النظام المصري يتهم أثيوبيا بتصرفات “متهورة وغير مسؤولة” في إدارة سد النهضة ويحمّلها مسئولية فيضانات السودان.. الجمعة 17 أكتوبر 2025م.. موجة غلاء جديدة تدهس المصريين بعد رفع السيسي أسعار الوقود للمرة الـ 12 وسيزيده مجدداً بعد سنة

النظام المصري يتهم أثيوبيا بتصرفات “متهورة وغير مسؤولة” في إدارة سد النهضة ويحمّلها مسئولية فيضانات السودان.. الجمعة 17 أكتوبر 2025م.. موجة غلاء جديدة تدهس المصريين بعد رفع السيسي أسعار الوقود للمرة الـ 12 وسيزيده مجدداً بعد سنة

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

 

* قتل تحت التعذيب وتعتيم أمني أسرة “خليل أبو هبة” تطالب بمحاسبة الضابط المجرم قاتل ابنها

توصل ناشطون وأهالي مدينة المحلة الكبرى إلى هوية الضابط المتورط في جريمة قتل المواطن خليل محمد خليل عيد أبو هبة، تاجر السيارات وأب لأربعة أطفال، داخل قسم ثالث المحلة الكبرى.
الضابط هو النقيب أحمد رفعت الصعيدي، معاون مباحث القسم، بمشاركة مساعده إبراهيم صنقر، بحسب شهادات ومصادر محلية.

وقالت أسرة الضحية إن الضابط المذكور أوقف خليل أثناء جلوسه مع أصدقائه على أحد المقاهي، وطلب منه مفاتيح سيارته دون مبرر، وعندما رفض، اقتاده بالقوة إلى القسم. وتشير روايات الأسرة إلى أن الضابط قام بتعذيبه بوحشية باستخدام الضرب والصاعق الكهربائي حتى فارق الحياة.

وأكد ناشطون أن الضابط أحمد رفعت الصعيدي هو نجل عمدة قرية بلقينا بالمحلة الكبرى، وله شقيق طيار يدعى محمد رفعت، وينتمي كلاهما لمنطقة أبو راضي بالمحلة الكبرى – محافظة الغربية.

بلاغ لمن يهمه الأمر

تقدم والد الضحية، المواطن محمد خليل عيد، بشكوى رسمية إلى وزارة الداخلية والنيابة العامة، مطالبًا بفتح تحقيق عاجل في وفاة نجله داخل قسم ثالث شرطة المحلة الكبرى، بعد تعرضه لما وصفه بـ”تعذيب وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان” على يد أحد الضباط.

وبحسب نص الشكوى، بدأت الواقعة حين كان الشاب يتناول طعامه في أحد المطاعم، قبل أن يتعرض لتعدٍّ لفظي وجسدي من ضابط يُدعى أحمد. ر. ا.، الذي اقتاده إلى القسم دون إذن قانوني، حيث دخل الضحية سليمًا، ثم خرج بعد ساعة جثة هامدة.

وأكدت الأسرة وجود آثار ضرب وصعق كهربائي على جسده، وطالبت بمحاسبة الجاني “أيا كانت رتبته”، معتبرة ما حدث “طعنة في قلب العدالة وإساءة لهيبة الشرطة المصرية“.

تعذيب حتى الموت

تفاعل عدد من النشطاء الحقوقيين مع القضية، مطالبين بالكشف عن تسجيلات كاميرات المراقبة وتشريح الجثة ومحاسبة المتورطين. وحتى الآن، لم تصدر وزارة الداخلية بيانًا رسميًا بشأن الواقعة.

ووفق تقارير حقوقية، وقعت الوفاة بين 8 و10 أكتوبر 2025 داخل حجز قسم ثالث شرطة المحلة الكبرى، بعد أن تم اعتقال خليل دون تهمة واضحة، أثناء محاولة الشرطة الاستيلاء على سيارته، ورفضه تسليم مفاتيحها.

وتشير الروايات إلى أن خليل تعرض لـ”تعذيب وحشي” على يد عناصر من الشرطة، أدى إلى وفاته داخل الحجز. كما تعرضت أسرته للتهديد لعدم الحديث عن تفاصيل الجريمة.

وقال والد الضحية:

جالي تليفون قالولي الحق ابنك… الضباط خدوه وكتفوه وودوه قسم تالت المحلة، ولما رحت لقيت المحامي بيقولي شُفته واقع في الممر، كله جروح وكدمات، قالولي في العناية وهيتحسن، بس قلبي مقاليش كده.”

وأضاف:

ضابط من قسم تاني رقّ لحالي وخلاني أشوفه، لما شُفته صُدمت.. جسمه كله علامات حمراء وكان بالملابس الداخلية بس. استدعاني وكيل النيابة عشان أحرر محضر، لكنهم كانوا بيماطلوا عشان ياخدوا الجثمان من الباب الخلفي ويودوه المشرحة في طنطا من غير ما نعرف.”

واتهم الأب الضابط المعروف بلقب داعش، بممارسة التعذيب الكهربائي لإجبار المحتجزين على الاعتراف.

رواية مؤلمة

كتب حساب DrSayed Gamely على فيسبوك أن خليل كان يتناول طعامه في مطعم “الفخراني” بالمحلة الكبرى، وأوقف سيارته بالقرب من المكان. فجأة حضر الضابط أحمد رفعت الصعيدي وطلب منه مفتاح السيارة دون سبب واضح. وعندما رفض، فتح السيارة بالقوة ولم يجد بداخلها شيئًا، لكنه أصرّ على اقتياده للقسم بالقوة، واستدعى “ونش” لسحب السيارة.

وبحسب الأسرة، تعرض خليل (35 عامًا) داخل القسم لتعذيب مروّع بالصاعق الكهربائي، وهو أسلوب يُعرف عن الضابط المذكور استخدامه، وقد تسبب سابقًا في وفاة ثلاثة أشخاص، وفقًا للرواية.

بعد أقل من ساعة، تم نقله إلى مستشفى المحلة العام (القصر)، وأُبلغت الأسرة بأنه “تعبان”، لكن تبين لاحقًا أنه توفي داخل القسم. وعند وصولهم، مُنعوا من رؤيته، ثم سُلّم إلى ثلاجة الموتى. وبعد إلحاح، تمكن والده من رؤيته ليجد جسده مغطى بالكدمات وآثار الصعق.

يقول شاهد:

قالوا لأبوه إن ابنه تعب واتنقل القصر، لكن الحقيقة إنه مات وهما ودّوه التلاجة علطول. لما شُفناه كان جسمه أزرق ومكهرب، وضربينه في وشه.. العالم الكفرة حسبنا الله ونعم الوكيل.”

آثار التعذيب

شهود العيان أكدوا أن الضابط اقتاد خليل إلى القسم عن طريق “توك توك” دون إذن نيابة أو سند قانوني.
وبعد ساعة واحدة فقط، أُنزل جثة هامدة لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية، ونُقل إلى مستشفى المحلة العام.
آثار التعذيب على الجسد شملت:

  • كدمات وسحجات في الوجه، خاصة جهة العين اليمنى.
  • ضربات في الكتف وأعلى الظهر والرقبة.
  • آثار صاعق كهربائي تحت الذراع الأيمن.
  • جروح غائرة من الكلابشات في المعصمين، خصوصًا اليد اليمنى.

وطالبت الأسرة بـ”العدل ومحاسبة الجاني أيًا كان موقعه أو رتبته”، مؤكدة أن الجريمة تمثل طعنة في العدالة وإهانة لهيبة الشرطة المصرية الشريفة.

لجان أمنية وتعتيم رسمي

نُقل الجثمان لاحقًا إلى الطب الشرعي في طنطا، لكن التقرير لم يصدر حتى الآن وسط مخاوف من التلاعب أو التستر.
وأثناء الدفن، لاحظ الأهالي تأمينًا أمنيًا مشددًا حول القسم تحسبًا لأي احتجاجات، خاصة أن الضحية كان محبوبًا في مدينته.

وفي المقابل، نشرت بعض الحسابات الموالية للسلطة منشورات تحاول تهدئة الرأي العام، منها ما كتبه “خالد فوزي أبو العزم” وآخرون، داعين إلى “الهدوء والحكمة، ومحذرين مما وصفوه بـ”تجار الحروب الذين يستغلون الحوادث لإثارة الفتن“.

وزعمت هذه الحسابات أن “التحقيقات جارية على أعلى مستوى من جهة سيادية، وأن “المخطئ سيُعاقب بأقصى عقوبة”، فيما حاولت تبرير ما حدث بالقول إنالدولة لن تسمح بعودة التجاوزات“.

عودة الأساليب القمعية

الحادثة تأتي ضمن سلسلة متكررة من حالات القتل تحت التعذيب والتصفية الجسدية داخل أقسام الشرطة، خصوصًا في محافظات الصعيد والوجه البحري، ما يثير مخاوف من عودة الأجهزة الأمنية إلى أساليبها القديمة في التعامل مع المواطنين.

هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية ولحرمة المواطن المصري، وتعيد طرح السؤال حول غياب العدالة والمساءلة داخل وزارة الداخلية.

وفي مقطع مصور متداول، قال شقيق الضحية:

قبضوا عليه دون ذنب، واقتادوه للقسم مكتوف الأيدي، واعتدوا عليه حتى مات لأنه رفض يديهم مفتاح عربيته. الضابط اسمه أحمد الصعيدي، وهددوني بالقتل لو اتكلمت.”

العدالة الغائبة

رغم وضوح الأدلة وشهادات الشهود، تبقى الحقيقة محاصرة خلف تعتيم أمني وصمت رسمي، بينما ترفع الأسرة صوتها مطالبة بالقصاص، في بلدٍ بات فيه “المتهم بريئًا نظريًا فقط”، أما على أرض الواقع، فـ”البراءة لا تنتظر إثباتها، لأن الإدانة سابقة ومستمرة“.

* 53 يومًا من الإخفاء القسري للطالب بالثانوية “يوسف إبراهيم” في الشرقية

تعيش أسرة الطالب يوسف إبراهيم السيد عبد السميع، البالغ من العمر 19 عامًا، حالة من القلق والرعب منذ ما يقارب الشهرين، بعد اختفائه قسرًا عقب اعتقاله تعسفيًا على يد قوات الأمن الوطني بمحافظة الشرقية، دون أي سند قانوني أو توجيه تهم رسمية إليه.

الطالب، الذي كان يحلم ببدء عامه الجامعي الأول بعد نجاحه في الثانوية الأزهرية، تحول بين ليلة وضحاها إلى رقم جديد في قائمة ضحايا الإخفاء القسري بمصر، وسط صمت رسمي يفاقم معاناة أسرته التي لا تعرف عنه شيئًا منذ 53 يومًا. 

مداهمة ليلية واقتحام متكرر
وفقًا لما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وشهادات الجيران وأفراد الأسرة، فقد داهمت قوة من الأمن الوطني مساء الأحد 24 أغسطس الماضي منزل الأسرة الكائن بقرية المساعدة الصغيرة التابعة لمركز ههيا بمحافظة الشرقية.
القوة – التي لم تُبرز أي إذن قضائي – قامت باعتقال يوسف من داخل منزله، واقتادته إلى جهة غير معلومة، دون الإفصاح عن سبب الاعتقال أو وجهة نقله.

وفي مساء اليوم ذاته، عادت القوة الأمنية نفسها لاقتحام المنزل مرة أخرى، وفتشته بشكل دقيق، بحثًا عن أشياء لم يتم توضيحها، لكنها غادرت دون العثور على أي ممنوعات أو أوراق مثيرة للشبهة.

منذ ذلك اليوم، لم تتلق الأسرة أي اتصال أو إخطار رسمي من أي جهة أمنية أو قضائية يفيد بمكان احتجاز يوسف أو حالته الصحية، رغم البلاغات المتكررة التي تقدمت بها إلى الجهات المعنية، بما في ذلك مكتب النائب العام ووزارة الداخلية.  

صرخات واستغاثة أسرة تبحث عن ابنها
في حديثها للشبكة المصرية، عبّرت أسرة يوسف عن ألمها العميق، قائلة بمرارة: “إحنا بنموت والله، عاوزين نعرف هو فين وليه اعتقلوه؟ إحنا عايشين في رعب.”

وتضيف والدة يوسف، التي لا تفارقها دموعها منذ الحادثة، أن نجلها “شاب خلوق، هادئ الطباع، لا ينتمي لأي تيار سياسي، ولا يشارك في أي نشاط عام”.
وتابعت قائلة: “يوسف كان نفسه يدخل الكلية الحربية، وراح فعلاً يقدم للاختبارات، لكنه انسحب بسبب ظروفه الصحية. حتى موبايل ما عندوش، كان بيتكلم من تليفوني.”

وتقول والدته بحرقة: “ابني ملوش ذنب، كل اللي عايزينه نطمن عليه.. هو لسه طفل، حياته ومستقبله راحوا!”.

الأسرة المكلومة فقدت عائلها منذ سنوات، وكانت ترى في يوسف الأمل الوحيد الذي سيحمل عنها أعباء الحياة، لكن حلمها انهار بعدما تم اعتقاله دون سبب. 

صمت رسمي وتجاهل للبلاغات
ورغم مرور أكثر من 53 يومًا على الواقعة، لم تتلق الأسرة أي رد على البلاغات المقدمة، فيما ترفض الجهات الأمنية الاعتراف بوجود يوسف في أي من مقارها.
محامون تابعون للشبكة المصرية يؤكدون أن ما حدث يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور المصري والقوانين الدولية، لاسيما المواد التي تجرّم الاحتجاز غير القانوني والإخفاء القسري.

ويشيرون إلى أن استمرار احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي “يُعد جريمة مركّبة، تستوجب فتح تحقيق عاجل ومحاسبة المتورطين فيها”. 

يوسف.. حلم الجامعة الذي تحوّل إلى كابوس
كان يوسف قد أنهى دراسته الثانوية الأزهرية مؤخرًا بتفوق، وكان يستعد لتقديم أوراقه للالتحاق بكليات جامعة الأزهر، إلا أن اعتقاله المفاجئ حطم آمال الأسرة، التي أصبحت لا تفكر سوى في نجاته وعودته سالمًا.

“مستقبله ضاع، وكل يوم بيمر بنحس إننا بنفقده أكتر” – يقول شقيقه الأكبر، مضيفًا: “إحنا مش عايزين غير حقه في الحرية.” 

منظمات حقوقية: أوقفوا الإخفاء القسري
في بيان صدر مؤخرًا، طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام المصري ووزير الداخلية بالتدخل الفوري والعاجل من أجل:

  • الكشف عن مكان احتجاز الطالب يوسف إبراهيم.
  • تمكين أسرته ومحاميه من زيارته.
  • الإفراج الفوري عنه إذا لم تثبت عليه أي تهمة.
  • محاسبة المسؤولين عن واقعة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.

وأكدت الشبكة أن مثل هذه الانتهاكات تمثل “خرقًا واضحًا للمادة (54) من الدستور التي تنص على أن الحرية الشخصية حق طبيعي لا يجوز المساس به، ولا يُقبض على أحد أو يُحبس إلا بأمر قضائي مسبب”، إضافة إلى مخالفتها للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر، وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

*النظام المصري يتهم أثيوبيا بتصرفات “متهورة وغير مسؤولة” في إدارة سد النهضة وتحمّلها فيضانات السودان

اتهم النظام المصري، الجمعة، إثيوبيا بالتصرف بـ”شكل متهور وغير مسؤول” في إدارة سد النهضة، معتبرة أن الخطوات الأحادية التي تقوم بها أديس أبابا تسببت في أضرار جسيمة للسودان وتشكل تهديدًا مباشرًا لأراضي وأرواح المصريين.

بيان رسمي مصري

وقالت وزارة الموارد المائية والري المصرية في بيان رسمي، إن الاتهامات تأتي “في ضوء فيضان نهر النيل والإدارة الأحادية للسد الإثيوبي المخالفة للقانون الدولي”، مؤكدة أن هذه الممارسات “تفتقر إلى الشفافية وتعرض حياة شعوب دول المصب للخطر”.
ولم يصدر أي تعقيب إثيوبي رسمي على البيان حتى الساعة 18:30 بتوقيت غرينتش.

فيضانات السودان ومخاطر على الأراضي المصرية

شهدت الأيام الأخيرة فيضانات واسعة في السودان جراء ارتفاع منسوب مياه نهر النيل، كما غمرت المياه أراضي محاذية لمجرى النهر في بعض المحافظات المصرية.
وأوضحت الوزارة أن “الفيضان هذا العام أعلى من المتوسط بنسبة 25%”، مشيرة إلى أن الوضع تفاقم بسبب التصرفات الأحادية لإثيوبيا في تشغيل السد.

مخالفة للقواعد الفنية والعلمية

أكدت وزارة الري أن إثيوبيا خزّنت كميات أكبر من المتعارف عليها من مياه الفيضان، حيث خفضت التصريفات من نحو 280 مليون متر مكعب يوميًا إلى 110 ملايين في 8 سبتمبر/ أيلول 2025.
وأضافت أن مشغلي السد تعمدوا الوصول إلى منسوب 640 مترًا فوق سطح البحر ثم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لبضع ساعات فقط، بهدف “الاستعراض الإعلامي والسياسي” في ما سُمي بـ”احتفال افتتاح السد” في 9 سبتمبر، دون اعتبار لمصالح دول المصب أو السلامة المائية.

فيضان صناعي مفتعل

أوضحت الوزارة أن الإدارة العشوائية للسد تسببت في تغيير مواعيد الفيضان الطبيعي الذي تبلغ ذروته عادة في أغسطس، ما أدى إلى حدوث فيضان صناعي متأخر وأكثر حدة في سبتمبر، فاقم من الأضرار في السودان ومصر.
وأكد البيان أن “المنسوب في بحيرة السد انخفض بمقدار متر واحد تقريبًا”، أي ما يعادل تصريف نحو ملياري متر مكعب من المياه دون مبرر، وهو ما يدل على عدم الانضباط الفني والعشوائية في التشغيل.

نفي مصري لغرق المحافظات

نفت وزارة الري ما تم تداوله عبر بعض المنصات الإعلامية حول غرق محافظات مصرية بالكامل، مؤكدة أن ما جرى هو غمر طبيعي لأراضي طرح النهر، وهي مناطق منخفضة تتكون على جانبي النيل نتيجة الترسيب، ومعرضة للغمر الموسمي خلال فترات ارتفاع المناسيب.
وأكدت الوزارة أن “الدولة المصرية بكافة أجهزتها تتابع الموقف على مدار الساعة لضمان سلامة المواطنين والمنشآت”.

تصريحات الخارجية المصرية

وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال لقائه رئيس مجلس السيادة السوداني في بورتسودان الأربعاء، إن “عدم التنسيق بشأن تشغيل السد تسبب في فيضانات عارمة خلال الفترة الأخيرة بالسودان”، مؤكدًا أن “التحركات الأحادية الإثيوبية تشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي”.

خلفية أزمة سد النهضة

تعود أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى عام 2011 حين بدأت أديس أبابا بناءه على النيل الأزرق، ما أثار خلافًا مع دولتي المصب، مصر والسودان، حول قواعد الملء والتشغيل.
وتطالب القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن عدم الإضرار بحصص المياه، بينما تصر إثيوبيا على أن السد مشروع سيادي لا يتطلب توقيع اتفاق ملزم.
وتوقفت المفاوضات عدة مرات منذ 2021، قبل أن تُستأنف لفترة قصيرة عام 2023 ثم تُجمد مجددًا في 2024.

توتر إقليمي متجدد

يرى مراقبون أن الأزمة دخلت مرحلة جديدة من التصعيد بعد اتهامات القاهرة الأخيرة، خصوصًا مع استمرار الفيضانات التي ضربت السودان وامتداد آثارها إلى الأراضي المصرية.
ويحذر خبراء من أن غياب التنسيق الفني والسياسي بين الدول الثلاث قد يؤدي إلى أزمات مائية وإنسانية متكررة في حوض النيل خلال الأعوام المقبلة.

*القاهرة تضغط على حماس لاحتواء الانفلات الأمني ووقف الإعدامات الميدانية في القطاع

وصل وفد قيادي من حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة ، لبحث عدد من الملفات المتعلقة بإدارة قطاع غزة، في وقت تكثّف فيه القاهرة جهودها السياسية والأمنية لاحتواء الوضع الميداني في القطاع.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام فلسطينية، فإن الوفد يضم شخصيات بارزة من الحركة، ومن المقرر أن يجري مباحثات مع مسؤولين مصريين بشأن الملفات الأمنية والإدارية المتعلقة بمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.

ضغوط مصرية لوقف الإعدامات الميدانية

ذكرت وكالة الأنباء الصينية شينخوا نقلًا عن مصادر مصرية مطلعة، أن مصر تمارس ضغوطًا مباشرة على حركة حماس لوقف الإعدامات الميدانية في غزة، في إطار مساعٍ لضبط الأوضاع الأمنية وتهيئة الأجواء لإعادة إعمار القطاع.

وأشارت المصادر إلى أن الوفد ناقش كذلك إمكانية إدخال أفراد أمن تابعين للسلطة الفلسطينية إلى القطاع، موضحة أن هؤلاء الأفراد سبق تدريبهم في القاهرة وعمان استعدادًا لهذه المرحلة.

تحضيرات لتشكيل لجنة لإدارة القطاع

في السياق ذاته، أفادت مصادر فلسطينية بأن القاهرة ستشهد خلال الساعات المقبلة لقاءً فلسطينيًا موسعًا، يُنتظر أن يضم ممثلين عن عدة فصائل، لبحث تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة بشكل مؤقت إلى حين التوصل إلى تفاهمات سياسية شاملة.

وترى مصادر مطلعة أن هذا التحرك المصري يأتي في إطار خطة متكاملة لإعادة هيكلة إدارة القطاع وضمان استمرار وقف إطلاق النار، بالتوازي مع الجهود الدولية لتأسيس ترتيبات أمنية جديدة.

تحركات دولية لتشكيل قوة أممية في غزة

بالتوازي مع التحركات المصرية، كشفت فرنسا الخميس أنها تعمل بالتعاون مع بريطانيا والولايات المتحدة على صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يهدف إلى تأسيس قوة دولية لحفظ الأمن في غزة خلال المرحلة المقبلة.

وقال باسكال كونفافرو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في مؤتمر صحفي بباريس، إن هذه القوة “تحتاج إلى تفويض من الأمم المتحدة لضمان شرعية دولية قوية، وتسهيل مشاركة الدول الراغبة في المساهمة”.

وأوضح أن “المناقشات لا تزال جارية مع الأميركيين والبريطانيين لطرح مشروع القرار خلال الأيام المقبلة”، مؤكدًا أن الهدف من الخطوة هو ترسيخ الاستقرار ومنع تجدد المواجهات المسلحة داخل القطاع.

خلفية المشهد

تأتي هذه التحركات بعد أسابيع من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، بوساطة أميركية ومصرية، وسط محاولات حثيثة لإرساء ترتيبات سياسية وأمنية تضمن إدارة مدنية مستقرة للقطاع.

ويرى مراقبون أن المرحلة الحالية تشهد سباقًا بين المساعي الإقليمية والدولية لوضع أسس جديدة لإدارة غزة، تجمع بين المسؤولية الفلسطينية والإشراف الدولي، بما يمنع انهيار الهدنة ويتيح البدء في عملية إعادة الإعمار.

*بعد أن تحول “اتفاق شرم الشيخ” إلى زفة لترامب تداعيات تفرّيط السيسى في معبر رفح وتسليم مفاتيحه للاحتلال؟

في حلقة جديدة من مسلسل التفريط والخضوع، أقدم المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي على تسليم القرار في معبر رفح المصري إلى الاحتلال الإسرائيلي، ليؤكد مرة أخرى أن سيادته على حدود بلاده مجرد شعار أجوف. فالرجل الذي خرج في مشهد مهين ليقول “لا أستطيع إدخال المساعدات بالقوة”، تناسى أن المعبر مصري بالكامل، وأنه لا يحق لإسرائيل التحكم فيه إلا بإذعان القاهرة التام. 

فمنذ أن وضعت قوات الاحتلال يدها على الجانب الفلسطيني من المعبر في مايو 2024، ودمرت منشآته وأحرقت مبانيه، لم تحرك مصر ساكناً. بل صمت السيسي تماماً أمام الخروقات الإسرائيلية لاتفاق الهدنة الذي رعته إدارة ترامب، ذلك الاتفاق الذي رُوِّج له إعلام السيسي باعتباره إنجازاً دبلوماسياً، بينما لم يكن أكثر من زفة سياسية في قاعة شرم الشيخ، لعب فيها السيسي دور مؤجر القاعة لا الضامن للاتفاق. 

واليوم، تتحدث خارجية الاحتلال عن احتمال إعادة فتح المعبر الأحد المقبل، وفق ما أعلنه وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر خلال مؤتمر في نابولي، مؤكداً أن “الاستعدادات جارية”، دون أن يوضح إن كان السماح سيمتد للمساعدات الإنسانية أم سيقتصر على عبور الأشخاص. 

وتزامناً مع ذلك، أعلن مكتب منسق أنشطة جيش الاحتلال أن “فتح المعبر سيتم بتنسيق كامل بين تل أبيب والقاهرة”، مشدداً على أن المساعدات الإنسانية لن تمر عبر رفح، بل ستدخل فقط عبر معبر كرم أبو سالم بعد التفتيش الإسرائيلي، في إشارة فاضحة إلى انتزاع القرار المصري من جذوره. 

اللافت أن الاحتلال لا يخفي هيمنته المطلقة، إذ يربط فتح المعبر بتسليم “حماس” جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقية، وكأن رفح المصرية تحوّلت إلى ورقة مساومة إسرائيلية، لا إلى معبر سيادي يفترض أن يخضع لإرادة القاهرة. 

ورغم مرور أشهر على سيطرة الاحتلال على الجانب الفلسطيني من المعبر، لم يتدخل السيسي لوقف الانتهاك أو لتذكير تل أبيب بالتزاماتها وفق ما سُمّي “اتفاق ترامب”، الذي نصّ على بقاء مصر وقطر وتركيا ضامنين لآليات الهدنة، إلا أن إسرائيل نسفته مراراً عبر قصفها للأهداف المدنية وتعليقها المتكرر لفتح المعبر. 

وتتواصل المأساة في غزة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن الاحتلال قتل أكثر من 67 ألفاً و938 فلسطينياً وأصاب 170 ألفاً آخرين منذ بدء الإبادة في السابع من أكتوبر 2023، معظمهم من النساء والأطفال، بينما أزهقت المجاعة أرواح 463 شخصاً بينهم 157 طفلاً، في ظل صمت رسمي مصري لم يعد يثير سوى الغضب والعار. 

رمز لتنازل السيسى

لم يعد معبر رفح مجرد ممر إنساني مغلق بقرار الاحتلال، بل أصبح رمزاً صارخاً لتنازل السيسي عن السيادة المصرية، وتعبيراً عملياً عن شراكة النظام مع آلة الإبادة الصهيونية، في الوقت الذي يكتفي فيه بترديد العبارات المهينة عن “عدم القدرة على إدخال المساعدات بالقوة”، وكأن مصر لم تعد دولة تملك قرارها، بل بوابة خاضعة لإرادة المحتل.

*تجاهل أمن مصر القومى تجنبًا لإغضاب الإمارات.. السيسي يتجنّب ذكر المثلث الحدودي الجنوبي في لقائه بالبرهان

تجنّب رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي الإشارة صراحة إلى المثلث الحدودي الجنوبي (منطقة جبل العوينات بين مصر والسودان وليبيا) خلال لقائه بالفريق أول عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2025، رغم أن القضية كانت حاضرة بقوة في خلفية اللقاء.

ورجّح محللون أن تجنّب السيسي التطرق إلى الملف يأتي في ظل سيطرة قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) على أجزاء من المثلث، ما تسبب في توتر بين السودان وليبيا. وأشاروا إلى أن السيسي كان قد التقى خليفة حفتر قبل لقائه بالبرهان، في العلمين، خلال يونيو ويوليو الماضيين، في محاولة لاحتواء التصعيد بين الطرفين.

وتناولت مقالات وتحليلات سياسية في يونيو 2025 صمت السيسي تجاه قضية المثلث الحدودي، وربطته بـ”حسابات دقيقة” تتعلق بعلاقته بمحمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات.

ووصفت صحيفة الراكوبة السودانية معركة المثلث بأنها بؤرة صراع تعيد رسم خرائط النفوذ الإقليمي، مؤكدة أن سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث تمنحها ممرًا لوجستيًا حيويًا يثير قلق القاهرة.

وأضافت أن صمت النظام المصري يعكس رغبة في عدم التصعيد مع الإمارات، التي يُعتقد أنها تدعم حميدتي سياسيًا ولوجستيًا.

وتساءل الكاتب السوداني عمار العركي:

هل جاء الهجوم على حدود مصر الجنوبية عقابًا على رفضها إغلاق معبر غزة؟

مشيرًا إلى أن مصر تواجه تحديًا غير مسبوق عند مثلث حدودها الجنوبي، وأن السيسي يتجنب التصعيد العلني لعدم توتير علاقته بمحمد بن زايد.

ونقل موقع الجزيرة نت عن السفير حسام عيسى، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، قوله إن العدوان المشترك بين قوات الدعم السريع وحلفائها الليبيين هو محاولة لـ”جر مصر إلى الحرب“.
وأشار إلى أن الصمت المصري قد يكون جزءًا من استراتيجية “ضبط النفس”، خاصة أن الإمارات طرف غير مباشر في الصراع عبر دعمها لحفتر وحميدتي.

العلاقة مع البرهان

يرى مراقبون أن تجنّب السيسي ذكر المثلث علنًا ربما جاء لتفادي إحراج حفتر أو البرهان، خاصة أن القاهرة تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع الطرفين، وتفضل إدارة الملف عبر قنوات مغلقة ومحادثات غير معلنة، كما حدث في لقاءات العلمين.

وذكرت تقارير أن محادثات غير مباشرة جرت بين البرهان وحفتر بوساطة مصرية لتهدئة الأوضاع في المثلث الحدودي، وأن تجنّب السيسي ذكر القضية علنًا يهدف إلى تهيئة المناخ لحل دبلوماسي هادئ بعيدًا عن الضغوط الإعلامية.

وأشار المحلل السياسي السوداني مكاوي الملك إلى أهمية استقلال القرار السوداني، محذرًا من النفوذ الإقليمي غير المتوازن، ومرجحًا أن يكون لقاء البرهان – السيسي محاولة مصرية لتثبيت نفوذها في السودان، خاصة في ظل التوتر مع الإمارات بسبب دعمها لحميدتي.

وأوضح أن اللقاء يحمل رسائل مزدوجة: دعم للجيش السوداني، وفي الوقت نفسه محاولة لضبط إيقاع الصراع بما لا يضر المصالح المصرية.

أما الكاتب السعودي عبد العزيز الهندي، فانتقد التحركات الإماراتية في السودان وليبيا، معتبرًا أنها غير منسقة مع المصالح العربية الكبرى.

ورأى أن لقاء السيسي والبرهان يمثل خطوة إيجابية نحو استعادة التوازن العربي في الملف السوداني، بعيدًا عن التدخلات الأحادية.

لتجنّب إغضاب الكفيل

يُستخدم تعبير “تجنّب إغضاب الكفيل” في الخطاب السياسي الشعبي أو النقدي للدلالة على علاقات النفوذ أو التبعية بين الدول، خصوصًا عندما تتجنب دولة ما اتخاذ موقف علني تجاه قضية حساسة خشية الإضرار بعلاقاتها مع دولة داعمة اقتصاديًا أو سياسيًا.

ويرى محللون أن صمت السيسي عن قضية المثلث الحدودي خلال لقائه بالبرهان جاء نتيجة “حساب دقيق” للعلاقة مع الإمارات، التي يُعتقد أنها تدعم قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، ومحاولة لتفادي إحراج محمد بن زايد أو الدخول في مواجهة غير مباشرة معه، خاصة أن الإمارات طرف مؤثر في الملفين السوداني والليبي.

كما أن القاهرة تسعى للحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف، دون انحياز علني قد يُفسَّر على أنه تصعيد.

اللقاء مع حفتر

كان السيسي قد التقى بخليفة حفتر وعبد الفتاح البرهان في مدينة العلمين خلال أسبوع واحد في يونيو–يوليو 2025.
وأشارت تحليلات في الصحف والمواقع الموالية للنظام إلى أن هذه اللقاءات جاءت بعد اتهام البرهان لحفتر والإمارات بدعم قوات الدعم السريع في السيطرة على المثلث الحدودي.

وذكرت صحف محلية أن “مصر تسعى إلى تهدئة التوتر بين الجيش السوداني والجيش الليبي لتجنب تصعيد عسكري على حدودها الجنوبية“.

وأثارت سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة جبل العوينات مخاوف أمنية مصرية من تهريب السلاح والمهاجرين، فيما حمل توقيت اللقاءات رسائل ضمنية إلى الإمارات، التي يُعتقد أنها الداعم الرئيس لحميدتي، بأن مصر تراقب الموقف عن كثب.

وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه

استقبل السيسي، الخميس 16 أكتوبر، في قصر الاتحادية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، واللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة.

ومن الجانب السوداني حضر محيي الدين سالم وزير الخارجية، والفريق أول أحمد إبراهيم مفضل مدير عام جهاز المخابرات العامة، والسفير الفريق ركن مهندس عماد الدين مصطفى عدوي سفير السودان بالقاهرة، واللواء الركن عادل إسماعيل أبو بكر الفكي مدير مكتب رئيس مجلس السيادة.

ناقش اللقاء تطورات الأوضاع الميدانية في السودان والجهود الدولية والإقليمية الرامية لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار، حيث أكد السيسي على ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه، ورفض القاهرة القاطع لأي محاولات تهدد أمنه أو تنال من تماسكه الوطني أو تسعى لتشكيل كيانات موازية للحكومة الشرعية.

من جانبه، أعرب البرهان عن تقديره للدعم المصري المتواصل وجهود السيسي في مساعدة السودان على الخروج من أزمته الراهنة واستعادة الأمن والاستقرار، وفق ما نشرته بوابة الأخبار.

*بعد زيادة أسعار الوقود صندوق النقد يكشف موقفه من صرف شريحة الدعم لمصر

قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، إنه يجري مناقشة عدة قضايا مع مصر حاليا، استعدادا لإجراء المراجعات القادمة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وأوضح أزعور، في مؤتمر صحفي بواشنطن اليوم الجمعة على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، أن الصندوق يبحث مع فريق الحكومة المصرية الموجود حاليا في واشنطن، عدة قضايا وبناء على النتائج سيحدد موعد المراجعتين الخامسة والسادسة.

وتأتي هذه التطورات بعد قرار الحكومة المصرية رفع أسعار الوقود بنحو 13% اعتبارا من اليوم الجمعة وبلغت الزيادة جنيهين لكل نوع. وبعدما قرر الصندوق في يوليو الماضي إرجاء المراجعة الخامسة وترحيلها إلى أكتوبر الجاري ودمجها مع المراجعة السادسة؛ حتى تنفيذ مصر بعض الإصلاحات المتفق عليها.

وفي تصريحاته اليوم، قال أزعور إن مؤشرات الاقتصاد المصري تتحسن منذ عامين، ومنذ بدء تنفيذ البرنامج مع الصندوق، مشيرا إلى تراجع التضخم والذي من المتوقع أن يهبط إلى 11.2%، فيما بلغت معدلات النمو للعام المالي 2024_2025، نحو 4.4%، ومن المتوقع ارتفاعها إلى 4.5%، في العام المالي الجاري، فضلا عن انخفاض الدين.

وأكد أزعور أن كل هذه المؤشرات ضمنت استقرار الاقتصاد، موضحا أن العمل مع مصر يرتكز حاليا على دعم النمو وخلق فرص العمل وتحسين بنية الأعمال وتوسيع فرص القطاع الخاص، بحيث تكون الدولة داعمة له وغير منافسة.

وأوضح أن هناك مناقشات حالية مع مصر، وبناء عليها سيتم تحديد موعد زيارة الصندوق لمصر لإتمام المراجعتين الخامسة والسادسة.

وبجانب دعم الوقود، يعد برنامج طرح الشركات الحكومية أمام القطاع الخاص أحد النقاط الخلافية بين مصر والصندوق، وتسبب في تأجيل الموافقة على المراجعة الخامسة في يوليو الماضي ودمجها مع المراجعة السادسة الشهر الجاري.

وأكد الصندوق أن مصر أحرزت تقدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي، لكنه يرغب في أن يرى سرعة إنجاز الحكومة لبرنامج الطروحات.

وأوضح أزعور، في تصريحاته، أن الجهود تتركز في الوقت الراهن على تسريع تنفيذ محورين أساسيين ضمن البرنامج، هما تعزيز دور القطاع الخاص لخلق فرص عمل جديدة ولحماية الاقتصاد المصري من أي تقلبات إقليمية أو دولية محتملة، بالإضافة إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية عن طريق تحويل جزء من الإنفاق العام ليصبح أكثر استهدافا للفئات الأكثر احتياجا.

وأعلنت الحكومة المصرية، الجمعة، زيادة جديدة في أسعار الوقود بجميع فئاته بنحو 13% وبلغت الزيادة جنيهين لكل نوع، وأكدت الحكومة أنه لن تكون هناك زيادات أخرى لمدة عام على الأقل.

وينتهي البرنامج الحالي للتعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي وقيمته 8 مليارات دولار، بنهاية ديسمبر 2026.

*من مرسي إلى السيسي: كيف صعدت أسعار الوقود في مصر؟

رفعت حكومة عبد الفتاح السيسي في مصر سعر بيع البنزين والسولار في الأسواق بداية من صباح اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بواقع جنيهين للتر الواحد، وكذا أسعار أنابيب البوتاجاز وسط توقعات بارتفاع جنوني آخر مرتقب في أسعار المواصلات العامة والخاصة.

على مدى أكثر من اثني عشر عامًا، شهد المصريون تحولًا جذريًا في واحدة من أكثر الملفات تأثيرًا على حياتهم اليومية: أسعار الوقود.
منذ أن كان البنزين والسولار سلعتين مدعومتين ومتاحتين للفقراء ومتوسطي الدخل في عهد الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، إلى أن أصبحتا رمزين للغلاء والمعاناة في عهد عبد الفتاح السيسي والعسكر، الذين اتبعوا سياسات “تحرير الأسعار” بدعوى الإصلاح الاقتصادي، فكانت النتيجة: ارتفاعات متتالية تجاوزت حدود المنطق، وتآكل في القوة الشرائية، وتدهور في معيشة المصريين.

أولاً: عهد الدكتور محمد مرسي – دعم قائم واستقرار نسبي

حين تولى الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية عام 2012، كانت الدولة لا تزال ملتزمة بسياسة دعم الطاقة.
كان سعر بنزين 80 أقل من جنيه واحد للتر، وسعر بنزين 92 نحو 1.85 جنيه، فيما بلغ سعر بنزين 95 نحو 5.85 جنيه.
أما السولار، الذي يعتمد عليه النقل العام والمصانع والخبز، فكان سعره لا يتجاوز 1.10 جنيهًا للتر.

ورغم الأزمة الاقتصادية آنذاك، حافظت الحكومة على استقرار الأسعار مراعاة للمواطنين.
لم تحدث زيادات متكررة أو مفاجئة، وظل الدعم يغطي الجزء الأكبر من التكلفة الفعلية للوقود.
كانت الدولة ترى في دعم الطاقة وسيلة لحماية الفقراء وكبح التضخم، وليس عبئًا يجب التخلص منه بأي ثمن.

ببساطة، كان المصري يستطيع أن يتحرك، ويعمل، وينقل بضاعته دون أن يشعر أن “التنقل” نفسه أصبح رفاهية.

ثانيًا: عهد عبد الفتاح السيسي – بداية الزيادات المتتالية والجنونية

منذ وصول السيسي إلى الحكم في يوليو 2014، بدأت مرحلة جديدة عنوانها:
رفع الدعم التدريجي، ثم تحرير الأسعار الكامل، حتى أصبح سعر لتر البنزين في مصر اليوم من الأعلى في تاريخها الحديث.

في أول عام لحكمه، قررت الحكومة رفع أسعار الوقود بنسب وصلت إلى 70٪ دفعة واحدة، بحجة تخفيف عبء الدعم على الموازنة العامة.
ومنذ تلك اللحظة، لم تتوقف الأسعار عن الارتفاع، عامًا بعد عام، حتى تجاوزت بعض الأنواع 18 ضعفًا عمّا كانت عليه قبل 2014.

ثالثًا: التسلسل الزمني لارتفاع الأسعار خلال حكم السيسي

السنة بنزين 80 بنزين 92 بنزين 95 سولار نسبة الزيادة التقريبية
2014 1.60 جنيه 2.60 جنيه 5.85 جنيه 1.80 جنيه +70٪
2016 2.35 جنيه 3.50 جنيه 6.25 جنيه 2.35 جنيه +35٪
2017 3.65 جنيه 5.00 جنيه 6.75 جنيه 3.65 جنيه +40٪
2018 5.50 جنيه 6.75 جنيه 7.75 جنيه 5.50 جنيه +35٪
2021 6.50 جنيه 7.75 جنيه 8.75 جنيه 6.25 جنيه +15٪
2022 8.00 جنيه 9.25 جنيه 10.75 جنيه 7.25 جنيه +25٪
2023 9.00 جنيه 10.25 جنيه 11.75 جنيه 8.25 جنيه +12٪
2024 12.25 جنيه 13.75 جنيه 15.00 جنيه 11.50 جنيه +30٪
2025 15.75 جنيه 17.25 جنيه 19.00 جنيه 15.50 جنيه +25٪

النتيجة:

  • تضاعف سعر البنزين 80 من 0.90 إلى 15.75 جنيهًا (زيادة أكثر من 1600٪).
  • ارتفع السولار من 1.10 إلى 15.50 جنيهًا (زيادة تقارب 1300٪).
  • تجاوزت الزيادات التراكمية لكل الأنواع عشرة أضعاف خلال 12 سنة فقط.

رابعًا: من الأرقام إلى الواقع – معاناة المصريين في التفاصيل

1. المواصلات أصبحت كابوسًا يوميًا

كل زيادة في الوقود كانت تعني زيادة في أجرة المواصلات العامة والخاصة.
أصبح العامل الذي كان ينفق 10 جنيهات يوميًا للوصول إلى عمله، يحتاج الآن إلى 40 أو 50 جنيهًا.
وسائقي الأجرة، والميكروباص، والنقل الثقيل باتوا بين مطرقة تكاليف التشغيل وسندان الركود الاقتصادي.

2. موجات الغلاء تضرب الأسواق

لم يقتصر تأثير ارتفاع الوقود على البنزين، بل امتد إلى كل شيء.
أسعار الخضروات واللحوم والسلع الغذائية ارتفعت مع كل موجة زيادة في السولار المستخدم في النقل والتبريد.
حتى رغيف العيش الذي كان رمزًا للدعم الشعبي، تأثر بارتفاع تكلفة الدقيق والنقل والطاقة.

3. تآكل الأجور والقوة الشرائية

لم ترافق زيادات الوقود زيادات حقيقية في المرتبات.
فبينما تضاعفت الأسعار أكثر من عشر مرات، لم تزد رواتب الموظفين سوى بنسب محدودة لا تغطي حتى جزءًا بسيطًا من التضخم.
المواطن المصري أصبح يحسب خطواته اليومية، ويؤجل شراء الأساسيات، ويبحث عن أي وسيلة لتقليل استهلاكه.

4. ضغط على الطبقة الوسطى وازدياد الفقر

أكثر من نصف المصريين اليوم يعيشون تحت خط الفقر أو قريبين منه.
الطبقة الوسطى، التي كانت عماد المجتمع، بدأت تتآكل تدريجيًا تحت ضغط الغلاء والضرائب ورفع الدعم.
أصبح امتلاك سيارة، أو حتى التدفئة في الشتاء، حلمًا بعيدًا لكثير من الأسر.

خامسًا: قراءة اقتصادية – من الإصلاح إلى الإفقار

تُبرر الحكومة هذه الزيادات تحت شعار “الإصلاح الاقتصادي”، وضرورة “رفع الدعم الذي يستفيد منه الأغنياء،
لكن في الواقع، الفقراء وحدهم من دفعوا الثمن.

رفع الدعم لم يترافق مع نظام دعم بديل فعّال، ولا مع إصلاح في الإنتاج أو النقل العام.
بل تحوّلت كل زيادة إلى عبء إضافي على المواطن، في حين ظل الفساد وسوء الإدارة يلتهمان ما وفّرته الدولة من أموال الدعم.

كما أن انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار جعل أي تعديل بسيط في سعر النفط العالمي كفيلاً بإشعال موجة غلاء جديدة.
وبدلًا من تحفيز الاقتصاد المحلي وزيادة الإنتاج، أصبحت الحكومة تعتمد على رفع الأسعار لتغطية العجز المالي.

سادسًا: مقارنة شاملة بين الفترتين

المؤشر عهد مرسي (2012–2013) عهد السيسي (2014–2025)
سعر بنزين 80 أقل من 1 جنيه 15.75 جنيه
سعر بنزين 92 1.85 جنيه 17.25 جنيه
سعر بنزين 95 5.85 جنيه 19.00 جنيه
سعر السولار 1.10 جنيه 15.50 جنيه
عدد الزيادات زيادة واحدة طفيفة أكثر من 12 زيادة
متوسط الزيادة السنوية أقل من 10٪ أكثر من 120٪ في بعض السنوات
الوضع المعيشي استقرار نسبي تضخم ومعاناة متصاعدة
سياسة الحكومة دعم الطاقة للفقراء رفع الدعم والاعتماد على القروض

النتيجة واضحة:
في عهد مرسي، كان الوقود في متناول يد المواطن العادي؛ أما في عهد السيسي والعسكر، أصبح الوقود رمزًا لمعاناة المعيشة وضيق الحال.

سابعًا: البُعد الاجتماعي والسياسي للأزمة

ارتفاع أسعار الوقود لم يكن مجرد إجراء اقتصادي، بل تحوّل إلى قضية اجتماعية وسياسية كبرى.
فهو يمس حياة كل مواطن، من الفلاح إلى الموظف، من السائق إلى العامل.
وبات المصري يشعر أن كل زيادة في البنزين تعني خصمًا من طعام أطفاله.

الزيادات المتتالية خلقت حالة من الإحباط العام، ورسّخت الإحساس بأن “الإصلاح” يُطبّق على الفقراء فقط،
بينما تظل مكاسب السلطة والطبقة الثرية بعيدة عن أي تضحيات.

ثامنًا: الآثار بعيدة المدى

  1. ارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية تجاوزت 40٪ في بعض السنوات.
  2. تراجع الإنتاج المحلي بسبب ارتفاع تكلفة النقل والطاقة.
  3. انكماش الاستهلاك الداخلي وهو ما أثر سلبًا على الأسواق.
  4. زيادة القروض والديون لتغطية عجز الموازنة رغم تقليص الدعم.
  5. تراجع الثقة في جدوى السياسات الاقتصادية مع غياب الشفافية والمحاسبة.

منذ عام 2012 وحتى 2025، تحوّل ملف الوقود في مصر من رمزٍ للدعم الاجتماعي إلى أداةٍ للجباية.
فبينما حافظت حكومة الدكتور محمد مرسي على توازنٍ بين احتياجات المواطن والقدرة المالية للدولة،
اختارت حكومة السيسي طريقًا مغايرًا تمامًا: رفع الأسعار بلا هوادة، وتعويض العجز على حساب الناس.

اليوم، لم تعد الأزمة مجرد بنزين وسولار، بل أزمة معيشة وهوية.
المصري الذي كان يملأ سيارته بعشرين جنيهًا، يحتاج اليوم إلى مئات الجنيهات ليصل إلى عمله،
والأسرة التي كانت تعتمد على دعم الدولة أصبحت تعتمد على “الصبر” وحده.

إنها رحلة 12 عامًا من التحوّل

من عهدٍ كان يرى في المواطن قوة، إلى عهدٍ يرى فيه عبئًا.

من دولة كانت تدعم الناس… إلى دولة أصبحت تستنزفهم.

 *موجة غلاء جديدة تدهس المصريين بعد زيادة البنزين والسولار

في الوقت الذي يعيش فيه المصريون واحدة من أصعب المراحل الاقتصادية في تاريخهم الحديث، جاءت قرارات الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات في أكتوبر 2025، لتشعل موجة جديدة من الغلاء.
وعلى إثر ذلك، أعلنت المحافظات المصرية رفع تعريفة المواصلات بين 10% و15%، بحجة “تحقيق التوازن وضمان استمرار الخدمة”.

لكن ما حدث فعلياً هو أن تكلفة الحياة ارتفعت من جديد، بينما اكتفت الحكومة بالتصريحات المطمئنة دون أن تقدم حلولاً عملية لحماية محدودي الدخل أو ضبط الأسواق، مما يكشف فشلاً حكومياً في إدارة آثار القرار وتجاهلاً لمعاناة المواطن البسيط. 

زيادات متفاوتة في المحافظات
في القاهرة الكبرى، ارتفعت أجرة سيارات السرفيس والنقل العام والتاكسي الأبيض بنسبة تراوحت بين 10% و15%.
وفي بورسعيد، تم تعديل تسعيرة الأجرة لتتراوح بين 5 جنيهات للسرفيس داخل الأحياء وحتى 27 جنيهاً بين المناطق.
أما الأقصر، فطبقت زيادة قدرها 13%، بينما شهدت أسوان تعديلاً شاملاً في تعريفة السرفيس والتاكسي والتوك توك مع وعود برقابة مشددة.
وفي البحيرة والسويس، جرى اعتماد زيادات مماثلة، في وقت يعاني فيه المواطن من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما جعل حتى التنقل اليومي عبئاً إضافياً لا يحتمل. 

الحكومة ترفع الأسعار وتترك المواطن وحيداً
ورغم أن الحكومة بررت القرار بأنه “ضرورة اقتصادية استجابة لارتفاع تكلفة الوقود”، فإنها فشلت في توفير أي آليات دعم أو تخفيف حقيقي للأعباء.
لم تُفعّل برامج حماية اجتماعية جديدة، ولم تُقدّم بدائل نقل ميسّرة للفقراء، بل اكتفت بالقول إن الزيادة “عادلة ومتوازنة”.

لكن الحقيقة أن المواطن يتحمل وحده نتائج سياسات اقتصادية تفتقر للتخطيط والرؤية، في وقت أصبحت فيه الرواتب عاجزة عن مواكبة أبسط متطلبات الحياة اليومية. 

غياب الرؤية الشاملة لإصلاح منظومة النقل
رفع تعريفة المواصلات دون تطوير وسائل النقل العام أو تحديث بنيتها التحتية يكشف غياب الرؤية الحكومية طويلة المدى.
فبدلاً من الاستثمار في مشروعات النقل الجماعي أو تشجيع وسائل النقل المستدامة مثل الدراجات والنقل الكهربائي، تكتفي الحكومة بمعالجة الأزمات بقرارات جزئية تزيد الوضع سوءاً.

إن غياب استراتيجية واضحة يترك المواطن فريسة بين مطرقة الغلاء وسندان ضعف الخدمات، ويؤكد أن السياسات الحالية تعتمد على الجباية لا الإصلاح. 

ضعف الرقابة واستغلال الركاب
على الرغم من البيانات الرسمية التي تحذر السائقين من تجاوز التعريفة، فإن الرقابة الميدانية شبه غائبة.
ففي كثير من المحافظات، يفرض بعض السائقين أجوراً أعلى دون التزام بالزيادات المعلنة، بينما تعجز الجهات التنفيذية عن تطبيق القانون بفعالية.

هذا المشهد يعكس عجز الدولة عن ضبط أبسط الملفات الخدمية، ويؤكد أن القرارات الحكومية تظل حبراً على ورق طالما لا توجد آلية رقابية فعالة أو عقوبات رادعة. 

تأثير القرار على الأسر الفقيرة
زيادة تعريفة المواصلات بعد ارتفاع أسعار الوقود تؤثر بشكل كبير على ميزانيات الأسر محدودة الدخل، التي تعاني بالفعل من قيود مالية صارمة.
غالبًا ما تشكل تكاليف النقل جزءًا هامًا من الإنفاق الشهري لهذه الأسر، ويتحمل معظم أفرادها التنقل باستخدام وسائل النقل العامة أو الخاصة منخفضة التكلفة.
زيادة أسعار المواصلات تعني أن الأسر ستحتاج لتخصيص جزء أكبر من دخلها لتغطية هذه النفقات، مما يقلص الدخل المتبقي لبنود أساسية أخرى مثل الغذاء والصحة والتعليم.

عندما ترتفع تكلفة النقل، يضطر الأسر إلى اتخاذ خيارات اقتصادية صعبة، مثل تقليل النفقات على الغذاء الصحي أو التعليم أو الخدمات الصحية، أو حتى تأجيل شراء ملابس واحتياجات أساسية أخرى.
هذا يسبب تراجعًا في مستوى المعيشة وقد يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية والتعليمية لأفراد الأسرة على المدى الطويل.
المصروفات المتزايدة على المواصلات تضغط أيضًا على الأسر التي تعتمد على تنقلات يومية للذهاب إلى العمل، مما يزيد من خطر البطالة أو تقليل فرص العمل المتاحة بسبب كلفة التنقل الأعلى.

المواطن يدفع الثمن دائماً
ما بين رفع أسعار الوقود وتعريفة المواصلات وتراجع الدعم، يعيش المواطن المصري تحت ضغط غير مسبوق، بينما تغيب عن الحكومة رؤية العدالة الاجتماعية والإصلاح الحقيقي.
إن القرارات الأخيرة ليست سوى إخفاق جديد في إدارة الاقتصاد، عنوانه العريض: تحميل المواطن الفاتورة.
ولن تتحقق أي نهضة اقتصادية حقيقية ما لم تضع الدولة الإنسان المصري في قلب سياساتها، وتكف عن اتخاذ القرارات التي تُعمّق الفقر بدل أن تُخففه.

*نزيف العقول بسبب سوء الإدارة… هروب 243 ألفً مهندس مصري للخارج

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة المصرية عن خطط “الإصلاح الاقتصادي” و”الاستثمار في رأس المال البشري”، تتكشف الأرقام عن كارثة وطنية صامتة تهدد مستقبل التنمية في البلاد. فخلف الشعارات البراقة، تنزف مصر كفاءاتها واحدة تلو الأخرى، بينما تقف الدولة متفرجة أمام أكبر موجة هجرة للعقول في تاريخها الحديث.

فبحسب عضو في المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، يعمل نحو 40% من إجمالي المهندسين المصريين المسجلين بالنقابة خارج البلاد. ومن بين أكثر من 608 آلاف مهندس، يوجد ما يقارب 243 ألفًا في الخارج، يساهمون في بناء اقتصادات الدول العربية والأجنبية بدلاً من وطنهم. وحدها السعودية تستقطب حوالي 70 ألف مهندس مصري، تليها الإمارات بنحو 35 ألفًا، ثم قطر بما بين 15 و20 ألفًا.

هذا النزيف البشري لا يُقاس فقط بعدد المهاجرين، بل بحجم الخسارة الفادحة التي تتكبدها مصر نتيجة إهدار استثمارات ضخمة في التعليم والتأهيل دون عائد حقيقي. فكل مهندس يغادر البلاد يحمل معه سنوات من الخبرة، وملايين الجنيهات من الإنفاق العام على التعليم، ويترك وراءه فراغًا لا يسده خريجو اليوم، الذين يدخلون سوق العمل بمعدل 25 ألفًا سنويًا، معظمهم دون المهارات المطلوبة. 

رواتب متدنية.. وهجرة قسرية نحو الكرامة
لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل لفهم الدوافع وراء هذا النزوح الجماعي؛ فالأرقام وحدها كفيلة بتفسير المشهد. في مصر، لا يتجاوز راتب المهندس حديث التخرج 5 إلى 8 آلاف جنيه شهريًا (ما يعادل 105 إلى 168 دولارًا فقط)، بينما يحصل المهندس صاحب الخبرة الكبيرة على نحو 30 ألف جنيه (حوالي 630 دولارًا). في المقابل، يتقاضى نظيره في الخليج ما بين 3 إلى 5 آلاف دولار شهريًا، إذ يصل متوسط راتب المهندس المصري في السعودية إلى 17,550 ريالًا (نحو 4,680 دولارًا)
.

في ظل هذا التفاوت الهائل، تبدو الهجرة ليست خيارًا بل ضرورة معيشية. فحتى بعد إعلان الحكومة عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7,000 جنيه (147 دولارًا)، اعتبر خبراء الاقتصاد القرار تجميليًا لا يمس الواقع، مشيرين إلى أن حد الكفاية الفعلية للمواطن المصري لا يقل عن 12 ألف جنيه شهريًا (252 دولارًا). ما يعني أن المهندس – وغيره من أصحاب المؤهلات العليا – يعمل في وطنه تحت خط الكرامة الإنسانية. 

فشل حكومي في إدارة سوق العمل
الأزمة أعمق من مجرد أرقام رواتب. إنها نتاج فشل هيكلي مزمن في إدارة سوق العمل. دراسة صادرة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية (2024) كشفت عن ظاهرة أسمتها “هرم البطالة المقلوب”، حيث ترتفع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات وتنخفض بين العمالة الأقل تعليمًا، في انعكاس صادم لاختلال هيكل الاقتصاد الوطني
.

وتشير الدراسة إلى وجود “فائض مزدوج” في سوق العمل: خريجون بلا وظائف من جهة، وشركات تبحث عن كفاءات لا تجدها من جهة أخرى. هذه الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق تُعد السبب الجوهري في هروب الكفاءات، إذ يجد المهندس نفسه غير قادر على تحقيق ذاته داخل منظومة تفتقر إلى التخطيط والرؤية.

مديرة المركز، عبلة عبد اللطيف، انتقدت ما وصفته بـ”الجمود الهيكلي” في سياسات الحكومة، مؤكدة أن الأخيرة تكتفي “بمسكنات مؤقتة” بدلًا من إصلاح جذور الأزمة، مع غياب التنسيق بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، وعجز القطاع الخاص عن استيعاب أكثر من 1.5 مليون شاب يدخلون السوق سنويًا. 

نزيف بلا أفق
الهجرة اليوم لم تعد حلمًا أو مغامرة، بل ملاذًا أخيرًا من واقع خانق. المهندسون الذين يتركون مصر لا يبحثون فقط عن المال، بل عن بيئة تحترم الكفاءة وتكافئ الجهد. ومع استمرار غياب سياسات تحفّز الإبداع وتحمي الكفاءات، سيظل الوطن ينزف عقولًا ويستورد حلولًا
.

لقد فشلت الحكومة في تحويل الثروة البشرية إلى قوة إنتاجية. وبدلًا من الاستثمار في الإنسان المصري، تركته يتآكل بين تضخم الأسعار، وتدني الأجور، وغياب الأمل. هجرة المهندسين ليست مجرد أرقام في تقرير، بل شهادة إدانة لنظام اقتصادي عاجز عن الحفاظ على أبنائه، ودليل على أن مصر، رغم كثرة مواردها، تفقد أثمن ما تملك: عقولها.

* مشاجرات المواطنين بمحطات الوقود قبيل تطبيق زيادة الوقود

قررت لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية في اجتماعها الأخير زيادة أسعار البنزين والسولار، وذلك اعتبارًا من صباح اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.

ووفقًا للبيان الصادر عن اللجنة، جاءت الأسعار الجديدة على النحو التالي:

  • بنزين 80: من 15.75 جنيه إلى 17.75 جنيه للتر (زيادة 2 جنيه).
  • بنزين 92: من 17.25 جنيه إلى 19.25 جنيه للتر (زيادة 2 جنيه).
  • بنزين 95: من 19 جنيهًا إلى 21 جنيهًا للتر (زيادة 2 جنيه).
  • السولار: من 15.5 جنيه إلى 17.5 جنيه للتر (زيادة 2 جنيه).

وشهدت محطات الوقود في عدد من المحافظات مساء الخميس وفجر الجمعة، زحامًا شديدًا من المواطنين الذين سارعوا إلى ملء خزانات سياراتهم قبل دخول الزيادة حيز التنفيذ، في مشهد تكرر مع كل إعلان عن تعديل أسعار المحروقات خلال السنوات الأخيرة. 

صدى القرار في الشارع المصري

القرار الجديد جاء في وقت يعاني فيه المواطن من ضغوط معيشية خانقة، نتيجة ارتفاع الأسعار وغلاء فواتير الكهرباء والمياه والغاز، فضلًا عن تراجع القدرة الشرائية.

يقول أحد المواطنين فضل عدم ذكر اسمه: “إحنا مش قادرين نلحق على المصاريف، البنزين غلي والأكل غلي، ودايمًا المواطن هو اللي بيدفع التمن”.

وفي مشهد متكرر، اضطر العديد من أصحاب السيارات إلى ركن سياراتهم والتوقف عن استخدامها بسبب التكلفة العالية للتشغيل. بعضهم لجأ إلى المواصلات العامة أو الدراجات النارية كبديل أقل تكلفة، بينما عبّر آخرون عن استيائهم من تتابع الزيادات دون تحسّن في مستوى الدخل.

تأثير مباشر على الأسعار والأسواق

الخبراء الاقتصاديون يحذرون من أن زيادة أسعار الوقود ستنعكس فورًا على تكاليف النقل والإنتاج، مما يعني ارتفاعًا جديدًا في أسعار السلع الغذائية والمنتجات الصناعية خلال الأيام المقبلة.

وقال خبير اقتصادي إن “كل جنيه زيادة في سعر الوقود يضيف عبئًا مباشرًا على المواطن، لأن النقل يدخل في تكلفة كل سلعة تقريبًا، من الخضار والفاكهة إلى المواد الأساسية”.

وتوقع أن تشهد الأسواق موجة جديدة من الارتفاعات في الأسعار بنسبة تتراوح بين 10% و20%، خاصة في السلع الغذائية والمواصلات العامة، الأمر الذي يزيد من حدة التضخم في البلاد.
أزمة متجددة ومعاناة متصاعدة

تأتي الزيادة في وقت تتفاقم فيه الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن بين ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتآكل الدخول، مما جعل شريحة واسعة من الأسر تكافح لتأمين احتياجاتها اليومية.

عن Admin