جولة إعادة مجلس النواب لم يحضر أحد عزوف شعبي وطوابير مصطنعة تفضح مسرحية النواب رغم شراء الأصوات والخروقات.. الجمعة 12 ديسمبر 2025م.. “ساويرس” ينفي و(هآرتس) العبرية تؤكد “ساويرس” زار تل ابيب والتقى “بلير” ضمن مناقشات إدارة غزة

جولة إعادة مجلس النواب لم يحضر أحد عزوف شعبي وطوابير مصطنعة تفضح مسرحية النواب رغم شراء الأصوات والخروقات.. الجمعة 12 ديسمبر 2025م.. “ساويرس” ينفي و(هآرتس) العبرية تؤكد “ساويرس” زار تل ابيب والتقى “بلير” ضمن مناقشات إدارة غزة

 

 

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

 

*انتهاكات جسيمة داخل سجن المنيا شديد الحراسة مخدرات وتفتيش ذاتي مهين للنساء

كشفت شهادات ذوى المحتجزين داخل سجن المنيا شديد الحراسة أوردتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن وقائع خطيرة تمس سلامة المحتجزين وكرامة الأهالى، وتؤكد وجود انتهاكات ممنهجة تستوجب تحقيقًا عاجلاً وتدخلاً فوريًا من الجهات المختصة.

انتشار المخدرات داخل السجن

وأفاد الشهود بأن المخدرات “بكل أنواعها” منتشرة داخل العنابر بصورة غير مسبوقة، حيث تباع “بودرة، آيس، وقطرة اللى بتموت الناس” داخل جميع العنابر، وبصورة “مريحة” على حد وصفهم، وذلك من خلال القائمين على إدارة العنابر، وبعلم بعض المخبرين والأمناء داخل السجن، بهدف تحقيق مكاسب مالية كبيرة.

وجاء فى إحدى الشهادات: “عاوزة أعمل شكوى في إدارة سجن شديد المنيا من كثرة المخدرات اللى بيدخلوها جوه… المخدرات دى من إدارة السجن وبيادوها للمساجين يبعوها اللى تبعهم… بجد حرام ولدنا بتضيع جوه“.

وقالت شهادة أخرى: “المخدرات جوه أكتر من الشارع… كل أنواع المخدرات. اللى عاوز حاجة بيجيبها بسهولة جدًا… ده مش سجن“”.

 تفتيش مهين للنساء والأطفال أثناء الزيارات

ووثقت الشبكة المصرية، شكاوى متعددة من الأهالى تفيد بتعرض النساء لتفتيش ذاتى “مهين وبشكل بشع”، يتم فيه الجمع بين التفتيش عبر الأجهزة الإلكترونية والتفتيش اليدوى المباشر بطريقة تنتهك الكرامة الإنسانية.

وجاء فى إحدى الشهادات: “واحنا داخلين التفتيش بيبهدلونا… على أساس الأهالى هما اللى بيدخلوا مخدرات! تفتيش ذاتى للستات… فى جهاز وذاتى كمان بإيديهم… بطريقة بشعة وللأسف بأسلوب مش كويس وألفاظ خادشة للحياء… حتى الأطفال بيقلعوهم هدومهم“.

وأكد الأهالى أنهم يتعرضون لهذه الإهانات فى كل زيارة، على الرغم من أنهم ليسوا طرفًا فى أى مخالفات، وكثير منهم ناشد إدارة السجن مرارًا دون استجابة: “ومهما نعمل بلاغات مافيش فايدةبقانا سنين على الوضع ده. محتاجين حد يسمعنا ويوقف تجارة المخدرات جوه السجن، لأنها بتجيب علينا إحنا البهدلة مش على اللى بيهربوا“.

وأكدت الشبكة المصرية أن هذه الشهادات تأتى ضمن مجموعة واسعة من الإفادات المتطابقة حول نفس الانتهاكات، وهو ما يستدعى فتح تحقيق عاجل وفرض رقابة مستمرة على السجن.

وتقدم الشبكة ببلاغ رسمى إلى مصلحة السجون، نيابة المنيا، للمطالبة بالقيام بتفتيش مفاجئ وشامل للسجن ومرافقه، ووقف تداول وبيع المخدرات داخل السجن، وإنهاء ممارسات التفتيش المهين بحق النساء والأطفال، والاستماع إلى الأهالى أثناء الزيارات والتحقق من شكاواهم.

كما طالبت الشبكة المصرية وزارة الداخلية بالتأكد من صحة هذه المعلومات عبر الاستماع للأهالى مباشرة، قبل إصدار أى بيانات إنكار، واتخاذ إجراءات فورية لحماية المحتجزين ومنع الإهانات المتكررة لأسرهم.

 

* 8 سنوات من الغياب.. قصة الباحث السيناوي المختفي أحمد إبراهيم وصمت الجهات الرسمية

ثماني سنوات كاملة مرّت وما تزال قضية اختفاء المواطن السيناوي أحمد إبراهيم العبد حاضرة بثقلها، لتذكّر كل يوم بواحدة من أطول حالات الإخفاء القسري في شمال سيناء خلال العقد الأخير.

أحمد، الباحث القانوني البالغ من العمر 42 عامًا، اختفى فجر 18 ديسمبر 2017 بعد عملية اقتحام نفذتها قوة أمنية بملابس مدنية يُعتقد أنها تابعة لجهاز الأمن الوطني، وفق ما وثّقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وشهادات متعددة من جيرانه وأفراد أسرته.

اقتحام الفجر.. وبداية الغياب

بحسب شهادات موثوقة، داهمت قوة أمنية منزله في مدينة العريش نحو الساعة الثالثة فجرًا، قبل أن تقتاده إلى جهة غير معلومة دون إبراز إذن تفتيش أو قرار ضبط.

ومنذ تلك اللحظة لم يُسمح لأسرته بأي تواصل معه، ولم يظهر اسمه في أي سجلات رسمية للنيابة أو مراكز الاحتجاز، رغم البلاغات المتكررة التي تقدمت بها الأسرة خلال السنوات الماضية.

على مدار ثماني سنوات، ظلّت الأسرة تتنقل بين النيابات والأقسام ومقرات الأمن، بحثًا عن معلومة واحدة تطمئنهم إلى مصير ابنهم، لكن الصمت ظلّ سيد الموقف، ورغم عشرات البلاغات، لم تتلقَّ الأسرة أي رد يوضح مكان احتجازه أو حالته الصحية أو ما إذا كان يخضع لتحقيقات من الأساس.

انتهاك دستوري وقانوني

الشبكة المصرية أكدت في بيانها أن استمرار إخفاء أحمد إبراهيم طوال هذه المدة يُعد انتهاكًا واضحًا للدستور الذي يضمن عدم القبض على أي مواطن أو احتجازه دون مسوغ قانوني. كما اعتبرت أن القضية تتعارض مع التزامات مصر الدولية، خاصة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تلزم الدول بالكشف الفوري عن مصير وأماكن وجود المختفين.

وتشير الشبكة إلى أن غياب المعلومات الكاملة عن مكان وظروف احتجاز أحمد يضع الجهات الرسمية أمام مسؤولية مباشرة عن سلامته الجسدية والنفسية، في ظل التقارير الحقوقية المتزايدة حول مخاطر التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز غير المعلنة.

نداءات عاجلة للكشف عن مصيره

وطالبت الشبكة المصرية كلًا من: النائب العام المستشار محمد شوقي، ووزير الداخلية بفتح تحقيق جاد وعاجل في واقعة الاختفاء، وإعلان مكان احتجاز أحمد فورًا، وتمكين أسرته ومحاميه من التواصل معه، مع الإفراج الفوري عنه ما لم يكن معروضًا على جهة قضائية مختصة، وبضمان كافة حقوقه القانونية المكفولة للمحتجزين.

وتحمل الشبكة الجهات المعنية المسؤولية كاملة عن حياته وسلامته، مؤكدة أن مرور كل هذه السنوات دون كشف مصيره لا يمكن تفسيره سوى بأنه انتهاك جسيم يستوجب المساءلة.

 

*استمرار حبس “سيد مشاغب” وسيدتين رغم إخلاء سبيل عشرات المتهمين في القضية نفسها

قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في مجمع إصلاح وتأهيل بدر 1، مدّ حبس رئيس رابطة مشجعي نادي الزمالك “السيد علي فهيم”، المعروف باسم “سيد مشاغب”، وكلٍّ من هناء عطية أحمد عبد الغني وأماني كمال محمد شمس الدين، لمدة 45 يومًا إضافية، على ذمة القضية رقم 910 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا. 

القرار الذي يأتي بعد أربع سنوات كاملة من بدء القضية، يضع الثلاثة المتبقين خلف القضبان، بينما غادر جميع المتهمين والمتهمات الآخرين القضية نفسها بعد حصولهم على إخلاء سبيل من نيابة أمن الدولة العليا على مدار السنوات الماضية، ما يجعل استمرار حبس هذا الثلاثي تحديدًا استثناءً لافتًا يحتاج لتفسير قانوني واضح.

قضية بدأت من لا شيء… وانتهت إلى حبس لسنوات

تعود وقائع القضية إلى عام 2021، حين شنّت الأجهزة الأمنية حملة موسعة أسفرت عن توقيف عدد كبير من المواطنين والمواطنات—من بينهم خمس سيدات—لأسباب وملابسات وصفتها منظمات حقوقية بأنها لا تستند إلى أي ممارسة سياسية أو مخالفة قانونية واضحة.

فقد شملت قائمة المقبوض عليهم شابات ظهرن في مقاطع “تيك توك”، وأخريات وُضعن قيد التحقيق لمجرّد وجود أقارب لهن سبق اتهامهم في قضايا سياسية، إضافة إلى مواطنين لا علاقة لهم بأي نشاط ذي طابع عام. ورغم ذلك، وُجه للجميع الاتهام الأكثر تداولًا في مثل هذه القضايا: الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة.

ورغم هشاشة الوقائع وعدم وجود أدلة ملموسة، استمرت القضية مفتوحة لسنوات دون إحالتها إلى المحاكمة، فيما خرج المتهمون تباعًا عبر قرارات إخلاء سبيل، باستثناء “سيد مشاغب” وهناء وأماني.

المفارقة: إخلاءات سبيل بالجملة… مع استمرار الحبس لثلاثة فقط

خلال السنوات الأربع الماضية، أصدرت نيابة أمن الدولة العليا قرارات واسعة بإخلاء سبيل غالبية المتهمين والمتهمات في القضية ذاتها، حتى لم يتبقّ قيد الحبس سوى الأسماء الثلاثة.

المفارقة أن التهم المنسوبة إليهم لا تختلف قيد أنملة عن تلك التي كانت موجّهة لمن حصلوا بالفعل على إخلاء سبيل، كما لم تظهر أي مستجدات أو أدلة جديدة تستدعي استمرار حبسهم.

وفي الوقت نفسه، اتجهت النيابة خلال الأشهر الأخيرة إلى تسريع إحالة القضايا الخاصة بالمحبوسين احتياطيا إلى المحاكمة، بل وأحالت قضايا جديدة بدأت في عام 2025 نفسه، إلا أن القضية 910 لسنة 2021 ظلّت معلّقة دون إحالة ودون الإفراج عن المتبقين فيها.

 

*انقطاع الإنترنت يؤدي لتأجيل النظر في تجديد حبس ضحيتي “تدوير” لأكثر من عقد

تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام المستشار محمد شوقي بالإفراج الفوري عن هشام ممدوح علي (35 عامًا) والمحتجز منذ أكثر من 11 عامًا نتيجة تدويره على ذمة قضايا متعددة، وأحمد صبري ناصف (26 عامًا) والمحتجز منذ ما يقرب من 9 سنوات لتدويره أكثر من مرة أيضًا.  

أجلت جنايات جنوب القاهرة، بالتجمع الخامس، أمس 10 ديسمبر، جلسة النظر في أمر تجديد حبس جميع المتهمين المعروضين أمامها، وذلك بسبب انقطاع الإنترنت بشكل كامل، مما منع هيئة المحكمة من الاتصال بمقار احتجاز المتهمين لعقد الجلسة عبر خاصية الفيديو كونفرنس، وأمرت المحكمة بتأجيل الجلسة إلى يوم الاثنين القادم 16 ديسمبر، على افتراض أن الإنترنت سيعمل وقتها بشكل طبيعي.

كان من المفترض أن تنظر المحكمة أمس في أمر اثنين من موكلي المبادرة المصرية، يعانيان من وضع قانوني مركب منذ سنوات دون مبرر حقيقي، إذا يستمر حبسهما احتياطيًا الآن دون مبرر قانوني. المحتجز الأول هو هشام ممدوح علي المحبوس احتياطيًا منذ عام تقريبًا على ذمة القضية رقم 238 لسنة 2025 جنح الخليفة في “مقر الإصلاح والتأهيل” المعروف باسم سجن بدر1، على أثر اتهامه في جنحة. أما المحتجز الثاني هو أحمد صبري ناصف المحبوس احتياطيًا في سجن العاشر من رمضان 5 على ذمة القضية 15986 لسنة 2024 جنح مدينة نصر.

هذه ليست المرة الأولى التي تؤجل فيها جلسة للنظر في أمر حبس هشام ممدوح، حيث لم يظهر أمام الشاشة في الجلسة المنعقدة عبر خاصية الفيديو كونفرنس في 2 ديسمبر، حيث أبلغ حرس السجن القاضي أنه مريض جدًا ونُقل للمستشفى، فيما أكدت أسرته للمبادرة المصرية أنه مريض صرع، وأن الدواء الذي توفره الأسرة على نفقتها يصل لهشام عبر صيدلية السجن، ويحصل عليه بصعوبة شديدة، حيث أبلغ أسرته أن اضطر للانتظار 5 ساعات كاملة وهو مقيد اليدين من الخلف ليحصل على دوائه. 

ألقي القبض على هشام ممدوح في 1 أبريل 2014، وحبس وقتئذ احتياطيًا على خلفية اتهامه في قضية “مقتل الصحفية ميادة أشرف”، وصدر حكم ضده بالسجن المؤبد، قبل أن تقرر محكمة النقض تخفيف الحكم ليصبح سبع سنوات فقط. وبعد إنهائه كامل الحكم الصادر ضده في 2021، وأثناء تنفيذ إجراءات إخلاء سبيله، امتنعت وزارة الداخلية عن إطلاق سراحه، وقدمته للنيابة لاتهامه في قضية متعلقة بحيازة منشورات، ورغم عدم معقولية اتهام محتجز قضى آخر سبع سنوات من عمره في عهدة وزارة الداخلية بحيازة منشورات؛ إلا أن النيابة أمرت بحبسه احتياطيًا. وهو الأمر الذي تكرر معه في قضيتين لاحقتين ليصبح إجمالي القضايا التي اتُهم على ذمتها هو 4 قضايا خلال 11 عامًا من الاحتجاز. 

ويعاني أحمد صبري ناصف من احتجاز تعسفي امتد لما يقرب من تسع سنوات دون إدانته بارتكاب جريمة واحدة. ورغم صدور أكثر من حكم ببراءته، إلى جانب عدد من قرارات بإخلاء سبيله، إلا أن وزارة الداخلية  استمرت في تجاهل الأحكام والقرارات القضائية التي أنصفته،  وقدمته للنيابة للتحقيق معه على ذمة تسع  قضايا متفرقة خلال السنوات الماضية.

تشدد المبادرة المصرية على ضرورة إطلاق سراح هشام ممدوح علي  وأحمد صبري ناصف، وتناشد النائب العام حفظ كافة القضايا المفتوحة بحقهما. وتأمل المبادرة المصرية أن يعمل الإنترنت بشكل طبيعي في الجلسة القادمة، أو أن تقرر هيئة المحكمة العودة إلى الأصل وعقد الجلسة في حضور المتهمين بشخصهما، للنظر في وضعهما بشكل شامل على مدار السنوات الماضية، وما تعرضا له من ملاحقة غير مبررة وتعسف، وأن تأخذ قرارها بإسقاط الاتهامات التي يواجهانها والإفراج عنهما، خاصة وأنه  لم يتم القبض على أي منهما متلبسًا قط، ولم يواجها بأي أدلة حقيقية، أو شهود جادين.

*”حصاد الظلم” في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: عقد من القمع يعرّي جوهر حكم العسكر في مصر

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لا تحتاج مصر إلى شعارات ولا خطابات رسمية من حكومة الانقلاب، بل تحتاج إلى النظر في مرآة الحقيقة التي يضعها أمام الجميع تقرير “حصاد الظلم” الصادر عن منظمة “هيومن رايتس إيجيبت”. التقرير لا يتحدث عن “تجاوزات فردية” أو “أخطاء محدودة”، بل عن منظومة قمع مكتملة الأركان تشكلت منذ لحظة انقلاب يوليو/تموز 2013 على أول رئيس مدني منتخب، وتحولت إلى ماكينة سحق مستمرة لأكثر من 12 عامًا ضد أي صوت يرفع شعار يناير: “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”.

منذ ذلك اليوم، كما يوثّق التقرير، لم يعد الانقلاب مجرد واقعة سياسية، بل صار نمط حكم قائم على تصفية المجال العام، وتجريم المعارضة، وتحويل مؤسسات الدولة – الجيش والشرطة والقضاء – إلى أذرع متكاملة في مشروع واحد: الانتقام من ثورة يناير، وإخضاع مجتمع كامل بالخوف والسجون والقبور المجهولة.

انقلاب 2013.. لحظة كاشفة لعداء الدولة للشعب

يرى التقرير أن انقلاب 2013 كان لحظة “كاشفة” أكثر مما كان “مؤسسة”؛ إذ أظهر بوضوح حجم العداء البنيوي داخل مؤسسات القوة لمطلب الحكم المدني. ما ظهر بعد ذلك لم يكن “انحرافًا طارئًا”، بل ترجمة عملية لرؤية تعتبر الشعب خصمًا محتملاً يجب ضبطه بالقمع، لا شريكًا في إدارة الدولة.

هذا العداء تجلّى في تفكيك أي تعبير مستقل عن إرادة الناس: أحزاب، نقابات، حركات شبابية، إعلام، مجتمع مدني. كل ما خرج من رحم يناير تعرّض للاستئصال أو التدجين، تحت غطاء قانوني وإعلامي كثيف، يبرر الإبادة السياسية باسم “الحرب على الإرهاب” و”حماية الدولة”.

الإخفاء القسري.. من جريمة إلى سياسة دولة

يوثّق “حصاد الظلم” 20,344 حالة اختفاء قسري بين منتصف 2013 ونهاية أكتوبر 2025، بينهم 1,333 مختفيًا في عام 2025 وحده. هذه الأرقام لا تعكس “حالات شاذة”، بل تؤكد تحول الإخفاء القسري إلى أداة أمنية مركزية في يد الدولة لإرهاب المجتمع، وكسر أي إمكانية لعودة الحراك.

ظهور بعض المختفين بعد خمس أو ست سنوات من الاحتجاز السري في مقار غير قانونية، بلا عرض على نيابة ولا محاكمة، يكشف حجم الانفلات الأمني وانهيار أي رقابة قضائية حقيقية. نحن أمام دولة تُشرعن الخطف، وتُجرّم السؤال عن مصير المخطوفين، وتطلب من الأهالي الصمت أو الصبر بينما أبناؤهم في المجهول.

قضاء يتحول إلى مقصلة جماعية

1613 حكمًا بالإعدام، نُفذ منها 105 أحكام – معظمها في قضايا سياسية ومحاكمات جماعية تفتقد لأبسط معايير العدالة – ليست إحصائية عابرة، بل عنوان لعسكرة القضاء وتحويله إلى مقصلة في يد السلطة التنفيذية. الطفرة الحادة في أحكام الإعدام خلال عام 2024، كما يشير التقرير، تعكس بوضوح تصاعد استخدام القضاء كأداة انتقام، لا كسلطة مستقلة للفصل في النزاعات.

في هذا السياق، يفقد المواطن أي ثقة في العدالة، ويصبح القاضي في نظر الضحايا جزءًا من ماكينة القمع، لا حائط صدّ أمام تغوّل الأجهزة الأمنية. هكذا يكتمل مثلث القمع: أمن يعتقل ويخفي، نيابة تُشرعن، وقضاء يصدر الأحكام وفق هوى السلطة.

“التدوير”: سجن بلا نهاية

يصف التقرير “جرائم التدوير” بأنها من أخطر الأدوات التي اخترعتها السلطة لضمان بقاء المعارضين خلف القضبان إلى ما لا نهاية. 2744 حالة تدوير بين 2018 و2021، ثم 229 حالة في 2023، و206 حالات موثقة في النصف الأول من 2024، أرقام تكفي لإثبات أننا أمام سياسة ممنهجة، لا اجتهادات فردية.

الضحية لا يخرج من السجن عمليًا؛ تنتهي قضيته الأولى على الورق، ليجد نفسه متهمًا في قضية جديدة بنفس الاتهامات تقريبًا: “الانضمام”، “نشر أخبار كاذبة”، “إساءة استخدام وسائل التواصل”. صحافيون، محامون، أطباء، نشطاء، نساء، قُصّر… الكل ضمن دائرة استهداف واحدة، هدفها رسالة واضحة: السجن بلا سقف زمني، والخروج مشروط بالاستسلام الكامل أو الموت.

سجون تتحول إلى مقابر

1266 وفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز بين 2013 و2025، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والظروف القاسية، يجعل من السجون المصرية – وفق تعبير المنظمة – “بيئة قاتلة” للمعارضين. نحن لا نتحدث عن “سوء إدارة”، بل عن استخدام الحرمان من العلاج وسوء التغذية والتكدس والاحتجاز الانفرادي كأدوات قتل بطيء.

تكدس شديد، منع زيارات، حرمان من الدواء، طعام لا يليق حتى بالحيوانات، وحبس انفرادي مطوّل يُستخدم كتعذيب نفسي وجسدي. في ظل هذا الواقع، تصبح كل وفاة داخل السجن جريمة مع سبق الإصرار، لا حادثًا عرضيًا.

نساء ونواب.. لا خطوط حمراء للقمع

450 امرأة وفتاة معتقلة سياسيًا، وفق التقرير، يتعرضن للتفتيش المهين، والتحرش الجسدي واللفظي، والحرمان من الرعاية الصحية والتعليم، والمنع من السفر، ومصادرة الممتلكات. استهداف النساء بهذه الصورة يكشف أن النظام لم يترك أي “خط أحمر” أخلاقي أو اجتماعي، وأن الانتقام من يناير يشمل كل من شارك فيها رجالاً ونساءً.

حتى البرلمانيون الذين يُفترض أن يتمتعوا بحصانة، لم يسلموا؛ 101 نائب منتخب يقبعون في السجون، توفي 11 منهم بسبب الإهمال الطبي، مع أحكام قضائية ضد ثلاثة آخرين. هذه الأرقام تكشف انهيار مبدأ الفصل بين السلطات، وتحوّل البرلمان نفسه إلى هدف من أهداف تصفية الحياة السياسية.

يوم عالمي لحقوق الإنسان.. وواقع يفضح النظام

في العاشر من ديسمبر، تحتفل دول العالم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما تقدّم مصر – كما يرصد التقرير – نموذجًا مضادًا لكل ما جاء في تلك الوثيقة. دولة تهمّش القانون، وتعاقب المعارضة، وتحجب الكرامة الإنسانية عن عشرات الآلاف من السجناء وأسرهم، لا يمكنها أن تتحدث بجدية عن “إصلاح” أو “حوار وطني” أو “جمهورية جديدة”.

“حصاد الظلم” يخلص إلى أن النظام القائم لم يرَ في الشعب إلا خصمًا يجب إخضاعه، ولا في ثورة يناير إلا عدوًّا يجب الانتقام منه. وأي حديث عن انتقال حقيقي لا يمكن أن يبدأ قبل كشف مصير المختفين، ومحاسبة المسؤولين عن التعذيب والقتل، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واستعادة القضاء لاستقلاله. دون ذلك، سيبقى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في مصر مجرّد تاريخ على الورق، فوق مقابر مفتوحة وسجون مكتظة وبلد يحكمه الخوف.

 

*التوصل إلى اتفاق نهائي في الصفقة الأكبر بين مصر وإسرائيل

كشفت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية أن اتفاقا نهائيا تم التوصل إليه بين شركات حقل “لوثيانووزارة الطاقة الإسرائيلية، يمهد لتصدير 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر.

وتبلغ قيمة الصفقة التي يطلق عليها الأكبر بين مصر وإسرائيل 35 مليار دولار، وأكدت الصحيفة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيوقع الاتفاق خلال الساعات المقبلة.

وأفادت الصحيفة أن المفاوضات استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل في مقر الوزارة، بين ممثلي شركات الحقل الثلاثة — “نيو ميد” (45.33%) برئاسة يوسي أبو، و”شيفرون” (39.66%)، و”راتسيو” (15%) — ومسؤولي وزارة الطاقة، حيث تم التوصل إلى تفاهمات حاسمة تضمن توفير سعر مضمون للسوق المحلي، ما يعيد تفعيل الإطار التنظيمي لاتفاق الغاز القديم.

كما التزمت شركات حقل لوثيان أمام الحكومة الإسرائيلية بإعطاء الأولوية للسوق المحلي، عبر تزويده مباشرةً بالغاز في حال حدوث أي أعطال في حقول أخرى مثل “كريش-تانين” أو “تمار“.

وأشارت “غلوبس” إلى أن نتنياهو يسارع في إقرار الصفقة تمهيدًا لاجتماعه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر، ولتلبية الدعم الأمريكي الواضح لشركة “شيفرون”، الشريك الأمريكي في المشروع.

وبعد الموافقة الحكومية النهائية، من المتوقع أن تعقد شركةات لوثيان اجتماعًا خلال أسبوعين لاتخاذ قرار استثمار رسمي بتوسيع بنية الحقل، وذلك لضمان إنجاز جميع الإجراءات قبل سفر نتنياهو إلى واشنطن.

وأفادت الصحيفة أن قطر حاولت استغلال التأخير في إقرار الصفقة، وسعت إلى إقناع القاهرة بشراء كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال (LNG) منها كبديل. لكنها أشارت إلى أن اتفاق مصر مع شركة “هارتي بارتنرز” الأمريكية بقيمة 4 مليارات دولار يبقى بعيدًا جدًّا عن حجم الصفقة القادمة من لوثيان، والتي تمثّل 22% من مخزون الحقل و13% من إجمالي قدرة الغاز في إسرائيل.

وأوضحت “غلوبس” أن الدافع الحقيقي وراء هذه الصفقة الضخمة يكمن في الأزمة الطاقية المتفاقمة في مصر، الناتجة عن:

  • النمو السكاني الهائل (من 44 مليون نسمة عام 1981 إلى نحو 100 مليون عام 2020)،
  • ارتفاع درجات الحرارة،
  • سوء إدارة الموارد المحلية.

وأشارت إلى أن إنتاج الغاز في مصر بلغ ذروته عام 2021 عند 71 مليار متر مكعب، لكن الاستخراج المفرط أدّى إلى تراجع سنوي بنسبة 14%، ليصل إلى 45 مليار متر مكعب فقط عام 2024، بينما تبلغ الحاجة السنوية نحو 70 مليار متر مكعب — وهو فجوة لا يمكن لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي سدها دون استيراد كميات ضخمة.

ومن الناحية الإسرائيلية، فإن الصفقة تستهدف تمويل مشروعين حيويين في حقل لوثيان:

  1. مد أنبوب جديد من الحقل إلى منصات الإنتاج لرفع الطاقة السنوية من 12 إلى 14 مليار متر مكعب.
  2. ربط خط النقل بين أشكلون وأشدود لزيادة قدرة التوصيل إلى العريش في مصر بمقدار ملياري متر مكعب سنويًّا.

وبحسب الصحيفة، سيسمح هذا الاتفاق على المدى الطويل برفع إنتاج لوثيان إلى 21–23 مليار متر مكعب سنويًّا — أي ضعف الكمية المنتجة عام 2024.

وكشفت “غلوبس” أن مسؤولين أمريكيين كبارًا، بقيادة ترامب نفسه، كانوا منخرطين منذ أشهر في محاولة حل الجمود. وشارك في الجهود السفير مايك هاكابي ووزير الطاقة كريس رايت، الذي ألغى زيارةً مقررةً إلى إسرائيل قبل شهر بسبب رفض تل أبيب آنذاك الموافقة على الصفقة.

وأشارت إلى أن ضمان التزام “شيفرون” — التي تمتلك أصولًا ضخمة في أمريكا وكازاخستان وأستراليا — كان أحد المحاور الأساسية للمفاوضات الأمريكية، خشية أن تسحب استثماراتها من إسرائيل في حال فشل الاتفاق.

في المقابل، قالت وزارة الطاقة الإسرائيلية في ردّ رسمي:

الشخص المخوّل بالموافقة على إطار التصدير هو وزير الطاقة. المفاوضات في مراحل متقدمة، لكن لا تزال هناك قضايا بحاجة للحسم، ولذلك لم يُحدد موعد للتوقيع بعد“.

وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب رئيس الوزراء سيصدر بيانا.

*”ساويرس” ينفي و(هآرتس) العبرية تؤكد “ساويرس” زار تل ابيب والتقى “بلير” ضمن مناقشات إدارة غزة

نشرت صحافة الاحتلال الصهيوني (خاصة هآرتس) تقارير في ديسمبر 2025 عن زيارة نجيب ساويرس لتل أبيب، وربطت اسمه بملف غزة بعد الحرب.

في نفس السياق، ذُكر اسم توني بلير لأنه كان مطروحًا سابقًا كعضو في مجلس دولي محتمل لإدارة غزة، لكن تم استبعاده. بعد ذلك، ظهر اسم ساويرس كبديل محتمل، وهو ما جعل البعض يربط بينهما.

ومن جانبه، نفى ساويرس تمامًا عبر منصة “إكس” أنه زار تل أبيب أو التقى أي مسؤول هناك، ووصف الخبر بأنه “كذب ولا أساس له”.

وأضافت أنه حتى الآن، لا يوجد أي دليل أو تقرير موثوق يؤكد لقاء بين ساويرس وبلير في تل أبيب. الربط بينهما جاء فقط في إطار التكهنات الإعلامية حول إدارة غزة.

مصطفى بكري مندوب الأجهزة في الصحافة و”البرلمان” شن هجوما لاذعا على نجيب ساويرس وقال إنه “يزور الكيان الصهيوني ويلتقي القتلة الملوثة أيديهم بالدم”، مضيفا أن “دماء أبناء غزة لم تجف”، متسائلا “هل ذهبت لتبييض وجه نتنياهو؟ أم للاستثمار مع القتلة؟ أم لتقدم نفسك حاكما لغزة؟”.

أما الصحفي عبد الواحد عاشور فرأى أن بعض المنتقدين “بدؤوا في التصيد للرجل وكأنه ارتكب أم الكبائر”، لافتا إلى تجاهل كثيرين لنفيه، وأضاف “بفرض صحة الخبر، فإذا كان سعي ساويرس ـوهو شخصية دولية بارزةـ لترسيخ السلام وإعمار غزة، فما الذي يضير في ذلك؟ كفانا الحنجورية التي أضاعتنا”.

المخرج عز الدين دويدار وعبر @ezzeldendevidar قال “هآرتس العبرية تكشف أن نجيب ساويرس زار إسرائيل قبل أسبوع، وأنه التقى مع توني بلير عدة مرات، وأن توني بلير زار إسرائيل 7 مرات خلال عام واحد ، كل ذلك من أجل ترتيب سلطة احتلال جديدة لغزة تخدم مشروع إسرائيل وتعمل علي تفكيك المقاومة وهندسة التهجير والحصار.. يا مصريين ، إن كان فينا خير لغزة وفلسطين ،، فلا يكون بيننا مكان لنجيب ساويرس إذا شارك في هذا المشروع، ولا لشركات نجيب ساويرس، ولا لعائلة نجيب ساويرس … إلا فلسطين يا نجيب .. إلا فلسطين @NaguibSawiris
وأضاف “دويدار” لساويرس نصيحة “عندما خنت الثورة ودعمت الانقلاب عليها، مرت الأمور معك بسلام بالكاد … لكن لعلك لم تفهم بعد .. فلسطين وشعب غزة والمقاومة ،، خط أحمر.. قد تنتهي قصتـ. ك هنا …. حمد الله علي سلامتك وسلامة استثماراتك.”.

وقال المحامي خالد أبو بكر “أصدّقه تماما. لو راح كان هيقول”. وأضاف أنه لن يصدق “تقارير صحفية إسرائيلية ويكذب ابن بلده”.

ونشرت مدونة مصرية تدوينة قالت فيها “لا عجب في ذلك”، معتبرة أن ساويرس “لطالما هاجم الفلسطينيين”، وأنه “أغمض عينيه شهورا عن غزة، والآن يزورها -إن صح الخبرـ لتلميع صورة زعيم الإبادة”، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

عبدة المال

ويبدو أن ساويرس تناسى أن أول من نشر عن مشاركته مع مجلس ترامب – بلير لحكم غزة هي الجارديان والصحف البريطانية، كشفت صحيفة “الجارديان” نقلًا عن وثيقة سرية أن الملياردير المصري نجيب ساويرس من ضمن الشخصيات البارزة (10 شخصيات عالمية) من الخارج التي سيكون لهم أدوار محتملة في خطة الحكم في غزة بعد الحرب والتي سيرأسها توني بلير بترشيخ من رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب على العراق.

وسبق لنجيب راعي الكنيسة الاقتصادي ساويرس أن قدم رؤيته المنتقصة من مقاومة الشعب الفلسطيني كمسوغات للاختيار اللاحق والحالي من بلير وترامب له، وهو يرد على تصريح المجاهد في سبيل الله الواحد خالد مشعل وهو يؤكد أن، “مصر تعلم أن لولا 6 أكتوبر ما استعادوا سيناء، وبدون 7 أكتوبر لن نستعيد فلسطين.. العالم لا يحترم إلا الأقوياء”

وعبر تدوينة كتب ساويرس: “لا مقارنة اطلاقا ..فحرب ٦ اكتوبر كانت حرب تحرير بين جيش مصر العظيم و جيش العدو الإسرائيلى … رجل امام رجل و لم تعتدي او تخطف النساء و الاطفال و العجائز من المدنيين و العالم يحترم الأقوياء بالفعل لكن يحتقر الارهاب ضد المدنيين العزل ! و نتيجة 7 أكتوبر لا تبشر بخير على الاطلاق …..”.

وقال مراقبون إنه “لاعجب أن يرى المهندس نجيب ساويرس أنه لاحق للفلسطينيين فى مواجهة المحتل الإسرائيلى! وأن يرى 7 أكتوبر مجرد خطف للنساء والأطفال والعجائز! وأن يغمض عينيه عن خسائر إسرائيل وعجزها ل 15 شهرًا أن تقهر غزة !وأن يطلق أحقاد قلبه على المقاومة الفلسطينية!”

وساويرس له ماض “عريق” فى خدمة الإحتلال، فسبق أن وجه أبراج الإتصالات الخاصة بشركة موبينيل فى سيناء تجاه إسرائيل لتمكينها من التجسس على الدولة المصرية.

وفي يوليو 2014 قال “ساويرس”: “حركة حماس رغم تعديها على السيادة المصرية واقتحامها للسجون وقتلها للجنود المصري .. رغم قتلكم لجنودنا ليس لكم إلا مصر”!!

وزعم أن حماس تحول بوصلتها القتالية ضد مصر بإدعاء التفافي عندما قال: “معركتكم مع إسرائيل وليس مصر”!

وبشكل مباشر قال “ساويرس”: “حركة “حماس” الفلسطينية هي العدو الحقيقى والخطر الاكبر على مصر”!

بلير لن يحكم

وبلالتالي فإنه وبحسب المحلل السياسي  ياسر الزعاترة@YZaatreh  إن توني بلير لن يكون حاكما لغزة .. ماذا سيكون؟! وأنه في الأنباء أن سيّئ الذكر لن يتولى رئاسة “مجلس السلام” الذي يفكّر فيه ترامب لإدارة غزة.

وقال مقرَّب منه لـ”فايننشال تايمز” إنه سيُشغل بدلا من ذلك منصبا في المجلس الإداري التنفيذي الذي يعمل تحت إمرة المجلس الرئيسي، حيث سيشارك في التنفيذ اليومي للخطة إلى جانب جاريد كوشنر وستيف ويتكوف ومسؤولين من حكومات عربية وغربية.

وأوضح الزعاترة أن بلير (يبدو كما ساويرس) يعبد المال، وهو وجده عند الصهاينة والمتصهْينين، وأيّ دور جديد يُدرُّ عليه المزيد، سيكون مقبولا بالنسبة إليه، سواء كان رقم واحد أم أربعة، لا سيما إذا كان الصهاينة والمتصهْينون يريدونه.

ما يعنينا هنا هو أن الرفض العربي والإسلامية الرسمي يمكن أن يؤدي لنتيجة.

وحين يدرك المعنيون خطورة ما يجري كمقدمة لـ”صهيْنة المنطقة”، وتصفية القضية المركزية للأمّة، فإن بوسعهم أن يبادروا إلى مواقف قوية، بخاصة إذا رتّبوا أولوياتهم جيّدا، وتجاهلوا الأصوات التي لا ترى في الأرض شيطانا سوى ما يُسمّى “الإسلام السياسي”.

وعلق القيادي في حركة حماس طاهر النونو، قائلا: “إن صح خبر استبعاد بلير من مجلس السلام بشأن غزة فهو خطوة على الطريق الصحيح..    طلبنا من الوسطاء استبعاد بلير من مجلس السلام بشأن غزة بسبب انحيازه الصارخلإسرائيل“”.

وأضاف “سلاح المقاومة سيكون جزءا من سلاح الدولة الفلسطينية بعد إقامتها.. مسألة قيام قوة دولية بنزع سلاح المقاومة بالقوة مرفوضة ولم تناقش مطلقا.”.

وشدد على أنه ”  لا نعتقد أن تقبل أي دولة المشاركة في قوة يكون من مهامها نزع سلاح غزة بالإكراهط.

وأوضح أن الحركة لم تتسلم حتى الآن رؤية واضحة بشأن تشكيل القوة الدولية ومهامها وأماكن تمركزها بغزة

*كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان

لقي 17 مهاجرا حتفهم فيما لا يزال 15 آخرون في عداد المفقودين إثر غرق قارب كان يقل 34 شخصا قرب جزيرة كريت اليونانية ونجاة اثنين فقط من بين الركاب.

وأعلنت السلطات المحلية في اليونان أن غالبية الركاب من السودانيين والمصريين.

وبحسب رواية الناجيين الوحيدين (2)، فإن القارب كان يفتقر إلى الأغطية والطعام ومياه الشرب، كما أدى اضطراب البحر إلى فقدان توازنه قبل أن يغرق في ظل أحوال جوية قاسية ضربت كريت ومناطق أخرى من اليونان على مدى يومين.

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليونانية إن “جثامين الضحايا تخضع للتشريح لتحديد أسباب الوفاة”، مرجحة أن يكون انخفاض الحرارة أو الجفاف وراء مصرع عدد منهم داخل القارب.

وتم رصد القارب لأول مرة بعد ظهر السبت الماضي بواسطة سفينة شحن تركية، ما استدعى تدخل سفينتين من خفر السواحل وثالثة تابعة لوكالة “فرونتكسالأوروبية، إضافة إلى مروحية “سوبر بوما” وطائرة أوروبية وثلاث سفن عابرة شاركت في عمليات البحث والإنقاذ.

ونقلت وسائل إعلام يونانية عن مسؤول محلي قوله إن جميع الضحايا من الشباب، وإن القارب كان مفرغا من الهواء في جانبيه، ما أجبر الركاب على التكدس في مساحة ضيقة.

وقد أدى تعطل المحرك وتعرض القارب لعواصف وأمطار غزيرة خلال رحلته التي انطلقت الأربعاء الماضي من مدينة طبرق شرق ليبيا إلى غرقه على بعد 26 ميلا بحريا جنوب غرب كريت.

ووفق وكالة الأنباء الفرنسية، أكدت مسؤولة في المكتب الإعلامي لخفر السواحل أن الناجيين أبلغا بسقوط 10 أشخاص في البحر، بينما عثر على بقية الجثث داخل القارب الذي كان يتسرب إليه الماء.

وأشارت المسؤولة  إلى أن عمليات البحث ما تزال مستمرة بإشراف خفر السواحل.

*نقيب الصحفيين يفضح رئيس وزراء الانقلاب بشأن “الشائعات”: اختار سجن الحقيقة بدلاً من إتاحة المعلومات

في مواجهة جديدة بين صوت الصحافة والسلطة التنفيذية، خرج نقيب الصحفيين خالد البلشي ليرد على تصريحات رئيس الوزراء بشأن “مواجهة الشائعات” و”معاقبة مروجي الأخبار الكاذبة”، مؤكدًا أن مجلس الوزراء اختار الطريق العكسي تمامًا. البلشي قال بوضوح إن العقوبة الحقيقية للخبر الكاذب ليست الحبس ولا الغرامات ولا المنع من النشر، بل إتاحة المعلومات وتصحيحها بشفافية. هذه الكلمات تبدو بديهية في أي دولة تحترم مواطنيها، لكنها في مصر تتحول إلى موقف “جريء” لأن حكومة الانقلاب قررت أن تتعامل مع المجتمع باعتباره متهمًا، ومع الصحافة باعتبارها خصمًا يجب تحجيمه والسيطرة عليه.

تصريحات نقيب الصحفيين تفضح جوهر سياسة النظام الحالي في ملف الإعلام: سلطة تغلق باب المعلومات، ثم تتهم الناس بالجهل وسماع الشائعات؛ تمنع الصحفي من الوصول للحقيقة، ثم تحاكمه إذا حاول أن يبحث عنها. وبينما يتحدث رئيس الوزراء عن “حرب على الشائعات”، يضع البلشي إصبعه على الجرح: الشائعة تولد في غياب المعلومة، والسلطة التي تخاف من كشف الحقائق هي أول من يصنع بيئة خصبة للأخبار الكاذبة.

بدل الشفافية: قوانين قمع ومحاكمات

رد نقيب الصحفيين جاء ليكشف التناقض الفاضح في خطاب الحكومة. فبدلًا من أن تلتزم السلطة بنصوص الدستور الذي ينص على حق المواطنين في الحصول على المعلومات، وحرية الصحافة، وشفافية مؤسسات الدولة، لجأت حكومة الانقلاب إلى مسار آخر: تشديد العقوبات، محاصرة المواقع والصحف، توسيع تعريف “الخبر الكاذب” ليشمل أي رواية لا ترضي السلطة.

في ظل هذا المناخ، يصبح الصحفي مهددًا في كل لحظة: رقم في بلاغ، أو متهم في قضية، أو اسم على قوائم المنع من السفر، لمجرد أنه نشر ما تراه الحكومة “مخالفًا للرواية الرسمية”. بدل أن تقدّم الدولة بيانات دقيقة وفي وقتها عن الأزمات الاقتصادية، أو عن الكوارث، أو عن المشاريع التي تُنفق عليها مليارات الجنيهات، تختار الطريق الأسهل: اتهام من يسأل، ومعاقبة من يشكك، وتشويه من ينتقد.

تصريح البلشي بأن “عقوبة الخبر الكاذب هي إتاحة المعلومات وتصحيحه” ينسف هذا المنطق الاستبدادي من أساسه، لأنه يذكّر بأن الأصل هو حق المجتمع في المعرفة، لا حق السلطة في الإخفاء.

حكومة الانقلاب تخاف من الحقيقة

أخطر ما في خطاب مجلس الوزراء أنه يتعامل مع المجتمع بعقلية الطوارئ الدائمة: كل رأي مختلف “خطر”، وكل معلومة غير رسمية “تهديد للأمن القومي”، وكل صحفي يحاول أن يؤدي واجبه “مشبوه” أو “يخدم أجندات”. هذه العقلية لا تحارب الشائعات، بل تغذيها؛ لأنها تخلق فجوة واسعة بين ما يعيشه الناس في واقعهم، وبين ما تردده الحكومة في بياناتها وتصريحاتها التجميلية.

في زمن السوشيال ميديا وتدفق المعلومات من كل اتجاه، لا يمكن لأي سلطة أن تحاصر الحقيقة بالكامل، لكن يمكنها أن تجعل ثمن قول الحقيقة باهظًا. وهذا ما تفعله حكومة الانقلاب: تضغط على الصحفيين، تغلق منافذ الإعلام الحر، تقنن الحجب والمنع، ثم تتساءل لماذا تنتشر “الشائعات”!

عندما ينبه نقيب الصحفيين إلى أن الطريق الصحيح هو الشفافية، فهو عمليًا يتهم الحكومة بأنها اختارت عمدًا الطريق الخطأ: طريق التعتيم، ثم القمع، ثم تخويف المجتمع باسم “مواجهة الأكاذيب”.

حق المجتمع في المعرفة لا منّة من السلطة

جوهر المعركة هنا ليس بين نقيب الصحفيين ورئيس الوزراء، بل بين مفهومين للدولة: دولة ترى نفسها مالكة للحقيقة، لا يحق لأحد الاقتراب منها أو مساءلتها، ودولة حديثة تعترف أن الأصل أن يعرف المواطن كيف تُدار ثرواته، وأين تُصرف الضرائب، وما حقيقة الديون، وما يجري في الكواليس عند كل قرار مصيري.

تصريحات البلشي تعيد تذكير الجميع بأن حق الحصول على المعلومات ليس ترفًا ولا ميزة تمنحها السلطة حين تشاء وتسحبها حين تشاء، بل هو صمام أمان ضد الفساد، وضد الفشل، وضد تضليل الرأي العام. كلما حجبت الحكومة الأرقام الحقيقية عن الدين، والفقر، والبطالة، والمشروعات الخاسرة، وكلما أخفت تفاصيل الاتفاقات والقروض، ازدادت مسؤوليتها عن كل شائعة ستخرج من فراغ المعلومات.

حكومة الانقلاب التي تتحدث عن “استقرار” لا يمكن أن تبني استقرارًا حقيقيًا فوق أرضية من الكتمان والتضليل الإعلامي؛ لأن المجتمع الذي يُمنع من أن يعرف، سيتجه بالضرورة للبحث عما يقال في الكواليس والهوامش، وسيتعامل مع كل رواية بديلة باعتبارها أقرب للحقيقة من الرواية الرسمية.

بين نقابة تحاول الدفاع وسلطة تريد الإخضاع

موقف نقيب الصحفيين، رغم محدودية صلاحيات النقابة وقدرة السلطة على حصارها، يمثل صوتًا مهمًا في لحظة تحاول فيها الحكومة أن تُحمل الصحفيين مسؤولية كل ما يجري في البلد من غضب واحتقان. السلطة تريد من الإعلام أن يكون مجرد “بوق” يصفق، بينما يحاول البلشي أن يذكرها بأن وظيفة الصحافة هي العكس تمامًا: رقابة، مساءلة، وكشف للحقائق حتى لو أزعجت الحاكم.

المعادلة التي تفرضها حكومة الانقلاب على الإعلام واضحة: إما تكرر ما نقول، أو نصنفك ناشرًا للأكاذيب ومروجًا للشائعات. في وجه هذه المعادلة، يصبح تصريح نقيب الصحفيين دفاعًا عن الحد الأدنى من شرف المهنة وحق المجتمع في أن يسمع غير الصوت الرسمي. وتبقى الحقيقة البسيطة التي تحاول السلطة تجاهلها: لا قانون ولا سجن ولا تهديد يستطيع أن يهزم حقيقة موثقة، ولا يمكن لأي نظام أن يصمد طويلًا وهو يحارب حرية الصحافة وحق الناس في المعرفة.

*جولة إعادة مجلس النواب لم يحضر أحد رغم شراء الأصوات والخروقات

 رغم كل ما جرى حشده من أموال، ورشاوى انتخابية، وسيارات نقل للناخبين، وطوابير مصطنعة، وضغط أمني وإعلامي؛ جاءت جولة إعادة انتخابات مجلس النواب في دوائر الجيزة فضيحة سياسية مدوية لحكم الانقلاب، بعد أن كشفت صناديق الاقتراع عن الحقيقة العارية: الناس قاطعت، والشرعية غائبة، والعرس الانتخابي المزعوم بلا جمهور.

ثلاث دوائر أُعيدت الانتخابات فيها بقرار من المحكمة الإدارية العليا بسبب خروقات وتزوير، ورغم ذلك تتكرر نفس الانتهاكات: شراء أصوات، توجيه ناخبين، دعاية سافرة، ومنع صحفيين ومندوبين، في مشهد يكشف أن السلطة لا تعرف إلا صناعة ديكور انتخابي متهالك لتجميل برلمان مطعون في شرعيته من اللحظة الأولى.

صناديق فارغة وطوابير مصطنعة تفضح المشهد

المشهد أمام لجان الطالبية والعمرانية، والدقي والجيزة، وبولاق الدكرور كان أبلغ جواب من الناس على مسرحية الصناديق. لا طوابير حقيقية، لا زحام، لا حضور يُذكر، سوى سيارات أجرة وميكروباصات تحاول جرّ من يمكن جره إلى اللجان، في مقابل مبالغ مالية أو وعود زائفة.

اللجان التي كانت السلطة تتفاخر بصورها في الجولة الأولى، بطوابير “شباب وفتيات” من فئة عمرية واحدة، ظهرت الآن على حقيقتها: طوابير مصطنعة، مدفوعة الأجر، جزء من عملية تزييف وعي وتجميل صورة نظام يعرف أن الناس لا تريد المشاركة في لعبته.

في الدقي والجيزة، نصف ساعة كاملة دون دخول ناخب واحد للجنة مدرسة بدر بشارع إيران، يقول أكثر مما تقوله كل بيانات “النسبة العامة للاقتراع”. وفي مدرسة الأورمان الثانوية بنات، اختفى الزحام الوهمي، وبقيت لافتات المرشحين وكراسي الأنصار الفارغة شاهداً على عزوف حقيقي.

شراء أصوات بالجملة.. اعتراف رسمي لا يغيّر شيئًا

في الطالبية، تحوّلت الانتخابات إلى سوق علني لشراء الأصوات. حسب شهادات الأهالي، سيارات تابعة لحملة المرشح السيد زغلول تنقل الناخبين من وإلى اللجان، ثم إلى مقر تابع لحملته، حيث يتم توزيع 200 جنيه لكل ناخب بعد التصويت.

المرشح الذي اشتكى في طعنه السابق من “الرشاوى والتلاعب” عاد اليوم ليستخدم الأسلحة نفسها: المال السياسي، استغلال الفقر، وشراء الإرادة. والمرشح المستقل جرجس لاوندي لم يكن أفضل حالاً؛ جمع بطاقات الرقم القومي عبر أصحاب محلات، وأيضاً 200 جنيه للصوت، وتوزيع الأموال داخل كوافير حريمي أمام مدرسة أحمد عرابي.

الأخطر أن الهيئة الوطنية للانتخابات نفسها اعترفت بوجود “نقاط حشد” لشراء الأصوات في الطالبية، وخرج مديرها التنفيذي ليتحدث عن “متابعة الشكاوى” و”التنسيق مع الأمن”. اعتراف لا يغيّر شيئاً في الجوهر: الانتخابات تُدار في مناخ يسمح بالمال السياسي، ولا يملك إرادة حقيقية لتجريم ومحاسبة من يشترون البرلمان مسبقاً.

أمن يمنع الصحفيين ويُضيّق على المندوبين

في الوقت الذي تُترك فيه حملات المرشحين تشتري الأصوات وتدير الحشد بسيارات ميكروباص، يتفرغ الأمن لمهمة أخرى: منع الصحفيين والمراقبين الحقيقيين من أداء دورهم. ضابط شرطة أمام مدرسة الشهيد هشام شتا الإعدادية بنات يمنع صحفي “المنصة” من التصوير أو حتى الوقوف في محيط اللجنة.

داخل بعض اللجان، منعت الشرطة دخول مندوبي مرشحين رغم حملهم توكيلات، بحجة عدم وجود “بطاقات تعريف” صادرة من الهيئة الوطنية، بينما يُسمح على الجانب الآخر بحركة دعاية وحشد مموّلة، ومسيرات بالطبول والمزمار، وسيارات تحمل صور رئيس الانقلاب ومكبرات صوت تدعو الناس للنزول.

بهذا، تكتمل المعادلة: تضييق على الإعلام المستقل، وتحكم أمني في هوية المندوبين، وفتح الباب للمال السياسي والدعاية لصالح مرشحين بعينهم، في عملية انتخابية تفتقد أبسط شروط النزاهة والشفافية

مسرحية “انزل شارك”.. بلا جمهور

في بولاق الدكرور، سيارات ميكروباص تحمل علم مصر وعبارات “انزل شارك، ومسيرة صغيرة بالمزمار والطبول لا تتجاوز 20 شخصًا، سيارة دفع رباعي تحمل صورة السيسي ومكبرات صوت، لافتات على مسافة من اللجان، لكن النتيجة واحدة: إقبال محدود، حضور باهت، وعزوف واضح عن المشاركة.

كل هذه الأدوات الدعائية لم تنجح في إقناع الناس بالمشاركة، لأن التجربة المريرة مع برلمانات ما بعد الانقلاب كشفت حقيقتها: برلمان لا يشرّع لصالح الناس، بل يمرر القوانين التي تسحقهم، برلمان يوافق على بيع أصول الدولة ورفع الأسعار وحزمة الضرائب، ولا يمارس رقابة حقيقية على الحكومة أو الأجهزة الأمنية.

حين يهتف أحد المرشحين داخل مقر اللجنة “أي توجيه هيتصور”، فهذه ليست جملة عابرة، بل تلخيص ساخر لطبيعة المشهد: لا ثقة بين الأطراف، ولا قواعد واضحة، وكل طرف يخشى انكشاف ما يجري بالداخل، في انتخابات يفترض أنهاديمقراطية” و”نزيهة” 

شرعية منقوصة وبرلمان بلا تمثيل حقيقي

623 مرشحًا يتنافسون على 58 مقعداً في 30 دائرة أُعيدت الانتخابات فيها بعد إلغاء نتائج 68.5% من دوائر المرحلة الأولى بسبب خروقات جسيمة: شراء أصوات، توجيه ناخبين، عدم إرسال محاضر فرز. هذه النسبة وحدها كافية لإسقاط أي ادعاء بنزاهة العملية الانتخابية برمتها.

عندما تُلغى نتائج أغلب الدوائر بحكم قضائي، ثم تُعاد بنفس الأدوات: المال، الحشد، الأمن، المنع، والدعاية الرسمية؛ فنحن أمام نظام لا يريد انتخابات حقيقية، بل يحتاج فقط إلى ورقة يضعها أمام الخارج تقول إن “هناك برلماناً منتخباً”. 

ما حدث في جولة الإعادة بالجيزة رسالة واضحة من الشارع: الناس لم تعد تصدق مسرحية الصناديق، ولم تعد ترى في هذا المجلس تمثيلاً لها أو دفاعاً عن مصالحها، مهما جرى من شراء أصوات أو صناعة طوابير أمام الكاميرات.
في النهاية، يمكن لحكومة الانقلاب أن تشتري بعض الأصوات، لكنها لا تستطيع أن تشتري شرعية مفقودة، ولا احترام شعب قرر أن يقاطع صناديق يعلم مسبقاً أن نتائجها مكتوبة سلفاً.

*إعادة الانتخابات في الجيزة والدقي: عزوف شعبي وطوابير مصطنعة تفضح مسرحية النواب

المشهد الذي نقلته جولة الإعادة في دوائر الجيزة ليس انتخابات حقيقية، بل ساحة فارغة تحاول السلطة ملأها بطوابير مصطنعة ورشاوى انتخابية. صناديق بلا ناخبين، ومال سياسي يتحرك في الشوارع والسرادقات والشقق، هذه هي “الديمقراطية” في ظل حكم الانقلاب.

 انتخابات بلا ناخبين

اختفاء الناخبين عن اللجان في الدقي والجيزة وبولاق والعمرانية والطالبية جعل اليوم الثاني لإعادة الانتخابات نسخة أكثر فراغًا من اليوم الأول، رغم أنّ هذه الدوائر أُعيدت بقرار من المحكمة الإدارية العليا بدعوى تصحيح الخروقات وتحقيق النزاهة.

مدارس كاملة تحولت إلى نقاط أمنية صامتة، لا يدخلها سوى أفراد معدودين خلال نصف ساعة أو أكثر، وصناديق اقتراع شبه خالية وفق شهادة ناخبين ورؤساء لجان فرعية، بينما تستمر الدولة في بث خطاب “المشاركة الإيجابية” وكأن الناس تعيش في بلد آخر.

الطوابير المصطنعة بدل الإرادة الحقيقية

في غياب الناخبين الحقيقيين، عادت ظاهرة الطوابير المصطنعة أمام مدارس مثل الشهيد عامر عبد المقصود وجمال عبد الناصر بالدقي؛ عشرات الشباب والفتيات يقفون في صفوف منتظمة، يعرفون بعضهم جيدًا، ولا يتحركون نحو اللجان، في استعراض بصري موجه للكاميرات لا للصندوق.

حافلات وميكروباصات تنقل النساء إلى مداخل الشوارع المحيطة باللجان “عشان محدش يعملنا مشكلة”، وأعلام صغيرة توزَّع على السيدات أمام اللجان لتجميل الصورة، بينما تبقى الحقيقة أن أغلب الأهالي قرروا المقاطعة أو بيع الصوت عند أقرب نقطة شراء بدلاً من التصويت عن اقتناع.

حشد منظم وشراء أصوات بالجملة

في بولاق الدكرور والعمرانية والطالبية، تواصلت عمليات الحشد بسيارات ميكروباص وتكاتك تحمل صور المرشحين أو رموزهم الانتخابية وأرقامهم، فيما تجمّعت عشرات النساء والرجال خلف وحدات صحية ومدارس يحملون أوراقًا مطبوعًا عليها بياناتهم الانتخابية كاملة، في مشهد يختصر كيف يُدار الناخب كـ”ملف” لا كمواطن.

شهادات الأهالي وأصحاب المحال المحيطة باللجان تتحدث عن أسعار وصلت إلى 350 جنيهًا للصوت لصالح مرشحين مستقلين، و200 جنيهًا وكرتونة مواد غذائية لصالح مرشح حزب “حماة وطن” وآخر من حزب العدل المحسوبَين على معسكر السلطة، مع انتقال عملية الشراء من الشارع إلى الشقق المغلقة بعد مداهمات شكلية في اليوم الأول. 

هيئة انتخابات وداخلية.. شريك لا رقيب

رغم أن المرحلة الأولى السابقة شهدت خروقات جسيمة من شراء أصوات وتوجيه ناخبين وعدم إرسال محاضر فرز، دفعت المحكمة الإدارية العليا والهيئة الوطنية لإلغاء نتيجة 68.5% من دوائرها، فإن الإعادة لم تُصلح شيئًا جوهريًا، بل أعادت إنتاج الأساليب نفسها مع قليل من التجميل وتقليل الفجاجة العلنية.

الشرطة تطرد بعض مندوبي المرشحين من داخل مقرات الاقتراع بحجة عدم حمل التصاريح اللازمة، لكنها لا تمنع في المقابل تدفّق المال السياسي في محيط اللجان، ولا توقف حافلات الحشد، ولا تغلق “شقق شراء الأصوات” التي تحوّلت إلى سر جديد يعرفه كل سكان الأحياء الشعبية. 

برلمان يُصنع في الميكروباص لا في الصندوق 

الأرقام المتداولة من رؤساء اللجان الفرعية عن مئات فقط من المصوّتين من بين عشرات الآلاف المقيدين في الكشوف، تكشف أن الشرعية السياسية لهذا البرلمان مفقودة حتى قبل أن يُعلن عن النتيجة رسميًا.

برلمان يُصنع بأموال المرشحين المتحالفين مع السلطة، وبحملات حزبية تابعة لمعسكر الانقلاب، وبحشد الفقراء مقابل فتات نقدي وكرتونات غذاء، لن يمثل إلا من موّلوه، ولن يكون سوى أداة إضافية لتمرير ما تريده السلطة التنفيذية، بينما يبقى الشعب غائبًا عن المعادلة، إما مقاطعًا أو مُستغلًا في سوق الأصوات الرخيصة.

 

عن Admin