حوار مع مصطفي حامد حول المعاهدات طولية الأمد بين أفغانستان وكل من أمريكا والهند

نص الحوار بین شبکة أنباء ( آوا برس ) الأفغانية ومصطفي حامد حول المعاهدات طولية الأمد بين أفغانستان وكل من الولايات المتحدة الأمريكية و الهند – وهذا هو الجزء الأول من هذا الحوار.

1- ما هي الأهداف التي تسعي إليها أمريكا من إنشاء قواعد عسكرية طويلة الأمد في أفغانستان؟

# هدف أمريكا من ذلك هو استمرار احتلال أفغانستان ولكن بصور جديدة تتناسب مع ظروف أفغانستان من جهة وظروف الولايات المتحدة من جهة أخرى.

فمن المعروف أن الشعب الأفغاني بجميع طوائفه وفئاته قد أبدي رفضا قاطعا ومقاومة باسلة للاحتلال الأمريكي المدعوم بقوات حلف شمال الأطلنطي ومعهم بعض عملاء أمريكا المخلصين حول العالم.

كما أبدت حركة طالبان براعة وكفاءة منقطعة النظير في قيادة تلك المقاومة الشعبية الجهادية وحافظت علي وحدة الشعب ووحدة الهدف الاستراتيجي لجهاده الباسل والنتيجة هي هزيمة فعلية للاحتلال بحيث بات عاجزاً عن الاستمرار في حرب كلفته الكثير جداً سواء في أرواح الجنود ومعنويات الجيش أو في تفاقم العجز المالي الذي تحول إلى معضلة اقتصادية لا فكاك منها، حتى ظهرت الآن إلى بوادر ثورة اجتماعية ضد تسلط الأقلية المالية المتحكمة في كل شيء داخل الولايات المتحدة التي انحرف نظامها بشكل متزايد نحو نموذج فاشي تسلطي سواء في الداخل الأمريكي أو على النطاق الدولي.

إن محاولة الولايات المتحدة إبقاء قواعد عسكرية في أفغانستان لأمد غير محدود هي محاولة لإدامة الاحتلال ولكن بتكاليف أقل مع ضمان استمرار مكاسب الاحتلال كما هي بدون تغيير ، وتحويل حربها في أفغانستان إلي نوع من الحرب الأهلية.

2-ما هي التداعيات التي يمكن أن تحدثها هذه القواعد على الصعيدين الإقليمي والدولي؟

# إذا تمكنت الولايات المتحدة من تنفيذ ذلك المخطط فإن تداعياته الإقليمية والدولية ستكون خطيرة للغاية.

فالوضع الجغرافي لأفغانستان يجعلها من أكثر البلدان قدرة علي التأثير في الوضع السياسي والتوازن الاستراتيجي في هذا الإقليم والعالم أجمع.

– حيث أن الإقليم الذي تتوسطه أفغانستان يشمل أهم القوى الصاعدة في العالم وهي الصين الشعبية، المؤهلة خلال وقت

قصير لقياده العالم اقتصاديا وبالتالي سياسياً، ولديها قوه عسكرية لا يستهان بها مزودة بإمكانات نووية، وتكنولوجيا صناعية تتقدم باطراد.

– ثم هناك روسيا : من بقايا النظام الدولي القديم، ولكنها مسلحة نووياً بشكل جيد ومازالت مؤثرة في مناطق نفوذها السوفيتية القديمة ولديها موقع متفوق في إنتاج الطاقة.

– وهناك الهند التي تشغل مركزاً متقدماً في ترتيب القوي الاقتصادية الصاعدة في العالم الثالث بما يؤهلها لأداء دور ملموس في النظام الدولي القادم.

– وهناك إيران والتي رغم الحصار المفروض عليها والضغط الأمريكي العنيف من أجل إسقاط نظامها الحالي، إلا أنه مازال متماسكاً ويرتكز على أرضية اقتصادية لا بأس بها وقدرة ملموسة في التأثير في نطاقات إستراتيجية حساسة في وسط وغرب آسيا و الشرق الأوسط، كما تمتلك إيران أيضاً ثروة نفطية كبيرة.

وهكذا نرى أن القوى الإقليمية التي سوف يؤثر عليها سلباً القرار الأمريكي بإنشاء قواعد ثابتة في أفغانستان (وليست الهند من بين تلك الدول) هي في ذات الوقت قوى ذات تأثير دولي كبير.

لهذا لا يمكننا أن نتوقع أن القرار الأمريكي في هذا الشأن سوف يمر بدون ردة فعل مناسبة، وسوف تعاني أمريكا بلا شك من ردات فعل قوية من جانب تلك القوي وضربات داخل الإقليم وخارجه في مجالات متعددة سياسية، وربما عسكرية ولو بشكل غير مباشر مثل دعم الشعب الأفغاني في مقاومته للاحتلال، أو في صور أخري غير متوقعة طبقاً للظروف المتطورة بسرعة داخل الإقليم والعالم.

-هذا كله علي افتراض أن أمريكا نجحت في مسعاها لإقامة قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان، و ذلك أمر مشكوك فيه، حيث أن القرار النهائي والحاسم سوف يكون للشعب الأفغاني ومقاومته الجهادية التي تقودها حركة طالبان، والتي ستتولى تصفية الاحتلال نهائياً حتي رحيل آخر جندي أمريكي محتل.

3- موقف طالبان من المفاوضات السلمية معروف وهو أنهم –طالبان – كما أعلنوا مراراً لن يحضروا المفاوضات قبل خروج المحتل من البلاد. كيف ستكون ردة فعل طالبان تجاه إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في أفغانستان؟.

# أتوقع أن موقف حركة طالبان من تلك القضية – بل وكل قضيه أخري تتعلق بأفغانستان- سيكون هو نفس الموقف الذي يختاره الشعب الأفغاني، ذلك أن تلك الحركة ينتمي كل أعضائها تقريباً إلى فقراء الشعب الذين عانوا من ظلم واضطهاد كافة الأنظمة الفاسدة التابعة للاستعمار الخارجي والمنحرفة عن تعاليم الإسلام. وقد استمر ذلك منذ العهود الملكية المتعاقبة وحتي النظام الشيوعي المدعوم بإمبراطورية الشر السوفيتية وصولاً إلى نظام كرزاي وعملاء إمبراطورية الشر الأمريكية.

لقد تطور أداء حركة طالبان بشكل جذري منذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، واتضح ذلك في طريقتهم الفعالة في إدارة الحرب ضد أمريكا وحلف الناتو أصحاب أعتى تحالف عسكري عدواني في تاريخ البشرية، فلدي حركة طالبان الآن من الحنكة السياسية ما يؤهلها لأن تتفادى الأفخاخ الأمريكية المنصوبة من أجل بقاء احتلالها لأفغانستان تحت صور معدلة ورخيصة التكاليف.

والقواعد العسكرية واحدة من تلك الصور وهي صورة تعني ضمناً (أفغنة الحرب) أي تحويلها إلي حرب أفغانيه داخلية بين النظام العميل وشعب أفغانستان، أو بين فئات الشعب الأفغاني الواحد وتقسيمه بقوة السلاح على أسس طائفية أو عرقية أو حتي قبلية،

وكما ذكرت سابقاً فإن حركة طالبان سوف تواصل قيادة جهاد الشعب الأفغاني حتى تطرد آخر جندي محتل من فوق التراب الأفغاني كله.

4- بنظر كم ماذا سيكون الرأي العام الأفغاني تجاه تلك القضية؟

# أفغانستان منذ فجر التاريخ وصولاً إلي جهاد الأفغان لطرد السوفييت، ثم الجهاد الحالي ضد الاحتلال الأمريكي / الأوروبي، يؤكد أن الشعب الأفغاني لن يتوقف عن مقاومة الاحتلال حتي لو تبقي جندي أجنبي واحد فوق أراضيه.

إنه سياق تاريخي ثابت ومتصل يجعل شعب أفغانستان في صدارة الشعوب الحرة في العالم، وفي صدارة الشعوب الإسلامية المدافعة عن الإسلام. أو كما قال أديب و مفكر عربي ” لو بقى فى الإسلام عرق ينبض فسوف يكون في أفغانستان”.

تلك هي أفغانستان الحاضنة الأقوى للإسلام الآن وعلى مر العصور. هذا ما يقوله التاريخ ويؤكده واقعنا الحالي.

5- هل ستساعد القواعد العسكرية الولايات المتحدة علي نيل الأهداف المرجوة التي من أجلها قامت باحتلال أفغانستان؟

# الأهداف الأمريكية المعلنة لتبرير حربها على أفغانستان جميعها كاذبة ومغلوطة بأكثر مما كانت تبريراتها للحرب علي العراق.

لقد كانت أهدافهم اقتصادية وإستراتيجية. في الاقتصاد يريدون عوائد تجارة الهيروين في أفغانستان إضافة إلي كنوزها الطبيعية الأخرى من يورانيوم و خامات نادرة. كما يريدون طاقة آسيا والوسطي والقوقاز ويستهدفون أيضاً التضحية بدولة باكستان لصالح الهند كقوة يريدون جعلها رأس حربة تتحدى الصين سياسياً واقتصاديا وتهددها عسكرياً.

إن شعوب المنطقة غير غافلة عن خطورة التواجد الأمريكي بكافة صوره خاصة الشكل العسكري العدواني الفج كما في أفغانستان. والقواعد العسكرية لا تقل خطورة بل هي استمرار لنفس النهج ولكن في صورة معدلة كما ذكرنا آنفاً.

تلك الغطرسة العسكرية الحمقاء سوف تؤدي في المدي القريب إلى توحيد الرؤية تجاه التواجد الأمريكي من أجل طرده من المنطقة ثم توحيد الشعوب والأنظمة في إطار إقليمي موحد يضمن سلام المنطقة وتنميتها اقتصاديا والسيطرة على الخلافات الداخلية بعيداً عن التدخل الأمريكي الأوروبي.

وربما نشاهد تجمعاً إقليمياً ينظم كل تلك القضايا بشكل فعال بعيداً عن الهيمنة الاستعمارية التي تمثلها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وعاجلاً.. سوف ترحل أمريكا ولن تقام قواعد أمريكية لأي مدي قصير أو بعيد. وسوف تتوحد آسيا كلها من أجل بناء قارة مسالمة /قوية وغنية/ تقود مسيرة الإنسانية لفترة طويلة قادمة، وسوف تكون أفغانستان المسلمة الجديدة والحرة في صدارة كل ذلك الانبعاث العالمي الجديد

عن marsad

اترك تعليقاً