


السيسي “يرعى” جهاز “مستقبل مصر” بلا إطار قانوني وبياناته المالية لا تعرض للتحقق.. السبت 6 ديسمبر 2025م.. ظهور حالات من الإخفاء القسري لسنوات أمام نيابة أمن الدولة
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*”أبو تسبيح” شهيد جديد في فوضى الإهمال الطبي بسجن جمصة
في حلقة جديدة من مسلسل “التصفية الجسدية البطيئة” الذي تمارسه سلطات الانقلاب في مصر ضد معارضيها، ارتقى المعتقل السياسي إبراهيم أحمد عبد الرحمن، المعروف بـ”أبو تسبيح”، شهيداً داخل محبسه، شاهداً على وحشية منظومة عقابية حولت السجون ومقار الاحتجاز إلى “مقابر للأحياء”. وفاة “أبو تسبيح” ليست مجرد رقم يُضاف إلى قوائم الوفيات، بل هي جريمة مكتملة الأركان تفضح استراتيجية “القتل بالإهمال” التي تنتهجها إدارة السجون بتواطؤ مفضوح مع السلطة السياسية، للتخلص من المعتقلين الذين صمدوا سنوات طويلة خلف القضبان، عبر حرمانهم من أبسط حقوقهم في العلاج والدواء.
شهادة وفاة قبل الأوان.. رحلة العذاب في “جمصة”
الضحية هذه المرة هو الشيخ الستيني إبراهيم عبد الرحمن، ابن قرية سرابيوم بمحافظة الإسماعيلية، الذي دفع حياته ثمناً لموقف سياسي في قضية ملفقة تُعرف بـ”حريق مجمع المحاكم” (رقم 2561 لسنة 2013). المعتقل منذ عام 2014، والذي يقضي حكماً جائراً بالسجن 15 عاماً، واجه الموت وحيداً في سجن جمصة شديد الحراسة. وبحسب المنظمات الحقوقية، بدأت مأساة “أبو تسبيح” قبل شهرين بانسداد في المرارة، وهو عرض طبي كان يمكن تداركه بعلاج بسيط، لكن “بيروقراطية القتل” في السجن تركته يصارع الألم دون استجابة، حتى تفاقم الوضع وتحول إلى ورم سرطاني خبيث نهش جسده الهزيل. ولم تسمح إدارة السجن بنقله إلى مستشفى المنصورة إلا بعد أن تيقنت أن حالته باتت ميؤوساً منها، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعيداً عن أهله، مقيداً في سرير المشفى.
“عدالة” تحمل النظام المسؤولية.. وسياسة “الحرمان من العلاج”
لم تتأخر المنظمات الحقوقية في توجيه أصابع الاتهام للقاتل الحقيقي. منظمة “عدالة لحقوق الإنسان” أكدت أن ما حدث ليس قضاءً وقدراً، بل نتيجة مباشرة لنمط متكرر من الإهمال الطبي الممنهج. فالسجناء المرضى، وخاصة كبار السن، يواجهون تعنتاً إجرامياً في الوصول للفحوصات الطبية المبكرة، مما يحول الأمراض القابلة للعلاج إلى أحكام بالإعدام البطيء. وفي السياق ذاته، طالب مركز الشهاب لحقوق الإنسان بفتح تحقيق، وإن كان صورياً في ظل غياب العدالة، لمحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال الذي يرقى لمرتبة “القتل العمد بالترك”، مؤكداً أن السلطات المصرية تمارس سياسة انتقامية تحرم المعتقلين من حق الحياة نفسه.
مقابر لا سجون.. سجل أسود من الانتهاكات
تأتي هذه الفاجعة لتؤكد ما ذهبت إليه تقارير دولية ومحلية، من “هيومن رايتس ووتش” إلى “العفو الدولية”، والتي وثقت تحول السجون المصرية خلال العشرية السوداء الأخيرة إلى بؤر للموت. تتضافر عوامل القتل: تكدس مرعب، انعدام للنظافة والتهوية، غياب للأطباء المتخصصين، والاعتماد على “المسكنات” كعلاج وحيد لكل الأمراض من الصداع وحتى السرطان. ورغم المحاولات المستميتة لإعلام الانقلاب لتجميل وجه السجون القبيح عبر الحديث عن “مراكز الإصلاح والتأهيل”، إلا أن الواقع يكشف عن مسلخ بشري يفتقد لأدنى معايير الإنسانية، حيث يُستخدم المرض كسلاح لكسر إرادة المعتقلين وتصفيتهم بصمت بعيداً عن أعين العالم.
الأكاذيب الرسمية.. وإنكار الجريمة
في مواجهة هذه الدماء، لا تملك وزارة الداخلية وسلطات الانقلاب سوى الإنكار الممجوج، مرددة أسطوانتها المشروخة حول تقديم الرعاية الصحية وفق “المعايير العالمية”. لكن شهادات الأهالي الذين يشاهدون ذويهم يذبلون في الزيارات المتقطعة، وطلبات الإفراج الصحي التي تُقبر في أدراج مصلحة السجون، تفضح كذب الرواية الرسمية. إن استشهاد إبراهيم عبد الرحمن هو صرخة نذير بأن هناك آلافاً غيره ينتظرون نفس المصير في طوابير الموت، ما لم يكن هناك تحرك حقيقي لإنقاذ ما تبقى من أرواح في سجون لا تعرف الرحمة ولا تعترف بالقانون.
*بعد أكثر من 3 سنوات من الإخفاء القسري.. ظهور وضّاح هشام أمام نيابة أمن الدولة
رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان مثول المواطن وضّاح هشام نور الدين الأودن، للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا بعد اختفاء قسري دام أكثر من ثلاث سنوات.
وقررت النيابة حبس وضاح – البالغ من العمر 36 عامًا – لمدة 15 يومًا على ذمة القضية رقم 1126 لسنة 2025 حصر أمن دولة عليا، قبل أن يتم ترحيله إلى سجن بدر 3.
وكانت السلطات الأمنية السودانية قامت في 16 مارس 2022، بالقبض على وضّاح الأودن أثناء وجوده في مقر شؤون الأجانب بالخرطوم لإنهاء أوراق رسمية تخصه وتخص أسرته.
وكان يعمل في إحدى الشركات الخاصة في السودان ويقيم هو وأسرته إقامة قانونية، إلا أنه جرى توقيفه بشكل مفاجئ، وانقطع التواصل معه تمامًا بعد احتجازه في أحد المقار الأمنية بالخرطوم لفترة غير معلومة.
ترحيله إلى مصر
وبحسب ما وثّقته الشبكة المصرية، فقد قامت السلطات السودانية—بعد شهرين من اعتقاله، وتحديدًا في مايو 2022—بترحيله قسرًا إلى مصر، حيث ظل مختفيًا دون عرضه على أي جهة تحقيق طوال تلك الفترة، إلى أن ظهر للمرة الأولى أمام النيابة في السابع من أكتوبر الماضي، ليخضع للتحقيق ويتم حبسه على ذمة القضية المذكورة.
وأكدت الشبكة المصرية أن استمرار اختفاء مواطنين لسنوات طويلة دون الكشف عن مصيرهم يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون والدستور والمواثيق الدولية ويخالف المعاهدات والمواثيق الدولية التى وقعت واقرت به مصر .
وطالبت السلطات المصرية بـإنهاء معاناة المئات من المختفين قسرًا، وطيّ هذا الملف بشكل نهائي، ووقف سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق المواطنين، وضمان حقوقهم القانونية والإنسانية كاملة.
*بعد 5 سنوات في الغياب: ظهور علي تهامي أمام نيابة أمن الدولة يكشف واحدة من أطول قضايا الإخفاء القسري
ظهر المواطن علي فتحي علي تهامي أمام نيابة أمن الدولة العليا خلال الساعات الماضية، منهياً خمس سنوات كاملة من الغياب التام عقب اعتقاله في عام 2020 دون أي معلومات عن مكان احتجازه أو ظروفه.
وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، في وقت بدا فيه المعتقل في حالة من الذهول والارتباك أثناء مثوله الأول أمام جهات التحقيق.
دهشة وصدمة… وذاكرة مشوشة
وفقًا لمحاميه نبيه الجنادي، بدا تهامي غير قادر على تذكّر أي وسيلة اتصال أو أرقام تخصّ أسرته، قائلاً أمام النيابة إنه فقد القدرة على استرجاع أبسط التفاصيل بسبب ما وصفه بـ«التأثير النفسي العميق» الذي خلّفته سنوات الاحتجاز خارج إطار القانون. وتمكن فريق الدفاع لاحقًا من الوصول إلى أسرته وإبلاغها بظهوره بعد سنوات من القلق والترقّب وانقطاع الأخبار.
احتجاز بلا سند قانوني منذ 2020
يشير الدفاع إلى أن تهامي كان محتجزًا طوال خمس سنوات دون عرضه على أي جهة قضائية، وهو ما اعتبروه “انتهاكًا صارخًا للدستور والقانون” والمعايير الدولية الخاصة بحماية المحتجزين. وطلب المحامون إثبات ما تعرّض له من تعذيب بدني ونفسي، مؤكدين وجود دلائل واضحة على ذلك، مع ضرورة عرضه على لجنة طبية مستقلة بشكل عاجل.
مطالب بتوثيق الواقعة ومحاسبة المسؤولين
وخلال جلسة التحقيق، شدد الدفاع على أهمية تسجيل واقعة الإخفاء القسري كاملة، بما في ذلك الفترة التي اختفى فيها، وظروف احتجازه، والمسؤولون عن استمرار تغييب موكلهم لسنوات. وطالب المحامون بالتحقيق في مكان وجوده خلال هذه المدة وما إذا كان تعرّض لانتهاكات إضافية، معتبرين أن القضية تمثّل نموذجًا صارخًا لحالات مشابهة توثقها منظمات حقوقية محلية ودولية.
سياق أوسع لملف المختفين قسريًا
تأتي واقعة ظهور تهامي في ظل استمرار الانتقادات الحقوقية المتعلقة بملف الاختفاء القسري، إذ تشير منظمات حقوقية إلى تسجيل حالات تظهر بعد سنوات من الغياب، ما يثير تساؤلات واسعة حول أماكن الاحتجاز غير المعلنة وآليات الرقابة القانونية.
ويعد ظهور تهامي واحدًا من أبرز الحالات المعلنة هذا العام نظرًا لطول فترة اختفائه وما يثار حول تعرضه لانتهاكات جسيمة.
*ظهور صلاح سعدني بعد خمس سنوات من الإخفاء القسري
ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا المعتقل صلاح سعدني سيد حسين، المقيم في قرية السعادنة بمركز بني سويف، وذلك بعد فترة طويلة من الإخفاء القسري.
ولا يتذكر صلاح أي أرقام للتواصل مع أسرته، ويناشد محاميه نبيه الجنادي كل من يعرفه أو يستطيع الوصول إلى عنوان أسرته أن يُبلّغ ذويه بظهوره للاطمئنان عليه.
قبل 24 ساعة، ظهر أيضًا أمام النيابة المعتقل علي فتحي علي تهامي، المقيم في 603 المجاورة الثانية بالإسكان الاجتماعي بمدينة الشروق، بعد فترة إخفاء قسري استمرت منذ عام 2020. وأكد مصدر حقوقي أنه لا يتذكر أي أرقام للتواصل مع أسرته، داعيًا من يعرفه إلى إبلاغ ذويه بظهوره.
وفي 21 نوفمبر، ظهر المعتقل محمد يحيى رشاد فرحات أمام نيابة أمن الدولة العليا بعد أكثر من خمس سنوات من الإخفاء القسري، حيث قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة قضية، بعد معاناة طويلة لأسرته في البحث عن مصيره.
كما ظهر المعتقل السيد جلال السيد مبارك الكومي، من قرية الخطاطبة – السادات – المنوفية، أمام نيابة أمن الدولة العليا في 17 نوفمبر الماضي، بعد اختطاف دام أكثر من خمس سنوات منذ اعتقاله في 1 يوليو 2020، لتقرر النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق.
40 يومًا من الإخفاء
قبل أربعة أيام، عُرض أمام نيابة الزقازيق الكلية كل من:
– أبو بكر محمد سعد
– حمزة محمد عبد المنعم
– أحمد السيد حسين
وقال مصدر حقوقي إن الأجهزة الأمنية أخفتهم بمقر الأمن الوطني لمدة 40 يومًا، قبل تدويرهم على ذمة محضر جديد، حيث قررت النيابة حبسهم 15 يومًا وإيداعهم معسكر قوات الأمن بمدينة العاشر من رمضان.
أبرز حالات الإخفاء القسري
منذ 28 سبتمبر 2018، انقطع الاتصال بالدكتور مصطفى النجار، النائب السابق بمجلس الشعب (ثورة 2012)، أثناء وجوده في أسوان. ومنذ ذلك اليوم لم تعلن أي جهة رسمية عن مكانه أو وضعه القانوني.
وفي 10 أكتوبر 2018، تلقت أسرته اتصالًا مجهولًا أشار إلى وجوده في معسكر الشلال بأسوان، ما عزز الأدلة على أنه رهن احتجاز غير معلن. ورغم صدور حكم من محكمة القضاء الإداري في 20 يناير 2020 يلزم وزارة الداخلية بالكشف عن مكانه، لا تزال السلطات ترفض الإفصاح عن مصيره، مكتفية بعبارات فضفاضة مثل “غير موجود في السجون”.
وطالبت منظمة هيومن رايتس إيجيبت السلطات المصرية بالكشف الفوري عن مكان الدكتور مصطفى النجار، وإنهاء جريمة الإخفاء القسري وما تجرّه من انتهاكات جسيمة بحق المختفين وذويهم.
إدانات حقوقية
أدانت منظمات حقوقية استمرار سياسة الإخفاء القسري في مصر، بعد تكرار ظهور مواطنين أمام نيابة أمن الدولة العليا عقب فترات اختفاء امتدت في بعض الحالات لسنوات.
ورغم البلاغات المتكررة من عائلاتهم للكشف عن مصيرهم، وُجهت إليهم تهم فضفاضة مثل “نشر أخبار كاذبة” و”الانضمام إلى جماعة إرهابية”، قبل أن تقرر النيابة حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
وتطالب المنظمات الحقوقية بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف استخدام الإخفاء القسري كأداة للقمع السياسي، داعيةً المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة بحق المعارضين في مصر.
*عقود عمل من الباطن ومطالبات بالتعيين لماذا يلجأ السيسى للحل الأمنى باعتقال 16 عاملا بمودرن جاس؟
يشهد قطاع الغاز في مصر منذ عدة أيام إضرابًا واسعًا لعمال شركة “مودرن جاس” في قنا وسوهاج وعدد من المحافظات الأخرى، احتجاجًا على أوضاعهم الوظيفية والمالية. ويؤكد العمال أن مطالبهم الأساسية، المتمثلة في إلغاء عقود العمل من الباطن، والتعيين المباشر، والحصول على أجر لا يقل عن الحد الأدنى المقرر، وضمان أمان وظيفي يتناسب مع سنوات خدمتهم، هي مطالب مشروعة ومتسقة مع الدستور والقانون والالتزامات الدولية لمصر.
ومساء الجمعة الماضي، أُلقي القبض على 16 من عمال فرعي الشركة الحديثة للغاز الطبيعي «مودرن جاس»، في محافظتي سوهاج وقنا، وبحسب مصدر من عمال سوهاج، فإن الأمن الوطني شن حملة على البيوت وألقى القبض على نحو سبعة من عمال فرع الشركة بالمحافظة، فيما قال مصدر من عمال قنا، إن نحو تسعة من زملائه قُبض عليهم بالتزامن، وذلك على خلفية احتجاجات عمال الفرعين المستمرة منذ نحو أسبوع، للمطالبة بالتعيين مباشرة في الشركة، وإلغاء عقود العمل من الباطن، مع شركة المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات، بحسب “مدى مصر”.
وفي 16 نوفمبر الماضي، نظم العمال وقفة احتجاجية في محافظتي سوهاج وقنا، للمطالبة بالتعيين بعد مرور 7 إلى 14 عاما من العمل دون عقود.
كان عمال سوهاج قد بدأوا إضرابًا عن العمل، الأربعاء الماضي، في اليوم التالي لتنظيم زملائهم في قنا وقفات احتجاجية، للمطالبة بنفس المطلب، اشتكوا خلالها لموظفين من مكتب العمل من استقطاعات العربية للتوريدات من رواتبهم شهريًا، مطالبين باتخاذ إجراء لتعيينهم مباشرة لدى مودرن جاس، فيما اكتفى موظفو العمل، بوعد ببحث المشكلة.
فين حقوقنا..
وأشار عمال مودرن جاس المضربين عن العمل في سوهاج وقنا إلى مجموعة حقوق مهدرة:
استمرار عقود الباطن المبرمة عبر شركة المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات، مطالبين بالتعيين المباشر داخل مودرن جاس حيث تتركز الأزمة في العمل بنظام المقاولين أو ما يُعرف بـعقود الباطن.
عدد كبير من العمال الذين أمضوا سنوات طويلة في خدمة الشركة لا يحصلون على حقوقهم الوظيفية الكاملة أسوة بزملائهم المعينين بعقود مباشرة.
عبر بعضهم عن فقدان الأمان الوظيفي والمزايا الممنوحة للعاملين في شركات قطاع البترول.
وتقدم العمال بمذكرة إلى مكتب العمل يشكون فيها من الاستقطاعات الشهرية التي تفرضها الشركة العربية للتوريدات على رواتبهم، مطالبين باتخاذ إجراءات لضمان تعيينهم المباشر.
العمال يعملون منذ نحو 10 سنوات بعقود باطن تُجدد سنويًا عبر الشركة العربية للتوريدات التي تخصم ما يقارب 1300 جنيه من راتب كل عامل مقابل استمرار تعاقده للعمل داخل مودرن جاس.
ويثير هذا الإضراب تساؤلات حول دور الحكومة، بوصفها صاحب عمل في هذه القطاعات، إذ يبدو أنها تتغاضى عن تطبيق القوانين والمعايير التي أقرتها هي نفسها، ما يفتح المجال أمام أصحاب الأعمال في القطاع الخاص للإفلات من الالتزام بالقانون وانتهاك حقوق العمال دون رادع.
وبحسب منظمات حقوقية فإن هذا الوضع يناقض أحكامًا دستورية وقانونية واضحة، منها أن العمل حق تكفله الدولة، وأن عليها حماية حقوق العمال وضمان أجر عادل وحياة كريمة، فضلًا عن الحق في الإضراب السلمي. كما أن استخدام العقود محددة المدة والمتجددة لعشر سنوات أو أكثر في أعمال دائمة يحوّل العلاقة الواقعية إلى علاقة عمل غير محددة المدة، يجب أن يتمتع صاحبها بضمانات الاستقرار الوظيفي. كذلك فإن مخالفة القواعد المنظمة للحد الأدنى للأجر، والاستقطاعات الكبيرة من الأجر، تمثل انتهاكًا للقانون المحلي والدولي، الذي يحظر على صاحب العمل أو من يمثله اقتطاع أي جزء من أجر العامل مقابل تشغيله أو استمراره في العمل.
وفي ظل هذه الانتهاكات، تطالب المفوضية المصرية وزارة العمل بفتح تحقيق عاجل في عقود العمال المتعاقدين عبر “المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات”، وضمان عدم تعرض المضربين لأي إجراءات انتقامية. كما تطالب وزارة البترول وإدارة “مودرن جاس” بوقف الاعتماد على عقود الباطن في الوظائف الدائمة، ووضع خطة زمنية لتثبيت العمال، خاصة من تجاوزت خدمتهم عشر سنوات.
كذلك دعت المفوضية المجلس القومي للأجور لمراجعة مدى التزام الشركة بالحد الأدنى للأجر، واتخاذ إجراءات رقابية معلنة ضد الكيانات التي تتحايل على القانون. وأعادت مطالبتها لمجلس النواب بفتح مناقشة تعديلات قانون العمل رقم 14 لسنة 2025 لسد الثغرات التي تسمح باستدامة العقود المؤقتة، وللنص صراحة على مسئولية صاحب العمل الأصلي عن حقوق العمال، وعلى الحظر الصريح لأي خصم من أجر العامل مقابل حصوله على العمل أو استمراره فيه.
ومع اعتقال أكثر من 10 عمال بشركة مودرن غاز في قنا، التابعة لوزارة البترول، بعد احتجاجهم للمطالبة بعقود تثبيت، وتطبيق الحد الأدنى للأجور كشفت التقارير أنهم يتقاضون فقط من 4 إلى 5 آلاف جنيه شهريا.
وقال مراقبون إنه “لو كانت هناك نقابة بحق، لما اعتقلوا وعادوا بمطالبهم كاملة وهي ببساطة تطبيق الحد الأدنى للأجور“.
ومن بين العمال المعتقلين بشركة “مودرن جاس” عاملان في سوهاج تم التعرف على هويتهما وهما: محمود رمضان وشمس الدين عزام، إضافة إلى أربعة عمال آخرين في محافظة قنا لم ترد أسماؤهم بعد.
وتؤكد المفوضية أن القبض على العمال المضربين انتهاك صريح لحقهم الدستوري في الإضراب السلمي، وتطالب بالإفراج الفوري عنهم وضمان عدم تعرّض أي من العمال لإجراءات انتقامية على خلفية مشاركتهم في الاحتجاج، خصوصا مع توارد انباء عن تعرضهم للقمع والترهيب ومحاولة وقف البعض عن العمل بإلغاء البصمة.
وفقًا لشهادات موثقة حصلت عليها المفوضية المصرية، يبلغ عدد العمال المؤقتين نحو 2500 عامل موزعين على عدة محافظات، ويمثلون قرابة 75٪ من قوة العمل بالشركة. وهؤلاء يعملون بعقود من الباطن عبر شركة “المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات”، رغم أن طبيعة عملهم دائمة ومرتبطة بالنشاط الرئيسي للشركة. وبعضهم استمر بهذه الطريقة لأكثر من عشر سنوات دون الحصول على ضمانات العمل الدائم أو التأمينات الاجتماعية.
ويشكو العمال، خاصة في قنا وسوهاج، من قيام المقاول باقتطاع ما يصل إلى 30٪ من أجورهم نظير التعاقد من الباطن، إلى جانب تدني مستويات الأجر الفعلي بحيث تظل أقل من الحد الأدنى للأجر المقرر رئاسيًا بمبلغ سبعة آلاف جنيه شهريًا. هذا الوضع يعكس نمطًا متكررًا في مرافق عامة حيوية مملوكة للدولة وقطاع الأعمال العام، مثل الكهرباء والمياه والغاز، حيث تُدار أوضاع العمال بمنطق تقليص الكلفة لا بمنطق احترام الحقوق.
*الطفل “مروان أشرف” يقضي عامين في الحبس بسبب دعمه غزة
على مدار عامين كاملين، تستمر مأساة الطفل مروان أشرف، البالغ من العمر 15 عامًا، داخل حجز قسم شرطة مدينة نصر (أول)، في واحدة من أكثر الوقائع صدمة وإثارة للجدل حول طريقة التعامل مع القُصّر في قضايا الرأي والتضامن الإنساني.
مروان، الذي لم يتجاوز الصف الثالث الإعدادي، وجد نفسه خلف القضبان على خلفية موقف إنساني، إذ عبّر عن دعمه لأطفال غزة ورفضه لحرب الإبادة المستمرة ضدهم.
اقتحام المنزل… بداية الكابوس
في مساء السادس من مايو 2024، تحولت حياة أسرة مروان رأسًا على عقب. قوة من الأمن الوطني، بملابس مدنية، اقتحمت منزل الأسرة في مدينة نصر دون سابق إنذار.
جرى تفتيش البيت بالكامل، وصادر الضباط أجهزة الكمبيوتر والهواتف، ثم عُزل مروان داخل غرفته، حيث تعرّض لاستجواب مطوّل وسط ذهول أسرته وجيرانهم.
كان الطفل وقتها في الرابعة عشرة فقط، يستعد لامتحانات نهاية العام.
بعد ساعات من التفتيش والاستجواب، اقتيد إلى جهة مجهولة، لتبدأ مرحلة من الاختفاء القسري استمرت أكثر من أسبوع، أنكرت خلالها الأقسام وجوده رغم بحث أسرته المستمر.
أسبوع من الاختفاء… وضغوط لا يحتملها طفل
وفقًا لما وثّقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، قضى مروان أيام اختفائه في أحد مقرات الأمن الوطني بالقاهرة، معصوب العينين، معزولًا عن أسرته ومحاميه، خاضعًا لضغوط نفسية وعصبية شديدة
لم يحصل على أي رعاية، ولم يُسمح لأسرته بمعرفة مصيره، في انتهاك واضح للقانون والدستور وحقوق الطفل.
ظهور أمام النيابة… وبداية الحبس الاحتياطي
في 15 مايو 2024، ظهر مروان أخيرًا أمام نيابة أمن الدولة العليا. كان شاحب الوجه، مرهقًا نفسيًا، ومتأثرًا بصدمات الأيام السابقة.
وُجهت إليه اتهامات ثقيلة، من بينها الانضمام إلى جماعة إرهابية، على خلفية مشاركته في مجموعة إلكترونية تضم أطفالًا يناقشون ما يتعرض له أقرانهم في غزة ويحاولون التفكير في سبل دعمهم.
قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ليبدأ مشوار الحبس الاحتياطي داخل قسم شرطة مدينة نصر أول، في ظروف احتجاز وصفها التقرير بأنها “لا يتحملها رجال بالغون”.
عام ونصف من الألم… طفل يتلاشى نفسيًا
خلال 18 شهرًا من الاحتجاز، تغيّرت حياة مروان كليًا.
تقول الشبكة المصرية إنه عانى من أمراض جسدية متعددة، واضطرابات نفسية واضحة، نتيجة احتجازه في بيئة قاسية وصادمة داخل ما يُعرف بـ”التقفِّيصة” داخل الحجز.
لم يذهب إلى مدرسته، ولم يكمل دراسته، وفقد عامًا كاملًا من عمره الدراسي والإنساني.
ورغم حداثة سنه، ظلّ محتجزًا احتياطيًا للعام الثاني على التوالي، محرومًا من أدوات الدفاع عن نفسه، لا يدرك حجم الاتهامات ولا خلفياتها، ولا يعرف لماذا بات مكانه خلف القضبان بدلًا من مقعد الدراسة.
مروان… ليس استثناءً
تكشف الشبكة المصرية أن مروان ليس الحالة الوحيدة؛ فهناك أطفال آخرون محتجزون في قضايا متعلقة بدعم غزة، بعضهم تعرّض لضغوط بدنية ونفسية شديدة.
رغم أن القانون المصري واتفاقيات حماية الطفل تحظر احتجاز القُصَّر في أماكن غير مخصصة لهم، أو معاملتهم كالبالغين، ما زال عدد من الأطفال قيد الحبس الاحتياطي في ظروف مماثلة.
دعوات للإفراج والتدخل العاجل
أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تضامنها الكامل مع الطفل مروان أشرف، مطالبة النائب العام المصري بالتدخل الفوري لإنهاء معاناته، والإفراج عنه، وتمكينه من العودة إلى دراسته وحياته الطبيعية.
كما شددت على أن التضامن مع غزة ورفض المجازر هو موقف إنساني وأخلاقي، يجب أن تُشجع الدولة عليه بدلًا من معاقبة الأطفال والمواطنين بسببه.
وحملت الشبكة الجهات الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامة هؤلاء الأطفال، مدينةً استمرار احتجازهم وتعريضهم للصدمات والانتهاكات النفسية، ومطالبة بفتح تحقيقات جدية في وقائع الإخفاء القسري والاحتجاز غير الإنساني.
*جهاز (مستقبل مصر) “يرعاه” السيسي بلا إطار قانوني وبياناته المالية لا تعرض للتحقق
أثار ما يسمى جهاز (مستقبل مصر) الذي يقدم على أنه أحد أنجح الكيانات العسكرية في إدارة مشروعات اقتصادية واسعة، والقدرة على جذب القطاع الخاص وتقليص الفجوة الغذائية شهية الاستكشاف عند الباحث يزيد صايغ عبر مدونة (ديوان) التابعة لمركز مالكوم كير–كارنيجي للشرق الأوسط بمقال بعنوان (نجم السيسي الجديد)، فأكد أن الجهاز أثار أيضا لديه غياب الشفافية والمخاطر البيئية والمالية تساؤلات حول استدامة هذا النموذج، وحول ما إذا كان يمثل بالفعل نقلة نوعية في الاقتصاد المصري أم مجرد إعادة إنتاج لنمط الدولة العسكرية بواجهة جديدة.
وفي ديسمبر 2025 نشر الباحث يزيد صايغ مقاله متناولا جهاز (مستقبل مصر للتنمية المستدامة) والذي أُنشئ بقرار رئاسي عام 2022 ويتبع سلاح الجو المصري، مسلطا الضوء على توسع الجهاز السريع في محفظة مشروعاته، وعلى الدور المحوري الذي يلعبه العقيد الطيار بهاء الغنام في إدارة هذا الكيان، مع طرح تساؤلات جوهرية حول جدوى النموذج، استدامته، وغياب الشفافية في عمله.
خلفية جهاز مستقبل مصر
وصدر قرار رئاسي بإنشاء الجهاز عام 2022، ومنذ ذلك الحين توسع ليصبح أحد أبرز الكيانات التنموية في مصر، ويرتبط الجهاز بسلاح الجو المصري، وقد مُنح إدارة مساحات واسعة من الأراضي ضمن مشروع الدلتا الجديدة، بعد نجاحه في استصلاح 200 ألف فدان.
ويمتد نشاطه من الزراعة وتربية المواشي والدواجن، إلى الاستزراع السمكي، وإدارة البحيرات، وإنتاج الطاقة الشمسية، وصولًا إلى مشاريع عقارية كبرى مثل مدينة جريان الفاخرة.
والعقيد الطيار بهاء الغنام، يمثل عقلية مختلفة عن النمط التقليدي في الاقتصاد العسكري، فقد منح صلاحيات واسعة لمديرين مدنيين أكفاء، خلافًا للعادة التي تضع ضباطًا بلا خبرة في مواقع إشرافية شكلية، وهذا النهج ساعد على تجاوز إخفاقات سابقة مثل مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان الذي فشل تحت إدارة جهاز “تنمية الريف المصري الجديد”.
وأعلن الجهاز عن إحلال واردات محاصيل استراتيجية وتصدير منتجات مثل القمح والشمندر السكري والذرة والبصل، بقيمة 4.3 مليارات دولار خلال ست سنوات حتى 2024.
وبحسب الغنام، وفر الجهاز 40 ألف فرصة عمل مباشرة ومليوني فرصة غير مباشرة في 2024، مع خطط لرفعها إلى 80 ألف مباشرة و3.5 ملايين غير مباشرة بحلول 2027.
إشكاليات وتحديات
وطرح صايغ عدة إشكاليات في الجهاز أبرزها؛ غياب الشفافية ابتداء من القرار الرئاسي الذي أنشئ به الجهاز لم يُنشر في الجريدة الرسمية، كما أن البيانات المالية غير متاحة للتحقق المستقل.
ثم علق أيضا على التكاليف الباهظة لاستصلاح مليون فدان من الأراضي الصحراوية، وكيف أنه يتطلب استثمارات تتراوح بين 200 و250 مليار جنيه، إضافة إلى تكاليف تشغيل وصيانة قنوات المياه ومحطات المعالجة.
وثالثا تناول المخاطر البيئية لاعتماد الجهاز على المياه الجوفية ونقل مياه النيل يثير مخاوف من الإفراط في الاستهلاك وتدهور التربة، فضلًا عن الاستخدام المكثف للأسمدة الصناعية.
وعلق على مهمة للجهاز اسندها له السيسي بإدارة الواردات وكانت تجربة الجهاز في شراء القمح التي أثارت توترًا مع الموردين العالميين بسبب التخلي عن المناقصات الرسمية، وتأخير المدفوعات، وإعادة التفاوض على العقود.
أما خامس التعليقات فكانت حول العلاقة مع القطاع الخاص، وغياب إطار قانوني واضح يجعل شروط الاستثمار غير شفافة، ويثير تساؤلات حول مدى جدية المستثمرين في الالتزام طويل الأمد.
ولفت (صايغ) إلى أن الجهاز لا يكتفي بالمشروعات الزراعية، بل بدأ بالاستحواذ على حصص في شركات خاصة وكيانات حكومية مدرجة في البورصة، ويخطط لطرح بعض أسهمه مستقبلًا، كما أطلق مشروع مدن مصر بالشراكة مع وزارة الإسكان لإدارة وتشغيل المدن الجديدة، إضافة إلى مشروع عقاري ضخم باسم «جريان» بتكلفة 1.5 تريليون جنيه (نحو 31 مليار دولار)، هذه الخطوات تعكس حجم الدعم الرئاسي الذي يحظى به الجهاز، وتؤكد أنه أصبح أداة مركزية في استراتيجية السيسي التنموية.
ويزيد صايغ، الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، تناول في دراساته وتحليلاته دور المؤسسة العسكرية المصرية في الاقتصاد والسياسة، وتركيزه الأكبر كان على الجيش كمؤسسة اقتصادية وسياسية، وعلى وزارة الإنتاج الحربي والهيئات التابعة لها.
ويعد يزيد صايغ، من أبرز الأصوات العربية (أصول لبنانية) التي تناولت التحولات العميقة في بنية الدولة المصرية تحت حكم عبد الفتاح السيسي، في سلسلة من الدراسات، أبرزها “الجمهورية الثانية: إعادة تشكيل مصر في عهد عبد الفتاح السيسي” (مايو 2025)، قدّم صايغ رؤية نقدية لمستقبل مصر، معتبرًا أن النظام الحالي يعيد صياغة العقد الاجتماعي ويؤسس لرأسمالية دولة هجينة تُخضع القطاع الخاص لإرادة السلطة.
ووجد صايغ أن ملامح الجمهورية الثانية يتمثل في:
تقييد السياسة: يرى صايغ أن النظام الجديد يفرض وصاية عسكرية على المجال السياسي، ويقيد المشاركة الشعبية بشكل غير مسبوق.
إعادة تعريف العقد الاجتماعي: بعد أن كان القطاع العام قاعدة اجتماعية للسلطة منذ ثورة يوليو 1952، استبدل السيسي هذا الإرث بعقيدة «لا شيء مجانًا»، حيث تُرفع الدعم والخدمات تدريجيًا.
رأسمالية الدولة الهجينة: النظام يعزز سلطات الرئاسة ويُخضع القطاع الخاص لمصالح السلطة، ما يخلق بيئة اقتصادية غير متوازنة.
الجيش كعمود سياسي واقتصادي: الجيش لم يعد مجرد مؤسسة دفاعية، بل أصبح لاعبًا اقتصاديًا مباشرًا، يشارك في مشاريع البنية التحتية، التصنيع، وحتى إدارة قطاعات مدنية.
مستقبل مصر وفق رؤية صايغ
ويعتبر يزيد صايغ أن مستقبل مصر يتحدد وفق ثلاثة مسارات رئيسية وهي؛ استمرار الوصاية العسكرية، وبقاء الجيش في موقع الهيمنة سيُبقي الدولة في حالة جمهورية ضباط جديدة، حيث تُدار السياسة والاقتصاد من خلال مؤسسات عسكرية وشبه عسكرية.
المسار الثاني يتعلق بهشاشة النظام رغم القوة الظاهرية، حيث حذّر صايغ من أن النظام يبدو قويًا لكنه هش، إذ يعتمد على القمع وتوسيع نفوذ الجيش وسط تراجع الدعم الاجتماعي وغياب التوافق السياسي.
والمسار الثالث متعلق بالأولين، وهو إعادة إنتاج الأزمات الاقتصادية، مع استمرار سيطرة الجيش على الاقتصاد، ستظل مصر تواجه أزمة في جذب الاستثمارات الخاصة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وتفاقم الفجوة بين السلطة والشعب.
ومن توابع المسارات أن تظل سيطرة الجيش على الاقتصاد مضعفة للقطاع الخاص واستمرار مصر في دائرة الاعتماد على القروض والدعم الخارجي.
ومن التوابع الأخرى، غياب التعددية السياسية سيُفاقم أزمة الشرعية، ويجعل أي انتقال سياسي مستقبلي محفوفًا بالمخاطر.
وعن التفاعل الخارجي أشار إلى أن اعتماد النظام على الغطاء العسكري والصفقات الاقتصادية سيُبقي مصر في موقع تفاوضي ضعيف أمام المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
ولكنه رأى أنه مع تراجع الأجور والخدمات، سيزداد الضغط الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى موجات احتجاجية أو اضطرابات.
*من أبرز المحرضين على انقلاب 3 يوليو.. إيهاب الخولي يخسر في دائرة إمبابة بفارق 21 ألف صوت
من أبرز نتائج انتخابات الدوائر الملغاة من الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب، شهدت دائرة إمبابة مفاجأة مدوية خسارة المرشح إيهاب الخولي القيادي بحزب المحافظين، على الرغم من تقدمه الكبير في الجولة الأولى الملغاة.
وحصل الخولي في الجولة الأولى على 22860 صوتًا، متصدرًا بذلك قائمة المرشحين في دائرة إمبابة، قبل أن يعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، القاضي حازم بدوي في 18 نوفمبر عن إلغاء الانتخابات بالدائرة الثامنة إمبابة في الجيزة، وإعادة الانتخاب بها مرة أخرى.
وجاءت هذه الخطوة عقب توجه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي برسالة إلى الهيئة الوطنية للانتخابات حث فيها على “التدقيق في جميع الأحداث والطعون” واتخاذ أي قرارات ضرورية، بما فيها إعادة الانتخابات، لإعلاء الشفافية وضمان أن يعكس البرلمان الجديد “الإرادة الحقيقية للمصريين“.
وقال السيسي إن الهيئة يجب أن تنظر في “إلغاء هذه المرحلة من الانتخابات كليًا أو جزئيًا في دائرة أو أكثر، على أن تجرى الانتخابات لاحقًا في تلك الدوائر.
الخولي حصل على 1311 صوتًا فقط
ومع إلغاء الانتخابات بدائرة إمبابة ضمن الدوائر الدوائر الـ 19، كانت المفاجأة مع عدول المرشحة نشوى الديب عن قرارها بالانسحاب في الجولة الأولى بسبب شراء الأصوات، لتنجح في الحصول على 9937 صوتًا، في مقابل 1311 صوتًا فقط لصالح بإيهاب الخولي، وتستعد لخوض جولة الإعادة
وبذلك، خسر الخولي حوالي 21500 صوتًا بعد إعادة الانتخاب، ليودع سباق الانتخابات في واحدة من أكبر المفاجآت. ينما نجح من الجولة الأولى المرشح أحمد العجوز، ويخوض وليد المليجي “مستقبل وطن” ونشوي الديب “مستقلة” جولة الاعادة.
الخولي من المحرضين على انقلاب 3 يوليو
يشار إلى أن الخولي اشتهر بكونه أحد الذين دعموا بقوة الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وذلك ضمن جبهة الإنقاذ المعارضة التي قادت التحركات للإطاحة به.
وظهر الخولي في مقابلة تلفزيونية والتي أصيب خلالها بحالة هيستيرية، بُعيد خطاب الرئيس مرسي فجر الأربعاء 3 يوليو 2013، الذي أعلن فيه تمسكه بالشرعية مهما كان الثمن.
واستمر في نوبة غضب لأكثر من 3 دقائق، وصف فيها الخولي خطاب الرئيس بأنه “جنان وهبل”، وحرض جميع المصريين على الاحتشاد لحين رحيل مرسي، قائلاً: “هذا الرجل انتهى هو وجماعته، ومصر ستكون مقبرة للتطرف والإرهاب”، وفق تعبيره.
*مذبحة ميادين أسيوط.. “معاول الانقلاب” تطمس هوية الصعيد وتهدر الملايين في مشاريع “الهدم والبناء” العبثية
في حلقة جديدة من مسلسل العبث الإداري وإهدار المال العام الذي بات سمة مميزة لـ”جمهورية الانقلاب”، استيقظت محافظة أسيوط على وقع معاول الهدم التي لم ترحم حجراً ولا تاريخاً. محافظ الانقلاب، هشام أبو النصر، يقود ما وصفه المواطنون بـ”المذبحة” ضد الهوية البصرية للمدينة، مصدراً قرارات إزالة عشوائية لميادين ومجسمات جمالية أنفقت عليها الدولة ملايين الجنيهات قبل سنوات قليلة، ليعيد هدمها اليوم بلا خطة واضحة ولا مبرر منطقي، سوى الرغبة المحمومة في تدوير “سبوبة” المقاولات على حساب جيوب المواطنين وذاكرة المدينة.
“الحمامة” و”الكف”.. مشاريع تُبنى لتُهدم
لم تكن إزالة مجسم “الحمامة” الشهير في شارع الهلالي مجرد قرار إداري، بل كانت جريمة مكتملة الأركان في حق التخطيط العمراني. هذا الرمز، الذي ظل لسنوات علامة بصرية مميزة لقلب المدينة، تحول بين ليلة وضحاها إلى كومة من الركام، دون أن يكون آيلاً للسقوط أو يعيق حركة المرور. الإزالة تمت بقرار فوقي مباشر من المحافظ، ودون طرح أي بديل، في مشهد عبثي يؤكد أن السلطة الحاكمة لا تقيم وزناً لاستقرار المشهد الحضاري، وتتعامل مع الميادين العامة كأنها ملكية خاصة لجنرالاتها يعبثون بها كيفما شاؤوا.
الأكثر استفزازاً كان مصير “ميدان الجامعة” (مجسم الكف)، الذي أُنشئ عام 2022 وسط دعاية حكومية صاخبة. لم يمر على إنشائه سوى ثلاثة أعوام حتى صدر قرار إزالته، ليفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات مشروعة عن مصير الملايين التي أُنفقت على إنشائه، ومن يحاسب المسؤولين عن هذا الهدر السافر؟ في دولة القانون، يُحاكم المسؤول عن هذا التخبط، أما في دولة الانقلاب، فإن الهدم هو مجرد بند جديد في ميزانية “الفساد المقنن”.
“أم البطل” و”عمر مكرم”.. طمس الرموز التاريخية
امتدت يد التخريب لتطال رموزاً وطنية وتاريخية، حيث تمت إزالة تمثال “مصر والسلام” المعروف بـ”أم البطل” من محيط المحكمة، واختفت النافورة الجمالية الملحقة به، دون تقديم أي تفسير للأهالي. كما تم تقليص مساحة دوران تمثال “عمر مكرم” أمام بوابة الجامعة، في تغيير قسري لمعالم المنطقة.
هذه التحركات العشوائية ليست مجرد “تطوير” كما يزعم إعلام السلطة، بل هي عملية ممنهجة لمحو الذاكرة البصرية للمدينة، واستبدالها بكتل خرسانية قبيحة أو طرق سريعة تخدم منظومة “الأسفلت” التي يقدسها النظام، متجاهلاً البعد الإنساني والجمالي للمكان. إن إصرار المحافظة على تنفيذ هذه الإزالات بشكل مفاجئ وسري، ودون إشراك المجتمع المدني أو الخبراء، يعكس عقلية عسكرية لا تؤمن بالحوار ولا تعترف بحق المواطن في مدينته.
إهدار المال العام.. سياسة دولة أم فساد محلي؟
ما يحدث في أسيوط ليس استثناءً، بل هو نموذج مصغر لسياسات النظام الانقلابي في عموم مصر. مشاريع تُفتتح اليوم لتُهدم غداً، وكباري تُبنى فوق أنقاض التاريخ، وميزانيات مفتوحة بلا رقابة تُصرف في “اللاشيء”. المواطن الأسيوطي، الذي يعاني من تدهور الخدمات الأساسية والغلاء الفاحش، يقف مذهولاً أمام هذه الجرارات التي تهدم ميادين كانت قائمة وبحالة جيدة، متسائلاً: ألم يكن من الأولى توجيه هذه الأموال لصيانة المدارس المتهالكة أو تحسين المستشفيات البائسة في الصعيد؟
هوية في مهب الريح
إن “مذبحة ميادين أسيوط” هي رسالة واضحة من نظام الانقلاب مفادها أن لا شيء مقدس في هذا الوطن، لا التاريخ ولا المال العام ولا ذوق المواطنين. الميادين التي شكلت جزءاً من وجدان الناس تحولت إلى ضحية جديدة لسياسات المقاولة العشوائية، ليبقى السؤال معلقاً بلا إجابة: إلى متى سيظل تاريخ مصر وهويتها العمرانية رهينة لمزاجية مسؤولين لا يملكون رؤية ولا كفاءة، ولا يتقنون سوى فن “الهدم”؟
*عمرو موسى: إعادة الانتخابات ضرورة.. والمجالس المشكوك في شرعيتها عمرها قصير
أكد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أن إعادة الانتخابات باتت “ضرورة سياسية ووطنية” في ظل ما وصفه بحالة الشكوك المثارة حول شرعية بعض المجالس المنتخبة. وشدد موسى على أن “المجالس المشكوك فيها عمرها قصير”، معتبرًا أن استمرارها يفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
تحذيرات من اتساع فجوة الثقة
وقال موسى إن أي عملية سياسية لا تستند إلى إرادة واضحة للناخبين ستواجه معوقات كبيرة في أداء مهامها. وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب خطوات تصحيحية عاجلة لضمان نزاهة الانتخابات واستعادة الثقة الشعبية، مشيرًا إلى أن غياب الثقة يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي على حد سواء.
دعوة لإصلاحات واسعة وضمانات للشفافية
ودعا موسى إلى توفير ضمانات قوية للشفافية والرقابة على العملية الانتخابية، مؤكدًا أن إعادة الانتخابات قد تكون “الخيار الواقعي” للخروج من حالة الاحتقان الراهنة. وختم بالتشديد على ضرورة توافق وطني واسع يضمن أن تكون المؤسسات المنتخبة معبرة عن الشعب وقادرة على أداء دورها دون تشكيك.
marsadpress.net – شبكة المرصد الإخبارية شبكة المرصد الإخبارية
