بين أخبارنا البائسة وأهمية معدة أوباما

بين أخبارنا البائسة وأهمية معدة أوباما
بين أخبارنا البائسة وأهمية معدة أوباما

بين أخبارنا البائسة وأهمية معدة أوباما

محمد علاونة

من محاسن مهنة المتاعب (الصحافة والإعلام) أن المرء لا يكاد يشعر بما يدور حوله من أحداث متسارعة -أكانت سلبية أم إيجابية- فالأمر يصبح كالإدمان، ولا تهتز للإعلامي شعرة إلا إذا كان هنالك حدث جلل أو مصيبة كبرى، أما باقي الأخبار فهي أصبحت عادة ذهنية.

شاءت الصدفة أمس أن أستمع لنشرة إخبارية كاملة في منتصف النهار عبر أثير إذاعة محلية لفترة لم تتجاوز عشر دقائق، ولفتت نظري العناوين التي كانت أكثر من بائسة، لأتوقف فجأة وأتساءل إن كان هذا يحدث في بلدي!

في العنوان الأول كان معلمو العقبة يناشدون بحمايتهم من الأهالي والطلبة وأصحاب سوابق وبلطجية! في صورة حزينة ذكرت المستمع أن هؤلاء بعيدون عن إقاماتهم الأصلية، ويعجزون عن إيصال رسالتهم التربوية ضمن بيئة مناسبة.

أما العنوان الثاني فكان عن مداهمة في إقليم الوسط لمزرعتين خصصتا لزراعة مادة “المارغوانا” المخدِّرة، باستخدام تقنيات متطورة، ما يثير تساؤلا إن أصبحنا بلدا منتجاً بعد أن تبرأنا من كوننا غير مستهلكين، والأردن مجرد محطة عبور!

أما العنوان الثالث فكان أكثر غرابة، ويتطرق إلى طلاب أقروا أنهم من عبدة الشيطان وقاموا بتمزيق المصحف داخل مرافق كلية الاقتصاد في احدى الجامعات، واحتجزوا هناك من قبل الامن الجامعي، قبل أن يفروا بعد تلقيهم المساعدة.

وخبر آخر عن احتجاجات على عمليات تبشير في مخيم اللاجئين السوريين في “الزعتري”، وسط أنباء عن تهريب عشرين طفلا إلى لبنان، لغايات أن يكونوا خدماً في الكنائس هناك.

وأخبار من هنا وأخرى من هناك، كلها تغص البال وتفقد التوازن، بين مديح بتكليف عبد الله النسور بتشكيل الحكومة، وردح في البرلمان بين النواب بشكل يدعو إلى السخرية، ودعوات إلى إقرار قوانين على شكل شريط سينمائي نراه من عشرين عاما.

في نفس اليوم تعلن الجهات الرسمية زيادة معدل التضخم إلى 7.2 في المئة، مع ترجيح ارتفاعات أخرى على المدى القريب، بسبب الارتفاع الذي طرأ على أسعار المشتقات النفطية، وزيادة مرتقبة على أسعار الكهرباء.
وفي نفس اليوم أيضا البدء بحملة مكثفة على العمالة الوافدة، لغايات مناكفات أو ضغط باتجاه تحالفات لا يعرف المسؤولون لدينا ما هيئتها وكيف تشكلت وممن ستتشكل!

على مستوى الإقليم، قتل وتفجيرات واغتصاب واعدامات في العراق وفلسطين وسوريا، وجو مشحون في مصر، وحال غير مستقر في تونس والجزائر واليمن.

مقابل كل هذا البؤس، أفردت صحيفة عريقة مثل “الديلي تلغراف” مساحة لائقة للحديث عن معدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما! وأنه سيضطر إلى تناول الطعام المتوافق مع أحكام الدين اليهودي خلال زيارته “إسرائيل” المقررة في العشرين من آذار الحالي، ولن يتمكن من تناول أنواع أخرى من الطعام حتى داخل غرفته بفندق الملك داوود في القدس المحتلة.

وللتقرير بُعد آخر أهم بكثير من بؤس أنبائنا التي نتعامل معها على طريقة “الكوبي بيست”، فإن كانت لحوم “الكوشير” سترافق زيارته سيكون بالتأكيد عدم إلزامه بأكلة منسف أو حتى مسخن، وإلا سيصيب معادلة عملية السلام اختلال، وفي كل الأحوال سنبقى نحن مع أنبائنا البائسة والوضع المزري.

عن Admin

اترك تعليقاً