إنك لا تجني من الشوك العنب

dawen 3askarإنك لا تجني من الشوك العنب

صادق أمين

يُروى أن قصة هذا المثل تعود لصبي رأى أباه يغرس شجرا في البستان، وبعد عدة أشهر ظهرت ثماره عنباً حلوا لذيذا؛ فظن الصبي أن أي شجرة يغرسها ستنتج العنب.

و ذات يوم وجد شجرة شوك فغرسها، وانتظر مدة؛ فوجد الشوك يظهر في أغصانها؛ فقال له أبوه: إنك لا تجني من الشوك العنب؛ أي لا تنتظر الشيء من غير أصله.

ويُضرب هذا المثل لمن يرجو المعروف من غير أهله، أو لمن يعمل الشر فينتظر من ورائه الخير، أو لمن يحاول إصلاح شخص سيء التربية.

هذا المثل أسوقه لمن لان للظلم الغالب في وطني وأيد حكم العسكر؛ فكان منهم مَنْ سار في ركابه و منهم مَنْ خُدِع و منهم مَنْ تبين له الحق و لا يزال يتلكأ في اللحاق بركب النضال لمقاومة الانقلاب الدموي، ويكأنهم يؤمنون بسيادة الظالم و حقه في تأخير أصحاب الحق ـ وهم أصحابه ـ إلى الوراء.

يفعلون هذا ودولة العسكر ـ وما هي منهم ببعيد ـ هي هي مَنْ قامت لأجل اجتثاثها ثورة 25 يناير، ولا يزالون يرون ثمار غرسها مآسي تنزل بنا و بهم و بالوطن كله صباح مساء؛ وذلك بعدما فرط فريق من الوطن في حقه و أن تكون الحكومة صدى إرادته الحرة؛ لتكون الحكومة أداته إلى بلوغ ما يطمح إليه من عيش وحرية وكرامة اجتماعية.

و لم يعتبروا بحصاد 60 سنة من شجرة حكم العسكر الخبيثة، ولا بحصاد الشعوب في أقطار عدة وعلى آماد متطاولة؛ لدغتهم خلالها آثار الحكم الفردي و العسكري؛ حتى كسرت عظامهم و نهشت لحمهم و انكمشت الحرية الفردية و الحزبية في عهده و طالت يده في المال العام، و أخطر من هذا ضرب التماسك الاجتماعي، وبث عوامل الفرقة بين أبناء الوطن؛ فقد تمزق المجتمع المصري اجتماعيًا، وسياسيًا، و جرى تسميم الأجواء بنشر الكراهية و تمزق المجتمع المصري اجتماعيًا، وسياسيًا في ظل حالة الاستقطاب الحاد بين أبناء الوطن، في الوقت الذي تغالبه العلل جراء الانقلاب دون أن تلقى الجراثيم مقاومة تُذكر من شعب البيادة؛ حتى توحشت غرائز الشر و شاعت أسباب الفرقة و انتشرت آفات خلقية و اجتماعية لا حصر لها.

و يا ليتنا نقتدى  ـ و الكلام للشيخ الغزالي ـ بهذه الشعوب التي كوتها نيران الظلم؛ فراحت تلبي نداء الفطرة في تحصين أنفسها ضده، و على وضع الدساتير التي تتضمن العبر المستخلصة من صراع الظالمين معهم و صراعهم مع الظالمين، و أن تدرس الأخطاء السابقة و يؤخذ الحذر من معاودة الانزلاق إليها؛ فان الإفادة من التجارب شأن أولي الالباب؛ إذ من الطبيعي أن الظلم تستقبحه الشعوب و تكره وقوعه و تحتاط من أذاه أ.هـ بتصرف

ذلك أنه يستحيل أن تجني من الشوك العنب، و يا ليت شعب البيادة يصغي إلي هذا المثل بانتباه و يفكر بتؤدة و يستوعب ما نسوقه من مقدمات و يتابع ما نستخلص من نتائج؛ فلربما يقدر وجهة نظرنا إن لم ينشرح بها صدره.

و ليدع جانبا قول مَنْ خدعوه بأن الإخوان المسلمين هم العدو فاحذرهم، في حين أن سهام العسكر الحقيقية استهدفت قلب الثورة التي اعتبروها مؤامرة ووبالا عليهم، و كانوا من وراء هذه الخرافات و تبعتهم جموع مدركة أو مُستغفلة أشواطا تطول أو تقصر؛ بيد أنها منزلقة إلى مصرعها آخر الطريق، و على مَنْ تبعهم دون تململ أن يدفعوا ثمن تفريطهم.

هذه كلمتي و كلمة كل ثائر حر، و التي أحب أن تتضح في الأفئدة و العقول؛ كي يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، و أنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، و أن تزهق ثمنا لمجدهم و كرامتهم و دينهم و آمالهم إن كان فيها الغناء، و ما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا و ملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، و أسالت مدامعنا، و إنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، و لن نكون عليكم في يوم من الأيام.

 

عن Admin

اترك تعليقاً