الجراد جاء ليلتهم خيرات العرب فأكلوه

الجراد جاء ليلتهم خيرات العرب فأكلوه

الجراد جاء ليلتهم خيرات العرب فأكلوه
الجراد جاء ليلتهم خيرات العرب فأكلوه

الجراد جاء ليلتهم خيرات العرب فأكلوه

وجبة مفضلة في اليمن وستلقى حتفها بمجرد هبوطها على الأرض

 

شبكة المرصد الإخبارية

بعد أسابيع قضتها أسراب الجراد طائرة عبر القارة الإفريقية، حتى وصلت إلى السودان ومصر، حان وقت عبورها إلى القارة الآسيوية، لتصل في توقيت متزامن تقريبًا إلى كل من اليمن والسعودية وفلسطين والأراضي المحتلة وغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط، وفيما كان استقبالها حذرا متخوفا بهذه الدول على المستوى الرسمي، جاء الاستقبال الشعبي مختلفا، أكثر بهجة وحرارة ونهماً.

حوالي 50 مليون جرادة يضمها السرب الواحد، حسب المتعارف عليه علميا، يغطي مساحة تبلغ حوالي كيلومتر مربع كامل، يأكل في يوم واحد ما يقرب من 100 ألف طن من النباتات الخضراء، أي ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة، حيث تأكل الجرادة ما يوازي وزنها البالغ جرامين اثنين، ومن هنا كانت التحذيرات الرسمية.

على الجانب الآخر، يمثل الجراد طبقا محبوبا، حيث تنتظر شعوب تلك البلدان زياراته وإن تباعدت، لتعد العدة لطبخه مقليا أو محمصا وربما مسلوقا أو مجففا كذلك، كما يوفر فرص العمل للبعض في اصطياده وبيعه.

في اليمن تحولت تحذيرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو ” للحكومة، قبل أيام، من قدوم أسراب من الجراد في عدد من المناطق الصحراوية بالبلاد إلى حالة ابتهاج لدى المواطنين.

وعبر الكثير من اليمنيين عن سرورهم لسماع هذا الخبر، حيث يمثل للغالبية العظمى منهم واحدة من ألذ الوجبات الغذائية التي تجعل الجميع رجالا ونساء وأطفالا على أهبة الاستعداد لاصطياد الجراد بالأيدي بكميات كبيرة والاستفادة منه كوجبة غذائية أو بيعه في السوق المحلية.

وقال عبدالله أحمد حسن وهو من هواة اصطياد الجراد إن “اليمنيين مسرورون لسماع أخبار قدوم الجراد لأنها وجبة مفضلة لديهم وستلقى حتفها بمجرد هبوطها على الأرض“.

وأشار إلى عدم وجود داع للقلق أو الاستعداد الرسمي لمواجهة تلك الأسراب باعتبار أن الشعب جاهز لها وهو يعرف كيف يكافحها والسنوات الماضية خير دليل“.

لكن هذا التفاؤل بالقدرات الشعبية يقابله قلق رسمي ربما يكون له من الخبرات السابقة أيضا ما يبرره.

فتقارير منظمة “الفاو” الأخيرة بخصوص تحركات الجراد في العالم أفادت بوجود أسراب جراد صحراوي في فلسطين ومصر والسودان وسواحل البحر الأحمر في مؤشر لافت على تكاثر الجراد، ووجهت تحذيرا إلى اليمن أن الخطر قادم إليه.

وأعادت هذه التحذيرات إلى الأذهان أسوأ جائحة شهدها اليمن من أسراب الجراد الصحراوي التي قدمت من القرن الأفريقي عام 2007 ، وبدأ ظهورها آنذاك من صحراء ثمود في حضرموت ومحافظة المهرة (شرق)، وامتدت إلى المرتفعات الجبلية وبعض المناطق في محافظات صنعاء (العاصمة) والضالع وإب (جنوب) وذمار ومأرب (وسط).

تكبد المزارعون اليمنيون حينها خسائر كبيرة إثر ذلك، بعدما غطت أسراب الحشرات مساحة زراعية قدرها 75 ألف كليو متر مربع، واستمرت عملية تكاثر الجراد بشكل متواصل على نطاق واسع، ما استدعى حينها الاستعانة بالطيران العمودي لمواجهته ومنع تفشيه على نطاق أوسع، خاصة بعدما ساعدت الأمطار الغزيرة التي هطلت على البلاد وقتها على تكاثر الجراد وانتشاره.

هذه الأنباء، رغم مدلولها المثير للقلق، إلا أنها تلقى استعدادا خاصا، ويتعجب من لا يعرف اليمنيين من انتظارهم، على أحر من الجمر، لزيارة الجراد بلادهم.

يهرع اليمنيون لاستقبال الأسراب في المناطق المتوقع وصوله إليها ودخوله منها، ويفضلون تناوله بإحدى طريقتين، إما محمصا بالأفران (التنور) دون إضافة أي شيء له باستثناء الملح، أو بتمليحه ثم تركه معرضا للشمس لفترة وجيزة حتى يجف ويتيبس، فلا يتلف عند تخزينه لأسابيع أو شهور.

وهناك قسم صغير جدا يقوم بغليه بالماء لبضع دقائق، أو تطييب طعمه بشيء من البهارات، بينما يقوم بعض آخر ببيعه للمحال التجارية والبقالات ليباع بالتجزئة.

ويمثل قدوم الجراد بالنسبة لبعض اليمنيين موسما مربحا يدر عليهم أموالا لن تعوض في غيره، كما توفر فرص عمل في اصطياد تلك الحشرات وجمعها في أكياس وعلب بلاستيكية ثم بيعها في الأسواق، بعد ادخار جزء منها للأهل، ويفضلون صيده بعد الفجر حين تسهل رؤيته وصيده.

ويصل سعر الكيلوجرام الواحد من الجراد في بعض المدن اليمنية إلى 2000 ﷼ يمني (ما يعادل 10 دولارات).


في السعودية يكاد الحال يتطابق في الجارة الشمالية لليمن، ففي الوقت الذي تستعد فيه الجهات المختصة بالمملكة العربية السعودية لمواجـهة تدفق أسراب الجراد المتوقع وصولها خلال الأسابيع المقبلة، بدأت أسواق مدينة بريدة (وسط)، بالاستعداد لتداول واستقبال الجراد بهدف بيعه وشرائه من قبل المستهلكين.

وتشهد تلك الأسواق خلال هذه الأيام مزادات علنية وعمليات بيع وشراء للجراد، الذي يعتقد كثيرون أنه يساعد في علاج مجموعة من الأمراض.

رسميا ، حذرت وزارة الزراعة السعودية من صيد وبيع أو استهلاك الجراد نظراً لخطورته على صحة الإنسان، لاسيما بعد تعرضه للرش عبر المبيدات السامة.

وبحسب وزراة الزراعة فإن “دورها يقتصر بالتحذير من استهلاكه، ولا تمتلك أي سلطة بمنع بيعه في الأسواق، فيما طالب مواطنون الوزارة بإجراء أبحاث متخصصة ودراسات علمية حول ما أشيع عن الجراد من أنه مقوٍ عام ومفيد للأمراض المختلفة“.

ورغم التحذيرات التي تطلقها وزارة الزراعة السعودية بشكل سنوي، إلا أن أسواق ومزادات الجراد، فرضت نفسها وأصبحت واقعا ملموسا يتكرر كل عام.

فيما صار سوق “الجردة” في بريدة، أشهر أسواق الجراد بالمملكة، يوازي أسواق الإبل أو التمور والعسل (أشهر السلع بالسعودية)، مكانة وشهرة، وبات محط رحال البائعين والباحثين عن البيع والشراء، يضم بين جوانبه وفي حوانيته كل ما يهم المتسوق الباحث عن هذه الحشرة الصفراء.

وتبدأ عمليات صيد الجراد والتقاطه بالمملكة السعودية بعد منتصف الليل وهي اللحظات التي يكًمن فيها الجراد بسبب برودة الجو والظلمة، حيث يبيت الصيادون بالقرب من أماكن تجمعه في انتظار لحظات الصفر.

وما أن يحين الوقت حتى يبدؤون بجمعه في الأكياس والأواني، وكل ما يمكن استخدامه لجمع أكبر كمية منه، ويشارك في عمليات الصيد الرجال والنساء والأطفال، وبعد الانتهاء من جمع الجراد يعود الجميع إلى أسواقهم حاملين معهم ما غنموه في رحلة الصيد المثيرة .

وتتزايد هذه الأيام في جوانب سوق الجردة” بسطات وعربات البائعين الممتلئة بأكياس الجراد الحي، والتي تتراوح أسعارها ما بين١٥٠ ريالا (40 دولارا) إلى ٤٥٠ ريالا (120 دولارا) تبعا لنوعه، ولم يعد أمر الإقبال مقتصرا على كبار السن فقط، إذ استهوى الجراد حتى الصغار، حبا في تجربة جديدة يتذوقها الفم وتتفنن الأيدي في التعامل مع تفاصيل جسم هذه الحشرة التي يعتقد الكثيرون في كونها سببا في شفاء الكثير من الأمراض.

وتختلف طرق تناول الجراد لدى السعوديين، فمنهم من يأكله مطبوخا أو مشويا، ومنهم من يقوم بطحنه وشربه مع الحليب، فيما يفضل آخرون أكله مع الأرز، وتمر عملية طهوه بعدة مراحل تبدأ بغسله وتنظيفه من الرمال وما يعلق فيه، ثم يوضع في قدر مليء بالماء فوق النار حتى يغلي، يتم بعدها رفع الجراد من الماء و نشره على الحصير أو السجاد تحت أشعة الشمس حتى يجف .

وتوقع خبراء أن أفواج الجراد القادمة من البحر الأحمر، ستصل إلي مدينة رابغ الساحلية (غرب) أولا، ثم يتجه شمالا إلي مدينة ينبع مروراً بالمدينة المنورة.

إلا أن وزارة الزراعة السعودية لم تحدد في تصريحاتها أماكن وصول الجراد خوفا من هجرة الصيادين إليها، لكنها أفادت بأنها تعمل على مراقبة تحركات أسرابه.

وأضافت أنها تعاقدت مع شركات متخصصة تستخدم الطائرات لمكافحته من خلال الرش، و أوضحت أن وصول الأسراب للمملكة يعتمد على حالة الرياح ومعدلات الرطوبة التي تخلق له بيئة مناسبة.

أما في الأراضي المحتلة فتناولت الصحف على مدار الأيام الماضية أخبار مكافحة طائرات وزارة الزراعة أسراب الجراد القادم من مصر، قائلة إنها نجحت في تدمير بعضها، لكن القليل وصل إلى مناطق تل ابيب ووسط إسرائيل.

وأوضحت الصحف العبرية أن الأضرار المادية جراء موجة الجراد لم تحدد بعد، لكنها مدمرة على بعض المحاصيل الزراعية في الجنوب، ونقلت عن وزارة الزراعة تشديدها أنها في حالة استنفار دائم لمواجهة أي طارئ مع التأكيد على أن موجة الجراد بدأت بالتناقص.

لكن إعلان الوزارة “المتشائم” لم يلاق نفس المردود لدى كثير من اليهود ذوي الأصول العربية، حيث قال أحدهم ويدعى موشي عبر صفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: “هذه نعمة ساقها الله إلينا، يمكن لنا تقديمها كطبق مجاني جراد مشوي وآخر مقلي، بتكلفة بهاراتها فقط.

حديث موشي ليس الوحيد بل امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بوصفات تحضير وجبة الجراد المقلي، أو المشوي دون كثير عناء، وتساءل المتابعون على المواقع العبرية : “لقد نجحنا في الاصطياد، كيف نجري عملية الطهو، إنها حشرات شرسة، سريعة القفز، وكثيرة الحركة؟“.

ورد أحد المعلقين قائلا إنه وجد طريقة يسيرة حيث وضع العشرات من الجراد في كيس ثم ربطه وبعد دقائق ماتت الحشرات، ليتناول مقلاة ويضع بها قليلا من زيت الزيتون، ويضيف بعضا من الخل، وأضاف قمت بإعداد الطبق مع نكهة حارة من الفلفل، المذاق كان شهيا، والآن سأكرر التجربة“.

حماس هذه الوجبات أغرى مطعم كوشر الشهير (يعني اسمه الطعام الحلال وفقا للشريعة اليهودية)، حيث أعلن قبل أيام قليلة عن تقديم وجبة الجراد المقلي على لائحة أطعمته بأسعار مغرية.

وبحسب إذاعة الاحتلال فقد لقيت وجبات الجراد المقلي إقبالا في المطعم مما جعل بعض المطاعم في منطقة النقب (جنوب) تفكر بتقديم الوجبة .

لكن الصدمة لآكلي الجراد جاءت عبر خبر، على موقع صحيفة يديعوت أحرونوت، قال إن وزارة زراعة الاحتلال قامت برش 10000 دونم في الجنوب لمكافحة الجراد، وأن كتائبه تم حصارها على مشارف النقب رغم تسرب الكثير منها إلى الحقول المحيطة خاصة حقول البطاطا التي يعتمد طهاة أطباق الجراد تقديمه معها.

وفي تعليق من رام الله بالضفة الغربية المحتلة أبدى صاحب أشهر المطاعم هناك، مطعم أبو همام تخوفه من وصول الجراد فلسطين.

وعن إمكانية إضافة وجبة الجراد على قائمة الطعام عنده، خاصة في ظل وصول بعض موجات الجراد إلى مدينة طولكرم (شمال غرب) قال: “نتمنى أن يظل الجراد في الاراضي المحتلة وألا يأتي إلينا، ولا مشكلة في ذهاب زبوني لأكله هناك“.

والجراد الصحراوي هو جراد نطاط مهاجر، وغالباً ما يرحل على شكل أسراب ضخمة، وعمر الجرادة الصحراوية يتراوح بين 3 و 5 أشهر، وتتمثل دائرة حياتها في ثلاث مراحل هي: وضع البيض، ومرحلة الحورية ومن ثم بلوغ الحشرة مرحلة الاكتمال.

ويفقس البيض في غضون نحو أسبوعين، أما الحورية فتتطور خلال خمس أو ست مراحل خلال فترة تتراوح بين 30 و40 يوماً، وبإمكان الجرادة البالغة أن تنضج في غضون ثلاثة أسابيع، علماً بأن أسراب الجراد باستطاعتها أن ترحل عبر مسافات تتراوح بين 5 و130 كيلومتراً في غضون يوم أو ربما أكثر بمساعدة الرياح.

وقال نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن هذا النوع من الجراد يتوالد في إريتريا، ويبدأ رحلته بمنطقة القرن الأفريقي في الجنوب الشرقي لقارة أفريقيا مرورا بالسودان، ثم يدخل مصر بدءًا من حلايب وشلاتين بالجنوب، ثم مرسى علم والغردقة ورأس غارب (جنوب شرق) والسويس (شرق)، ويعبر هناك إلى سيناء ومنها إلى السعودية وإسرائيل أو اليمن.

وتتميز الجرادة بسرعتها الشديدة، والتي تمكنها من القفز إلى 20 مرة أطول من جسمها، وهي السرعة، التي تبلغ وفق نور الدين، من 16 إلى 20 كيلومتراً في الساعة، كما أنها تتناسل بكثرة حيث تضع الأنثى من 95 إلى 158 بيضة في المرة الواحدة ولثلاث مرات على الأقل في حياتها.

وكشف العلم الحديث عن الفوائد الغذائية للجراد، حيث يحتوي، بحسب الخبير الزراعي، على نسبة عالية من البروتين تصل إلى 67%، وهي نسبة أعلى من بروتين الأبقار الذي يصل إلى 25%.

عن Admin

اترك تعليقاً