رثاء الدكتورة ولاء رفاعى سرور لوالدها الشيخ رفاعى سرور

رثاء الدكتورة ولاء رفاعى سرور لوالدها الشيخ رفاعى سرور

جبلت النفوس على حب صاحب المبدأ الثابت على موقفه كما جبلت على النفور من المذبذب المتزعزع الذى تتغير مواقفه ويتلون تبعًا لتغير الظروف .
لكن صاحب المبدأ الثابت على الحق لا بد وأن يبتلى فى سبيل مبادئه نظرًا لسنة التدافع بين الحق والباطل القائمة إلى قيام الساعة(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)؛ فكان ابتلاء صاحب الحق وثباته حماية للدين نفسه من الهلاك, لكن وطأة الابتلاء تتزايد بزيادة الثبات فيهدئ الله من روعه ويخفف عنه بأن تميل اليه القلوب استجابة لما يدعوهم اليه , فيؤمنون بما يؤمن به ويدعو إليه ويكافئه الله تعالى على ثباته فى الدنيا قبل الأخرة بأن يجعله إمامًا يقتدى به جزاء له على صبره.

ومن ناحية أخرى فإن هداية الناس على يد المبتلى الثابت على دينه جعلها الله رسالة إلى الطغاة الذين آذوه رسالة تقول أن الله متم نوره ولو كره الكافرون .
فإن أرادو وأد الحق فإنه يولد من تحت هذا الوأد من يحمل نفس الراية جيلا بعد جيل مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ولا يزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله) ثم هى رسالة إلى المجتمع الذى ينظر بخوف وترقب ما مصير هذا المبتلى الذى أضاع نفسه من أجل مبدئه فلم يعش بينهم سالما كما يعيشون بل اختار لنفسه طريقا شاقا كان فى غنى عن مشقته وإذا بهذا المسكين علما هاديا قدوة محبوبا يسعى إليه الناس سعيا لينالوا من علمه الذى آتاه الله وحكمته التى حباه الله بها نتاج سنوات البلاء فتكون رسالة الى هذا المجتمع أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا
هذه الكلمات كتبت قبل ساعات من رحيل أبى لكنى لم أعلم وانا أكتبها انى أرثيه قبل وفاته كتبتها وكل حرف فيها
بتجسد فيه هو ولم يفارق مخيلتى وانا أكتب  فلقد رأيت أمام عينى بلاؤه لكنى رأيت صبره وثباته ثم اخيرا شاهدت بعينى رفعته وعلو شأنه بين الناس .
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا
…كم خفف الله عنه بعد كل بلاء والصبر عليه إما بإسلام نصرانى على يديه , وإما بالتوفيق لبناء مسجد تقام فيه الصلوات , وإما باستشهاد شهيد كان هو السبب فى التزامه ,كان هذا مما يخفف عنه ويروح عن نفسه الام المحنة.
ثم إنى شاهدت بعينى الطواغيت الذين كانو يؤذونه وهم يتعجبون من  ميل الناس إليه بالرغم من تخويفهم منه وتهديدهم للناس إن اقتربوا منه بل وتشنيعهم عليه ليصرفوا الناس عته ,وسبحان من أمال إليه القلوب  لتستقى من علمه وحكمته.فكان إماما يهتدى به الناس.
ثم إنى عاصرت بعض أبناء المجتمع من المحيطين به الذين كانوا يلومونه على تشريده لأبناءه وتشريده لنفسه من أجل مبادئ هم لا يقدرونها حق قدرها لكنى أقسم بالله  بعد نصرة الله له وبعد إنصافه بين الناس سمعت نفس الأشخاص يقولون له “انت كنت صح”

وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا
…كتبتها قبل ساعات من رحيله وكنت فى طريقى لأعرضها عليه كما كنت أفعل فى أى شان من شؤونى فأنال من حكمته وتوجيهه لكن قدر الله وما شاء فعل هذه المرة لم أمهل  لأقول له أنى أرى فيه هذه الأية  وإنى أفخر به .لكن الله قادر على أن يوصل إليه ما أردت. 

شيخى الجليل ….لم أكتبها أبى الحبيب وإن اعتصر بها قلبى فإن ما كان بينى وبينك أعظم من حنان الابوة وعاطفة البنوة  كان ما بنى وبينك منهاجا ورسالة بدأتها معى بذكائك منذ لحظة ولادتى منذ تسميتى (ولاء) عندما كبرت قلت لى سميتك( ولاء) علشان يكون عندك ولاء للإسلام والمسلمين ,أى حكمة وأى ذكاء ذلك الذى كنت تتعامل به فى تربيتك لى ولإخوتى ؟
ثم استمر ذلك الذكاء ليكون كل فعل من أفعالك أمامى وإخوتى رسالة لها معنى  توصلها الينا فى سهولة ويسر تذكرتهما ساعة أن قبضت روحك الحبيبة فى سهولة ويسر فكان الجزاء من جنس العمل.
وقد بادلتك هذا الإحساس بالمنهجية فى العلاقة بيننا حينما قلت لأمى “البنت ولاء دى أنا بادعى لها علشان بتراعينى فقلت لك ضاحكة “انا مش بعمل كدة علشان أنت بابا أنا بعمل كدة علشان أنت رفاعى سرورفنظرت أى مبتسمًا صامتًا كعادتك
شيخى الجليل ..لن اجرؤ فأقول سأكمل ما بدأت فقد وهبك الله شيئًا  يستقر فى قبلك فيدفعك دفعًا للعمل وترزق به العلم والحكمة  رزقك الله التقوى التى لمستها فى حياتى معك فوهبك الله على أثرها العلم والحكمة (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقخ من حيث لم يحتسب) لكنى أعدك أنى سأفعل فقط لأكون فى ميزان حسناتك ..

عن marsad

اترك تعليقاً