من يقف خلف ما جرى في مصر ؟

na3omمن يقف خلف ما جرى في مصر ؟

نعوم تشومسكي

لقد تطرقت إلى الشأن المصرى فى كثير من مقالاتى، ولكنى لم أعطِ لهذا الأمر حقه، ولذلك تعالوا نناقش الشأن المصرى عن كثب وننظر إليه من زاوية مختلفة..
وبعيدا عن كل قيادات المجلس العسكرى الذين غرقوا اليوم فى وحل الانقلاب وتلطخت أياديهم بدماء مدنيين عزل فى أكثر من مجزرة..تعالوا نسأل سؤالا مشروعا.. من الذى دبر الإنقلاب العسكرى ومن الذى أراد له أن يرتدى ثوب الثورة..
والاجابة على هذ السؤال لاتأتى إلا بسؤال آخر؛ من المستفيد الأكبر من الانقلاب العسكرى؟
جنرالات مبارك هم أنفسهم من انقلب على النظام الوليد، وهم من أخرجوا مبارك لأنهم لم يتفقوا مع الإخوان على صيغة للتفاهم، فالإخوان أرادوا أن تكون المميزات والهيبة للجيش المصرى وأراد الجنرالات الهيبة للمجلس العسكرى والفرق واضح.
والجيش يملك مملكة اقتصادية كانت تحتمى فى الرئاسة التى حجبتها عن أعين الجميع لعقود متتالية، وخسارة العسكر لمؤسسة الرئاسة سيجعل الباب أمام الإخوان مفتوحا لرؤية كنز اقتصادى لو انتزع تدريجيا من الجيش سيساعد الإخوان على الأقل فى تنفيذ مشروعهم الاقتصادى دون التعرض لأزمات يعانى منها المصريون.
فكرة الانقلاب العسكرى مطروحة على مائدة العسكر من قبل أن يلقى عمر سليمان خطاب تخلى مبارك عن السلطة.. ولكن هل سنسير فى التنفيذ أم ننتظر ونرى.
وللأسف الشديد لم ينتظر العسكر كثيرا، وما تركو السلطة إلا لينتزعوها مرة أخرى، ودعنا من مسلسل الأزمات المفتعلة التى لايوجد أى شك فى أنها مفتعلة، واشتركت فيها منظمات ولوبى مبارك وخليجيون و.. و.. و..
فى البحث عن الدور الأمريكى نجد أن هذا الانقلاب لم يكن ليحدث دون موافقة البيت الأبيض لأن الخلافات بين مرسى وأوباما أثبتت لأمريكا أن مصر لم تعد منطقة نفوذ أمريكى أو على الأقل كما كانت، فقد كان مبارك يتبع أسلوب السياسة الناعمة مع الغرب، وتعودو منه على تلبية أى مطلب بما فيها التى تضر بالأمن القومى المصرى.
أما مرسى والذى لا ينتمى للمؤسسه العسكرية فلم يوافق على الجملة التى عرضت عليه ليقولها أثناء المؤتمر الذى كان سيعقد بينه وبين أوباما أثناء زيارته لأمريكا وهى (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكى ينعم الشعبان الفلسطينى والإسرائيلى بالأمن الدائم والسلام الشامل)، والهدف من الجملة هو الضغط على مرسى فقط لذكر كلمة إسرائيل والتلفظ بها ولو مرة واحدة تكن اعترافا منه بدولة إسرائيل، وهو الذى ذكرهم بالقردة والخنازير فى عهد مبارك.
وهنا توترت العلاقات فى السر وبدأ كل طرف البحث عن حلول…
اتجه مرسى إلى الصين وروسيا والهند وباكستان والبرازيل وألمانيا وفرنسا وبريطانيا بل وإيران، وبدأت الاتفاقيات العسكرية مع الهند، والاتفاقيات النووية مع روسيا، والصناعية مع البرازيل والصين، والزراعية مع السودان، وتقديم عروض زراعيةأخرى لكثير من دول الأفارقة، وأدركت أمريكا أن سبل الضغط على مصر ستتلاشى تدريجيا إن لم يُبعد الإخوان عن الحكم دون سقوط الدولة واتخذت هذا الطريق..
ويكفى أن يقول وزير خارجية أمريكا لنظيره الخليجى إن الإخوان خطر عليكم كعائلة مالكه ليعلن الخليج عداءه لمصر سرا وعلنا.. وهذ أيضا ما حدث..
والجنرالات فى كل الأحوال كانوا لا يفضلون السير فى ركاب الإخوان.
ونفهم من كل هذا أن أطراف عدة اجتمعت نواياها وتوحدت أهدافها حول ضرورة إزاحة الإخوان.. ونفهم أيضا أن الجميع يبحثون عن مصالحهم لا عن مصلحة مصر…
أما الإخوان فسابقوا الزمن من أجل فرض أمر واقع لايمكن الانقلاب فى ظله ولكن سبقتهم أدوات الشر..
وفى النهاية
لم يخسر الإخوان ومن معهم كل شىء ولم يكسب الانقلابيون بعد أى شىء، هذا هو الواقع، لا يزال الإسلاميون قادرين على الحشد بأعداد كبيرة وفى أماكن تغطى مصر والعالم يرى ما يحدث لا ما يفرضه الانقلابيون على مؤيديهم كأمر واقع.
أمسكت أمريكا العصا من المنتصف ولا تزال
والسؤال الأخير هل من الممكن أن يعود مرسى؟
لن يصمد الانقلاب أمام عزلة دولية ولا أمام أزمة اقتصادية ولو بألف كذبة إعلامية. والمهم هنا.. هل سيصمد الإسلاميون على حشودهم ومطالبهم.. هنا فقط يمكن أن نقول إن عودة مرسى ليست أمرا مستبعدا، ولكن ذلك لن يحدث دون صفقة، ولا أقول مبادرة، فخلف كل مبادرة صفقة، ونتمنى ذلك، فمزيد من الدماء سيزيد الوضع تعقيدا لا محال.

عن Admin

اترك تعليقاً