نص كلمة الرئيس مرسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

نص كلمة الرئيس مرسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

نص كلمة الرئيس محمد مرسي التي ألقاها أمام الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها أمس في نيويورك:

“بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي نحبه ونتبعه ونحب من يحترمه ونعادي من يمسه بسوء من قول أو عمل, صلوات ربي وتسليماته عليه, الذي وصفه ربه في قرآنه العظيم فقال ” وإنك لعلى خلق عظيم” وقال الله تعالى أيضا عن الرسول “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”, صدق الله العظيم”.

وقدم الرئيس مرسي التحية والتهنئة للرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة فوج جيريم متمنيا له التوفيق في مهمته مع خالص تقديره لرئيس الجمعية العامة في دورتها السابقة ناصر النصر ولدولة قطر الشقيقة للإدارة المتميزة للدورة السابقة..وكذلك التحية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون,ورؤساء الدول والحكومات المشاركين في أعمال هذه الدورة.

“إن حضوري اليوم يحمل معاني عديدة تتجلى في أننى أول رئيس مصري مدني منتخب بارادة شعبية حرة في أعقاب ثورة سلمية عظيمة شهد لها العالم كله هذه الثورة التى أسست شرعية حقيقية بإرادة الشعب المصري بكل أبنائه وفئاته داخل وخارج مصر وكان لهذا الشعب بفضل الله ما أراد. إن كل مصري اليوم يشعر بثقة في النفس تضعه على أرضية حضارية وأخلاقية في أعلى مستوياتها, فقد حققنا خطوات متلاحقة وفعالة في مسيرة البناء والنهضة سعيا إلى ما يتطلع اليه شعب مصر لإقامة دولة حديثة..الدولة الوطنية..الديمقراطية..الدستورية.. القانونية..الحديثة..التى تستوعب العصر وتقوم على سيادة القانون والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان دون تفريط في القيم الراسخة في وجدان أبناء مصر جميعهم..ودولة تنشد العدل والحق والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

إن الثورة المصرية التى أسست الشرعية التى أمثلها أمامكم اليوم لم تكن نتاج لحظة أو انتفاضة عابرة..كما أنها لم تكن أبدا رياحا هبت في ربيع أو خريف..وأن هذه الثورة وما سبقها ولحقها من ثورات في المنطقة جاءت نتيجة لكفاح طويل لحركات وطنية حقيقية..ولإرادة الحياة مع أبناء الوطن جميعا بعزة وكرامة..وهي تعبر عن حكمة التاريخ وتدق ناقوس انذار لكل من يحاول أن يقدم مصالحه على مصالح الشعوب.

إن رؤية مصر الجديدة التى نسعى إلى تحقيقها بإذن الله لوطننا مصر هي في ذات الوقت إطار العمل الذي نقدمه للعالم ونسعى للتعاون من خلاله مع المجتمع الدولي في سياق من الندية والاحترام المتبادل والذي يشمل عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وتطبيق المبادىء والمواثيق والمعاهدات الدولية التى نؤكد التزامنا بها وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة الذي شاركت مصر في صياغته من خلال العمل المستمر والجهد المخلص سعيا لتسوية المشكلات ومعالجة جذورها دون الإخلال بمبادىء القانون ولا بالقيم الثابته التى ينذر التفريط فيها بعواقب وخيمة للمجتمع الدولي إن لم ينتبه لذلك العقلاء والمخلصون في هذا العالم.

السيد الرئيس، إن أولى القضايا التى ينبغى أن يشترك العالم في بذل كل جهد ممكن لتسويتها على أسس العدالة والكرامة هى القضية الفلسطينية..إن عقودا طويلة مضت منذ أن عبر الشعب الفلسطيني عن عزمه إستعادة كل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وبرغم جهاد هذا الشعب المتواصل وتبنيه لجميع الأساليب المشروعة للحصول على حقوقه وقبول ممثليه بقرارات الشرعية الدولية كأساس لحل كل مشاكله..رغم كل ذلك تظل هذه الشرعية الدولية والقرارات الأممية مع كل أسف عاجزة حتى اليوم عن تحقيق أمال وتطلعات شعب فلسطين وتظل كل هذه القرارات بعيدة عن التنفيذ. إن ثمار الحرية والكرامة لا ينبغي أن تكون بعيدة عن شعب فلسطين الشقيق وإنه لمن المشين أن يقبل العالم الحر استمرار طرف في المجتمع الدولي في إنكار حقوق أمة تتوق إلى الاستقلال على مدي عقود مهما كانت المبررات..ومن المشين أيضا أن يستمر الاستيطان في أراضي هذا الشعب الفلسطيني..وتستمر المماطلة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. إنني ومن منطلق الدفاع عن الحق والحرية والكرامة..والكرامة الإنسانية ومن منطلق واجبي نحو الأشقاء في فلسطين أضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته التى تحتم تحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء جميع مظاهر إحتلال الأراضي العربية وتطبيق القررات الدولية ذات الصلة.”

وطالب الرئيس محمد مرسي في كلمته بضرورة “التحرك وبشكل جاد ومن الآن لوضع حد للاحتلال والاستيطان ولتغيير معالم القدس المحتلة” داعيا إلى “سلام يؤسس دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ويحقق أمنا واستقرارا طال انتظاره لجميع شعوب المنطقة”. وقال مرسي “ومن ذات المنطلق أؤكد دعم مصر لأي تحرك فلسطيني في الأمم المتحدة وأدعوكم جميعا كما أيدتم ثورات الشعوب العربية إلى دعم أبناء فلسطين للحصول على الحقوق الكاملة المشروعة..لشعب يناضل ويجاهد من أجل نيل حريته وبناء دولته المستقلة الفلسطينة غير القابلة للتصرف. إننا عازمون على مواصلة العمل إلى جانب الشعب الفلسطيني لينال كل حقوقه بارادته الحرة لكل أبنائه وفصائله.

لابد ونحن نتكلم في هذا المحفل الدولي أن نتناول القضية التى باتت تؤرق العالم كله ألا وهى نزيف الدم والمأساة الانسانية في سوريا. إن نزيف الدم الذي ينبغي أن يتوقف فورا هو شاغلنا الأول..إن الدماء التى تسيل على أرض سوريا الحبيبة أثمن من أن تهدر هكذا ليل نهار. إن الشعب السوري..الشقيق..العزيز على قلب كل مصري ومصرية يستحق أن يتطلع لمستقبل تتحقق له فيه الحرية والكرامة وقد كان هذا جوهر التحرك الذي بادرت باقتراحه في مكة المكرمة خلال شهر رمضان الماضي..وأكدت عليه في مناسبات لاحقة درءا للأسوأ درءا لمعاناة شعب سوريا وتحول الصراع إلى حرب أهلية شاملة لاقدر الله..يتطاير شررها إلى ما يتعدى سوريا ودول الجوار المباشر. لقد شرعت مصر بالفعل مع الدول الثلاث الأخرى المعنية بمبادرتي في عقد لقاءات أظهرت وجود العديد من القواسم المشتركة..وسوف نستمر في العمل لوضع حد لمعاناة شعب سوريا, وإتاحة الفرصة لكي يختار بإرادته الحرة بعد أن ينتهي هذا النظام الذي يقتل شعبه ليل نهار..سيختار الشعب السوري بإرادته الحرة نظاما للحكم يعبر عنه ويضع بلاده في مكانها بمصاف الدول الديمقراطية لتستأنف إسهامها في مسيرة العمل العربي المشترك ودورها الإقليمي والدولي على أسس شرعية قوية. هذه المبادرة ليست مغلقة على أطرافها بل هى مفتوحة أمام كل من يريد أن يساهم إيجابيا في حل الأزمة في سوريا..هذه الأزمة كلنا مسؤولون عنها..وهذه المعاناة لابد وأن نتحرك جميعا في كل العالم لوقفها وإنها مأساة هذاالعصر وواجبنا أن نوقف المأساة. إن مصر ملتزمة بمواصلة ما بدأته من جهد صادق لإنهاء هذه المأساة الدائرة على أرض سوريا في إطار عربي واقليمي ودولي..إطاريحافظ على وحدة تراب هذا البلد الشقيق ويضم جميع أطياف الشعب السوري دون تفرقة على أساس عرقي أو ديني أو طائفي..ويجنب سوريا خطر التدخل العسكري الأجنبي..والذي نعارضه. ملتزمون بدعم مهمة السيد الأخضر الابراهيمي المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية..وباستكمال الجهد الجاري لتوحيد صفوف المعارضة السورية وتشجيعها على طرح رؤية موحدة وشاملة لعملية الانتقال الديمقراطي المنظم للسلطة بشكل يضمن حقوق مكونات الشعب السوري..ويحفظ لكل مكون مكانا أساسيا في سوريا الجديدة بعد مصر الجديدة إن شاء الله.

إن مصر ستعمل مع أشقائها العرب كي تحتل هذه الأمة مكانتها اللائقة في العالم..فهذه الأمة تمثل مكونا لا ينفصم عن رؤيتها لأمنها القومي للوطن الكبير الذي يمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي..وتمثل مجالا رحب اللتعاون والتفاعل البناء مع كل دول العالم. إن مصر تنظر إلى الإسهام البالغ الأهمية الذي تمثله الأمة العربية ضمن المحيط الإسلامي كضرورة للانتقال بالعمل المشترك ضمن منظمة التعاون الإسلامي وسوف تعمل مصر على أن تكون القمة الاسلامية التى ستعقد على أرضها في مطلع العام القادم منطلقا لتعزيز التفاهم بين الدول الإسلامية وباقي دول العالم ولتطوير وتفعيل دور مبادىء الحوار بين الحضارات ولإزالة مباعث سوء الفهم التي يجد منها دعاة التطرف على الجانبين منفذا الإيحاء بهوة خلاف واسعة غير موجودة أصلا لتحقيق مآرب سياسية لا تمت بصلة للمقاصد السامية للأديان أو القيم أوالأخلاق الانسانية.

يحتاج أشقاؤنا فى السودان إلى الدعم اليوم أكثر من أي وقت مضى..هذا البلد الذى يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية ويعمل على بناء علاقات صحية نموذجية مع جنوب السودان..هذه الدولة الوليدة التى أقدر أنها مؤهلة إلى جانب السودان الشقيق لأن تكون مركزا للتعاون بين العالم العربي وامتداده الافريقي. لقد قدم السودان تضحيات كبيرة بحثا عن السلام والاستقرار.. والتزم بتنفيذ اتفاق السلام الشامل.. وكان أول من اعترف بدولة جنوب السودان. إلا أنني أقول صراحة أن هذا البلد لم يتلق الدعم الذى يستحق.. وأن الوقت قد حان لكي تتضافر الجهود الدولية لمؤازرته والعمل على تقريب وجهات النظربينه وبين دولة جنوب السودان لحل القضايا العالقة بينهما.

إن عبور شعب الصومال الشقيق المرحلة الانتقالية الصعبة بانتخاب السيد حسن شيخ محمود رئيسا للجمهورية علامة إيجابية نحو التوحد والاستقرار. أدعو الأمم المتحدة إلى مواصلة دعم جهود الحكومة الصومالية فى مواجهة من يعمل لإفشال الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق تطلعات الشعب الصومالى لغد أفضل.

تتصل مبادىء العدل والحق أيضا بتحقيق الأمن والاستقرارفى العالم وفى قلبه منطقة الشرق الأوسط فعلى مدى سنوات طوال سعى البعض إلى إقامة الاستقرار على أسس واهية من القمع والطغيان .. وزين البعض للأسف لهؤلاء سوء أعمالهم ..  أما وقد استردَّ شعوب المنطقة حريتها فإنها لن تسمح ولم تتسامح مع غبن حقوقها سواء من قادتها أو من الخارج.

إن إرادة الشعوب فى منطقتنا لم تعد تتقبل استمرار أى دولة بعينها خارج معاهدة منع الانتشار النووى .. ولا عدم تطبيق نظام الضمانات على منشآتها النووية خصوصا لو اقترن هذا بسياسات غير مسئولة وتهديدات تلقى جزافا. إن قبول المجتمع الدولى بمبدأ الاستباق أو محاولة إضفاء الشرعية عليه أمر خطير فى حد ذاته ولابد من مواجهته بحسم حتى لا يسود قانون الغاب. وعيا من مصر بالتهديد الذى يمثله الوضع القائم لاستقرارهذه المنطقة الهامة بما تحويه من مصادر طبيعية وممرات تجارية فإننا نؤكد ضرورة تعبئة الجهود الدولية لعقد المؤتمر الخاص بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل فى موعده قبل نهاية العام الجارى 2012 وبمشاركة كل الأطراف المعنية دون استثناء. أقولها بوضوح، لا بديل عن التخلص الكامل من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل. لكننا نؤكد فى نفس الوقت حق جميع دول المنطقة فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية ضمن إطار معاهدة منع الانتشار النووي وضرورة التزامها بتعهداتها وتوفير الضمانات اللازمة لدول الإقليم لإزالة أية شكوك حول برامجها السلمية.

تمتد مفاهيم العدالة والحق والكرامة من منظورنا لتشمل الأطر التى تحكم العلاقات الدولية.. ومما لاشك فيه أن أبسط مراجعة لمسيرة هذه العلاقات ستظهر مقدار الظلم الواقع على قارة أفريقيا. أعتقد أننى لست بحاجة إلى تعداد التعهدات السابقة التى شهدتها نفس هذه القاعة للارتقاء بمعدلات التنمية والنمو فى أفريقيا من خلال المساعدات والاستثمار. إن على العالم مسئولية دعم جهود أفريقيا بما يتعدى الوعود والأمنيات وأن يقدم العون اللازم لها لاسترداد ثرواتها المنهوبة خلال حقب متعاقبة آخرها عندما تصور البعض أن دعم أنظمة جائرة سيساعد فى تحقيق استقرار زائف يضمن مصالحه فيما كانت هذه الأنظمة تبذر الفساد وتهرب الثروات إلى الخارج. إننى أدرك أن تحقيق الأهداف المبتغاة لا يتم إلا من خلال مشاركة أبناء القارة أنفسهم  وتحملهم لمسئولياتهم.. وهو أمر لا شك أننا جميعا كأفارقة مستعدون له سعيا إلى مستقبل أفضل.. إن علينا اليوم كأفارقة أن نحقق لقارتنا مجموعة من الأهداف الطموحة التى تثبت أقدام أبناء القارة على طريق التنمية المستدامة وتحققت طلعاتهم نحو مستقبل أفضل ومشاركة حقيقية للقارة فى النظام الدولى. إن مصر مستمرة فى العمل مع أشقائها فى أفريقيا وهى على استعداد للتعاون مع أى طرف داخل القارة أو خارجها لرفع مستوى المعيشة فى أفريقيا من خلال تبادل الخبرات والتجارب الناجحة.

يقودنى هذا الحديث إلى العدل والحرية والكرامة في النظام الدولى المعاصر.. إن شباب مصر لم يثر لموقف داخلى فحسب لكنه عبر  كذلك عن تطلعات يطمح إلى تحقيقها فى محيطه الإقليمى وعلى المستوى الدولى إن الشباب الذى يمثل غالبية شعب مصر بات مؤمنا بأن الشرعية الحقيقية تستمد من الإرادة الشعبية وليس من سلطة مهيمنة دون سند قانونى أو أخلاقى.. وبذات القياس فإننا ننظر إلى الوضع الحالى للنظام الدولى ونؤكد ضرورة العمل بشكل جاد لإصلاحه تأسيسا على نف سالمبادىء لتجديد شرعيته والمحافظة على مصداقيته.. هذا مطلب مشروع لشعوب وأمم تعبرعن نفسها وتسعي للمشاركة فى صياغة عالم جديد وغد أفضل لأبنائها. إن تفعيل دور الجمعية العامة باعتبارها المحفل الديمقراطى الذى يعبر عن جميع الدول الأعضاء وإصلاح مجلس الأمن الذى مازال يمثل صيغة تم التوصل إليها فى حقبة مغايرة لواقع عالمنا المعاصر يجب أن يكونا على قمة الأولويات التى ينبغى أن نعالجها بالجدية اللازمة. لايفوتني فى هذا المقام تأكيد ضرورة إيلاء الأمم المتحدة اهتماما خاصا لدعم قضايا المرأة والشباب..وقد اقترحت  خلال قمة حركة عدم الانحياز فى طهران دراسة مبادرة جديدة لإنشاء جهاز تابع للأمم المتحدة يخصص لموضوعات الشباب ويهتم بقضايا التعليم والتدريب والتشغيل وتعزيز مشاركتهم فى الحياة السياسية لتعزيز قدرة الأجيال القادمة على تحقيق طموحاتها.

إن النظام الدولى لن يستقيم طالما بقيت ازدواجية فى المعايير ونتوقع من الآخرين..  مثلما يتوقعون منا .. احترام خصوصياتنا الثقافية ومرجعيتنا الدينية وعدم السعى إلى فرض مفاهيم لا نتفق معها أو تسييس قضايا بعينها وتوظيفها للتدخل فى شئون الغير. إن ما يتعرض له المسلمون والمهاجرون فى عدد من مناطق العالم من تمييز وانتهاك لحقوقهم الأساسية وحملات  ضاربة للنيل من مقدساتهم أمرغير مقبول .. إنه يتعارض مع أبسط مبادىء ميثاق المنظمة التى نجتمع فى ظلها اليوم حتى أضحى الآن ظاهرة لها اسم كراهية الاسلام. إن علينا جميعا أن نتكاتف فى التصدي لتلك الأفكار الرجعية التي تقف حائلا أمام تشييد أواصر التعاون بيننا.. إن علينا التحرك سويا في مواجهة التطرف والتمييز.. في مواجهة الحض على كراهية الغير على أساس الدين أو العرق .. إن على الجمعية العامة وكذلك على مجلس الأمن مسئولية رئيسية في التصدى لهذه الظاهرة التى أصبحت لها تداعيات تؤثر بوضوح على السلم والأمن الدوليين. إن الأعمال المسيئة التى نشرت مؤخرا في حملة منظمة للمساس بمقدسات المسلمين أمر مرفوض  ويجب علينا ونحن مجتمعون فى هذا المحفل الدولى أن نتدارس كيف نستطيع جميعا أن نحمى العالم من زعزعة أمنه وإستقراره. إن مصرتحترم حرية التعبير .. التي لا تستغل فى التحريض على الكراهية ضد أحد وليس حرية التعبير التى تسعى إلى استهداف دين أو ثقافة بعينه  .. حرية التعبير التى تتصدى للتطرف والعنف وليس حرية التعبير التى ترسخ الجهل والاستخفاف بالغير لكننا فى نفس الوقت نقف بحزم ضد اللجوء إلى استخدام العنف فى التعبير عن رفض تلك السفاهات.

إن تفاقم المشاكل المالية والاقتصادية مؤخرا يجب ان يدفعنا إلى مراجعة أسلوب اتخاذ القرارات الاقتصادية الدولية التى تؤثر على مصائر شعوب لاتشترك في اعدادها  لكنها ومع كل أسف أول من يتحمل تبعتها السلبية على النمو فيها وعلى التجارة وعلى البيئة.. وعلى أوضاعها الاجتماعية نتيجة تطبيق ممارسات مجحفة في التجارة الدولية وفرض شروط باهظة لنقل التكنولوجيا والحصول على التمويل اللازم للتنمية. هناك حاجة ملحة لحوكمة اقتصادية دولية جديدة محورها الشعوب واساسها توثيق التعاون بين شركاء التنمية على اساس تكامل المصالح والمنفعة المتبادلة.

طرحت عليكم رؤيتي فيما يجول في عقول أبناء مصر وسعيت لأطرح بإيجاز رؤية مصر شبابها رجالها ونساءها المسلمين وغير المسلمين..في مصر هذه رؤيتهم لأهم قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا ودول العالم. إنني على ثقة في قدرة الأمم المتحدة على القيام بدورها في التعامل الفعال مع مختلف القضايا والتحديات الاقليمية والعالمية من خلال الحواروالتفاهم والتعاون وفق مبادىء القانون الدولي. إن مصر الثورة لم تألو جهدا للتواصل بكل إخلاص مع جميع أعضاء المنظمة وستظل دائما في طليعة الجهود الدولية لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة .. والعدالة الاجتماعية لجميع الشعوب والأمن كذلك والاستقرار لدولنا جميعا.

أنظر إلى الأمام بتفاؤل كبير وأرى السلام الذى ندعو إليه وهو يعم هذا العالم . السلام القائم على العدل .. السلام الذى يعطي الجميع حقوقهم كاملة .. السلام الذى لا يميز بين أحد بين أحد ..  بين انسان وانسان .. لأى سبب ولن يكون هذا السلام إلا اذا تعاونا جميعا .. إلا إذا ادركنا جميعا أننا متساوون  وأننا نشترك في الكثير من الآمال والطموحات .. السلام الذى جئت برسالة إليكم به .. هو سلام الحق والعدل .. الاستقرار والتنمية .. تبادل المصالح والمنافع .. الحب والاحترام المتبادل ..  ولا أظن ذلك صعبا علينا جميعا إذا ما امتدت الأيادي بالتعاون بالنية الخالصة وبالأعمال الصالحة والله يسمع ويرى وكلنا أمل وكلي أمل في مستقبل أفضل لهذا العالم الذى أرجو له كل الخير .. أشكرك مجميعا .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

عن marsad

اترك تعليقاً