سم الأسد في عسل الشرع

سم الأسد في عسل الشرع

محمود الشغنوبي

فجر فاروق الشرع قنبلة الأسد الموقوتة فيما أسماها «تسوية تاريخية» في سورية، وهي في حقيقتها وخاصة في ظل المعطيات التي تمكن من رسمها الثوار على الأرض مؤخراً، ليست سوى محاولة التفافية أو مناورة أو لربما تكون استراحة المحارب المتفق عليها مع الأسد المحاصر في عاصمته والفاقد للقدرة حتى على الظهور أمام مناصريه، أو ربما تكون تمهيداً لطرح اتفاق خفي قد توصل إليه الوسيط العربي والأممي «الإبراهيمي» مع أبناء العم سام «الأمريكان» وأبناء العم جاك «الروس»، ومن البديهي أنه سيسعى للحصول على مباركة المعارضة السورية ورموز الائتلاف الذي اعترفت به أمريكا مؤخرا «وليس لسواد عيونهم» عبر السعي إلى توسيط العربية السعودية وقطر وربما الجارة تركيا للخروج من المأزق وإنهاء الأزمة، وهذا ما سوف يطفو إلى السطح قريبا.
فقد أوضح النائب المختفي عن الأنظار «سابقا» وبعد أن تم إخراجه من أدراج النظام المتهالك ونفض غبار الزمن عنه وتلميعه كي يليق به المشهد التاريخي، وإظهاره وكأنه «جوكر» اللعبة، لا يخرج إلا عند الاستشعار بالخسارة، فيأكل الأوراق من حوله ويقلب كل موازين اللعبة، ولا عجب أن نائبا للرئيس يأتي في هذه الظروف بقرار من رئيس ديكتاتور، ليقول إن الرئيس اقتنع بأن الحل العسكري لن يجدي ولن يكون هناك رابح به، وبعدما ثبت له استحالة تحقيق الانتصار المؤزر على المؤامرة الكونية التي يزعمها، ولأن كبرياءه اللعين لا يسمح له بالظهور كمهزوم، أو إظهار حليفه المطلق «روسيا» مهزومة للمرة الثانية على التوالي بعد الهزيمة الكبرى لها في ليبيا، وبعد ما يقرب العامين من القتل بدماء باردة والدمار والخراب وتشريد مئات الآلاف وبعد أن نعقت الغربان في كل أحياء سورية، يأبى قبول خطة تفرض عليه من الخارج تؤول إلى انهاء نظامه، ويصر على أن يبدو الأمر وكأنه تسوية من اختياره وإظهاره بصفة المضحي بعرشه من أجل شعبه حتى وإن كانت على شكل تسوية سلمية من نائبه، ومؤكدا أنها من بدايتها وإلى نهايتها أو إلى ما بعد ذلك ليست من صنعه ولا حتى من صنع نظامه.
إن طرح «التسوية السوداء» التي جاء بها الشرع وكأنه يراهن على «اللحظات السياسية الحرجة» ووفق ذاك السياق وعبر حديث صحافي مقتضب، جاء نتيجة ضغوط روسيا على الأسد، فكان اختيار هذا المخرج الالتفافي بطرحه على لسان الشرع والذي غيبه الأسد منذ اللحظات الأولى للثورة، وعلى الرغم أن القاصي والداني يعلم أن الشرع وسواه من رجالات النظام الدموي الدمشقي لا يملك أن يأخذ أنفاسه دون مباركة الأسد، فكيف بطرح تسوية ستفضي في النهاية الى إنهاء حكمه قريباً بما قد يرضي الثوار؟ وهذا ما يؤكد أن خلف كل ما يجري قوى أكبر من الأسد ونظامه.
في النهاية.. رسالة النظام السوري وصلت إلى الجميع وكأن بشار الأسد يقول للثوار ولمن معهم، أحرجتمونا في ثورتكم، أما اليوم فلن تستطيعوا.
ولكن وإلى أن نتفهم تلك الرسالة السوداء هل تفلح خدعة السم في العسل التي صورها نائب الرئيس؟ وهل ستحيطه بالمؤيدين الهاتفين له بطول البقاء؟ وهل سيفلت الأسد من القصاص؟ أم هل في قرارة نفس الشرع يفكر أن يستبدل نفسه بالأسد؟ أم أن تلك التسوية الكارثية سترتد عليهم في النهاية.

عن marsad

اترك تعليقاً