الشافعي ونجاد في المؤتمر الصحفي

مستشار شيخ الأزهر: نجاد حاول توريط الأزهر في تنظيم رحلات المد الشيعي تحت مظلته

الشافعي ونجاد في المؤتمر الصحفي
الشافعي ونجاد في المؤتمر الصحفي

مستشار شيخ الأزهر: نجاد حاول توريط الأزهر في تنظيم رحلات المد الشيعي تحت مظلته

الشافعي يكشف تفاصيل الاجتماع المغلق لزيارة نجاد

 

حوار: إياد عبدالله  – شبكة المرصد الإخبارية

 

ذهب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر وفي ذهنه أنه سيدخلها دخول الفاتحين المنتصرين.. فإذا به يتعرض للقذف بالأحذية قبل خروجه من الدائرة الجمركية لمطار القاهرة الدولي، وفي طريقه لمشيخة الأزهر استدعى ذكريات أجداده الذين بنوا الجامع الأزهر، وكانت المفاجأة الثانية استقبال شيوخ الأزهر الرجل بعاصفة من الانتقادات، وواجهوه بأدلة وبراهين واضحة حول رغبة طهران في نشر المذهب الشيعي في مصر وبلاد العرب، وعندما طرح الرجل فكرة عقد مؤتمر صحفي في البهو الكبير بالمشيخة كانت اللطمة الجديدة حيث اضطرته الأحداث لإلغاء المؤتمر بعدما أثيرت للمرة الثانية مسألة التبشير المذهبي، حول كواليس الاجتماع المغلق وتلك الزيارة وكيفية مواجهة الأزهر للغزو المذهبي أجرينا هذا اللقاء مع الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية:

 

بداية نريد التعرف لماذا شهدت زيارة الرئيس الإيراني كل هذا اللغط؟

لم تشهد تلك الزيارة أي جدل فنحن رحبنا بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد باعتباره رئيس دولة إسلامية، ونحن نقف معها ونؤيدها في صراعها السياسي مع دول الغرب، ونحن كذلك ندعم التعاون مع إيران من منطلق الحرص على تأكيد أهمية التعاون الإسلامي- الإسلامي، ولكن في نفس الوقت فإن الأزهر كان لا بد أن يوضح للرئيس الإيراني أن هناك عقبات تحول دون تقارب إيران مع العالم العربي كله وليس مصر فحسب فنحن نشجع إيران وندعمها ولكن كمسلمين سنة لدينا تحفظات وملاحظات عديدة تثير قلقنا بخصوص المد الشيعي الذي تقوم به بعض الهيئات والمؤسسات الرسمية في إيران حيث أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للجانب الإيراني أن الأزهر طرح كثيرًا مخاوفه وتحفظاته من المد الشيعي في حضور مسؤولين كبار من الجانب الإيراني الذين كانوا يردون بردود حسنة ويتعهدون بوقف التبشير المذهبي، ولكن محاولات التبشير ما زالت مستمرة ولهذا فالواجب على إيران وقف هذا النشاط فورا إذا كانت ترغب في حدوث تقارب مع العالم العربي.

وكيف رد الرئيس الإيراني على تلك الملحوظة؟

لقد حاول نفي تلك التهمة وأن المد الشيعي تهمة غير صحيحة وأن إيران لا تمارس التبشير المذهبي ولكن هيئة كبار العلماء واجهته بالأدلة والبراهين وبأسماء الكتب التي تروج للمذهب الشيعي وتصل سنويا إلى كثير من المجتمعات العربية رأسا من إيران، كذلك أوضحنا له أن الحكومة الإيرانية تنظم سنويا مئات الرحلات المجانية لمصريين يزورون إيران ويعودون برؤى شيعية واضحة، ويعمدون لنشر أطروحاتهم وآرائهم الشيعية بشكل يثير المخاوف، وهو ما يؤكد حقيقة تحفظاتنا ولهذا فنريد من الجانب الشيعي التوقف عن نشر المذهب الشيعي في أوساط أهل السنة مثلما نرفض نحن السنة التبشير بمذهبنا في أوساط الشيعة، وحاول الرئيس الإيراني تبرئة نفسه من هذه التهمة قائلا إنه سيعطي تعليماته للسلطات الإيرانية بعدم تسفير أي مواطن مصري لإيران إلا بعد حصول هذا المواطن على موافقة الأزهر وهيئة كبار العلماء تحديدًا فرفض العلماء ذلك الاقتراح لأن الأزهر ليس جهة تسفير أو غيره، والأولى أن تتبرأ السفارة الإيرانية من هذا الأمر تمامًا، وتوقف تلك الرحلات المشبوهة وتصدر بيانا يتبرأ ممن يسافر ويعود لترديد تلك الأقاويل الشيعية مذكرًا الرئيس الإيراني أن مصر خضعت للغزو الشيعي لفترة امتدت لمائتي عام وبعدها سقطت الدولة الفاطمية ولم يبق في مصر شيعي واحد.

 

هناك من اتهم الأزهر بالتعامل بجفاء مع الرئيس الإيراني وبأنه لم يتم استقباله الاستقبال اللائق كرئيس لدولة إسلامية؟

بالعكس لقد تم استقبال الرجل بحفاوة بالغة، ولم يتعرض لأي سوء في الأزهر مثلما حدث معه في أماكن أخرى، أما عن استقباله والحديث عن أن شيخ الأزهر لم يستقبله عند باب المشيخة فمردود عليه بأن هذا لم يحدث من قبل، وشيخ الأزهر يستقبل المسؤولين الكبار عند باب مكتبه، وهى عادة أصيلة لدى شيوخ الأزهر على مر الأزمان، والرئيس الإيراني استقبل استقبالًا حافلا ولائقا بوضعه كرئيس لدولة إسلامية، وتم استقباله بكل تكريم وترحاب واجتمع مع هيئة كبار العلماء أكبر مؤسسة في الأزهر، وتكلم أمام الهيئة عن مذهبه وآرائه واتجاهاته، ولم يقاطعه أحد طوال أكثر من نصف ساعة في محاضرة كاملة، وكان موضع الاحترام والتبجيل ولم يحدث قط أن استقبل شيخ الأزهر أي مسؤول أمام باب المشيخة، وقد تم مع الرئيس الإيراني نفس المراسم التي تتم مع الرؤساء ورؤساء الوزراء والمسؤولين الكبار الذين يقصدون الأزهر للزيارة.

ولماذا قاطعك الرئيس الإيراني خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدتموه عقب اللقاء؟

لقد كنت أعبر عما طرح خلال الاجتماع ولم أقل اتفقنا مع الرئيس الإيراني بل كنت أقول أننا طرحنا رؤيتنا في الاجتماع حول كذا وكذا، وكان أهم ما قلته أننا طالبنا بعدم السماح بحدوث اختراق شيعي لبلادنا، وعدم استقبال كل هذا العدد من المصريين الذين يعودون برؤى غير سنية، وأكدنا على عدم تشجيع إيران لهؤلاء الذين يرددون كلاما شيعيًا، وطالبنا الرئيس الإيراني بأن تقوم السفارة بإصدار بيان يؤكد أن تلك الزيارات لا تعبر عن وجهة النظر الإيرانية، وبأن من يقومون بالزيارة لا يعبرون عن وجهة النظر المصرية، وتحدثنا أيضا عن مسألة سوريا ونحن عندما تكلمنا في المؤتمر الصحفي كنا نعبر عن وجهة النظر المصرية ووجهة نظر الأزهر، وإذا لم نكن نستطيع التعبير عن وجهة نظرنا في بلدنا وفي مؤسستنا الأزهر فأين نستطيع الكلام بحرية، أما إذا كان هذا ضايق الجانب الإيراني فهذا لا يهمنا من قريب ولا من بعيد فنحن التزمنا بواجب الضيافة وفي نفس الوقت التزمنا بواجبنا الإسلامي والوطني.

 

ولماذا حاول الرئيس الإيراني مقاطعتك أكثر من مرة خلال المؤتمر الصحفي حتى انه لم يكمل المؤتمر وغادر فورا؟

*الذي حدث أن المترجم المصاحب لهم أخطأ في الترجمة ولهذا تخيل الرئيس الإيراني أنني أتحدث عن بيان مشترك للأزهر وإيران، وأننا متفقون على ما أقوله، ولهذا رفضوه ولكن الحقيقة أنني كنت أتحدث عما طرحه علماء الأزهر خلال لقائهم بنجاد، ولكن المترجم نقل له كلاما غير صحيح، وهو ما أحدث هذا اللبس ولقد حرصت خلال المؤتمر الصحفي على التأكيد على أن الأزهر يجل ويحترم آل البيت وأن المسلمين السنة يحبون آل البيت ولكن يرفضون تقديسهم أو تأليههم كما أن المسلمين السنة يرفضون التعرض لإيران من جانب الغرب ويتضامنون مع حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية.

 

تحدث الرئيس الإيراني عن رغبته في التعاون مع مصر فكيف رددتم على هذا الأمر؟

*قلنا له بوضوح نحن مع تشجيع التعاون بين الدول الإسلامية ونؤيد التعاون المصري الإيراني ولكن على إيران أن تدرك أن هناك معوقات عديدة في سبيل تقاربها مع الدول العربية وأهم تلك المعوقات مسألة التبشير الشيعي في بلاد أهل السنة.

هل ترى أن إيران لديها رغبة صادقة في التعاون بعيدا عن المسألة المذهبية؟

هذه مسألة لا نستطيع الحكم عليها الآن ولكنني أقول لك إن الأزهر سيظل بالمرصاد لكل محاولات التبشير المذهبي، وسيتصدى لها بمنتهى القوة أما مسألة التعاون السياسي فله أهله الذين يفتون فيه، أما الأزهر فيقوم بدوره لتحصين المجتمعات السنية من مسألة المذهب الشيعي، ونحن سمحنا للرئيس الإيراني بالتعبير عن رأيه بحرية تامة وكان لزامًا علينا أن نواجه رؤيته التي تختلف عن رؤيتنا وكل ذلك تم بصورة إيجابية.

 

الشافعي مستشار شيخ الأزهر تصوير: خالد رفقي
الشافعي مستشار شيخ الأزهر تصوير: خالد رفقي

بمناسبة التبشير الشيعي هل هناك إجراءات تتم حاليا لمواجهة مثل هذا الأمر؟

الأزهر يعتبر أن من مسؤولياته أن يحد من هذا المد الشيعي الشرس خاصة وأنه أصبح يأخذ شكلًا سياسيًا أيضا فالتأثير الشيعي أصبح واضحًا في الشارع الإسلامي ونحن واجهنا محاولة نشر الحسينيات في مصر بمنتهى القوة والحسم باعتبار أن إقامة حسينيات في مصر يمهد للطائفية التي يرفضها الأزهر وينتهي الأمر بالاقتتال المذهبي والطائفي.
قدم علماء الحوزة الإيرانية لشيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء دعوى لزيارة إيران فهل تؤيدون تلك الدعوة؟
يجيبك عن هذا السؤال شيخ الأزهر وإن كنت أستبعد إجابة تلك الزيارة في الوقت الحالي.

 

فاز مجمع اللغة العربية بجائزة الملك فيصل… كيف ستتصرفون في هذه الجائزة؟

*هذا تكريم عظيم من جائزة عظيمة فالجائزة تقدير رفيع نشكر عليه لجنة الجائزة؛ فقد وصلتنا رسائل من أكثر من أمير من المسؤولين عن الجائزة وهذا أمر يثير فرحتنا وإعزازنا وتقديرنا خاصة وأن الجائزة جاءت تقديرًا لنشاط المجمع طوال ثمانين عامًا من العمل، ونحن من جانبنا سنعرض الأمر على مجلس المجمع ونرى كيف يمكن الاستفادة من هذا الدعم الكبير، ونحن فقط في انتظار البيانات المنتظرة للحفل الذي سيقام لتسليم تلك الجائزة وسنقوم بحضوره إن شاء الله، ونشكر مرة أخرى هيئة الجائزة على هذا التقدير الكبير للعلم والعلماء وهذا ليس غريبًا عن المملكة التي طالما قدمت كل الدعم والعون لعلماء الأمة الإسلامية من أجل النهوض بمستقبل الأمة والحفاظ على هويتها الإسلامية.

 

التكريم يطرح من جديد قضية تعريب المصطلحات فماذا عن آخر الإجراءات في هذا الإطار؟

لقد اتفقنا في المجمع على أن يكون تعريب المصطلحات والعلوم التقنية هو أهم المهام التي سيأخذ المجمع على عاتقه التصدي لها خلال الفترة المقبلة، والمجمع به ما يقرب من عشرين لجنة وأكثرها لجان علمية وإن كان من بينها لجان أدبية وشرعية، ومهمة هذه اللجان أن تدرس المصطلحات العلمية التي يزخر بها التراث العالمي في الجوانب الأدبية والعلمية وكذلك المصطلحات التي يزخر بها تراثنا العربي والإسلامي في الجوانب الأدبية والعلمية والشرعية وكذلك السيل العارم الذي يتزايد يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة نتيجة الانفجار المعرفي وتطور أدوات الاتصال في العالم في العصر الحديث، وهذه المصطلحات والأفكار الجديدة سيكون على المجمع أن ينظر فيها كي يربط بين الفكر العربي وبين الفكر العلمي والتقني على مستوى العالم كله، والمجمع سيستفيد من التجارب السابقة في هذا الشأن كافة وبخاصة التجربة السعودية، فهناك الكثير من الأعمال الرائدة في مجال تعريب العلوم تم إنجازها من قبل علماء المجمع ولكنها لم تصل للرأي العام المصري والعربي، ونحن نطالب وسائل الإعلام بمتابعة ونشر كل ما يخص تلك الدراسات التي تمت في هذا الشأن حتى نحافظ على لغتنا العربية.

 

هل تتعرض اللغة العربية لمؤامرة كما يقول البعض؟

 

لغة الضاد تتعرض بالفعل لهجمة شرسة للغاية ويكفي هجمة الإعلانات المنفلتة التي تستخدم لغة لا علاقة لها بالعربية من قريب أو من بعيد؛ فللأسف الشديد فإن الصورة الإعلانية أصبحت سلاحا خطيرا يهدد هويتنا وأخلاقياتنا، بل يهدد أيضا لغتنا العربية بعد أن أصبحت كل الإعلانات دون استثناء تعشق تدمير اللغة العربية وابتكار لغة جديدة لا علاقة لها بالعربية من قريب أو بعيد، ليس هذا فحسب بل أصبح من المعتاد استخدام المرأة بشكل بعيد عن قيم وتعاليم الدين الإسلامي كأداة جذب لجمهور المستهلكين بحجة أن استخدام المرأة الغربية المتحللة من القيم الأخلاقية قد حقق نجاحًا على مستوى الإعلان الغربي والمجتمعات الغربية؛ فهو بالتالي سينجح حتمًا في المجتمعات الإسلامية، والحقيقة أن ذلك التحلل والامتهان القيمي للمرأة والرجل أيضًا، لا ينبغي أن يجد له طريقًا إلى المنظومة الإعلانية الإسلامية، لأنه لا يتناسب البتة وقيم وعقيدة المجتمع المسلم.

ورغم ذلك فأنا أرى عوامل التفاؤل كثيرة أيضا ونحن درسنا هذا الموضوع في المجمع هذا العام، ووجدنا أن عوامل التفاؤل كثيرة وكذلك عوامل التشاؤم، وأكثر عوامل التشاؤم من وجهة نظرنا تعود إلى تقصير العرب في حق لغتهم القومية وعدم اعتزازهم بها بل أحيانا يقومون بإهانة تلك اللغة بشكل بشع وفي عقر دارها، ولعل في استخدام اللغة العامية في كل فضائياتنا اليوم وكثير من صحفنا دليل على ذلك رغم عظمة تلك اللغة وغزارة مفرداتها البسيطة والسهلة، ولنا أن نتذكر جميعًا أن أديب نوبل المصري العالمي نجيب محفوظ عبر عن مختلف المشاعر البشرية باللغة العربية السليمة القوية وإن كانت ليست الفصحى التراثية، وهذا يؤكد أن اللغة العربية لغة متطورة وغنية بمفرداتها؛ فالواقع إنك لو قرأت مجلة الهلال في عددها الأول وقارنت بين لغة هذا العدد ولغة عدد اليوم لوجدت اختلافا كبيرا بين تلك اللغة في العددين، وستجد تطورًا كبيرًا حيث تتميز لغة عدد اليوم بالجمال والمرونة والقوة والسعة وهذه من عوامل تفاؤلنا، ولقد تبين لنا في مجمع اللغة العربية أن عوامل التفاؤل أكثر من عوامل التشاؤم، ولكن لا بد أن نعالج جوانب القصور التي تدعو البعض للتشاؤم، وأن نستغل العوامل المؤدية إلى تطور اللغة وحيويتها.

عن Admin

اترك تعليقاً