
الاحتلال الإسرائيلي قد يشن هجومًا على مصر ونتنياهو قد يلتقي السيسي بالقاهرة بوساطة أمريكية.. السبت 13 ديسمبر 2025م.. “السيسي” يطرح محطات كهرباء “جبل الزيت” للأجانب رغم بنائها بمليارات الشعب
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
*القضاء الإداري ينظر أولى جلسات دعوى لإلزام الخارجية بحماية محامٍ مصري محبوس بالسعودية
تنظر الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في الرحاب، أولى جلسات الدعوى المقامة لإلزام وزارة الخارجية والقنصلية المصرية بجدة باتخاذ إجراءات دبلوماسية وقنصلية لحماية المحامي المصري نِمِر فرج عبدالعزيز خلف الله المحتجز بالمملكة العربية السعودية، وذلك على خلفية واقعة اعتداء واحتجاز داخل الحرم المكي خلال شهر أغسطس 2025.
وحملت الدعوى رقم 12208 لسنة 80 ق – رول 37 أول، وأقامها محمد فرج عبدالعزيز خلف الله شقيق المحامي المحتجز، ويمثله في الدعوى الأستاذان عمرو الخشاب (عضو مجلس النقابة العامة للمحامين) وعلي أيوب (المحامي بالنقض والإدارية العليا).
وقائع الدعوى
تضمنت صحيفة الدعوى أن المحامي نِمِر فرج عبدالعزيز خلف الله تعرّض لاعتداء جسدي وإهانة من عناصر أمن أثناء أدائه مناسك العمرة برفقة أسرته، قبل اقتياده واحتجازه لساعات بصورة مهينة، ثم نقله إلى سجن الشمسي – عنبر رقم 43، مع منعه من التواصل مع القنصلية المصرية.
وأكدت الصحيفة أن الواقعة شهدت انتهاكًا صريحًا للضمانات القنصلية، وأن الأسرة تقدمت بمناشدات وبلاغات رسمية لوزارة الخارجية والقنصلية المصرية بجدة، دون أن يقابل ذلك أي تحرك فعلي أو تواصل رسمي أو إرسال مندوب أو فتح تحقيق في الواقعة.
الأساس القانوني للطعن
استندت الدعوى إلى عدة مرتكزات قانونية، أبرزها:
- مخالفة الدستور الذي يلزم الدولة بحماية ورعاية المواطنين المصريين بالخارج.
- مخالفة قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الذي يوجب متابعة قضايا المصريين في الخارج والدفاع عن حقوقهم.
- انتهاك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، ولا سيما المادة 36 الخاصة بحق الاتصال القنصلي والتدخل الفوري.
- اعتبار امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ الإجراء الواجب قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون وقابلًا للطعن.
- إساءة استعمال السلطة بالتخلي عن حماية مواطن مصري تعرّض للإهانة والاحتجاز.
طلبات عاجلة أمام المحكمة
طالبت هيئة الدفاع، في الشق العاجل من الدعوى، بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر عن وزارة الخارجية والقنصلية المصرية بجدة، وإلزامهما بالتحرك الفوري لدى السلطات السعودية لتأمين حماية المحامي المحتجز ومتابعة التحقيقات، مع اعتبار عنصر الاستعجال متحققًا لتفاقم الضرر الواقع على سلامته وكرامته.
وفي الموضوع، طالبت الدعوى بإلغاء القرار السلبي وإلزام الجهة الإدارية باتخاذ جميع الإجراءات الرسمية والدبلوماسية اللازمة، وتحميلها المصروفات وأتعاب المحاماة.
وتأتي هذه الدعوى في سياق مطالبات متزايدة بتفعيل الدور القنصلي والدبلوماسي في حماية المواطنين المصريين بالخارج، وضمان احترام حقوقهم القانونية والإنسانية، خاصة في القضايا التي تمس الكرامة والسلامة الشخصية.
* مأساة الطفل عبدالله بومدين.. 8 أعوام على إخفائه القسري بعد اعتقاله في عمر 12 عامًا
رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان مأساة الشاب السيناوي عبد الله بومدين نصر الله عماشة، الذي مضت 8 سنوات على اختفائه قسريًا، بعد اعتقاله وهو في عمر الثانية عشر.
وكان يفترض أن يحتفل عبدالله بعيد ميلاده العشرين بين أفراد أسرته اليوم، غير أنّ هذا الاحتفال تأجّل للعام الثامن على التوالي، بعدما حُرم من طفولته وحريته وتكوينه الإنساني منذ تعرضه للاختطاف والإخفاء القسري في 31 ديسمبر 2017.
وبدأت المأساة بتصفية الابن الأكبر، ثم اختفاء الأب قسريًا، قبل أن تُختَطف براءة الطفل عبدالله وهو في سن 12 عامًا، فيما وصفته الشبكة المصرية بأنه تجسيد صارخ لسياسة العقاب الجماعي التي تُمارَس ضد السكان المدنيين في شمال سيناء، بعيدًا عن الرقابة والمحاسبة.
طفل يُنتزع من بيته ليُدفن في دائرة من الانتهاكات
وُلد عبدالله بومدين في 12 ديسمبر 2005. وبعد أسابيع قليلة من احتفاله بعيد ميلاده الثاني عشر، اقتحمت قوة أمنية منزل أسرته بمدينة العريش، واعتقلته دون سند من القانون أو إذن قضائي.
وتم احتجازه تعسفيًا في قسم أول العريش، محرومًا من التواصل مع أسرته أو أي ضمانات قانونية أساسية.
وفي فبراير 2018، نُقل الطفل إلى الكتيبة 101 بالعريش، أحد أسوأ أماكن الاحتجاز غير الرسمية في شمال سيناء، حيث تعرض لانتهاكات بدنية ونفسية جسيمة أثرت على سلامته الجسدية وتكوينه النفسي، في انتهاك فاضح لكل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفل.
وعلى الرغم من صغر سنّه، أُحيل في يوليو 2018 إلى النيابة، وجرى حبسه على ذمة القضية 570 لسنة 2018 باتهامات ذات طابع إرهابي، في تجاهل كامل لمبدأ عدم مسؤولية الطفل الجنائية في مثل هذه السياقات ولضمانات العدالة الجنائية.
وعلى الرغم من صدور قرار من نيابة الأحداث في ديسمبر 2018 بإيداعه في دار رعاية أو تسليمه لأسرته، إلا أن القرار لم يُنفّذ، واستمرت السلطات في احتجازه بشكل تعسفي وغير قانوني.
إخفاء قسري
وبعد نقله إلى قسم ثاني العريش، مُنعت أسرته من رؤيته، قبل أن يختفي مجددًا. وبعد أسبوعين، أنكرت الجهات الأمنية وجوده من الأساس.
وأكدت الشبكة المصرية الإنسان أن عبدالله محتجز منذ ذلك الحين داخل مقر الأمن الوطني بالعريش، حيث يواجه عزلة تامة ومصيرًا مجهولًا منذ سبع سنوات كاملة.
وإلى جانب اختفاء عبدالله، لا زال والده مختفيًا قسريًا منذ سنوات، بينما جرى اعتقال شقيقه الأكبر عبد الرحمن وتعذيبه قبل تصفيته.
وطالبت الشبكة المصرية بالإفراج الفوري عن عبدالله، وتمكين أسرته ومحاميه من لقائه، وفتح تحقيق شفاف ومستقل في كافة الانتهاكات التي تعرض لها، وتقديم المسؤولين عنها إلى المساءلة القضائية.
واعتبرت أن استمرار اختفاء طفل لمدة سبع سنوات كاملة هو وصمة عار قانونية وإنسانية، وانتهاك خطير للقانون الدولي، ولمبادئ حماية الطفل، ولأبسط معايير الكرامة الإنسانية.
*أسبوع التعذيب الذي انتهى بالموت.. تفاصيل مقتل الطالب “أيمن صبري” تحت التعذيب وغياب المساءلة يهدد بتكرار المأساة
على مدار أربعة أشهر كاملة، ظلّت قضية مقتل الطالب الجامعي أيمن صبري محمود عبد الوهاب (21 عامًا) عالقة بين دهاليز الصمت الرسمي وتراخي الجهات المسؤولة، بينما بقي المتهمون يمارسون أعمالهم دون إيقاف أو مساءلة، رغم ثبوت تورطهم في تعذيب الشاب حتى الموت. تتزامن هذه المماطلة مع مخاوف حقوقية من تكرار المأساة بحق ضحايا آخرين، في ظل استمرار الجناة في مواقعهم.
استيقاف ينتهي بالموت
بدأت فصول الجريمة في 19 يوليو 2025، حين أقدم الرائد محمد الصادق، رئيس مباحث مركز شرطة بلقاس، ومعه قوة من الشرطة، على استيقاف أيمن داخل أحد صالونات الحلاقة. ورغم تفتيشه دون العثور على أي ممنوعات، قام أمين الشرطة جمال الصياد بتقييده واقتياده إلى مركز الشرطة، دون سند قانوني أو إذن ضبط.
لم يحرَّر محضر بالضبط أو الاحتجاز لمدة يومين كاملين، بل وُضع الشاب داخل “ثلاجة القسم” — مكان يُستخدم عادة كحجز مؤقت — في معزل عن القانون والأسرة والحقوق الأساسية. وبطريقة باتت مألوفة في هذا النوع من القضايا، جرى لاحقًا تلفيق قضية حيازة مخدرات وسلاح ناري له، ليُعرض على النيابة التي قررت حبسه احتياطيًا أربعة أيام.
تعذيب ممنهج حتى الموت
أعيد أيمن إلى مركز الشرطة بعد قرار النيابة، لتبدأ مرحلة أخرى أكثر قسوة. فبحسب روايات شهود العيان وتقارير الطب الشرعي، تعرض الشاب لتعذيب وحشي مستمر لعدة أيام، شارك فيه الملازم أول يوسف شلبي، بمساعدة أمين شرطة يدعى إبراهيم، وسجين يُدعى السيد ظريف.
عُذّب المجني عليه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة مع غروب 26 يوليو 2025. تقارير الطب الشرعي — سواء التقرير الأول أو تقرير اللجنة الثلاثية بالقاهرة — أثبتت بصورة قاطعة أن الوفاة ناتجة عن اعتداء عنيف متواصل، وهو ما تطابق مع شهادات 19 محتجزًا آخرين، أكدوا تفاصيل التعذيب وأسماء المتورطين.
أدلة كاملة.. وتعطيل كامل للعدالة
ورغم تراكم الأدلة الفنية والقَولية، فوجئ أهل الضحية والمنظمات الحقوقية بعدم اتخاذ أي إجراء احترازي ضد المتهمين، فلم يُوقَفوا عن العمل، ولم تُمنَع اتصالاتهم أو احتكاكهم بمسرح الجريمة أو المحتجزين الآخرين، وهو ما يثير مخاوف من العبث بالأدلة وتعطيل العدالة عمدًا.
كما لم تُحَل القضية حتى الآن إلى محاكمة جنائية، ما اعتبرته جهات حقوقية ضوءًا أخضر لتمدد الإفلات من العقاب.
وقائع تتكرر.. والذاكرة لا تنسى
ترى منظمة نجدة لحقوق الإنسان أن ما جرى لأيمن يعيد فجائع مصر القريبة مع حوادث مشابهة تحولت إلى قضايا رأي عام، أبرزها مقتل الشاب خالد سعيد، ثم المحامي كريم حمدي بقسم المطرية، وخليل أبو هيبة بقسم ثالث المحلة، وغيرهم ممن قُتلوا تحت وطأة التعذيب أو بسبب سوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز.
وتشير المنظمة إلى أن تكرار السيناريو ذاته — الاستيقاف غير القانوني، الاحتجاز خارج الإطار الرسمي، ثم تلفيق اتهامات قبل ممارسة التعذيب — يعكس نمطًا أوسع من الانتهاكات الممنهجة، لا مجرد حادث فردي.
مطالبات بإحالة عاجلة ومنع العبث بالأدلة
وطالبت المنظمة النائب العام بسرعة إحالة الضباط والأفراد المتورطين في الجريمة إلى محاكمة جنائية عادلة وشفافة، مع اتخاذ تدابير احترازية فورية، كإيقافهم عن العمل ومنعهم من الاقتراب من الأدلة أو التواصل مع الشهود.
وأكدت أن التراخي في التعامل مع مثل هذه القضايا يمثل نوعًا من التواطؤ، وأن إفلات المتهمين من العقاب يشجع على تكرار الجرائم داخل أماكن الاحتجاز، ويهدد سلامة المواطنين وحقهم في العدالة.
* بعد 11 عامًا خلف القضبان.. رحلة عبدالله ربيع بين القضايا المؤجلة والأمل المؤجل
رغم مرور أكثر من أحد عشر عامًا على القبض على الشاب عبدالله ربيع حين كان لا يزال في الثامنة عشرة من عمره، ما يزال ملفه القضائي ينتقل من قضية إلى أخرى، دون أن يلوح في الأفق أي مؤشر واضح على إنهاء معاناته الممتدة، أو تنفيذ الوعود التي تلقتها أسرته من جهات متعددة.
وبين جدران السجن، قضى عبدالله سنوات شبابه كاملة، بينما تواصل والدته توجيه نداءات متكررة للمسؤولين، مطالبة بإنهاء ما تصفه بـ«الظلم المستمر» بحق ابنها.
بداية الحكاية: واقعة عابرة تحوّلت إلى سنوات من الاحتجاز
تعود القصة إلى أغسطس 2014، حين كان عبدالله جالسًا مع اثنين من أصدقائه أمام أحد المقاهي في منطقة فلل الجامعة بالزقازيق. خلال مرور إحدى الدوريات الأمنية تم توقيفه، ورغم أن التحقيقات لم تُثبت ضلوعه في أي اتهامات، فقد خرج بعد 45 يومًا فقط بقرار من النيابة العامة بإخلاء سبيله مقابل كفالة خمسة آلاف جنيه.
خرج الشاب معتقدًا أن الأمر انتهى، لكن أسرته فوجئت بتحويل القضية لاحقًا إلى القضاء العسكري، ليصبح «مطلوبًا»، ويعيش لعام كامل في خوف من أن يُعاد القبض عليه في أي لحظة.
اعتقال جديد.. وقضية لم يكن طرفًا فيها
في 10 أبريل 2015، ألقت قوات الأمن القبض عليه مرة أخرى من أحد شوارع الزقازيق. المفاجأة الأكبر —بحسب أسرته— أنه لم يُعرض على القضية القديمة التي خرج منها، بل أُلحق بقضية جديدة تخص أحداثًا داخل جامعة الزقازيق، رغم كونه طالبًا بجامعة عين شمس، ولا علاقة له بتلك الواقعة.
حُكم على عبدالله بالسجن ثلاث سنوات، أنهى مدتها كاملة، لينتقل بعدها إلى القسم في الموعد نفسه الذي تم القبض عليه فيه، ليُفاجأ بوجود حكم آخر صادر بحقه في القضية العسكرية ذاتها، يقضي بسجنه خمس سنوات إضافية.
انتهاء الأحكام.. وبداية الدوامة
انتهت مدة حبسه في القضايا المحكوم بها رسميًا في أبريل 2020. غير أن رحلته مع الحرية لم تبدأ، فقد وجد نفسه –كما تروي أسرته– يتنقل بين قرارات إخلاء سبيل تُصدر ثم تُلغى، وبين قضايا تُفتح وتُغلق دون أن يغادر أسوار السجن.
تقول والدته: «عبدالله بقاله ست سنين بيدور بين القضايا. ده لوحده عقوبة! ازاي شاب يتحبس 11 سنة كاملة وهو داخل عنده 18 سنة؟ عشريناته كلها ضاعت.. اتاخد طفل وطلع راجل معرفش معنى الحياة بره السجن».
أمل يتجدد ثم يخبو
تؤكد الأسرة أنها تواصلت مع عدد كبير من أعضاء لجنة العفو، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتلقت وعودًا متكررة بإعادة النظر في وضعه القانوني، لكن دون أي نتيجة حتى الآن.
وتضيف والدته في رسالة نشرتها عبر فيسبوك بمناسبة عيد ميلاده الثلاثين:
«كل سنة وأنت طيب يا عبدالله. كان المفروض تكون أجمل سنين حياتك.. لكنك قضيتها في الزنازين. أتمنى المسؤولين يبصّوا لملفك بعين الرحمة. كفاية كده.. ارحموا شاب اتاخد وهو طفل ولسه مستني فرصة يعيش».
دعوات للتضامن
تدعو الأسرة كل من يعرف قصة عبدالله —أو سمع عنها— إلى الكتابة عنها ودعم حقه في الخروج، آملة أن يصل صوتها إلى الجهات المختصة.
تقول الأم: «قولوا لعبدالله إنكم فاكرينه وإنه مش لوحده.. يمكن كلمة من ناس بتقف جنبه تكون سبب إنه يرجع ويرجعله عمره اللي راح».
*القناة 14 العبرية: “إسرائيل” قد تشن هجومًا على مصر
أفادت القناة 14 العبرية بأن “إسرائيل” قد تشن هجومًا على مصر في محاولة لوقف التهريب عبر حدودها.
وبحسب القناة، فإن التقييم الأمني أظهر أن عمليات التهريب على الحدود الغربية لا تقتصر على “إسرائيل” فحسب، بل تشمل أيضًا غزة، بما في ذلك نقل الأسلحة.
وقالت: “إذا تأكدت هذه التقييمات، فقد تتخذ إسرائيل إجراءات لإحباط هذا التهديد أينما تم رصده – سواء في الأراضي المصرية، أو في غزة، أو داخل البلاد“.
يأتي هذا بعد بعد أن أحبطت القوات “الإسرائيلية” في الأسبوع الماضي شبكة تهريب كانت تنشط على الحدود المصرية مؤخرًا، وذلك خلال عملية استمرت نحو ثماني ساعات، شاركت فيها وحدات خاصة من الجو والبر في ملاحقة ستة مشتبه بهم في عمليات التهريب.
وبحسب التفاصيل، أطلق ضباط الشرطة المتواجدون في الموقع النار على مركبة “ريزر” الرباعية الدفع التي كانت تستقلها الفرقة، مما أدى إلى انقلابها واعتقال المشتبه بهم.
وفي الوقت نفسه، قامت قوات إضافية بإغلاق طرق الهروب في المنطقة، مما أسفر عن القبض على المهربين الستة جميعهم.
وكان وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس أعلن في أواخر نوفمبر الماضي أنه أصدر تعليمات للجيش لتحويل المنطقة المتاخمة للحدود بين “إسرائيل” ومصر إلى منطقة عسكرية مغلقة، وتعديل قواعد الاشتباك تبعًا لذلك “من أجل التصدي لتهديد الطائرات المُسيّرة الذي يعرّض أمن الدولة للخطر الذي يهدف إلى تسليح أعدائنا، واستهدف كل من يقتحم تلك المنطقة“.
*السيسي سيلتقي ترامب لبحث تعديل معاهدة السلام مع إسرائيل وطلب تدخل عاجل لحل الخلاف مع إثيوبيا
نقل موقع “ذا ناشيونال” الأمريكي، أمس الجمعة، عن مصادر أمريكية قولها إن عبد الفتاح السيسي سيزور واشنطن الشهر الجاري لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وتلك الزيارة ستكون الأولى للسيسي خلال ولاية ترامب الثانية، وأشارت تقارير سابقة إلى تجنب السيسي زيارة البيت الأبيض عندما كانت هناك خلافات بين القاهرة وواشنطن حول الوضع في غزة، لكن البلدين متقاربان حاليا بعد توقيع اتفاق شرم الشيخ لوقف الحرب الإسرائيلية على القطاع واليوم التالي للحرب.
ووفق التقرير الأمريكي فإن السيسي وترامب سيبحثان مجموعة من القضايا الإقليمية الرئيسية، بما في ذلك العلاقات بين مصر وإسرائيل في أعقاب الحرب على غزة وسد النهضة في إثيوبيا على نهر النيل.
ولم تحدد المصادر، التي أُطلعت على الاستعدادات لزيارة السيسي، موعدا دقيقا للزيارة أو مدتها، لكنها أشارت إلى أن اجتماعا بين السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يستضيفه الرئيس ترامب بنفس الوقت، قيد الدراسة.
ونقل التقرير عن أحد المصادر قوله: “تتواصل الاتصالات بين القاهرة وواشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال الزيارة، وقد سافر مسؤولون مصريون إلى واشنطن لعقد اجتماعات مع مسؤولين في إدارة ترامب“.
وواصل: “تريد مصر التأكد من التوصل إلى اتفاقيات، أو على الأقل إلى أرضية مشتركة، قبل الزيارة“.
اتفاق غزة ومعاهدة السلام مع إسرائيل
وأوضحت المصادر، وفق التقرير، أن السيسي سيناقش مع ترامب تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام في غزة، وسيستطلع رأيه حول ضرورة إدخال “تعديلات” على معاهدة مصر وإسرائيل لعام 1979، لتعكس ما وصفوه بالتغيرات الجيوسياسية الأخيرة.
وقالت المصادر إن القاهرة تسعى في المقام الأول إلى تخفيف القيود المنصوص عليها في المعاهدة بشأن عدد أفراد الخدمة ونوع الأسلحة التي يمكن نشرها في المنطقة (ج)، وهي الجزء المتاخم لإسرائيل في شبه جزيرة سيناء.
وبموجب بنود المعاهدة، لا يُسمح لمصر سوى بنشر قوات من شرطة الحدود مُجهزة بأسلحة نارية في المنطقة، مع ذلك سمحت إسرائيل لمصر بإرسال قوات وأسلحة ثقيلة إلى هناك لمحاربة التنظيمات الإرهابية.
وعززت وجودها العسكري في المنطقة بعد سيطرة إسرائيل على الشريط الحدودي بين غزة وسيناء، ويُعتقد على نطاق واسع أن تعزيز القوات المصرية تم دون موافقة إسرائيل الصريحة، ما دفع السياسيين والمحللين اليمينيين في إسرائيل إلى التحذير من أن مصر تستعد لخوض حرب ضد إسرائيل، لكن السيسي أكد مرارا أن معاهدة السلام لا تزال حجر الزاوية في السياسة الخارجية لمصر، بحسب التقرير.
وفي وقت سابق ذكر موقع أكسيوس أن ترامب كان يسعى للتوسط في عقد اجتماع بين السيسي ونتنياهو، حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بترامب في 29 ديسمبرالجاري، خلال زيارة تستغرق 8 أيام إلى الولايات المتحدة.
ووفق التقرير فإن السيسي ألغى زيارة إلى واشنطن في فبراير الماضي، بعد أن أعلن ترامب نيته إعادة توطين سكان غزة في مصر والأردن وتحويل القطاع الساحلي إلى منتجع سياحي، مشيرا إلى رفض مصر بشدة لهذه الخطة، لكن العلاقات تحسنت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، وزار ترامب مصر في نوفمبر للإعلان عن خطة سلام غزة وبدء سريان وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل
وذكرت المصادر أن السيسي سيطلب من ترامب التدخل بشكل مباشر في حل النزاع المصري طويل الأمد مع إثيوبيا بشأن السد الضخم على نهر النيل، والذي تعتبره القاهرة تهديدا لحصتها الحيوية من مياه النهر.
وأشارت المصادر إلى أن مصر تريد من ترامب إقناع إثيوبيا بضرورة إدارة السد بشكل مشترك من خبراء ينتمون لدول حوض النيل الـ11 إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الإفريقي، كما تطالب مصر بدعم الرئيس الأمريكي لمعاهدة إقليمية جديدة تمنع دول حوض النيل من بناء سدود على النهر دون استشارة الدول الأخرى.
وكانت إدارة ترامب قد توسطت في ولايته الأولى في النزاع بين مصر وإثيوبيا وتم التوصل إلى اتفاق لكن إثيوبيا رفضت التوقيع عليه في اللحظة الأخيرة، ليفشل مسار المفاوضات على مدار نحو 15 عاما في الوصول إلى اتفاق.
*بوساطة أمريكية نتنياهو قد يلتقي السيسي بالقاهرة
يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لزيارة القاهرة لتوقيع اتفاق بمليارات الدولارات لتوريد الغاز الطبيعي إلى مصر، في خطوة قد تُشكّل أول زيارة رسمية له للقاهرة منذ نحو 15 عامًا. وفقًا لتقرير لصحيفة” تايمز أوف إسرائيل”، نقلًا عن مصدر دبلوماسي أميركي رفيع.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشر، الجمعة، أن مسؤولين إسرائيليين يعملون خلال الأيام الأخيرة مع دبلوماسيين أميركيين كبار للتحضير للزيارة المرتقبة للقاهرة، ولقاء يجمع نتانياهو بعبد الفتاح السيسي.
وأضافت الصحيفة أن سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، يقود الجهود الرامية إلى تنظيم القمة المحتملة في القاهرة، بعدما بات حلقة الوصل الأساسية بين نتانياهو وواشنطن، وكذلك مع عدد من الدول العربية، عقب استقالة وزير الشؤون الاستراتيجية السابق رون ديرمر من منصبه الشهر الماضي.
وذكرت تقارير صحفية في الأسابيع الماضية أن الولايات المتحدة تسعى إلى عقد قمة ثلاثية تضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتانياهو والسيسي، سواء في القاهرة أو على هامش زيارة متوقعة لنتانياهو إلى الولايات المتحدة. وكان السيسي قد وجّه دعوة لنتانياهو، بوساطة من ترامب، للمشاركة في قمة شرم الشيخ في أكتوبر الماضي، إلا أن نتانياهو اعتذر حينها بسبب عطلة دينية.
وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه العلاقات بين إسرائيل ومصر توترًا منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، حيث توقفت الاتصالات الدبلوماسية المباشرة بين الجانبين لنحو عامين، باستثناء التنسيق الأمني، لا سيما بين أجهزة الاستخبارات بشأن ملف الرهائن.
وأشار التقرير إلى أن الخلافات شملت في الأشهر الأخيرة إدارة معبر رفح، وقضية النازحين من غزة، واحتمال مشاركة مصر في قوة الاستقرار الدولية، إضافة إلى توترات جديدة على خلفية محاولات تهريب من مصر إلى إسرائيل باستخدام طائرات مُسيّرة.
أما صفقة الغاز، فتوصف بأنها اتفاق طويل الأمد تصل قيمته إلى نحو 35 مليار دولار، لكنها ما تزال محل نقاش داخل إسرائيل. إذ أعرب وزير الطاقة إيلي كوهين عن مخاوف من أن تؤدي صادرات الغاز إلى استنزاف الاحتياطيات الإسرائيلية والإضرار بأمن الطاقة المحلي، ما دفعه إلى تأجيل إتمام الصفقة.
وقال كوهين: “لن أسمح لنتانياهو بتوقيع الاتفاق قبل تسوية جميع التفاصيل، بما في ذلك الخلافات الأمنية مع المصريين”.
* تحركات مصرية لمنع خطط التهجير الإسرائيلية وإنقاذ اتفاق وقف حرب غزة
تسابق القاهرة الزمن في أسابيع مفصلية من حرب غزة، وسط شعور متزايد بأن إسرائيل تحاول استثمار لحظات الهدنة لتكريس وقائع ديموغرافية جديدة على الأرض. ومع تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، كثفت مصر اتصالاتها مع واشنطن والأوروبيين، في محاولة لتثبيت ما تحقق في المرحلة الأولى ومنع انهيار الاتفاق بكامله.
وفي ظل بروز إشارات إسرائيلية تعيد طرح فكرة تهجير الفلسطينيين، والتشكيك في القوات العربية والإسلامية المرشحة للمشاركة في ما يسمى “قوة الاستقرار الدولية” لمراقبة الوضع في قطاع غزة، تجد القاهرة نفسها أمام تحدي حماية دورها في الوساطة، وفي الوقت نفسه منع تشكل خرائط جديدة قد تمتد آثارها إلى أمنها القومي وحدودها الشرقية.
كيف تقيم مصر موقف المقاومة وإسرائيل؟
مصدر مصري مطلع قال إن القاهرة ترى أن الفصائل الفلسطينية التزمت حرفياً بما هو مطلوب لتجاوز المرحلة الأولى من الاتفاق، ما دفع مصر لمضاعفة اتصالاتها مع واشنطن والاتحاد الأوروبي.
ويبقى الهدف المركزي، بحسب المصدر، هو إقناع الطرفين بأن نجاح اتفاق وقف حرب غزة مرهون بممارسة ضغط مباشر على إسرائيل التي تعمل على تثبيت وجودها في مناطق واسعة من القطاع، وتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
ويضيف المصدر أن إسرائيل تسعى إلى “الوصول إلى نقطة انهيار الاتفاق”، ما سيحمل تبعات خطيرة على أمن المنطقة بأكملها. ويكشف أن القاهرة أوصلت رسائل واضحة للولايات المتحدة تفيد بأن جميع الخيارات تبقى مطروحة إذا واصلت إسرائيل سياسات على الأرض تستهدف الدفع نحو مخطط التهجير.
مصدر يوضح أن مصر والوسطاء يرصدون بدقة ما تقوم به إسرائيل ميدانياً:
- تكثيف الانتشار خلف الخط الأصفر،
- العمل على توسيعه وتحويله فعلياً إلى حدود جديدة تفصل بين مناطق الاحتلال ومناطق وجود الفلسطينيين،
- تجريف مساحات واسعة وخلق مناطق فارغة تشبه “منطقة عازلة ممتدة“.
وبحسب المصدر، فإن إسرائيل تسعى إلى حصر الفلسطينيين داخل جيوب ضيقة، وتحويل الخط الأصفر إلى واقع ديموغرافي جديد، وهو ما تعتبره القاهرة “خطوة تتجاوز مجرد خرق للاتفاق إلى هندسة سكانية كاملة“.
ويرى المصدر أن إسرائيل “توظف اتفاق وقف إطلاق النار لصالحها فقط”، وأن تثبيت وضع ميداني جديد قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق وفوضى بالقرب من الحدود المصرية، إلى جانب خسارة الثقة بين القاهرة والفصائل التي حملتها مسؤولية الدفع باتجاه التهدئة.
وعود غربية ضعيفة وشكوك مصرية
بحسب مصدر، فإن القاهرة تواصلت مع أطراف أمريكية وأوروبية لإدانة الانحراف الإسرائيلي عن الاتفاق، مضيفاً أن وعوداً وردت من هذه العواصم بشأن الضغط على تل أبيب، لكن مصر “لا تثق تماماً” في قدرة هذه الضغوط على تغيير سلوك الحكومة الإسرائيلية.
ويشير إلى أن التحركات الإسرائيلية، من إعادة طرح ملف التهجير، إلى إعلان الخط الأصفر حدوداً جديدة، إلى السعي لفرض مناطق عازلة، إضافة إلى تعطيل المرحلة الثانية وشروطها المتعلقة بالقوات الدولية، كلها تصب في اتجاه واحد: “إفراغ الاتفاق من محتواه وتحويله إلى غطاء لإعادة هندسة القطاع بالكامل“.
وخلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، الثلاثاء 9 ديسمبر/كانون الأول 2025، ناقش الطرفان جهود تنفيذ الخطة.
وشدد عبد العاطي على ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تطبيق قرار مجلس الأمن 2803، وسرعة تشكيل قوة الاستقرار في غزة، والمضي في تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة القطاع، إلى جانب الانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وفي لقاء آخر مع وفد أوروبي برئاسة كريستوف بيجو، أكد عبد العاطي ثوابت الموقف المصري الرافض لأي دعوات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو تغيير الوضعين الجغرافي والديموغرافي للقطاع.
وعلى هامش منتدى الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: “نحن الآن في اللحظة الحاسمة… وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة“.
المرحلة الثانية من اتفاق وقف حرب غزة
تتضمن المرحلة الثانية انسحاباً إسرائيلياً إضافياً من المواقع التي ما تزال تسيطر عليها في غزة — وتشكل نحو 53% من مساحة القطاع — إلى جانب نشر قوة دولية وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يشمل “مجلس السلام” بقيادة ترامب.
ويقول مصدر مصري مسؤول إن الإشارات الأمريكية باقتراب الانتقال إلى المرحلة الثانية خلقت صراعاً خفياً بين إسرائيل والوسطاء. ويضيف: “الوسطاء والفصائل التزموا حرفياً بالمرحلة الأولى، بينما تعمل مصر لضمان أن تكون المرحلة الثانية مصحوبة بتحريك ملف إعادة الإعمار، خصوصاً بإعادة تهيئة البنية التحتية في جميع المناطق، سواء الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أو لحركة حماس“.
لكن هذه الرؤية تواجه عراقيل إسرائيلية عديدة، إذ ترفض تل أبيب، وفق المصدر، توسيع إعادة الإعمار خارج المناطق التي تحتلها، وتطرح “مناورات ومراوغات” لعرقلة أي تطبيق فعلي للاتفاق.
ضغط مصري–قطري وملف السلاح
المصدر أوضح أن مصر وقطر تعملان على تعزيز الضغط على واشنطن، وأن التلويح القطري بعدم المشاركة في الإعمار مفهوم بالنسبة للقاهرة، لأنه يعكس الحاجة لوجود ضمانات تمنع تدمير القطاع مجدداً.
وتعمل القاهرة، وفق المصدر، على بلورة تفاهمات مع حماس بشأن مستقبل السلاح، ما في ذلك “تجميد السلاح” أو التوصل إلى صيغة توافقية يُجمع عليها فصائل المقاومة. كما تكثف القاهرة اتصالاتها مع الأطراف الفلسطينية للتوصل إلى توافق حول تشكيل لجنة إدارة غزة تكون مرجعيتها السلطة الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، أنهت القاهرة تدريب عناصر الأمن الفلسطينيين الذين سيشاركون في قوة الاستقرار، وهي، بحسب المصدر، “منفتحة على خيارات متعددة” بشأن تشكيل مجلس السلام، بشرط أن تكون مهمته مؤقتة ومرتبطة بالإعداد لإقامة دولة فلسطينية.
ويؤكد المصدر أن اتصال عبد العاطي وروبيو تطرق إلى ضرورة انسحاب عسكري إسرائيلي واسع من معظم مناطق القطاع، وفتح المجال أمام عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية دون قيود مصطنعة، ما في ذلك تجاوز الخط الأصفر، إلى جانب إدخال المساعدات وإطلاق الإعمار.
لكن في المقابل، تلقت القاهرة مطالب أمريكية إضافية تخص الضغط على حماس لنزع سلاحها، وهي نقطة ترى القاهرة أنها “معقدة للغاية” وقد تعرقل الانتقال السلس للمرحلة الثانية.
ويشير المصدر إلى أن هناك استعدادات للإعلان عن جدول تفصيلي للمرحلة الثانية مطلع الشهر المقبل، يتضمن وصول أول وفد من القوة الدولية وبدء انسحاب إسرائيلي تدريجي. ويرجح أن يؤدي الالتزام بهذه المرحلة إلى انفتاح اقتصادي وتجاري أكبر بين دول عربية وإسرائيل، بشرط انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها.
ومع ذلك، تبقى القاهرة، كما يقول المصدر، “غير مطمئنة لنوايا إسرائيل”، وتستعد للتعامل مع أي محاولة لإعادة الاتفاق إلى نقطة الصفر.
من جهته، مصدر فلسطيني قال إن المرحلة الثانية تواجه خلافات واضحة بين الأطراف، خصوصاً بشأن سلاح المقاومة ودور حماس خلال المرحلة الانتقالية. وتشير واشنطن، وفق المصدر، إلى رغبتها في تفعيل بعض بنود المرحلة الثانية الآن، مثل إعادة الإعمار في المناطق الشرقية وتعيين قائد للقوة الدولية.
لكن الموقف الأمريكي لا يركز على تشكيل لجنة التكنوقراط كما يرغب الوسطاء، بحجة وجود خلافات على بعض الأسماء. ويرى المصدر أن لقاء ترامب المرتقب مع نتنياهو قد يحدد ملامح المرحلة المقبلة، لكن الظروف “غير ناضجة” للانتقال الكامل.
عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران قال لوكالة “فرانس برس” إن “أي نقاش حول بدء المرحلة الثانية يجب أن يسبقه ضغط من الوسطاء والضامنين، لضمان التطبيق الكامل من الاحتلال لكل بنود المرحلة الأولى“.
وتنص المرحلة الأولى على تبادل الرهائن والمعتقلين ووقف القتال ودخول المساعدات، وقد أكدت الأمم المتحدة تسجيل مجاعة في مناطق عدة من القطاع، ويضيف بدران أن كل الجهات المتابعة تُجمع على أن الاحتلال “لم ينفذ التزاماته“.
ترامب يضغط وجيش الاحتلال يخشى “حائط برلين”
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية ذكرت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمارس ضغوطاً متزايدة لدفع إسرائيل إلى المرحلة الثانية من خطته. وتقول الصحيفة إن تراجع الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأصفر أثار نقاشات حول احتمال تشكيل “حائط برلين جديد” على حدود غزة.
لكن الإدارة الأمريكية، بحسب الصحيفة، لا تتبنى هذا التصور الإسرائيلي، ولا ترى الانسحاب طريقاً نحو فصل دائم. وتضيف هآرتس أن واشنطن فوجئت إيجاباً بالتزام حماس بتنفيذ التفاهمات، ما عزز رغبتها في الدفع نحو استكمال مراحل الانسحاب.
وفي ظل تعقد الملفات وتشابك المصالح، يبدو اتفاق غزة أمام منعطف حرج. فالمسار الدبلوماسي مستمر لكنه هش، والضغوط متصاعدة، والرهان المصري–القطري–الأمريكي على إنقاذ المرحلة الثانية يواجه مقاومة إسرائيلية واضحة. ومع خطر التهجير وتغيير الديموغرافيا، تبقى القاهرة أمام معادلة دقيقة: منع انفراط الاتفاق… ومنع انفجار غزة مرة أخرى.
*رغم بنائها بمليارات الشعب “السيسي” يطرح محطات كهرباء “جبل الزيت” للأجانب
في حلقة جديدة من مسلسل التخلي عن أصول الدولة الاستراتيجية، وافق مجلس وزراء الانقلاب برئاسة مصطفى مدبولي على استكمال إجراءات طرح محطات توليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة “جبل الزيت” بقدرة 580 ميغاواط، ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
خطوة تُسوّق لها السلطة باعتبارها “توسيعاً لقاعدة الملكية” و”الاستغلال الأمثل لأصول الدولة”، بينما حقيقتها أنها بيع منظم لمرافق حيوية تم إنشاؤها بمال الشعب وتحت لافتة “الطاقة الجديدة والمتجددة”، ليجري تسليمها تدريجياً لرأس المال المحلي المتحالف مع السلطة وللمستثمر الأجنبي الباحث عن أرباح مضمونة في سوق محتكر.
في وقت يعاني فيه المصريون من فواتير كهرباء ملتهبة، وانقطاعات متكررة، وسياسات رفع الدعم بلا رحمة، تواصل حكومة الانقلاب تصدير خطاب “الإصلاح” و”جذب الاستثمار” كغطاء سياسي لتفكيك ما تبقى من القطاع العام وخصخصة قطاعات حيوية مثل الطاقة، لصالح شبكة محدودة من المستفيدين في الداخل وأطراف مالية في الخارج.
بيع الطاقة الاستراتيجية تحت شعار “الطروحات”
البيان الرسمي الصادر عن مجلس الوزراء يتحدث كعادته عن “الاستغلال الأمثل لأصول الدولة”، و”تطويرها”، و”زيادة مساهمة القطاع الخاص”، و”تعزيز الشفافية والحوكمة”. لكن خلف هذه العبارات المنمقة، يمر قرار بالغ الخطورة: طرح محطات “كهرباء جبل الزيت” التابعة لهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وهي من أكبر مشروعات الرياح في مصر والمنطقة، بسعة إجمالية 580 ميغاواط، موزعة على ثلاث محطات رئيسية.
هذه المحطات لم تُنشأ في يوم وليلة، بل كلفت مليارات من المال العام، وجرى الترويج لها طويلاً كمنجز وطني في ملف الطاقة المتجددة، وبالتعاون مع الحكومة الإسبانية. اليوم، تتحول هذه “المفخرة” إلى سلعة في سوق الطروحات، بدل أن تكون قاعدة يبني عليها المصريون استقلالهم الطاقي وتحولهم نحو مصادر مستدامة بأيدٍ وطنية وإدارة عامة خاضعة للمحاسبة.
من ملكية الشعب إلى عقود الاستثمار
الخطاب الرسمي يتحدث عن “توسيع قاعدة ملكية الشركات” و”زيادة جاذبية السوق المصرية”. لكن السؤال الجوهري: توسع لمصلحة من؟ هل سيتم تمكين المواطن المصري العادي من امتلاك حصة حقيقية في هذه الأصول؟ أم أن الأمر سينحصر، كما جرت العادة، في مؤسسات مالية وبنوك وصناديق استثمار محلية وخارجية، بينما يُترك الشعب يتفرج على ما كان يوماً ملكاً عاماً يتحول إلى أرقام في محافظ استثمارية مغلقة؟
واقع مصر في السنوات الأخيرة يجيب بوضوح: كل موجات “الطروحات” و”الشراكة مع القطاع الخاص” لم تعنِ إلا مزيداً من تركّز الثروة، وارتفاعاً في الأسعار، وتحويل الدولة من مالك ومدير ومخطِّط إلى مجرد جابي ضرائب ورسوم لسد عجز الموازنة وخدمة الديون المتفاقمة. طرح “جبل الزيت” ليس خروجاً عن هذا النمط، بل تأكيد صارخ عليه.
طاقة الرياح.. ربح مضمون يُفرَّط فيه
محطات الرياح في “جبل الزيت” تمثل واحداً من أنجح نماذج الاستثمار في الطاقة المتجددة:
- قدرة إجمالية 580 ميغاواط موزعة على ثلاث محطات (240 + 220 + 120 ميغاواط).
- تمويل وتنفيذ بمشاركة دولية وخبرات فنية متراكمة.
- مصدر طاقة نظيف ترتفع أهميته عالمياً مع التوجه للحد من الانبعاثات.
أي مستثمر يعرف أنه يدخل إلى مشروع جاهز، قائم، مربح، في قطاع حيوي يمثل مستقبل الطاقة في العالم. لماذا لا تستفيد الدولة المصرية بنفسها من هذا الربح طويل الأجل؟ لماذا تتخلى عن أصول قائمة لتوفر سيولة قصيرة الأجل؟ الجواب بسيط وقاسٍ: لأن حكومة الانقلاب أدارت الاقتصاد بمنطق القروض والمشروعات الاستعراضية والديون، حتى باتت تبحث عن أي أصل يمكن بيعه أو رهنه لسد فجوات عاجلة، دون اعتبار حقيقي لحقوق الأجيال القادمة.
“إصلاحات هيكلية” أم تفكيك ممنهج؟
البيان الحكومي يربط طرح “جبل الزيت” ببرنامج أوسع يشمل بيع حصص في شركات كبرى بقطاعات الطاقة والخدمات اللوجستية والصناعة والاتصالات، بالتوازي مع “الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية”. لكن ما يُسمى “إصلاحاً” في قاموس المؤسسات المالية الدولية يعني عملياً:
- تقليص دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي.
- بيع الأصول العامة.
- رفع الدعم وترك السوق للمضاربات والاحتكار.
- تحويل الخدمات الأساسية إلى مصدر ربح للشركات.
بهذا المعنى، طرح محطات “جبل الزيت” ليس قراراً فنياً ولا اقتصادياً صرفاً، بل قرار سياسي بامتياز، يعكس انحيازاً كاملاً لمنطق النيوليبرالية المتوحشة، في بلد يعيش أكثر من ثلث سكانه تحت خط الفقر، ويُسحق طبقته الوسطى بين الغلاء والضرائب وغياب شبكات أمان حقيقية.
شعب محروم من الكهرباء.. وسلطة تبيع محطاتها
المفارقة المؤلمة أن قرار طرح محطات “جبل الزيت” يأتي في ظل شكاوى متصاعدة من المواطنين من ارتفاع فواتير الكهرباء، وتكرار الانقطاعات، وحديث رسمي متواصل عن كلفة الإنتاج وضرورة “ترشيد الاستهلاك”. إذا كانت الدولة تعاني مالياً كما تقول، فلماذا تتخلى عن أصول مدرّة للدخل في قطاع حيوي كالكهرباء؟ وإذا كانت تهدف إلى “تعظيم الاستفادة”، فلماذا لا تضمن على الأقل أن يكون لأي طرح سقف واضح للأسعار وحماية للمستهلك المصري من جشع المستثمر؟
الحقيقة أن المواطن لا يجد مكاناً في معادلة اتخاذ القرار. لا استفتاء شعبياً، لا نقاش برلمانياً حراً، لا شفافية في تفاصيل العقود، لا رؤية منشورة للعوائد المتوقعة وكيفية استخدامها. كل ما يراه المصريون هو مسار متصاعد لبيع الجسور والطرق والموانئ والشركات ومحطات الطاقة.. والآن “جبل الزيت” الذي كان يُقدّم يوماً كنموذج لمستقبل واعد في الطاقة النظيفة.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: كم محطة كهرباء، وكم مشروع طاقة متجددة، وكم أصل استراتيجي يجب أن يُطرح للبيع، قبل أن يدرك المصريون أن المعركة لم تعد حول رفع الأسعار فقط، بل حول بقاء ما تبقى من ملكية الدولة والمجتمع في مواجهة حكومة انقلاب حولت أصول البلد إلى قائمة انتظار في بورصة الطروحات؟
*”بيتك في مصر” كيف تحوّل المصريون بالخارج إلى “خزان عملة صعبة” لسداد ديون مصر؟
في الوقت الذي تغرق فيه مصر في أسوأ أزمة عملة منذ عقود، يواصل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وحكومته البحث المحموم عن أي منفذ يدر دولارًا واحدًا، حتى لو كان الثمن استنزاف مدخرات المصريين بالخارج وبيع ما تبقى من أصول ومدن الدولة على الورق.
مبادرة «بيتك في مصر» التي تروج لها الحكومة كخدمة للمغتربين، ليست في حقيقتها إلا أداة جباية جديدة، تستهدف جمع نحو 4.9 مليار جنيه عبر بيع أقل من ألف وحدة في مرحلة واحدة، مقابل “تسهيل” وحيد: ادفع بالدولار لتُنقذ ميزان المدفوعات والديون لا لتضمن مستقبلك.
هذه المبادرة، التي تتفاخر بها وزارتا الإسكان والخارجية، تكشف حجم الاختناق المالي الذي تعيشه السلطة، وتعري منطقها المعهود: كل أزمة تتحول إلى فرصة للجباية، وكل مواطن في الداخل أو الخارج يُعامل كـ“حصالة عملة صعبة” يجب كسرها عند أول ضائقة.
بيع الوهم: إقبال ضخم على وحدات محدودة
وفق مصادر بوزارة الإسكان لموقع “المنصة”، تجاوزت طلبات شراء وحدات مبادرة «بيتك في مصر» المطروحة في المرحلة الثالثة عدد الوحدات الفعلية بأكثر من 10 أضعاف، مع تمركز أغلب الطلبات في العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة ماسبيرو.
لكن خلف هذه الأرقام “المبهرة” تكمن حقائق صادمة:
- الحكومة طرحت 892 وحدة فقط في المرحلة الثالثة، لكنها تروج لطلب يفوق العرض عشر مرات، في محاولة لصناعة انطباع كاذب بـ“النجاح الساحق”.
- التركيز على العاصمة الإدارية ومثلث ماسبيرو ليس صدفة، بل استمرار لسياسة دفع السوق قسرًا نحو مشروعات السلطة ذات الطابع الدعائي والسياسي، حتى لو كان ذلك على حساب المدن القديمة واحتياجات السكن الحقيقية للمواطنين.
- ما يراه البعض “فرصة استثمارية” للمغترب، تراه الحكومة في المقابل حبل نجاة مؤقتًا لتوفير بضعة ملايين من الدولارات تسد بها فجوة عاجلة، دون أي رؤية لإصلاح السبب الحقيقي للأزمة.
الدولار إجباري.. والجنيه مجرد رقم على الورق
الأخطر في المبادرة ليس في عدد الوحدات، بل في آلية السداد التي تعكس منطق السلطة في التعامل مع العملة الوطنية والمصريين في الخارج:
- شرط السداد بالدولار الإجباري عند قبول الطلب، بينما يتم التسعير بالجنيه فقط “على الورق”.
- عند دفع مقدم الحجز أو الأقساط، يُحتسب المبلغ وفقًا لسعر صرف الدولار في حينه، بما يعني أن المغترب لا يعرف الكلفة الفعلية مسبقًا، وأن الحكومة تحمي نفسها من تقلبات سعر الصرف على حسابه.
- في المقابل، لا توفر الحكومة أي ضمانات حقيقية ضد تعطل المشروعات أو تأخر التسليم أو تدهور قيمة الأصل في ظل انهيار القدرة الشرائية للجنيه وتضخم عشوائي في أسعار العقارات.
بهذه الصيغة، يتحول المصري بالخارج إلى ممول مباشر لأزمة العملة، بلا أي شفافية حول مصير أمواله أو استدامة المشروع، بينما تتهرب الحكومة من الاعتراف بجذر الأزمة: سياسات الاقتراض المفرط، والمشروعات الضخمة بلا جدوى اقتصادية حقيقية، وانهيار الصناعة والإنتاج.
العاصمة الإدارية وماسبيرو: تعويم الفشل عبر أموال المغتربين
طرح 62 وحدة تجارية وطبية في العاصمة الإدارية بأسعار تصل إلى 10 ملايين جنيه، مع أنظمة تقسيط و”جدية حجز”، يعكس محاولة مكشوفة لإنعاش مشروع فقد زخمه محليًا وتحوم حوله أسئلة ضخمة عن جدواه.
المشهد في ماسبيرو ليس أفضل حالًا:
- منطقة تاريخية تم تفريغها من سكانها لصالح مشروع تطوير فاخر يستهدف شريحة محدودة، بينما يُستخدم خطاب “التطوير” لتبرير الإخلاء والتهجير.
- الآن تُعاد تعبئة هذه المنطقة كوحدات “استثمارية” للمصريين بالخارج، في إطار مبادرة عملة صعبة، بدل أن تكون نموذجًا للعدالة العمرانية وتعويض الأهالي وتحسين حياة السكان الأصليين.
هكذا يكتمل المشهد: مشاريع كبرى مثيرة للجدل، تُغطّى فجواتها التمويلية بمدخرات ملايين المصريين في الخارج، تحت لافتة “وطنية” جوفاء.
من خدمة للمغترب إلى ابتزاز سياسي–اقتصادي
الحكومة تقدم المبادرة باعتبارها “استجابة لمطالب المصريين بالخارج”، وتستند إلى بروتوكول مشترك بين وزارتي الإسكان والخارجية والهجرة منذ فبراير الماضي، يتضمن طرح 5 آلاف وحدة بمستويات مختلفة في عدد من المدن الجديدة، مع “تسهيلات” في الأسعار والسداد.
لكن القراءة السياسية والاقتصادية تقول العكس:
- التوقيت جاء متزامنًا مع اشتداد أزمة نقص الدولار، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج، ما يعني أن الهدف الرئيس هو تعويض تراجع الثقة في النظام المصرفي والسياسات المالية.
- ربط الخدمة بالسداد بالعملة الأجنبية فقط هو رسالة غير معلنة: دورك كمصري في الخارج ليس المشاركة في التنمية أو الاستثمار الحقيقي، بل تمويل العجز وإنقاذ الاحتياطي الأجنبي مهما كان الثمن.
- بدل أن تعالج السلطة أسباب هروب الاستثمارات وتراجع التحويلات – من غياب الثقة وسيطرة الأجهزة على الاقتصاد وقمع الحريات – تلجأ إلى “تسليع” حق السكن والعودة والاستثمار للمغترب.
أزمة نظام لا أزمة إسكان
مبادرة «بيتك في مصر» ليست مجرد مشروع إسكان فاخر أو متوسط، بل مرآة واضحة لنهج حكم كامل:
- اقتصاد يدار بعقلية “الصفقة السريعة” لا برؤية تنموية حقيقية.
- دولة تفضّل بيع الوحدات على إصلاح التعليم والصحة والإنتاج.
- سلطة تبحث عن الدولار بأي ثمن، حتى لو كان الثمن تعميق الفجوة بين المصري في الداخل والخارج، وتحويل العلاقة بينهما وبين الدولة من رابطة مواطنة إلى معاملة تجارية بحتة.
في ظل هذا النهج، لن تكون «بيتك في مصر» سوى حلقة جديدة في سلسلة “المبادرات” التي تحلب ما تبقى من موارد المجتمع، بينما يبقى أصل المرض السياسي والاقتصادي بلا علاج، وتتجدد الأزمة مع كل موجة تعويم جديدة وكل مشروع استعراضي جديد، تدفع ثمنه الأجيال القادمة لا واضعو هذه السياسات.
*ضابط غامض يتحول إلى “الزارع الأوحد” علي غرار محمد علي باشا يسيطر على نصف الأراضي المزروعة في مصر
في السنوات الأخيرة، تمددت المؤسسة العسكرية داخل القطاعات الاقتصادية المصرية بوتيرة متسارعة، لكنّ التوسع في القطاع الزراعي أخذ بُعداً استثنائياً، بعد أن أصبحت جهات داخل الجيش لاعباً مركزياً يدير ما يُقدَّر بأنه نصف مساحة مصر المزروعة، وفق خبراء اقتصاد زراعي ومسئولين سابقين. هذا النفوذ المتصاعد خلق حالة احتكار تُوصف بأنها الأوسع منذ العصر الذي احتكر فيه محمد علي باشا الزراعة في البلاد قبل قرنين، لكن الفارق اليوم — كما يرى المتابعون — أن الاحتكار الحالي محمي بطبقات من التشريعات العسكرية والامتيازات فوق الرقابية.
ضابط غامض يتحول إلى لاعب رئيسي: من هو “العقيد بهاء”؟
وسط هذا المشهد، يبرز اسم العقيد بهاء الغنام — وهو ضابط لا تظهر معلومات رسمية عنه في المصادر العامة — باعتباره أحد المسئولين عن المشاريع الزراعية الكبرى داخل هيكل المؤسسة العسكرية. ورغم شحّ التفاصيل حول موقعه الدقيق، فإن تسريبات وشهادات لخبراء عملوا قرب هذه المشاريع تشير إلى أنه بات أشبه بـ“الزارع الأوحد” داخل نطاق يضم مئات الآلاف من الأفدنة، ما جعله رمزاً لصعود جيل جديد من الضباط ذوي النفوذ الاقتصادي المباشر.
لا توجد وثائق رسمية توضح طبيعة الصلاحيات التي يملكها الرجل، لكن امتداد المشاريع التي يُشرف عليها إلى مناطق متباعدة، وحجْم الاستثمارات التي تُدار عبره، يعكس اتساع الدور العسكري في رسم الخريطة الزراعية لمصر بطريقة غير مسبوقة.
احتكار يتجاوز عصر محمد علي: الدولة تبني “حائطاً زراعياً” مغلقاً
يقول خبراء إن المثال التاريخي الأقرب للمشهد الحالي هو نموذج محمد علي باشا الذي فرض احتكاراً مركزياً للزراعة، لكنه — رغم قسوته — كان جزءاً من مشروع دولة ناشئة تبحث عن التمويل. أما اليوم، فالتوسع العسكري في الزراعة يجري بغطاء من الامتيازات والتشريعات والإعفاءات الضريبية، وبمنظومة ليست خاضعة للمساءلة البرلمانية ولا للرقابة المدنية.
ويحذر الباحثون من أن ما يحدث ليس مجرد توسع اقتصادي، بل تحويل قطاع حيوي إلى مساحة مغلقة، لا يمكن لشركات خاصة أو جمعيات زراعية أو مستثمرين محليين منافستها، بسبب الفروق الهائلة في الامتيازات.
ويضيف أحد الخبراء:
“ما لدينا الآن ليس مجرد احتكار، بل منظومة تمنع نشوء أي كيان قادر على المساءلة أو التأثير في القرار. القطاع الزراعي أصبح جزءاً من هندسة سياسية واقتصادية محصّنة.”
تآكل القطاع الخاص واختفاء المزارع التقليدي
التوسع العسكري في الزراعة ترافق مع انكماش دور القطاع الخاص وتراجع قدرة المزارعين التقليديين على المنافسة. فالدولة — وفق محللين — ضخت استثمارات ضخمة في مشروعات محمية، بينما تُركت الزراعة المدنية دون دعم كافٍ، بل إن الدخول إلى مجال الزراعة التجارية أصبح محفوفاً بالتقييد بسبب صعوبة الحصول على تراخيص أو أراضٍ أو تسهيلات تمويلية.
ويشير اقتصاديون إلى أن تركيز الأراضي في يد جهة واحدة يؤدي إلى تحجيم دور صغار المزارعين وغياب التنوع الإنتاجي وانعدام المنافسة الحقيقية وارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة للقطاع المدني.
كما أدى هذا الوضع إلى تحويل الأمن الغذائي إلى ملف أمني، لا اقتصادي، ما يزيد هشاشة المنظومة في مواجهة الأزمات العالمية.
غياب الشفافية: القطاع الزراعي “منطقة محظورة”
أخطر ما يشير إليه الخبراء هو أن هذا التوسع يتم في غياب شبه كامل للمعلومات المتاحة للرأي العام، إذ لا تصدر بيانات مفصلة حول حجم الأراضي أو الأرباح أو طبيعة العقود أو آليات الإدارة، بينما لا يمكن للبرلمان ولا الأجهزة الرقابية المدنية مساءلة الأطراف العسكرية المنخرطة في هذا النشاط.
ويقول مصدر من داخل أحد الهيئات الحكومية:
“مقدرات الدولة الزراعية تتعرض لنهب منظم، ليس بمعنى السرقة المباشرة، بل عبر إقصاء الرقابة ومنح قطاع واحد قدرة مطلقة على التصرف دون محاسبة.”
هل من بدائل؟ وكيف يمكن إعادة التوازن للقطاع؟
يرى محللون أن المعالجة لا تتطلب صراعاً مع المؤسسات الأمنية، بل فصل واضح بين النشاط الاقتصادي والوظيفة العسكرية، مع إعادة الأراضي الزراعية للمسار المدني، وتمكين المستثمرين والمزارعين والجمعيات الزراعية، وإعادة فتح السوق للمنافسة.
كما يطالبون بإعادة تفعيل الرقابة البرلمانية ومؤسسات المحاسبة المالية والشفافية في العقود ومشاركة الجامعات ومراكز البحث في توجيه السياسات الزراعية.
ويشددون على أن الأمن الغذائي لا يتحقق بالسيطرة المسلحة، بل بوجود قطاع زراعي متنوع ومفتوح وقابل للمساءلة.
مركزية غير مسبوقة
تعيش مصر مرحلة غير مسبوقة من المركزية العسكرية في الزراعة، حيث تحوّل قطاع كان تاريخياً مدنياً ومفتوحاً إلى منطقة نفوذ مغلقة، يقودها ضباط يتمتعون بسلطات واسعة، أبرزهم — بحسب المتداول — “العقيد بهاء”. هذه المركزية تهدّد بتقويض المنافسة وتصفية المزارع التقليدي، وتحويل الأمن الغذائي إلى ملف أمني خالص، في ظل غياب كامل للرقابة الشعبية والمؤسسية.
*غرفة الصناعات الكيماوية: 200 ألف عامل بصناعة البلاستيك مهددون بفقد وظائفهم
أكد شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، ورئيس لجنة التعاون الإفريقي، باتحاد الصناعات المصرية، أن نحو 200 ألف عامل بصناعة البلاستيك في مصر مهددون بفقد وظائفهم بسبب التوجه العالمي المتصاعد للحد من صناعة البلاستيك أو منعها بشكل كامل، وهو ما يمثل تحديًا حقيقيًا للصناعة المحلية .
وكشف الجبلى فى تصريحات صحفية على هامش مشاركته فى في جلسة ضمن فعاليات مؤتمري “فوود أفريكا” و”باك بروسيس” لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أن الغرفة تولي اهتمامًا كبيرًا بملف إعادة التدوير، مشيرًا إلى وجود شعبة متخصصة داخل الغرفة تُعنى بملفات التدوير والصناعات المرتبطة بهما، بما يتماشى مع التوجهات البيئية الحديثة لإنقاذ صناعة البلاستيك من الانهيار .
وشدد على ضرورة العمل على إدارة هذا الملف الحساس لتحقيق توازن بين متطلبات الحفاظ على البيئة واستدامة الصناعة، مؤكدًا أن الموقف النهائي لم يُحسم بعد، خاصة في ظل تشدد بعض الدول الأوروبية في سياساتها تجاه هذه الصناعة، وهو ما يفرض التعامل بحذر شديد مع هذا الملف حتى لا يؤثر سلبًا على الصناعة الوطنية.
ودعا الجبلى إلى حماية الصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية، مع مراعاة المتطلبات البيئية العالمية، بما يضمن نموًا مستدامًا للصناعة المصرية في الداخل والخارج.
الأسواق الإفريقية
وفيما يتعلق بالقارة الإفريقية، اعترف الجبلي بأن نسبة المنتجات المصرية في الأسواق الإفريقية لا تزال محدودة رغم أن معظم الصناعات والمواد الغذائية المتداولة في إفريقيا مستوردة، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع لعدة أسباب، من بينها ضعف التواجد المصري المباشر داخل الأسواق الإفريقية.
وأضاف: رغم الجهود التي يبذلها اتحاد الصناعات المصرية من خلال تنظيم بعثات ووفود تجارية لفتح أسواق جديدة في إفريقيا، فإن طبيعة السوق الإفريقية تعتمد بشكل أساسي على التعامل المباشر، حيث تميل الدول الإفريقية إلى عدم استيراد المنتج قبل رؤيته فعليًا على أرض الواقع.
وأكد الجبلى أن السوق الإفريقية تُعد من أكثر الأسواق الواعدة للصادرات المصرية، إلا أن هناك تحديات لوجستية أبرزها عدم توافر خطوط شحن مباشرة مع عدد من الدول، ما يمثل عائقًا أمام زيادة حجم الصادرات.
وطالب بتعزيز التواجد المصري داخل القارة، سواء من خلال فتح مكاتب تجارية أو تأسيس شركات ومصانع مصرية داخل الأسواق الإفريقية، مؤكدًا أن هذا التوجه من شأنه إحداث طفرة حقيقية في حجم الصادرات خلال المرحلة المقبلة.
*معلمو الحصة بلا أجر باعتراف الحكومة.. آلاف الشكاوى وصفر احترام
بينما يتغنى إعلام السلطة بشعارات «الجمهورية الجديدة» و«الاستثمار في الإنسان المصري»، يقف عشرات الآلاف من معلمي الحصة في طوابير الذل، في انتظار فتات مستحقات متأخرة عن شهور كاملة من العمل داخل الفصول. هؤلاء لم يطلبوا منّة ولا منحة، بل مجرد أجر زهيد مقابل حصص درسوها بالفعل، استدعتهم الوزارة لسد عجز صنعته بنفسها عبر سياسات التعيين والتسريح، ثم تركتهم بلا راتب ولا أمان وظيفي.
اعتراف وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بتأخر صرف مستحقات معلمي الحصة في عدد من المديريات، ليس «خطوة إيجابية» كما تحاول الحكومة تسويقه، بل هو إقرار رسمي بأن التعليم في مصر يُدار بمنطق المقاولة الرخيصة؛ تستعين السلطة بالمعلمين عند الحاجة، ثم تلقي بهم تحت عجلات البيروقراطية.. وربما تحت خط الفقر أيضًا.
اعتراف متأخر.. وإهانة مبكرة
تقول وزارة تعليم الانقلاب في بيانها إن «أغلب» المديريات انتهت من صرف مستحقات شهري سبتمبر وأكتوبر لمعلمي الحصة، وإن مخصصات شهر نوفمبر «يتم تحويلها حاليًا» تمهيدًا لصرفها.
مجرد استخدام تعبيرات من نوع «أغلب المديريات» و«يتم حاليًا» يكشف حجم الفوضى؛ فهذه ليست مكافآت موسمية، بل أجر عن عمل فعلي داخل الفصول، كان يفترض أن يُصرف بانتظام شهري، لا بعد شهور من التسويف.
الأخطر أن الوزارة تقدم نفسها كمنّة على المعلمين: «نحن نتابع بدقة»، «نحول المخصصات»، وكأن المشكلة في تأخر الحوالات البنكية، لا في نظام كامل قائم على استغلال معلمي الحصة كعمالة رخيصة بلا حقوق حقيقية.
آلاف الشكاوى.. وصفر احترام
الواقع أن بيان الوزارة لم يأتِ من فراغ؛ بل جاء بعد انفجار آلاف الشكاوى من معلمي الحصة في مختلف المحافظات، يطالبون فيها بمستحقاتهم المتأخرة، بعدما تم الاستعانة بهم لسد العجز في رياض الأطفال والمواد غير الأساسية، بل وحتى في التعليم الفني في بعض التخصصات.
الوزارة تعرف جيدًا أن العام الدراسي لا يمكن أن يستمر دون هؤلاء؛ فهم يسدون ثغرات ضخمة في الجدول المدرسي، ومع ذلك تُرغمهم على العمل بنظام «اليومية المقنعة»: حصص بلا عقود حقيقية، بلا تأمين، بلا ضمان للاستمرار، وبلا أجر في موعده.
حين تضطر فئة مهنية كالمعلمين إلى اللجوء إلى الشكاوى الجماعية، وصفحات التواصل، والاستغاثة الإعلامية من أجل تحصيل أبسط حقوقهم، فهذا يعني أن العلاقة بين الدولة والمعلم انقلبت رأسًا على عقب: لم يعد المعلم شريكًا في بناء الأجيال، بل مجرد «عامل موسمي» يمكن الاستغناء عنه أو تجويعه في أي لحظة.
«لكم الحق الكامل».. لكن بلا فلوس
الإدارة المركزية لشئون المعلمين خرجت لتقول إن جميع المعلمين المستعان بهم بنظام الحصة «لهم الحق الكامل في صرف مستحقاتهم المالية نظير ما قدموه من عمل».
هذه الجملة في ذاتها إدانة لا دفاع؛ فما الحاجة إلى تذكير الناس بأن من يعمل له «حق كامل» في أجره، إلا إذا كانت الوزارة نفسها تعاملهم كما لو كانوا متطوعين؟ الاعتراف بالحق لا يساوي شيئًا ما دام الأجر لا يصل إلى الجيب في موعده.
الحق يُصان بإجراءات ملزمة واضحة: عقود، جداول صرف معلنة، جزاءات على المديريات المتأخرة، لا ببيانات إنشائية تكرر خطاب «التقدير والاحترام» في الوقت الذي يضطر فيه المعلم إلى الاستدانة لتغطية مصاريف المواصلات والطعام.
صندوق الدعم.. شاهد إثبات على الإفلاس
إعلان مجلس إدارة صندوق دعم وتمويل وإدارة وتشييد المشروعات التعليمية عن اعتماد «دعم إضافي» لصالح الوزارة للمساهمة في سداد جزء من مستحقات معلمي الحصة، يكشف عن مأساة مضاعفة.
أولًا: مجرد اللجوء إلى صندوق الدعم لتسديد الأجور يؤكد أن بند رواتب هؤلاء لم يكن مخططًا له بجدية في الموازنة، وأن الاستعانة بهم تمت بعقلية «شوف لنا أي حل دلوقتي وبعدين ربنا يسهل».
ثانيًا: الحديث عن «المساهمة في سداد جزء من المستحقات» يعني أن ما لم يُدفع حتى الآن أكبر بكثير، وأن آلاف المعلمين ما زالوا ينتظرون ما تبقى من حقوقهم بينما تتحدث الحكومة عن «تحسين أوضاع المعلم» في مؤتمراتها.
تعليم على هامش السلطة.. ومعلمون تحت خط الكرامة
قصة معلمي الحصة ليست تفصيلاً إدارياً صغيراً، بل مرآة لوضع التعليم كله تحت حكم الانقلاب. دولة تعتبر المعلم عبئًا مالياً، لا استثمارًا بشريًا؛ تستدعيه عند الحاجة لسد العجز، ثم ترميه خارج الحساب حين يأتي وقت دفع الأجور.
في بلد تحترم نفسه، تأخير راتب المعلم لشهر واحد فضيحة سياسية تستوجب الاستقالة؛ أما في «الجمهورية الجديدة» فيمكن أن يعمل المعلم ثلاثة أشهر متتالية بلا أجر، ثم يُقال له في بيان رسمي: «اطمئن.. لك الحق الكامل في مستحقاتك»!
هكذا يتحول المعلم من رمز للهيبة والاحترام إلى نموذج للعامل المقهور؛ يشرح لتلاميذه في الكتب معنى العدالة والحقوق، ثم يخرج من الفصل ليبحث عن سلفة يسد بها إيجار البيت وثمن المواصلات. هذه ليست مجرد أزمة مستحقات، بل جريمة أخلاقية وسياسية ارتكبتها حكومة الانقلاب في حق من يفترض أنه عمود المجتمع الأول: المعلم.
marsadpress.net – شبكة المرصد الإخبارية شبكة المرصد الإخبارية
