السيسي من ساكتٍ على المجازر إلى راعٍ للمؤتمرات وداع لإعمار غزة بعد عامين من الصمت على دمارها.. الثلاثاء 21 أكتوبر 2025م.. البنوك الحكومية فساد حتى “الحُلقوم” لم تعد أمنة ومصر تغرق في مستنقع النهب المنظّم والسيسي زعيم العصابة

السيسي من ساكتٍ على المجازر إلى راعٍ للمؤتمرات وداع لإعمار غزة بعد عامين من الصمت على دمارها.. الثلاثاء 21 أكتوبر 2025م.. البنوك الحكومية فساد حتى “الحُلقوم” لم تعد أمنة ومصر تغرق في مستنقع النهب المنظّم والسيسي زعيم العصابة

شبكة المرصد الإخبارية – الحصاد المصري

 

* تجديد حبس الناشط السيناوي سعيد اعتيق 15 يومًا على ذمة القضية رقم 6469 حصر أمن دولة عليا

أفادت مصادر حقوقية بأن نيابة أمن الدولة العليا قررت أمس الاثنين 20 أكتوبر 2025، تجديد حبس الناشط السيناوي “سعيد اعتيق حسان اعتيق” لمدة 15 يومًا.

وكان “اعتيق” قد ظهر في نيابة أمن الدولة العليا، الأربعاء 3 سبتمبر 2025 بعد تعرضه لاختفاء قسري استمر عشرة أيام منذ إلقاء القبض عليه بتاريخ 24 أغسطس 2025، وقد جرى التحقيق معه في القضية رقم 6469 حصر أمن دولة عليا لسنة 2025، حيث وجهت له النيابة اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وإذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة.

* تجديد حبس ثلاثة متهمين بينهم حدث في قضيتين أمام نيابة أمن الدولة ومحكمة الجنايات

أفادت مصادر حقوقية بأن محكمة الجنايات (غرفة المشورة) المنعقدة في مجمع محاكم بدر قررت، أمس الاثنين 20 أكتوبر 2025، تجديد حبس الحدث “بهاء الدين فتحي محمد” و “إبراهيم محسن عودة محمد” لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 2 حصر أمن دولة عليا لسنة 2025.

وفي سياق منفصل، قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس “أحمد إبراهيم سالم سلامة” لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 1602 حصر أمن دولة عليا لسنة 2025.

 

*قسم شرطة المنزلة تحول لبؤرة قمع ممنهج: المأمور يعتدي على معتقل بوحشية

حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على شهادة موثوقة تكشف تفاصيل اعتداء بدني عنيف تعرّض له أحد المعتقلين السياسيين داخل قسم شرطة المنزلة بمحافظة الدقهلية، على يد مأمور القسم العقيد إبراهيم عوني، الذي تولّى مهامه حديثاً، وذلك مساء السبت 18 أكتوبر الجاري.

وبحسب الشهادة التي وثّقتها الشبكة، فإن الواقعة بدأت بمشادة كلامية بين المعتقل – الذي تحفظت الشبكة على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية – وبين مأمور القسم، بعدما طالب المحتجز بتحسين ظروف الاحتجاز القاسية التي يعاني منها هو وزملاؤه داخل الزنازين.
لكنّ الردّ جاء قاسياً، إذ أقدم المأمور على الاعتداء عليه بالضرب المبرّح أمام عدد من الأفراد، ما تسبب في إصابات واضحة في الوجه والجسد، ثم جرى نقله إلى زنزانة انفرادية بحجة “تهدئة الموقف” في حين بدا القرار عقاباً إضافياً له على مطالبه. 

شهادات تكشف انتهاكات ممنهجة
مصادر من داخل القسم أكدت لـ”الشبكة المصرية” أن ما جرى لم يكن حادثاً فردياً، بل جزءاً من نمط متكرر من الانتهاكات التي تشمل الاعتداء الجسدي والنفسي، وحرمان المحتجزين من الرعاية الطبية الأساسية، فضلاً عن ظروف احتجاز غير إنسانية تتسم بالاكتظاظ الشديد، وانعدام التهوية، وغياب النظافة، وتردّي الخدمات الصحية والغذائية.

وتشير المعلومات إلى أن الانتهاكات لا تقتصر على المعتقلين السياسيين فحسب، بل تمتد لتشمل المحتجزين الجنائيين الذين يتعرضون بدورهم لمعاملة مهينة من قِبل بعض أفراد الشرطة، وسط غياب كامل للرقابة القضائية والحقوقية على أماكن الاحتجاز. 

تاريخ من التجاوزات
ورغم تغيير القيادات الأمنية داخل القسم خلال الأشهر الماضية، إلا أن سياسة القمع وسوء المعاملة ما تزال مستمرة. فقد شهدت فترة تولي العقيد صلاح حمدي – المأمور السابق – وقائع مشابهة، حيث وردت عدة شكاوى عن تعذيب وإهمال طبي متعمّد بحق محتجزين سياسيين وجنائيين، دون أن يُفتح أي تحقيق جاد في تلك الادعاءات.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الانتهاكات يعكس غياب آليات المساءلة الداخلية داخل وزارة الداخلية، واستمرار ثقافة “الإفلات من العقاب” التي تسمح بتكرار مثل هذه الممارسات دون رادع. 

مطالب حقوقية بتحقيق عاجل
وفي ختام تقريرها، حمّلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن سلامة جميع النزلاء داخل قسم شرطة المنزلة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في وقائع الاعتداء وسوء المعاملة التي طالت المعتقل السياسي وغيره من المحتجزين.
كما شددت الشبكة على ضرورة تحسين أوضاع الاحتجاز لتتوافق مع ما نص عليه الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وضمان الرقابة المستقلة على أقسام الشرطة والسجون لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

واختتمت الشبكة بيانها بالتأكيد على أن الكرامة الإنسانية حق غير قابل للتجزئة أو التنازل، وأن أي انتهاك بحق المحتجزين – بغض النظر عن تصنيفهم القانوني – يمثل خرقاً صارخاً للقانون والدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر.

*كريم صفوت… شاب جامعي متفوق مصيره مجهول بسجون السيسي

في مشهد يلخص المأساة التي يعيشها كثير من الشباب بين الحلم الأكاديمي وواقع القمع، تتحول قصة الشاب كريم صفوت عبدالعظيم السيد فراج، البالغ من العمر 23 عامًا، من حكاية نجاح جامعي مشرق إلى ملف جديد في قائمة قضايا الحبس الاحتياطي، بعدما كان يُنتظر أن يبدأ مشواره الأكاديمي معيدًا بكلية التجارة في جامعة السلاب.

كريم، الذي تخرج في دفعة 2024، عُرف بين زملائه وأساتذته بتفوقه اللافت والتزامه الأخلاقي والعلمي، إذ كان من أوائل دفعته، ومثالًا للطالب المثابر الذي يسعى للتميز العلمي والسلوكي. شهادات أساتذته وزملائه تجمع على أنه كان نموذجًا يحتذى به في الاجتهاد والانضباط، ما جعله من أبرز المرشحين للتعيين الأكاديمي في جامعته.

لكن هذا المسار المشرق انقطع فجأة في 25 نوفمبر 2024، حينما قامت قوات الأمن باعتقاله بشكل مفاجئ، ليُعرض بعدها على جهات التحقيق ويتم حبسه على ذمة القضية رقم 6171 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا، وهي القضية التي أدرجت إعلاميًا ضمن ما يعرف بـ”قضايا مشجعي النادي الأهلي”.

ورغم عدم وجود اتهامات واضحة أو مبررات قانونية منطقية تبرر احتجازه، أودع كريم سجن العاشر من رمضان، ليبدأ فصلًا مؤلمًا من المعاناة داخل الزنازين بدلًا من مواصلة مشواره الجامعي الذي كان ينتظره بفخر.

وتقول الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيانها إنها تُعرب عن تضامنها الكامل مع أسرة الشاب، مؤكدة أن كريم “كان يستحق أن يكون بين صفوف المعيدين والباحثين، لا بين جدران السجن”، مشيرة إلى أن ما يتعرض له يمثل “ظلمًا بيّنًا وانتهاكًا صارخًا لحقوق الشباب الجامعي في التعبير والانتماء”.

وتضيف الشبكة أن “كريم لم يرتكب جريمة، وكل ما فعله أنه مارس حقه الطبيعي في تشجيع ناديه المفضل – الأهلي، وهو حق يكفله الدستور ولا يجوز أن يتحول إلى سبب للحرمان من الحرية”.

وتؤكد أن ما يُعرف بـ”قضايا مشجعي الأهلي” باتت رمزًا لتوسع دائرة القمع لتشمل شبابًا لا تربطهم أي صلة بالنشاط السياسي أو الحزبي، سوى انتمائهم الرياضي وحماسهم الكروي.

وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن كريم وجميع معتقلي هذه القضايا، داعية الجهات المعنية إلى إعادة النظر في أساليب التعامل مع الشباب الجامعي الذين يمثلون طاقة الأمة ومستقبلها، لا مصدر تهديد لها.

واختتم البيان بالتأكيد على أن “مكان كريم صفوت هو قاعات الجامعة والمختبرات، لا الزنازين”، مشددة على أن استمرار حبس أمثاله لا يضر فقط بأحلام الأفراد، بل ينعكس على صورة التعليم والعدالة وحقوق الإنسان في مصر.

*مليشيات العرجاني تحكم العريش بعيدًا عن حكم القانون والدولة المصرية

تشهد مدينة العريش في محافظة شمال سيناء تصاعدًا خطيرًا في حالة الانفلات الأمني خلال عام 2025، رغم التصريحات الرسمية المتكررة عن تحقيق الاستقرار و«عودة الحياة إلى طبيعتها». الواقع على الأرض يكشف عكس ذلك تمامًا؛ إذ تعيش المدينة على وقع اشتباكات مسلحة شبه يومية بين مجموعات خارجة عن القانون، تمتلك سيارات دفع رباعي ومعدات ثقيلة، وتتحرك بحرية في وضح النهار تحت غطاء قبلي وأمني غير معلن. هذه الجماعات، التي يُنظر إليها كأذرع غير رسمية للنظام، تمارس عمليات اختطاف وقتل وسط صمت السلطات، ما جعل سكان العريش يعيشون في خوف دائم. 

حادثة مقتل ياسر أبو عمرو: رصاصة تكشف بنية التحالفات المسلحة

أعادت حادثة مقتل الشاب ياسر فراس أبو عمرو برصاصة في الرأس على يد أحد قيادات “اتحاد قبائل سيناء” التابع لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني، الجدل حول الدور الذي تلعبه هذه المليشيات القبلية المدعومة ضمنيًا من السلطة. فالاتحاد، الذي يقدَّم رسميًا كشريك في «الحرب على الإرهاب»، تحول عمليًا إلى قوة موازية للدولة تمتلك السلاح والنفوذ وتفرض هيمنتها على الأهالي.

العرجاني، الذي يُسوَّق له كحليف للدولة في مواجهة التطرف، بات اليوم — في نظر كثيرين من أبناء سيناء — رمزًا للفوضى الجديدة، بعدما تحولت مجموعاته إلى طرف مسلح يُرهب المدنيين بلا رادع. موجة الغضب الشعبي والاحتجاجات التي اجتاحت العريش مؤخرًا تعكس حجم الاحتقان المتنامي تجاه هذه الانتهاكات التي تهدد الأمن المجتمعي وتضعف سلطة الدولة.

الأمن في موقف المتفرج: تواطؤ أم عجز؟

تبدو الأجهزة الأمنية عاجزة — أو ربما متواطئة — أمام تغوّل هذه الجماعات. فحالات الإفراج السريع عن عناصر منتمين إلى تلك المليشيات بعد توقيفهم، إلى جانب الاعتداءات المتكررة على رجال الشرطة، تؤكد وجود خلل عميق في المنظومة الأمنية.

كما شهدت المدينة اعتصامات متكررة لضباط وأفراد الشرطة احتجاجًا على غياب الدعم اللوجستي ونقص الأسلحة والمعدات الحديثة، في وقت يتزايد فيه نفوذ المجموعات المسلحة. هذا التناقض الفاضح بين ضعف الدولة وتوسع المليشيات يطرح تساؤلات حول دور الحكومة الحقيقي في ترسيخ الأمن أو تقويضه.

خطاب رسمي مضلل وواقع ميداني منفلت

في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الترويج لخطاب «الاستقرار الأمني في سيناء»، تبدو مسؤوليتها المباشرة عن الفلتان الأمني واضحة للعيان. فدعم مجموعات قبلية مسلحة تحت غطاء «محاربة الإرهاب» لم يحقق الأمن، بل أسس لواقع من انعدام القانون، تُمارس فيه السلطة بالعنف لا بالمؤسسات.

إن توفير السلاح والحماية لهذه الكيانات القبلية أوجد شبكات نفوذ خارجة عن الدولة تتحكم في مصائر الناس، لتتحول سيناء إلى اختبار حقيقي لمدى جدية الحكومة في محاربة الجريمة المنظمة واستعادة هيبة الدولة. 

انتهاكات ممنهجة وصمت رسمي

تُوثّق منظمات حقوق الإنسان في شمال سيناء حالات قتل خارج القانون، واختفاء قسري، وإعدامات ميدانية تُنسب إلى هذه المجموعات المسلحة، وسط صمت رسمي مريب. هذا التواطؤ يفاقم الإحباط الشعبي، خاصة في صفوف الأهالي الذين خاضوا لسنوات حربًا ضد الإرهاب، ليجدوا أنفسهم اليوم ضحايا لقوى مسلحة محلية تحظى بحماية ضمنية من الدولة.

أصبح سكان العريش يعيشون بين مطرقة المليشيات وسندان الصمت الحكومي، في مشهد يعكس انهيار الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة الأمنية.

فوضى العريش تكشف فشل الدولة في إدارة الملف السيناوي

لم تعد شمال سيناء تُصنَّف منطقة مستقرة كما يروج الخطاب الرسمي، بل منطقة مفلسة أمنيًا نتيجة دعم سياسي غير مباشر للشبيحة والمسلحين الذين يفرضون سيطرتهم على الأرض.

الحل الحقيقي، كما يؤكد خبراء محليون، لا يكمن في المزيد من التسليح القبلي أو الخطابات الإعلامية، بل في إلغاء أي وجود مسلح خارج مؤسسات الدولة، ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات، وبناء جهاز أمني حقيقي يخضع للقانون لا للولاءات.

دولة تغض الطرف عن الفوضى

تحولت شمال سيناء إلى مرآة عاكسة للفشل الحكومي في حماية المواطنين وفرض سيادة القانون. فبين صمت رسمي وتواطؤ واضح، تتعمق الفوضى يومًا بعد يوم، مهددة ما تبقى من أمن وتنمية.

إن استمرار هذا النهج القائم على المحاباة القبلية والتحالفات المصلحية سيقود حتمًا إلى تفكك أمني أوسع، ما لم تستعد الدولة احتكارها للسلاح والقوة الشرعية، وتكف عن منح الغطاء السياسي والمالي لمليشيات تزرع الرعب بدل أن توفر الحماية.

*السيسى يطارد المعارضين عبر الحدود.. حملة لمنع قبول اللاجئين المصريين بكوريا الجنوبية

في خطوة جديدة تُظهر إصرار النظام المصري على قمع المعارضين، تواصل السلطات المصرية سعيها للضغط على دول العالم، لمنع اللجوء لمواطنيها الفارين من بطش النظام، في تأكيد جديد على محاولاته المستمرة لملاحقة الأحرار وتقييد الحريات حتى خارج الحدود.

تصاعدت احتجاجات المصريين في كوريا الجنوبية ضد رفض طلبات لجوئهم، وذلك بعد سنوات من الرفض المتواصل من قبل السلطات الكورية الجنوبية.

ويأتي هذا في وقتٍ يواجه فيه العديد من المصريين الذين يسعون للنجاة بأنفسهم من بطش نظام السفاح  عبدالفتاح السيسي مشكلات ضخمة في الهروب من البلاد.

إذ كان العديد منهم قد فرّ من القمع الذي يفرضه النظام المصري، لكنه اصطدم بحواجز أخرى في الدول التي لجأ إليها.

 المفارقة هنا تكمن في أن النظام المصري لا يتوقف عن توجيه الضغوط على الدول الأخرى، في محاولةٍ منه لفرض سياسة الاعتقال والملاحقة ضد المعارضين حتى خارج حدود البلاد. تتجاوز تلك الضغوط مجرد التفاعل الدبلوماسي، إذ يبدو أن مصر تُمارس تأثيرًا متزايدًا على الحكومات الأجنبية، خاصةً في قضايا اللجوء.

وتستمر سياسة السيسي في حبس الأحرار داخل البلاد، ومع محاولاته المستمرة للضغط على الدول لمنع قبول اللجوء لهم، يصبح المشهد أكثر قتامة بالنسبة لكل من يسعى للهرب من اضطهاد النظام.

في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال المطروح: إلى متى ستظل السلطات المصرية قادرة على فرض سياستها القمعية على الصعيد الدولي، في حين أن حقوق الإنسان تظل محط انتهاك على أراضيها؟، إن ما يحدث اليوم هو تأكيد آخر على أن الاستبداد لا يعترف بالحدود ولا بالحقوق، بل يستمر في ملاحقة الأحرار أينما كانوا، مستخدمًا كافة الوسائل الممكنة لضمان بقاء الهيمنة والقمع في الداخل والخارج.

*إقصاء ممنهج باسم القانون: كيف تحوّل استثناء الخدمة العسكرية إلى أداة سياسية لإبعاد المعارضين؟

تعتبر حادثة استبعاد المهندس هيثم الحريري من الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025، بذريعة “الاستثناء من الخدمة العسكرية”، ليست واقعة قانونية بريئة كما تحاول الحكومة تصويرها، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من تسييس القانون وتوظيفه لإقصاء الأصوات المستقلة. القضية تكشف عن الوجه الحقيقي لمنظومة تدّعي الإصلاح والانفتاح، بينما تمارس في الواقع إغلاقًا محكمًا للمجال العام، وتجعل من كل استحقاق انتخابي مشهدًا شكليًا لإعادة تدوير الولاءات. 

استثناء قانوني تحوّل إلى سلاح سياسي

تقدّم الحريري، النائب السابق عن دائرة محرم بك ومينا البصل، بأوراق ترشحه كاملة، واستلم رمز “الراديو” رسميًا، قبل أن يتفاجأ باستبعاده من القوائم الأولية بحجة أنه “مستثنى من الخدمة العسكرية”.

الحريري حصل على شهادة إعفاء رسمية صادرة من وزير الدفاع المشير طنطاوي عام 1999، ما يعني أن استثناؤه لم يكن قرارًا ذاتيًا، بل إجراء سيادي من المؤسسة العسكرية ذاتها.

لكن اللجنة الانتخابية قررت تفسير هذا الاستثناء بوصفه “عدم أداء”، متجاهلة نص المادة (6) من قانون الخدمة العسكرية التي تعتبر المستثنى في حكم المعفى.

هكذا تحوّل القانون من ضمانٍ للحقوق إلى أداة انتقائية للحرمان منها، في سابقة تفتح الباب أمام أي سلطة لتكييف النصوص وفقًا لأهوائها السياسية. 

دولة تُضيّق على من يتنفس 

القضية لا تتعلق بشخص الحريري فقط، بل تكشف عن منهج شامل في التعامل مع المجال السياسي. 

في الأسابيع الماضية، تم استبعاد عدد من المرشحين المعارضين أو المستقلين لأسباب متشابهة: “تحليل مخدرات”، “نقص أوراق”، أو “عدم صلاحية الموقف العسكري”. 

ما يجمع بين هذه الوقائع ليس القانون، بل النية السياسية في تنقية السباق الانتخابي من أي صوت مختلف. 

النظام الذي وعد بـ”انفتاح سياسي” بعد دعوة الحوار الوطني، عاد ليغلق الباب أمام رموز المعارضة، حتى الإصلاحية منها. 

النتيجة: برلمان بلا صوت، وشعب بلا ممثلين، وديمقراطية بلا مضمون. 

ازدواجية الخطاب.. وموت السياسة 

بينما تروّج الحكومة في إعلامها لخطاب “توسيع المشاركة” و“الفرص المتكافئة”، تمارس على الأرض نقيض ما تعلنه. 

فأي انفتاح يُمكن أن يُصدَّق بينما تُقصى شخصيات خاضت الانتخابات من قبل، وشاركت في العمل النيابي تحت نفس النظام؟ 

السلطة التي تخشى نائبًا واحدًا يحمل فكرًا مستقلاً، تعترف ضمنيًا بأنها تعاني من هشاشة سياسية غير مسبوقة. 

عندما تتحوّل الدولة إلى كيان لا يحتمل رأيًا ناقدًا، ولا يرى في المعارضة سوى تهديد للأمن، تصبح أمام مأزق وجودي: دولة بلا توازن ولا حيوية، تحكمها أجهزة لا مؤسسات. 

برلمان للبيع.. وسياسة بالتقسيط 

خلف الكواليس، تهمس الأحاديث بأن مقاعد البرلمان تُمنح بمقابل مالي قد يتجاوز 70 مليون جنيه للكرسي الواحد. 

وفي الوقت الذي يُقصى فيه المستقلون، يُفتح الباب أمام رجال الأعمال وأصحاب الولاء الأمني ليحصلوا على الشرعية الشكلية. 

هكذا يتكوّن برلمان لا يشرّع ولا يراقب، بل يُوزّع المنافع ويتقاسم الغنائم، بينما تُقصى الكفاءات التي تمثل هموم الشارع الحقيقية. 

فهل هي انتخابات أم مزاد سياسي مغلق لا يُسمح فيه إلا لمن يملك الثمن والولاء؟ 

ديمقراطية بلا مضمون.. ونظام بلا ثقة 

استبعاد الحريري وغيره من المرشحين ليس مجرد إجراء انتخابي، بل مؤشر على أزمة أعمق داخل بنية الحكم:

أزمة ثقة، وأزمة شرعية، وأزمة رؤية.

النظام الذي يطالب الشعب بالصبر والمشاركة في أعباء الأزمة الاقتصادية، هو ذاته الذي يحرمهم من المشاركة في القرار السياسي.

وبينما يختبئ خلف شعارات “الإصلاح”، تتسع الهوة بين السلطة والمجتمع، لتتحوّل الدولة إلى جزيرة مغلقة تحكمها أقلية معزولة عن الواقع.

وفي النهاية فقضية هيثم الحريري ليست استثناءً، بل دليل على أن الحكومة المصرية فقدت القدرة على التمييز بين الدولة والسلطة.

حين يُستخدم القانون لإقصاء الخصوم بدل حماية الحقوق، تتحوّل العدالة إلى أداة قمع، وتتحول الانتخابات إلى مشهد تجميلي بلا مضمون. 

إنها لحظة كاشفة: النظام لم يعد يخشى المعارضة، بل يخشى نفسه، يخاف أن يرى في المرآة صورة بلد كان يمكن أن يكون أفضل، لو احترم أصوات أبنائه بدل أن يقمعهم.

 

* من ساكتٍ على المجازر إلى راعٍ للمؤتمرات السيسي يدعو لإعمار غزة بعد عامين من الصمت على دمارها

في مشهد يعكس قمة التناقض والاستخفاف بعقول المصريين والفلسطينيين معاً، خرج المنقلب عبد الفتاح السيسي ليعلن أن مصر ستستضيف مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار غزة في نوفمبر المقبل، داعياً الشعب المصري – الذي أنهكه الفقر والضرائب – إلى المساهمة في “إعمار القطاع”، بعد عامين من صمته المطبق على المجازر، ورفضه إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، بحجة أنه “لا يريد إدخال مصر في مخاطرات”. 

لكن السخرية الأكبر أن السيسي يتحدث عن “تضامن ومحبة تجاه الأشقاء الفلسطينيين”، بينما كان معبر رفح – المصري الفلسطيني – رهينة بقرار من الاحتلال الصهيوني، لا يُفتح إلا بإشارة من تل أبيب، في إذلالٍ لم تعرفه مصر حتى في أحلك عصورها.

إعمار غزة.. على طريقة السيسي

الحديث عن “إعمار غزة” يبدو أقرب إلى مسرحية رديئة الإخراج، إذ لم ينسَ الفلسطينيون بعد أن أحد أذرع النظام الأمنية، المدعو إبراهيم العرجاني، حوّل معاناة الغزيين إلى تجارة مربحة، بعدما فرض على المرضى والطلاب مبالغ فلكية تتراوح بين 30 و50 ألف دولار للدخول عبر رفح.

ولم تكن تلك “الشركة الأمنية” سوى واجهة لتجارة سياسية قذرة، يديرها العرجاني اسماً، ويملكها فعلياً نجل السيسي الأكبر، محمود السيسي، بحسب مصادر متطابقة، ملايين الدولارات كانت تُجبى يومياً من دماء ومعاناة الفلسطينيين، بينما يتحدث الأب عن “المحبة والتضامن”!

أين ذهبت أموال المصريين؟

يتحدث السيسي عن “الإصلاح الجذري”، بينما تغرق البلاد في الديون والقروض، وتتآكل قيمة الجنيه إلى حدٍ غير مسبوق، في الوقت الذي يشتري فيه طائرة رئاسية جديدة يتجاوز ثمنها نصف مليار دولار من دم الشعب، ويُشيّد القصور بلا توقف، ثم يطلب من الفقراء التبرع لغزة.

فهل يسأل المصريون: لماذا لا يبيع السيسي طائرته الجديدة أو قصور عصابته – من مصطفى مدبولي إلى مصطفى بكري – قبل أن يمد يده لجيوبهم؟

الشعب فقد الثقة في عصابة الحكم

لم تعد خطابات السيسي قادرة على إقناع أحد، ولا سيما حين يتحدث عن “تحمل الظروف الاقتصادية” بينما تتضاعف أسعار الوقود والغاز للمرة العشرين في عهده، ويواصل تحميل ثورة يناير مسؤولية كل أزماته، رغم أنه هو من جرّ البلاد إلى الإفلاس، ورفع الدين الخارجي من 46 ملياراً إلى أكثر من 161 مليار دولار خلال 11 عاماً، تحت شعار “مشروعات قومية” انتهت إلى عاصمة للأوهام وقطار لا يركبه أحد.

الخلاصة

حين يتحدث السيسي عن “إعمار غزة”، فالسؤال البديهي:

من يُعمّر غزة؟ من شارك في حصارها؟ من تواطأ في دمارها؟

إنها نسخة مكررة من سياسة التضليل التي يتقنها النظام العسكري: نهب داخلي، وادعاء بطولات خارجية.

وإذا كان السيسي يريد إعمار غزة، فليبدأ أولاً بإعمار ضميره، وإزالة الركام الذي خلّفه في الكرامة المصرية والفلسطينية على حد سواء.

* ميناء إيلات يطلب مساعدة مصر لوقف ضربات الحوثيين

كشفت وسائل إعلام عبرية، أن ميناء إيلات الإسرائيلي طلب مساعدة مصر للضغط على الحوثيين لوقف إطلاق الصواريخ على الميناء والمدينة.

ووفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” وصحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، فإن ميناء إيلات، بالرغم من وقف إطلاق النار، يواصل تعرُّضه لأضرار بسبب استهداف الحوثيين لقناة السويس وترهيب السفن القادمة من وإلى الميناء.

وكشفت الصحف العبرية أن مسؤولي الميناء الإسرائيلي تواصلوا مع السفارة الأمريكية في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة، وطالبوا أيضًا بالتواصل مع الحكومة المصرية للضغط على الحوثيين.

وأوضحت “يديعوت أحرونوت” أنه رغم إعلان انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار، لم يعد ميناء إيلات إلى حالته الطبيعية بعد، إذ لا يزال التهديد الحوثي قائمًا. وأضافت أنه بالرغم من أن الحوثيين أعلنوا أنهم لن يستمروا في إطلاق النار على إسرائيل طالما استمر الاتفاق بين حماس وإسرائيل، إلا أنهم لم يلتزموا بوقف مهاجمة السفن المارة في اتجاه قناة السويس.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الحوثيين سبق أن هدَّدوا بأن أي شركة شحن تمر عبر سفن دون إذنهم ستجعل سفنها هدفًا في أي مكان في العالم، حتى بعيدًا عن الشرق الأوسط. وفي أعقاب هذا التهديد الذي طال القناة، أُغلق ميناء إيلات، الذي تديره شركة “بفاو” للشحن، بشكل شبه كامل منذ نوفمبر 2023، وانخفضت إيراداته بنسبة 80%.

وأوضحت الصحف العبرية أنه في ظل غياب بيان من الحوثيين بوقف هجماتهم على السفن، ترفض شركات الشحن الدولية المرور عبر قناة السويس والوصول إلى ميناء إيلات أو الدول العربية.

وفي السياق نفسه، علم موقع صحيفة “كالكاليست” أن مسؤولين في ميناء إيلات تواصلوا مع السفارة الأمريكية، طالبين إدراج قضية قناة السويس في الاتفاقية الموقعة برعاية الرئيس دونالد ترامب، كما تم التواصل مع هيئة الملاحة البحرية لطلب حشد جهات دولية للمساعدة في إزالة التهديد الحوثي لهذا الممر البحري المهم.

وأضاف تقرير الصحيفة العبرية أن إدارة ميناء إيلات لا تكتفي بهذا، وتسعى للتواصل مع مصر، صاحبة قناة السويس، حيث يأمل ميناء إيلات أن يتعاون المصريون مع الدول العربية والولايات المتحدة للضغط على الحوثيين وإقناعهم برفع الحصار عن الملاحة البحرية.

وقالت “كالكاليست” إن الميناء الإسرائيلي يُدرك أن سيطرة الحوثيين على القناة لا تؤثر سلبًا على إسرائيل فحسب، بل تؤثر أيضًا على مصر، التي تفرض رسومًا على عبور القناة، وتأمل في إيجاد شريك هناك لمعالجة هذه المشكلة.

وأشارت إلى أنه منذ بداية عام 2024، لم تقترب السفن الأوروبية من قناة السويس. ويُسمح فقط للسفن الروسية والإيرانية بالمرور عبرها، بشرط عدم نقلها بضائع إلى إسرائيل، كما تتمكن السفن الصينية من عبور القناة بين الحين والآخر من خلال إيجاد حلول مثل تغيير الأعلام أو الدفع والمخاطرة.

وكانت قناة السويس قد حققت إيرادات لمصر بلغت حوالي 8 مليارات دولار في عام 2022، وفي عام 2023 قفزت الإيرادات إلى 10.25 مليار دولار. ومع ذلك، في عام 2024، انخفض الدخل إلى 3.99 مليار دولار فقط. وفي الصيف الماضي، أفادت مصادر عربية أن مصر خسرت نحو 60% من دخلها من قناة السويس في عامَي 2024 و2025.

ووفق التقارير العبرية، فإن هذه خسارة فادحة، فقبل الحرب، كان ما يقرب من ثلث ميزانية مصر يعتمد على دخل قناة السويس، حيث شكّلت القناة مصدر دخل مهمًا ومستقرًا لمصر لسنوات.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر من أن انخفاض دخل القناة يُشكّل تحديًا كبيرًا لدخل مصر، وأنه يجب عليها تحقيق ميزانية متوازنة وإيجاد طريقة لتقليل اعتمادها على الدخل الأجنبي.

ودفعت هذه التوصية الحكومة المصرية إلى تطبيق إصلاح شمل، من بين أمور أخرى، تحسين نظام تحصيل الضرائب في البلاد وخفض دعم الوقود والكهرباء والغذاء. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت مصر مليارات الدولارات دعمًا من دول الخليج، وذلك جزئيًّا لمواجهة خسارة دخل قناة السويس.

ووفق التقرير العبري، فلا تزال مصر تُواجه التضخم والديون المرتفعة، وبالطبع تهديد الحوثيين لأحد مصادر دخلها الرئيسية.

وأضافت أن ميناء إيلات يأمل أن يُفلح الضغط المصري على الدول العربية، والذي سيؤدي إلى الضغط على الحوثيين، في انتزاع إعلان منهم بوقف استهداف الممر البحري والسماح للسفن بالوصول إلى إيلات.

وأشارت “كالكاليست” إلى أنه منذ بداية الأزمة في ميناء إيلات، حوّلت إسرائيل 15 مليون شيكل إلى الميناء، ويُخصص جزء من هذا المبلغ لسداد ديون للدولة وضرائب الأملاك لبلدية إيلات.

كما وفّر الهستدروت – النقابة العامة لعمال إسرائيل – قروضًا من صندوق المساعدات التابع له. مع ذلك، يسعى الميناء للعودة إلى نشاطه الكامل وإثبات ربحيته، لا مجرد البقاء

*فساد حتى “الحُلقوم” البنوك الحكومية لم تعد أمنه ومصر تغرق في مستنقع النهب المنظّم والسيسي زعيم العصابة

لم يعد الفساد في مصر «للركب» كما كان يُقال في العقود الماضية، بل تجاوز الرأس إلى الحلقوم، بعد أن التهمت منظومة السيسي كل ما يمكن نهبه من أموال القروض والمعونات والمشروعات الوهمية التي أرهقت المصريين.

فبينما خرج المنقلب عبد الفتاح السيسي في ذكرى انتصار أكتوبر يبرر رفع أسعار الوقود بزعم “وقف الاقتراض”، يتساءل المصريون:

أين ذهبت المليارات التي تدفقت على مصر منذ انقلابه؟

وأين حصيلة بيع أصول الدولة والضرائب ورفع الدعم؟

وكيف ينفق النظام على “عاصمة الخيبة والندامة” – كما يسميها المصريون – العاصمة الإدارية، ومشروعات العلمين وتفريعة قناة السويس التي أفلست البلاد، بينما يستمر مسلسل الفساد بلا رادع؟

من الواضح أن القدوة في هذا العهد ليست إلا عصابة العسكر، التي جعلت من النهب والسمسرة في القروض والسلاح أسلوب حكم. فحين يشتري السيسي أسلحة بمئات المليارات لا لحماية الوطن بل لضمان عمولاته وولاء الموردين، فليس غريبًا أن يتحول الفساد إلى ثقافة تمتد إلى أصغر موظف في مؤسسة الدولة، بل إلى البنوك نفسها التي لم تعد آمنة على أموال المصريين.

فضيحة جديدة بالبنك الأهلي: مدير فرع وموظفون ينهبون أموال العملاء.

كشفت نيابة الأموال العامة العليا عن واحدة من أكبر قضايا الفساد المصرفي في تاريخ البنوك الحكومية، إذ أحالت مدير فرع بالبنك الأهلي المصري وموظفين اثنين إلى المحاكمة الجنائية، بتهمة الاستيلاء على عشرات الملايين من أموال العملاء، عبر مخطط مصرفي احتيالي استخدم فيه المتهمون طلبات مزورة للسحب والتحويل النقدي، وتلاعبوا في النظام الإلكتروني للبنك لإخفاء آثار الجريمة.

القضية التي حملت رقم 51 لسنة 2025 أموال عامة عليا، ضمت تسعة متهمين، سبعة منهم هاربون، بعد ثبوت تورطهم في شبكة تزوير مصرفي متكاملة استهدفت حسابات عملاء البنك الأهلي المصري.

تزوير وتلاعب بالنظام الإلكتروني

التحقيقات كشفت أن المتهمين الرئيسيين – مدير فرع الوراق ومراقبة خدمة العملاء بفرع نجيب محفوظ – استغلا سلطاتهما الوظيفية وقدما طلبات سحب وتحويل نقدي مزورة نُسبت زورًا إلى عملاء البنك، لتظهر كأنها عمليات شرعية نفذها أصحاب الحسابات.

ولم يكتفيا بذلك، بل تلاعبا في النظام الإلكتروني للبنك لتغطية آثار الجريمة وإظهار العمليات كأنها تمت بموافقة العملاء، في جريمة مزدوجة من التزوير الورقي والإلكتروني.

كما تبين أن المتهمين حوّلا الأموال المنهوبة إلى حسابات تابعة لمتواطئين آخرين داخل وخارج البنك، استخدموها كواجهة لإخفاء مصدر الأموال قبل سحبها نقدًا وتقسيمها فيما بينهم.

عصابة منظمة داخل مؤسسة الدولة

وتبيّن من التحقيقات أن الجريمة لم تكن تصرفًا فرديًا، بل عملية منظمة شارك فيها موظفون من داخل البنك وأشخاص من خارجه، من بينهم موظفة بالبنك الأهلي زوّدت المتهمين بطلبات سحب نقدي ووقعت عليها بتوقيعات مزورة منسوبة للعملاء، ثم تولت صرف الأموال وتسليمها لشركائها.

كما أثبتت النيابة أن باقي المتهمين، ومعظمهم من عائلة واحدة، قدّموا بيانات حساباتهم لاستخدامها كغطاء لتمرير التحويلات وصرفها نقدًا، لإخفاء معالم الجريمة وإضفاء مظهر قانوني عليها.

أدلة قاطعة وفساد بلا سقف

اعتمد قرار الإحالة على تقارير فنية ومصرفية دقيقة أكدت وجود عمليات تزوير ممنهجة في النظام الإلكتروني للبنك، واستغلال سافر للسلطة الوظيفية في نهب أموال العملاء.

وطالبت النيابة بتوقيع أقصى العقوبات على المتهمين، مؤكدة أن ما حدث يمثل اعتداء صارخًا على المال العام وثقة المودعين في الجهاز المصرفي.

عندما تصبح السرقة سياسة دولة

ليست هذه القضية إلا حلقة صغيرة من مسلسل النهب الذي ينهش جسد الدولة المصرية، فحين يغيب الحساب من القمة، ويُكافأ كبار اللصوص بالمناصب والرتب، لا غرابة أن يتجرأ صغار الموظفين على نهب أموال المواطنين.

إنها منظومة فساد تبدأ من رأس السلطة وتنتهي عند موظف البنك، حيث يتحول الوطن كله إلى ضحية واحدة: شعب تُنهب أمواله ليُبنى بها مجد الزعيم الزائف وعصابته.

*منتدى أسوان الاقتصادي: خطاب السيسي يكشف طمعاً في ثروات أفريقيا وتسولاً غير مسبوق

في لقاء مسجل تم عرضه في منتدى أسوان الاقتصادي ، قدم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي خطاباً دبلوماسياً يفيض بوعود الشراكة ودعم القارة، لكن قراءة ما بين السطور تكشف عن حقيقة مغايرة: استراتيجية مدروسة للنفاذ إلى ثروات القارة ومشروعاتها.
فخلف عبارات مثل “تفعيل القدرات”، تختبئ أجندة اقتصادية وسياسية تجمع بين الطمع في الموارد والتسول المبطن للنفوذ عبر تولي ملفات إعادة الإعمار، مما يحول أفريقيا من شريك إلى مجرد ساحة لتوسيع التسول

في كلمته، رسم السيسي صورة وردية لمستقبل القارة، مشدداً على أنها “تزخر بمقومات وموارد وثروة بشرية هائلة”، وأن اتفاقية التجارة الحرة القارية هي “ركيزة” هذا المستقبل.
كما سلط الضوء على جهود إعادة الإعمار بعد النزاعات، مؤكداً أن مصر “تتولى هذا الملف” في الاتحاد الأفريقي، ومنتقداً في الوقت نفسه عجز المجتمع الدولي عن مواجهة الأزمات الإنسانية.

بين الطمع في الموارد وتسول النفوذ
الخطاب الذي يبدو داعماً، يحمل في طياته أهدافاً موازية تجمع بين الطمع في الثروات وطلب النفاذ إلى المشروعات:

  1. الطمع في الثروات الطبيعية والبشرية
    عندما يصف السيسي أفريقيا بأنها “تزخر بالموارد”، فإنه عملياً يضعها في خانة “مخزون الموارد” الذي ينتظر من يستثمره. هذا التعبير، في سياق سعي مصر لتعزيز نفوذها، يقدم ثروات القارة كـ”نعمة” تُعرض للاستغلال لا كقاعدة لتعاون متكافئ. ويأتي ذكر اتفاقية التجارة الحرة ليعزز هذا الطمع، إذ تفتح الأسواق لمن يملك القدرة على اختراقها، مما يمنح مصر أفضلية واضحة للاستحواذ على حصة الأسد من الفرص.
  2. تسول النفاذ إلى مشروعات إعادة الإعمار
    إن تأكيد السيسي على أن مصر “تقود” ملف إعادة الإعمار ليس مجرد إعلان عن دور دبلوماسي، بل هو “طلب ضمني” لتفويضها كشريك مركزي في هذه المشروعات المربحة. لغة “قيادة الملف” تعني امتلاك مكانة ومحورية بين المانحين والمشروعات، مما يضمن لمصر النفاذ المالي والإداري. إنه شكل من أشكال “تسول النفوذ”، فمصر لا تطلب المساعدة صراحة، بل تطالب بالتمكين تحت عباءة المسؤولية، قائلة بلسان الحال: “دعونا في مركز القرار لنضمن حصتنا”.
  3. من استغلال الثروات إلى النفاذ عبر الإعمار
    ملف إعادة الإعمار يتضمن مشروعات ضخمة وبنية تحتية وعقوداً واستثمارات. بوضع مصر نفسها في موقع “المعالج” لهذه الأزمات، فإنها تمهد الطريق للاستفادة من ثروات المناطق التي يتم إعادة إعمارها عبر عقود واستثمارات. وهنا يبرز السؤال: هل تسعى مصر للمساعدة حقاً، أم أنها تخلق “فرصاً استثمارية” باسم إعادة الإعمار، لتنفذ من خلالها إلى ثروات تلك الدول؟
  4. تناقض فاضح: تنمية شاملة أم مصلحة استراتيجية؟
    يفتقر خطاب السيسي إلى أي تفصيلات حول كيفية ضمان مشاركة عادلة للدول الأفريقية أو منع الهيمنة. عندما يُطرح أن مصر “تتولى ملفاً”، يظل السؤال معلقاً: هل هو تولي قائم على الشراكة، أم تولي يهدف إلى ضمان نفاذ مصري للمشروعات؟ هذا الغموض يفسر على أنه طموح توسعي وليس مجرد شراكة متوازنة، ويترك حقوق الدول الأفريقية في التحكم بمواردها في مهب الريح.

*إعلامي الانقلاب أحمد موسى يحاول امتصاص غضب المصريين من غلاء الوقود… ماذا قال؟

في منعطف يكشف الكثير عن ديناميكيات الإعلام والسلطة والرأي العام في مصر، تحول خطاب الإعلامي أحمد موسى، الذي طالما كان الحصن الإعلامي المنيع للدفاع عن سياسات الدولة الاقتصادية، إلى منصة تبث شكوى المواطن من غلاء الأسعار.
تصريحاته الأخيرة، التي وصفت بألم حقيقي معاناة الأسر المصرية بقوله إن “وجبة الفول والطعمية بـ 70 جنيه” وإن “المرتبات مش مكفية وكل البيوت تعبت”، ليست مجرد تبدل في الآراء، بل هي انعكاس لحقيقة دامغة: أن موجة “الاختناق” الاقتصادي والاجتماعي في الشارع المصري وصلت إلى مستوى لم يعد من الممكن تجاهله أو تبريره بالأساليب القديمة.  

من التبرير إلى التنفيس: عندما يصبح الواقع أقوى من السردية
في السابق، كان خطاب أحمد موسى يرتكز على تبرير الإجراءات الاقتصادية الصعبة، وربطها بالسياق العالمي أو بضرورات الإصلاح طويل الأمد. كان غالباً ما يقارن الأوضاع في مصر بدول أخرى، أو يذكر المواطنين بنعمة الأمن والاستقرار التي تستحق التضحية.
لكن هذا النهج لم يعد فعالاً أمام ضغط الواقع اليومي الذي يعيشه المواطن. لقد أصبحت حالة السخط أكبر من أن يتم احتواؤها بالتبريرات، وهنا يأتي “تلون” الخطاب كضرورة تكتيكية وليس كقناعة جديدة.
يعترف موسى اليوم صراحةً بأن “الأسعار غالية وبتزيد ومفيش رقابة كاملة” وأن “المواطن بيدفع تمن مرحلة صعبة”.

هذا الاعتراف ليس نقداً حقيقياً بقدر ما هو محاولة ذكية لإعادة التموضع. فهو ينتقل من دور المدافع عن القرار إلى دور المشارك في الشعور بالألم، وهو ما يخدم عدة أهداف متزامنة:

  • امتصاص الغضب وتوجيهه: يعمل هذا الخطاب كـ”صمام أمان” يمتص شحنات الغضب المتراكمة في الشارع. عندما يجد المواطن أن معاناته يتم التعبير عنها على منصة إعلامية كبرى، فإنه يشعر بأن صوته مسموع، مما قد يقلل من حالة الاحتقان ويمنع تحولها إلى أفعال احتجاجية غير محسوبة.
  • خلق عدو مشترك: يتم توجيه اللوم ببراعة نحو أهداف محددة: جشع التجار، غياب الرقابة الكاملة، أو الضغوط الخارجية من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي. هذا يخلق “أعداء” مشتركين يمكن للجمهور توجيه غضبه إليهم، مع إبقاء صورة صانع القرار الأساسي بمنأى عن النقد المباشر.
  • الحفاظ على المصداقية: استمرار الإعلامي في إنكار حقيقة يعيشها ملايين المصريين يومياً هو انتحار مهني. هذا “التلون” هو محاولة للحفاظ على ما تبقى من مصداقية لدى الجمهور، وإعادة بناء جسور الثقة مع شريحة واسعة شعرت بأن الإعلام الرسمي منفصل تماماً عن واقعها. 

أبعاد هذا التحول: ليس تغييراً بل تكيّفاً
سر هذا التحول لا يكمن في تغيير القناعات، بل في التكيف مع متغيرات المشهد. يمكن قراءة أبعاده كالتالي:

  • إدراك خطورة التجاهل: يبدو أن هناك إدراكاً في دوائر ما بأن تجاهل حالة “الاختناق” الشعبي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. لذلك، أصبح السماح بمساحة من “النقد الموجه” ضرورة للحفاظ على الاستقرار. أحمد موسى هنا يقوم بدور وظيفي، فهو يعبر عن هذا الغضب لكن ضمن حدود مرسومة بعناية.
  • تأطير المعاناة كجزء من السردية الوطنية: لا يقدم موسى الشكوى بمعزل عن سياقها. فهو يربطها دائماً بأن “القيادة تشعر بكم” وأن هذه المعاناة هي “ثمن” ضروري للحفاظ على الدولة ومنجزاتها في الأمن والبنية التحتية. بهذا، تتحول المعاناة من دليل على فشل السياسات إلى “تضحية وطنية” مؤقتة في سبيل هدف أسمى.
  • التمهيد للمستقبل: يصبح هذا الخطاب النقدي أداة لتمرير رسائل الدولة بشكل أكثر سلاسة. عندما يعترف موسى بصعوبة الوضع، ثم يبشر بـ”انفراجة قادمة”، يكون للرسالة تأثير أكبر. إنه يمهد الطريق نفسياً للجمهور لتقبل أن “المرحلة الصعبة” الحالية هي فترة انتقالية ستعقبها أيام أفضل.

في التحليل النهائي، فإن “تلون” خطاب أحمد موسى هو استجابة حتمية لواقع أصبح من المستحيل إنكاره. إنه ليس تمرداً أو تغييراً جذرياً، بل هو تطور في الأداء الإعلامي ليصبح أكثر ذكاءً وقدرة على احتواء المشاعر العامة. انتقل دوره من “المبرر” الصريح إلى “المعبر” عن الألم الشعبي، ولكن بشكل وظيفي يخدم في نهاية المطاف استقرار السردية الرسمية في وجه موجة “اختناق” شعبي غير مسبوقة.

  

عن Admin