حمدين وأبو الفتوح فى الميزان

حمدين وأبو الفتوح فى الميزان

حينما أدرك الإخوان أن المجلس العسكرى يريد إجراء الانتخابات فى ظل الحكومة الحالية التابعة له لغرض فى نفس يعقوب، استشعروا أن الفلول يتربصون بالثورة ويعدون العدة لخوض الانتخابات بمنتهى القوة، ولاحظوا أن المرشحين على الساحة كل منهم يخصم من رصيد الآخر الأمر الذى يتهدد الثورة بالفشل، حينذاك كتبت مقالا فى هذا المكان بعنوان “هل يرشح الإخوان رئيسًا” دعوتهم فيه إلى التخلى عن قرارهم السابق ما دام شركاء الثورة أنفسهم قد تخلوا عن فكرة التوافق، وبالفعل اتخذوا القرار بشق الأنفس فى اللحظات الأخيرة، وخاضوا معركة انتخابية فى ظل ظروف هى الأصعب بكل المقاييس، ومع ذلك فازوا بالمركز الأول ليخوضوا مرحلة الإعادة ضد مرشح الفلول، هنا سقطت الأقنعة الزائفة عن بعض من أوهموا الناس بأنهم قادة ثوريون، فهذا عبد المنعم أبو الفتوح بعد أن أعلن تأييده لمرسى ضد شفيق عقب إعلان النتيجة، إذا به يتراجع لينضم إلى حمدين فى موقفه الغريب بشأن المجلس الرئاسى، وهذا التصرف له أكثر من دلالة، منها نقص الثقة بالنفس وقصور فى قوة الشخصية وسهولة تأثير الآخرين فيه وانقياده لهم، وهذه كلها صفات لا ينبغى أن تتواجد بالرئيس القادم، فبالرغم من أنه اتخذ القرار الصحيح والمنطقى، إذ به يعدل عنه إلى قرار خاطئ لمجرد أن حمدين قد اتخذه، ونفس الكلام يقال عن عمرو موسى، غير أن الأهم عندى هو حمدين نفسه، أعتقد أنه لم يعد يرى إلا نفسه، فبرغم أنه لم يوفَّق فى الانتخابات، إلا أنه لم يسلم بالهزيمة كزميليه أبو الفتوح وموسى، ليس لأن الانتخابات مزورة كما يقول، ولكن لأن فرحته بهذا التوفيق المفاجئ ملأته بالغرور، فإذ به يطلب ممن حصل على المركز الأول أن يتنازل له عن موقعه، وهو مطلب أنانى يدل على عدم العقلانية واختلال المنطق،  فضلا عن قصور النظرة السياسية، لاحظ أنه لم يطلب ذلك من شفيق مثلا، لأنه بالطبع لا يريد أن يحل محل مرشح الفلول المكروه، وإنما هو يحسد من وفقه الله ليكون مرشح الثورة الذى ستقف خلفه جماهير الشعب، حمدين فى تقديرى رجل يعشق الزعامة وينتفع بشخصيته الكاريزمية ليدفع بنفسه أمام الصفوف ولذلك فهو دائمًا يتحدث بلغة خطابية رنانة ويكثر من الشعارات البراقة، لكن ذلك لا يقابله رسوخ سياسى حقيقى، إنه كعلبة مجوهرات أنيقة جدًا، فإذا فتحتها وجدتها خالية، إن صفات مثل الأنانية والغرور والحسد واختلال المنطق وقصر النظر السياسى هى صفات ينبغى ألا تتواجد فى الرئيس القادم.

ربما يكون من مصلحة مصر أن حمدين وأبو الفتوح لم يوفقا للإعادة،  وربما يكون مرسى هو اختيار القدر لمصر فى هذه المرحلة، ألم تر أنه المرشح الوحيد الذى لم يطلب المنصب ولم يسع إليه وكان دخوله إلى معترك التنافس قدريًا بشكل كبير؟، أثق بأن الله الذى نصر الثورة فى البداية سوف ينصرنا بهذا الرجل، فقط إذا نصرناه.

عن Admin

اترك تعليقاً