الحرب على غزة وعقيدة الولاء والبراء

غزة لن تموتالحرب على غزة وعقيدة الولاء والبراء

هاني حسبو

“كتر خيرك يا نتنياهو. ربنا يكتر من أمثالك للقضاء على رأس الفساد والخيانة والعمالة الإخوانية”.

هذه ليست كلمات من شخص يهودي أو لا يدين بدين الإسلام لكنها للأسف صادرة من امرأة مسلمة بل ومصرية، إنها تغريده من عزة عصام نائبة رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية كتبتها تهنئ رئيس وزراء الكيان الصهيوني على إطلاق عملية “الجرف الصامد”.

ناهيك عن سيل جارف من تعليقات عدد من الإعلاميين المصريين والتي تصب في النهاية للتحريض ضد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وتدعو إلى بغضهم.

هذه الكلمات والعبارات تنم على خلل واضح في أبجديات العقيدة الإسلامية وفي أصل من أصول العقيدة ألا وهو “الولاء والبراء”.

وهي تعني باختصار” الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من كل من حادّ الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين.”

وهذه العقيدة من أهم سمات وخصائص المجتمع المسلم وأساس عظيم من أسس قيامه وترابطه وتماسكه.

تأتي أهمية هذه العقيدة من كونها أنها فريضة ربانية في المقام الأول ثم من كونها حصن أمان للمجتمع المسلم ولهويته الثقافية والسياسية.

فقد اعتنى بها القرآن اعتناءا خاصا وذلك لأهميتها وعظيم قدرها كما قال الله سبحانه وتعالى:

” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم”

فأكد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الرابطة التي تجمع أبناء الإسلام هي رابطة الايمان أو بمعنى أخر “الولاء”. هذه الرابطة تثمر ثمرة عظيمة فتجعل أبناءها يقوم بالطاعات تقربا لرب الأرض والسماوات.

وقال الله سبحانه أيضا:

“لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير”

وهنا توضيح مهم لأبناء الإيمان المتكامل ألا ينساقوا وراء تحالفات تجعلهم جنبا إلى جنب مع الكافرين. وفي هذه بيان لخطورة أمر “البراء” وأن المسلم يجب عليه أن يحذر هذا الشر العظيم.

وانظر يرحمك الله إلى مواقف أهل زماننا حينما يناصرون أحفاد القردة والخنازير على أهل ملتهم ودينهم. بالفعل كما قال الله تعالى “ساء ما يحكمون”

ثم تأتي بعد ذلك آية عظيمة شافية كافية توضح هذه العقيدة بجلاء وهي قول الله تعالى:

” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون”

فبين الله سبحانه وتعالى ان الصبغة التي يجب أن تصف المؤمنين هي تلك العقيدة الصافية.

هذا غيض من فيض مما أكدته آيات الكتاب العظيم.

يقول العلامة أبو الوفاء بن عقيل:” إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة”

ومن صور ولاء المؤمن لأخيه المؤمن:

ولاء الود والمحبة: وهذا يعني أن يحمل المسلم لأخيه المسلم كل حب وتقدير، فلا يكيد له ولا يعتدي عليه ولا يمكر به. بل يمنعه من كل ما يمنع منه نفسه، ويدفع عنه كل سوء يراد له، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، قال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم.

ومن صور الولاء أيضا:

ولاء النصرة والتأييد: وذلك في حال ما إذا وقع على المسلم ظلم أو حيف، فإن فريضة الولاء تقتضي من المسلم أن يقف إلى جانب أخيه المسلم، يدفع عنه الظلم، ويزيل عنه الطغيان، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا يا رسول الله: هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه) أي تمنعه من الظلم. رواه البخاري.

ومن صور ولاء المسلم لأخيه أيضا:

النصح لهم والشفقة عليهم: فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: ” بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ” متفق عليه.

هذا من جهة علاقة المسلم بأخيه المسلم أما عن علاقة المجتمعات ببعض فقد بينت الآية السابقة “لا يتخذ المؤمنين الكافرين أولياء………” الآية.

فقطعت هذه الآية كل العلائق التي تؤدي إلى المودة والنصرة بين المجتمع المسلم وغيره من المجتمعات التي لا تدين بدين الإسلام.

وتحريم الإسلام لكل أشكال التبعية للكافرين، لا يعني حرمة الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، كلا، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها، ولكن المقصود والمطلوب أن تبقى للمسلم استقلاليته التامة، فلا يخضع لكافر، ولا يكون ولاؤه إلا لله ولرسوله وللمؤمنين.

وأخيرا نطوف على بعض ثمرات احياء هذه العقيدة في نفوس المسلمين ولعل رب ضارة نافعة حيث ظهور مثل هذه الأمراض في الأمة تجعلنا نحيي أصولا وقواعد قد طال علينا بها الأمد.

من هذه الفوائد:

التميز: حيث يتميز الفرد والمجتمع المسلم عن غيره من أهل الأرض ويتضح الفارق جليا بين المسلم وغيره كما قال الله سبحانه:

“صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين”

“قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده”

ومن الفوائد أيضا: حماية الأمم الإسلامية سياسيا بمنع دول الكفر من التدخل في شئونها الداخلية لأنهم بكل بساطة “لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”

ولأنهم “ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء”

وأخر هذه الفوائد هي تحقيق التقوى والبعد عن سخط الله كما قال الله تعالى:

” ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.”

وكما قال الله:

“لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار”

عن Admin

اترك تعليقاً