مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان

الشباب يهرب من جحيم السيسي إلى الأمواج المتلاطمة.. الأحد 2 يوليو 2023.. فرانس برس: مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان

مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان
مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان

الشباب يهرب من جحيم السيسي إلى الأمواج المتلاطمة.. الأحد 2 يوليو  2023.. فرانس برس: مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان

 

الحصاد المصري – شبكة المرصد الإخبارية

 

* فرانس برس: مصر تعاني من أسوأ عقد في مجال حقوق الإنسان

نشرت وكالة فرانس برس تقريرًا عن تردي وضع حقوق الإنسان في مصر، في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وذكر التقرير أن العقد الأخير 2013- 2023 هو أسوأ حقبة لحقوق الإنسان في تاريخ مصر، في ظل وجود عشرات آلاف المعتقلين، وتنفيذ أحكام إعدام على خلفيات سياسية.

منذ عقود يتم “اعتقال ناشطين أو محامين” بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي في البلد العربي الأكثر تعدادًا للسكان، على ما تقول المحامية المدافعة عن حقوق الانسان ماهينور المصري.

مقاطع الفيديو والتدوينات سبب لاعتقال المواطنين

لكن “اليوم يتم اتهام مواطنين عاديين بالإرهاب بسبب مقطع على تيك توك أو تدوينة على فيسبوك تدين غلاء المعيشة”، وفق المصري.

ويضيف مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت: “كل الناس تخشى أن يتم اعتقالها واحتجازها إلى أمد غير محدد”.

ويتابع: “إنها أداة للحكم فعالة للغاية إذ أننا انتقلنا من الرقابة الذاتية إلى وضع بات فيه شعب كامل رهينة”.

سامر الدسوقي واحد من الذين عانوا من قرارات قضاء بات خاضعًا جراء تقديم العلاوات والترقيات أو قرارات نقل عقابية، لضمان ولاء القضاة بحسب ناشطين.

في الثامن من مايو 2022، أوقف الدسوقي في الشارع، على ما أفاد به حسام بهجت مراسل وكالة فرانس برس.

وتؤكد أسرته أنه ليس إسلاميًا ولا ينتمي إلى المعارضة الليبرالية. ولم يتمكن محاموه من الاطلاع على ملفه كما هو الحال في الكثير من القضايا التي تحال على محاكم أمن الدولة.

في يوليو 2022، قضت محكمة مختصة بقضايا الإرهاب في مدينته دمياط ببراءته من تهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية”.

وأعيد تقديمه للمحاكمة بالتهمة نفسها مرتين بعد ذلك في أكتوبر وديسمبر وتمت تبرئته كذلك في الحالتين. لكنه لا يزال قيد الحبس الاحتياطي. ففي كل مرة تسجل قضية جديدة برقم جديد ويُحبس مجددًا.

واشنطن: مصر تنتهك حقوق الإنسان في جميع المجالات

وتؤكد واشنطن أن مصر تنتهك حقوق الإنسان في جميع المجالات: من السجون إلى حرية التعبير مرورًا بحقوق مجتمع الميم أو التعذيب.

ويقول بهجت: “مصر لم تكن أبدا ديمقراطية ليبرالية بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولكن في ظل السيسي” زادت الأمور سوءًا.

ويؤكد حسام بهجت، أنه قبل الإطاحة بحسني مبارك في العام 2011 وبعدها، كانت الإضرابات والمسيرات أمرًا عاديًا. أما اليوم “فلا توجد تظاهرات على الإطلاق”.

ويتابع: “لا توجد أي صحيفة معارضة ولا أي وسيلة للتعبير عن رأي معارض بطريقة منظمة”.

حجب 562 موقعًا إخباريًا في مصر

وتقول المنظمات الحقوقية إن “562 موقعًا” إخباريًا أو تابعًا لحزب أو جمعية حٌجبت في مصر.

ولا تتوقف الرقابة عند هذا الحد؛ فقد منعت موسيقى الراب وموسيقى “المهرجانات” الإلكترونية بانتظام باعتبارها “مخالفة للقيم الأسرية”.

وبسبب مخالفتهن لتلك القيم كذلك، أوقفت نحو عشر من المؤثرات المصريات وأخضعن للمحاكمة. ويطالب نواب بانتظام بمنع “نتفليكس” للسبب نفسه.

في المقابل، فإن الدولة تتحدث باعتزاز عن “إستراتيجيتها لحقوق الإنسان”.

وباشرت الدولة كذلك “حوارًا وطنيًا” يشارك فيه، بحسب منسقه العام ضياء رشوان، “سجناء سابقون” و”يتناقشون بحماس مع أفراد يمثلون النظام”.

كذلك، أصدر قائد الانقلاب قرارات عفو رئاسي عن الكثير من المسجونين وألغى حالة الطوارئ.

لكن الناشطين الحقوقيين، الذين صدرت في حق كثيرين منهم قرارات بالمنع من مغادرة البلاد أو بتجميد حساباتهم المصرفية، يقولون إن هذا مجرد ذر للرماد في العيون. 

الإجراءات الاستثنائية أصبحت أداة قمع

ويشير حسام بهجت إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي كان ينبغي أن تزال مع إلغاء حالة الطوارئ، تم دمجها تدريجًا ضمن القوانين العادية لتصبح “أداة للقمع”.

ويرى أنه “حتى في أوج الحكم السلطوي” في عهد الرؤساء السابقين فقد كان هناك “إطار قانوني” لتغطية الانتهاكات وهو ما لم يعد قائمًا اليوم.

وتحتل مصر المرتبة الـ135 من أصل 140 دولة في التصنيف الدولي لدولة القانون الذي يضعه مركز وورلد جاستس بروجكت.

ويضطر المحامون المصريون، بحسب ما تشرح ماهينور المصري، إلى حضور جلسات تجديد الحبس الاحتياطي مع موكليهم عبر الفيديو إذ أن الإجراءات التي اتخذت لمواجهة جائحة كورونا لم ترفع أبدًا.

وتقول: “نرى 20 محتجزًا على الشاشة محاطين بحراس وبالتالي فهم لا يستطيعون التحدث عن ظروف احتجازهم إذا كانت لديهم أي شكوى”.

ووفقًا لفرانس برس، فقد فتحت القاهرة خمسة “مراكز تأهيل” مزودة بمكتبات وورش ومصانع يفترض أن تحل محل السجون القديمة.

لكن منذ مطلع العام الحالي، أحصى الناشطون وفاة 16 موقوفًا، من بينهم خمسة في هذه المراكز.

وتلزم السلطات الصمت المطبق بشأن عدد السجناء.

وتستند ماهينور المصري إلى تجربتها الشخصية لتقدير العدد. فعندما سجنت في العام 2016 كان في سجن النساء الذي احتجزت فيه 30 سجينة سياسية.

لكن، عندما عادت الى السجن في العام 2019 “كان هناك جناح كامل مخصصًا للسجينات السياسيات أي حوالي 200 سجينة”.

 

*مطالبات بالكشف عن “كريم عبدالستار” والحرية للصحفي “أحمد سبيع”

طالبت منظمة حقهم المختصة بالدفاع عن سجناء الرأي بالحرية لطالب كلية الحقوق “كريم عبد الستار محمد حنفي” المختفي قسريا منذ أكثر من 6 سنوات والكشف عن مصيره، ووقف الجريمة التي تعد جريمة ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم.

ونقلت رسالة والدته التي قالت فيها : “إحنا ناس بعيد عن السياسة وابني شقيان طول عمره، بعد ما خلص الثانوية نزل يشتغل عشان يساعدنا، ولما العمر جرى بيه قرر يكمل دراسته بالتعليم المفتوح، ابني شاب مكافح هو اللي شايلنا ومراعينا، أنا عاوزه أعرف ابني مقبوض عليه ليه؟ ومتى هقدر أشوفه، أنا عاوزة أشوفه قبل ما أموت، من حقي أشوف ابني وأعرف مكانه”.

https://www.facebook.com/TheirRightAR/videos/6433601593364190

ويؤكد مصدر مقرب من أسرته عدم توصلها لمكان احتجازه القسري منذ اعتقاله من قبل قوات أمن الانقلاب يوم 2 فبراير 2017 دون سند قانوني واقتياده لجهة مجهولة حتى الآن.

 كانت عدد من المنظمات الحقوقية، نددت بإخفاء كريم  حنفي، وطالبت برفع الظلم الواقع عليه والكشف عن مكان احتجازه وسرعة الإفراج عنه واحترام حقوق الإنسان.

يشار إلى أن “كريم” وقت اعتقاله كان مسجلا كطالب بكلية الحقوق بالجامعة المفتوحة ويعمل فني ألوميتال، وسبق أن تعرض للاعتقال التعسفي في يناير 2014 قبل أن يحصل على حقه في الحرية ليعاد اعتقاله وإخفاؤه قسريا ضمن مسلسل الانتهاكات والعبث بالقانون.

إلى ذلك جددت إيمان حروس زوجة الصحفى المعتقل “أحمد سبيع ” المطالبة برفع الظلم الواقع عليه منذ سنوات ووقف التنكيل به وسرعة الإفراج عنه وكتبت عبر حسابها على فيس بوك : 1215 يوم  مش كفاية بقى ولا إيه؟  #الحرية_لأحمد_سبيع #خرّجوا_أحمد_سبيع  #الحرية_للكاتب_الصحفي_أحمد_سبيع .

وتضامنت منظمة حقهم مع زوجة سبيع ونقلت ما كتبته قبل أيام عبر حسابها على فيس بوك، حيث كشفت عن الأثر السلبي لحرمان طفلتها من والدها وقالت : “سيرين بقالها مدة اتعودت إنه لما تبقى عايزه تتكلم مع باباها أو تقوله حاجة تمسك الموبايل وتسجل فويسات علي برنامج المسجل وتقولي عشان لما بابا يرجع يسمعها ويعرف أنه كان واحشني النهاردة صحيت على صوتها وهي بتسجل فويس بتقول فيه: “فاكرني”.

وتابعت إيه اللي يوصل بنت الخمس سنوات تعبر بكده، لهيب الوحشة والحرمان من أبوها وهي بتقوله “أنا هستناك يا بابا”.

مين يتحمل كل ده أمام الله ماذا اقترفت لتُحرم ، لتكبر وهي مفتقدة لوجود أبيها معاها، ليه مشاعرها المكسورة دي لا تحرك ساكن؟ ليه محدش بيراعي الله في الأطفال دول؟ منتظرين إيه من جيل كان أبسط أحلامه إنه يكبر في حضن أبوه ويمكن ده كل ما يحلمون بيه أساسا؟

واختتمت خرّجوا أحمد لولاده كفاية كده عليهم كفاية.

كان المرصد العربي لحرية الإعلام قد وثق في تقريره عن انتهاكات حرية الإعلام في مصر خلال شهر مايو الماضي 19 انتهاكا تصدرها انتهاكات المحاكم والنيابات ب”11″ انتهاكا، وبلغت الانتهاكات بمقار الاحتجاز والسجون5 انتهاكات، فيما أماكن رصد 3 انتهاكات في باب القرارات الإدارية التعسفية، فيما ظل 43 صحفيا وإعلاميا خلف القضبان بنهاية الشهر.

وأشارا إلى استمراربعض المحاكم والنيابات في إصدار أحكام وقرارات غير قانونية بالحبس، وتبقى من الصحفيين خلف القضبان بنهاية الشهر المنصرم 43 صحفيا وصحفية، بينهم 12 نقابيا و5 صحفيات هن منال عجرمة، وصفاء الكوربيجي، وهالة فهمي ودينا سمير وعلياء عواد.

ودعا المرصد للإفراج عن كافة الصحفيين والصحفيات وسجناء الرأي وتحسين الحريات الصحفية، والعمل على البدء في إقرار عشرية بيضاء لتصحيح المسار بعد عشرية سوداء عانت فيها حرية الصحافة وعانى فيها الوطن كله .

 

* ما بين 5 إلى 8 سنوات.. استمرار إخفاء “حسين” و”إبراهيم” و3 أشقاء بالدقهلية

سنوات مضت، ولازالت سلطات النظام الانقلابي في مصر تخفي المواطن “حسين حلمي علي عبد المتجلي” من مركز جرجا محافظة سوهاج منذ أن تم اعتقاله بتاريخ  26 يونيو 2015 أثناء أداء الخدمة العسكرية، بشارع خاتم المرسلين بمساكن الضباط بحي العمرانية التابع لمحافظة الجيزة.

وجددت حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” المطالبة بالكشف عن مكان احتجازه ورفع الظلم الواقع عليه، وذكرت أن واقعة إخفائه، جاءت بعد حدوث شجار يوم 25 يونيو 2015 بين حسين وإحدى ساكنات العقار الذي كان مكلفا بأداء الخدمة فيه.

وأضافت أن عمه ذكر في تقرير أعدته قناة دريم في برنامج العاشرة مساء أن “المشكلة التي حدثت بينه وبين ساكنة العقار ربما لها علاقة بإرساله لشراء بعض متطلباتها، وربما رفض حسين هذا الأمر فحدثت بينهما مشادة كلامية”.

ورغم قيام أسرته بإرسال عدة شكاوى للأمانة العامة للقوات المسلحة والنيابة العسكرية ووزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، إلا أنه لم يتم التعاطي مع الأسرة من قبل الجهات المعنية، بما يزيد من مخاوفهم على سلامة حياته.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=273961418506804&set=a.179901484579465

5 سنوات على إخفاء إبراهيم شاهين

الجريمة ذاتها تتواصل بحق الطفل “إبراهيم محمد إبراهيم شاهين” البالغ من العمر 14 سنة، من أبناء العريش بشمال سيناء، ضمن جرائم نظام السيسي ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم.

وذكرت حملة أوقفوا الاختفاء القسري أن الضحية اختطفته ميلشيات الانقلاب يوم 26 يوليو 2018 كما تم اعتقال والدته واصطحبتهما لقسم ثاني العريش ومنه للأمن الوطني، حيث مكثوا 5 أيام حيث تم التحقيق معهما.

ومن ثم الإفراج عن الأم وحدها ومنذ ذلك التاريخ لا يعلم مكان احتجازه رغم البلاغات والتلغرافات للجهات المعنية بحكومة الانقلاب دون أي تعاطٍ معهم.

وتؤكد والدته  عدم التوصل لمكان احتجازه رغم قيام أسرته باتخاذ جميع الإجراءات الرسمية، إلا أنها لم تتوصل لأي معلومة عنه حتى الآن .

https://www.facebook.com/photo?fbid=271912252045054&set=a.179901484579465

6 سنوات على إخفاء 3 أشقاء من الدقهلية

أيضا تتواصل الجريمة بحق 3 أشقاء من الدقهلية، حيث يتواصل إخفاؤهم منذ نحو 6 أعوام على التوالي منذ أن تم اعتقالهم بشكل تعسفي في شهر يونيو عام 2017، حيث تعرض ثلاثتهم للاختفاء من أماكن مختلفة خلال أيام متتالية على النحو التالي :

-“خالد بهاء إبراهيم محمود” يبلغ من العمر 30 عاما، متزوج ولديه أربعة أبناء، ويتواصل إخفاء مكان احتجازه منذ أن تم اعتقاله أثناء عودته من عمله في الطريق بين القاهرة والمنصورة يوم 20 يونيو 2017.

– “عمرو بهاء إبراهيم محمود” يبلغ من العمر 26 عاما، متزوج ولديه 3 أبناء وتتواصل الجريمة في حقه منذ 27 يونيو 2017 حيث يعمل سائقا خاصا بشركة بترول، ويقوم بتوصيل المهندسين ذهابا وإيابا وفي يوم الواقعة قام بدورة التوصيل صباحا، ثم تلقى أهله مكالمة تفيد غيابه عن دورة العودة وانقطاع التواصل معه .

-“محمد بهاء إبراهيم محمود” يبلغ من العمر 23 عاما، طالب السنة الأخيرة كلية الهندسة، وكان يتلقى تدريبا تابعا للكلية في منطقة التجمع الخامس، وحاولت الأسرة التواصل معه في الساعة العاشرة مساء بتاريخ 28 يونيو2017 فوجدوا هاتفه مغلقا وانقطع التواصل من حينها.

بدورها قامت الأسرة بإرسال تلغرافات لكل من النائب العام ووزير الداخلية بحكومة الانقلاب ، كما تقدموا بشكوى إلى مجلس الوزراء  بحكومة الانقلاب دون  التعاطي معهم، وسط ومخاوف وقلق بالغ على سلامة حياة الأشقاء الثلاثة.  

الإخفاء جريمة لا تسقط بالتقادم

وتعتبر جرائم الإخفاء القسري التي تنتهجها سلطات الانقلاب في مصر انتهاكا لنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا”.

 يشار إلى أن هذه الجرائم تعد انتهاكا لنص المادة الـ 54 الواردة بالدستور، والمادة 9 /1 من العهد الدولي للحقوق الخاصة المدنية والسياسية الذي وقعته مصر، والتي تنص على أن لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا ، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون ، وطبقا للإجراء المقرر فيه.

كان تقرير “المشهد الحقوقي لعام 2022” الذي أصدره المركز مؤخرا وثق  3153 حالة إخفاء قسري، فيما وصل عدد المخفيين قسريا خلال تسع سنوات إلى 16355 حالة.

 

* الشباب يهرب من جحيم السيسي إلى الأمواج المتلاطمة

بعد عشر سنوات على الانقلاب العسكري الذي نفذه وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مصري منتخب الدكتور محمد مرسي، لا يجد الشباب المصري بدا سوى المخاطرة وركوب زوارق الموت للهجرة هربا من الأوضاع الاقتصادية القاسية.

وبحسب تقرير لوكالة “فرانس برس” فإن الشباب المصري يجد نفسه بين أزمة اقتصادية حادة وآفاق مستقبلية قاتمة، ليختار عدد متزايد منهم طريق الهجرة غير النظامية إلى أوروبا مخاطرين بحياتهم في عرض البحر المتوسط.
في وقت سابق من الشهر الحالي، غرق العشرات كانوا على متن قارب صيد قبالة سواحل اليونان.

ففي 13-14 يونيو، غرق زورق صيد قديم ينقل عددا كبيرا من المهاجرين أبحر من ليبيا فقضى فيه 82 شخصا على الأقل وفقد المئات، في واحد من أكبر حوادث غرق مراكب الهجرة إلى أوروبا.

وقال والد أحد المصريين الذين كانوا على متن القارب لوكالة “فرانس برس“: “آخر مرة تحدثت فيها مع ابني كانت مساء السابع من حزيران/ يونيو، حينها قال لي إنهم سيبحرون” بعد يومين.

وتابع الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه: “أنا لا أعرف سوى أنه كان على متن قارب متجه إلى إيطاليا كما يفعل العديد من أصدقائه في القرية”، في إشارة إلى نجله البالغ من العمر 14 عاما.

وقال بحزن: “لم نتوصل إلى شيء حتى الآن، ولم يتواصل أحد معنا منذ 15 يوما“.

وكانت المنظمة غير الحكومية منصة اللاجئين في مصر أشارت إلى أن من بين المفقودين في غرق المركب، 13 مفقودا من قرية النعامنة هذه في محافظة الشرقية في دلتا النيل، جميعهم من الذكور وتتراوح أعمارهم بين 13 و35 عاما بينهم تسعة أطفال دون سن الثامنة عشرة.

وتفيد السلطات بأن 43 مصريا نجوا من غرق المركب. إلا أن المنصة تلقت عشرات المكالمات من عائلات الضحايا بشأن أي معلومات حولهم.

وقال نور خليل المدير التنفيذي للمنصة إن أكثر من 40 عائلة من قريتين بمحافظة الشرقية طلبت المساعدة.

وأنقذ أكثر من 100 من ركاب القارب من مياه البحر، بحسب بيانات الأمم المتحدة التي أشارت إلى أن المركب كان مكتظا بـ400 إلى 750 راكبًا بينهم أطفال ونساء.

وأوضح خليل: “ليست لدينا أرقام محددة للمصريين الذين كانوا على متن القارب والسلطات لم تكشف عن عدد المصريين المفقودين“.

وكان الإعلامي المصري البارز عمرو أديب قال عبر برنامجه على فضائية “إم بي سي مصر”، إن 200 مصري تقريبا كانوا على متن الزورق.

لكن حتى الآن لا يزال الأب يجهل مصير نجله.

وقال: “كل ما فعلته هو الذهاب إلى (جمعية) الهلال الأحمر وقدمت لهم بياناته وأجريت تحليل الحمض النووي لتقديم العينة لوزارة الخارجية“.
هجرة الأطفال

وأكدت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) في تقرير صدر في 16 حزيران/ يونيو أنه “منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، لا يزال وسط البحر المتوسط هو الطريق الأكثر نشاطًا إلى الاتحاد الأوروبي“.

وأشارت إلى أن “أكثر من 50 ألف عملية رصد (لمهاجرين غير نظاميين) أبلغت عنها سلطات وطنية“.

إلا أن بعض الراغبين بالهجرة ينجحون في الوصول إلى وجهتهم.

العام الماضي مثّل المصريون واحدا من كل خمسة مهاجرين وافدين إلى إيطاليا بهذه الطريقة، بحسب بيانات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء، والتي أوضحت أن ثلث من وصلوا إلى إيطاليا في عام 2022 من أطفال بمفردهم أو منفصلين عن ذويهم، كانوا مصريين.

وأرجعت الوكالة أسباب بحث المصريين عن الهجرة إلى “العوامل الاقتصادية والبحث عن عمل”، خصوصا في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها مصر بسبب نقص النقد الأجنبي وارتفاع معدل التضخم.

كذلك لفتت إلى أن “من المحتمل أيضا أن يكون وضع حقوق الإنسان في البلاد عاملا مؤثرا للعديد من المهاجرين المصريين الراغبين في السفر إلى الاتحاد الأوروبي”، مشيرة إلى قلق المنظمات الحقوقية “بشأن القيود المفروضة على حرية التعبير، وسوء أوضاع السجون، وحالات الاختفاء القسري“.

في المقابل تؤكد حكومة الانقلاب أنها تقف في الصفوف الأمامية لمكافحة الهجرة غير النظامية إلى الشواطئ الأوروبية، لكنها تحتاج إلى التمويل للاستمرار في القيام بهذه المهمة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل وصف مصر بأنها أحد “أهم شركائها (فرنسا) الإقليميين”، مثمنا دورها “في إرساء دعائم الاستقرار في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط والقارة الأفريقية، وجهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية”، بحسب بيان للرئاسة المصرية بشأن زيارة  عبد الفتاح السيسي إلى باريس في وقت سابق من هذا الشهر.

وأطلقت مصر استراتيجية 2016- 2026 لـ”تجفيف منابع الهجرة غير الشرعية”، بحسب هيئة الاستعلامات المصرية.

ومنذ العام 2016 لم يبحر أي مركب على متنه مهاجرون غير نظاميين من السواحل المصرية.

في أغسطس 2022، أعلنت المفوضية الأوروبية عن تمويل قدره 80 مليون يورو لمصر من أجل “إدارة الحدود”، خصوصا عمليات “البحث والإنقاذ ومراقبة الحدود البرية والبحرية“.
عسكرة الحدود ليست حلا

ورأى خليل أن “عسكرة الحدود ليست حلا”، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن هو انتقال المعضلة (إلى مكان آخر)، المصريون الآن يعبرون إلى ليبيا”، لبدء رحلتهم من الساحل الليبي.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أعربت في 12 يونيو عبر بيان عن قلقها إزاء الاعتقال التعسفي الجماعي للمهاجرين وطالبي اللجوء، حيث اعتقلت السلطات الليبية آلاف الرجال والنساء والأطفال من الشوارع ومن منازلهم أو في أعقاب مداهمات لما يزعم أنها مخيمات ومستودعات للمُتاجرين بالبشر“.

في هذا الصدد أشار خليل إلى تشديد “العقوبات المفروضة على المهربين وما يمتلكه خفر السواحل من أسلحة”، وعدم تمكن المراقبين الحقوقيين من الوصول إلى هذه المناطق.

ورأى أن رحلات الهجرة ستستمر “ما دام الجيل الجديد غير قادر على التعبير عن رأيه أو فتح آفاق اقتصادية في مصر“.

 

* المخابرات تحصل على منصة صهيونية تحدد الموقع الجغرافي لمستخدمي شبكات التواصل

قام جهاز المخابرات المصري بشراء جهاز منصة استخبارات مفتوحة المصدر من شركة صهيونية، وفق ما كشف عنه موقع “إنتلجنس أونلاين” الاستخباراتي الفرنسي.

وأشار الموقع، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد“، إلى أن شركة Bler الصهيونية للاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT) نجحت في بيع منصة Webint Center الخاصة بها، عبر وسطاء في سنغافورة، إلى قسم البحوث التقنية (TRD) بجهاز المخابرات العامة المصرية.

وأشار إلى أن العقد بين الجانبين تم إطلاقه عام 2020.

وسط اشتعال حروب المعلومات التقليدية والسيبرانية، تأتي مصادر الاستخبارات المفتوحة Open source intelligence (OSINT) لتُحدث ثورة في التدفق العالمي للمعلومات خلال أوقات الصراعات، من خلال تجميع المحتوى المتاح للجمهور معًا، مثل صور الأقمار الصناعية، ومقاطع الفيديو للهواتف المحمولة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع انخفاض الثقة في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية على نطاق واسع، تصير المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر فعالة بشكل خاص، لأنه غالباً ما يثق بها الجمهور كمصدر موضوعي للمعلومات.

ويمكن للحكومات استخدام هذه التقنية ضد حكومات أخرى.

ووفقا للتقرير، فإن منصة Webint Center الصهيونية التي تم بيعها للمخابرات المصرية، تتمتع بقدرات كبيرة تتجاوز مجرد مراقبة الشبكات الاجتماعية، حيث تسمح بتحديد الموقع الجغرافي للهدف باستخدام البيانات من الشبكات الاجتماعية، فضلاً عن نظام إدارة الصور الرمزية.

وأشارت “إنتلجنس أونلاين” أيضًا إلى أنه تم تزويد قسم البحوث التقنية (TRD) بالمخابرات المصرية أيضًا بامتداد لمراقبة مواقع الإنترنت المظلم “دارك ويب”.

يقول التقرير إن شركة Bler الصهيونية التي أسسها كل من افيم ليرنر، ويوري بوروس، صدرت نظامها إلى مصر عبر كيان مملوك لها في سنغافورة يدعى شركة CloudCode، لكن العقد رسميًا مملوك لشركة Cyberio الأوكرانية، المملوكة لأخصائي OSINT الأوكراني وشريك Bler القديم ألينا سوبكو.

وقد عمل سوبكو سابقًا في شركة Nile ICT Systems الإماراتية المصرية، والتي تأسست في 2012، وهي مورد متكرر للوزارات المصرية والإماراتية.

 

*لماذا خانت قيادات الجيش الرئيس المنتخب “قائدهم الأعلى” وانقلبوا على الديمقراطية وثورة يناير؟

من أهم مكاسب تجربة (الثورة والانقلاب) هو حجم الوعي الكبير بطبيعة المعادلة القائمة في مصر محليا وإقليميا، وأن القرارات العليا داخل الجيش المصري مختطفة لحساب حفنة قليلة من الجنرالات المتحكمين في مفاصل المؤسسة العسكرية والذين ينعمون بامتيازات واسعة ويحققون من وراء هذه الامتيازات ثروات طائلة ؛ فمصر تفتقر كل يوم وهم يزدادون غنى وثراء.

باختطاف المؤسسة العسكرية وتوظيفها لحساب هؤلاء الجنرالات تم اختطاف مصر كلها بناء على مركزية وضع المؤسسة العسكرية في نظام الحكم المصري منذ انقلاب 23 يوليو 1952م؛ حيث بات كبار القادة يتعاملون مع مصر باعتبارها إقطاعية عسكرية خالصة لهم من دون الشعب. وعبر اتفاقية كامب ديفيد 1979م، جرت تحولات ضخمة داخل المؤسسة العسكرية؛ وتمكن الأمريكان عبر المساعدات العسكرية (المعونة الأمريكية) من بسط نفوذهم بشكل واسع داخل الصفوف العليا للجيش، وترتب على ذلك تحويل الجيش إلى مؤسسة بيزنس واقتصاد وانشغل كبار قادته بأمور البيزنس والصفقات حتى كون الجيش إمبراطورية اقتصادية ضخمة مترامية الأطراف.

عبر نفوذهم الواسع تمكن الأمريكان من استخدام الجيش في الإجهاز على ثورة يناير وإجهاض المسار الديمقراطي عبر التخطيط لانقلاب 3 يوليو. الذي أراد به الأمريكان حماية مصالحهم وخاصة أمن الكيان الصهيوني، وأراد به كبار الجنرالات حماية نفوذهم السياسي وحماية إمبراطوريتهم الاقتصادية المرامية الأطراف. وبالتالي فإن حكم الديكتاتور عبدالفتاح السيسي منذ الانقلاب العسكري (2013 /2023م) يمثل في جوهرة احتلالا بالوكالة لخدمة الأجندة الأمريكية والإسرائيلية وحماية مصالح كبار الجنرالات. ومن أجل تحرير مصر واستقلال قرارها الوطني يجب أولا تحرير الجيش من الوصاية المفروضة عليه من كبار القادة والجنرالات التابعين لواشنطن وتل أبيب (جنرالات كامب ديفيد). وإذا تحرر الجيش من هذه الوصاية تحررت مصر من التبعية وتخلصت من احتلال الوكالة، واستقل قرارها الوطني.

هذه الخلاصة لا تمنع مطلقا من رصد وتحليل أهم أسباب انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب ونسف المسار الديمقراطي وتهميش الهوية الإسلامية للبلاد.

السبب الأول، هو مركزية دور المؤسسة العسكرية في حكم مصر؛ فالجيش يتعامل مع مصر منذ انقلاب 23 يوليو 1952م على أنها إقطاعية عسكرية خالصة لا يسمح مطلقا بأن يكون على رأس الجمهورية مدني، وعندما جرى ذلك بفعل ضغوط ثورة يناير من أجل نقل السلطة من المجلس العسكري إلى حكومة مدنية منتخبة، وتم انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية في يونيو 2012م أمام مرشح الجيش والدولة العميقة الفريق أحمد شفيق؛ جرى التنكيل به والانتقام منه ومن أنصاره على النحو المؤلم الذي يعلمه الجميع، حورب مرسي وأفكاره الإسلامية بضراوة أثناء فترة الدعاية، وقبل أن يتسلم السلطة،  وافتعلت الدولة العميقة المشاكل وأثارت الفوضى والفلتان الأمني، ثم جرى تشويه الرئيس عبر حملة دعاية سوداء موسعة شارك فيها جميع وسائل الإعلام التابعة للجيش ورجال أعمال مبارك، وجرى الانقلاب عليه واعتقاله والتنكيل به وبأسرته على نحو واسع، ليكون عبرة لأي مدني يفكر في حكم مصر مجددا حتى لقي ربه محتسبا شهيدا بعد ست سنوات في سجون العسكر في 17 يونيو 2019م.

السبب الثاني هو حماية بيزنس المؤسسة العسكري سواء فيما يتعلق بسرية موازنة الجيش التي تكتب رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة دون أي مراقبة من أي جهة،  أو بالنسبة لشركات الجيش ومشروعاته والتي تقدر بين (40 إلى 60%) من جملة الاقتصاد المصري، وهي المشروعات التي تجاوزت حدود الاقتصاد الموجه لخدمة وحدات الجيش في أوقات السلم والحرب والتي لا اعتراض عليها مطلقا ما دامت تعزز من قدرة المؤسسة العسكرية على توفير احتياجاتها، لكن المشكلة  أن اقتصاد الجيش  تحول إلى إمبراطورية مترامية الأطراف وتحولت إلى أكبر محتكر في كثير من قطاعات الاقتصاد المدنية وامتدت بنفوذها إلى السيطرة المطلقة على معظم  أوجه النشاط التجاري والاقتصادي. وقد رأى الجنرالات أن الثورة والمسار الديمقراطي يمثلان تهديدا مباشرا لهذه الإمبراطورية، وقد أكد اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، في  مؤتمر صحفي عقد يوم 27 مارس 2012م، عن هذه المخاوف مشددا بعبارات تهديد  «أموال الجيش ليست من أموال الدولة ولن نسمح للدولة بالتدخل فيها؛ لأنها ستخربها وسنقاتل دفاعاً عن مشروعاتنا، وهذه معركة لن نتركها، والعرق الذي ظللنا 30 سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح لغيرنا أياً كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة». وهي التصريحات التي تؤكد أن الجيش دولة داخل الدولة. او بمعنى أدق فإن الجيش  يحتل مصر فعليا لحساب مصالح حفنة من الجنرالات ومصالح رعاتهم في الخارج.

السبب الثالث أن الجيش يعطي لديمومة علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي أولوية مطلقة على تأسيس علاقة ثقة متبادلة وقوية مع الشعب المصري، حتى بات كبار القادة بالمؤسسة العسكرية  يرون في تطوير العلاقة مع “إسرائيل” وتعزيز التحالف معها في جميع الملفات السياسية والاقتصادية ، وحماية المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة بات من ثوابت الأمن القومي المصري؛  وبالتالي فإن تصورات السيسي وغيره من كبار الجنرالات تقوم على اعتبار أن أي تحولات سياسية أو اجتماعية  تحدث في مصر تفضي إلى زعزعة هذه العلاقة، أو تضعفها ؛ هي في حد ذاتها تمثل تهديدا للأمن القومي المصري؛ وعليه فإن السيسي وكبار الجنرالات تعاملوا مع ثورة يناير  وإقامة نظام ديمقراطي في مصر باعتباره مسارا  شاذا يهدد الأمن القومي المصري؛ بمقدار ما يهدد العلاقة مع إسرائيل وأمريكا.  هذا التطابق في الرؤى والتصورات  بين كبار قادة الجيش في مصر مع رؤى وتصورات “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية، إنما يمثل انعكاسا لمدى الاختراق  الأمريكي الإسرائيلي للصفوف العليا في الجيش المصري منذ اتفاقية «كامب ديفيد» 1979م، حيث يتلقى الجيش مساعدات عسكرية من وشنطن قدرها “1.3” مليار دولار سنويا، كما يتلقى معظم القادة الكبار في الجيش دورات تدريبة ومحاضرات في الولايات المتحدة منذ ثلاثة عقود ليس فقط للتعرف على أفكارهم وتوجهاتهم بل لتشكيل عقليتهم بما يضمن حماية المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة.

 

*“دويتشه فيله”: بعد 10 سنوات على الانقلاب لماذا تتجاهل أمريكا والمجتمع الدولي حقوق الإنسان في مصر؟

نشر موقع التليفزيون الألماني “دويتشه فيله” تقريرا سلط خلاله الضوء على أوضاع حقوق الإنسان في مصر يعد مرور عقد على الانقلاب العسكري.

وبحسب التقرير، يصادف هذا الأسبوع مرور عقد على الانقلاب العسكري، الذي نصب حكومة السيسي الحالية. وفي 3 يوليو 2013، انقلب الجيش المصري بقيادة الجنرال عبدالفتاح السيسي على أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد، الدكتور محمد مرسي وشكل حكومة مؤقتة.

وقال التقرير، “في ذلك الوقت، وبينما كانت السياسة والاقتصاد في مصر في حالة اضطراب، زعم  المنقلب  السيسي،  ، مواطنيه أن الجيش انقلب على الرئيس الشهيد محمد مرسي لأنه فشل في خلق “إجماع وطني”. لكن السيسي وعد بأن الجيش ليس لديه مصلحة في الاحتفاظ بالسلطة السياسية وسيسهل العودة إلى الحكم المدني الديمقراطي”.

وأضاف التقرير أنه بعد عقد من الزمن، لا يزال السيسي في السلطة. وفي العديد من الجوانب، أصبح وضع المصريين العاديين أسوأ من أي وقت مضى. فالاقتصاد في أزمة ، ومثقل بالديون الخارجية ، بجانب ارتفاع التضخم والعملة التي انخفضت قيمتها بنحو النصف. ويعيش ما يقدر بثلث سكان مصر البالغ عددهم 105 ملايين نسمة في فقر، وتقوم أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان حاليا ببيع أو تأجير أصول مملوكة لحكومة السيسي، مثل المصرية للاتصالات أو النقل العام أو الموانئ، من أجل تمويل التزامات ديونها الخارجية.

وأوضح أنه في الوقت نفسه، شدد المنقلب  السيسي قبضته على السلطة. وتعرض الصحفيون المستقلون والناشطون المناهضون للحكومة للمضايقة أو الاعتقال. وقال ناشط مصري مسجون سابقا لموقع الصحافة الاستقصائية، كودا ستوري، إنهم رأوا ضباطا عسكريين يوقفون الناس في الشارع، ويفحصون هواتفهم ثم يعتقلونهم بعد أن وجدوا أنهم نشروا أو أعجبوا أو مزحوا عن حكومة السيسي أو الجيش المصري على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتصنف فريدوم هاوس، وهي منظمة مراقبة الديمقراطية ومقرها الولايات المتحدة، مصر على أنها “غير حرة”، كما أن تصنيف الحرية في البلاد مع الرقابة، وهو ضعيف بالفعل، قد تآكل ببطء على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث انتقل من 26 من أصل 100 في عام 2018، إلى 18 من أصل 100 هذا العام.

وعلى سبيل المقارنة، يحصل المغرب على 37 من أصل 100، في حين تحصل ألمانيا على 94.

وأشار التقرير إلى أن مصر أصبحت رائدة على مستوى العالم في عقوبة الإعدام، وشهدت القوانين الجديدة، بما في ذلك القانون الذي يجبر المنظمات غير الحكومية على التسجيل لدى الدولة، تقلص مساحة المجتمع المدني أو النشاط بشكل أكبر.

هناك حاجة إلى نهج متوازن

ويقول المراقبون إن جيران مصر الإقليميين وحلفاءها الغربيين يتخذون نهجا غير متوازن تجاه هذه القضايا. ويقترحون أن القضايا الاقتصادية في مصر يتم ذكرها بانتظام في حين أن سجل حقوق الإنسان المتدهور بسرعة في البلاد يحظى باهتمام أقل بكثير.

وفي أوائل عام 2022، كتب أكثر من 170 عضوا من مختلف البرلمانات الأوروبية رسالة مفتوحة إلى كبار دبلوماسييهم وسفرائهم في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يطلبون فيها إنشاء هيئة خاصة لمراقبة تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر. وجاءت الرسالة قبل الاجتماع السنوي للمجلس.

وكتب السياسيون: “نحن قلقون للغاية بشأن فشل المجتمع الدولي المستمر في اتخاذ أي إجراء ذي مغزى لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر”. هذا الفشل، إلى جانب الدعم المستمر لحكومة السيسي والإحجام حتى عن التحدث علنا ضد الانتهاكات المتفشية، لم يؤد إلا إلى تعميق شعور سلطات الانقلاب بالإفلات من العقاب”.

لكن بعد عام، وقبل وقت قصير من الاجتماع السنوي التالي للمجلس، نشرت سبع منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان رسالة مفتوحة أخرى، وجدت أنه “لم تكن هناك متابعة تبعية… على الرغم من حقيقة أن وضع حقوق الإنسان في مصر قد تدهور أكثر”، جاء في الرسالة، التي وقعتها سبع منظمات، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود.

وخلال زيارتها لألمانيا الصيف الماضي، قدمت سناء سيف، شقيقة المعارض المصري، علاء عبد الفتاح، أحد أبرز السجناء السياسيين في العالم العربي، شكاوى مماثلة والتقت سيف بسياسيين في برلين أثناء الدعوة إلى إطلاق سراحه. لم يسمح لها بالكشف عمن قابلته. وقالت سيف لـ” دويتشه فيله” في ذلك الوقت “ليس من المنطقي بالنسبة لي أن أرى السياسيين الألمان يخجلون من الحديث عن حقوق الإنسان، يبدو الأمر كما لو أنهم لا يريدون هز القارب.”

كيف تفلت حكومة السيسي من العقاب؟

هناك عدد من العوامل، كما يقول تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، حيث تقع مصر على مفترق طرق بين أفريقيا وآسيا وأوروبا ، وهي في موقع استراتيجي مهم للغاية ، ومع عدد سكانها الكبير وجيشها الكبير ، تعتبر منذ فترة طويلة قوة إقليمية مهمة. وعلى هذا النحو، تتمتع مصر أيضا بتقليد طويل في تأليب الحلفاء الدوليين المختلفين ضد بعضهم البعض.

وأشار كالداس إلى أنه “لذلك عندما تتعرض مصر لضغوط من دول الخليج، يمكنهم اللجوء إلى الولايات المتحدة، وعندما يأتي الضغط من هناك، يمكنهم اللجوء إلى الفرنسية”. “غالبا ما يأتي هذا في الاجتماعات. إذا ذهبت إلى اجتماعات في وزارات الخارجية أو في المؤسسات المالية الدولية وتحدثت عن المشروطية [المتعلقة بحقوق الإنسان] سيقول أحدهم: “حسنا، ماذا لو ذهبوا إلى ذلك المكان الآخر بدلا من ذلك وفقدنا إمكانية الوصول؟”

كما كانت مصر بارعة في بناء العلاقات الثنائية من خلال عقد صفقات أسلحة ضخمة، كما يوضح كالداس. يظهر تقرير فرنسي سنوي عن مبيعات الأسلحة نشر في أواخر عام 2022 أن حكومة السيسي كانت أكبر مستورد للأسلحة من فرنسا منذ عام 2012. وحكومة السيسي هي أيضا واحدة من أكبر مشتري الأسلحة في ألمانيا. زاد حجم صادرات الأسلحة إلى مصر في عهد السيسي وجعل البلاد ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم.

خطر الهجرة الجماعية غير النظامية

هناك أيضا أسباب أخرى ، يضيف كالداس. على الرغم من أساليب السيسي الاستبدادية، كانت مصر دولة مستقرة نسبيا في الشرق الأوسط، خاصة عند مقارنتها بأماكن مثل سوريا أو اليمن – وجيرانها يحبونها بهذه الطريقة. ويوضح أن “هذا يجعل من السهل تبرير ضخ الأموال في الدولة المصرية على أمل أن تحافظ على هذا الاستقرار”. “بالإضافة إلى ذلك ، فإن العامل الكبير الآخر هو: مصر هي 100 مليون شخص على البحر الأبيض المتوسط.”

بالنسبة لأوروبا، التي يطاردها بلا كلل شبح الهجرة غير النظامية ورد الفعل السياسي الشعبوي المحتمل عليها، “هذه مشكلة كبيرة جدا”، كما قال كالداس.

لكن أيا من هذه الأسباب ليس في الواقع عذرا كافيا لعدم قول أي شيء عن حقوق الإنسان في مصر، كما يقول كالداس وآخرون. ما يغيب في كثير من الأحيان في هذه المناقشات هو العلاقة الوجودية بين حقوق الإنسان والاستقرار السياسي والظروف الاقتصادية.

وأوضح كالداس “المشكلة هي أن الدول الغربية غالبا ما تفشل في تقدير قصر نظر نهجها” ، “ليس الأمر أنهم يحصلون على الاستقرار مقابل غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان. تساهم انتهاكات حقوق الإنسان في الواقع بشكل مباشر في عدم الاستقرار الاقتصادي في مصر. وترجع الأزمة الاقتصادية في مصر إلى أن استراتيجية [السيسي] في العقد الماضي كانت الاستفادة من الدولة المصرية بتهور لتمويل توطيد سلطته وشبكة المحسوبية الخاصة به”.

وكتب ستيفان رول، رئيس الأبحاث في أفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، في ورقة بحثية صدرت في ديسمبر 2022 بعنوان “قروض للرئيس” قائلا: “لا تتدفق الأموال المتاحة إلى استثمارات منتجة للمستقبل، ولكنها تتسرب إلى مشاريع البنية التحتية المشكوك فيها اقتصاديا وتخدم، على الأقل بشكل غير مباشر، لتمويل قمع الدولة البوليسية”.

وقد استفاد الجيش المصري أكثر من هذه الأموال، والكثير منها من الإقراض الأجنبي، وفي الواقع نما بشكل أكبر وأكثر ثراء في عهد السيسي. وأوضح رول “كان هذا عاملا حاسما في توطيد السيسي للسلطة” ، “بالنسبة له، كان ولاء القوات المسلحة أهم شرط مسبق لفرض قمع واسع النطاق للدولة البوليسية … وعشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وعدد هائل من أحكام الإعدام وعمليات الإعدام، حتى بالمعايير المصرية، هي تعبير عن هذا التطور”.

يقترح كل من رول وكالداس حلا مشابها: الاعتراف بالروابط بين الأموال التي تذهب إلى مصر وانتهاكات الدولة لحقوق الإنسان.

وخلص كالداس إلى أنه “ليس لأي قوة خارجية أن تجبر مصر على أن تصبح ديمقراطية، لكن المهمة هي التوقف عن دعم الاستبداد وتسهيل تحول مصر إلى ديكتاتورية”.

 

* رغم مرور 10 سنوات على الانقلاب . .. لماذا يستمر الدعم الاوروبي بصفقات الأسلحة للسفاح السيسى ؟

لا يزال الدعم الأوروبي لنظام الانقلاب العسكري في مصر مستمرا؛ فقد أعربت منظمات حقوقية مصرية ودولية عن استنكارها لاستمرار  كثير من الدول الأوروبية في عمليات تصدير الأسلحة المصنعة في دول الاتحاد الأوروبي في تفاقم أعمال القمع الداخلي وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر. ودعت هذه المنظمات في بيان لها أصدرته  الأربعاء 28 يونيو 2023م مؤسسات الاتحاد الأوروبي المختصة لإعلاء مطالب الشفافية ووقف تصدير الأسلحة لمصر من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما يتماشى مع المعيار رقم 2.2 من الموقف المشترك 2008/944 CFSP.

ومن المنظمات الموقعة الأورومتوسطية للحقوق (EuroMed Rights)، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان (EFHR)، والديمقراطية في العالم العربي الآن (DAWN)، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، والمنبر المصري لحقوق الإنسان (EHRF)، وغيرها.  وأشار بيان هذه المنظمات إلى ثلاث محطات مهمة تكشف حقيقة الدور الأوروبي:

الأولى،  قرار البيان الأوروبي الصادر في أغسطس 2013م في أعقاب مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس التي راح ضحيتها  أكثر من ألف متظاهر على أيدي قوات الأمن المصرية، حيث وافقت دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع في تقريرها حول حالة حقوق الإنسان في مصر، على تعليق تصدير أسلحة  أو معدات لمصر يمكن استخدامها في القمع الداخلي. وأشارت المنظمات في بيانها إلى أن مذبحة رابعة شهدت ضوراً لافتاً لمركبات “شيربا” المصفحة فرنسية الصنع، وبنادق “إيفو سكوربيون” تشيكية الصنع، وبنادق “بيريتا” الإيطالية 70/90؛ إذ استخدمت قوات الأمن هذه الأسلحة وغيرها لفضّ الاعتصامات وتفريق المحتجين بالقوة.

الثانية، رغم هذا القرار الصادر عام 2013، فإن عدداً من الدول الأعضاء مثل بلغاريا، وقبرص، وجمهورية التشيك، وفرنسا، وألمانيا، والمجر، وإيطاليا، وهولندا، وبولندا، ورومانيا، وإسبانيا، تواصل انتهاكه، وتستمر في شحن المعدات العسكرية إلى مصر. وبعد ما يقرب من عشر سنوات من إصدار هذا القرار، أصدرت منظمة “إيجيبت وايد” أخيراً تقريراً يتضمن أدلة موثقة على استخدام أسلحة صغيرة وخفيفة، مصنعة في إيطاليا صُدِّرَت إلى مصر، في انتهاكات حقوق الإنسان. وسلط التقرير الصادر عن منظمة “إيجيبت وايد”، الضوء على غياب مبدأَي التناسب والمساءلة في استخدام القوة في مصر من قبل السلطات المصرية خلال العقود الماضية، تحت رئاسة السيسي، إذ استُخدِمَت الأسلحة النارية ومركبات ناقلة الجند المدرعة في عمليات فرض السيطرة على الشوارع وفضّ الاحتجاجات.

الثالثة،  أن سلوك هذه الدول الأوروبية يخالف قرارات الأمم المتحدة التي أكدت على أن إساءة استخدام الحكومات للأسلحة بما يسبب انتهاكات حقوق الإنسان، هي انتهاك في حد ذاتها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. واعتبرت المنظمات أن هذا الوضع ينطبق على مصر؛ فعلى مدار العقد الماضي، وُثِّق استخدام قوات الأمن المصرية للأسلحة الثقيلة والخفيفة على حد سواء في أعمال القمع الداخلي، أو خلال التعامل الوحشي من قبل الشرطة، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون.

وأوردت المنظمات أن استمرار عمليات التصدير للأسلحة والتوفير المتزايد لمنظومات السلاح المختلفة، بما في ذلك تقنيات المراقبة والتكنولوجيا المرتبطة بعمل الجيش والاستخدام المزدوج، واستخدامها غير الخاضع للمساءلة، تشكل تهديداً للحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في التجمع السلمي وحرية التعبير لجميع المواطنين المصريين، فضلاً عمّا ينجم عن استمرار هذا التصدير مع تصاعد الانتهاكات وتهديد السلام الإقليمي وتعريضه للخطر والتهديدات الأمنية المتزايدة.  

وطالبت المنظمات، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالامتثال لالتزاماتها الوطنية والدولية بشأن تجارة الأسلحة بموجب الموقف الموحد للاتحاد الأوروبي 2008/944 CFSP والتشريعات المحلية الأوروبية، ووقف جميع عمليات تصدير الأسلحة إلى مصر، والمراجعة الشاملة لآليات الشفافية لضمان المساءلة والمراقبة لعمليات نقل الأسلحة. كذلك شددت على برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي واصلت تصدير الأسلحة إلى مصر على مدى السنوات العشر الماضية، دعم معايير الشفافية من خلال تشكيل هيئات لتقصي الحقائق. وأكدت كذلك أنّ على البرلمان الأوروبي تشكيل لجنة تحقيق مختصة بموجب المادة 226 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU)، للنظر في المخالفات للموقف المشترك 2008/944 CFSP من قبل الدول الأعضاء التي تواصل تصدير الأسلحة إلى مصر منذ صدور الموقف المشترك لأول مرة.

وتفاوتت ردود الفعل الأوروبية على الانقلاب العسكري ، لكنها لم تصل إلى مستوى الإدانة، فـبعد إعلان الانقلاب على  الرئيس مرسي في 3 يوليو 2013 أعلنت بريطانيا أنها “لا تدعم تدخل الجيش لحل النزاعات في الأنظمة الديمقراطية” ودعت إلى للتهدئة. واعتبرت ألمانيا الانقلاب “فشلا كبيرا للديمقراطية”، ودعت إلى “عودة مصر في أسرع وقت ممكن إلى النظام الدستوري”. أما فرنسا فقالت إنها تأمل أن يتم الإعداد للانتخابات في ظل احترام السلم الأهلي والتعددية والحريات الفردية والمكتسبات في العملية الانتقالية كي يتمكن الشعب المصري من اختيار قادته ومستقبله. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن “التدخل العسكري في شؤون أي دولة هو مبعث قلق”، ودعا إلى “المسارعة إلى تعزيز الحكم المدني وفقا لمبادئ الديمقراطية”. ودعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إلى “العودة سريعا إلى العملية الديمقراطية بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة”. وكلها ردود فعل لم تصف ما جرى على أنه انقلاب، وتقبل ضمنا بالإطاحة بالرئيس المنتخب وحكومته مع الدعوة إلى البدء من جديد وطي صفحة مرسي، كما لم تطالب دولة أوروبية واحدة بعودة مرسي إلى منصبه كرئيس للبلاد منتخب بإرادة الشعب الحرة، فيما طالبوا فقط بخروجه من الحبس لعدم قانونية هذه الخطوة وكأن الانقلاب نفسه كان خطوة دستورية أو قانونية. ويمكن استثناء موقف السويد والنرويج اللتين أكدتا أن ما جرى انقلاب عسكري وانتقدتا الموقف الأوروبي من الاحداث في مصر. ويؤكد الدكتور محمد محسوب، وزير الشئون القانونية في حكومة هشام قنديل في شهادته على الأحداث، أن  «آشتون لم تعرض ولم تعد ولم تنو لا أن تعرض ولا أن تعد بعودة الدكتور مرسي.. ووجهة نظرها كانت واضحة في إغلاق الصفحة السابقة  لما قبل 3 يوليو 2013 والبدء بصفحة جديدة.. بما يعني إقرارا بنتائج الانقلاب».

 

* في ذكرى النكسة والانقلاب .. السيسي يعايد المصريين بزيادة أسعار الكهرباء لأكثر من 40%

في ذكرى نكسة 30 يونية التي أعادت مصر ل70 عاما  للخلف، حيث حكم العسكر واغتصاب وأكل حقوق الشعب، ومصادرة الحريات  وفتح السجون  لكل مصري شريف.

وبدلا أن يحاول المنقلب السفيه السيسي، الاحتفال، بذكرى اغتصابه للسلطة، يمنح للشعب، لكنه بكل بجاجة وصلف كعادته  يقرر إلغاء دعم  الكهرباء في الموازنة العامة لمصر، وتسجيلها الرقم صفر في موازنة مصر منذ العام 2020،  إلا أن السيسي ونظامه المتوحش رأسماليا لا يعبأ بأي رقابة أو محاسبة أو غضب شعبي، حيث قررت حكومة السيسي بدء العمل اليوم  1 يوليو، بالتعريفة  الجديدة التي تتضمن زيادة الكهرباء المنزلية بأكثر من 40%.

ومن المقرر ارتفاع أسعار الكهرباء المنزلية بنسبة تزيد على 40%، على خلفية قرار مجلس الوزراء تأجيل زيادة تعريفة بيع الكهرباء لمدة 12 شهرا على مرتين، شهدت البلاد خلالها تغيرا في سعر الصرف أكثر من مرة، وارتفاعا في أسعار الغاز الطبيعي والمازوت المستخدمين في محطات توليد الكهرباء.

وفقد الجنيه المصري نحو 58% من قيمته الفعلية خلال 15 شهرا، إثر خروج مليارات الدولارات من الأموال الساخنة في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث كان الدولار يساوي 15.70 جنيها حتى 21 مارس 2022، مقارنة بـ 30.95 جنيها في البنوك حاليا (سعر رسمي)، ونحو 38 جنيها للدولار في السوق الموازية.

وبحسب مصدر برلماني مطلع، فإن خطة إعادة هيكلة قطاع الكهرباء تقضي برفع سعر الكيلو واط للشريحة الأولى من الاستهلاك المنزلي من صفر إلى 50 كيلوواط في الشهر من 48 قرشا إلى 58 قرشا مع بداية العام المالي 2022 2023، ثم إلى 68 قرشا مع بداية العام 2023-2024، ما معناه تضاعف الزيادة الفعلية بسبب قرار التأجيل من 48 قرشا إلى 68 قرشا للكيلوواط، بارتفاع نسبته 41.66%.

وبداية من فاتورة شهر يوليو سترتفع أسعار الشريحة الثانية من 51 إلى 100 كيلوواط من 58 قرشا إلى 68 قرشا، بزيادة 17.24%، والشريحة الثالثة (من صفر إلى 200 كيلوواط) من 77 قرشا إلى 90 قرشا، بزيادة نسبتها 16.88%، والشريحة الرابعة (من 201 إلى 350 كيلوواط) من 106 قروش إلى 119 قرشا، بزيادة 12.26%، وفقا لخطة إعادة الهيكلة.

الدعم صفر

ولم تشمل بنود موازنة 2023-2024 أي مخصصات مالية لدعم الكهرباء، الذي سجل “صفرا” للعام المالي الخامس على التوالي، غير أن الحكومة تعزو الزيادة السنوية في أسعار الاستهلاك المنزلي (حتى منتصف عام 2025) إلى دعم الاستهلاك للقطاع الصناعي بواقع 22 مليار جنيه على 5 سنوات نتيجة تثبيت الأسعار، إضافة إلى تخصيص 29.9 مليار جنيه لصالح محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي.

وثبّتت الحكومة أسعار بيع الكهرباء للاستهلاك الصناعي والتجاري لمدة 5 أعوام، بحجة مراعاة تداعيات أزمة جائحة كورونا عام 2020، وعدم تسبب زيادة أسعار الكهرباء بارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، غير أنها عوضت فارق الدعم من جيوب المواطنين، من طريق زيادة أسعار الاستهلاك المنزلي في الفترة نفسها.

ومع الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء سترتفع جميع اسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة، حيث تتأثر الأسواق بأي زيادة سعرية في مدخلات الإنتاج، خاصة في ظل انعدام الرقابة على الأسواق، وترك السيسي الحبل على الغارب للتجار والشركات.

 

* المرضى على الأرصفة.. فساد بالملايين داخل غرف عمليات معهد “تيودور بلهارس”

في الوقت يحتفل فيه السيسي بمرور 10 سنوات على انقلابه على أول تجربة ديمقراطية بعد ثورة يناير، ويزعم فيه نظامه تخصيص أكبر موازنة للصحة من أجل علاج المصريين ومواجهة الأمراض والأوبئة التي تنتشر بصورة غير مسبوقة في البلاد، تكشف الوقائع هذه الأكاذيب وأنها مجرد خداع من هذا النظام الذي يعمل على تجويع المواطنين وحرمانهم من العلاج، حيث يتم إلغاء العلاج المجاني خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي وتغلق المستشفيات أو يعاني بعضها من عدم وجود الأجهزة والمستلزمات الطبية، ما يهدد المرضى بالموت ويؤدي إلى وقف العمليات الجراحية .

هذه الكوارث تجسدت في معهد تيودور بلهارس بالوراق والذي يعد أكبر معهد في الشرق الأوسط في مكافحة البلهارسيا وعلاج الأمراض المتوطنة والمزمنة ومضاعفاتها، لكنه يشهد وقائع فساد بالملايين، ما أدى إلى توقف العمل فيه وإلقاء المرضى في الشوارع وعلى الأرصفة.

مخالفات في التطوير 

كانت حكومة الانقلاب قد زعمت أنها خصصت منحة من البنك المركزي بقيمة 53 مليون جنيه لتطوير غرف عمليات المعهد، وقام مدير مستشفى المعهد بمنح حق تطوير غرف العمليات لشركة مقاولات بالمجاملة والتي لم تقم بأي أعمال تطوير، وتم الكشف عن مخالفات جسيمة داخل جناح العمليات . 

حكومة الانقلاب أوعزت إلى  مدير مستشفى المعهد بتقديم استقالته حتى ينجو من التحقيقات والمساءلة القانونية، وهكذا تحول ملائكة الرحمة الذين من المفترض أن يعملوا على إنقاذ أرواح المرضى بايعاز من عصابة العسكر  إلى شياطين لتخالف ممارساتهم قسم المهنة وليتورطوا في أعمال السرقة والفساد .

في هذا السياق قام مدير معهد تيودور بلهارس بإهدار المنح التي تأتي من الخارج دون النظر إلى أهمية الدعم في علاج مرضى المعهد، كما أهدر منحة البنك المركزي للمعهد والتي تقدر بـ 53 مليون جنيه والتي كان من المفترض توجيهها لتطوير غرف العمليات وتزويدها بأحدث الأجهزة وسبل الوقاية الصحية اللازمة، لكن هذه الأموال أهدرت وأديرت بطريقة العصابات واللصوص من قبل مدير مستشفى المعهد الذي كان مسئولا عن مهمة التطوير.

إهدار أموال 

كان مدير مستشفى معهد تيودور بلهارس الدكتور «هـ.ع» قد اتخذ قرارات أدت إلى إهدار منحة البنك المركزي من خلال مجاملته لشركة مقاولات غير مؤهلة ومنحها حق تطوير غرف العمليات، ولم تعمل تلك الشركة على تطوير غرف العمليات بالشكل المناسب، ليتورط مدير المستشفى في قرار آخر حتى لا يلومه أحد باختيار تلك الشركة.

ثاني القرارت التي اتخذها مدير المعهد وتسببت في إهدار منحة البنك المركزي كان انطلاق العمل في العمليات قبل الانتهاء من أعمال التطوير واستمر العمل بالعمليات لمدة تزيد عن ثلاثة شهور دون اتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة لمكافحة العدوى، مما عرض حياة الكثيرين للخطر، وبالتالي ضياع الأموال التي أنفقت على التطوير.

العاملون بالمستشفى، أعربوا عن غضبهم من مماطلة المقاول المسؤول عن المشروع في تسليم الوحدات اللازمة في الوقت المحدد، ما أدى لتقديم البعض منهم شكاوى إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بحكومة الانقلاب خاصة أن مدير المعهد لا يمارس أي ضغوط على هذا المقاول .

ومع جسامة المخالفات داخل جناح العمليات اضطر أيمن عاشور، وزير التعليم العالي بحكومة الانقلاب إلى تشكيل لجنة ثلاثية للتحقيق .

وكشف تقرير اللجنة الفنية عن وجود مخالفات جسيمة في الجوانب الفنية داخل جناح العمليات، ما تسبب في تعرض حياة المرضى لخطر كبير، بجانب مشاكل في التهوية والتكييف المركزي الذي أدى عدم إصلاحه إلى تسريب المياه.

وأوصى التقرير بضرورة عدم البدء في إجراء أي عمليات جراحية داخل المعهد وإغلاقه لمدة شهر ونصف، من أجل استكمال الإصلاحات اللازمة.

كما قررت اللجنة الفنية إيقاف العمليات داخل الجناح القديم بالمعهد من أجل التطوير، مؤكدة أن قرارات مدير مستشفى المعهد أوقفت كل سبل العلاج في المعهد، ما أدى إلى تكدس أعداد المرضى على قوائم الانتظار.

استقالة مدير المستشفى

ومع إحالة هذه المخالفات إلى الجهات المختصة للتحقيق في القضية، وقبل استدعاء المتهمين المسؤولين في المستشفى عن الوضع، سارع مدير المستشفى بتقديم استقالته خوفا من المساءلة القانونية ومحاولة منه لإخلاء مسؤوليته، وذلك بايعاز من عصابة العسكر حتى لا يتم الكشف عن فضائح الفساد المتورطة فيها.

وأوضحت اللجنة أن اكتشاف وقائع الفساد جاء بعد 5 أشهر من إعلان افتتاح المعهد لـ 5 غرف عمليات متطورة بتكلفة بلغت 53 مليون جنيه بخامات عالية الجودة وبأحدث أجهزة المناظير وأدى عدم الالتزام بتطبيق معايير الكفاءة الصحية داخل معهد بحثي بهذه القيمة العلمية، ما تسبب في النهاية إلى تزايد الأعداد على قوائم الانتظار بلا حل بسبب تعطل المقاول عن استكمال عملية التطوير بالجودة المطلوبة رغم حصوله على ملايين الجنيهات تحت هذا البند.  

تعيينات جديدة

وفي محاولة للتغطية على هذه الفضيحة أجرت حكومة الانقلاب حركة تعيينات جديدة داخل المعهد، تضمنت تعيين الدكتور محمد شميس، للقيام بأعمال مدير معهد تيودور بلهارس ورئيس مجلس إدارته وتكليفه بإجراء تطوير شامل للمعهد.

وفي اتصال مع الدكتور محمد شميس، القائم بأعمال مدير المعهد رفض التعليق على واقعة إهدار منحة البنك المركزي وغيرها من المنح التي قدمت للمعهد لتطوير غرف العمليات. 

وقال شميس: إن “هذه الأحداث وقعت في حقبة لم يكن المعهد تحت إدارته وأنها قيد التحقيق، مطالبا وسائل الإعلام بنشر الإيجابيات عن المعهد، وزعم أنه يسعى لإنجاز المهام العالقة به في الفترة الحالية وحل المشكلات التي تواجه المعهد من أجل خدمة المرضى”. 

 

عن Admin