حرائر فى انتظار المعتصم

girls elxحرائر فى انتظار المعتصم

  أراد كسرى أن يُهين النُّعمانَ بن المنذر في بناته، والنُّعمان يلبس تاج الحيرة، ويدير مملكتها، فعظم ذلك على النُّعمان، فضحَّى بنفسه، وماله، وملكه، والحيرة كلِّها فداء لعرضه، واستودع بناته عند بني شيبان، فلمَّا قضى كسرى على النُّعمان، طلب بناته من بني شيبان، فأبوا تسليمهنَّ، فبعث جيشاً لسحقهم، وأخذ بنات النُّعمان عنوة، فاجتمعت العرب كلُّها لردِّ عدوان كسرى على بنات النُّعمان، فكانت معركة ذي قار، التي كسر فيها العرب الفرس لأوَّل مرَّة في تاريخهم، فأشعلها العرض، وعلى صيانته وحفظه اجتمع العرب المتفرِّقون.

هذا حال الأحرار الذين يغارون على أعراضهم وعلى بناتهم فيشعلون النيران ويكسرون الحدود ولا يهابون الموت.

أما فى زمان الهوان فقد ضربت الذلة والمسكنة على كثير من أشباه الرجال فركبوا طريق الضعف والإستكانة ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف وتحالفوا مع الشياطين والظالمين لإسكات صوت الحرائر العفيفات ولارهابهن وأهلهن حتى لا يصدعن بالحق.

أين الرجال الذين يمسحون العار الذى لحق بنا؟ ونحن نرى شابات صغيرات فى عمر الزهور يحكم عليهن بأحكام جائرة ظالمة لا لشىء إلا أنهم قالوا قولة الحق وصدعوا بها فى وقت جبن فيه ذكور وليسوا رجالا ولم يتفوهوا بحرف من حروف الحق.

سطر هؤلاء الأحرار جولة جديدة من جولات الأبطال الذين لا ترهبهم أدوات القمع والظلم فرأيناهن صامدات ثابتات لا يخافون الأحكام حتى لو وصلت لحد الإعدام.

هذه الزهور المتفتحة فى رياض الحرية ووقوفهن الشامخ فى ذلك القفص البغيض يذكرنى بتلك القصة العجيبة التى مفادها أن إمراة مسلمة ذهبت  تتاجر إلى عموريَّة في بلاد الرُّوم، والبلاد بلاد كفر، فبسطت بضاعتها في السُّوق ضحىً، وهي امرأة غريبة بين قومٍ كفَّار، مثلما تذهب المرأة المسلمة اليوم إلى بريطانيا أو أمريكا أو إسرائيل، وبينما هي تبيع وتشتري أتى رجل كافر، فربط ثوبها برأسها، فلمَّا قامت تكشَّفت عورتها، فصاحت بأعلى صوتها في السُّوق: وامعتصماه… وامعتصماه!!

تقول: أين الخليفة المعتصم من هذا الأمر؟ أيرضى أن تنتهك حرمتي؟ أيرضى وهو خليفة للمسلمين أن يفعل بي هذا؟

فضحك الرُّومي الذي فعل هذا، وقال: انتظري المعتصم حتَّى يأتي على أبلقٍ لينصرك، فسمع رجل مسلم في السُّوق هذا الصُّراخ العجيب الذي يدخل إلى القلوب، ويقرع الأرواح.

وانطلق وركب البحر، ووصل إلى المعتصم في دار الخلافة في بغداد – دار السلام- ودخل على المعتصم، وقال: كنت يوم كذا وكذا في عموريَّة، ووقع للمرأة المسلمة تلك كذا وكذا، فقالت: وامعتصماه!! فضحك منها الرُّوم وقالوا لها: انتظريه على الأبلق حتى يأتيك ينصرك، فوقف المعتصم وقال: والله الذي لا إله إلا هو، لا يصيب رأسي غسل من جنابة حتى أطأ أرضهم بالخيل.


ثمَّ أعلن النَّفير العام في العالم الإسلاميِّ، وقال: لا بدَّ من كلِّ بيت من بيوت المسلمين أن يخرج منهم مجاهد، ومن تخلَّف يضرب عنقه، ثمَّ توجَّه وجعل العلماء في قيادة الجيش يفقهون النَّاس، ومشى حتَّى وصل إلى عموريَّة، ثمَّ قاتلهم فكان يفتح كلَّ مدينة بلا إله إلا الله، فإذا فتح المدينة أحرق حصونها، حتَّى أخذت تشتكي هذه المدينة على هذه المدينة، وترى هذه المدينة نار هذه المدينة، ثمَّ دخل عموريَّة فطوَّقها حتَّى استسلم قوادها، وأنزلهم، وقال: عليَّ بالرَّجل، والله لا أغادر مكاني حتى يأتيني الرَّجل الذي أساء لتلك المرأة، فأتوا بالرَّجل يسحبونه، فأوقفه عند المرأة وقال لها: هذا الرَّجل عبد لك، إن شئت أعتقتيه لوجه الله، وإن شئت فهو عبدٌ لك، قالت: بل أعتقه لوجه الله، فالعفو عند المقدرة من شيم الكرام.

قال المعتصم: أنا المعتصم، وهذا فرسي الأبلق، وقد جئت أنصرك بلا إله إلا الله.

عذرا أحرارنا فليس عندنا المعتصم الذى يستطيع أن يأتى بحقكن فنحن فى زمن الهوان.

 هاني حسبو

عن Admin

اترك تعليقاً