
النظام المصري يتخلى عن وساطته المُحايدة في غزة ويعمل وكيلاً عن الاحتلال في التهدئة الأمريكية.. الاثنين 20 أكتوبر 2025م.. فايننشال تايمز والايكونوميست: الإصلاح أبعد ما يكون عن سياسات حكومة الانقلاب
شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري
* عشرات المعتقلين يواصلون إضرابهم للأسبوع الثاني بسجن الوادي الجديد احتجاجًا على النقل القسري والمعاملة القاسية
يواصل عشرات المعتقلين في ما يُعرف بـ”سجن الموت” بالوادي الجديد إضرابهم المفتوح عن الطعام للأسبوع الثاني على التوالي، احتجاجًا على ما وصفوه بالنقل القسري من سجن المنيا إلى هذا السجن الصحراوي النائي في الرابع من أكتوبر الجاري. ويأتي هذا التحرك ضمن سياق من الضغوط والانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون وسجناء الرأي في مصر، في ظل أوضاع احتجاز توصف بأنها بالغة القسوة وغير إنسانية.
بدأت شرارة الإضراب عقب قرار مصلحة السجون نقل ما يزيد على خمسين معتقلًا من سجن المنيا شديد الحراسة إلى سجن الوادي الجديد دون إبداء أسباب واضحة، في خطوة وُصفت بأنها عقابية وانتقامية. وأفاد مركز الشهاب لحقوق الإنسان، الذي يتابع القضية، أن عملية النقل تمت وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث حُرم السجناء من متعلقاتهم الشخصية، وتم احتجاز بعضهم في زنازين انفرادية فور وصولهم.
المعتقلون المضربون أكدوا في رسائل تسربت إلى ذويهم ومحاميهم، أنهم يتمسكون بمواصلة إضرابهم حتى تتحقق مطالبهم التي وصفوها بـ”الإنسانية البحتة”، أبرزها إعادتهم إلى سجون قريبة من أماكن سكن أسرهم، ووقف الانتهاكات اليومية الممارسة بحقهم، وتحسين ظروف الاحتجاز التي تنذر بالخطر على حياتهم. وأشاروا إلى أن إدارتهم الجديدة تتعامل معهم بقسوة، وتمنع الزيارة عن البعض منذ أسابيع، كما تحرمهم من العلاج والغذاء الكافي، في انتهاك واضح لقانون تنظيم السجون المصري وللمواثيق الدولية.
وتبرز أهمية مطلب التقريب الجغرافي بوصفه جزءًا من الحقوق التي نصت عليها اللائحة الداخلية للسجون، حيث تنص على أن “يُراعى في تسكين النزلاء بعد السجن أن يكون السجن قريبًا قدر الإمكان من دائرة محل إقامتهم”. ولكن، بحسب منظمات حقوقية، غالبًا ما تستخدم السلطات البُعد الجغرافي كوسيلة للضغط والعقاب الجماعي، إذ تقع منطقة الوادي الجديد على مسافة تزيد عن 700 كيلومتر من القاهرة، مما يجعل الزيارات مرهقة ومكلفة للغاية للأسر.
أهالي المعتقلين عبّروا عن معاناتهم الكبيرة في الوصول إلى السجن الذي يقع في عمق الصحراء الغربية. فالمسافة الطويلة، وسوء الطرق، وغياب وسائل النقل المباشر، كلها عوامل تجعل الرحلة محفوفة بالمخاطر، وقد سجلت بالفعل حالات وفاة خلال رحلات الزيارة، كان آخرها وفاة مدير أمن الوادي الجديد نفسه في حادث على الطريق ذاته. كما أشار ذوو المعتقلين إلى أن تكلفة الزيارة الواحدة أصبحت تتجاوز 10 آلاف جنيه بالنسبة للعائلات القادمة من المحافظات الشمالية، في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الوقود والمواصلات.
انضمام بعض المعتقلين من محافظات القاهرة والجيزة والوجه البحري إلى الإضراب يعبّر عن حالة تضامن نادرة داخل السجون المصرية. هؤلاء السجناء أعلنوا أن حراكهم لا يحمل أي طابع سياسي، بل هو احتجاج إنساني ضد المعاملة المهينة والحرمان المتعمد من الحقوق الأساسية، مطالبين بإشراف قضائي على السجون، والسماح للجنة من المجلس القومي لحقوق الإنسان بزيارة الوادي الجديد لمعاينة الأوضاع بأنفسهم.
من جانبها، أكدت منظمات حقوقية عدة، على رأسها مركز الشهاب ومؤسسة عدالة ومجموعة “نحن نسجل”، أن الوضع في سجن الوادي الجديد يمثل أزمة إنسانية حقيقية تستوجب تدخلاً عاجلاً. واعتبرت استمرار الإضراب مؤشراً على انسداد كل قنوات الحوار داخل منظومة السجون المصرية، ما قد ينذر بتدهور صحي خطير بين المضربين، خاصة مع تزايد حالات الإغماء وضعف البنية الجسدية لدى العديد منهم.
وتطالب تلك المنظمات المجتمع الدولي والجهات الأممية بممارسة ضغط حقيقي على السلطات المصرية للالتزام بالحد الأدنى من المعايير الدولية لمعاملة السجناء، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب التي صدّقت عليها مصر. كما شددت على ضرورة الإفراج عن المعتقلين الذين تجاوزت فترات حبسهم القانونية، أو إعادة النظر في أوضاعهم الإنسانية، لوقف نزيف المعاناة المستمر منذ سنوات.
إن الإضراب القائم في سجن الوادي الجديد ليس مجرد احتجاج محدود داخل الأسوار، بل هو انعكاس مأساوي لصورة أوسع من تدهور أوضاع حقوق الإنسان بمصر. وفي ظل غياب الشفافية وتقييد الإعلام المستقل، تبقى شهادات الأهالي والمنظمات الحقوقية المصدر الأساسي لتوثيق حجم الانتهاكات. وبينما يستمر السجناء في مقاومة الجوع كآخر أشكال الاحتجاج السلمي المتاحة لهم، تبقى استجابة السلطات اختبارًا حقيقيًا لمدى احترامها للقانون والدستور والكرامة الإنسانية.
*المعتقلة “مروة عرفة”..5 سنوات من الحرمان من طفلتها وفاء
في سجن “تأهيل 4” بمدينة العاشر من رمضان، تقبع الشابة مروة أشرف عرفة، البالغة من العمر 32 عامًا، منذ أكثر من خمس سنوات، بعد أن تجاوزت الحد الأقصى لفترة الحبس الاحتياطي التي يقرها القانون المصري بعامين فقط.
ورغم تدهور حالتها الصحية والنفسية، ومرور سنوات دون صدور حكم قضائي بحقها، لا تزال مروة رهن الاحتجاز، تنتظر الإفراج عنها لتحتضن طفلتها الوحيدة “وفاء”، التي كبرت بعيدًا عن أمها، وسط معاناة إنسانية تفطر القلب.
بداية القصة: اعتقال دون إذن أو مبرر قانوني
في مساء الاثنين 20 أبريل 2020، داهمت قوة من الأمن الوطني منزل مروة عرفة في مدينة نصر بالقاهرة دون إذن من النيابة أو مذكرة ضبط وإحضار، وصادرت بعض متعلقاتها الشخصية وهواتفها ومبلغًا ماليًا، قبل أن تُقتاد إلى جهة غير معلومة.
اختفت مروة قسرًا لمدة 15 يومًا، قبل أن تظهر لاحقًا أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق في القضية رقم 570 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، باتهامات فضفاضة تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.
منذ ذلك اليوم، تتنقل مروة بين عدد من السجون، ويُجدَّد حبسها احتياطيًا كل 45 يومًا، في دورة لا تنتهي من الإجراءات التي حولت حياتها إلى انتظار طويل بلا أفق.
ظروف احتجاز قاسية وحرمان إنساني
تؤكد الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن مروة عرفة تتعرض لظروف احتجاز غير إنسانية، إذ تم تجريدها من متعلقاتها الشخصية، ونقلها إلى عنابر تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة أو الحياة الكريمة.
كما تم حرمانها من أدوات النظافة الشخصية، ومنعها من تلقي العلاج المناسب رغم معاناتها من التهاب مزمن في الأعصاب، وارتجاع في المريء، والتهاب في الجيوب الأنفية.
وفي أغسطس الماضي، سقطت مغشيًا عليها داخل السجن بسبب تدهور حالتها الصحية، ونُقلت إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج المؤقت.
“حفيدة البنا… مفيش إخلاء سبيل”
تكشف مصادر حقوقية أن استمرار حبس مروة مرتبط بانتمائها العائلي، فهي حفيدة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، وهو ما أكده أحد القضاة أثناء جلسة تجديد حبسها حين قال لها صراحة: “أنتِ حفيدة البنا… مفيش إخلاء سبيل.”
ذلك التصريح، كما تقول منظمات حقوقية، يعكس الطابع الانتقامي والسياسي في التعامل مع قضيتها، بعيدًا عن أي أساس قانوني أو عدالة إجرائية.
طفلة وحيدة تكبر في غياب الأم
خلف القضبان، تمر الأيام ثقيلة على مروة، لكنها أشد قسوة على ابنتها الوحيدة وفاء، التي كانت في الثانية من عمرها عند اعتقال والدتها، وأتمت عامها السابع هذا العام دون أن تعرف حضن أمها.
تؤكد أسرتها أن الطفلة أصيبت بـاضطراب طيف التوحد نتيجة الصدمة والحرمان العاطفي الطويل، وتخضع لجلسات علاج نفسي متكررة، لكنها تظل تردد سؤالاً واحدًا: “ماما هترجع إمتى؟”
انتهاكات جسيمة موثقة
على مدار السنوات الماضية، وثقت الشبكة المصرية ومصادر حقوقية أخرى سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها مروة عرفة داخل السجون، منها:
- تجريدها من متعلقاتها الشخصية وملابسها.
- نقلها إلى عنبر المخدرات بسجن القناطر.
- إجبارها على النوم على الأرض في الشتاء دون غطاء كافٍ.
- حرمانها من الزيارة الإنسانية الطبيعية، إذ لا تتجاوز مدتها عشر دقائق خلف حاجز مزدوج من الأسلاك.
وقد تسبب ذلك في تدهور حاد في صحتها الجسدية والنفسية، ما جعلها تطلب من المحكمة إعفاءها من حضور الجلسات نظرًا لتدهور حالتها.
خمس سنوات من الحبس بلا حكم
بعد مرور أكثر من خمس سنوات، لم يصدر أي حكم بحق مروة عرفة حتى الآن، ورغم عقد أولى جلسات محاكمتها في 6 يوليو 2025 أمام الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد الشربيني، لا تزال القضية تراوح مكانها، دون أن يُبت فيها بشكل نهائي.
ويعتبر حقوقيون استمرار احتجازها مخالفة صريحة للدستور المصري الذي يحدد مدة الحبس الاحتياطي بعامين كحد أقصى.
المطالب الحقوقية والنداءات الإنسانية
جددت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان دعوتها إلى:
- الإفراج الفوري عن مروة أشرف عرفة، احترامًا للقانون والدستور.
- تمكين طفلتها وفاء من حقها في الرعاية الأسرية.
- فتح تحقيق عاجل في الانتهاكات التي تعرضت لها داخل السجن.
- ضمان محاكمة عادلة وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت الشبكة أن قضية مروة ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية أم وطفلة حُرمتا من حق الحياة الطبيعية، وأن استمرار احتجازها “وصمة إنسانية” تتنافى مع القيم والمواثيق الدولية.
*جدل واسع بعد إحالة الصحفي محمد طاهر للتحقيق لكشفه سرقة الأسورة من المتحف المصري
أثارت واقعة إحالة الصحفي محمد طاهر، المحرر بجريدة الأخبار المسائي منذ 15 عامًا، إلى نيابة العبور على خلفية بلاغات تقدم بها وزير السياحة والآثار ضده، حالة من الجدل والغضب في الوسط الصحفي والإعلامي، بعد أن ربط كثيرون بين الاستدعاء الأمني وبين التقارير الصحفية التي نشرها طاهر مؤخرًا، والتي تناولت قضايا فساد وإهمال داخل الوزارة، من بينها سرقة أسورة ذهبية فرعونية من المتحف المصري بالتحرير.
الصحفي المعروف بتخصصه في تغطية شؤون السياحة والآثار، استُدعي أمس إلى مباحث الإنترنت بدعوى “الاستعلام والدردشة” حول بعض المنشورات، لكنه فوجئ – بحسب نقابة الصحفيين – بوجود بلاغ رسمي من أحد معاوني الوزير يتهمه بنشر معلومات غير صحيحة تسيء إلى الوزارة. وتم التحقيق معه لعدة ساعات قبل أن يُفرج عنه في ساعة متأخرة من الليل بكفالة 2000 جنيه، عقب تدخل نقابة الصحفيين.
نقابة الصحفيين تتدخل وتندد بالإجراءات
قال خالد البلشي، نقيب الصحفيين، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، إن “الزميل محمد طاهر تم استدعاؤه بطريقة غير قانونية دون إخطار النقابة، وهو ما يعد مخالفة صريحة لقانون الصحافة والإعلام”، مشددًا على أن “استدعاء الصحفيين للتحقيق يجب أن يتم بحضور ممثل عن النقابة”.
وأشار البلشي إلى أن النقابة أوفدت اثنين من أعضائها، هما إيمان عوف، رئيس لجنة الحريات، ومحمد الجارحي، وكيل النقابة، لحضور التحقيقات، مؤكدًا أن ما حدث “يعكس انحيازًا في الإجراءات لصالح أحد المسؤولين لمجرد أنه يحمل صفة وظيفية داخل الوزارة”.
وأضاف البلشي أن الزميل طاهر كان من أوائل من كشفوا عن واقعة سرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري، وسبق أن تناول في تقاريره عدداً من ملفات الفساد والإهمال الإداري داخل الوزارة، وهو ما “يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء البلاغ المقدم ضده”.
خلفية الواقعة: من سرقة أثر ذهبي إلى مواجهة قضائية
القضية بدأت عندما نشر محمد طاهر تقريرًا صحفيًا تناول فيه ما وصفه بـ”التعتيم غير المبرر” على واقعة سرقة أسورة ذهبية فرعونية من المتحف المصري، مشيرًا إلى أن بعض المسؤولين داخل الوزارة حاولوا التغطية على الحدث.
التقرير أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع الوزارة لإصدار بيان رسمي ينفي حدوث أي سرقة داخل المتحف، مؤكدة أن “جميع مقتنيات المتحف تخضع لرقابة دقيقة”.
غير أن الجدل تصاعد بعدما تقدّم أحد معاوني الوزير ببلاغ ضد طاهر، متهماً إياه بنشر أخبار كاذبة، وهو ما فُسّر في الأوساط الصحفية على أنه محاولة لترهيب الصحفيين ومنعهم من تناول ملفات الفساد داخل المؤسسات الحكومية.
تضامن واسع من الصحفيين.. ومطالب بمحاسبة المسؤولين
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضامن واسعة مع محمد طاهر، إذ عبّر عدد من الصحفيين والنشطاء عن رفضهم لما وصفوه بـ”استخدام سلاح البلاغات” ضد الصحفيين بدلاً من الرد الإعلامي أو اللجوء للشفافية.
وقال أحد الصحفيين في تدوينة على منصة “إكس”: “إحالة صحفي للتحقيق لأنه كشف سرقة أثر من المتحف المصري، تمسّ سمعة مصر أكثر من أي تقرير صحفي. المطلوب هو المحاسبة لا الملاحقة.”
كما أكد محمد الجارحي، وكيل نقابة الصحفيين، أن النقابة ستواصل متابعة القضية حتى النهاية، مضيفًا أن “تكرار مثل هذه الوقائع ضد الصحفيين مؤشر خطير، ويجب أن يتوقف نهائيًا”.
حوادث مشابهة.. والوزير في مرمى الانتقادات
ويُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها وزير السياحة والآثار أو وزارته لانتقادات بسبب الجوء إلى البلاغات ضد مواطنين أو صحفيين. فقد سبق أن تقدم الوزير نفسه ببلاغ ضد شاب نشر فيديو ترويجيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم صورة مبتكرة عن المتحف المصري الكبير، ما أدى إلى القبض على الشاب قبل أن يتنازل الوزير لاحقًا عن البلاغ بعد موجة غضب شعبي.
ويرى مراقبون أن تكرار هذا النمط من التعامل مع الإعلاميين يضع الوزارة في مواجهة مفتوحة مع الصحافة، ويثير تساؤلات حول مدى احترام حرية التعبير، خصوصًا في القضايا التي تتعلق بالتراث الوطني والرأي العام.
*النظام المصري يتخلى عن وساطته المُحايدة في غزة ويعمل وكيلا عن الاحتلال في التهدئة الأمريكية
رغم استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتعثّر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، كشفت مصادر مصرية مطلعة لصحيفة الأخبار اللبنانية عن “تحسّن ملحوظ” في العلاقات بين نظام المنقلب السفاح عبدالفتاح السيسي وتل أبيب، في خطوة وُصفت بأنها عودة صريحة للتحالف الأمني والسياسي مع الاحتلال على حساب دور مصر الوطني والتاريخي كوسيط عربي.
وقالت المصادر: إن “هذا التقارب الجديد مدفوع بجملة من التفاهمات السرية التي أعادت فتح قنوات التواصل الدبلوماسي بين الجانبين، وسط ترتيبات لإعادة تفعيلها رسميًا خلال الأسبوع المقبل، بالتوازي مع وعود بفتح معبر رفح مؤقتًا أمام المساعدات الإنسانية. “
وساطة “مُعطّلة” وتطبيع نشط
وربط النظام المصري — وفق المصادر — إعادة انخراطه الدبلوماسي مع الاحتلال بما سماه “استمرار الالتزام باتفاق إنهاء الحرب”، في وقت تتواصل فيه الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في القطاع.
وتؤكد هذه الشروط الشكلية أن القاهرة لم تعد وسيطًا محايدًا، بل طرفًا متواطئًا في تنفيذ أجندة تل أبيب وواشنطن.
وخلال قمة شرم الشيخ الأخيرة، أبدت الرئاسة المصرية استعدادها الصريح للتواصل مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والمشاركة في ما يُعرف بـ“الخطة الأمريكية للتسوية” التي تُعيد إنتاج مشروع “حل الدولتين” بصيغة تخدم الأمن الإسرائيلي أولاً، وتمنح السيسي موقعًا شكليًا في المسرح السياسي الإقليمي.
تبادل السفراء.. ومغازلة نتنياهو
ووفق التسريبات ذاتها، تدرس القاهرة اعتماد سفير لتل أبيب قريبًا، في مؤشر على تسريع وتيرة التطبيع رغم استمرار الحرب.
فيما استبعد مسؤولون مصريون أن يتحقق “تطور سياسي حقيقي” قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، في محاولة لتبرير المضي في علاقات دافئة مع الاحتلال دون التزام سياسي فعلي. وفي المقابل، تواصلت الاتصالات بين النظام المصري وشخصيات إسرائيلية معارضة لنتنياهو، ضمن ما وصفته المصادر بـ“جهود لتنسيق المواقف” مع أنقرة والدوحة، تمهيدًا لمرحلة جديدة من التعاون الإقليمي تحت الرعاية الأمريكية.
شراكات اقتصادية على حساب دماء الفلسطينيين ورغم استمرار الحرب، أكدت المصادر أن المسارات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل لم تتأثر، وأن المشاريع المشتركة — بما فيها تلك التي تشارك فيها جهات سيادية مصرية — مؤجلة لأسباب سياسية مؤقتة فقط، على أن تُستأنف “في حال استمرار التهدئة”.
ويرى مراقبون أن هذه الصيغة تعني عمليًا أن النظام المصري يتعامل مع دماء الفلسطينيين كمتغير اقتصادي يمكن تجاوزه بمجرد هدوء القصف الإسرائيلي.
نهاية الدور المصري المستقل بهذا المشهد، يرى محللون أن القاهرة لم تعد “عرّاب التسوية” كما كانت، بل تحوّلت في عهد السيسي إلى وسيط منحاز يعمل ضمن منظومة التطبيع الإقليمي، ويمهّد الأرض سياسيًا وأمنيًا لاندماج إسرائيل الكامل في المنطقة العربية.
ويؤكد هؤلاء أن نظام السيسي فقد شرعية الوساطة بعد أن رهن قراره السياسي لإملاءات واشنطن وتل أبيب، في الوقت الذي تتصاعد فيه معاناة سكان غزة المحاصرين، وتُغلق القاهرة معبر رفح بوجه الجرحى والمساعدات الإنسانية.
*السيسي تبريرا لفشله: ثورة يناير سبب الفوضى وضياع الدولة وأحداثها كلفت مصر 450 مليار دولار
في مشهد بات مألوفًا في خطاب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عاد مرة أخرى خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بربط أزمات مصر الحالية بثورة يناير 2011، واصفًا تلك الأحداث بأنها “شكل من أشكال الحرب” على الدولة، ومؤكدًا أن البلاد “نجت بفضل الله” من مصير مشابه لما واجهته دول أخرى. لكن حديث السيسي الذي حمّل الثورة مسؤولية الخراب والفوضى، أثار موجة جديدة من الجدل، إذ اعتبره مراقبون استمرارًا لنهج تبريري يتجاهل إخفاقات السلطة في إدارة الدولة على مدى أكثر من عقد.
السيسي تحدث عن كلفة الأحداث بين 2011 و2014، زاعمًا أنها بلغت نحو 450 مليار دولار، إلى جانب مئة مليار جنيه أنفقت على مواجهة الإرهاب. غير أن هذه الأرقام الضخمة أثارت تساؤلات عديدة حول دقتها ومصدرها، خصوصًا في ظل غياب أي تقارير رسمية أو دراسات اقتصادية مستقلة تؤكدها. ويرى اقتصاديون أن الخطاب لم يكن سوى محاولة لتحويل الأنظار عن الأزمات الراهنة التي يعيشها المواطن المصري، من تضخم غير مسبوق وارتفاع أسعار الوقود والسلع، إلى عجز الدولة عن ضبط الدين العام الذي تجاوز 10 تريليونات جنيه.
في الوقت الذي تحدث فيه السيسي عن “الأشرار” الذين تسببوا في أزمات البلاد، تجاهل الإشارة إلى السياسات الحكومية التي فاقمت معاناة المصريين، سواء عبر موجات الاقتراض المتواصلة أو الإنفاق المفرط على مشروعات ضخمة غير إنتاجية. فبدلًا من مناقشة أسباب الانهيار الحقيقي في بنية الاقتصاد، كرر الرئيس سردية “المؤامرة” التي يستخدمها النظام منذ سنوات لتبرير فشله في تحقيق وعوده بالإصلاح والتنمية.
كما لفت السيسي إلى الانتقادات التي وُجهت لموقف مصر من الحرب على غزة، مدافعًا عن سياسة الحياد التي انتهجها، قائلاً: «نحط مستقبل 120 مليون على المحك؟». لكن هذا الطرح، الذي يقدّم “الاستقرار” على حساب الموقف الإنساني والسياسي، اعتبره محللون استمرارًا لسياسة خارجية تتجنب أي تكلفة سياسية أو اقتصادية، حتى لو كان الثمن فقدان الدور الإقليمي التاريخي لمصر في قضايا المنطقة.
وفي جانب آخر من كلمته، تحدث السيسي عن ما سماه “حرب تغيير الواقع الاقتصادي”، مؤكدًا أن المصريين استوعبوا الإجراءات القاسية وأنهم يتحملون الأعباء “بقلوبهم”. إلا أن الواقع على الأرض يكشف عكس ذلك؛ فالشهور الأخيرة شهدت تصاعدًا في الغضب الشعبي نتيجة الزيادات المتتالية في أسعار الوقود والسلع، وتراجع الأجور الحقيقية، واتساع رقعة الفقر. وبينما تطالب الحكومة المواطنين بالصبر على إجراءات “الإصلاح”، يزداد شعور المصريين بأنهم يدفعون وحدهم فاتورة سياسات فاشلة اتخذت دون مشاركتهم أو مراعاة لمعاناتهم اليومية.
ويرى مراقبون أن حديث السيسي عن “عمل حساب للرأي العام” يتناقض مع طبيعة النظام الذي أغلق المجال العام، وقيد الإعلام، وجرّم أي شكل من أشكال المعارضة أو النقد. فكيف يمكن الحديث عن احترام الرأي العام في ظل غياب الشفافية والمحاسبة؟ وكيف يُطالب الشعب بالتحمل بينما تُنفق المليارات على القصور والعواصم الإدارية ومشروعات تجميل المدن التي لا تمس حياة المواطن البسيط؟
تصريحات السيسي الأخيرة أعادت إلى الأذهان خطابًا سياسياً يحمّل الماضي مسؤولية الحاضر، دون أن يقدّم حلولًا حقيقية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم يومًا بعد يوم. فبدلًا من أن يناقش أسباب فشل سياساته الاقتصادية، يفضّل الرئيس اللجوء إلى تبريرات “المؤامرة” و”الأشرار”، في محاولة لإقناع المصريين بأن معاناتهم قدر لا مفر منه.
وفي النهاية، يبدو أن السلطة ماضية في نهجها القائم على تبرير الإخفاق وإلقاء اللوم على التاريخ والثورات، بينما تغيب أي رؤية حقيقية لمستقبل اقتصاد ينهار، وشعب يزداد فقرًا، ودولة فقدت الثقة في وعود قيادتها. تصريحات السيسي عن “الحرب” ليست سوى استمرار لحرب أخرى — حرب ضد الوعي والمساءلة، يخوضها النظام لتثبيت شرعيته، حتى لو كان الثمن تدمير ما تبقى من ثقة المصريين في دولتهم.
*بعد رفع أسعار الوقود”كل حاجة بقت غالية فى زمن العصابة”
الارتفاع الأخير فى أسعار المواد البترولية لم يكن مجرد رقم على ورق أو قرار اقتصادى يُتداول فى نشرات الأخبار، بل كان زلزالًا صامتًا ضرب تفاصيل الحياة اليومية لملايين المصريين فكل زيادة فى سعر لتر الوقود تعنى خصمًا جديدًا من ميزانية الأسرة، وارتفاعًا فى أسعار كل شىء بدءًا من رغيف العيش حتى تذكرة المواصلات، كيلو الطماطم يقفز، وأجرة التوصيل ترتفع، وسائق التاكسى يعتذر عن المشوار القصير لأنه «مش مكسب»، بينما المواطن يكتفى بالجملة المعتادة : «كل حاجة بقت غالية فى زمن العصابة».
فى المقابل تبرر حكومة الانقلاب قراراتها بأنها ضرورة لإصلاح المنظومة الاقتصادية وتقليل عبء الدعم عن الموازنة العامة، وتزعم أن دولة العسكر ما زالت تتحمل مليارات الجنيهات سنويًا لتوفير الوقود بأسعار تقل عن تكلفته الفعلية.
لكن بين مبررات الأرقام وصرخات الواقع، يقف المواطن عاجزا، يطارد لقمة العيش التى تبتعد كلما ارتفع سعر لتر البنزين أو السولار.
الطرف الأضعف
فى هذا السياق حذر جلال معوض عمران، النائب الأول لشعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية، من أن كل ارتفاع فى أسعار البنزين والسولار ينعكس مباشرة وبشكل سلبى على أسعار السلع والخدمات، مؤكدًا أن المستهلك هو الطرف الأضعف الذى يتحمل دائمًا التكلفة النهائية فى هذا الواقع الاقتصادى المؤلم.
وقال «عمران» فى تصريحات صحفية إن أى تحرك فى أسعار الطاقة ينعكس على تكاليف النقل والشحن والتخزين، وهو ما يؤدى إلى زيادة أسعار المواد الغذائية فى الأسواق، سواء المحلية أو المستوردة، مشيرًا إلى أن المنتجين والتجار يستجيبون بسرعة لأى زيادات فى الأسعار، بينما تكون الاستجابة بطيئة جدا عند انخفاض الأسعار، ما يجعل المواطن لا يشعر بأى تحسن فعلى حتى مع استقرار المؤشرات الاقتصادية.
وأوضح أن الأسواق شهدت خلال الشهور الماضية زيادات متلاحقة فى سعر الصرف، كانت تُستخدم كـ«مبرر» من جانب بعض التجار لرفع الأسعار، لافتا إلى أننا الآن نشهد استقرارًا فى سعر الدولار، لكن وتيرة انخفاض الأسعار ضعيفة مقارنة بسرعة زيادتها من قبل .
وأشار «عمران » إلى سوق السكر قائلًا : سعر الكيلو وصل إلى 35 جنيهًا، ومع استقرار الأوضاع تراجع إلى 30 جنيهًا فقط، رغم انخفاض تكاليف النقل وسعر الصرف، وهو ما يؤكد أن مرونة السوق فى اتجاه الانخفاض محدودة جدًا .
تكلفة الشحن
وشدد على أن مصر تنتج نحو 50% من احتياجاتها من السكر محليًا من خلال زراعة قصب السكر والبنجر، بينما يتم استيراد ما بين 50% و65% من الخام من الخارج لتغطية الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلى، مؤكدًا أن أى تغير فى تكلفة الشحن أو أسعار الطاقة العالمية ينعكس مباشرة على سعر السكر والمنتجات المرتبطة به.
وفيما يخص القمح ومشتقاته، أوضح «عمران» أن السوق المحلية تأثرت بشدة أثناء الحرب الروسية الأوكرانية، حين قفز سعر طن الدقيق إلى نحو 26 ألف جنيه، قبل أن يتراجع مؤخرًا إلى قرابة 15 ألف جنيه بعد استقرار الإمدادات العالمية.
وذكر أنه رغم هذا التراجع الكبير، لم نلحظ انعكاسًا واضحًا على أسعار الخبز أو الفينو أو منتجات المخابز معتبرًا أن غياب الرقابة الحقيقية جعل المستهلك لا يجنى ثمار أى انفراجة.
ودعا «عمران» إلى ضرورة تفعيل الدور الرقابى للأجهزة المعنية، وفى مقدمتها جهاز حماية المستهلك، ووزارة تموين الانقلاب، وغرف التجارة بالمحافظات، لضبط الأسواق ومنع التلاعب بالأسعار.
أسعار السلع والخدمات
وأكد الخبير الاقتصادى الدكتور شريف دلاور، أن كل جنيه زيادة فى لتر السولار يضيف عبئًا مباشرًا على قطاعات النقل والتوزيع والصناعة، وهو ما ينعكس فى النهاية على أسعار السلع والخدمات الأساسية التى يستهلكها المواطن يوميًا.
وقال «دلاور» فى تصريحات صحفية : الحديث الرسمى عن عدم تأثر أسعار السلع والخدمات بالزيادة الأخيرة فى أسعار الوقود «غير واقعى»، مؤكدًا أن التأثير يمتد إلى كل ما يعتمد فى نقله أو إنتاجه على الطاقة، بدءًا من وسائل المواصلات العامة والخاصة، وصولًا إلى الخضروات والفاكهة.
وأشار إلى أن اتجاه رفع أسعار المواد البترولية يتناقض مع سياسات البنك المركزى الرامية إلى خفض سعر الفائدة، والتى تستهدف بدورها كبح جماح التضخم، مؤكدا أن رفع الوقود يضيف تكلفة تشغيلية ضخمة على كل حلقات الإنتاج والتوزيع، وبالتالى يُضعف أثر أى سياسات نقدية تستهدف خفض الأسعار أو تحفيز النمو .
وأوضح «دلاور» أن المشكلة لا تكمن فى الزيادة نفسها فقط، بل فى وتيرتها السريعة وسهولة انعكاسها على الأسواق، حيث تُسارع شرائح كثيرة من التجار والموردين إلى رفع الأسعار فور الإعلان عن أى تعديل، بينما يغيب الدور الرقابى الحقيقى الذى يضمن أن تكون هذه الزيادات مبررة ومنطقية .
الخاسر الأكبر
وقال : النتيجة أن الفئات محدودة الدخل وأصحاب المرتبات الثابتة هم الأكثر تضررًا، لأن دخولهم لا تتحرك بالسرعة نفسها التى تتحرك بها الأسعار مؤكدا أن الموظف الحكومى أو العامل بأجر يومى هو الخاسر الأكبر، إذ تتآكل قدرته الشرائية يومًا بعد يوم.
وشدد «دلاور» على أن الأزمة الاقتصادية لا تُقاس فقط بالأرقام والنسب المئوية، بل بما تخلّفه من آثار اجتماعية ونفسية على المواطنين، حين يعمل الإنسان طوال اليوم ولا يكفى دخله لتلبية احتياجاته الأساسية، تبدأ حالة من الإحباط الجماعى، ويشعر كثيرون أن المستقبل لا يحمل لهم شيئًا أفضل.
وحذر من أن الضغوط الاقتصادية المتراكمة تولّد شعورًا عامًا بالقلق وانعدام الثقة، وتجعل الأسر المصرية تعيش فى ترقّب دائم لأى زيادة جديدة قبل أن تتأقلم مع الزيادة السابقة، ما يخلق حالة من التوتر المستمر فى الشارع.
وطالب «دلاور» حكومة الانقلاب بمراجعة آليات التسعير وتخفيف حدة القرارات المتتابعة، مؤكدًا أن معالجة الأوضاع الاقتصادية لا يجب أن تأتى فقط عبر الأرقام، بل عبر رؤية شاملة توازن بين الإصلاح المالى والعدالة الاجتماعية، حتى لا يتحول الغلاء إلى أزمة ثقة بين المواطن ودولة العسكر.
*فايننشال تايمز والايكونوميست: الإصلاح أبعد ما يكون عن سياسات حكومة الانقلاب
عاد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي أمس الأحد في الندوة التثقيفية ال42 بقوله للاحتفال بذكرى 6 أكتوبر بعد 13 يوما من الذكرى! ليقول: “أثمّن صبر الشعب المصري وتحمله للضغوط، والإجراءات التي تتخذها الدولة تهدف إلى تحقيق إصلاح حقيقي وجذري، بعيدًا عن سياسة التأجيل أو التجاهل”.
مضيفا في احتفال بذكرى 52 لنصر أكتوبر المجيد، “أنا بدّعم الوقود بالسلف، فأصبح الجنيه اللي بحطه في الوقود مش جنيه.. أصبح جنيه بفوائده وأقساطه، والتحدي الاقتصادي هينتهي بإرادة الشعب واستعدادهم لتحمل مشاق الإصلاح، وأنا واحد منكم ومش بعيد عن الواقع اللي بتعيشوه”.
وأردف، “علشان أنا بحبكم بعمل اللي بعمله دا (الإصلاح الاقتصادي). عمري ما فكرت أبدا حتى في أصعب الأوقات أخدكم وادخل بيكم في الحيط. كل قرار بيتم دراسته بدل المرة 100″. في حين سبق أن أكد أنه لا يعتمد دراسات الجدوى في مشاريعه و”انجازاته”.
التعليقات كانت أشبه بمقارنة الخطاب الرسمي من أن الزيادات في الأسعار “مشاق إصلاح”، أي أنها جزء من تكلفة الإصلاح الاقتصادي واعتبار الصحف الغربية (طرف غير ذي مصلحة هنا) أن هذه التبريرات لا تصمد أمام الواقع المعيشي، حيث يعاني المواطنون من تدهور القدرة الشرائية، وتراجع الخدمات، وغياب العدالة الاقتصادية.
ووصفت صحيفة “فايننشال تايمز” الوضع الاقتصادي في مصر بأنه أزمة حقيقية، مشيرة إلى أن أكثر من 60% من السكان باتوا فقراء أو ضعفاء اقتصاديًا بسبب التضخم وتراجع قيمة الجنيه.
وانتقدت الصحيفة تدخل الجيش في الاقتصاد، ودعت السيسي إلى تخفيف دور الدولة في السوق، معتبرة أن هذا التدخل يعيق القطاع الخاص ويزيد من الأعباء على المواطنين.
وأشارت إلى أن المصريين يعانون من نقص الطعام وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل البيض واللحوم، وأن الأجور لم تعد تواكب الغلاء.
وأكدت أنها أزمة تضرب كل الطبقات وأن 3 تخفيضات للجنيه في عام 2022، ثم تعويمه في يناير، فاقمت الأزمة بدلًا من حلها.
وسبق أن انتقدت الإيكونوميست غياب الثقة في الإصلاحات ووصفت ما يدعيه السيسي بـ”الإصلاحات الشكلية” التي لا تعالج جذور الأزمة.
وركزت الايكونوميست على أن الاعتماد على القروض الخارجية مثل قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، لا يكفي لإنقاذ الاقتصاد دون إصلاحات هيكلية حقيقية.
وحذرت من أن الزيادات في الأسعار ليست مجرد تبعات إصلاح، بل نتيجة سوء إدارة الموارد، وتضخم الإنفاق الحكومي، وتراجع الإنتاج المحلي.
وقالت هند سليم @hamed_selim8: “.. انت غرقتنا لم عومت الجنيه اكر من مرة ودخلت بينا فى الحيط لما استدانت من صندوق البنك الدولى ودخلت بينا فى القطر لما ابقيت على حكومة فاشلة وعينت كامل الوزير اللى خللى اسعار المواصلات كسعر الطيران الداخلى من5 سنين ودخلنا فى نفق مظلم منذ تولى لواءات ورتب عصب الاقتصاد والمشاريع”.
أما الباحث إسحاق @isaac30208171 فتساءل “رفعنا دعم الوقود علشان ندعم فوائد القروض.. انت بتستلف ليه من الأساس ؟ علشان عندك عجز! .. عملت ايه لحل مشكلة العجز ؟ صناعة ؟ سياحة ؟ .. لما الدعم أترفع من 2021، انخفض العجز و الدين ؟.. مشاريع المونوريل و الكباري كانت بالسلف – صح؟.. هل تم تحويل مبالغ الدعم للتعليم و الصحة ؟! .. الطرق و الكباري – لماذا يدفع الناس كارتة لاستخدامها – إذا كانت من فلوس الدعم؟!
الكاتب عصام لالا وعبر فيسبوك Essam Lala قال: كفى وعودًا مؤجلة: الأزمة ليست في صبر الشعب بل في فشل الإدارة.. منذ أكثر من اثني عشر عامًا، لم يمر عام إلا وسمع المصريون خطابًا من النوع نفسه: “الأزمة مؤقتة… القادم أفضل… بالإرادة سنتجاوز الصعاب.”
واستدرك، “لكن الأرقام لا تكذب، والواقع لا يرحم. فمنذ أن كان الدولار عند حدود 8 جنيهات في 2013 حتى لامس اليوم 50 جنيهًا، ارتفعت أسعار الوقود من 3 إلى 20 جنيهًا، وقفز الدين الخارجي إلى 160 مليار دولار، فيما تتوسع الدولة في طباعة النقود بلا ضوابط نقدية، لتزداد الأسعار اشتعالًا وتنهار القدرة الشرائية للمواطن.”.
وأكد أن ما يحدث ليس “.. نتيجة “مشاق الإصلاح”، بل نتيجة فشل الإدارة الاقتصادية في تحديد الأولويات وتوجيه الموارد نحو الإنتاج الحقيقي بدلًا من التوسع في الاقتراض والمشروعات غير ذات العائد الاقتصادي المباشر“.
وبين أنه “..تحولت السياسة الاقتصادية إلى إدارة يوم بيوم، بلا رؤية متكاملة أو خطة تنموية مستدامة، بينما تُحمَّل الشعوب فاتورة الأخطاء، وتُطلب منها كل مرة مزيد من “الصبر” ومزيد من “الإيمان بالمستقبل”، وكأن المشكلة في الناس لا في من يدير مواردهم.”.
وأشار إلى أنه “..في عهد عبدالناصر والسادات ومبارك، رغم اختلاف التوجهات، كانت هناك دائمًا عقول اقتصادية كبرى تُستدعى وقت الأزمات: من عزيز صدقي إلي عبدالعزيز حجازي إلى عاطف صدقي، ومن سياسات الانفتاح إلى برامج الإصلاح، كان هناك دائمًا من يمتلك الكفاءة والخبرة والرؤية لقيادة الاقتصاد بواقعية وتدرّج، لا بالارتجال والتصريحات الشعبوية.”.
وتابع: “اليوم، ولأول مرة منذ عقود، نجد غيابًا شبه كامل للكفاءات الاقتصادية القادرة على رسم سياسات حقيقية للإنتاج، والاستثمار، والتصدير، وتوليد العملة الصعبة. المشهد الحالي يدار بعقلية تنفيذية لا اقتصادية، وبخطاب تعبوي لا إصلاحي، وكأن التحديات يمكن تجاوزها بالشعارات لا بالأفكار والسياسات.”.
وأكد أن “الإصلاح الحقيقي لا يحتاج إلى صبر الشعب بقدر ما يحتاج إلى إرادة الإدارة في تصحيح المسار: إعادة الاعتبار لأهل الخبرة والتخصص ليتولوا ادارة البلاد اقتصاديا. . وقف النزيف المالي في المشروعات القومية غير المنتجة.. استعادة الانضباط المالي والنقدي… تبني نموذج اقتصادي إنتاجي قائم على التصنيع والتصدير لا الجباية والديون والعقارات.”.
وأوضح أن السنوات الماضية أثبتت “أن الأزمة ليست في إرادة المصريين، بل في غياب من يملك الرؤية والقدرة على إدارة تلك الإرادة لصالح الوطن. وحين يُطلب من الشعب مزيد من التحمل، فعلى الإدارة أن تقدم أولًا ما يثبت أنها تتحمل نصيبها من المسؤولية، وتفتح الباب للكفاءات، لا للولاءات“.
*رفع أسعار الوقود بمصر غير مبرر وصندوق النقد تبرأ منه
أكد د. حسن الصادي الخبير الاقتصادي المصري أن قرار الحكومة رفع أسعار الوقود هو قرار غير مبرر وأن “صندوق النقد الدولي تبرأ منه” في ظل وجود مؤشرات عدة كانت تدعم خفض أسعار الوقود لا رفعها.
و قال الصادي: “هو رفع غير مبرر لأسعار المحروقات وكما نعلم أن رفع المحروقات يؤدي إلى ارتفاع مجموعة كبيرة من السلع التي تدخل في قياس معدلات التضخم”.
وأضاف الصادي أن ذلك الأمر يحدث في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة المصرية تخفيض معدلات التضخم التي يعانيها الاقتصاد المصري بسبب الارتفاعات المتتالية لأسعار الصرف خلال الفترة السابقة.
وأوضح الصادي أن تراجع سعر صرف الدولار خلال الأسابيع الماضية يأتي في ظل تدفق مبالغ من العملة الصعبة على مصر مؤخرا وهو ما يمكن أن يقود إلى مزيد من الانخفاض ليصل سعر صرف الدولار إلى أقل من 45 جنيه مصري للدولار الأمريكي الواحد.
وأعلنت الحكومة المصرية رفع أسعار المحروقات بنسب وصلت إلى 13% الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مباشر لأسعار كثير من السلع والمواصلات العامة.