسكري بالإسماعيلية.
هذه الممارسات، وفقًا للتقارير الحقوقية، تتنافى مع الدستور المصري والقانون الدولي اللذين يجرّمان التعذيب والإخفاء القسري ويعتبرانه من الجرائم ضد الإنسانية.
دعوات للكشف عن المصير ومحاسبة المسؤولين
في بيانها الأخير، طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان السلطات المصرية بالكشف الفوري عن مصير المواطن حسني مقيبل، وإطلاق سراحه إن كان على قيد الحياة، أو على الأقل تمكين أسرته من معرفة الحقيقة وإنهاء حالة الغموض والانتظار القاتل.
وأكدت الشبكة أن مقيبل لا ينتمي إلى أي جماعة سياسية أو تنظيم، وأن استمرار إخفائه طوال هذه السنوات يمثل جريمة مكتملة الأركان، تستوجب المحاسبة العادلة لكل من تورط فيها.
*رئيس برلمان الثورة د. سعد الكتاتني 12 عاما من العذابات بسجون السيسي
يعيش الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب المنتخب عام 2012، وأستاذ علم النبات بجامعة المنيا، في عزلة تامة داخل سجون بدر، منذ أكثر من اثني عشر عامًا، محرومًا من أبسط حقوقه الإنسانية، وعلى رأسها الزيارة والعلاج والرعاية الصحية، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية التي تنظم معاملة السجناء السياسيين وتحفظ كرامتهم.
الكتاتني، الذي تجاوز اليوم الثالثة والسبعين من عمره، لم يكن يومًا سوى عالمٍ وأكاديميٍّ مشهود له بالكفاءة والانضباط، وأحد أبرز الرموز المدنية والسياسية التي برزت في أعقاب ثورة يناير. غير أن مسيرته الأكاديمية والسياسية توقفت قسرًا عقب انقلاب يوليو 2013، حين أُلقي القبض عليه وحُوكم في قضايا ذات طابع سياسي، لتبدأ فصول معاناة إنسانية قاسية داخل السجن، ما زالت مستمرة حتى اليوم.
سنوات من العزلة والمعاناة
وفقًا لشهادات حقوقية وتقارير موثقة، يعيش الدكتور الكتاتني منذ اعتقاله في زنزانة انفرادية ضيقة، لا تتجاوز مساحتها أمتارًا قليلة، تفتقر إلى التهوية والضوء الطبيعي، ولا يُسمح له بالتريض أو الاختلاط بالسجناء الآخرين.
كما حُرم منذ سنوات من زيارة أسرته أو التواصل معها، وهو ما جعله يعيش حالة من العزلة التامة، في انتهاك مباشر للمادة (37) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، التي تؤكد على حق السجين في الاتصال بعائلته بانتظام.
ومع مرور السنوات، تدهورت صحته بشكل خطير؛ إذ فقد جزءًا كبيرًا من وزنه، وتفاقمت أمراض الشيخوخة لديه، في ظل إهمال طبي متعمّد، وغياب كامل للرعاية الصحية اللازمة لحالته.
ورغم المناشدات المتكررة من أسرته ومنظمات حقوق الإنسان، فإن السلطات ما زالت تلتزم الصمت، متجاهلة تدهور وضعه الإنساني والطبي.
رمز للعلم والسياسة يتحول إلى رقم في السجون
في الصور القديمة للدكتور الكتاتني، يظهر رجلٌ وقورٌ، مفعم بالحيوية والعلم والنشاط، أستاذًا جامعياً وصاحب مسيرة سياسية برلمانية مشرفة. أما اليوم، فتظهر صوره وقد أنهك السجن جسده، بينما بقيت روحه صامدة، لم تنكسر أمام سنوات العزلة والتعنت.
وتحوّلت قضية الكتاتني إلى رمز لمعاناة مئات الأكاديميين والسياسيين الذين ما زالوا يقضون سنوات طويلة خلف القضبان، فقط بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية، في مشهدٍ يعكس واقعًا مؤلمًا لحرية الرأي والتعبير في مصر خلال العقد الأخير.
دعوات حقوقية للإفراج والتحقيق
في بيان حديث، طالبت منظمة عدالة لحقوق الإنسان السلطات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد سعد الكتاتني، محمّلة وزارة الداخلية مسؤولية سلامته الجسدية والنفسية، وداعية إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف حول ظروف احتجازه وسوء معاملته داخل السجن.
كما شددت المنظمة على ضرورة ضمان حقه في تلقي العلاج والرعاية الصحية، والسماح لأسرته ومحاميه بزيارته، التزامًا بالاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
*الإفراج عن المعتقل “محمود رباح” من مركز شرطة الواسطى بالمنيا بعد استغاثة أسرته وتعذيبه
شهدت محافظة بني سويف تطورًا جديدًا في قضية المواطن محمود علي رباح محمد، بعد أن حصلت الشبكة المصرية على نبأ إخلاء سبيله وعودته إلى أسرته، وذلك عقب أيام من الجدل الواسع حول احتجازه غير القانوني وما رافقه من اتهامات بتعرضه للتعذيب والمعاملة القاسية داخل مركز شرطة الواسطى.
القضية بدأت عندما تلقت الشبكة المصرية استغاثة عاجلة من أسرة المواطن، أفادت فيها بتعرضه لانتهاكات جسيمة تمس سلامته الجسدية والنفسية، رغم صدور حكم قضائي نهائي ببراءته من جميع التهم المنسوبة إليه.
ووفقًا لرواية الأسرة، فقد تم القبض على “رباح” بناءً على بلاغات كيدية، وبتواطؤ بعض المسؤولين داخل قسم شرطة الواسطى، وعلى رأسهم رئيس المباحث المقدم عماد عثمان، ومعاون المباحث عماد حمدي، حيث جرى تلفيق قضية حيازة مخدرات وسلاح له، وأُحيلت القضية إلى محكمة الجنايات.
إلا أن المحكمة، وبعد نظرها أوراق الدعوى والاستماع إلى دفاع المتهم، قضت ببراءته الكاملة بتاريخ 28 أكتوبر الماضي، مؤكدة عدم وجود أي أدلة تثبت التهم الموجهة إليه.
ورغم ذلك، لم يُنفَّذ الحكم على الفور، واستمر احتجازه داخل مركز الشرطة، في انتهاك صريح لأحكام القضاء والدستور، ما أثار مخاوف أسرته والمنظمات الحقوقية بشأن سلامته الجسدية واحتمال تلفيق قضايا جديدة له لإطالة مدة احتجازه.
وأوضحت الأسرة أن نجلها تعرض للتعذيب البدني والنفسي الشديد داخل مكان احتجازه، مشيرة إلى أنه يعاني من مرض في الكلى وأن حالته الصحية تدهورت بشكل ملحوظ نتيجة الحرمان من العلاج والرعاية الطبية اللازمة.
وأكدت الأسرة أنها تقدمت بعدة بلاغات رسمية إلى مكتب وزير الداخلية والنائب العام، طالبة فتح تحقيق عاجل وشفاف في الانتهاكات التي تعرض لها، ومحاسبة المسؤولين عنها، وضمان نقله إلى مستشفى لتلقي العلاج المناسب، إلى جانب تنفيذ حكم البراءة والإفراج الفوري عنه.
من جانبها، اعتبرت الشبكة المصرية أن ما حدث مع المواطن محمود رباح يشكل انتهاكًا واضحًا للحق في الحرية والأمان الشخصي، وللمواد الدستورية التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية، فضلًا عن مخالفة التزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.
وأكدت الشبكة في بيانها أنها تحمّل وزارة الداخلية والقيادات الأمنية بمركز شرطة الواسطى المسؤولية الكاملة عن سلامة المواطن، داعية النائب العام إلى التدخل العاجل لضمان تنفيذ حكم القضاء، وفتح تحقيق جنائي شامل مع كل من تورط في احتجازه وتعذيبه أو التستر على تلك الانتهاكات.
ومع إعلان إخلاء سبيله وعودته إلى أسرته، أعربت الأسرة عن شكرها لكل الجهات التي تضامنت معها، مطالبة في الوقت ذاته بـ استمرار التحقيقات لمحاسبة المتورطين وضمان عدم تكرار مثل هذه الوقائع بحق أي مواطن آخر.
وتسلّط هذه الحادثة الضوء على ضرورة تعزيز الرقابة على أماكن الاحتجاز، وتفعيل آليات الشفافية والمساءلة داخل الأجهزة الأمنية، بما يضمن احترام سيادة القانون وكرامة الإنسان المصري التي أكد عليها الدستور.
*تعليمات من المخابرات بمهاجمة الشرع لانتقاده تدهور الاقتصاد المصري ..ما علاقة السعودية؟
كشفت مصادر إعلامية مصرية مطلعة أن أجهزة المخابرات الحربية أصدرت خلال الساعات الماضية تعليمات مباشرة لعدد من القنوات والصحف الموالية للنظام، بشنّ هجوم واسع على الرئيس السوري أحمد الشرع، على خلفية تصريحاتٍ أدلى بها خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض، اعتُبرت انتقادًا مبطنًا للنظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي.
الشرع يشيد بدول الخليج وتركيا ويثير غضب القاهرة
الشرع قال في مداخلته الحوارية إن “سوريا اليوم لديها علاقة مثالية مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات، وهذه الدول الناجحة تعمل بجهد مضاعف وتواكب التطور في العالم”، مضيفًا أنه “مع احترامه لدول مثل مصر والعراق، إلا أن وتيرة عملها مختلفة“.
ورغم الطابع الدبلوماسي لتصريحاته، سارعت صفحات سعودية بارزة — أبرزها أخبار السعودية — إلى تحريف مضمونها، ونشرها بصيغة توحي بأنه قارن بين “دول ناجحة مثل الخليج وتركيا” و”دول متخلفة مثل مصر والعراق“
أوامر عليا… وهجوم منسق
عقب تداول التصريحات، شنت وسائل الإعلام المصرية حملة هجومية شرسة على الشرع، استخدمت فيها خطابًا عدائيًا وتوصيفات مسيئة، وصلت حد نعته بـ”الإرهابي” وتذكير الجمهور بكنيته السابقة “أبو محمد الجولاني”، في محاولة لتشويه صورته.
وأكدت مصادر صحفية أن التوجيه الإعلامي جاء من المخابرات الحربية مباشرة، التي رأت في حديث الشرع تلميحًا واضحًا إلى فشل النموذج الاقتصادي المصري رغم القبضة الأمنية، الأمر الذي أثار غضب دوائر القرار في القاهرة.
الخوف من المقارنة… و”الاستقرار الوهمي“
يرى مراقبون أن الحملة تكشف حساسية النظام المصري تجاه أي انتقاد أو مقارنة بين أوضاعه الاقتصادية وبين دول تشهد إصلاحات ونموًا فعليًا.
ويشير محللون إلى أن النظام يسعى لترويج صورة “استقرار سياسي” قائم على القمع وتكميم الأفواه، بينما يعيش المواطن المصري تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق منذ انقلاب 2013، وهو ما جعل تصريحات الشرع تبدو — ولو ضمنيًا — كمرآة محرجة لذلك الواقع.
ويذهب بعض المراقبين إلى القول إن مصر في عهد السيسي تشبه سوريا الأسد في سنوات القمع الحديدي، إذ يتم تسويق الأمن على حساب الحرية والاقتصاد، في مشهد يُعيد إلى الأذهان نمط الحكم بالحديد والنار.
توتر صامت بين القاهرة ودمشق
تأتي هذه الأزمة الإعلامية في سياق توتر غير معلن بين النظامين المصري والسوري، خصوصًا بعد مواقف الشرع المناوئة للقاهرة، ومنها إلغاء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، وعدم منعه مظاهرات في دمشق انتقدت النظام المصري.
ويرى محللون أن التحريف الإعلامي السعودي لتصريحات الشرع كان الشرارة التي أجّجت الأزمة، في وقت تتنافس فيه عواصم عربية على تقديم نفسها كنموذج سياسي واقتصادي “ناجح”، بينما تكتفي القاهرة — بحسب مراقبين — بتحريك إعلامها بأوامر أمنية لتصفية الحسابات السياسية.
*تكهنات بإلغاء السعودية الاستثمار في منطقة رأس جميلة بمصر لأسباب اقتصادية وسياسية
أثارت تصريحات وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب عندما سئل في “منتدى فورتشن جلوبال” Fortune Global Forum في الرياض، يوم الأحد 26 أكتوبر الجاري، حول نفي أن المملكة قررت الاستثمار في منطقة “رأس جميلة” على الساحل المصري في البحر الأحمر، والأولوية حاليا لتوسيع المساحة الفندقية في الداخل استعدادا لتنظيم كأس العالم 2034، تساؤلات في الأوساط الاقتصادية حول عدول المملكة أو سحب استثماراتها المحتملة في هذا المشروع الكبير.
قال إن السعودية “لم تقرر بعد ما إذا كانت ستستثمر في منطقة رأس جميلة المطلة على البحر الأحمر في مصر”، و”تعطي الأولوية لتطوير وجهات جديدة في الداخل، مثل مشروع البحر الأحمر الدولي، الذي يتضمن خططا لافتتاح 17 فندقا جديدا بحلول مايو أيار المقبل.
ولا يوجد دليل موثق حتى الآن على أن السعودية قررت سحب استثمارها في منطقة رأس جميلة، ولكن تردّد/تأجيل/مفاوضات غير مكتملة أو عقبات إجرائية بين الجانبين، وليس سحبًا نهائيًا مُعلناً، وفق ما نشرته وسائل إعلام موثوقة، وفق وكالة “رويترز” 26 أكتوبر الجاري.
ويري محللون اقتصاديون، منهم حامد عز الدين، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة الخرافي (إيماك) أن هذه التصريحات تعني أن الاستثمار في رأس جميلة أو ساحل البحر الأحمر في مصر بشكل عام لا يحتل مكانا ضمن أولويات السعودية في الوقت الحالي، إذ تركز المملكة بشكل أكبر على تعزيز طاقتها الفندقية الخاصة، بحسب ما صرح به وزير السياحة السعودي.
أشار إلى أن تقارير غير مؤكدة نُشرت في العام الماضي أكدت أن مجموعة عجلان وإخوانه القابضة السعودية قدمت عرضا للحكومة للحصول على قطعة أرض في منطقة رأس جميلة بشرم الشيخ لإنشاء عشرة فنادق تضم 3 آلاف غرفة فندقية في المرحلة الأولى من خطة تطوير أكبر، مقابل 1.5 مليار دولار، ومع ذلك، قالت الحكومة المصرية في ذلك الوقت إنها لن تدرس أي عروض للأرض قبل تعيين مستشار دولي.
وتردد حينها إن السعودية عرضت التنازل عن جزء من ودائعها في البنك المركزي مقابل تخصيص الأرض بحق الانتفاع، لكن بسبب الشروط المصرية لم تعد مصر أولوية بالنسبة للاستثمار السعودي، وأنها تستهدف حاليا سوريا، وهو قرار اقتصادي بنكهة سياسية بعد خروج إيران منها، وهي المنافس اللدود للرياض في صراع النفوذ الإقليمي.
وتضع القاهرة خططا لاستثمار محتمل لتطوير منطقة رأس جميلة، وهي امتداد ساحلي خال إلى حد كبير بالقرب من مدينة شرم الشيخ، في أعقاب استثمار ضخم للإمارات لتطوير منطقة من ساحل البحر المتوسط في مصر (رأس الحكمة) بـ 35 مليار دولار.
وكان محللون رجحوا أيضا أن قرار السعودية – لو صح- بسحب استثمارها في منطقة رأس جميلة القريبة من منتجع شرم الشيخ، ربما جاء على خلفية تلاسن على مواقع السوشيال ميديا بين مصريين من جانب، وتركي الشيخ مستشار ولي العهد السعودي، وتوترات في العلاقات بين القاهرة والرياض على خلفية ملفات عديدة إقليمية واقتصادية.
لكن محللون آخرون أشاروا لعدم ثبوت وجود خلاف بين تركي آل الشيخ وطرف رسمي مصري مرتبط بصفقة رأس جميلة، مشيرين إلى أن تركي آل الشيخ سبق أن انسحب عام 2018 من الاستثمار في مجال الاستثمار الرياضي.
وتبلغ مساحة أرض “رأس جميلة” الواقعة قبالة مضيق تيران 860 ألف متر مربع وتتبع وزارة قطاع الأعمال المصرية الحكومية.
مرحلة تفاوض
ولا توجد قرارات رسمية نهائية بشأن انسحاب أو عدول السعودية عن الاستثمار في منطقة رأس جميلة المصرية، بل هناك تأجيل للمفاوضات، بحسب أوساط اقتصادية مصرية، ترى أن التأجيل لسببين رئيسيين هما: عدم التوافق على المقابل المالي، ورغبة مصر في التفاوض على نوع من الشراكة بدل البيع المباشر، مع التأكيد على أن استثمارات السعودية في الوقت الحالي تركز بشكل أكبر على قطاع الفنادق في البحر الأحمر.
وتقول مصادر اقتصادية مصرية أنه تم تأجيل التفاوض على صفقة رأس جميلة المصرية لأسباب تتعلق بتفاصيل العرض المالي وعدم اكتمال المفاوضات حول شروط الشراكة المستقبلية، إذ تفضل الحكومة المصرية أشكالًا من الشراكة تتيح لها الاستفادة المستقبلية، وتجنب البيع الكامل للأراضي الهامة، وهو ما يتماشى مع توجهات الصناديق السيادية العالمية.
فيما تركيز السعودية ينصب حاليا، وفق ما أكد وزير السياحة السعودي، على تعزيز طاقتها الفندقية الخاصة، ومن ثم فهي لم تتخذ قراراً بعد بشأن أي استثمارات محتملة في البحر الأحمر.
وسبق أن تحدثت مصادر اقتصادية عن 3 عقبات أمام إتمام صفقة رأس جميلة بين مصر والسعودية هي: غياب الخطط وتذبذب قيمة الجنيه المصري وتداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة.
*مصر تتجه نحو سيناريو السودان ومخاطر تمدد الميليشيات الخاصة وسط صمت النظام وتواطؤ الأجهزة
تثير التحركات العسكرية غير الرسمية في مصر، خاصة في شمال سيناء، تساؤلاتٍ خطيرة حول مستقبل السلطة والسلاح في البلاد، وسط مؤشرات على تنامي نفوذ كيانات شبه عسكرية تعمل خارج الأطر القانونية، وبدعم من أجهزة سيادية.
ومع تصاعد الحديث عن دور رجل الأعمال إبراهيم العرجاني وشبكته المسلحة في سيناء، بدأت أصوات حقوقية وإعلامية تحذر من تحول هذه المجموعات إلى ميليشيا مستقلة قد تواجه المصريين مستقبلاً، في سيناريو يُشبه ما حدث في السودان حين تحولت “قوات الدعم السريع” من ذراع تابعة للنظام إلى قوة موازية للجيش.
اليوم، ومع تكرار التقارير عن انتهاكات ضد المدنيين في شمال سيناء، وازدياد اعتماد النظام على “قوات خاصة” خارج المؤسسة العسكرية الرسمية، يبدو أن مصر تسير في طريقٍ محفوفٍ بالمخاطر قد يُفضي إلى تفكك الدولة أو عسكرة المجتمع في المدى البعيد.
العرجاني وشبكة الميليشيات في سيناء
برز اسم إبراهيم العرجاني، رجل الأعمال المقرب من النظام، بوصفه “واجهة مدنية” لعمليات أمنية تديرها جهات سيادية في شمال سيناء.
العرجاني، الذي بدأ نشاطه كرئيس لمجموعة “أبناء سيناء”، أصبح خلال السنوات الأخيرة رمزاً لنفوذ اقتصادي وأمني متزايد في الإقليم، حيث تولت شركاته عقود الإعمار والتهريب التجاري عبر معبر رفح، إلى جانب علاقاته الوثيقة بجهاز المخابرات العامة.
لكن خلف هذا الغطاء الاقتصادي، تشير تقارير ميدانية وشهادات من سكان سيناء إلى أن مجموعات تابعة له تُمارس عمليات خطف وتعذيب وتصفية ميدانية ضد مدنيين يُشتبه في معارضتهم أو رفضهم التعاون مع الأجهزة الأمنية.
وتحدثت مصادر محلية عن مقابر جماعية في بعض المناطق الجبلية، وأعمال انتقام بحق أسر اتُّهمت بإيواء مطلوبين.
هذه الممارسات تذكّر كثيرين ببدايات قوات الدعم السريع السودانية، التي نشأت بذريعة مكافحة التمرد ثم تحولت لاحقاً إلى قوة منفلتة تهدد الدولة نفسها.
القوات الخاصة والسلاح الموازي
في السنوات الأخيرة، اعتمد النظام المصري على تشكيلات خاصة من الحرس الجمهوري وقوات مكافحة الإرهاب وكتائب “الصاعقة الخاصة” تحت إشراف مباشر من الرئاسة، دون خضوع فعلي للرقابة البرلمانية أو القضائية.
هذه الوحدات أصبحت أداة قمع داخلية تُستخدم في فض المظاهرات وتأمين المشروعات الكبرى، أكثر من كونها وحدات قتالية في جبهات خارجية.
ويرى مراقبون أن هذا التوسع في القوات غير النظامية يفتح الباب أمام نشوء “طبقة عسكرية موازية”، لا تدين بالولاء للمؤسسة العسكرية بقدر ولائها للرئيس وبعض رجال الأعمال المتحالفين معه.
ومع الوقت، قد تتحول هذه الكتائب إلى مراكز نفوذ مستقلة، خصوصاً إذا ضعف النظام أو دخل في أزمة سياسية، كما حدث في السودان حين انقسمت الأجهزة بين البرهان وحميدتي.
انتهاكات سيناء.. جرس إنذار مبكر
تُوثق منظمات حقوقية مصرية ودولية، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة سيناء لحقوق الإنسان، عشرات الحالات من الاختفاء القسري والإعدامات خارج القانون في شمال سيناء خلال العامين الماضيين.
وتشير التقارير إلى أن من يُنفذ هذه العمليات ليس الجيش النظامي، بل عناصر ميليشياوية محلية تعمل بتنسيق غير معلن مع القوات الرسمية.
في يونيو الماضي، كشفت صور أقمار اصطناعية عن تدمير قرى بأكملها في رفح والشيخ زويد، بزعم ملاحقة إرهابيين، رغم أن سكانها المدنيين كانوا قد نُقلوا قسراً.
وتُظهر شهادات الناجين أن من أشرف على هذه العمليات هم أفراد تابعون لشركات أمنية ومجموعات العرجاني، وليس الضباط النظاميون، ما يعزز المخاوف من أن الدولة تُفوّض مهامها الأمنية لكيانات خاصة بلا مساءلة.
من سيناء إلى الداخل المصري.. الخطر القادم
السيناريو الأكثر خطورة يتمثل في توسّع هذه المجموعات خارج سيناء، خاصة مع مشاركة شركات العرجاني في مشاريع داخل القاهرة ومدن القناة وساحل البحر الأحمر.
فامتلاك هذه الكيانات لمقاتلين مدربين وسلاحٍ خفيف ومتوسط يجعلها قادرة على التحرك في أي لحظة لخدمة مصالح سياسية أو اقتصادية.
وفي حال حدوث اضطراب داخلي أو احتجاجات واسعة، يمكن أن تُستخدم هذه القوات لقمع المصريين، خارج أي رقابة عسكرية أو قانونية، ما يعيد للأذهان مشهد “الميليشيات الرئاسية” في أنظمة عربية انهارت بسبب تضارب مراكز القوة.
ومع ضعف الشفافية وتهميش البرلمان والقضاء، تُصبح مصر مهيأة لتكرار نموذج السودان، حيث انقلبت أدوات النظام على النظام نفسه.
التحذير الأخير: لا دولة دون احتكار السلاح
تحذّر خبرات التاريخ من أن تعدد مراكز القوة المسلحة داخل الدولة يؤدي حتمًا إلى تفككها.
ففي السودان واليمن وليبيا، بدأت الأمور بميليشيات “موالية للنظام”، ثم تحولت إلى قوى متمردة بعد تغيّر موازين المصالح.
واليوم، يحذر محللون مصريون من أن استمرار سياسة تسليح الموالين، وتوسيع نفوذ رجال الأعمال ذوي الخلفيات القبلية أو الأمنية، يعني تفريغ الجيش من دوره الوطني وتحويله إلى مظلة شكلية لمجموعات خاصة قد تتقاتل لاحقًا على النفوذ والثروة.
وإن تجاهل ظاهرة الميليشيات الخاصة في سيناء وغض الطرف عن جرائمها ليس مسألة هامشية، بل تهديد وجودي لمستقبل الدولة المصرية.
فما يجري اليوم في أطراف البلاد قد يتحول غداً إلى حرب داخلية شاملة إذا قررت هذه القوى أن تفرض سطوتها على بقية المحافظات.
ومع تصاعد الفقر والاحتقان السياسي، ومع تفويض رجال مثل العرجاني صلاحيات أمنية بلا مساءلة، فإن السؤال لم يعد “هل يمكن أن يحدث ما حدث في السودان؟”، بل متى يبدأ الانفجار، ومن يملك السلاح لحسمه؟
*مزاد برلمان 25 عسكر 70 مليون من مديرة مستشفى بهية لحزب “مستقبل وطن”
شبه فساد قائمة رغم أنه صحيح لا يوجد دليل على تبرع مستشفى “بهية” بمبلغ 70 مليون جنيه لحزب “مستقبل وطن”، بل ما تم هو توقيع بروتوكول تعاون بين الطرفين لتكفل الحزب بعلاج عدد من المرضى خلال عام 2025، إلا أن التقارير المنشورة في مارس 2025 تشير إلى أن ما جرى بين مستشفى بهية وحزب مستقبل وطن هو بروتوكول تعاون بقيمة المبلغ المشار إليه تبعه ترشح جيلان أحمد، المديرة التنفيذية لمستشفى “بهية”، (طبيبة أو محاسبة) ترشحت بالفعل على قوائم حزب “مستقبل وطن” في انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025.!؟
ووفقًا لتقارير منشورة في يوليو 2025، ظهرت جيلان أحمد ضمن القائمة الوطنية الموحدة لحزب مستقبل وطن لخوض انتخابات مجلس الشيوخ.
وأثار ترشيح جيلان جدلًا واسعًا نظرًا لكونها تدير مؤسسة خيرية تعتمد على تبرعات المواطنين، ما فتح باب التساؤلات حول تداخل العمل الخيري مع النشاط الحزبي والسياسي وإقرارات الذمة المالية وتفعيل قانون من أين لك هذا؟.
كما لم يصدر أي نفي رسمي من المؤسسة أو الحزب بشأن هذا الترشيح، مما يعزز من صحة المعلومات المتداولة.
هناك تقارير غير رسمية تتحدث عن تبرع كبير من مؤسسة بهية لحزب مستقبل وطن، لكن لم يتم تأكيد هذا الرقم من مصادر رسمية أو موثوقة حتى الآن.
وتساءل عمرو مغاوري Amr Maghwry “لمت فلوس تبرعات وقدمتها هديه.. لو في جهه رقابية مفروض تقول من اين لك هذا اكيد انا مش شخص عاقل لما اكون تعبان ف ٧٠ مليون اروح اقدمهم هديه .. لو انا معايا 70 مليون وبطلعهم هديه اكيد هيكون معايا ادهم 10 مرات على الأقل”.
وأضاف، “.. ولو هي فعلا معاها ومش فيه مشاكل مستشفى اللي هي شغاله فيها اولى وفوق كل دا لو مؤسسة بهية فيها فلوس وحالتها مرتاحة ليه بتطلب مننا فى إعلانات رمضان وبره رمضان التبرع !!! “.
وأوضح أنها “حاجة مثيرة للدهشة حق الله ما هى مش هتدفع 70 مليون لله ! ثم الحزب هيعمل بيهم إيه المفروض العمل فى أي حزب تطوعى !!!”.
وعبر منصة (ا.د سعيد عسكر) على فيسبوك اعتبر عسكر في ترشح جيلان أحمد ومجلسي النواب والشورى استفزاز من مديرة حسابات مستشفى بهية، على قوائم حزب “مستقبل وطن”، بعد أن تبرعت له بمبلغ 70 مليون جنيه، وهو ما أثار استغرابه وسؤاله: “من أين جاءت بهذا المبلغ؟”
واستعرض سعيد عسكر تجربته الشخصية مع بهية، مشيرا إلى أن زوجته تلقت علاجًا مجانيًا ممتازًا في فرع الهرم ومنذ ذلك الحين، يتبرع شهريًا بـ500 جنيه دعمًا للمستشفى ويرى أن المستشفى صرح طبي عظيم، تأسس بفضل السيدة بهية عثمان، وله فروع في 6 أكتوبر والشيخ زايد.
وعن القلق من تضارب المصالح أوضح أن المستشفى يتبع وزارة الشئون الاجتماعية، ويُفترض أن يكون مستقلًا عن السياسة، معتبرا أن التبرع بهذا الحجم لحزب سياسي يثير الشكوك حول نزاهة العمل الخيري.
وقال “من يدفع أكثر يُعيَّن على القوائم الحزبية” مستشهدا بحادثتين: أحدهما لنائب في البحيرة لم يظهر لخمس سنوات، فقام الأهالي برميه في البحر. ومرشح قديم في ديرب نجم (مروان شبانة) نجح لأنه قال “أنا غلبان”، لكنه اختفى بعد الفوز.
وخلص إلى أن من يدفع الملايين لا يمكنه مراقبة الحكومة أو التشريع بموضوعية، رافضا دخول أي مرشح دفع أموالا طائلة إلى المجلس، ويختم بالقول: “ما بُني على باطل فهو باطل.”
وبين “بهية” و”مستقبل وطن” وقع بروتوكول تعاون في احتفالية مع أمانة حزب مستقبل وطن بمحافظة الجيزة ومضمونه “الحزب يتكفل بعلاج 25 حالة من محاربات سرطان الثدي خلال عام 2025، بما يشمل العمليات الجراحية”.
وتضمنت الاحتفالية تكريم الأمهات المثاليات من محاربات بهية، وتقديم 25 رحلة عمرة ومبالغ نقدية، وشمل حضور الاحتفالية؛ نائب وزيرة التضامن الاجتماعي، ومحافظ الجيزة، وقيادات من الحزب، ورئيسة المجلس القومي للمرأة عوضا عن المديرة التنفيذية لمستشفى بهية، الدكتورة چيلان أحمد.
بوابة فساد
وقال حزب تكنوقراط مصر @egy_technocrats “حين يتحول “الخير” إلى بوابة فساد سياسي! .. بعد أن تبرعت بـ 70 مليون جنيه لحزب #مستقبل_وطن، ظهرت المديرة التنفيذية لمستشفى “بهية” المفترض أنها مؤسسة خيرية لعلاج السرطان مرشحة على قوائم الحزب نفسه!”.
واعتبر أن “الفضيحة ليست في المبلغ وحده، بل في المبدأ: من أين جاءت هذه الملايين وهي تدير مؤسسة تعيش على تبرعات البسطاء؟ أموال من يفترض أنهم يتبرعون لإنقاذ المرضى تُحوَّل لدعم حزب السلطة!
هذا ليس مجرد تضارب مصالح… إنه نهب علني لأموال الخير تحت لافتة “العمل الإنساني”، وتحويل المؤسسات الخيرية إلى أذرع انتخابية للنظام.
وأضاف أن “المشهد يختصر جوهر المرحلة: حتى “السرطان” صار يُستغل سياسيًا. وحتى تبرعات البسطاء تُستخدم لتلميع وجوه السلطة في انتخابات بلا روح ولا ضمير.
https://twitter.com/egy_technocrats/status/1981470158737801367
وتصنف مؤسسة “بهية” كجهة غير ربحية تعتمد على تبرعات المواطنين البسطاء لعلاج مرضى السرطان، خصوصًا النساء. وترشح المديرة التنفيذية على قوائم حزب سياسي حاكم يثير تساؤلات حول الحياد المؤسسي، وإمكانية توظيف العمل الخيري في خدمة أجندات سياسية.
وعزز ترشح مديرة مستشفى بهية ضعف الثقة في المؤسسات الخيرية، وأنها أدوات سياسية لا منصات إنسانية مستقلة.
*مصرع 7 مصريين من الدقهلية غرقًا أثناء محاولة هجرة غير شرعية قبالة السواحل الليبية
لقي 7 مصريين من أبناء قرية تلبانة التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية مصرعهم غرقًا أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط من السواحل الليبية، في واحدة من أكثر الحوادث مأساوية التي هزّت الرأي العام المحلي خلال الأيام الماضية.
تفاصيل الحادث
انطلقت رحلة الشباب المصريين قبل أيام من داخل الأراضي الليبية في محاولة للوصول إلى الشواطئ الأوروبية، ضمن عملية تهريب جديدة نظمتها شبكات الهجرة غير النظامية المنتشرة على الساحل الغربي لليبيا.
وخلال الإبحار باتجاه المياه الدولية، تعرض القارب الذي كان يقلهم لعطل مفاجئ قبل أن ينقلب في عرض البحر قبالة مدينة الزاوية، مما أدى إلى غرق جميع من كانوا على متنه.
وتمكنت السلطات الليبية من انتشال أربع جثث حتى الآن، بينما لا يزال البحث جاريًا عن ثلاثة مفقودين يُرجّح أنهم لقوا حتفهم أيضًا. وتم نقل الجثث المنتشلة إلى مستشفى بمدينة الزاوية تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمها إلى ذويهم عبر القنوات الرسمية.
أسماء الضحايا المنتشلة
وفق بيانات أولية، تم التعرف على هوية بعض الضحايا الذين جرى انتشال جثثهم، وهم:
- فتحي مجدي الصاوي
- أحمد طارق محمد القناوي
- عبد المنعم أبو الإسعاد يونس
- محمود محمد أبو الإسعاد يونس
مأساة في تلبانة
وسادت حالة من الحزن العميق في قرية تلبانة بعد إعلان نبأ الغرق، حيث تجمّع الأهالي في منازل الضحايا لتقديم العزاء في انتظار وصول الجثامين. وتداول سكان القرية صورًا للضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي مرفقة بدعوات مؤثرة تطالب بوقف نزيف الهجرة غير الشرعية الذي يحصد أرواح الشباب المصريين كل عام.
تواصل وجهود لاستعادة الجثامين
تُجري السلطات المصرية اتصالات مع الجهات الليبية لتسهيل إجراءات نقل الجثامين إلى مصر ودفنهم في قريتهم، فيما تتابع أسر المفقودين جهود البحث عن ذويهم وسط مخاوف من العثور عليهم متوفين.
تكرار الحوادث وتحذيرات رسمية
ويُعيد هذا الحادث المأساوي إلى الأذهان حوادث الغرق المتكررة لشباب مصريين خلال محاولات الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا نحو أوروبا، في ظل نشاط متزايد لشبكات تهريب البشر التي تستغل حاجة الشباب للسفر والعمل.
وتواصل الجهات المختصة في مصر حملاتها التوعوية للتحذير من مخاطر الهجرة غير الشرعية، والتأكيد على أهمية الاعتماد على المسارات القانونية والآمنة للسفر والعمل بالخارج، خاصة في ظل تزايد أعداد الضحايا الذين يبتلعهم البحر في مثل هذه الرحلات المحفوفة بالموت.
ويؤكد أهالي القرية أن الحادث ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن فقدت تلبانة عدداً من شبابها في رحلات مماثلة، مطالبين بتشديد الرقابة على شبكات التهريب ومحاسبة القائمين عليها، حتى لا تتحول أحلام الشباب في حياة أفضل إلى رحلات موت مأساوية عبر البحر.
*إضراب عمال “رباط وأنوار السفن” بعد خفض أرباحهم للنصف..والحكومة تحاصرهم بالأمن
وسط تدهور متواصل في حقوق العمال وتجاهل ممنهج لمطالبهم، تفجّرت أزمة جديدة في شركة القناة لرباط وأنوار السفن، التابعة لهيئة قناة السويس، حيث دخل مئات العمال في إضراب واعتصام مفتوح، احتجاجًا على تقليص أرباحهم السنوية إلى النصف، في خطوة اعتبرها مراقبون انعكاسًا صارخًا لسياسات رسمية تتجاهل العدالة الاجتماعية وتكرّس القمع الأمني على حساب الحوار.
خفض الأرباح والحوافز.. قرار أحادي يفجّر الاحتجاجات
اتخذت إدارة شركة القناة لرباط وأنوار السفن قرارًا بتقليص الأرباح السنوية والحوافز الموزعة على الأجر بنسبة 50%، دون أدنى تنسيق أو تشاور مع ممثلي العمال، حسبما أكد بيان صادر عن المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
هذا القرار الأحادي فجر موجة غضب واسعة بين العاملين، دفعتهم إلى تنظيم إضراب عن العمل واعتصام مفتوح داخل مقر الشركة في محافظة بورسعيد، وسرعان ما انضم إليهم زملاؤهم من فرع السويس، في مشهد يعكس مدى الاحتقان العمالي في ظل انعدام آليات حقيقية للتفاوض.
1500 عامل يحتجون.. والحكومة ترد بالأمن والاعتقالات
بدلًا من الاستجابة السريعة أو فتح باب الحوار، اختارت الدولة كعادتها الأسلوب الأمني، حيث طوّقت قوات الأمن مقر الشركة ومنعت الدخول والخروج، وألقت القبض على أحد العمال المشاركين في الاعتصام، قبل أن تُفرج عنه لاحقًا تحت الضغط. في ممارسات تكرّس النهج القمعي في مواجهة المطالب الاجتماعية.
وذكر بيان دار الخدمات النقابية والعمالية أن قوات الأمن منعت أيضًا عمال مكاتب الإدارة من الانضمام لزملائهم المضربين، ما عزز الشعور بالحصار والقمع داخل أروقة الشركة، وجعل من الإضراب قضية رأي عام تتعلق بالحريات الأساسية لا بمجرد خلاف إداري.
بحسب حسين المصري، منسق برنامج التدريب النقابي بدار الخدمات النقابية والعمالية، فإن عدد العاملين في الشركة ببورسعيد والسويس يبلغ نحو 1500 عامل، وقد باتوا معتصمين داخل مقر الشركة منذ ليلة الأربعاء، بعد وصول أوتوبيسين يقلان عددًا كبيرًا من العمال من السويس.
رئيس هيئة القناة يتهرب.. ولا مفاوضات حتى الآن
رغم تصاعد الأزمة، ومرور أكثر من 24 ساعة على بدء الإضراب، لم تجرِ أي مفاوضات رسمية مع العمال حتى لحظة كتابة التقرير. وقد رفض الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، مقابلة ممثلي العمال، حسب ما نقلته سكرتارية مكتبه، متذرعين بأنه “غير موجود”، في تجاهل فجّ يفتقر لأدنى درجات المسؤولية الإدارية والاجتماعية.
يؤكد مصدر في المفوضية المصرية للحقوق والحريات، على اتصال مباشر بالعمال، أن المعتصمين لا ينوون اتخاذ إجراءات قانونية في الوقت الحالي، ويفضلون التفاوض، ولكنهم لا يستبعدون خيار التصعيد في حال استمرار التعنت، فيما أعلنت المفوضية أنها ستتبنى أي مسار قانوني يقرره العمال في مواجهة إدارة الشركة.
المفوضية تحذّر: القمع لا يجلب إلا الانفجار الاجتماعي
في بيانها الحاد، حمّلت المفوضية المصرية للحقوق والحريات الدولة مسؤولية تفاقم الأزمة بسبب اعتمادها على الحلول الأمنية بدلًا من الحوار. وأكدت أن هذه الممارسات “لا تزيد الأوضاع إلا احتقانًا”، وتنتهك التزامات مصر الدولية المتعلقة بحرية التنظيم النقابي، والتعبير، والحق في التفاوض الجماعي، مشيرة إلى أن هذا النمط من المعالجة ينذر بتهديد الاستقرار والسلم الاجتماعي.
وطالبت المفوضية بفتح تحقيق عاجل في قرارات الإدارة، ومحاسبة المسؤولين عن تقليص الأرباح دون تشاور، كما دعت إلى إعادة تطبيق اللائحة الداخلية القديمة وصرف الأرباح والحوافز وفق النظام المعمول به سابقًا، وضرورة احترام حقوق العمال لا التلاعب بها تحت مسمى “الهيكلة” أو “إجراءات داخلية”.
دعوات للتدخل العاجل.. فهل تستمع الدولة؟
من جانبها، دعت دار الخدمات النقابية والعمالية الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة العمل، إلى التدخل الفوري لإنهاء الأزمة، ووقف استخدام القوة الأمنية ضد العمال، واعتماد آليات التفاوض الجماعي. لكن التجارب السابقة تشير إلى أن استجابة الحكومة غالبًا ما تأتي متأخرة، إن أتت على الإطلاق.
شركة استراتيجية.. فشل إداري
تأسست شركة القناة لرباط وأنوار السفن عام 1962، وتعد إحدى الشركات التابعة لهيئة قناة السويس، وتعمل في مجالات استراتيجية تشمل ربط السفن العابرة للقناة وتزويدها بالأنوار، إضافة إلى مد مواسير المياه والكهرباء والغاز تحت الأرض وعلى أعماق تصل إلى 35 مترًا.
يبلغ رأس مال الشركة الحالي 100 مليون جنيه، ومع ذلك، يُحرم العاملون فيها من أرباحهم المشروعة، في نموذج صارخ للفشل الإداري والتضييق الممنهج على حقوق الطبقة العاملة.
دولة لا تتفاوض
في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون الدولة حامية لحقوق مواطنيها، تتعامل الحكومة مع مطالب مشروعة من 1500 عامل وكأنها تهديد أمني. تُستخدم القبضة الأمنية حيث يجب أن يسود الحوار، ويُتهم العمال بالتمرد بينما يمارسون حقهم في الاعتصام. ما يحدث اليوم في بورسعيد والسويس ليس مجرد أزمة داخل شركة، بل مرآة لأزمة أعمق في العلاقة بين الدولة والطبقة العاملة.
*حكومة السيسي تواصل الجباية من المصريين في الداخل والخارج تحت ذريعة “تمويل مباني الخارجية”
في خطوة جديدة أثارت جدلاً واسعًا، وافقت لجنة العلاقات الخارجية في لمجلس نواب الانقلاب على مشروع قانون حكومي يقضي بفرض رسوم إضافية على الخدمات القنصلية والتصديقات داخل مصر وخارجها، بذريعة تمويل مباني وزارة الخارجية في الخارج.
القرار، الذي اعتبره مراقبون استمرارًا لنهج الجباية المنظمة من المواطنين داخل مصر والمغتربين في الخارج، يعكس اتجاهاً حكومياً نحو تحميل المصريين مزيداً من الأعباء المالية لتغطية عجز الموازنة المتفاقم، في وقت تعاني فيه الدولة من أزمة اقتصادية خانقة وانهيار في الخدمات العامة.
تفاصيل مشروع القانون
ينص مشروع التعديل، الذي ناقشته اللجنة بحضور السفير ياسر رضا، مساعد وزير الخارجية للشؤون المالية والإدارية، والسفيرة هبة محمد زكي، مساعدة الوزير للشؤون البرلمانية، على فرض رسم إضافي لا يجاوز 50 جنيهاً على كل تصديق داخل مصر، ورسم آخر لا يتجاوز 20 دولاراً أو ما يعادله بالعملات الأجنبية على كل تأشيرة دخول أو مرور تصدرها السلطات المصرية بمنافذ الدخول.
كما يمتد القرار إلى جميع المعاملات القنصلية في السفارات والقنصليات المصرية بالخارج، بما في ذلك إصدار التصديقات، التأشيرات، وعقود الزواج، ومعاملات المصريين العاملين في الخارج.
ويمنح مشروع القانون رئيس مجلس الوزراء سلطة تحديد شرائح الرسوم بقرار يصدر عنه بعد موافقة مجلس الوزراء وبناء على عرض من وزير الخارجية.
أما حصيلة الرسوم، فستُوجَّه إلى صندوق تمويل منشآت وزارة الخارجية في الخارج، مع تخصيص نسبة 5% منها لصناديق التأمين الخاصة بالعاملين في الوزارة.
رسوم متزايدة تثقل كاهل المواطنين
رغم أن الرسوم القنصلية في مصر كانت أصلاً مرتفعة مقارنة بمعظم الدول العربية، فإن التعديلات الجديدة تمثل قفزة جديدة في أسعار الخدمات الحكومية.
فعلى سبيل المثال، تتراوح رسوم التصديق في مكاتب وزارة الخارجية داخل مصر حالياً بين 65 و1050 جنيهاً للمستند الواحد، وهو مبلغ يعادل أجر أسبوع كامل لموظف من الطبقة المتوسطة.
أما في السفارات بالخارج، فقد تضاعفت الرسوم بشكل مبالغ فيه خلال السنوات الأخيرة، إذ تبلغ قيمة التصديق العادي في الإمارات 180 درهماً (نحو 49 دولاراً)، بينما تصل رسوم التصديق على عقد الزواج للمصريين في دول الاتحاد الأوروبي إلى 343 يورو (398 دولاراً) — وهي أرقام تضع المغتربين في مواجهة مباشرة مع استنزاف مالي متواصل باسم “الخدمات القنصلية”.
جباية لا تنتهي.. وذريعة “تمويل المباني”
تبرّر الحكومة هذه الرسوم بأنها وسيلة لـ”تمويل إنشاء وصيانة مباني وزارة الخارجية في الخارج”، إلا أن مراقبين يرون أن الهدف الحقيقي هو سد عجز الموازنة العامة وجمع موارد سريعة من جيوب المواطنين.
فالوزارة تملك أصلاً ميزانية مخصصة ضمن الموازنة العامة، كما تتلقى تمويلاً سنوياً لتغطية نفقات البعثات الدبلوماسية، ما يجعل فرض رسوم جديدة ازدواجاً ضريبياً مقنّعاً.
ويرى محللون أن تخصيص 5% من هذه الرسوم لصناديق تأمين العاملين بالوزارة هو مكافأة بيروقراطية على حساب المواطنين، تعكس منطق الدولة الذي يحوّل كل مرفق خدمي إلى مصدر جباية.
فبدلاً من تطوير الأداء القنصلي أو تحسين جودة الخدمات، تلجأ الحكومة إلى الجباية باسم “الخدمة” دون التزام فعلي بتحسينها.
مغتربون بين استنزاف الغربة وبيروقراطية السفارات
أبدى عدد كبير من المصريين العاملين في الخارج غضبهم من هذه الإجراءات، معتبرين أنها تسلبهم ما تبقى من دخلهم الهزيل بعد سنوات من التضخم وتراجع الجنيه.
ويقول أحد المغتربين في الكويت: “كل معاملة في السفارة تحتاج تصديقاً أو توقيعاً بمقابل مضاعف. ندفع ضرائب في مصر ورسوم هنا، ثم يقولون لنا دعم الوطن!”
في المقابل، تشير منظمات حقوقية إلى أن السفارات المصرية باتت تتعامل مع المصريين كمصدر دخل، لا كجهات تقدم خدمات دبلوماسية.
فحتى استخراج شهادة ميلاد أو قيد زواج يحتاج إلى دفع رسوم تتجاوز في بعض الحالات 10% من راتب العامل الشهري، وهو ما يُعد استغلالاً فجًّا للمغتربين الذين لطالما قدّموا تحويلات مالية تعتبر من أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.
تشريعات بلا رقابة.. وبرلمان بلا معارضة
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة طويلة من القوانين المالية والضريبية التي يمررها البرلمان دون مناقشة حقيقية، في ظل غياب المعارضة وضعف الدور الرقابي.
فمنذ بداية 2024، أقرت الحكومة زيادات متتالية في رسوم المرور، استخراج الأوراق الرسمية، خدمات الكهرباء والمياه، ورسوم القضاء والضرائب العقارية، وكلها تصب في إطار سياسة الجباية المستمرة.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه السياسات تمثل هروباً من الإصلاح الاقتصادي الحقيقي، عبر تحميل المواطنين والمغتربين عبء فشل الإدارة المالية، بينما يُستثنى كبار رجال الأعمال والمؤسسات العسكرية من أي التزامات ضريبية عادلة.
وتواصل حكومة السيسي تحويل الدولة إلى ماكينة جباية ضخمة، تُفرغ جيوب المصريين في الداخل والخارج باسم “الخدمة العامة” و”تمويل المباني”.
وإذا كان هذا القانون الجديد خطوة صغيرة في سياق طويل من الجشع الحكومي، فإنه يكشف بوضوح عن طبيعة النظام الذي يرى في المواطن مجرد مصدر دخل، لا شريكاً في الوطن.
ومع كل رسم جديد يُفرض، يتأكد أن حكومة الانقلاب لم تعد تعرف سوى طريق واحد: أن تُحصّل لتبقى، ولو على حساب الشعب الجائع والمغترب المرهق.
marsadpress.net – شبكة المرصد الإخبارية شبكة المرصد الإخبارية
