مصر بعد انتخاب الرئيس

مصر بعد انتخاب الرئيس

الأستاذ / كامل مندور المحامي

عرس ديمقراطى بكل معنى الكلمة، مصر تتحدث عن نفسها، كما قال حافظ إبراهيم.
من ينظر إلى اصطفاف الناس البسطاء بالساعات فى طوابير الانتخاب لأداء واجبهم الوطنى، بكل هدوء وسكينة، يدرك على الفور عمق الحضارة، التى يتمتع بها هذا الشعب.
الشعب المصرى اليوم هو وحده نجم المشهد، لقد حاول الليبراليون كثيرا إقناعنا بأن الشعب قد أخطأ حينما صوت بنعم على الاستفتاء الدستورى، وأنه كان من الواجب أن يأتى الدستور أولا، لكن العرس الذى نستمتع به اليوم، مع قرب انتهاء الفترة الانتقالية واستلام الشعب لمقاليد الأمور، لهو الدليل الأكبر على وعى هذا الشعب وعمق رؤيته.
اللحظة التى نعيشها الآن هى نتاج التصويت بنعم التى قالها الشعب المصرى، ولو أطعناهم وقلنا لا لكنا حتى الآن نحاول الخروج من متاهة معايير تشكيل اللجنة التأسيسية، لقد اختار الشعب الطريق الأقصر والأسرع للخروج من الأزمة بانتزاع السلطة التشريعية، ثم السلطة التنفيذية لتصبح جميع السلطات بيده، ويسهل بعد ذلك وضع الدستور فى مناخ صحى وفى أقصر وقت ممكن، بل إن الأزمات الاقتصادية المفتعلة والانفلات الأمنى المتعمد سينتهيان تلقائيًا – بإذن الله- بمجرد تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب، ليس فى أربع وعشرين ساعة، كما قال شفيق الذى يبدو أنه يملك مفاتيح الانفلات، وليس فى مائة يوم كما قال أبو الفتوح، الذى سيعتمد على جهده الخاص فى إدارة هذا القطاع، ولكن أتوقع أن تنتهى هذه الظواهر تلقائيا فى زمن قصير جدا عقب تسليم السلطة لسببين أولهما أن الأزمة ليست حقيقية، ولكنها كانت مفتعلة بمعرفة الفلول لأغراض انتخابية معروفة للجميع، وبمجرد انتهاء الانتخابات على أى نحو، سينتهى الدافع إلى خلق هذه الأزمات أو الاستمرار فى الانفلات الأمنى، وأما السبب الثانى فهو القانون السياسى الاجتماعى الشهير “مات الملك، يحيا الملك”، فبمجرد تسليم السلطة سيكون لدينا رئيس جديد ونظام جديد لمدة أربع سنوات قادمة. نظام مستقر اكتسب شرعية كاملة من شعبه، ومن العالم الخارجى كله، شرعية يعجز أمامها من كان فى قلبه مرض وتؤيسه من محاولة العودة بنا إلى الماضى، شرعية تجعل كل الذين كانوا ينافقون رموز النظام السابق يهرولون فى أروقة النظام الحالى، ولا تستبعد أن يطلقوا لحاهم أو أن يضعوا المسابح حول أعناقهم، شرعية تدعو رجال الأعمال إلى التخلى عن تأييد النظام السابق ومحاولة الاندماج فى النظام الجديد.
وأما عن الإعلام الفلولى فحدث ولا حرج، لقد خاض هذا الإعلام حربًا رخيصة بكل المعايير الإعلامية والأخلاقية على فصيل سياسى بعينه هو حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين الذين لم يكن لديهم الوقت الكافى للرد على هذه الحملة أو ربما ترفعوا عن الرد عليها، ونحن لا ننكر على أى فصيل سياسى حقه فى أن ينتقد منافسيه، ولكن شريطة المحافظة على أدب الحوار والبعد عن التضليل المتعمد، فلا يليق بمن يحمل درجة الدكتوراه فى العلوم السياسية أو علم الاجتماع السياسى أن يروج مثلا لفكرة تكويش الإخوان، وهو يعلم أن ذلك يناقض جوهر الديمقراطية، أو أن يدعم نظرية “هو المجلس عمل لنا أيه”، وهو يعلم أن المجلس وظيفته التشريع والرقابة ولا علاقة له بسلطة التنفيذ، أن مثل هذه الأحاديث المضللة كانت إهانة لشخص المتحدث قبل أن تكون استهانة بعقلية المتلقى.
أرجو أن تنتهى هذه الممارسة الإعلامية المتدنية بانتهاء الحملة الانتخابية، كما أتوقع أن تنتبه الأحزاب الإسلامية إلى أهمية إنشاء آلة إعلامية قوية تكون قادرة على الرد وتصحيح المفاهيم.
وما زال الحديث عن المستقبل موصولا  فى الأسبوع القادم إن شاء الله.

عن marsad

اترك تعليقاً